کتابخانه تفاسیر
زهرة التفاسير، ج1، ص: 215
اهل
[سورة البقرة (2): الآيات 44 الى 48]
هذا خطاب لبنى إسرائيل فى أمر يفعله علماؤهم، و يرضى به سائرهم، فيلامون جميعا عليه، و هو خطة يسير عليها أسلافهم، و يرضى عنها أخلافهم، فصح أن يخاطب بها جميعهم، إذ هو عيب فيهم سلفا و خلفا، و هو عيب الناس إذا ضعف وازع الدين، و غلب عليهم حب الدنيا، و هو أن يأمروا الناس بالحقائق الدينية، و يدعونهم إليها، و لا يأخذون بهديها، و تلك إحدى صفات النفاق، و هى شأن الذين يلبسون الحق بالباطل، و يكتمون ما أنزل الله تعالى، فيكون قولهم مخالفا لفعلهم كَبُرَ مَقْتاً عِنْدَ اللَّهِ أَنْ تَقُولُوا ما لا تَفْعَلُونَ (3) [الصف].
كان أحبار اليهود فى كل أدوارهم عندما صار التدين شكلا لا روح فيه، و مظهرا لا حقيقة له كانوا يذكرون للناس حقائق دينية، لا يعملون بها، و يعلنون أمورا فى نجواهم ينكرونها فى جهرهم، فكانوا يقررون أن أوصاف النبى صلى اللّه عليه و سلم فى كتبهم، و ينكرونها أمام النبى صلى اللّه عليه و سلم و أصحابه لكيلا يحاجوهم بها عند ربهم، و كأنه سبحانه و تعالى لا يعلم خفى أمرهم.
و لذا خاطبهم الله سبحانه و تعالى مستنكرا تلك الحال فيهم؛ لأن من فعلها منهم لم ينكرها سائرهم، و الاستفهام هنا إنكارى لإنكار الواقع، أى أنه كان منهم،
زهرة التفاسير، ج1، ص: 216
و يستنكره الله تعالى عليهم، و إنكار الواقع توبيخ، و بيان أنه لا يصح، و لا ينبغى أن يكون، و البر هو الخير، و هو ضد الإثم، و النبى صلى اللّه عليه و سلم عرف الإثم بأنه «ما حاك فى صدرك و كرهت أن يطلع عليه الناس» «1» .
و النص استنكار لحالهم من أنهم يأمرون الناس بالخير، و ينسون أنفسهم، أى يتركونها من غير توجيه إليه، و يكونون بمنزلة من ينسونها، و لا يفكرون فى أمرها، مع أن دواعى التذكير و التفكر فى ذات أنفسهم قائمة لأنهم يتلون الكتاب؛ و لذلك قال تعالى فى هذا النص السامى: وَ أَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتابَ أى و أنتم تجددون تلاوته آنا بعد آن، فالاستنكار للحال التى يجتمع فيها الأمر بالخير و الحث عليه مع ترك أنفسهم لا تفعلها، و كأنهم نسوها و لم يذكروها، و المذكر دائم مستمر، و ليس الاستنكار للبر مجردا عما لابسه من حالهم، لأن الأمر بالبر فى ذاته ليس بمستنكر، و لا يمكن أن يكون مستنكرا؛ لأنه دعوة إلى الحق، و لا تنكر الدعوة إلى الحق فى ذاتها.
و إن حالهم من دعوة إلى الحق مع نسيان أنفسهم، و تركه مع استمرار التذكير به، و كان ينبغى مع التذكير التذكر- لا يغفله الذين يفكرون و يعملون عقولهم؛ و لذا قال سبحانه: أَ فَلا تَعْقِلُونَ و الاستفهام هنا للتنبيه إلى مناقضة حالهم للعقل المدرك.
و العقل مصدر عقل بمعنى منع، ثم أطلق على ما يكون به الإدراك السليم لأنه يمنعه من القبيح، و يعقله و يقصره على الجميل، و معنى الاستفهام، أن حالهم هى حال من لا عقل له و لا إدراك، و (ألا) هنا- كما ذكرنا- للاستفهام و التنبيه إلى نفى ما وراءه، و الفاء فاء السببية أى بسبب هذه الحال يحكم عليهم بأنهم لا يعقلون، و أخرت الفاء عن الهمزة لأن الاستفهام له الصدارة، فهى مؤخرة عن تقديم.
(1) رواه مسلم: كتاب البر و الصلة (4632)، و أحمد: مسند الشاميين (16973). من حديث نواس بن سمعان الكلابى الأنصارى. و بنحوه رواه الترمذى و الدارمى.
