کتابخانه تفاسیر
حاشية القونوى على تفسير البيضاوى
المجلد الاول
المجلد الثانى
المجلد الثالث
المجلد الرابع
المجلد الخامس
المجلد السادس
سورة آل عمران
المجلد السابع
سورة النساء مدينة و آيها مائة و سبعون و خمس آيات
سورة المائدة مائة و عشرون آية
المجلد الثامن
سورة الأنعام مكية و هي مائة و خمس و ستون آية
سورة الأعراف و هي مكية غير ثمان آيات
المجلد العاشر
سورة هود مكية و هي مائة و ثلاث و عشرون آية
سورة يوسف مكية و آيها مائة و إحدى عشر آية قيل إلا ثلاث آيات من أولها
سورة الرعد و هي خمس و أربعون آية
المجلد الحادى عشر
سورة إبراهيم
سورة الحجر مكية و هي تسع و تسعون آية
سورة النحل مكية غير ثلاث آيات في آخرها و هي مائة و ثمان و عشرون آية
سورة الإسراء مكية قيل إلا قوله و إن كادوا إلى آخر ثمان آيات و هي مائة و عشر آيات
المجلد الثانى عشر
سورة الكهف مكية و هي مائة و إحدى عشر آية
سورة مريم مكية إلا آية السجدة و هي ثمان أو تسع و تسعون آية
سورة طه مكية و هي مائة و أربع و ثلاثون آية
سورة الأنبياء
المجلد الثالث عشر
سورة الحج
سورة المؤمنون
سورة النور
المجلد الرابع عشر
سورة الفرقان
سورة الشعراء
سورة النمل
سورة القصص
المجلد الخامس عشر
سورة العنكبوت
سورة الروم
سورة لقمان
سورة السجدة
سورة الأحزاب
سورة سبأ
المجلد السادس عشر
سورة فاطر
سورة يس
سورة الصافات
سورة ص
سورة الزمر
المجلد السابع عشر
سورة المؤمن و تسمى سورة غافر و سورة الطول مكية
سورة فصلت
سورة الشورى(حم عسق)
سورة الزخرف
سورة الدخان
سورة الجاثية
سورة الأحقاف
المجلد الثامن عشر
سورة محمد
سورة الفتح
سورة الحجرات
سورة ق و القرآن المجيد
سورة و الذاريات
سورة الطور
سورة النجم
سورة القمر
سورة الرحمن
سورة الواقعة
سورة الحديد
سورة المجادلة
المجلد التاسع عشر
سورة الحشر
سورة الممتحنة
سورة الصف
سورة المنافقين
سورة التغابن
سورة الطلاق
سورة التحريم
سورة الملك
سورة ن
سورة الحاقة
سورة المعارج
سورة نوح
سورة الجن
سورة المزمل
سورة المدثر
سورة القيامة
سورة الإنسان
سورة المرسلات
المجلد العشرون
سورة النبا
سورة النازعات
سورة عبس
سورة التكوير
سورة الانفطار
سورة المطففين
سورة الانشقاق
سورة البروج
سورة الطارق
سورة الأعلى
سورة الغاشية
سورة الفجر
سورة البلد
سورة الشمس
سورة الليل
سورة العلق
سورة العاديات
حاشية القونوى على تفسير البيضاوى، ج18، ص: 317
قوله: (يقول الكافرون صعب) يقول الكافرون اظهر موضع المضمر للتسجيل على كفرهم و للإشارة إلى أن كونه عسيرا لكفرهم و العسر لشدة الحساب و طول الموقف في العرصات و شدة العذاب مع دوام الحجاب و هذا يشعر عدم صعوبته على المؤمنين صعوبته على الكافرين.
قوله تعالى:
[سورة القمر (54): آية 9]
كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنا وَ قالُوا مَجْنُونٌ وَ ازْدُجِرَ (9)
قوله: (كذبت قبلهم) شروع في تسلية الرسول عليه السّلام إثر بيان تكذيبه قومه بأنك لست بأوحدي في ذلك لأن الرسل قد كذبوا قبلك فصبروا و من جملتهم نوح عليه السّلام فإن قومه كذبوه و التخصيص بالذكر لأنه الأب الثاني و لأنه أول من كذب من الرسل على الاحتمال الراجح.
