کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

روح المعانى فى تفسير القرآن العظيم

الجزء الحادي عشر

فهرس المجلد الحادي عشر من روح المعاني

الجزء الثاني عشر

الفهرس

الجزء الثالث عشر

فهرس المجلد الثالث عشر من روح المعاني

الجزء الرابع عشر

فهرس المجلد الرابع عشر من روح المعاني

الجزء الخامس عشر

فهرس المجلد الخامس عشر من روح المعاني

الجزء السادس عشر

الفهارس العامة

فهرس الآيات المفسرة

تفسير سورة البقرة تفسير سورة آل عمران تفسير سورة النساء تفسير سورة المائدة تفسير سورة الأنعام تفسير سورة الأعراف تفسير سورة الأنفال تفسير سورة التوبة تفسير سورة يونس تفسير سورة هود تفسير سورة يوسف تفسير سورة الرعد تفسير سورة إبراهيم تفسير سورة الحجر تفسير سورة النحل تفسير سورة الإسراء تفسير سورة الكهف تفسير سورة مريم تفسير سورة طه تفسير سورة الأنبياء تفسير سورة الحج تفسير سورة المؤمنون تفسير سورة النور تفسير سورة الفرقان تفسير سورة الشعراء تفسير سورة النمل تفسير سورة القصص تفسير سورة العنكبوت تفسير سورة الروم تفسير سورة لقمان تفسير سورة السجدة تفسير سورة الأحزاب تفسير سورة سبأ تفسير سورة فاطر تفسير سورة يس تفسير سورة الصافات تفسير سورة ص تفسير سورة الزمر تفسير سورة المؤمن تفسير سورة فصلت تفسير سورة الشورى تفسير سورة الزخرف تفسير سورة الدخان تفسير سورة الجاثية تفسير سورة الأحقاف تفسير سورة محمد صلى الله عليه و سلم تفسير سورة الفتح تفسير سورة الحجرات تفسير سورة ق تفسير سورة الذاريات تفسير سورة الطور تفسير سورة و النجم تفسير سورة القمر تفسير سورة الرحمن عز و جل تفسير سورة الواقعة تفسير سورة الحديد تفسير سورة المجادلة تفسير سورة الحشر تفسير سورة الممتحنة تفسير سورة الصف تفسير سورة الجمعة تفسير سورة المنافقون تفسير سورة التغابن تفسير سورة الطلاق تفسير سورة التحريم تفسير سورة الملك تفسير سورة القلم تفسير سورة الحاقة تفسير سورة المعارج تفسير سورة نوح تفسير سورة الجن تفسير سورة المزمل تفسير سورة المدثر تفسير سورة القيامة تفسير سورة الإنسان تفسير سورة المرسلات تفسير سورة النبأ تفسير سورة النازعات تفسير سورة عبس تفسير سورة التكوير تفسير سورة الانفطار تفسير سورة المطففين تفسير سورة الانشقاق تفسير سورة البروج تفسير سورة الطارق تفسير سورة الأعلى تفسير سورة الغاشية تفسير سورة الفجر تفسير سورة البلد تفسير سورة الشمس تفسير سورة الليل تفسير سورة الضحى تفسير سورة الشرح تفسير سورة التين تفسير سورة العلق تفسير سورة القدر تفسير سورة البينة تفسير سورة الزلزلة تفسير سورة العاديات تفسير سورة القارعة تفسير سورة التكاثر تفسير سورة العصر تفسير سورة الهمزة تفسير سورة الفيل تفسير سورة قريش تفسير سورة الماعون تفسير سورة الكوثر تفسير سورة الكافرون تفسير سورة النصر تفسير سورة تبت تفسير سورة الإخلاص تفسير سورة الفلق تفسير سورة الناس

فهرس آيات الشواهد

سورة الفاتحة سورة البقرة سورة آل عمران سورة النساء سورة المائدة سورة الأنعام سورة الأعراف سورة الأنفال سورة التوبة سورة يونس سورة هود سورة يوسف سورة الرعد سورة إبراهيم سورة الحجر سورة النحل سورة الإسراء سورة الكهف سورة مريم سورة طه سورة الأنبياء سورة الحج سورة المؤمنون سورة النور سورة الفرقان سورة الشعراء سورة النمل سورة القصص سورة العنكبوت سورة الروم سورة لقمان سورة السجدة سورة الأحزاب سورة سبأ سورة فاطر سورة يس سورة الصافات سورة ص سورة الزمر سورة غافر سورة فصلت سورة الشورى سورة الزخرف سورة الدخان سورة الجاثية سورة الأحقاف سورة محمد سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق سورة الذاريات سورة الطور سورة النجم سورة القمر سورة الرحمن سورة الواقعة سورة الحديد سورة المجادلة سورة الحشر سورة الممتحنة سورة الصف سورة الجمعة سورة المنافقون سورة التغابن سورة الطلاق سورة التحريم سورة الملك سورة القلم سورة الحاقة سورة المعارج سورة نوح سورة الجن سورة المزمل سورة المدثر سورة القيامة سورة النبأ سورة المرسلات سورة الإنسان سورة النازعات سورة عبس سورة التكوير سورة الانفطار سورة المطففين سورة الانشقاق سورة البروج سورة الطارق سورة الأعلى سورة الغاشية سورة الفجر سورة البلد سورة الشمس سورة الليل سورة الضحى سورة الشرح سورة التين سورة العلق سورة القدر سورة البينة سورة الزلزلة سورة العاديات سورة القارعة سورة التكاثر سورة العصر سورة الهمزة سورة الفيل سورة قريش سورة الماعون سورة الكوثر سورة الكافرون سورة النصر سورة المسد سورة الإخلاص سورة الفلق سورة الناس

