کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

روح المعانى فى تفسير القرآن العظيم

الجزء الحادي عشر

فهرس المجلد الحادي عشر من روح المعاني

الجزء الثاني عشر

الفهرس

الجزء الثالث عشر

فهرس المجلد الثالث عشر من روح المعاني

الجزء الرابع عشر

فهرس المجلد الرابع عشر من روح المعاني

الجزء الخامس عشر

فهرس المجلد الخامس عشر من روح المعاني

الجزء السادس عشر

الفهارس العامة

فهرس الآيات المفسرة

تفسير سورة البقرة تفسير سورة آل عمران تفسير سورة النساء تفسير سورة المائدة تفسير سورة الأنعام تفسير سورة الأعراف تفسير سورة الأنفال تفسير سورة التوبة تفسير سورة يونس تفسير سورة هود تفسير سورة يوسف تفسير سورة الرعد تفسير سورة إبراهيم تفسير سورة الحجر تفسير سورة النحل تفسير سورة الإسراء تفسير سورة الكهف تفسير سورة مريم تفسير سورة طه تفسير سورة الأنبياء تفسير سورة الحج تفسير سورة المؤمنون تفسير سورة النور تفسير سورة الفرقان تفسير سورة الشعراء تفسير سورة النمل تفسير سورة القصص تفسير سورة العنكبوت تفسير سورة الروم تفسير سورة لقمان تفسير سورة السجدة تفسير سورة الأحزاب تفسير سورة سبأ تفسير سورة فاطر تفسير سورة يس تفسير سورة الصافات تفسير سورة ص تفسير سورة الزمر تفسير سورة المؤمن تفسير سورة فصلت تفسير سورة الشورى تفسير سورة الزخرف تفسير سورة الدخان تفسير سورة الجاثية تفسير سورة الأحقاف تفسير سورة محمد صلى الله عليه و سلم تفسير سورة الفتح تفسير سورة الحجرات تفسير سورة ق تفسير سورة الذاريات تفسير سورة الطور تفسير سورة و النجم تفسير سورة القمر تفسير سورة الرحمن عز و جل تفسير سورة الواقعة تفسير سورة الحديد تفسير سورة المجادلة تفسير سورة الحشر تفسير سورة الممتحنة تفسير سورة الصف تفسير سورة الجمعة تفسير سورة المنافقون تفسير سورة التغابن تفسير سورة الطلاق تفسير سورة التحريم تفسير سورة الملك تفسير سورة القلم تفسير سورة الحاقة تفسير سورة المعارج تفسير سورة نوح تفسير سورة الجن تفسير سورة المزمل تفسير سورة المدثر تفسير سورة القيامة تفسير سورة الإنسان تفسير سورة المرسلات تفسير سورة النبأ تفسير سورة النازعات تفسير سورة عبس تفسير سورة التكوير تفسير سورة الانفطار تفسير سورة المطففين تفسير سورة الانشقاق تفسير سورة البروج تفسير سورة الطارق تفسير سورة الأعلى تفسير سورة الغاشية تفسير سورة الفجر تفسير سورة البلد تفسير سورة الشمس تفسير سورة الليل تفسير سورة الضحى تفسير سورة الشرح تفسير سورة التين تفسير سورة العلق تفسير سورة القدر تفسير سورة البينة تفسير سورة الزلزلة تفسير سورة العاديات تفسير سورة القارعة تفسير سورة التكاثر تفسير سورة العصر تفسير سورة الهمزة تفسير سورة الفيل تفسير سورة قريش تفسير سورة الماعون تفسير سورة الكوثر تفسير سورة الكافرون تفسير سورة النصر تفسير سورة تبت تفسير سورة الإخلاص تفسير سورة الفلق تفسير سورة الناس

فهرس آيات الشواهد

سورة الفاتحة سورة البقرة سورة آل عمران سورة النساء سورة المائدة سورة الأنعام سورة الأعراف سورة الأنفال سورة التوبة سورة يونس سورة هود سورة يوسف سورة الرعد سورة إبراهيم سورة الحجر سورة النحل سورة الإسراء سورة الكهف سورة مريم سورة طه سورة الأنبياء سورة الحج سورة المؤمنون سورة النور سورة الفرقان سورة الشعراء سورة النمل سورة القصص سورة العنكبوت سورة الروم سورة لقمان سورة السجدة سورة الأحزاب سورة سبأ سورة فاطر سورة يس سورة الصافات سورة ص سورة الزمر سورة غافر سورة فصلت سورة الشورى سورة الزخرف سورة الدخان سورة الجاثية سورة الأحقاف سورة محمد سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق سورة الذاريات سورة الطور سورة النجم سورة القمر سورة الرحمن سورة الواقعة سورة الحديد سورة المجادلة سورة الحشر سورة الممتحنة سورة الصف سورة الجمعة سورة المنافقون سورة التغابن سورة الطلاق سورة التحريم سورة الملك سورة القلم سورة الحاقة سورة المعارج سورة نوح سورة الجن سورة المزمل سورة المدثر سورة القيامة سورة النبأ سورة المرسلات سورة الإنسان سورة النازعات سورة عبس سورة التكوير سورة الانفطار سورة المطففين سورة الانشقاق سورة البروج سورة الطارق سورة الأعلى سورة الغاشية سورة الفجر سورة البلد سورة الشمس سورة الليل سورة الضحى سورة الشرح سورة التين سورة العلق سورة القدر سورة البينة سورة الزلزلة سورة العاديات سورة القارعة سورة التكاثر سورة العصر سورة الهمزة سورة الفيل سورة قريش سورة الماعون سورة الكوثر سورة الكافرون سورة النصر سورة المسد سورة الإخلاص سورة الفلق سورة الناس