زهرة التفاسير، ج1، ص: 217
و قد أشرنا إلى أن المستنكر هو الحال المجتمعة من دعوة إلى الخير و عدم العمل مع التذكير الدائم، أما الأمر نفسه فلا إنكار فيه، و قد تكلم الناس فى أن من وقع فى المعاصى أيجوز له أن ينهى عنها و يأمر بالمعروف و ينهى عن المنكر، أم يطهر نفسه من المعاصى، ثم يتولى الإرشاد؟
إن الحق أن الأمر بالمعروف و النهى عن المنكر واجب بنفسه، تركه معصية كغيره، و وقوعه فى معاص غيره لا يسوغ له أن يتركه، فيقع فى معصية الترك، نعم إن الموعظة نصابها الألفاظ، كما قال الغزالى فى إحدى رسائله، و لكن الموعظة فى ذاتها لا تحتاج إلى نصاب، و قد قال سعيد بن جبير التابعى، الشهيد فى الحق الآمر بالمعروف: إذا كان الأمر بالمعروف و النهى عن المنكر لا يكون ممن يقع فى معصية، فلن يكون هناك داع إلى الخير. و لكن مع ذلك يجب أن يروض المؤمن نفسه دائما على ألا ينهى عن أمر يقع هو فيه، فيمتنع عن النهى عن المنكر، و لكن يمتنع عن أن يقع فيما نهى عنه، كما حكى الله عن نبيه شعيب عليه السلام: وَ ما أُرِيدُ أَنْ أُخالِفَكُمْ إِلى ما أَنْهاكُمْ عَنْهُ إِنْ أُرِيدُ إِلَّا الْإِصْلاحَ مَا اسْتَطَعْتُ وَ ما تَوْفِيقِي إِلَّا بِاللَّهِ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَ إِلَيْهِ أُنِيبُ (88) [هود].
و إن الواعظ الذى لم يكن يتعظ بوعظه يحاسب على إهماله بأكثر مما يحاسب عليه غيره، و يحاسب أشد من كان يعلم الحق و لا ينطق به، فيحرم الموعظة و الاتعاظ و يحاسب من بعد حسابا عسيرا، و لقد روى عن رسول الله صلى اللّه عليه و سلم: «إن الله يعافى الأميين يوم القيامة ما لا يعافى العلماء» «1» و روى: أنه «يغفر للجاهل سبعين حين يغفر للعالم مرة واحدة، ليس من يعلم كمن لا يعلم» «2» .
(1) رواه أبو نعيم فى الحلية، من حديث عبد الله بن أحمد بن حنبل عن أبيه عن سيار بن حاتم بن جعفر بن سليمان الضبى عن ثابت عن أنس، «و الضياء» المقدسى فى المختارة من هذا الطريق «عن أنس» بن مالك.
(2) الترغيب و الترهيب- الترهيب من أن يعلم و لا يعمل بعلمه ج 1 ص 72 ..
زهرة التفاسير، ج1، ص: 218
هذه عيوب من يأمرون بالخير، و لا يأتمرون به و من ينهون عن الشر، و لا ينتهون عنه، و لكن كيف تربى النفس على أن تكون متعظة قبل أن تعظ؟ ذكر الله سبحانه و تعالى الدواء؛ و هو الصبر، و الصلاة، فقال تعالى: وَ اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَ الصَّلاةِ . الاستعانة طلب العون، و المساعدة، و فى استعمال القرآن أنها إذا كانت للمعين تعدت بغير باء، كقوله تعالى: وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) [الفاتحة] و فى الدعاء «اللهم إنا نستعينك و نستهديك و نستغفرك و نتوب إليك»، و إذا كانت الاستعانة بما تكون به الإعانة كانت بالباء، فيقال نستعين بكذا لفعل كذا، و هكذا نجد بالاستقراء استعمال القرآن.
و هنا الاستعانة بشىء و لذا تعدت بالباء فقال تعالى:
وَ اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَ الصَّلاةِ أى استعينوا على تربية نفوسكم لتكون متعظة فاعلة الخير، آمرة به و لا يتجافى فعلها عن قولها. بِالصَّبْرِ وَ الصَّلاةِ و الصبر ضبط النفس و سيطرة الإرادة، على الهوى، و سيطرة العقل على الشهوة، فإنه إذا سيطرت الإرادة و العقل و الفكر المستقيم انقمعت الشهوات، و إذا انقمعت استقامت النفس، و كان التنسيق بين القول و العمل، و قذف الله فى القلب بنور الحكمة، و القول الطيب، و العمل، و كل ما فى الحياة يحتاج إلى الصبر، فالجهاد قوته فى الصبر، و كما قال النبى صلى اللّه عليه و سلم: «إنما الصبر عند الصدمة الأولى» «1» ، و نقص الأموال و الأنفس و الثمرات إنما يكون بالصبر. كما قال تعالى: وَ لَنَبْلُوَنَّكُمْ بِشَيْءٍ مِنَ الْخَوْفِ وَ الْجُوعِ وَ نَقْصٍ مِنَ الْأَمْوالِ وَ الْأَنْفُسِ وَ الثَّمَراتِ وَ بَشِّرِ الصَّابِرِينَ (155) الَّذِينَ إِذا أَصابَتْهُمْ مُصِيبَةٌ قالُوا إِنَّا لِلَّهِ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ (156) [البقرة].