روح المعانى فى تفسير القرآن العظيم


صفحه قبل

روح المعانى فى تفسير القرآن العظيم، ج‏1، ص: 43

و سلم ذلك فقال له يا رجل قطعت على نفسك الصلاة أما علمت أن بسم اللّه الرحمن الرحيم من الحمد فمن تركها فقد ترك آية منها و من ترك آية منها فقد قطع عليه صلاته فإنه لا صلاة إلا بها فمن ترك آية منها فقد بطلت صلاته»

و

بإسناده عن طلحة بن عبيد اللّه قال «قال رسول اللّه صلى اللّه تعالى عليه و سلم‏ من ترك بسم اللّه الرحمن الرحيم فقد ترك آية من كتاب اللّه».

«الحجة الخامسة» قراءة بسم اللّه الرحمن الرحيم واجبة في أول الفاتحة و إذا كان كذلك وجب أن تكون آية منها بيان الأول‏ اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ‏ [العلق: 1] و لا يجوز أن يقال الباء صلة لأن الأصل أن تكون لكل حرف من كلام اللّه تعالى فائدة و إذا كان الحرف مفيدا كان التقدير اقرأ مفتتحا باسم ربك و ظاهر الأمر الوجوب و لم يثبت في غير القراءة للصلاة فوجب إثباته في القراءة فيها صونا للنص عن التعطيل.

«الحجة السادسة» التسمية مكتوبة بخط القرآن و كل ما ليس من القرآن فإنه غير مكتوب بخط القرآن ألا ترى أنهم منعوا كتابة أسامي السور في المصحف و منعوا من العلامات على الأعشار و الأخماس، و الغرض من ذلك كله أن يمنعوا أن يختلط بالقرآن ما ليس بقرآن فلو لم تكن التسمية من القرآن لما كتبوها بخط القرآن.

«الحجة السابعة» أجمع المسلمون على أن ما بين الدفتين كلام اللّه تعالى و البسملة موجودة بينهما فوجب جعلها منه «الحجة الثامنة» أطبق الأكثرون على أن الفاتحة سبع آيات إلا أن الشافعي قال بسم اللّه الرحمن الرحيم آية و أبو حنيفة قال: إنها ليست آية لكن صراط الذين أنعمت عليهم آية، و سنبين أن قوله مرجوح ضعيف فحينئذ يبقى أن الآيات لا تكون سبعا إلا بجعل البسملة آية تامة منها «الحجة التاسعة» أن نقول قراءة التسمية قبل الفاتحة واجبة فوجب كونها آية منها، بيان الأول أن أبا حنيفة يسلم أن قراءتها أفضل و إذا كان كذلك فالظاهر أنه صلى اللّه تعالى عليه و آله و سلم قرأها فوجب أن يجب علينا قراءتها لقوله تعالى: وَ اتَّبِعُوهُ‏ [الأعراف: 158] و إذا ثبت الوجوب ثبت أنها من السورة لأنه لا قائل بالفرق و

قوله عليه الصلاة و السلام: «كل أمر ذي بال لا يبدأ فيه باسم اللّه فهو أبتر»

و أعظم الأعمال بعد الإيمان الصلاة فقراءة الفاتحة بدون قراءتها توجب كون الصلاة عملا أبتر و لفظه يدل على غاية النقصان و الخلل بدليل أنه ذكر ذما للكافر الشانئ فوجب أن يقال للصلاة الخالية عنها في غاية النقصان و الخلل و كل من أقر بذلك قال بالفساد و هو يدل على أنها من الفاتحة «الحجة العاشرة» ما

روي‏ أن النبي صلى اللّه تعالى عليه و سلم قال لأبيّ بن كعب ما أعظم آية في القرآن؟ قال بسم اللّه الرحمن الرحيم فصدقه النبي في قوله.

وجه الاستدلال أن هذا يدل على أن هذا المقدار آية تامة و معلوم أنها ليست بتامة في النمل فلا بد أن تكون في غيرها و ليس إلا الفاتحة «الحجة الحادية عشرة» عن أنس أن معاوية قدم المدينة فصلى بالناس صلاة جهرية فقرأ أم القرآن و لم يقرأ البسملة فلما قضى صلاته ناداه المهاجرون و الأنصار من كل ناحية أنسيت أين بسم اللّه الرحمن الرحيم حين استفتحت القرآن؟! فأعاد معاوية الصلاة و جهر بها.

«الحجة الثانية عشرة» أن سائر الأنبياء كانوا عند الشروع في أعمال الخير يبتدئون باسم اللّه فقد قال نوح: بسم اللّه مجراها و سليمان بسم اللّه الرحمن الرحيم ألا تعلوا علي فوجب أن يجب على رسولنا ذلك لقوله تعالى: فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ‏ [الأنعام: 90] و إذا ثبت ذلك في حقه صلّى اللّه عليه و سلم ثبت أيضا في حقنا لقوله تعالى: فَاتَّبِعُوهُ* [الأنعام: 153، 155] و إذا ثبت في حقنا ثبت أنها آية من سورة الفاتحة.