روح المعانى فى تفسير القرآن العظيم


صفحه قبل

روح المعانى فى تفسير القرآن العظيم، ج‏1، ص: 35

سورة الفاتحة

اختلف فيها، فالأكثرون على أنها مكية بل من أوائل ما نزل من القرآن على قول‏ «1» و هو المروي عن علي و ابن عباس و قتادة و أكثر الصحابة و عن مجاهد أنها مدنية «2» و قد تفرد بذلك حتى عد هفوة منه، و قيل: نزلت بمكة حين فرضت الصلاة و بالمدينة لما حولت القبلة ليعلم أنها في الصلاة كما كانت و قيل بعضها مكي و بعضها مدني و لا يخفى ضعفه، و قد لهج الناس بالاستدلال على مكيتها بآية الحجر وَ لَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَ الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ‏ [الحجر: 87] و هي مكية لنص العلماء و الرواية عن ابن عباس و لها حكم مرفوع لا لأن ما قبلها و ما بعدها في حق أهل مكة كما قيل لأنه مبني على أن المكي ما كان في حق أهل مكة و المشهور خلافه، و الأقوى الاستدلال بالنقل عن الصحابة الذين شاهدوا الوحي و التنزيل لأن ذلك موقوف أولا على تفسير السبع المثاني بالفاتحة و هو و إن كان صحيحا ثابتا في الأحاديث‏ «3» إلا أنه قد صح أيضا عن ابن عباس و غيره تفسيرها بالسبع الطوال، و ثانيا على امتناع الامتنان بالشي‏ء قبل إيتائه مع أن اللّه تعالى قد امتن عليه صلى اللّه تعالى عليه و سلم بأمور قبل إيتائه إياها كقوله تعالى: إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً [الفتح: 1] فهو قبل الفتح بسنين و التعبير بالماضي تحقيق للوقوع و هذا و إن كان خلاف الظاهر لا سيما مع إيراد اللام و كلمة «قد» و وروده في معرض المنة و الغالب فيها سبق الوقوع و عطف‏ وَ لا تَمُدَّنَّ عَيْنَيْكَ إِلى‏ ما مَتَّعْنا بِهِ‏ [الحجر: 88، طه: 131] الآية إلا أنه قد خدش الدليل، لا يقال: إن هذا و ذلك لا يدلان إلا على أنها نزلت بمكة، و أما على نفي نزولها بالمدينة أيضا فلا لأنا نقول: النفي هو الأصل و على مدعي الإثبات الإثبات و أنى به و ما قالوا في الجواب عن الاعتراض بأن النزول ظهور من عالم الغيب إلى الشهادة و الظهور بها لا يقبل التكرر فإن ظهور الظاهر ظاهر البطلان كتحصيل الحاصل من دعوى أنه كان في كل لفائدة أو أنه على حرف مرة و آخر أخرى لورود مالك و ملك أو ببسملة تارة و تارة بدونها و به تجمع المذاهب و الروايات مصحح للوقوع لا موجب له كما لا يخفى، و السورة مهموزة و غير مهموزة بإبدال إن كانت من السور و هو البقية لأن بقية كل شي‏ء بعضه و بدونه إن كانت من‏

(1)

فقد روينا عن أبي ميسرة أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم كان إذا برز سمع مناديا يناديه يا محمد فإذا سمع الصوت انطلق هاربا فقال له ورقة بن نوفل إذا سمعت النداء فاثبت حتى تسمع ما يقول لك قال فلما برز سمع النداء: يا محمد قال لبيك قال قل أشهد أن لا إله إلا اللّه و أشهد أن محمدا رسول اللّه ثم قال: (الحمد للّه رب العالمين الرحمن الرحيم مالك يوم الدين) حتى فرغ من فاتحة القرآن‏

و لو لا صحة الأخبار على غير هذا النحو كان هذا الخبر أقوى دليل على مكيتها فافهم ا ه.

(2) و يلزم منه أنه صلّى اللّه عليه و سلم صلى بضع عشرة سنة بلا فاتحة و هي خاتمة في البعد ا ه منه.

(3)

فقد روينا عن أبي هريرة قال‏ «إن رسول اللّه صلّى اللّه تعالى عليه و سلم قرأ عليه أبيّ بن كعب أم القرآن فقال و الذي نفسي بيده ما أنزل اللّه في التوراة و لا في الإنجيل و لا في الزبور و لا في القرآن مثلها إنها لهي السبع المثاني و القرآن العظيم الذي أوتيته‏

ا ه منه.