قوله: (قبل قومك) الملائم للسوق أن يقال قبل قريش أو قبل أهل مكة.
قوله: (نوحا و هو تفصيل بعد إجمال) أي الفاء للتفصيل كقوله تعالى: وَ نادى نُوحٌ رَبَّهُ فَقالَ [هود: 45] الآية فالمكذب في المقامين واحد و هذا هو الظاهر المتبادر و لذا قدمه فإن فيه مزيد تقرير و توضيح و التفصيل بعد الإجمال و لذا صدر بالفاء المفيد للترتيب و التعقيب.
قوله: (و قيل معناه كذبوه تكذيبا على عقب تكذيب) كذبوه أي نوحا عليه السّلام تكذيبا على عقب تكذيب قوله على عقب تكذيب إشارة إلى معنى الفاء أي أنها للتعقيب لا للتفصيل و لذا قال معناه كذبوه بلا فاء.
قوله: (كلما خلا منهم قرن مكذب تبعه قرن مكذب) فالمكذب بكسر الذال متعدد و المكذب واحد و هو نوح عليه السّلام فحينئذ يكون من التنازع و في الوجه الأول لا يكون منه إذ شرط التنازع أن لا يكون الثاني تأكيدا للأول و هنا كذلك فالفعل الأول نزل منزلة اللازم و معنى قوله كلما خلى قرن منهم تبعه قرن مكذب آخر و هلم جرا ففيه قوله: و هو تفصيل بعد إجمال لما أوهم ظاهر قوله: كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنا [القمر: 9] التكرار أوله على ثلاثة أوجه الأول أن قوله: كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ [القمر: 9] مجمل و قوله: فَكَذَّبُوا عَبْدَنا [القمر: 9] تفصيل ذلك المجمل فلا تكرار و الثاني أن المراد أنهم كذبوا تكذيبا بعد تكذيب و الثالث أن متعلق التكذيب الأول الرسل جميعا و متعلق الثاني نوح عليه السّلام و المعنى أن قوم نوح كذبوا الرسل فكذبوا عبدنا أي هم كانوا مكذبين بالرسل جاحدين النبوة فلذلك كذبوا نوحا لأنه من جملة الرسل قال صاحب الانتصاف مضى سؤال في قوله:
وَ كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ وَ ما بَلَغُوا [سبأ: 45] إلى قوله: فَكَذَّبُوا رُسُلِي [سبأ: 45] و أجاب الزمخشري أنه كقول القائل أقدم فلان على الكفر فكفر بمحمد أو أن الأول مطلق و الثاني مقيد و ليس بتكرار و هو كقوله: فَتَعاطى فَعَقَرَ [القمر: 29] فإن تعاطيه هو نفس عقره لكنه ذكره من جهة عمومه ثم من ناحية خصوصه.
حاشية القونوى على تفسير البيضاوى، ج18، ص: 318
اكتفاء بالأدنى تنبيها على أنه يكفي في صحة المعنى و لا يتوقف على وجود القرون المتعددة.
قوله: (أو كذبوه بعد ما كذبوا الرسل) فعلى هذا مفعول كذبت محذوف أي الرسل و المكذب بالكسر واحد و المكذب بالفتح متعدد عكس الثاني و الفاء للتعقيب أيضا لا للتفصيل و في الكشاف أي لما كانوا مكذبين بالرسل جاحدين للنبوة رأسا كذبوا نوحا لأنه من جملة الرسل فعلى هذا الفاء سببية و يمكن حمل كلام المصنف عليه بالعناية في قوله بعد ما كذبوا الرسل أي لأجل تكذيب الرسل مطلقا فإن المعلول بعد العلة ذهنا فإن المراد إنكار النبوة رأسا كما صرح به الزمخشري لا أنهم كذبوا رسلا أرسلوا إليهم و يؤيده قول المصنف في قوله تعالى: وَ قَوْمَ نُوحٍ لَمَّا كَذَّبُوا الرُّسُلَ [الفرقان: 37] الآية كذبوا نوحا و من قبله أو كذبوا نوحا وحده و لكن تكذيب واحد من الرسل كتكذيب الكل أو بعثة الرسل مطلقا كالبراهمة انتهى فتأمل عرض المصنف ذينك الوجهين لأن الظاهر الاتحاد فيهما لأن الثاني يتوقف على تعدد المكذبين و الثالث موقوف على تعدد المكذبين بالفتح بأن أرسل إليهم رسلا قبل نوح فكذبوهم و اثباته مشكل و عن هذا تمحلنا فيه كما عرفته كما أن اثبات تعدد المكذبين بالكسر مشكل.
قوله: (هو مجنون) لأن مقول القول يكون فلا بد من تقدير المبتدأ.
قوله: (و زجر عن التبليغ بأنواع الأذية) فلا يكون من جملة قولهم بل ابتداء كلام من اللّه تعالى عطف على قالوا أو استئناف و هو الظاهر.
قوله: (و قيل إنه من جملة قيلهم أي هو مجنون و قد ازدجرته الجن و تخبطته) مرضه لأن الاحتمال الأول فيه ذم بليغ لهم بأنهم لم يكتفوا بالتكذيب بل نسبوه إلى الجنون ثم لم يكتفوا به بل منعوه عن التبليغ بأنواع الأذى كالشتم و الضرب كما سيجيء و قيل مرضه كأنه لما مسه الجنون من الجن عدل عن مسلك العقلاء فشبه بمن زجرته الجن و صرفته عن طرق الصواب ففيه استعارة حينئذ و لا قرينة عليه و لا يخفى أن الجن له استيلاء على المجنون كما أشير إليه في قوله تعالى: الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِ [البقرة: 275] الآية.
قوله تعالى:
[سورة القمر (54): آية 10]
فَدَعا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ (10)
قوله: (بأني و قرىء بالكسر على إرادة القول) «1» أي بطريق التضمين ليعمل في الجملة.
قوله: (غلبني قومي فانتقم لي منهم) غلبني قومي فلم يطيعوني بل عصوني و آذوني و لذا فرع عليه قوله: فَانْتَصِرْ [القمر: 10] فانتقم لي منهم و هذا معنى الانتصار هنا لأنه مطاوع نصر أي فانصرني فاجعلني منتصرا و لقصد المبالغة قال فانتصر بدل فانصرني و لذا قال المصنف فانتقم لي منهم و انتقام الملك الجبار أشد و أبقى.
(1) هذا مسلك البصريين و أما الكوفيون فيكتفون في مثله لكونه من جنس القول.
حاشية القونوى على تفسير البيضاوى، ج18، ص: 319
قوله: (و ذلك بعد يأسه منهم) استئناف جواب سؤال بأن الأنبياء عليهم السّلام يبعثون للإرشاد إلى الحق و إيضاح السبل فكيف ينبغي لهم الدعاء بهلاك قومهم فأجاب بما ترى قوله فيخنقه من باب نصر.
قوله: (فقد روي أن الواحد منهم كان يلقاه فيخنقه حتى يخر مغشيا عليه فيفيق و يقول اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون) أي اللهم اهد قومي فاغفر لهم فلا إشكال بأنه كيف يصح دعاء الكفار بالمغفرة و علل بأنهم لا يعلمون الحق فلذا فعلوا معي ما فعلوا فلو علموا لما فعلوا فيا ربنا اهد قومي إلى الصراط المستقيم حتى يؤمنوا بقلب سليم ثم لما آيس عن إيمانهم دعا بالهلاك تطهيرا للأرض عن الكفر و المناهي.