«الحجة الثالثة عشرة» أنه تعالى قديم و الغير محدث فوجب بحكم المناسبة العقلية أن يكون ذكره سابقا على ذكر غيره و السبق في الذكر لا يحصل إلا إذا كانت قراءة البسملة سابقة و إذا ثبت أن القول بوجوب هذا التقديم فما رآه‏

روح المعانى فى تفسير القرآن العظيم، ج‏1، ص: 44

المؤمنون حسنا فهو عند اللّه حسن و إذا ثبت وجوب القراءة ثبت أنها آية من الفاتحة لأنه لا قائل بالفرق «الحجة الرابعة عشرة» أنه لا شك أنها من القرآن في سورة النمل ثم إنا نراه مكررا بخط القرآن فوجب أن يكون من القرآن كما أنا لما رأينا قوله تعالى: فَوَيْلٌ يَوْمَئِذٍ لِلْمُكَذِّبِينَ* [من سورة المرسلات‏] فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكُما تُكَذِّبانِ* [من سورة الرحمن‏] مكررا كذلك قلنا إن الكل منه «الحجة الخامسة عشرة»

روي‏ أنه عليه السلام كان يكتب باسمك اللهم الحديث‏

و هو يدل على أن أجزاء هذه الكلمة كلها من القرآن مجموعها منه و هو مثبت فيه فوجب الجزم بأنه من القرآن إذ لو جاز إخراجه مع هذه الموجبات و الشهرة لكان جواز إخراج سائر الآيات أولى و ذلك يوجب الطعن في القرآن العظيم «الحجة السادسة عشرة» قد بينا أنه ثبت بالتواتر أن اللّه تعالى كان ينزل هذه الكلمة على محمد صلى اللّه تعالى عليه و سلم و كان عليه السلام يأمر بكتابتها بخط المصحف فيه و بينا أن حاصل الخلاف في أنه هل تجب قراءته و هل يجوز للمحدث مسه؟ فنقول ثبوت هذه الأحكام أحوط فوجب المصير إليه‏

لقوله صلى اللّه تعالى عليه و سلم‏ «دع ما يرييك إلى ما لا يرييك»

انتهى كلامه و ليس بشي‏ء لأن البعض منه مجاب عنه و البعض لا يقوم حجة علينا لأن الصحيح من مذهبنا أن بسم اللّه الرحمن الرحيم آية مستقلة و هي من القرآن و إن لم تكن من الفاتحة نفسها و قد أوجب الكثير منا قراءتها في الصلاة و ذكر الزيلعي في شرح الكنز أن الأصح أنها واجبة، و ذكر الزاهدي عن المجتبى أن الصحيح أنها واجبة في كل ركعة تجب فيها القراءة و هي الرواية الصحيحة عن أبي حنيفة رضي اللّه تعالى عنه، و قال ابن وهبان في منظومته:

و لو لم يبسمل ساهيا كل ركعة

فيسجد إذ إيجابها قال الأكثر

و في غنية المتملي و هو الأحوط و به أقول خلافا لقاضيخان و صاحب الخلاصة و غيرهم و الحق أحق بالاتباع‏ «1» و القول عن بعض هذا أنه من طغيان القلم غاية الطغيان و نهاية في التعصب من غير إتقان و لنتكلم على ما ذكره هذا العلامة على التفصيل «فنقول» أما ما ذكره في الحجة الأولى من حديث أم سلمة بالوجه الذي رواه مخالف لما في البيضاوي المخالف‏ «2» لما في الكتب الحديثية فيجاب عنه بأن أبا مليكة لم يثبت سماعه عن أم سلمة و بتقديره للمعاصرة يقال: إن هذا اللفظ لم يوجد في المشهور و لعله نقل بالمعنى لبعض الروايات الآتية على حسب ما يلوح له‏

فقد أخرج أبو عبيد و أحمد و أبو داود بلفظ «كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم يقطع قراءته آية آية بسم اللّه الرحمن الرحيم الحمد للّه رب العالمين الرحمن الرحيم، مالك يوم الدين»

و

ابن الأنباري و البيهقي‏ «كان إذا قرأ قطع قراءته آية آية يقول بسم اللّه الرحمن الرحيم ثم يقف ثم يقول الحمد للّه رب العالمين ثم يقف ثم يقول الرحمن الرحيم ثم يقف ثم يقول مالك يوم الدين»

و

ابن خزيمة و الحاكم بلفظ «أن رسول اللّه صلى اللّه تعالى عليه و سلم قرأ في الصلاة بسم اللّه الرحمن الرحيم فعدها آية الحمد للّه رب العالمين اثنين الرحمن الرحيم ثلاث آيات مالك يوم الدين أربع آيات و قال هكذا إياك نعبد و إياك نستعين و جمع خمس أصابعه»

و

الدارقطني بلفظ «كان يقرأ بسم اللّه الرحمن الرحيم الحمد للّه رب العالمين إلى آخرها قطعها آية آية وعدها عد الاعراب وعد بسم اللّه الرحمن الرحيم و لم يعد عَلَيْهِمْ‏

و الرواية الأولى و الثانية يمكن أن يقال عنت بهما بيان كيفية قراءة رسول اللّه صلى اللّه تعالى عليه و سلم لسائر القرآن و ذكرت بعضا منه على سبيل التمثيل و لم تستوعب و ليس فيهما سوى إثبات أنها آية و هو مسلم لكن من القرآن و أما أنها من الفاتحة فلا، و كذا

(1) هذا اعتراض على الشهاب ا ه منه.