روح المعانى فى تفسير القرآن العظيم، ج‏1، ص: 36

سور البناء و هي المنزلة أو سور المدينة لإحاطتها «1» بآياتها، أو من التسور و هو العلو و الارتفاع لارتفاعها بكونها كلام اللّه تعالى و تطلق على المنزلة الرفيعة كما في قول النابغة:

ألم تر أن اللّه أعطاك سورة

ترى كل ملك حولها يتذبذب‏

وحدها قرآن يشتمل على ذي فاتحة و خاتمة. و قيل طائفة أي قطعة مستقلة لتخرج آية الكرسي مترجمة توقيفا و قد ثبتت أسماء الجميع بالأحاديث و الآثار فمن قال بكراهة أن يقال سورة كذا بل سورة يذكر فيها كذا بناء على ما روي عن أنس و ابن عمر من النهي عن ذلك لا يعتد به إذ حديث أنس ضعيف أو موضوع و حديث ابن عمر موقوف عليه و إن روي عنه بسند صحيح «و الفاتحة» في الأصل صفة جعلت اسما لأول الشي‏ء لكونه واسطة في فتح الكل و التاء للنقل أو المبالغة و لا اختصاص لها بزنة علامة أو مصدر أطلقت على الأول‏ «2» تسمية للمفعول بالمصدر إشعارا بأصالته كأنه نفس الفتح إذ تعلقه به أولا ثم بواسطته يتعلق بالمجموع لكونه جزءا منه، و كذا يقال في الخاتمة فإن بلوغ الآخر يعرض الآخر أولا و الكل بواسطته و ليس هذا كالأول لقلة فاعلة في المصادر إلا أنه أولى من كونه للآلة أو باعثا لأن هذه ملتبسة بالفعل و مقارنة له، و الغالب أن لا تتصف الآلة و لا يقارن الباعث على أن الآلة هنا غير مناسبة لإيهام أن يكون البعض غير مقصود و جوزوا أن يكون للنسبة أي ذات فتح مع وجوه أخر مرجوحة «و الكتاب» هو المجموع الشخصي و فتح الفاتحة بالقياس إليه لا إلى القدر المشترك بينه و بين أجزائه و هو متحقق في العلم أو اللوح أو بيت العزة فلا ضير في اشتهار السورة بهذا الاسم في الأوائل، و الإضافة الأولى من إضافة الاسم إلى المسمى و هي مشهورة، و الثانية بمعنى اللام كما في جزء الشي‏ء لا بمعنى من كما في خاتم فضة لأن المضاف جزء لا جزئي قاله شيخ الإسلام‏ «3» و هو مذهب بعض في كل، و قال ابن كيسان و السيرافي و جمع إضافة الجزء على معنى «من» التبعيضية بل في اللمع و شرحه إن من المقدرة في الإضافة مطلقا كذلك من غير فرق بين الجزء و الجزئي، و بعضهم جعل الإضافة في الجزئي بيانية مطلقا و بعضهم خصها بالعموم و الخصوص الوجهي كما في المثال و جعلها في المطلق كمدينة بغداد لامية و الشهرة لا تساعده.

[سورة الفاتحة (1): الآيات 1 الى 7]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (1)

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (2) الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (3) مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5)

اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لا الضَّالِّينَ (7)

و لهذه السورة الكريمة أسماء أوصلها البعض إلى نيف و عشرين «أحدها» فاتحة الكتاب لأنها مبدؤه على الترتيب المعهود لا لأنها يفتتح بها في التعليم و في القراءة في الصلاة كما زعمه الإمام السيوطي و لا لأنها أول سورة نزلت كما قيل. أما الأول و الثالث فلأن المبدئية من حيث التعليم أو النزول تستدعي مراعاة الترتيب في بقية أجزاء الكتاب من‏

(1) و منه السوار لإحاطته بالساعد ا ه منه.

(2) المراد بالأول ما يعم الاضافي فلا حاجة إلى الاعتذار بأن اطلاق الفاتحة على السورة باعتبار جزئها الأول ا ه منه.

(3) هو ابو السعود صاحب التفسير ا ه منه.

روح المعانى فى تفسير القرآن العظيم، ج‏1، ص: 37

تينك الحيثيتين و لا ريب في أن الترتيب التعليمي و النزولي ليسا كالترتيب المعهود، و أما الثاني فلما عرفت أن ليس المراد بالكتاب القدر المشترك الصادق على ما يقرأ في الصلاة حتى يعتبر في التسمية مبدئيتها له. و حكى المرسي أنها سميت بذلك لأنها أول سورة كتبت في اللوح‏ «1» و يحتاج إلى نقل و إن صححنا أن ترتيب القرآن الذي في مصاحفنا كما في اللوح فلربما كتب التالي ثم كتب المتلو و غلبة الظن أمر آخر «و ثانيها» فاتحة القرآن لما قدمنا حذو القذة بالقذة «و ثالثها و رابعها» أم الكتاب و أم القرآن و

حديث‏ «2» «لا يقولن أحد كم أم الكتاب و ليقل فاتحة الكتاب»

