کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

الاساس فى التفسير

المجلد الاول

مقدمة الناشر

القسم الأول من أقسام القرآن قسم الطوال

كلمة في هذا القسم:

سورة البقرة

نصوص و نقول: كلمة في سورة البقرة و سياقها: يبدأ القسم الأول من السورة بأمر و نهي:

القسم الأول من أقسام سورة البقرة:

كلمة في القسم الأول من أقسام سورة البقرة:
كلمة عن سورة البقرة
فهرس المجلد الأول

المجلد الثاني

تتمة القسم الاول من اقسام القرآن قسم الطوال

سورة آل عمران

كلمة في سورة آل عمران: كلمة أخيرة في سورة آل عمران:

سورة النساء

كلمة في سورة النساء: كلمة في سياق المقاطع الأربعة الأخيرة: كلمة في ارتباط سياق المقاطع بمحور السورة: كلمة قصيرة بين يدي المقطعين التاسع و العاشر: كلمة في المقاطع الثلاثة الأخيرة كلمة في سورة النساء و صلتها بمحورها من سورة البقرة: كلمة في صلة سورة النساء بارتباطات محورها: كلمة في سورة النساء و تفصيلها في امتدادات محورها: كلمة في نوعية تفصيل كل من سورة آل عمران و النساء: كلمة في غسيل الدماغ و غسيل القلب: تذكير أخير بين يدي سورتي المائدة و الأنعام:
فهرس المجلد الثاني

المجلد الثالث

مقدمة المجلد الثالث: كلام عن ضرورة تعلم القرآن و العمل به في آفاق الوحدة القرآنية: كلام عن مناسبة سورة المائدة لما قبلها و عن محاور سور قسم الطوال

تتمة القسم الأول قسم الطوال

سورة المائدة

كلمة في سورة المائدة: آثار و نصوص

سورة الأنعام

كلمة في سورة الأنعام: كلمة في أقسام السورة و مقاطعها: كلمة في بعض العلامات التي تدلنا على المقاطع: كلمة في سورة الأنعام:
(فهرس المجلد الثالث)

المجلد الرابع

تتمة القسم الاول من اقسام القرآن، القسم الطوال

كلمة في آفاق الوحدة القرآنية بين يدي المجلد الرابع

سورة الأعراف

كلمة في أقسام سورة الأعراف و مقاطعها كلمة في سورة الأعراف:
كلمة حول القسم الأول من أقسام القرآن: ملاحظات حول هذا القسم: - ملاحظات للمربين
(فهرس المجلد الرابع)

المجلد الخامس

القسم الثاني من أقسام القرآن قسم المئين

المجموعة الأولى من القسم المئين

كلمة في قسم المئين: كلمة في المجموعة الأولى من قسم المئين:
فهرس المجلد الخامس

الجزء السادس

تتمة القسم الثاني قسم المئين

كلمة في المجموعة الثانية من قسم المئين:

سورة النحل

قال الألوسي في تقديمه لسورة النحل: كلمة في سورة النحل و محورها: كلمة في سورة النحل:

سورة الإسراء

قال الألوسي في تقديمه لسورة الإسراء: و قال صاحب الظلال في سورة الإسراء: كلمة في سورة الإسراء و محورها: ما ورد في سورة الإسراء: كلمة في سورة الإسراء:

سورة الكهف

قال الألوسي في تقديمه لسورة الكهف: «ذكر ما ورد في فضلها»«و العشر الآيات من أولها و آخرها و أنها عصمة من الدجال». سبب نزول سورة الكهف: كلمة في سورة الكهف و محورها: من كلام الأستاذ الندوي في السورة: كلمة في سورة الكهف:

سورة مريم

قال الألوسي في تقديمه لسورة مريم: كلمة في سورة مريم و محورها: كلمة في سورة مريم و مجموعتها:
فهرس المجلد السادس

المجلد السابع

تتمة القسم الثاني من اقسام القرآن، قسم المئين

المجموعة الثالثة و الأخيرة من قسم المئين و هو القسم الثاني من أقسام القرآن

كلمة حول هذه المجموعة: بين يدي السور الثلاث: طسم الشعراء، طس النمل، طسم القصص كلمة في الطاسينات الثلاث و مجموعتها: كلمة في القسم الثاني من أقسام القرآن:
فهرس المجلد السابع