(2) اعتراض على البيضاوي ا ه منه.

روح المعانى فى تفسير القرآن العظيم، ج‏1، ص: 45

في الرواية الثالثة إثبات أنه صلى اللّه تعالى عليه و سلم كان يقرؤها في الصلاة و يعدها آية لوقوفه عليها و هو مسلمنا أيضا و هي الآية الأولى من القرآن و الآية الثانية منه‏ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ‏ و هكذا إلى الخامسة و جمعت الأصابع و انقطع الكلام و أما الرواية الرابعة فليست نصا أيضا في أن البسملة آية من الفاتحة إذ يحتمل أن يكون المعنى كان صلى اللّه تعالى عليه و سلم يقرأ في بعض الأوقات في الصلاة أو غيرها و لا دوام لا وضعا و لا استعمالا من كتاب اللّه تعالى: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ‏ إلى آخرها أي الآيات قطعها آية آية و لم يوصل بعضها ببعض وعدها عد الاعراب واحدة واحدة و عد بسم اللّه الرحمن الرحيم و لم يسقطها لوجوبها في الصلاة و للاعتناء بها في غيرها لما فيها من عظائم الأسرار و دقائق الأفكار، و من هذا أوجب الكثير من علمائنا سجود السهو على من تركها و قد أزال صلى اللّه تعالى عليه و سلم بذلك ظن أنها ليست من القرآن لاستعمالها في أوائل الرسائل و مبادئ الشؤون و لم يعد صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ‏ و لم يقف عليها بل وصل صلى اللّه تعالى عليه و سلم تلك المرة لبيان الجواز و عدم تخيل شي‏ء ينافي كونها آية بل هناك ما يشعر به فإن تقارب الآي في الطول و القصر كتقارب الفقرات شي‏ء مرغوب فيه و عدم التشابه في المقاطع لا يضر فأين أفواجا من الفتح‏ «1» فلزوم الرعاية غير لازم و كون الموصوف في آية و الصفة في آية أخرى مسبوق بالمثل و سابق على الأمثال و من أنعم اللّه تعالى عليه و عرف الذين‏ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ‏ وجده تاما وعد توقفه على الشرط المفهوم من‏ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ‏ كلاما ناقصا و على هذا لم يثبت في هذه الرواية سوى أن البسملة آية من القرآن و هو مسلم عند الطرفين و أما إنها من الفاتحة فدونه خرط القتاد.

«و أما» ما ذكره في الحجة الثانية من حديث أبي هريرة فقد أخرجه الطبراني و ابن مردويه و البيهقي بلفظ «الحمد للّه رب العالمين سبع آيات بسم اللّه الرحمن الرحيم» إحداهن و في السبع المثاني و القرآن العظيم و هي أم القرآن و هي فاتحة الكتاب» و أخرجه الدارقطني بلفظ «إذا قرأتم الحمد فاقرؤوا بسم اللّه الرحمن الرحيم إنها أم القرآن و أم الكتاب و السبع المثاني و بسم اللّه الرحمن الرحيم إحدى آياتها» و معنى الرواية الأولى الحمد للّه رب العالمين إلى آخر الآيات سبع آيات، و به قال الحنفيون، و لما لاحظ صلى اللّه تعالى عليه و سلم توهم السامعين من عدم التعرض للبسملة مع تلك الشبهة السالفة كونها ليست بآية من القرآن أزال هذا التوهم بوجه بليغ فقال بسم اللّه الرحمن الرحيم إحداهن أي مثل إحداهن في كونها آية من القرآن و معنى الثانية إذا أردتم قراءة الحمد إلى آخر ما يليه فاقرؤوا قبله بسم اللّه الرحمن الرحيم إنها- أي الحمد- إلى الآخر أم القرآن و أم الكتاب و السبع المثاني. و هذا كالتعليل أو الترغيب بقراءة الحمد للّه رب العالمين إلى آخرها و قوله و بسم اللّه الرحمن الرحيم إحدى آياتها على حد ما ذكر في معنى الرواية الأولى و هو كالتعليل أو الترغيب أيضا في قراءة البسملة و ما ذكرناه و إن كان فيه ارتكاب مجاز لكن دعانا إليه إجراء صدر الكلام على حقيقته و إن أجري هذا على ظاهره فلابد من ارتكاب المجاز في الصدر كما لا يخفى و هو ارتكاب خلاف الأصل قبل الحاجة إليه «و أما» ما ذكره في الحجة الثالثة فليس سوى إثبات أن التسمية من القرآن كما أقرّ هو به و لسنا ممن نخالفه فيه «و أما» ما ذكره في الرابعة فالحديث الأول و الثاني و الثالث و السادس مع ضعفه و الثامن لا تدل على المقصود و نحن نقول بما تدل عليه، و الرابع موقوف على ابن عباس و لا نسلم أن حكمه الرفع لجواز الاجتهاد و إن قلنا إن الصحيح أن الآية إنما تعلم بتوقيف من الشارع كمعرفة السورة مثلا و لذلك عدوا «الم» آية حيث وقعت و لم يعدوا «المر» لأنا لم نقل إنها جزء آية و اجتهد فجعلها آية بل قلنا إنها آية مستقلة من القرآن و اجتهد و جعلها آية من الفاتحة أو

(1) رد على الرازي في ثلاثة مواضع ا ه منه.