لا أصل له بل قد ثبت في الصحاح‏ «3» تسميتها به كما لا يخفى على المتتبع، و سميت بذلك لأن الابتداء كتابة أو تلاوة أو نزولا على قول أو صلاة بها و ما بعدها تال لها فهي كالأم التي يتكون الولد بعدها، و يقال أيضا للراية أم لتقدمها و اتباع الجيش لها و منه أم القرى أو لاشتمالها- كما قال العلامة- على مقاصد المعاني التي في القرآن من الثناء على اللّه تعالى بما هو أهله و من التعبد بالأمر و النهي و من الوعد و الوعيد، أما الثناء فظاهر، و أما التعبد فأما من الحمد للّه لأنه للتعليم فيقدر أمر يفيده و الأمر الإيجابي يلزمه النهي عن الضد في الجملة و لا نرى‏ «4» فيه بأسا أو من اهدنا الصراط المستقيم إن أريد به ملة الإسلام أو من تقدير قولوا بسم اللّه و من تأخير متعلقه، و إما من إياك نعبد فإنه إخبار عن تخصيصه بالعبادة و هي التحقق بالعبودية بارتسام ما أمر السيد أو نهى فيدل في الجملة على أنهم متعبدون، و لا يرد على المعتزلة عدم سبق أمر و نهي أصلا، و يجاب عندنا بعد تسليم العدم للأولية بأن رأس العبادة التوحيد و في الصدر ما يرشد إليه‏ «5» لا سيما و قد سبق تكليفه صلّى اللّه تعالى عليه و سلم بالتوحيد و تبليغ السورة و ذلك يكفي، و أما الوعد و الوعيد فمن قوله تعالى: أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ‏ أو من يوم الدين أي الجزاء، و المجزي أما ما يسر أو ما يضر و هما الثواب و العقاب و إنما كانت المقاصد هذه لأن بعثة الرسل و إنزال الكتب رحمة للعباد و إرشادا إلى ما يصلحهم معاشا و معادا و ذلك بمعرفة من يقدر على إيصال النعم إيجادا و إمدادا، ثم التوصل إليه بما يربط العتيد، و يجلب المزيد عملا و اعتقادا و التنصل عما يفضي به إلى رجع المحصل و منع المستحصل قلوبا و أجسادا و الثناء فرع معرفة المثني عليه مع الاستحقاق و تدخل المعرفة بصفات الجلال و الجمال، و منها ما منه‏ «6» الإرسال و الإنزال و التفاوت بين المطيع و المذنب فدخل الإيمان باللّه تعالى و صفاته و النبوات و المعاد على الإجمال، و التعبد يتمكن به من التوصل و التنصل و يدخل فيه من وجه الإيمان بالنبوات و ما يتعلق بها من الكتاب و الملائكة إذ الأمر و النهي فرع ثبوت ذلك في الجملة، و الوعد و الوعيد يتضمنان الإيمان بالمعاد، و يبعثان على التعبد، و الناس كإبل مائة لا تجد فيها راحلة و الأكثرون بعثتهم الرغبة و الرهبة، و أوسطهم الرجاء و الخوف. و الخواص- و قليل ما هم- الأنس و الهيبة فبالثلاثة تم الإرشاد إلى مصالح المعاش و المعاد و لا أحصر لك وجه الحصر بهذا فلمسلك الذهن اتساع و لك أن ترد الثلاثة إلى اثنين فتدرج الثناء في التعبد إذ لا حكم للعقل و لعله إنما جعله قسيما له تلميحا إلى أن شكر المنعم واجب عقلا مراعاة لمذهب الاعتزال و لم يبال البيضاوي‏

(1) و قيل في التعليل لأنها فاتحة كل كتاب ورد بأن ذلك الحمد لا الكل و بأن الظاهر أن المراد بالكتاب القرآن لا جنسه ا ه منه.

(2) و به أخذ الحسن البصري ا ه منه.

(3) أخرج الدارقطني و صححه من‏

حديث أبي هريرة مرفوعا «إذ قرأتم الحمد فاقرؤوا بسم اللّه الرحمن الرحيم إنها أم القرآن و أم الكتاب و السبع المثاني»

ا ه منه.

(4) أي معاشر أهل السنة أما المعتزلة فليس الأمر بالشي‏ء نهيا عن ضده عندهم فحينئذ لا يتأتى ذلك ا ه منه.

(5) و هو إجراء الأوصاف و قد يوجد منه التعبد ابتداء ا ه منه.

(6) كالقدرة و الرحمة و الحكمة ا ه.