و يقول الفاروق الإمام عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه: الصبر صبران صبر على المصيبة، و هو حسن، و صبر عن المعاصى و هو أحسن «2» . فالصبر على المعاصى، هو السيطرة على الأهواء و الشهوات، و هو تهذيب النفس و تقويمها.
(1) متفق عليه؛ أخرجه البخارى: الجنائز (1203). مسلم: الجنائز (1534).
(2) رواه ابن أبى حاتم. [جامع الأحاديث و المراسيل (2188) مسند عمر بن الخطاب ج 14 ص 91].
زهرة التفاسير، ج1، ص: 219
هذه كلمات موجزات فى الصبر، و هو طريق السيطرة على النفس؛ و لذا أمرنا الله تعالى بالاستعانة به.
أما الصلاة فإنها بما اشتملت عليه من ركوع و سجود و قراءة، و خشوع، و استحضار لعظمة الله تعالى و إحساس بأنه فى حضرته و واقف بين يديه سبحانه و تعالى تنفعل نفسه فى وجودها بحضرته، بأوامره، و نواهيه، و طلب مرضاته. و لقد قال تعالى: اتْلُ ما أُوحِيَ إِلَيْكَ مِنَ الْكِتابِ وَ أَقِمِ الصَّلاةَ إِنَّ الصَّلاةَ تَنْهى عَنِ الْفَحْشاءِ وَ الْمُنْكَرِ وَ لَذِكْرُ اللَّهِ أَكْبَرُ ... (45) [العنكبوت] و لقد كان النبى صلى اللّه عليه و سلم «إذا حزبه أمر صلى» «1» و كان يأمر بالصلاة، من كان به وجع ليصبر و ينسى ألمه، فيقول صلى اللّه عليه و سلم: «قم فصل فإن الصلاة شفاء» «2» لأنه يكون فى مناجاة بينه و بين ربه، فينسى الدنيا و ما فيها ينسى ألمه و وجعه، و همومه.
و إن الصبر و الصلاة تجعلان النفس تتغلب على المحن، كما تتغلب على الإحن، فيلقى الله تعالى بقلب سليم، قال تعالى: وَ لا تَسْتَوِي الْحَسَنَةُ وَ لَا السَّيِّئَةُ ادْفَعْ بِالَّتِي هِيَ أَحْسَنُ فَإِذَا الَّذِي بَيْنَكَ وَ بَيْنَهُ عَداوَةٌ كَأَنَّهُ وَلِيٌّ حَمِيمٌ (34) وَ ما يُلَقَّاها إِلَّا الَّذِينَ صَبَرُوا وَ ما يُلَقَّاها إِلَّا ذُو حَظٍّ عَظِيمٍ (35) [فصلت].
و إن الاستعانة بالصبر و الصلاة ليست أمرا هينا لينا، و لكنها أمر عظيم خطير، لا يتلقاها إلا النفوس القوية ذات العزيمة الحازمة؛ و لذا قال تعالى: وَ اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَ الصَّلاةِ وَ إِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ .
الضمير فى قوله تعالى: وَ إِنَّها قيل إنه يعود إلى الضمير المنسبك من اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَ الصَّلاةِ ، لأن الصبر و الصلاة الحقيقية أمران كبيران خطيران
(1) رواه أبو داود: الصلاة (1124)، و أحمد: باقى مسند الأنصار (22210) عن حذيقة رضى الله عنه.
(2) رواه ابن ماجه: الطب (3449) و أحمد: باقى مسند المكثرين (8705)]. و فى الزوائد: فى إسناده ليث، و هو ابن سليم.
زهرة التفاسير، ج1، ص: 220
عظيمان يسيران بالنفس فى مدارج الكمال النفسى و الروحانى، فيكون الانسجام بين القول و العمل، و لكن قد يقال إن المصدر غير موجود، و الضمير يعود إلى أقرب مذكور، فعوده إلى الصلاة أقرب و أظهر، و لذلك قال الأكثرون إنه يعود إلى الصلاة.