الجزء الثامن

القسم الثالث من أقسام القرآن قسم المثاني

مقدمة حول أقسام القرآن الكريم و تحديد قسمي المثاني و المفصل و سبب تسمية قسم المثاني بهذا الاسم

المجموعة الأولى من القسم الثالث من أقسام القرآن المسمى بقسم المثاني

كلمة في المجموعة الأولى من قسم المثاني:

سورة الروم

قال الألوسي رحمه الله في تقديمه لسورة الروم: كلمة في سورة الروم و محورها: كلمة أخيرة في سورة الروم:

سورة الأحزاب

قال الألوسي في تقديمه لسورة الأحزاب: كلمة في سورة الأحزاب و محورها: كلمة أخيرة في سورة الأحزاب:

المجموعة الثانية من القسم الثالث من أقسام القرآن المسمى بقسم المثاني

كلمة في هذه المجموعة:
فهرس المجلد الثامن

المجلد التاسع

تتمة القسم الثالث من أقسام القرآن المسمى بقسم المثاني

المجموعة الثالثة من القسم الثالث من أقسام القرآن المسمى بقسم المثاني و تشمل سور:(الزمر، و غافر، و فصلت)

كلمة في المجموعة الثالثة من قسم المثاني:

سورة فصلت

كلمة في سورة فصلت و محورها: نقل: تقديم الألوسي لسورة فصلت

المجموعة الرابعة من القسم الثالث من أقسام القرآن المسمى بقسم المثاني و تشمل سور:(الشورى، و الزخرف، و الدخان)

كلمة في المجموعة الرابعة:

المجموعة الخامسة من القسم الثالث من أقسام القرآن المسمى بقسم المثاني و تشمل سور: الجاثية، و الأحقاف، و محمد، و الفتح، و الحجرات، و ق

كلمة في المجموعة الخامسة من قسم المثاني

سورة الجاثية

كلمة في سورة الجاثية و محورها: كلمة أخيرة في سورة الجاثية:

سورة محمد

كلمة في سورة القتال و محورها:

سورة الفتح

بين يدي سورة الفتح و تقديم الألوسي: كلمة في سورة الفتح و محورها: نقول عن صاحب الظلال حول أسباب النزول:

فوائد حول السورة:

كلمة أخيرة في سورة الفتح:

سورة الحجرات

كلمة في سورة الحجرات و محورها:

الفوائد حول آيات السورة:

1 - كلام ابن كثير عن الأدب مع رسول الله صلى الله عليه و سلم بمناسبة الآية(2) 2 - كلام الألوسي عن خفض الصوت عند قبر النبي صلى الله عليه و سلم بمناسبة الآية(3) 3 - كلام ابن كثير عن أنواع القلوب بمناسبة آية أولئك الذين امتحن الله قلوبهم.. 4 - كلام ابن كثير عن الذين نادوا النبي صلى الله عليه و سلم من وراء الحجرات بمناسبة الآية(4) 5 - كلام ابن كثير عن نزول آية.. إن جاءكم فاسق بنبإ فتبينوا.. 6 - حكم سوء الأدب مع رسول الله صلى الله عليه و سلم بقصد أو بغير قصد 7 - كلام ابن كثير عن تزيين الإيمان في القلوب بمناسبة آية و لكن الله حبب إليكم الإيمان.. 8 - كلام ابن كثير عن سبب نزول آية و إن طائفتان من المؤمنين اقتتلوا.. 9 - كلام ابن كثير عن المقسطين بمناسبة آية فإن فاءت فأصلحوا بينهما بالعدل.. 10 - كلام ابن كثير عن الأخوة في الله بمناسبة آية إنما المؤمنون إخوة.. 11 - كلام ابن كثير عن الكبر بمناسبة آية لا يسخر قوم من قوم.. 12 - كلام ابن كثير عن التنابز بالألقاب 13 - كلام ابن كثير و صاحب الظلال عن حقوق المسلم على أخيه المسلم 14 - كلام ابن كثير عن الغيبة بمناسبة آية و لا يغتب بعضكم بعضا 15 - كلام ابن كثير و النسفي و المؤلف حول آية.. إن أكرمكم عند الله أتقاكم.. 16 - كلام ابن كثير و المؤلف عن تعريف الإيمان و الإسلام 17 - كلام ابن كثير عن أنواع المؤمنين في الدنيا 18 - كلام ابن كثير عن النهي عن المن بالدخول في الإسلام
كلمة أخيرة حول سورة الحجرات:

سورة ق

كلمة في سورة(ق) و محورها:

فوائد حول السورة:

1 - ردود ابن كثير على من زعم أن المراد ب(ق) جبل اسمه(قاف) 2 - كلام ابن كثير عن الخواطر النفسية بمناسبة آية.. ما توسوس به نفسه.. 3 - كلام ابن كثير عن قرب الملائكة من الإنسان بمناسبة آية و نحن أقرب إليه.. 4 - كلام ابن كثير عن كيفية كتابة أقوال الإنسان بمناسبة آية ما يلفظ من قول إلا لديه. 5 - كلام ابن كثير عن الموت بمناسبة آية و جاءت سكرة الموت بالحق.. 6 - كلام ابن كثير عن جهنم بمناسبة آية ألقيا في جهنم.. 7 - كلام ابن كثير عن حجم الجنة و النار بمناسبة آية يوم نقول لجهنم.. 8 - تفسير ابن كثير لكلمة«الأواب الحفيظ» في الآية(32) 9 - كلام ابن كثير عن نعيم الجنة بمناسبة آية لهم ما يشاؤن فيها.. 10 - كلام النسفي عن موضوع البحث عن الآثار 11 - عرض لأكاذيب التوراة المحرفة في المدة التي خلقت فيها السماوات و الأرض 12 - كلام ابن كثير عن التسبيح بمناسبة آية و من الليل فسبحه.. 13 - كلام ابن كثير عن أهوال يوم القيامة بمناسبة آية يوم تشقق الأرض عنهم.. 14 - فائدة حول كلمة(جبار) و إبراز معناها في موضعها
كلمة أخيرة في سورة ق و مجموعتها:
كلمة في قسم المثاني: كلمة في الأقسام الثلاثة التي مرت معنا:
فهرس المجلد التاسع

المجلد العاشر

القسم الرابع من أقسام القرآن قسم المفصل

كلمة في قسم المفصل:

المجموعة الأولى من القسم الرابع من أقسام القرآن المسمى بقسم المفصل

المجموعة الثالثة من القسم الرابع من أقسام القرآن المسمى بقسم المفصل

المجموعة الرابعة من القسم الرابع من أقسام القرآن المسمى بقسم المفصل

كلمة في المجموعة الرابعة من قسم المفصل

المجموعة الخامسة من القسم الرابع من أقسام القرآن المسمى بقسم المفصل

كلمة في المجموعة الخامسة من قسم المفصل:
فهرس المجلد العاشر

المجلد الحادي عشر

تتمة القسم الرابع من اقسام القرآن، قسم المفصل

المجموعة السادسة من القسم الرابع من أقسام القرآن المسمى بقسم المفصل

كلمة في المجموعة السادسة من قسم المفصل تعليقات بمناسبة انتهاء عرض المجموعة السادسة

المجموعة الثامنة من القسم الرابع من أقسام القرآن المسمى بقسم المفصل

كلمة في المجموعة الثامنة من قسم المفصل

المجموعة التاسعة من القسم الرابع من أقسام القرآن المسمى بقسم المفصل

كلمة في المجموعة التاسعة من قسم المفصل و محاور سورها كلمة أخيرة في المجموعة التاسعة من قسم المفصل:

المجموعة الحادية عشرة من القسم الرابع من أقسام القرآن المسمى بقسم المفصل

كلمة في المجموعة الحادية عشرة من قسم المفصل

المجموعة الخامسة عشرة من القسم الرابع من أقسام القرآن المسمى بقسم المفصل

كلمة في المجموعة الخامسة عشرة من قسم المفصل كلمة أخيرة في المجموعة الخامسة عشرة:
كلمة أخيرة في السياق القرآني العام: خاتمة التفسير فهرس المجلد الحادي عشر

الاساس فى التفسير


صفحه قبل

الاساس فى التفسير، ج‏1، ص: 141

- يلاحظ أن هذه الأوامر و النواهي جاءت في سياق الخطاب لبني إسرائيل، ثم يلاحظ أن بقية المقطع كانت إما في تعليل صدور هذه الأوامر و النواهي، أو في دروس تعطى لهذه الأمة من خلال ذلك بما يعمق ضرورة الالتزام بهذه المعاني جميعا، ثم يلاحظ من خلال دراسة سورة البقرة، أن هذه الأوامر و النواهي أحد اثنين إما شى‏ء قد طولبنا به من قبل، أو شى‏ء سنطالب به فيما بعد:

فمثلا في مقدمة سورة البقرة و المقطعين بعدها عرفنا قضية الإيمان و الصلاة و الزكاة و عدم نقض الميثاق، و وصل ما أمر الله به أن يوصل. و عدم الإفساد في الأرض و ألا نبيع دين الله بشى‏ء من الدنيا، و كل ذلك قد جاء بصيغة الأمر و النهي لبني إسرائيل هنا.

و سنرى فيما يأتي في السورة أمرا لنا بالاستعانة بالصبر و الصلاة، و تحذيرا لنا من كتمان شى‏ء مما أنزل الله، و تعريفا لنا على البر، و كان ذلك مما صدرت فيه الأوامر و النواهي لبني إسرائيل، و من ثم ندرك أن هذا المقطع الذي يتوجه فيه الخطاب لبني إسرائيل هو بمثابة التهييج لنا على تنفيذ ما سبق، و بمثابة التأسيس لما سنطالب به فيما يأتي من السورة.

- كنا قلنا من قبل: إن المقطع الثالث يتألف: من مدخل و فصلين. المدخل و قد رأيناه، و الفصل الأول ينتهي في الآية (74). و هو يتألف من فقرتين الفقرة الأولى: لها صلة بقوله تعالى‏ يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ. و الفقرة الثانية: لها صلة بقوله تعالى: وَ أَوْفُوا بِعَهْدِي أُوفِ بِعَهْدِكُمْ وَ إِيَّايَ فَارْهَبُونِ.

و الفصل الثاني له صلة بقوله تعالى: وَ آمِنُوا بِما أَنْزَلْتُ مُصَدِّقاً لِما مَعَكُمْ وَ لا تَكُونُوا أَوَّلَ كافِرٍ بِهِ وَ لا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلًا وَ إِيَّايَ فَاتَّقُونِ* وَ لا تَلْبِسُوا الْحَقَّ بِالْباطِلِ وَ تَكْتُمُوا الْحَقَّ وَ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ.

و هكذا نجد أن الفصلين اللاحقين للمدخل في هذا المقطع، إنما هما بمثابة تعليل لهذه الأوامر و النواهي التي صدرت لبني إسرائيل مع إعطاء الدروس للأمة الإسلامية خلال ذلك لتعرف أن لها الإمامة بحق، و أن عليها ألا تقع في خطأ السير في طريق المغضوب عليهم و الضالين. و لعل القارى‏ء بهذا و بما مر أدرك الصلة بين هذا المقطع و ما قبله و ما بعده، و لا زال في هذا الموضوع كلام فلننتقل إلى الفقرة الأولى من الفصل الأول من هذا المقطع.

الاساس فى التفسير، ج‏1، ص: 142

[الفصل الاول‏]

الفقرة الأولى من الفصل الأول:

تمتد هذه الفقرة من الآية (47) إلى نهاية الآية (62) و هذه هي:

[سورة البقرة (2): الآيات 47 الى 62]

يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ وَ أَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ (47) وَ اتَّقُوا يَوْماً لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً وَ لا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ وَ لا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ وَ لا هُمْ يُنْصَرُونَ (48) وَ إِذْ نَجَّيْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ يُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ وَ يَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ وَ فِي ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ (49) وَ إِذْ فَرَقْنا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْناكُمْ وَ أَغْرَقْنا آلَ فِرْعَوْنَ وَ أَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (50) وَ إِذْ واعَدْنا مُوسى‏ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَ أَنْتُمْ ظالِمُونَ (51)

ثُمَّ عَفَوْنا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (52) وَ إِذْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَ الْفُرْقانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ (53) وَ إِذْ قالَ مُوسى‏ لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلى‏ بارِئِكُمْ فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بارِئِكُمْ فَتابَ عَلَيْكُمْ إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ (54) وَ إِذْ قُلْتُمْ يا مُوسى‏ لَنْ نُؤْمِنَ لَكَ حَتَّى نَرَى اللَّهَ جَهْرَةً فَأَخَذَتْكُمُ الصَّاعِقَةُ وَ أَنْتُمْ تَنْظُرُونَ (55) ثُمَّ بَعَثْناكُمْ مِنْ بَعْدِ مَوْتِكُمْ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ (56)

وَ ظَلَّلْنا عَلَيْكُمُ الْغَمامَ وَ أَنْزَلْنا عَلَيْكُمُ الْمَنَّ وَ السَّلْوى‏ كُلُوا مِنْ طَيِّباتِ ما رَزَقْناكُمْ وَ ما ظَلَمُونا وَ لكِنْ كانُوا أَنْفُسَهُمْ يَظْلِمُونَ (57) وَ إِذْ قُلْنَا ادْخُلُوا هذِهِ الْقَرْيَةَ فَكُلُوا مِنْها حَيْثُ شِئْتُمْ رَغَداً وَ ادْخُلُوا الْبابَ سُجَّداً وَ قُولُوا حِطَّةٌ نَغْفِرْ لَكُمْ خَطاياكُمْ وَ سَنَزِيدُ الْمُحْسِنِينَ (58) فَبَدَّلَ الَّذِينَ ظَلَمُوا قَوْلاً غَيْرَ الَّذِي قِيلَ لَهُمْ فَأَنْزَلْنا عَلَى الَّذِينَ ظَلَمُوا رِجْزاً مِنَ السَّماءِ بِما كانُوا يَفْسُقُونَ (59) وَ إِذِ اسْتَسْقى‏ مُوسى‏ لِقَوْمِهِ فَقُلْنَا اضْرِبْ بِعَصاكَ الْحَجَرَ فَانْفَجَرَتْ مِنْهُ اثْنَتا عَشْرَةَ عَيْناً قَدْ عَلِمَ كُلُّ أُناسٍ مَشْرَبَهُمْ كُلُوا وَ اشْرَبُوا مِنْ رِزْقِ اللَّهِ وَ لا تَعْثَوْا فِي الْأَرْضِ مُفْسِدِينَ (60) وَ إِذْ قُلْتُمْ يا مُوسى‏ لَنْ نَصْبِرَ عَلى‏ طَعامٍ واحِدٍ فَادْعُ لَنا رَبَّكَ يُخْرِجْ لَنا مِمَّا تُنْبِتُ الْأَرْضُ مِنْ بَقْلِها وَ قِثَّائِها وَ فُومِها وَ عَدَسِها وَ بَصَلِها قالَ أَ تَسْتَبْدِلُونَ الَّذِي هُوَ أَدْنى‏ بِالَّذِي هُوَ خَيْرٌ اهْبِطُوا مِصْراً فَإِنَّ لَكُمْ ما سَأَلْتُمْ وَ ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَ الْمَسْكَنَةُ وَ باؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانُوا يَكْفُرُونَ بِآياتِ اللَّهِ وَ يَقْتُلُونَ النَّبِيِّينَ بِغَيْرِ الْحَقِّ ذلِكَ بِما عَصَوْا وَ كانُوا يَعْتَدُونَ (61)

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ الَّذِينَ هادُوا وَ النَّصارى‏ وَ الصَّابِئِينَ مَنْ آمَنَ بِاللَّهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ وَ عَمِلَ صالِحاً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ (62)

الاساس فى التفسير، ج‏1، ص: 144

كلمة في هذه الفقرة:

تقص علينا هذه الفقرة نماذج من نعم الله على بني إسرائيل: من تفضيلهم على عالم زمانهم، و من إنجائهم من فرعون، و من إنزال التوراة عليهم، و من قبول توبتهم من بعد ما عبدوا العجل، و من إحيائهم بعد ما أماتهم عقوبة لهم، و من تظليل الغمام على آبائهم و إنزال المن و السلوى، و من فتح بعض البلدان عليهم، و من سقيهم ماء بشكل معجز، و من إباحة لما طلبوه مما اشتهته أنفسهم. و لكن هذا التذكير بالنعم يأتي في طيه تذكير بمواقفهم الخائنة مع وجود هذه النعم. بل تستقر الفقرة على ذكر العقوبات الكبرى من ضرب الذلة و المسكنة عليهم، و رجوعهم بغضب الله، إلا من كان منهم مؤمنا يعمل الصالحات، و ذلك للإشعار بأنه لا أحد له دالة على الله إذا خالف. و ذلك درس لنا أيتها الأمة و توطئة لما سيأتي بعد من دروس أخرى؛ من خلالها يتعمق في نفوس هذه الأمة: أنه لا ينبغي أن يكون في قلوب أبنائها شعور بأي نوع من أنواع الأستاذية لليهود عليها فضلا عن غيرهم. نلحظ هذا من قوله تعالى: وَ باؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ.

و كان جل جلاله في الفاتحة علمنا أن ندعوه: ... غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ.

لقد كان بعض الذين لهم احتكاك ببعض الأديان السابقة، يرون لأهل هذه الأديان ميزة يظهر ذلك من بعض التعبيرات التي وردت على ألسنة بعض الأنصار رضوان الله عليهم، و يظهر ذلك في أن قريشا في بعض الأحوال سألت بعض أهل الكتاب عن رسول الله صلى الله عليه و سلم و يظهر ذلك في أن خديجة نفسها رضي الله عنها استفسرت عما حدث لرسول الله صلى الله عليه و سلم في الغار بأن سألت ورقة بن نوفل، و إذ جاء الإسلام تقريرا للحق و تصحيحا لكل التصورات و المعتقدات الفاسدة و من جملتها معتقدات و تصورات أهل الكتاب، فلا بد من أن يحرر المسلمون من مشاعر التبعية للآخرين، و لا بد أن يربوا على الأستاذية للآخرين، و من ثم فإن هذا المقطع يخدم في جملة ما يخدم في هذا الشأن، و هذه الفقرة تضع أساسا في ذلك.

تفسير الفقرة:

يا بَنِي إِسْرائِيلَ اذْكُرُوا نِعْمَتِيَ الَّتِي أَنْعَمْتُ عَلَيْكُمْ‏ يتجه الخطاب مرة ثانية إلى بني إسرائيل بذكر النعم التي أنعمها على آبائهم و أسلافهم. وَ أَنِّي فَضَّلْتُكُمْ عَلَى الْعالَمِينَ‏ : أي فضلهم على سائر الأمم من أهل زمانهم بإرسال الرسل منهم و إنزال‏

الاساس فى التفسير، ج‏1، ص: 145

الكتب عليهم. قال أبو العالية في تفسيرها: «بما أعطوا من الملك و الرسل و الكتب على عالم من كان في ذلك الزمان، فإن لكل زمان عالما» أقول: هذا فهم بعض أهل التفسير لظاهر التفضيل، و القرآن قد أطلق التفضيل و من ثم فقد يكون التفضيل لهم على غيرهم مع اشتراك غيرهم معهم في مثل ما ذكر من الأسباب. و تفضيلهم على العالمين من أعظم نعمه عليهم، و لكنه خص بالأمر بالتذكر، بعد الأمر بتذكر النعم، لأهمية ذلك، فالعقلية اليهودية منطبع فيها أن اليهود شعب الله المختار مهما فعلوا و مهما أساءوا و مهما أفسدوا، و أن هذه صفة أبدية لهم مهما كفروا و مهما عصوا، و لذلك فإنه يذكر بهذه النعمة ابتداء بين يدي تعداد النعم الذي في طياته التأنيب على الانحراف، ليستقر ذلك على العقوبة الأبدية لهم إن لم يراجعوا أنفسهم في الولوج في حمى الأمة المرحومة أبدا، إن ذكر ذلك على انفراد كما قلنا له أهميته الخاصة.