روح المعانى فى تفسير القرآن العظيم، ج‏1، ص: 38

بذلك فعبر بما عبر به من المقال. أو لاشتمالها على جملة معانيه من الحكم النظرية و الأحكام العملية التي هي سلوك الصراط المستقيم و الاطلاع على مراتب السعداء و منازل الأشقياء، و الأول مستفاد من أول السورة إلى قوله‏ يَوْمِ الدِّينِ‏ و الثاني من قوله‏ إِيَّاكَ‏ نعبد و ما بعده و سلوك الصراط المستقيم من قوله‏ اهْدِنَا الآية و الاطلاع من قوله‏ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ‏ إلخ و فيه وعد و وعيد فدخلا فيه و الأمثال و القصص المقصود بها الاتعاظ و كذا الدعاء و الثناء، و هذه جملة المعاني القرآنية إجمالا مطابقة و التزاما؛ و أبسط من هذا أن يقال: إنها مشتملة على أربعة أنواع من العلوم التي هي مناط الدين «الأول» علم الأصول و معاقده معرفة اللّه تعالى و صفاته و إليها الإشارة بقوله‏ رَبِّ الْعالَمِينَ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏ و معرفة النبوات و هي المرادة بقوله تعالى‏ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ‏ و المعاد المؤمى إليه بقوله تعالى: مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ‏ «الثاني» علم الفروع و أسه العبادات و هو المراد بقوله‏ إِيَّاكَ نَعْبُدُ و هي بدنية و مالية و هما مفتقران إلى أمور المعاش من المعاملات و المناكحات و لا بد لها من الحكومات فتمهدت الفروع على الأصول.

«الثالث» علم ما به يحصل الكمال و هو علم الأخلاق و أجله الوصول إلى الحضرة الصمدانية و السلوك لطريقة الاستقامة في منازل هاتيك الرتب العلية و إليه الإشارة بقوله‏ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ‏ «الرابع» علم القصص و الإخبار عن الأمم السالفة السعداء و الأشقياء و ما يتصل بها من الوعد و الوعيد و هو المراد بقوله تعالى‏ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لَا الضَّالِّينَ‏ و إذا انبسط ذهنك أتيت بأبسط من ذلك، و هذان الوجهان يستدعيان حمل الكتاب على المعاني أو تقديرها في التركيب الإضافي، و الوجه الأول لا يقتضيه و من هذا رجحه البعض و إن كان أدق و أحلى لا لأنه يشكل عليهما ما

ورد من أن الفاتحة تعدل ثلثي القرآن‏

إذ يزيله إذا ثبت أن الإجمال لا يساوي التفصيل فزيادة مبانيه منزلة منزلة ثلث آخر من الثواب قاله الشهاب ثم قال: و من العجب ما قيل هنا من أن ذلك لاشتمالها على دلالة التضمن و الالتزام و هما ثلثا الدلالات انتهى. و أنا أقول الأعجب من هذا توجيهه رحمه اللّه مع ما رواه الديلمي في الفردوس عن أبي الدرداء فاتحة الكتاب تجزي ما لا يجزى‏ء شي‏ء من القرآن و لو أن فاتحة الكتاب جعلت في كفة الميزان و جعل القرآن في الكفة الأخرى لفضلت فاتحة الكتاب على القرآن سبع مرات فإنه لا يتبادر منه إلا الفضل في الثواب فيعارض ظاهره ذلك الخبر على توجيهه و على توجيه صاحب القيل لا تعارض. نعم إنه بعيد و يمكن التوفيق بين الخبرين و به يزول الإشكال بأن الأول كان أولا و تضاعف الثواب ثانيا و لا حجر على الرحمة الواسعة أو بأن اختلاف المقال لاختلاف الحال أو بأن ما يعدل الشي‏ء كله يعدل ثلثيه أو بأن القرآن في أحد الخبرين أو فيهما بمعنى الصلاة مثله في قوله تعالى: وَ قُرْآنَ الْفَجْرِ إِنَّ قُرْآنَ الْفَجْرِ كانَ مَشْهُوداً [الإسراء: 78] و ذلك يختلف باختلاف مراتب الناس في قراءتهم و صلواتهم فليتدبر، و على العلات لا يقاسان بما قيل في وجه التسمية بذلك لأنها أفضل السور أو لأن حرمتها كحرمة القرآن كله أو لأن مفزع أهل الإيمان إليها أو لأنها محكمة و المحكمات أم الكتاب و لا أعترض على البعض بعدم الاطراد لأن وجه التسمية لا يجب اطراده و لكني أفوض الأمر إليك و سلام اللّه تعالى عليك «لا يقال» إذا كانت الفاتحة جامعة لمعاني الكتاب فلم سقط منها سبعة أحرف الثاء و الجيم و الخاء و الزاي و الشين و الظاء و الفاء؟

لأنا نقول لعل ذلك للإشارة إلى أن الكمال المعنوي لا يلزمه الكمال الصوري و لا ينقصه نقصانه إن اللّه تعالى لا ينظر إلى صوركم و كانت سبعة موافقة لعدد الآي المشتمل على الكثير من الأسرار و كانت من الحروف الظلمانية التي لم توجد في المتشابه من أوائل السور و يجمعها بعد إسقاط المكرر- صراط على حق نمسكه- و هي النورانية المشتملة عليها بأسرها الفاتحة للإشارة إلى غلبة الجمال على الجلال المشعر بها تكرر ما يدل على الرحمة في الفاتحة و إنما لم يسقط السبعة الباقية من هذا النوع فتخلص النورانية ليعلم أن الأمر مشوب‏ فَلا يَأْمَنُ مَكْرَ اللَّهِ إِلَّا الْقَوْمُ الْخاسِرُونَ‏