روح المعانى فى تفسير القرآن العظيم، ج‏1، ص: 46

نقول إنه قال ذلك أيضا عن توقيف لكن على ظنه و اجتهاده أنه توقيف، و الخامس لي شك في صحته بهذا اللفظ و لعله باللفظ الذي خرجه به الدارقطني و قد سلف بتقريره و ليس لي اعتماد على الفخر في الأحاديث و ليس من حفاظها و أراه إذا نقل بالمعنى غير و ليس عندي تفسير الثعلبي لأراه فإن النقل منه، و السابع لا تلوح عليه طلاوة كلام رسول اللّه صلى اللّه تعالى عليه و سلم و لا فصاحته و هو أفصح من نطق بالضاد بل من مارس الأحاديث جزم بوضع هذا و لعمري لو كان صحيحا لاكتفى به الشافعية أو لقدموه على سائر أدلتهم و يا ليته ذكر إسناده لنراه «و أما» الحجة الخامسة ففيها أنا لا نسلم أن وجوبها في أول الفاتحة مستلزم لكونها آية منها و استدلاله في هذا المقام بقوله «اقرأ باسم ربك» واه جدا من وجوه أظهر من الشمس فلا نتعب البنان ببيانها «و أما» الحجة السادسة فهو أقوى ما يستدل به على كون البسملة من القرآن و أما على أنها من الفاتحة فلا، و تعرض نفاة كونها قرآنا للتكلم في هذا الدليل مما لا يرضاه الطبع السليم، و الذهن المستقيم، و الإنصاف نصف الدين، و الانقياد للحق من أخلاق المؤمنين «و أما» الحجة السابعة فلنا لا علينا كما لا يخفى «و أما» الحجة الثامنة فدون إثبات مدارها- و هو توهين كلام مولانا أبي حنيفة رحمه اللّه تعالى- جبال راسيات. «و أما» الحجة التاسعة فهي كالحجة الخامسة حذو القذة بالقذة و استدلاله‏

بقوله صلّى اللّه عليه و سلم‏ «كل أمر ذي بال» إلخ‏

ليس بشي‏ء لأن الفاتحة جزء من الصلاة المفتتحة بالتكبير المقارن للنية الذي هو ركن منها فحيث لم تفتتح بالبسملة عدت بتراء فبطلت و كذا الركوع و السجود الذي أقرب ما يكون العبد فيه إلى ربه كل منهما أمر ذو بال فإذا لم يفتتح بالبسملة كان أبتر باطلا فحسن الظن بديانة العلامة و علمه أنه كان يبسمل أول صلاته و عند ركوعه و سجوده و سائر انتقالاته رحمة اللّه تعالى عليه «و أما» الحجة العاشرة فلا تقوم علينا لأنا أعلمناك بمذهبنا «و أما» الحجة الحادية عشرة فقصارى ما تدل عليه ظاهرا بعد تسليمها أن معاوية لما لم يقرأ البسملة و ترك الواجب و لم يسجد للسهو أعاد الصلاة لتقع سليمة من الخلل و لهذا أمهلوه إلى أن فرغ ليروا أ يجبر الخلل بسجود السهو أم لا و اعتراضهم عليه بترك واجب يجبر بالسجود ليس أغرب من اعتراضهم عليه في تلك الصلاة أيضا بترك هيئة حيث روى الشافعي نفسه كما نقله الفخر نفسه أن معاوية قدم المدينة فصلى بهم و لم يقرأ بسم اللّه الرحمن الرحيم و لم يكبر عند الخفض إلى الركوع و السجود فلما سلم ناداه المهاجرون و الأنصار يا معاوية سرقت من الصلاة أين بسم اللّه الرحمن الرحيم و أين التكبير عند الرجوع و السجود ثم إنه أعاد الصلاة مع التسمية و التكبير و هذا لا يضرنا، نعم يبقى الجهر و البحث عنه مخفي الآن «و أما» الحجة الثانية عشرة ففيها كما تقدم أن الوجوب لا يستلزم الجزئية على أن قوله أن سائر الأنبياء يبتدئون عند الشروع بأعمال الخير بذكر اللّه فوجب أن يجب على رسولنا ذلك إلخ و استدل على الوجوب عليه إذ وجب عليهم عليهم السلام بقوله تعالى: أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ‏ لا أدري ما أقول فيه سوى أنه جهل بالتفسير و عدم اطلاع على أخبار البشير النذير «و أما» الحجة الثالثة عشرة فلا تجديه نفعا في مقابلتنا أيضا و فيها ما في أخواتها «و أما» الحجج الباقية فككثير من الماضية لا تنفع في البحث معنا إلا بتسويد القرطاس و تضييع نفائس الأنفاس على أن بعض ما ذكره معارض بما

أخرج مسلم و غيره من حديث أبي هريرة رضي اللّه تعالى عنه قال: «سمعت رسول اللّه صلى اللّه تعالى عليه و سلم يقول‏ قال اللّه تعالى قسمت الصلاة بيني و بين عبدي نصفين و لعبدي ما سأل فإذا قال: العبد الحمد للّه رب العالمين قال اللّه تعالى حمدني عبدي و إذا قال الرحمن الرحيم قال أثنى عليّ عبدي و إذا قال مالك يوم الدين قال اللّه تعالى مجدني عبدي و إذا قال إياك نعبد و إياك نستعين قال اللّه تعالى هذا بيني و بين عبدي و لعبدي ما سأل فإذا قال‏ اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لَا الضَّالِّينَ‏ قال هذا لعبدي و لعبدي ما سأل»

و هذا يدل على أن البسملة ليست من الفاتحة و أنها سبع بدونها حيث جعل الوسطى إياك نعبد و إياك نستعين و الثلاث قبلها للّه تعالى و الثلاث بعدها للعبد و ليس فيه نفي أنها من القرآن، و لا شك أن هذه الرواية

روح المعانى فى تفسير القرآن العظيم، ج‏1، ص: 47

أصح من رواية الثعلبي و لا أقدم ثعلبيا على مسلم، و كذا من رواية السجستاني و متى خالف الراوي الثقة من هو أوثق منه بزيادة أو نقص فحديثه شاذ و ليس هذا من باب النفي و الإثبات‏ «1» كما ظنه من ليس له في هذا الفن رسوخ و لا ثبات‏ «2» و حمل النصف فيه على النصف في المعنى أو الصنف من عدم الإنصاف إذ ذاك مجاز و لا حاجة إليه و لا قرينة عليه و جعله حقيقة لكن باعتبار الدعاء و الثناء يكذبه العد و القول بأن مدار الرواية العلاء و قد ضعفه ابن معين فهو على جلالة الرجل‏ «3» لا يسمن و لا يغني من جوع لأن الموثق كثير و تقديم الجرح على التعديل ليس بالمطلق‏ «4» بل إن لم يكثر المعدلون جدا و قد كثروا هنا «5» و كون التقسيم لما يخص الفاتحة و البسملة مشتركة مع كونه خلاف الظاهر لا تقتضيه الحكمة إذ هي عند الخصم أشرف الأجزاء «6» و كون المراد بعض قراءة الصلاة إذ الظاهر لا يمكن أن يراد لوجود الأعمال و ضم السورة و يتحقق البعض بهذا البعض ليس بشي‏ء إذ اللائق أن يكون البعض مستقلا بمبدأ و مقطع و الثاني موجود و الأول على قولنا و أيضا الفاتحة سورة كالكوثر و الملك و قد نص صلى اللّه تعالى عليه و سلم فيما رواه أبو هريرة عنه بأن الأولى ثلاث آيات و الثانية ثلاثون و وقفهم عليها و لم يعد البسملة و لو عدها مستقلة لزاد العدد أو جزءا لو رد، و على المثبت البيان و أنى هو، على أنه يرد على الثاني استلزامه للتحكم بدعوى الاستقلال في الفاتحة و البعضية في غيرها «7» و قول الرازي هذا غير بعيد فالحمد للّه رب العالمين آية تارة و جزء آية أخرى كما في‏ وَ آخِرُ دَعْواهُمْ‏ [يونس: 10] الآية بعيد بل قياس باطل لوجود المقتضي للجزئية هناك و انتفائه هنا و أيضا نزل الكثير من السور بلا بسملة ثم ضمت بعد، و حديث الصحيح في بدء الوحي يبدي صحة ما قلنا و هذا يبعد كونها آية من السورة أو جزء آية و كونها لم تنزل بعد يبعد الثاني إن لم يبعد الأول و حديث أنها أول ما نزلت ليس بالقوي بل الثابت و يشكل عليه ما

روي‏ أنه صلّى اللّه عليه و سلم كان يكتب باسمك اللهم إلخ‏

على أن الأولية إن سلمت و سلمت لا تضرنا، و بالجملة يكاد أن يكون اعتقاد عدم كون البسملة جزءا من سورة من الفطريات كما لا يخفى على من سلم له وجدانه فهي آية من القرآن مستقلة «8» و لا ينبغي لمن وقف على الأحاديث أن يتوقف في قرآنيتها أو ينكر وجوب قراءتها و يقول بسنيتها فو اللّه لو ملئت لي الأرض ذهبا لا أذهب إلى هذا القول و إن أمكنني- و الفضل للّه تعالى- توجيهه كيف و كتب الأحاديث ملأى‏

(1) اعتراض على الرازي ا ه منه.

(2) اعتراض على الرازي أيضا ا ه منه.

(3) رد على ما في الشهاب ا ه منه.

(4) قاله السبكي و غيره ا ه منه.

(5) رد على ما في الشهاب أيضا ا ه منه.

(6) رد على العز بن عبد السلام ا ه منه.

(7) رد على الرازي ا ه منه.

(8) استشكل بعضهم الإثبات و النفي فإن القرآن لا يثبت بالظن و ينفى به و هو إشكال كالجبل العظيم، و أجيب عنه أن حكم البسملة في ذلك حكم الحروف المختلف فيها بين القراء السبعة فتكون قطعية الإثبات و النفي معا و لهذا قرأ بعض السبعة بإثباتها و بعضهم بإسقاطها و إن اجتمعت المصاحف على الإثبات فإن من القراءات ما جاء على خلاف خطها كالصراط و مصيطر فإنهما قرئا بالسين و لم يكتبا إلا بالصاد و ما هو على الغيب بضنين تقرأ بالظاء و لم تكتب إلا بالضاد ففي البسملة التخيير و تتحتم قراءتها في الفاتحة عند الشافعي احتياطا و خروجا عن عهدة الصلاة الواجبة بيقين لتوقف صحتها على ما سماه الشرع فاتحة الكتاب فافهم و اللّه تعالى أعلم بالصواب ا ه منه.