قوله تعالى:
[سورة القمر (54): آية 11]
فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ (11)
قوله: (منصب و هو مبالغة و تمثيل لكثرة الأمطار و شدة انصبابها و قرأ ابن عامر و يعقوب ففتحنا بالتشديد لكثرة الأبواب) و تمثيل لكثرة الأمطار أي استعارة تمثيلية شبه الهيئة المنتزعة من المطر و نزوله و وقفه من الفلك أو من السحب على وجه المبالغة بالهيئة المأخوذة من انصباب أنهار انفتحت لها أبواب السماء و شق لها أديم الأرض فذكر ما وضع للمشبه به و أريد المشبه و هذا المشبه به هو المفروض المتخيل لا المحقق و إسناد الفتح إلى نون العظمة يزيد مبالغة و الباء في بِماءٍ مُنْهَمِرٍ [القمر: 11] للاستعانة و الآلة و هي أبلغ من الملابسة قيل و لو أبقى على ظاهره من غير تجوز لم يمنع منه مانع إذ ورد في الأحاديث أن السماء لها أبواب و أن بعض الأنهار يخرج منها كالنيل و الفرات فلا مانع من حمله على الحقيقة أيضا و هو ضعيف جدا أما أولا فلأن الفاء في ففتحنا ينادي أن الفتح وجد عقيب دعائه عليه السّلام و لا يراد به الفتح الذي قبله و أما ثانيا فلأن الفتح على الوجه المذكور غير ما ورد في الأحاديث و أنه لما لم يكن حمله على ظاهره اختير الاستعارة التمثيلية و أنها أبلغ قوله لكثرة الأبواب أي التفعيل لتكثير المفعول مثل غلقت الأبواب و يلزمه كثرة الفعل.
قوله تعالى:
[سورة القمر (54): آية 12]
وَ فَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْماءُ عَلى أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ (12)
قوله: (و جعلنا الأرض كلها كأنها عيون متفجرة) إذ النبوع أولا من التنور في مسجد كوفة أو غير ذلك و ارتفع الماء و استوعب الأرض كلها فكأنها عيون لا عيون على الحقيقة قوله و جعلنا الأرض أي التفعيل للتعدية قوله كأنها الخ أي الكلام على التشبيه البليغ.
قوله: (و أصله و فجرنا عيون الأرض فغير للمبالغة) إذا التمييز من النسبة و هو إما قوله: فغير للمبالغة فإن فجرنا الأرض عيونا يفيد من المبالغة في العموم ما لا يفيده فجرنا عيون الأرض و هو مثل اشْتَعَلَ الرَّأْسُ شَيْباً [مريم: 4] أو اشتعل بيتي نارا فإنهما يفيدان من العموم ما ليس يفيده اشتعل شيب رأسي و اشتعل النار في بيتي.
حاشية القونوى على تفسير البيضاوى، ج18، ص: 320
مفعول في الأصل أو فاعل و هنا هو في الأصل فاعل كما ذهب إليه البعض على أن الأصل انفجرت عيون الأرض و المختار أنه في الأصل مفعول كما قاله المصنف فغير عن المفعول إلى التمييز للمبالغة بجعل الأرض كلها متفجرة على طريق التشبيه البليغ مع الابهام أولا و التفسير ثانيا.
قوله: (أي ماء السماء و ماء الأرض) أي ماء السماء الذي يتتابع و لم ينقطع أربعين يوما كما في الكشاف و الظاهر كون النبوع أيضا أربعين يوما و ماء الأرض فالماء لكونه جنسا شامل لهما إذا لالتقاء.
قوله: (و قرىء الماآن لاختلاف النوعين و الماوان بقلب الهمزة واوا) لاختلاف النوعين و للتنبيه على ذلك الاختلاف جعل مثنى و متى لم يقصد التنبيه على ذلك الاختلاف جعل مفردا إذ الماء شامل لهما كما عرفته قوله بقلب الهمزة واوا لوقوعها في الطرف بعد ألف إخبار التقاء الماء تمهيد لقوله على أمر قد قدر و إلا فهو معلوم بديهة.
قوله: (على حال قدرها اللّه في الأزل من غير تفاوت) أشار به إلى أن على أمر قد قدر حال من الماء أي كائنا على أمر و حال الخ فالأمر واحد الأمور بمعنى الشأن و الحال و قدر بمعنى القضاء في الأزل أي فرط الغضب لا يكون باعثا لمخالفة ذلك القضاء و القدر لأنه نقص و هذا هو المراد بهذا الإخبار.
قوله: (أو على حال قدرت و سويت و هو إن قدر ما أنزل على قدر ما أخرج) فالقدر هنا بمعنى التسوية و هو إن قدر ما أنزل من السماء أي مقداره مقدار ما أخرج من الأرض فالقدر بمعنى القضاء كما في الأول إلا أنه لوحظ فيه التسوية بين المائين دون الأول و إن كان المراد ذلك.
قوله: (أو على أمر قدره اللّه تعالى في الأزل أو في اللوح المحفوظ و هو هلاك قوم نوح بالطوفان) القدر بمعنى التقدير و القضاء أيضا إلا أن المراد بالأمر الشيء المقدر و هو هلاك قوم نوح بالطوفان و أما في الأولين فالأمر بمعنى الشأن و الحال لا المقدر و على في هذا الوجه للتعليل مثل على في قوله تعالى: وَ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلى ما هَداكُمْ [البقرة: 185] و يحتمل تعلق الجار على هذا الوجه بالتقي كما يحتمل أن يكون حالا كما في الأولين.
قوله تعالى:
[سورة القمر (54): آية 13]
وَ حَمَلْناهُ عَلى ذاتِ أَلْواحٍ وَ دُسُرٍ (13)
قوله: (و حملناه ذات أخشاب عريضة) و حملناه أي أمرنا نوحا أن يركب في سفينة و حمل قومه المؤمنين عليها فالحمل مجاز عن ذلك بيان نجاة نوح و من معه أثر بيان هلاك قومه الطاغية و الواو للجمع فلا يضر تقديم ذكر هلاكهم على نجاة المؤمنين مع أن الحمل على السفينة مقدم وجودا.
قوله: (مسامير جمع دسار من الدسر و هو الدفع الشديد) و هذا أحد الأقوال فيها و قيل
حاشية القونوى على تفسير البيضاوى، ج18، ص: 321
حبال من ليف يشد بها السفن و دسار بكسر الدال المهملة قوله و هو الدفع الخ سميت بها المسامير لأنها تدق و تدفع بشدة و لهذه المناسبة القوية اختار كون المراد بها المسامير.
قوله: (و هي صفة للسفينة أقيمت مقامها من حيث إنها شرح لها تؤدي مؤداها) لأن الصفات أريد بها موصوفاتها كناية كما يراد بالطويل القامة عريض الاظفار بادي البشرة الإنسان كما فصل في أواخر فن البيان و لكونها أبلغ اختيرت على قوله و حملناه على السفينة هنا و إلى ذلك أشار بقوله أقيمت مقامها من الخ.
قوله تعالى:
[سورة القمر (54): آية 14]
تَجْرِي بِأَعْيُنِنا جَزاءً لِمَنْ كانَ كُفِرَ (14)
قوله: (تجري) أي ذات الواح و هي السفينة أو السفينة و إسناد الجريان إليها مجاز و صيغة المضارع لأن الجريان بالنسبة إلى الحمل مستقبل و إن كان ماضيا أيضا في نفسه أو لحكاية الحال الماضية.
قوله: (بمرأى منا أي محفوظة بحفظنا) أي بمكان يرى و يشاهد فيه هذا أصل معناه تعرض له تمهيدا لقوله أي محفوظة بحفظنا نبه به على أنه كناية عن الحفظ و المعنى تجري ملتبسة بأعيننا عبر بالجمع مبالغة في الحفظ و يمكن أن يجعل استعارة تمثيلية و قد مر التفصيل في سورة هود.
قوله: (أي فعلنا ذلك جزاء لنوح) أي جزاء مفعول له لفعل مقدر مفهوم مما قبله و التعبير بفعلنا لتعميم الأفعال المذكورة كناية و العلة تحصيلية.