روح المعانى فى تفسير القرآن العظيم، ج‏1، ص: 39

[الأعراف: 99] و في قوله تعالى: نَبِّئْ عِبادِي أَنِّي أَنَا الْغَفُورُ الرَّحِيمُ وَ أَنَّ عَذابِي هُوَ الْعَذابُ الْأَلِيمُ‏ [الحجر: 49] إشارة و أي إشارة إلى ذلك لمن تأمل حال الجملتين على أن في كون النورانية- و هي أربعة عشر حرفا- مذكورة بتمامها و الظلمانية مذكورة منها سبعة و إذا طوبقت الآحاد بالآحاد يحصل نوراني معه ظلماني و نوراني خالص إشارة إلى قسمي المؤمنين فمؤمن لم تشب نور إيمانه ظلمة معاصيه و مؤمن قد شابه ذلك، و فيه رمز إلى أنه لا منافاة بين الإيمان و المعصية فلا تطفئ ظلمتها نوره‏

«و لا يزني الزاني و هو مؤمن»

محمول على الكمال و ليس البحث لهذا و إذا لوحظ الساقط و هو الظلماني المحض المشير إلى الظالم المحض الساقط عن درجة الاعتبار و المذكور و هو النوراني المحض المشير إلى المؤمن المحض و النوراني المشوب المشير إلى المؤمن المشوب يظهر سر التثليث في‏ فَمِنْهُمْ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ وَ مِنْهُمْ مُقْتَصِدٌ وَ مِنْهُمْ سابِقٌ بِالْخَيْراتِ بِإِذْنِ اللَّهِ ذلِكَ هُوَ الْفَضْلُ الْكَبِيرُ [فاطر: 32] و إنما كان الساقط هذه السبعة بخصوصها من تلك الأربعة عشر و لم يعكس فيسقط المثبت و يثبت الساقط أو يسقط سبعة تؤخذ من هذا و هذا لسر علمه من علمه و جهله من جهله، نعم في كون الساقط معجما فقط إشارة إلى أن الغين في العين، و الرين في البين، فلهذا وقع الحجاب، و حصل الارتياب، و هذا ما يلوح لأمثالنا من أسرار كتاب اللّه تعالى و أين هو مما يظهر للعارفين الغارفين من بحاره، المتضلعين من ماء زمزم أسراره‏ «1» .

و لمولانا العلامة فخر الدين الرازي في هذا المقام كلام ليس له في التحقيق أدنى إلمام حيث جعل سبب إسقاط هذه الحروف أنها مشعرة بالعذاب فالثاء تدل على الثبور و الجيم أول حرف من جهنم و الخاء يشعر بالخزي و الزاي و الشين من الزفير و الشهيق، و أيضا الزاي تدل على الزقوم و الشين تدل على الشقاء و الظاء أول الظل في قوله تعالى: انْطَلِقُوا إِلى‏ ظِلٍّ ذِي ثَلاثِ شُعَبٍ‏ [المرسلات: 30]، و أيضا تدل على لظى و الفاء على الفراق، ثم قال فإن قالوا: لا حرف من الحروف إلا و هو مذكور في اسم شي‏ء يوجب نوعا من العذاب فلا يبقى لما ذكرتم فائدة فتقول الفائدة فيه أنه قال في صفة جهنم‏ لَها سَبْعَةُ أَبْوابٍ لِكُلِّ بابٍ مِنْهُمْ جُزْءٌ مَقْسُومٌ‏ [الحجر: 44] ثم إنه تعالى أسقط سبعة من الحروف من هذه السورة و هي أوائل ألفاظ دالة على العذاب تنبيها على أن من قرأ هذه السورة و آمن بها و عرف حقائقها صار آمنا من الدركات السبع في جهنم انتهى، و لا يخفى ما فيه و جوابه لا ينفعه و لا يغنيه إذ لقائل أن يقول فلتسقط الذال و الواو، و النون و الحاء و العين و الميم و الغين إذ الواو من الويل و الذال من الذلة و النون من النار و الحاء من الحميم و العين من العذاب و الميم من المهاد و الغين من الغواشي و الآيات ظاهرة و الكل في أهل النار و تكون الفائدة في إسقاطها كالفائدة في إسقاط تلك من غير فرق أصلا على أن في كلامه رحمه اللّه تعالى غير ذلك بل و مع تسليم‏

