کتابخانه تفاسیر
زهرة التفاسير، ج5، ص: 2537
منه لابد من تبديل الأقوام و تغيير و استبدال نفوس بنفوس، و ذلك يحتاج إلى زمن طويل: إِنَّ اللَّهَ لا يُغَيِّرُ ما بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا ما بِأَنْفُسِهِمْ وَ إِذا أَرادَ اللَّهُ بِقَوْمٍ سُوْءاً فَلا مَرَدَّ لَهُ وَ ما لَهُمْ مِنْ دُونِهِ مِنْ والٍ (11) [الرعد].
و إنى أرى أن العذاب الذى ينزل من فوق، و الذى يجىء من تحت الأرجل، كلا الأمرين يشمل الحسى، و يشمل المعنوى بولاة السوء، و تحكم السفلة و من لا يفقهون، و يتبعون كل ناعق، و لا يميزون بين الخبيث و غيره، لا على أن ذلك من الجمع بين الحقيقة و المجاز، بل على أن ذلك تفسير لكلمة العذاب، بما يعم و لا يخص حسيا أو معنويا.
و النوع الثالث من العذاب الذى تصاب به الأمم، و هو الداء العضال الذى أصاب أهل الإسلام، هو التفرق و التباين أَوْ يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً وَ يُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ .
هذا عذاب للأمم، يحل وحدتها، و ينثر جمعها، و هو أشد أنواع العذاب، عندما يتفاقم، و يكون الهوى المتبع، و الشح المطاع و إعجاب كل امرئ و كل جماعة بنفسها و طريقتها ... كُلُّ حِزْبٍ بِما لَدَيْهِمْ فَرِحُونَ (53) [المؤمنون] فعندئذ تنفك العرا، و تنحل الأواصر، و يقوم المنكر، و يذهب المعروف، و لا سماع لصوت الحق.
و (يَلْبِسَكُمْ) المذكورة فى الآية من لبس بفتح الباء يلبس، و هى تتضمن معانى ثلاثة: أولها- الستر، فالحقائق تستر عمن يلبّس عليه، فلا يراها، و ثانيها- الخلط، فيختلط الحق بالباطل، و الذين يقعون فى هذا اللبس (يلبسون الحق بالباطل) فلا يكون وضوح يفرق بين الحق و الباطل، و ثالثها- وجود غشاوة على القلوب تحجب عنها بسبب التعصب لما يعتقده، فيزين له سوء عمله، فيراه حسنا، و يرين على قلبه فلا يدرك.
زهرة التفاسير، ج5، ص: 2538
و قوله تعالى: يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً شيع هنا حال، أى يخلطكم حال تشيع جماعتكم، فتكون كل جماعة شيعة قائمة بذاتها منفصلة عن سواها- و أصل كلمة شيعة من شيعت النار بالحطب: قويتها، فالشيعة من يتقوى بها فى حدة و حرارة، و ينتشرون عنها منادين بها، و قد تستعمل فى معنى التجمع للخير، كما فى قوله تعالى: وَ إِنَّ مِنْ شِيعَتِهِ لَإِبْراهِيمَ (83) [الصافات] و قوله ... هذا مِنْ شِيعَتِهِ وَ هذا مِنْ عَدُوِّهِ ... (15) [القصص] و لكن كثيرا ما تكون فى التشيع لغير الحق، و ما يكون فيه تعصب شديد فتكون كأنها و قود يقوى النيران؛ نيران الحقد و الحسد و البغضاء.
و معنى الجملة السامية يَلْبِسَكُمْ شِيَعاً أنه سبحانه يخلطكم، و تلتبس الأمور، و لا تميزون بين الخبيث و الطيب، و تكونون قوما بورا، و ذلك الضلال يصحبه انقسامكم شيعا متفرقين توقد بينكم نيران البغضاء و العداوة، و تفترقون فيما بينكم، فلا تكونون أمة واحدة تجمعها وحدة جامعة، و لكن تكون طرائق متفرقة، و أخلاطا غير متجانسة و لا متمازجة.
و لا تكون العلاقة فيها مودة واصلة و رحمة عاطفة، بل تكون العداوة المستحكمة، كل شيعة تتربص بالأخرى الدوائر فى غير هوادة، و لا نفوس قارة، بل فى نفوس فاترة، و هذا مؤدى قوله تعالى: وَ يُذِيقَ بَعْضَكُمْ بَأْسَ بَعْضٍ أى تكون العلاقة أن يذوق كل جماعة شدة الجماعة الأخرى، أى يكون بأسهم بينهم شديدا، فقوتهم تكون على أنفسهم، و لا تكون على غيرهم، و عبر سبحانه عن البغضاء و العداوة بأن يذيق بعضهم بأس بعض، و ذلك تصوير بيانى يشبه الإصابة بالبأس بذوقه و استطعامه للإشارة إلى أنهم يستطعمون العداوة بينهم، و يستطيبون البأس الشديد الذى يحكمهم كمن يستطيب طعاما شهيا، و ذلك ينبئ عن فساد أمرهم، و اضطراب حالهم، و قلب طباعهم، حتى إنهم يستمرئون العداوة كأنها طعام مرىء.