قوله: (لأنه نعمة كفروها) إشارة إلى وجه التعبير بقوله لمن كان كفر و كونه عليه السّلام نعمة لكونه سببا لنعمة دينية فيكون مجازا في النسبة.
قوله: (فإن كل نبي نعمة من اللّه) إشارة إلى الكبرى.
قوله: (و رحمة على أمته) إشارة إلى وجه كونه نعمة.
قوله: (و يجوز أن يكون على حذف الجار و ايصال الفعل إلى الضمير) فيكون من الكفر ضد الإيمان لا بمعنى الكفران و أصله لمن كفر به فحذف الجار و استتر الضمير فيه قوله: و هو صفة للسفينة أقيمت مقامها يعني أريد بقوله: ذاتِ أَلْواحٍ وَ دُسُرٍ [القمر: 13] السفينة و هي من الصفات التي تقوم مقام الموصوف فتنوب منابها و نحوه و لكن قميصي مسرودة من حديد أراد و لكن قميصي درع قال صاحب الكشاف و هذا من فصيح الكلام و بديعه فإنه من باب الكناية التي المطلوب بها نفس الموصوف كما تقول في الكناية عن الإنسان إنه حي مستوي القامة عريض الأظفار و فيه حصول المطلوب مع التعريف.
قوله: و يجوز أن يكون على حذف الجار و إيصال الفعل إلى الضمير فعلى هذا يكون المراد بالكفر ما هو ضد الإيمان لا كفران النعمة و الأصل لمن كان كفر به ثم حذف الجار فصار الضمير البارز مستكنا.
حاشية القونوى على تفسير البيضاوى، ج18، ص: 322
بعد انقلابه مرفوعا و هذا هو المراد بقوله و إيصال الفعل إلى الضمير و لاحتياجه إلى التقدير اخره مع أن الكفر ضد الإيمان أقوى في التوبيخ و كونه جزاء.
قوله: (و قرىء لمن كفر أي للكافرين) بصيغة المبني للفاعل فالمراد بمن الكافر كما قال أي للكافرين و كون ما فعل جزاء للكافرين ظاهر و في الأول الجزاء للكافر أيضا على أن اللام في لمن كفر للتعليل أي فعلنا ذلك جزاء للكافرين لأجل كفر من كفر و اللام في الثاني للصلة و إفراد كفر في الثاني باعتبار لفظ من و قول المصنف أي للكافرين باعتبار معناه.
قوله تعالى:
[سورة القمر (54): آية 15]
وَ لَقَدْ تَرَكْناها آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (15)
قوله: (و لقد تركناها أي السفينة أو الفعلة) و لقد تركناها أي و باللّه لقد تركنا لقد صيرناها آية أو تركناها حال كونها آية يعتبر بها نبه به على وجه كونها آية.
قوله: (يعتبر بها) من شأنها أن يعتبر و يتعظ بها فيعم أو يعتبر بها أولو الأبصار.
قوله: (إذ شاع خبرها و اشتهر) رد لقول من قال إنها بقيت على الجودي زمانا مديدا فإن مجرد البقاء بلا شيوع الخبر غير مفيد على أنه غير مسلم الفاء في فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ [القمر: 15] لتفريع ما قبله أي إذا كان الأمر كذلك فهل يوجد من مدكر الظاهر أن الاستفهام للإنكار تنبيها على قلة المعتبر كأنه لم يوجد و كلمة من للتبعيض كما هو الظاهر.
قوله: (معتبر و قرىء مذتكر على الأصل و مذكر بقلب التاء ذالا و الادغام فيها) و في القراءة الأولى بقلبها دالا مهملة و التفصيل في كتب الصرف.
قوله تعالى:
[سورة القمر (54): آية 16]
فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَ نُذُرِ (16)
قوله: (استفهام تعظيم و وعيد) و مرجعه تعجيب أي كل من يطلع عليها تعجب منهما لكمال عظمهما و شدتهما فكانا على كيفية هائلة لا يحيط بها الوصف و لا يضبطها القلم فيكون وعيدا أكيدا.