(1) اعلم أن ما ذكره المفسر رحمه اللّه تعالى و نقله عن بعض مفسري الصوفية في المعاني التي تستنبط من الحروف بطريق الرمز و الإشارة لا يدل عليه كتاب و لا سنة صحيحة و ليست هذه المعاني من مدلولات الكلمات لغة و لا سياقا و لا يخفى على أهل العلم بالشريعة الاسلامية و السنة النبوية ان مدلولات الكلمات القرآنية، و الألفاظ المصطفوية هو ما دل عليه اللفظ لغة منطوقا أو مفهوما أو سياقا حقيقة أو مجازا بحسب القرائن و باعتبار النزول و سببه و ما ورد فيه عن الصحابة الأخيار و التابعين الأبرار و نصون كلام صاحب الشريعة عن تأويل أو تصحيف أو تحريف و لو كان قائل ذلك أيّا كان من العلماء و نضرب على يد من يتجرأ على مثل ذلك بسوط من حديد و على لسانه بمقارض من نار فإن القرآن أنزل لهداية الأمة و بيان طريق سعادتها دنيا و أخرى و العمل بما دل عليه لفظه المنزل به و قد أخبر اللّه تعالى أنه أنزل بلسان عربي مبين فلا تغتر بما سطره المفسر هنا أو ما سيأتي من الإشارات إلى مدلولات ما جاء بها اثر عن النبي صلّى اللّه عليه و سلم و لا عن الصحابة الذين هم هداة الامة من بعده صلّى اللّه عليه و سلم و ليسعنا ما وسعهم من العلم النافع و العمل المثمر و نسأل اللّه توفيق الأمة للعمل بما جاء به كتابنا المعصوم و سنة نبينا التي ليلها كنهارها سواء ا ه مصححه منير.

روح المعانى فى تفسير القرآن العظيم، ج‏1، ص: 40

سلامته مما قيل أو يقال لا أرتضيه للفخر و هو السيد الذي غدا سعد الملة و حجة الإسلام و ناصرا أهله، و أما نسبته لأمير المؤمنين علي كرم اللّه تعالى وجهه حين سأل قيصر الروم معاوية عن ذلك فلم يجب فسأل عليا فأجاب فلا أصل له و على تقدير التسليم فما مرام الأمير بالاكتفاء على هذا المقدار إلا التنبيه للسائل و المسئول على ما لا يخفى عليك من الأسرار فافهم ذاك و اللّه تعالى يتولى هداك «و خامسها و سادسها و سابعها» الكنز و الوافية و الكافية لما مر من اشتمالها على الجواهر المكنوزة فتفي و تكفي أو لأنها لا تنصف في الصلاة و لا يكفي فيها غيرها «و ثامنها الأساس» لأنها أصل القرآن و أول سورة فيه «و تاسعها و عاشرها و الحادي عشر و الثاني عشر و الثالث عشر» سورة الحمد و سورة الشكر و سورة الدعاء و سورة تعليم المسألة و سورة السؤال لاشتمالها على ذلك، أما اشتمالها على الحمد فظاهر و كذا على الشكر لدى من أنعم اللّه تعالى عليه بالفهم و يمكن أن يكون الاسمان كأم القرآن و أم الكتاب.

و أما الاشتمال على الثالث فكالاشتمال على الأول بل أظهر، و أما تعليم المسألة فلأنها بدئت بالثناء قبله و الخامس كالثالث و هما كذينك الثالث و الرابع كما لا يخفى «و الرابع عشر و الخامس عشر» سورة المناجاة و سورة التفويض لأن العبد يناجي ربه بقوله إياك نعبد و إياك نستعين» و بالثاني يحصل التفويض «و السادس عشر و السابع عشر و الثامن عشر» الرقية و الشفاء و الشافية و الأحاديث الصحيحة مشعرة بذلك «و التاسع عشر» سورة الصلاة لأنها واجبة أو فريضة فيها و الاستحباب مذهب بعض المجتهدين و رواية عن البعض في النفل، قيل و من أسمائها الصلاة

لحديث‏ «قسمت الصلاة بيني و بين عبدي نصفين»

و أراد السورة و المجاز اللغوي لعلاقة الكلية و الجزئية أو اللزوم حقيقة أو حكما كالمجاز في الحذف محتمل «و العشرون» النور لظهورها بكثرة استعمالها أو لتنويرها القلوب لجلالة قدرها أو لأنها لما اشتملت عليه من المعاني عبارة عن النور بمعنى القرآن «و الحادي و العشرون» القرآن العظيم و هو ظاهر مما قدمناه «و الثاني و العشرون» السبع المثاني لأنها سبع آيات‏ «1» باتفاق و ما رأينا مشاركا لها سوى‏ أَ رَأَيْتَ‏ [الماعون:

1] و القول بأنها ثمان كالقول بأنها تسع شاذ لا يعبأ به أو وهم من الراوي إلا أن منهم من عد التسمية آية دون‏ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ‏ و منهم من عكس و المدار الرواية فلا يوهن الثاني أن وزان الآية لا يناسب وزان فواصل السور على أن في سورة النصر ما هو من هذا الباب، و تثني و تكرر في كل ركعة و صلاة ذات ركوع أو المراد المتعارف الأغلب من الصلاة فلا ترد الركعة الواحدة و لا صلاة الجنازة على أن في البتيراء اختلافا و صلاة الجنازة دعاء لا صلاة حقيقة و قيل وصفت بذلك لأنها تثنى بسورة أخرى أو لأنها نزلت مرتين أو لأنها على قسمين دعاء و ثناء أو لأنها كلما قرأ العبد منها آية ثناه اللّه تعالى بالأخبار عن فعله كما في الحديث المشهور. و قيل غير ذلك، و هذه الأقوال مبنية على أن تكون المثاني من التثنية و يحتمل أن تكون من الثناء لما فيها من الثناء على اللّه تعالى أو لما ورد من الثناء على من يتلوها و أن تكون من الثنيا لأن اللّه تعالى استثناها لهذه الأمة، و الحمد للّه على هذه النعمة، ثم الحكمة في تسوير القرآن سورا كالكتب خلافا للزركشي أن يكون أنشط للقارى‏ء و أبعث على التحصيل كالمسافر إذا قطع ميلا أو فرسخا نفس ذلك منه و نشط للمسير و إذا أخذ الحافظ السورة اعتقد أنه أخذ من كتاب اللّه تعالى طائفة مستقلة فيعظم عنده ما حفظ، و أيضا الجنس إذا انطوى تحته أنواع و أصناف كان أحسن من أن يكون تحته باب واحد مع أن في ذلك تحقيق كون السورة بمجردها معجزة و آية من آيات اللّه تعالى و الحكمة في كونها طوالا و قصارا أظهر من أن تخفى.