و بعد هذا التذكير المجمل بالنعم و بالتفضيل يتجه الخطاب إليهم بالتذكير بالآخرة .. وَ اتَّقُوا يَوْماً. أي: يوم القيامة الذي من صفاته: لا تَجْزِي نَفْسٌ عَنْ نَفْسٍ شَيْئاً. أي: لا يغني أحد عن أحد، فلا تغني نفس مؤمنة عن نفس كافرة شيئا من الحقوق التي لزمتها وَ لا يُقْبَلُ مِنْها شَفاعَةٌ الضمير في (منها) يرجع إلى النفس المؤمنة أي لا تقبل منها شفاعة للكافرة فهو كقوله تعالى في سورة المدثر: فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ، فهذا أبلغ رد على اليهود الذين يزعمون أن آباءهم الأنبياء يشفعون لهم، و على النصارى الذين يزعمون أن عيسى يحمل عنهم خطاياهم، و على أمثالهم، ممن كفر بعد إيمان. و تشبث المعتزلة بالآية في نفي الشفاعة للعصاة من المؤمنين مردود بالنصوص كما سنرى لأن المنفي شفاعة الكفار وَ لا يُؤْخَذُ مِنْها عَدْلٌ‏ : أي لا يقبل منها فداء، فالعدل هنا الفدية و البدل‏ وَ لا هُمْ يُنْصَرُونَ‏ أي لا أحد يعينهم و لا أحد يغضب لهم فينصرهم و ينقذهم من عذاب الله، قال ابن جرير: «يعني أنهم يومئذ لا ينصرهم ناصر كما لا يشفع لهم شافع و لا يقبل منهم عدل و لا فدية، بطلت هنالك المحاباة، و اضمحلت الرشا و الشفاعات، و ارتفع من القوم التناصر و التعاون و صار الحكم إلى الجبار، العدل الذي لا ينفع لديه الشفعاء و النصراء، فيجزي بالسيئة مثلها و بالحسنة أضعافها. أقول: و في تذكيرهم باليوم الآخر و بعض قوانينه الصارمة بعد أمرهم بتذكر النعم و تفضيلهم إشعار لهم أنهم مكلفون و محاسبون، و أن ذلك يقتضي منهم شكرا لا بطرا، و طاعة لا معصية، قياما بحق الله لا فرارا منه. و هذا يدلنا على أن السياق ... سياق تذكير و تأنيب و دعوة، و هي في النهاية إعطاء دروس لهذه الأمة، ألا تقع فيما وقعت فيه أمم أخرى.

و للأسف فإن الكثيرين من أبناء أمتنا واقعون فيما وقع فيه اليهود في سيرهم الطويل كما

الاساس فى التفسير، ج‏1، ص: 146

سنرى،

ثم بعد الأمر بتذكر النعم و تذكر التفضيل و بعد الأمر بتوقي عذاب اليوم الآخر تتجه الفقرة إلى تذكيرهم بنعم الله الكبرى عليهم واحدة فواحدة، و كل نعمة تذكر، يصدر التذكير بها بقوله تعالى‏ وَ إِذْ فيكون التقدير: و اذكروا إذ، فحيثما وردت‏ إِذْ فيما يأتي فإنها أمر بتذكر نعمة. و من ثم فما بقي من الفقرة فهو أمر بتذكر النعم تفصيلا بعد الأمر بتذكرها إجمالا و الملاحظ أن بعض النعم التي ذكروا بها كانت من نوع قبول التوبة بعد انحراف خطير يذكر، و أن بعضها ذكر و ذكر ما رافقه من انحراف، فكان ذلك كله تمهيدا لاستحقاقهم العقوبة الأبدية لهم و هي:

وَ ضُرِبَتْ عَلَيْهِمُ الذِّلَّةُ وَ الْمَسْكَنَةُ وَ باؤُ بِغَضَبٍ مِنَ اللَّهِ‏ : و التي لا مخرج لهم منها إلا بمتابعة محمد صلى الله عليه و سلم، و في ذلك كله دروس لهذه الأمة تحذرها من أن تفعل ما فعلوا:

1- وَ إِذْ نَجَّيْناكُمْ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَسُومُونَكُمْ سُوءَ الْعَذابِ يُذَبِّحُونَ أَبْناءَكُمْ وَ يَسْتَحْيُونَ نِساءَكُمْ وَ فِي ذلِكُمْ بَلاءٌ مِنْ رَبِّكُمْ عَظِيمٌ.

يقول تعالى: اذكروا يا بني إسرائيل نعمتي عليكم إذ خلصتكم و أنقذتكم من أيدي فرعون و قومه، و قد كانوا يوردونكم و يذيقونكم و يولونكم سوء العذاب بذبح الأبناء و إبقاء البنات للخدمة، و في ذلك تعريض العرض للفتنة و في ذلك محنة عظيمة لكم فتذكروا الخلاص منها. (و الآل) بمعنى: الأهل، و خص استعماله بأولي الخطر، كالملوك و أشباههم، و فرعون علم على من ملك مصر قديما ككسرى لملك الفرس، و سامه بمعنى: أولاه. و سوء العذاب: أشده و أفظعه. و البلاء: يطلق على النعمة و النقمة على حسب تقدير اشتقاقه، و ههنا يصلح للوجهين فإن أشير به إلى صنع فرعون كان المراد به المحنة، و إن أشير به إلى الإنجاء كان نعمة، و جمهور المفسرين على أن البلاء هنا المراد به المحنة.

2- وَ إِذْ فَرَقْنا بِكُمُ الْبَحْرَ فَأَنْجَيْناكُمْ وَ أَغْرَقْنا آلَ فِرْعَوْنَ وَ أَنْتُمْ تَنْظُرُونَ‏ أمروا بتذكر هذه النعم استقلالا، مع أنها جزء من نعمة الخروج من مصر، لما في كل منها من نعمة عظيمة، يذكرهم تعالى كيف أنه بعد أن أنقذهم من آل فرعون و خرجوا مع موسى خرج فرعون في طلبهم ففرق الله بهم البحر فخلصهم منهم و حجز بينهم و بينه و أغرقه مع من معه و بنو إسرائيل ينظرون، ليكون ذلك أشفى لصدورهم و أبلغ لإهانة عدوهم. و معنى‏ فَرَقْنا فصلنا بين بعض و بعض حتى صارت فيه مسالك لكم‏

الاساس فى التفسير، ج‏1، ص: 147

و قد بقي يوم الإنجاء مشهورا عند بني إسرائيل يعظمونه. فقد روى البخاري و مسلم و النسائي و ابن ماجه و الإمام أحمد عن ابن عباس قال: «قدم رسول الله صلى الله عليه و سلم المدينة فرأى اليهود يصومون يوم عاشوراء فقال: ما هذا اليوم الذي تصومون؟ قالوا: هذا يوم صالح، هذا يوم نجى الله- عز و جل- فيه بني إسرائيل من عدوهم؛ فضامه موسى عليه السلام فقال رسول الله صلى الله عليه و سلم: أنا أحق بموسى منكم فصامه رسول الله صلى الله عليه و سلم و أمر بصومه.

3- وَ إِذْ واعَدْنا مُوسى‏ أَرْبَعِينَ لَيْلَةً، ثُمَّ اتَّخَذْتُمُ الْعِجْلَ مِنْ بَعْدِهِ وَ أَنْتُمْ ظالِمُونَ* ثُمَّ عَفَوْنا عَنْكُمْ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ لَعَلَّكُمْ تَشْكُرُونَ.

يذكرهم تعالى قائلا: و اذكروا نعمتي عليكم في عفوي عنكم لما عبدتم العجل بعد ذهاب موسى لميقات ربه، و كان ذلك بعد خلاصهم من فرعون و إنجائهم من البحر.

و الضمير في‏ مِنْ بَعْدِهِ‏ يعود على موسى و التقدير من بعد ذهابه إلى الطور إذ اتخذوا العجل إلها و عبدوه. فههنا ذكرهم بنعمة العفو عنهم على فظاعة الجرم الذي ارتكبوه و هم حديثو عهد بالخروج و معجزاته.

4- وَ إِذْ آتَيْنا مُوسَى الْكِتابَ وَ الْفُرْقانَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ. الكتاب: التوراة و الفرقان: ما يفرق بين الحق و الباطل، و هو هنا: إما الآيات التي أعطيها موسى كالعصا و اليد، أو الشرع الفارق بين الحلال و الحرام؛ فهذه نعمة رابعة أنعمها عليهم أنه أنزل عليهم كتابا ليهتدوا بهديه.

5- وَ إِذْ قالَ مُوسى‏ لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ إِنَّكُمْ ظَلَمْتُمْ أَنْفُسَكُمْ بِاتِّخاذِكُمُ الْعِجْلَ فَتُوبُوا إِلى‏ بارِئِكُمْ، فَاقْتُلُوا أَنْفُسَكُمْ ذلِكُمْ خَيْرٌ لَكُمْ عِنْدَ بارِئِكُمْ، فَتابَ عَلَيْكُمْ، إِنَّهُ هُوَ التَّوَّابُ الرَّحِيمُ.

في هذه الآية توبة الله على بني إسرائيل من عبادة العجل، فلم تقبل التوبة إلا بأن قتل بعضهم بعضا، و مع شدة هذا فإن الله يمن عليهم أن تاب عليهم و قبل توبتهم، و البارى‏ء هو: الخالق الذي خلق الخلق بريئا من التفاوت، و التواب هو: المفضال بقبول التوبة مرة بعد مرة و لو كثرت الذنوب و اسم الرحيم في هذا السياق يشير إلى معنى: أن رحمته من السعة بحيث يعفو عن الذنب و إن عظم إذا تاب صاحبه، و أي ذنب أعظم من الشرك؟

صفحه بعد