زهرة التفاسير، ج5، ص: 2539
إن كل بلاء يهون إلا بلاء التشيع، و قد ابتلى الله تعالى به أهل الإيمان، روت الصحاح بآثار متضافرة أن أمة محمد صلى اللّه عليه و سلم ستبتلى بهذا البلاء «1» . روى ابن جرير أن النبى صلى اللّه عليه و سلم قال: «إن الله زوى لى الأرض، حتى رأيت مشارقها و مغاربها، و إن ملك أمتى سيبلغ ما زوى لى منها، و إنى أعطيت الكنزين الأحمر و الأبيض، و إنى سألت ربى ألا يهلك قومى بسنة عامة (أى بأزمة و جوع) و ألا يلبسهم شيعا، و لا يذيق بعضهم بأس بعض، فقال: يا محمد: إنى إذا قضيت قضاء فإنه لا يرد، و إنى أعطيتك لأمتك ألا أهلكهم بسنة عامة، و لا أسلط عليهم عدوا ممن سواهم فيهلكوهم بعامة، حتى يكون بعضهم يهلك بعضا، و بعضهم يقتل بعضا و بعضهم يسبى بعضا» فقال النبى صلى اللّه عليه و سلم: «إنى أخاف على أمتى الأئمة الضالين، فإذا وضع السيف فى أمتى لم يرفع عنهم إلى يوم القيامة» «2» . اللهم إن هذه دلائل، قد رأيناها، و أضلنا الضالون من الأئمة، حتى صار بعضنا يأكل بعضا، اللهم ارفع مقتك و غضبك عنا، و أجرنا من شر ذنوبنا، و عواقب أعمالنا، و تب علينا، إنك أنت التواب الرحيم.
انْظُرْ كَيْفَ نُصَرِّفُ الْآياتِ لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ .
يأمر الله تعالى نبيه بأن ينظر فى تصريف الله تعالى آياته البينات، و هو توجيه لما فى القرآن الكريم من توجيه حكيم، و إعجاز يتحدى به الإنسانية كلها، فالسورة كلها تصريف فى التوجيه، و فى كل بيان جده، ألم تره نبه إلى علمه المحيط الذى لا يغادر صغيرة و لا كبيرة فهو يعلم ما فى البر و البحر، و ما تسقط من ورقة إلا يعلمها، و لا حبة فى ظلمات الأرض، و لا رطب و لا يابس إلا فى كتاب مبين، و هو الذى يتوفى الأنفس حين موتها، و التى لم تمت فى منامها، و هو
(1) من ذلك ما روى الترمذى: تفسير القرآن- و من سورة الأنعام (3066) عن سعد بن أبى وقّاص عن النّبيّ صلى اللّه عليه و سلم فى هذه الآية: قُلْ هُوَ الْقادِرُ عَلى أَنْ يَبْعَثَ عَلَيْكُمْ عَذاباً مِنْ فَوْقِكُمْ أَوْ مِنْ تَحْتِ أَرْجُلِكُمْ فقال النّبيّ صلى اللّه عليه و سلم: «أما إنّها كائنة و لم يأت تأويلها بعد» قال أبو عيسى: هذا حديث حسن غريب. كما رواه أحمد فى مسند العشرة (1469).
(2) و رواه مسلم: الفتن و أشراط الساعة- هلاك هذه الأمة بعضهم ببعض (2889) بلفظ مقارب.
زهرة التفاسير، ج5، ص: 2540
الذى يرد إليه الأمر كله، ثم بين أنه وحده الذى يلجأ إليه المشركون، إذا اشتدت الشديدة، و حلت الكريهة، و هو القادر على أن ينزل إليهم البلاء، و يذيقهم كئوس الاختبار.
هذا تصريف فى القول المحكم الصادق ليدركوا الأمور على وجوهها بعد أن يوجهوا إليها، رجاء أن يفقهوا و يدركوا، فالرجاء هنا فى قوله تعالى: لَعَلَّهُمْ يَفْقَهُونَ هو فى حالهم إذا كانوا يعتبرون، و فيما هو من شأن ذلك التصريف فى القول الحكيم، و يفقهون معناها يدركون لب الحقائق، و تنفذ بصائرهم إليها، و الله سبحانه هو الحكيم الخبير العليم.
[سورة الأنعام (6): الآيات 66 الى 69]
بين الله سبحانه و تعالى فى الآيات السابقة أنه سبحانه و تعالى هو الذى يلجأ إليه عند الشدة، و أنهم يلجئون إليه و يدعونه تضرعا و خفية فى ظلمات البر و البحر، و أنه هو وحده المنجى، و لا منجى سواه، و أنه سبحانه منزل الشدائد، و هم بعد زوال الغمة بدل أن يوفوا بعهودهم و يشكروا نعمة الله باختصاصه بالعبادة، كما اختص بالإنجاء و الابتلاء- يشركون غيره ممن لا يضر و لا ينفع، و فى هذه يقرر موقفهم من الحق، و خوضهم فى أمره بالباطل مما يدل على أن
زهرة التفاسير، ج5، ص: 2541
سبب ضلالهم أنهم لا ينظرون فى قضية العبادة نظرة جادة تتكافأ مع مقدار الجلال فى الحقائق الدينية و المعانى الإلهية؛ و لذلك لا تنفذ بصائرهم، و لا تهتدى قلوبهم، بل هم فى غى دائم حتى يسترشدوا فيرشدوا و يطلبوا الحق فيهتدوا.
وَ كَذَّبَ بِهِ قَوْمُكَ وَ هُوَ الْحَقُّ قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ .
مع هذا التصريف فى بيان الآيات، بذكر النعمة التى يلجأون إلى طلبها دون سواه، و بيان القدرة الكاملة الشاملة، و بيان أنه الذى ينزل الابتلاء، و العذاب الدنيوى ليقيسوا عليه من بعد العذاب الأخروى، كذبت قريش قوم النبى صلى اللّه عليه و سلم و تكذيبها مع قيام البينات الصادقة، و مع حالهم من الاستسلام، و طلب النجاة منه عند الشدة، يدل على إدراك ناقص أولا- لأن مناقضة الشخص لحاله أو لبعض أحواله دليل على غفلته عن إدراك الحقائق كاملة، و عن نسيان الوقائع، و يدل أيضا على جحود مستحكم و مقاومة للحق مع قيام الأدلة، و شهادة الآيات، و يدل على تغلغل التقليد فى نفوسهم، حتى إنه يضع على أعينهم غشاوة، و إن كان البصر قائما، فلهم أعين لا يبصرون بها و لهم آذان لا يسمعون بها.
و قال بعض المفسرين: إن قوم النبى صلى اللّه عليه و سلم هم أمته الذين بعث فيهم لا فرق بين عربى و أعجمى، و لا أبيض و أسود، و لا شرقى و لا غربى، فأولئك قومه صلى اللّه عليه و سلم.
و نحن نميل إلى ما عليه الجمهور من المفسرين؛ لأن الأمة أعم من القوم، فى أصل الدلالة اللغوية، و إنما ذكر الله تعالى قوم النبى صلى اللّه عليه و سلم من قريش؛ لأن النبى صلى اللّه عليه و سلم كان حفيا بأن يؤمنوا حريصا على إيمانهم، حتى إنه عندما كان الأذى بشتى ضروبه، قال: اللهم اغفر لقومى فإنهم لا يعلمون، و قال: «و إنى لأرجو أن يخرج من أصلابهم من يعبد الله» «1» ، و للإشارة إلى عموم الدعوة إلى هذه الدعوة، و إنه
(1) قال عبد اللّه بن مسعود كأنّى أنظر إلى النّبيّ صلى اللّه عليه و سلم يحكى نبيا من الأنبياء ضربه قومه فأدموه و هو يمسح الدّم عن وجهه و يقول: «اللّهمّ اغفر لقومى فإنّهم لا يعلمون». متفق عليه؛ البخارى:
أحاديث الأنبياء- حديث الغار (3477)، و مسلم: الجهاد و السير- غزوة أحد (1792).-
زهرة التفاسير، ج5، ص: 2542
إن وجد من يرد دعوته من قومه، و يشددون فى بلائه، فسيجد المستجيب من غيرهم، و إن الهداية قد تكون من خارج قومه إِنَّكَ لا تَهْدِي مَنْ أَحْبَبْتَ وَ لكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ ... (56) [القصص].
قوله تعالى: وَ هُوَ الْحَقُ فيه إشارة إلى أنهم لا دليل عندهم و لا موجب، لأنه الحق الثابت الذى قام الدليل عليه، و شهدت له البينات، و قام من أنفسهم دليل صدقه، فالواو ما يسمى فى عرف النحويين واو الحال، أى أنى يكذبون ذلك التكذيب، و الحال أنه حق ثابت، و ذلك لشدة العناد؛ إذ إن الدليل قائم، و القربى بينك و بينهم ثابتة و مع ذلك جحدوا بها، و إن استيقنتها أنفسهم، و لست مسئولا عن كفرهم، و قد بينت و بلغت، و ما عليك إلا البلاغ.
و إذا كان قومك يكذبون بالحق، و قد ظهرت دلائله، و برقت بوارقه، فقل لهم إنك إذ بلغت، و بينت، لست مسئولا عنهم، و هذا ما يشير إليه قوله تعالى:
قُلْ لَسْتُ عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ و أمره صلى اللّه عليه و سلم من قبل الله تعالى لتأكيد أن عليهم وحدهم تبعة تكذيبهم، و أن النبى صلى اللّه عليه و سلم مهما تكن صلته بهم من قرابة و رحم موصولة من جانبه، لا يتحمل تبعة ما يفعلون، بل كل امرئ بما كسب رهين، و لا تزر وازرة وزر أخرى، و ما على الرسول إلا البلاغ، و الوكيل هنا المتكفل بأمورهم، الموكول إليه شئونهم الذى شملت كفالته عليكم، فليس بذى رقابة و مسئولية عنهم، و قد قال الراغب فى معنى وكيل: وكيل فعيل بمعنى مفعول قال تعالى: ... وَ كَفى بِاللَّهِ وَكِيلًا (81) [النساء] أى اكتف به أن يتولى أمرك، و يتوكل لك، و على هذا:
... حَسْبُنَا اللَّهُ وَ نِعْمَ الْوَكِيلُ (173) [آل عمران]. ... وَ ما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (107) [الأنعام] أى بموكل عليهم، و حافظ لهم، كقوله تعالى: لَسْتَ عَلَيْهِمْ بِمُصَيْطِرٍ (22) إِلَّا مَنْ تَوَلَّى وَ كَفَرَ (23) [الغاشية] و على هذا قوله تعالى: قُلْ لَسْتُ
و أما قوله صلى اللّه عليه و سلم «بل أرجو أن يخرج الله من أصلابهم ...» فهو فى حديث الأخشبين، و هو متفق عليه رواه البخارى: بدء الخلق- ذكر الملائكة (3231)، و مسلم: الجهاد و السير- ما لقى النبى صلى اللّه عليه و سلم (1795).
زهرة التفاسير، ج5، ص: 2543
عَلَيْكُمْ بِوَكِيلٍ أى لست بموكل بكم حافظ عليكم لأحملكم على الجادة، بل علىّ التبليغ فقط، و أنتم مسئولون عما تكذبون و تفترفون؛ و لذا حملهم سبحانه التبعة، و أنه واقع بهم ما أنذرهم، و أن إخبارهم بما يكون فى اليوم الآخر واقع لا محالة:
لِكُلِّ نَبَإٍ مُسْتَقَرٌّ وَ سَوْفَ تَعْلَمُونَ .
النبأ هو الخبر العظيم الذى يكون ذا فائدة، و له واقع مصدق يفيد علما يقينيا، أو علما ظنيا، و لذلك يقال عن الأخبار المتواترة أنها أنباء، و من ذلك قوله تعالى: تِلْكَ مِنْ أَنْباءِ الْغَيْبِ نُوحِيها إِلَيْكَ ... (49) [هود] و مستقر هى مصدر مسمى بمعنى استقر، أو اسم زمان بمعنى زمان يستقر.
و معنى الاستقرار مأخوذ من القرار بمعنى الثبوت و التحقق و الوجود، فالمؤدى اللفظى للنص الكريم لكل خبر عظيم، بالإنذار أو التبشير؛ زمان يكون فيه، و يتحقق مضمونه، و المؤدى العام؛ أن أولئك الذين كذبوا بالحق لما جاءهم، قد جاءتهم الأنباء بالنذر، و جاءت المؤمنين الأنباء بما سيجدون من نعيم مقيم، و جنات عدن خالدين فيها، و إنه نبأ فى الدنيا، أو فى الحاضر، و تحققه و مستقره فى القابل، و ستجدون حقيقته ثابتة معلومة علم اليقين بالمشاهدة المحسوسة، و كذلك قال تعالى: وَ سَوْفَ تَعْلَمُونَ أى من المؤكد، أنكم ستعلمونه علم اليقين و الاستقرار و الوجود.
و قد يرد سؤال؛ أليس فى ذكر القرآن الكريم و إنذار النبى صلى اللّه عليه و سلم ما فيه العلم اليقينى أو ما من شأنه تكوين العلم اليقينى؛ فلا علم أعلى منه، كما قال تعالى بعد هذه البينات: وَ جَحَدُوا بِها وَ اسْتَيْقَنَتْها أَنْفُسُهُمْ ... (14) [النمل]؟ و الجواب عن ذلك أن العلم الذى قامت أسبابه بإنذار الله تعالى الصادق صدقا لا يرتاب فيه عاقل هو علم الإخبار، أما العلم الذى يكون عند نزول العذاب، فهو علم المعاينة و المشاهدة، و النزول بهم، حيث لا مجال للمراء، و لا للمباهتة و التكذيب.