(1) و القول بأنها سبع لأن فيها آداب في كل آية أدب بعيد و أبعد منه أنها سميت السبع لأنها خلت عن سبعة أحرف التاء و الجيم و الخاء و الزاي و الشين و الظاء و الهاء و الفاء و ذلك لأن الشي‏ء على المشهور يسمى بما وجد فيه لا بما فقد منه ا ه.

روح المعانى فى تفسير القرآن العظيم، ج‏1، ص: 41

بسم اللّه الرحمن الرحيم فيها أبحاث «البحث الأول» اختلف العلماء فيها هل هي من خواص هذه الأمة أم لا؟ فنقل العلامة أبو بكر التونسي إجماع علماء كل ملة على أن اللّه تعالى افتتح كل كتاب بها و روى السيوطي فيما نقله عنه السرميني و العهدة عليه بسم اللّه الرحمن الرحيم فاتحة كل كتاب، و ذهب هذا الراوي إلى أن البسملة من الخصوصيات لما

روي‏ أنه صلى اللّه تعالى عليه و سلم كان يكتب‏ «1» باسمك اللهم إلى أن نزل بسم اللّه مجراها فأمر بكتابة بسم اللّه حتى نزل‏ قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ‏ [الإسراء: 110] فأمر بكتابة بسم اللّه الرحمن الرحيم إلى أن نزلت آية النمل فأمر بكتابة بسم اللّه الرحمن الرحيم،

و لما اشتهر أن معاني الكتب في القرآن و معانيه في الفاتحة و معانيها في البسملة و معاني البسملة في الباء فلو كانت في الكتب القديمة لأمر من أول الأمر بكتابتها و لكانت معاني القرآن في كل كتاب و اللازم منتف فكذا الملزوم، و فيه أن الأمر بذلك التفصيل لا يستلزم النفي لاحتمال نفي العلم إذ ذاك و لا ضير و أن المختص بالقرآن اللفظ العربي بهذا الترتيب و الكتب السماوية بأسرها خلافا للغيطي غير عربية و ما في القرآن منها مترجم فلربما لهذه الألفاظ مدخل في الاشتمال على جميع المعاني فلا تكون في غير القرآن كما توهمه السرميني و إن كان هناك بسملة على أن في أول الدليلين بظاهره دليلا على عدم الخصوصية «البحث الثاني» و هو من أمهات المسائل حتى أفرده جمع‏ «2» بالتصنيف اختلف الناس في البسملة في غير النمل إذ هي فيها بعض آية بالاتفاق على عشرة أقوال «الأول» أنها ليست آية من السور أصلا «الثاني» أنها آية من جميعها غير براءة «الثالث» أنها آية من الفاتحة دون غيرها «الرابع» أنها بعض آية منها فقط «الخامس» أنها آية فذة أنزلت لبيان رؤوس السور تيمنا للفصل بينها «السادس» أنه يجوز جعلها آية منها و غير آية لتكرر نزولها بالوصفين «السابع» أنها بعض آية من جميع السور «الثامن» أنها آية من الفاتحة و جزء آية من السور «التاسع» عكسه «العاشر» أنها آيات فذة و إن أنزلت مرارا «3» فابن عباس و ابن المبارك و أهل مكة كابن كثير و أهل الكوفة كعاصم و الكسائي و غيرهما سوى حمزة «4» و غالب أصحاب الشافعي و الإمامية على الثاني، و قال بعض الشافعية و حمزة و نسب للإمام أحمد بالثالث و أهل المدينة و منهم مالك، و الشام و منهم الأوزاعي و البصرة و منهم أبو عمرو و يعقوب على الخامس و هو المشهور من مذهبنا و على المرء نصرة مذهبه و الذب عنه و ذلك بإقامة الحجج‏

(1) أي يأمر ا ه منه.

(2) كالإمام أبي بكر بن خزيمة صاحب الصحيح و الحافظ أبي بكر الخطيب و ابن عبد اللّه و غيرهم ا ه منه (و انظر كتاب التوحيد له).

(3) عبارة الشهاب (العاشر) آية فذة إلخ فليتأمل.

صفحه بعد