روح المعانى فى تفسير القرآن العظيم، ج‏1، ص: 48

بما يدل على خلافه و هو الذي صح عندي عن الإمام‏ «1» و القول بأنه لم ينص بشي‏ء ليس بشي‏ء و كيف لا ينص إلى آخر عمره في مثل هذا الأمر الخطير الدائر عليه أمر الصلاة من صحتها أو استكمالها و يمكن أن يناط به بعض الأحكام الشرعية و أمور الديانات كالطلاق و الحلف و التعليق و هو الإمام الأعظم و المجتهد الأقدم رضي اللّه تعالى عنه و الإخفاء بها في الجهرية لا يدل على السنية فإن القول بوجوبها لا ينافي إخفاءها اتباعا لرسول اللّه صلى اللّه تعالى عليه و سلم‏

فعن ابن عباس‏ لم يجهر النبي صلى اللّه تعالى عليه و سلم بالبسملة حتى مات،

و روى مسلم عن أنس «صليت خلف النبي صلى اللّه تعالى عليه و سلم و أبي بكر و عمر و عثمان فلم أسمع منهم أحدا يقرأ بسم اللّه الرحمن الرحيم و لم يرد نفي القراءات بل سماعها للإخفاء بدليل ما صرح به عنه فكانوا لا يجهرون ببسم اللّه الرحمن الرحيم» رواه أحمد و النسائي بإسناد على شرط الشيخين، و

روى الطبراني بإسناد عنه‏ «أن رسول اللّه صلى اللّه تعالى عليه و سلم كان يسر ببسم اللّه الرحمن الرحيم و أبا بكر و عمر و عثمان و عليا رضي اللّه تعالى عنهم»

و

روي عن عبد اللّه بن المغفل و لا نسلم ضعفه أنه قال: سمعني أبي و أنا أقول بسم اللّه الرحمن الرحيم فقال: أي بني إياك و الحدث في الإسلام فقد صليت خلف رسول اللّه صلى اللّه تعالى عليه و سلم و خلف أبي بكر و عمر و عثمان فابتدؤوا القراءة بالحمد للّه رب العالمين فإذا صليت فقل الحمد للّه رب العالمين‏

اي اجهر بها و أخف البسملة و هو مذهب الثوري و ابن المبارك و ابن مسعود و ابن الزبير و عمار بن ياسر و الحسن بن أبي الحسين و الشعبي و النخعي و قتادة و عمر بن عبد العزيز و الأعمش و الزهري و مجاهد و أحمد و غيرهم خلق كثير و أحاديث الجهر لم يصح منها سوى‏

حديث ابن عباس الذي أخرجه الشافعي عنه‏ كان رسول اللّه صلى اللّه تعالى عليه و سلم يجهر ببسم اللّه الرحمن الرحيم‏

و هو معارض بما تقدم عنه أو محمول على أنه كان يجهر بها أحيانا لبيان أنه تقرأ فيها كل جهر عمر رضي اللّه تعالى عنه بالثناء للتعليم و كما شرع الجهر بالتكبير للإعلام و حتى مات هناك قيد للمنفي لا للنفي فلا يتنافيان على أنه روي عن بعض الحفاظ ليس حديث صريح في الجهر إلا و في إسناده مقال. و عن الدارقطني أنه صنف كتابا في الجهر فأقسم عليه بعض المالكية ليعرفه الصحيح فقال: لم يصح في الجهر حديث و القول‏ «2» بأن الرواية عن أنس ست متعارضة فتارة يروى عنه الجهر و أخرى الإخفاء للخوف من بني أمية المخالفين لعلي كرم اللّه تعالى وجهه إذ مذهبه الجهر لا يضرنا إذ يقدم عند التعارض الأقوى إسنادا و هو هنا ما يوافقنا إذ هو على شرط الشيخين، و تهمة الراوي المخالف بالكذب على أنس أهون عندي من تهمة أنس صاحب رسول اللّه صلى اللّه تعالى عليه و سلم بالكذب على رسول اللّه صلى اللّه تعالى عليه و سلم و مقدمي أصحابه.

«و من عجائب الرازي» كيف يبدي احتمال التهمة و يروي اعتراض أهل المدينة على سيد ملوك بني أمية بذلك اللفظ الشنيع و المحل الرفيع فهلا خافوا و سكتوا و صافوا، و الأعجب من هذا أنه ذكر ست حجج لإثبات الجهر هي أخفى من العدم «الأولى» أن البسملة من السورة فحكمها حكمها سرا و جهرا و كون البعض سريا و البعض جهريا مفقود و يرده ما علمته في الردود و بفرض تسليم أنها من السورة أي مانع من إسرار البعض و الجهر بالبعض و قد فعله رسول اللّه صلى اللّه تعالى عليه و سلم‏ فَاتَّبِعُوهُ* [الأنعام: 153، 155] و لعل السر فيه كالسر في الجهر و الإخفاء في ركعات صلاة واحدة، أو يقال: إن حال المنزل عليه القرآن كان خلوة أولا و جلوة ثانيا فناسب حاله حاله بل إذا تأملت قوله‏

(1) رد على البيضاوي ا ه منه.

(2) رد للرازي ا ه منه.

روح المعانى فى تفسير القرآن العظيم، ج‏1، ص: 49

تعالى في الحديث القدسي الثابت عند أهل اللّه‏

«كنت كنزا مخفيا» إلخ‏

ظهر لك سر أعظم‏ «1» فرضي اللّه تعالى عن المجتهد الأقدم «الثانية» أنها ثناء و تعظيم فوجب الإعلان بها لقوله تعالى‏ فَاذْكُرُوا اللَّهَ كَذِكْرِكُمْ آباءَكُمْ أَوْ أَشَدَّ ذِكْراً [البقرة: 200] و يرده أن غالب مشتملات الصلاة كذلك أ فيجهر بها.

«الثالثة» أن الجهر بذكر اللّه يدل على الافتخار به و عدم المبالاة بمنكره و هو مستحسن عقلا فيكون كذلك شرعا و لا يخفى إلا ما فيه عيب ثم قال و هذه الحجة قوية في نفسي راسخة في عقلي لا تزول البتة بسبب كلمات المخالفين و يرده ما رد سابقه و قد يخفى الشريف.

ليس الخمول بعار

على امرئ ذي جلال‏

فليلة القدر تخفى‏

و تلك خير الليالي‏

و يا ليت شعري أ كان تسبيحه اللّه تعالى في ركوعه و سجوده معيبا فيخفيه أو جيدا فيجهر به و يبديه و لا أظن بالرجل إلا خيرا فإن الحجة قوية في نفسه راسخة في عقله «الرابعة» ما أخرجه الشافعي عن أنس «أن معاوية صلى بأهل المدينة و لم يقرأ بسم اللّه الرحمن الرحيم فاعترض عليه المهاجرون و الأنصار فأعاد الحديث بمعناه و يرده معارضوه أو يقال لم يقرأ على ظاهره و علموا ذلك ببعض القرائن و ما راء كمن سمعا «الخامسة» ما

روى البيهقي عن أبي هريرة كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم يجهر في الصلاة ببسم اللّه الرحمن الرحيم‏ و هو المروي عن عمر و ابنه و ابن عباس و ابن الزبير،

و أما علي‏

فقد تواتر عنه‏ و من اقتدى في دينه بعلي فقد اهتدى‏

و يرده المعارض و بتقدير نفيه يقال: إن الجهر كان أحيانا لغرض و في الأخبار التي ذكرناها ما يعارض أيضا نسبته إلى عمر و علي و ابن عباس و ما زعم من تواتر نسبته إلى علي ممنوع عند أهل السنة، نعم ادعته الشيعة فذهبوا إلى الجهر في السرية و الجهرية و لو عمل أحد بجميع ما يزعمون تواتره عن الأمير كفر فليس إلا الإيمان ببعض و الكفر ببعض و ما ذكره من أن‏

من اقتدى في دينه بعلي فقد اهتدى‏

مسلم لكن إن سلم لنا خبر ما كان عليه عليّ رضي اللّه تعالى عنه و دونه مهامه فيح على أن الشائع عند أهل السنة تقديم ما عليه الشيخان و إذا اختلفا فما عليه الصديق حيث إن النبي صلّى اللّه عليه و سلم ترقى في التخصيص إليه فقال أولا

«أصحابي كالنجوم بأيهم اقتديتم اهتديتم»

و ثانيا

«عليكم بسنتي و سنة الخلفاء الراشدين المهديين بعدي»

و ثالثا

«اقتدوا باللذين من بعدي أبي بكر و عمر»

و رابعا

«إن لم تجديني فأتي أبا بكر

«السادسة» أنها متعلقة بفعل مضمر نحو بإعانة بسم اللّه اشرعوا و لا شك أن استماع هذه الكلمة ينبه العقل على أنه لا حول عن معصية اللّه إلا بعصمة اللّه و لا قوة على طاعة اللّه إلا بتوفيق اللّه و ينبهه على أنه لا يتم شي‏ء من الخيرات إلا إذا وقع الابتداء فيه بذكر اللّه تعالى و بإظهارها أمر بمعروف و يرده مع ركاكة هذا التقدير و عدم قائل به أن انفهام الأمر بالمعروف من هذه الجملة يحتاج إلى فكر لو صرف عشر معشاره في قوله تعالى‏ إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ‏ لحصل ضعف أضعافه من دون غائلة كثيرة فيغني عنه ثم إنه رحمه اللّه تعالى ذكر كلاما لا ينفع إلا في تكثير السواد و إرهاب ضعفاء الطلبة بجيوش المداد.

«البحث الثالث في معناها» فالباء إما للاستعانة أو المصاحبة أو الإلصاق أو الاستعلاء أو زائدة أو قسمية و الأربعة الأخيرة ليست بشي‏ء و إن استؤنس لبعض ببعض الآيات و اختلف في الأرجح من الأولين فالذي يشعر به كلام البيضاوي أرجحية الأول و أيد بأن جعله للاستعانة يشعر بأن له زيادة مدخل في الفعل حتى كأنه لا يتأتى و لا يوجد

صفحه بعد