قوله: (و النذر يحتمل المصدر و الجمع) يحتمل المصدر أي إنذاري و هو الظاهر و بهذا فسره به في أكثر المواضع و لذا قدمه و الجمع أي جمع نذير بمعنى الإنذار فالجمع لاختلاف الأنواع أي إنذاراتي كما سيصرح به فالمآل واحد و كونه بمعنى المنذر أو المنذر به ضعيف لأن العذاب المنذر به يكون تأكدا حينئذ و التأسيس خير من التأكيد.
قوله تعالى:
[سورة القمر (54): آية 17]
وَ لَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (17)
قوله: ( وَ لَقَدْ يَسَّرْنَا [القمر: 17]) أي و باللّه لقد يسرنا إيراده بالقسم للاعتناء بمضمون الجملة و المبالغة في تحققها و هذه الجملة القسمية بعد تمام القصة المذكورة لتقرير مضمون قوله تعالى: وَ لَقَدْ جاءَهُمْ مِنَ الْأَنْباءِ [القمر: 4] الآية فإن المراد و لقد جاءهم في القرآن كما صرح به المصنف.
حاشية القونوى على تفسير البيضاوى، ج18، ص: 323
قوله: (أي سهلناه) لقومك بأن أنزلناه على لغتهم و بأن صرفنا فيه أنواع المواعظ و العبر.
قوله: (أو هيأناه من يسر ناقته للسفر إذا رحلها) التهيئة إحضار الأسباب و رفع الموانع قوله من يسر ناقته على الوجه الثاني لأن الوجه الأول ظاهر قوله إذا رحلها من التفعيل أي شد الرحل على ظهر الناقة و هذا إحضار الدواعي و هذا المعنى إن كان حقيقيا فالتيسير مشترك بينهما لكن الظاهر كونه مجازا إذا التهيئة يلزمها التسهيل فذكر اللازم و أريد الملزوم.
قوله: (للاذكار و الاتعاظ بأن صرفنا فيه أنواع المواعظ و العبر أو للحفظ بالاختصار و عذوبه اللفظ) للاذكار أصله اذتكار فأدغم فصار اذكار بتشديد الذال كالاتعاظ مبنى و معنى نبه به على أن الذكر الذكر القلبي لا الذكر اللفظي و إن كان قوله أو للحفظ بالاختصار الخ يلوح إليه لكن الاعتناء بالذكر القلبي و إن أريد الذكر اللفظي لأن خلوه عن الذكر القلبي يسقط كمال اعتباره.
قوله: (متعظ) إشارة إلى رجحان الأول لما عرفته من أن الذكر اللفظي فقط لا يعبأ به كمال الاعتناء.
قوله تعالى:
[سورة القمر (54): آية 18]
كَذَّبَتْ عادٌ فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَ نُذُرِ (18)
قوله: (كذبت عاد) أي هودا أو كذبت جميع الأنبياء أو فعلت التكذيب على أنه نزل منزلة اللازم.
قوله: (و إنذاراتي لهم بالعذاب) أشار به إلى أن النذر جمع نذير بمعنى الإنذار لا بمعنى المنذر أو المنذر به.
قوله: (قيل نزوله) فحينئذ العذاب و الإنذار لعاد.
قوله: (أو لمن بعدهم في تعذيبهم) و هو ضعيف لأن إنذار عاد لم يعلم من هذه الآية ترك العطف فيه و فيما بعده تنبيها على استقلال كل قصة على حيالها في الاتعاظ و التذكير و فيه تنبيه على شدة شكيمة من لم يتعظ بمجموع تلك القصص مع أن كل واحدة منها كافية في الاتعاظ و قبول الحق.
قوله تعالى:
[سورة القمر (54): آية 19]
إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ (19)
قوله: (إنا أرسلنا) جملة مستأنفة لبيان عذابهم و التأكيدات للمبالغة في تحقق مدلول الجملة.
قوله: (باردة أو شديدة الصوت) أي صرصر من الصر بمعنى الصرد الشديد أو شديدة الصوت في هبوطها من الصرير (شؤم).