و لا شك أن الصلاة إذا أديت على وجهها باستحضار عظمة الله و الشعور بأنه فى حضرته سبحانه و تعالى، حتى كأنه يراه و يخاطبه بقرآنه عند ما يتلو آياته، و أنه عند ما يقول: إياك نعبد و اياك نستعين يحس بأنه فى حضرته، و أنه يخاطبه، و أنه يناجيه، فمقام إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) [الفاتحة] مقام، لا يندرج فيه إلا الخاشعون.
و الخاشع هو الخاضع المتطامن الساكن الذى لا يتحرك لشهوة، و الخشوع مظهر الخضوع الذى يظهر فى الأعضاء و الجوارح، و لذلك يسند إليها فيقول تعالى: وَ خَشَعَتِ الْأَصْواتُ لِلرَّحْمنِ فَلا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً (108) [طه] فالخشوع خضوع كامل فى النفس و الجسم، و أصله فى القلب؛ قال عمر لشاب قد نكس رأسه فقال له: «يا هذا ارفع رأسك فإن الخشوع ما فى القلب» «1» . و قال على كرم الله وجهه: الخشوع فى القلب، و أن تلين نفسك للمرء المسلم، و ألا تلتفت فى صلاتك «2» .
و قد ذكر سبحانه أثر الخشوع فى القلب و العقل و النفس، فقال تعالى:
الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَ أَنَّهُمْ إِلَيْهِ راجِعُونَ .
عرف الله سبحانه و تعالى الخاشعين بأخص صفات المؤمن، و هو الإيمان بالغيب، لأنه فرق بين الإيمان و الإسلام و الزندقة، و إن أبلغ الإيمان بالغيب تأثيرا
(1) جامع الأحاديث و المراسيل (2712)- مسند عمر بن الخطاب ج 14 ص 167.
(2) هذا حديث صحيح الإسناد و لم يخرجاه. [المستدرك للحاكم (3529)- شرح معنى الخشوع- ج 2 ص 426]. و رواه عبد الله بن المبارك، و عبد بن حميد، و ابن جرير، و ابن المنذر، و ابن أبى حاتم، و أبو القاسم بن منده فى الخشوع.
زهرة التفاسير، ج1، ص: 221
فى النفس الخاشعة الإيمان بلقاء الله تعالى الذى يجازى المحسن بإحسانه، و المسيء بجزاء ما يعمل، و لذلك ذكر إيمان الخاشعين بلقاء الله تعالى فقال تبارك و تعالى:
الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ الظن يطلق بمعنى العلم الراجح، و من ذلك قوله تعالى: إِنْ نَظُنُّ إِلَّا ظَنًّا وَ ما نَحْنُ بِمُسْتَيْقِنِينَ (32) [الجاثية] و يستعمل الظن بمعنى اليقين: وَ رَأَى الْمُجْرِمُونَ النَّارَ فَظَنُّوا أَنَّهُمْ مُواقِعُوها وَ لَمْ يَجِدُوا عَنْها مَصْرِفاً (53) [الكهف]، و قوله تعالى: إِنِّي ظَنَنْتُ أَنِّي مُلاقٍ حِسابِيَهْ (20) [الحاقة].
و الظن بمعنى العلم اليقيني، و لكن التعبير عن العلم بالظن يفيد مع اليقين توقع الأمر المعلوم، فمعنى الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ ، أنهم يتوقعون هذا اللقاء وقتا بعد آخر، فهم يؤمنون إيمانا صادقا بلقاء الله، و يترقبون ذلك اللقاء، و ينتظرونه متوقعين له، فيقينهم يقين المتوقع المترقب، فيكون فى قلوبهم دائما و يستعدون له بعمل صالح يقدمونه رجاء أن يغفر لهم و أن يتغمدهم برحمته، و يكفر عنهم سيئاتهم.
و التعبير ب رَبِّهِمْ فيه شعور بنعمه تعالى عليهم، لأنه هو الذى رباهم و أنشأهم و تعهدهم فى الوجود، كما يتعهد المزارع زرعه بالسقى و الإصلاح.
و يؤمنون مستيقنين متوقعين أنهم إليه وحده راجعون، و تقديم إِلَيْهِ للدلالة على أنه وحده الذى يرجعون إليه و يجزيهم بالإحسان إحسانا و أنه الغفور الرحيم.
هذا الذى مضى من القول الكريم من قوله تعالى: أَ تَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَ تَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ خطاب لبنى إسرائيل الحاضرين منهم و الماضين باعتباره واقعا منهم فى حاضرهم و ماضيهم، و هو يصلح خطابا لبنى إسرائيل و غيرهم لما فيه من توجيه و تهذيب و إصلاح بين الناس، و به تستقيم أمورهم فى معاشهم و معادهم.
ذكر الله تعالى بعد ذلك بنى إسرائيل بنعمه عليهم، فقال تعالى: