کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

عرائس البيان فى حقائق القرآن

الجزء الثاني

سورة التوبة

تفسير الآية 1 تفسير الآية 2 تفسير الآية 3 تفسير الآية 8 تفسير الآية 13 تفسير الآية 16 تفسير الآية 18 تفسير الآية 21 تفسير الآية 25 تفسير الآية 26 تفسير الآية 27 تفسير الآية 28 تفسير الآية 31 تفسير الآية 32 تفسير الآية 33 تفسير الآية 34 تفسير الآية 36 تفسير الآية 37 تفسير الآية 38 تفسير الآية 40 تفسير الآية 41 تفسير الآية 43 تفسير الآية 44 تفسير الآية 46 تفسير الآية 48 تفسير الآية 51 تفسير الآية 54 تفسير الآية 55 تفسير الآية 59 تفسير الآية 60 تفسير الآية 66 تفسير الآية 67 تفسير الآية 71 تفسير الآية 72 تفسير الآية 73 تفسير الآية 74 تفسير الآية 76 تفسير الآية 77 تفسير الآية 78 تفسير الآية 82 تفسير الآية 88 تفسير الآية 98 تفسير الآية 91 تفسير الآية 92 تفسير الآية 93 تفسير الآية 98 تفسير الآية 99 تفسير الآية 100 تفسير الآية 102 تفسير الآية 103 تفسير الآية 104 تفسير الآية 105 تفسير الآية 108 تفسير الآية 109 تفسير الآية 111 تفسير الآية 112 تفسير الآية 115 تفسير الآية 116 تفسير الآية 117 تفسير الآية 118 تفسير الآية 119 تفسير الآية 122 تفسير الآية 123 تفسير الآية 124 تفسير الآية 125 تفسير الآية 126 تفسير الآية 128 تفسير الآية 129

سورة يوسف عليه السلام

تفسير الآية 1 تفسير الآية 3 تفسير الآية 4 تفسير الآية 5 تفسير الآية 6 تفسير الآية 7 تفسير الآية 8 تفسير الآية 12 تفسير الآية 13 تفسير الآية 14 تفسير الآية 15 تفسير الآية 16 تفسير الآية 18 تفسير الآية 19 تفسير الآية 20 تفسير الآية 21 تفسير الآية 22 تفسير الآية 23 تفسير الآية 24 تفسير الآية 25 تفسير الآية 28 - 26 تفسير الآية 30 تفسير الآية 31 تفسير الآية تفسير الآية 33 تفسير الآية 36 تفسير الآية 38 تفسير الآية 39 تفسير الآية 40 تفسير الآية 42 تفسير الآية 46 تفسير الآية 52 - 51 - 50 تفسير الآية 54 تفسير الآية 55 تفسير الآية 56 تفسير الآية 58 تفسير الآية 60 تفسير الآية 64 تفسير الآية 65 تفسير الآية 66 تفسير الآية 67 تفسير الآية 68 تفسير الآية 69 تفسير الآية 70 تفسير الآية 76 تفسير الآية 77 تفسير الآية 79 تفسير الآية 81 تفسير الآية 83 تفسير الآية 84 تفسير الآية 85 تفسير الآية 86 تفسير الآية 87 تفسير الآية 88 تفسير الآية 89 تفسير الآية 90 تفسير الآية 91 تفسير الآية 92 تفسير الآية 93 تفسير الآية 94 تفسير الآية 95 تفسير الآية 96 تفسير الآية 97 تفسير الآية 98 تفسير الآية 99 تفسير الآية 100 تفسير الآية 101 تفسير الآية 102 تفسير الآية 105 تفسير الآية 106 تفسير الآية 108 تفسير الآية 110 تفسير الآية 111
فهرس المحتويات

الجزء الثالث

سورة النور سورة الفرقان سورة الشعراء سورة النمل سورة القصص سورة العنكبوت سورة الروم سورة لقمان سورة السجدة سورة الأحزاب سورة سبأ سورة فاطر سورة يس سورة الصافات سورة ص سورة الزمر سورة غافر سورة فصلت سورة الشورى سورة الزخرف سورة الدخان سورة الجاثية سورة الأحقاف سورة محمد صلى الله عليه و سلم سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق سورة الذاريات سورة الطور سورة النجم سورة القمر سورة الرحمن سورة الواقعة سورة الحديد سورة المجادلة سورة الحشر سورة الممتحنة سورة الصف سورة الجمعة سورة المنافقون سورة التغابن سورة الطلاق سورة التحريم سورة الملك سورة القلم سورة الحاقة سورة المعارج سورة نوح سورة الجن سورة المزمل سورة المدثر سورة القيامة سورة الإنسان سورة المرسلات سورة النبأ سورة النازعات سورة عبس سورة التكوير سورة الانفطار سورة المطففين سورة الانشقاق سورة البروج سورة الطارق سورة الأعلى سورة الغاشية سورة الفجر سورة البلد سورة الشمس سورة الليل سورة الضحى سورة الانشراح سورة التين سورة العلق سورة القدر سورة البينة سورة الزلزلة سورة العاديات سورة القارعة سورة التكاثر سورة العصر سورة الهمزة سورة الفيل سورة قريش سورة الماعون سورة الكوثر سورة الكافرون سورة النصر سورة المسد سورة الإخلاص سورة الفلق سورة الناس فهرس المحتويات

عرائس البيان فى حقائق القرآن


صفحه قبل

عرائس البيان فى حقائق القرآن، ج‏1، ص: 22

فالرحمن: بما روّح، و الرَّحِيمِ‏ بما لوّح، فالترويح للمباد، و التلويح بالأنوار.

و الرَّحْمنِ‏ بكشف تجلّيه، و الرَّحِيمِ‏ بلطف تولّيه.

و الرَّحْمنِ‏ بما أولى من الإيمان، و الرَّحِيمِ‏ بما أسرى من العرفان.

و الرَّحْمنِ‏ بما أعطى من العرفان، و الرَّحِيمِ‏ بما تولّى من الغفران.

و الرَّحِيمِ‏ بما منّ به من الرضوان، و الرَّحْمنِ‏ بما يكرم به من الرضوان.

و الرَّحِيمِ‏ بما يكرّم به من الرؤية و العيان، فالرحمن بما يوفّق، و الرَّحِيمِ‏ بما يحقّق، فالتوفيق للمعاملات، و التحقيق للمواصلات، فالمعاملات للقاصدين و المواصلات للواجدين.

و الرَّحْمنِ‏ بما يصنع لهم، و الرحيم بما يدفع عنهم، و الصنع يجمع العناية، و الدّفع بحسن الرعاية، إلى هاهنا كلام الأستاذ.

أمّا من اختراعي أن: اسم‏ الرَّحْمنِ‏ : محل طلوع أنوار العناية، و «الرَّحِيمِ» : محل إشراق شمس الكفاية، فبالعناية يهدى أهل العرفان إلى مشاهدة القدم، و بالكفاية تحفظ حقائق إيمانهم أبدا لوجه بقاء الديموميّة، فبالرحمن تأيّدهم، و بالرحيم ترقيهم و تحفظهم، فالأول: للعناية، و الآخر: للكفاية، تغمّدهم بنور الأزلية بين الصفتين؛ حتى يصيروا بالرحمن مشتاقين، و بالرحيم والهين.

و قال حميد: هل يكون من الرحمن لأهل الإيمان، إلا الأمن و الأمان، و الروّية و العيان.

و قال سهل: الرَّحْمنِ‏ : على عباده بالمغفرة و الرضوان، و «الرَّحِيمِ» : عليهم بالعوافي و الأرزاق.

قوله تعالى: مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ‏ : في اسم المالك رجاء المقبلين، و تخويف المهلكين، يجازي مقاساة ألم فراق العاشقين بمشاهدته، و نفائس كرامته، و يجازي عموم المحبّين بكشف جماله و جلاله، و يجازي المعاملة الصادقين، بإدخالهم في جنانه، و إسكانهم في جواره.

و قال ابن عطاء: يجازى يوم الحساب كل صنف بمقصودهم و همّتهم، و يجازي العارفين‏

القلب، فكما ينتهي حكم الدنيا، و يظهر الآخرة على صورتها؛ فيكون الدنيا باطنة، و الآخرة ظاهر؛ فكذا يظهر القلب في الآخرة على صورة القالب، فيكون القالب باطنا، و القلب ظاهرا، و به يصحّ رؤية اللّه تعالى كما يصحّ ذلك في الدنيا بالبصيرة، فانظر إلى هذا، و كن على بصيرة من الأمر، فإن الأمر ليس كما يزعمه المنكرون من المعتزلة و غيرهم، و اللّه رقيب شهيد.

عرائس البيان فى حقائق القرآن، ج‏1، ص: 23

بالقرب منه، و النظر إلى وجهه الكريم، و يجازي أرباب المعاملات بالحسنات.

و قيل: مالك يوم الكشف و الأشهاد؛ ليجازي كل نفس بما تسعى.

و قال الأستاذ: مالك نفوس العابدين، فصرّفها في خدمته، و مالك قلوب العارفين، فشرّفها، و مالك نفوس القاصدين، فيتّمها، و مالك قلوب الواجدين، فهيّمها، و مالك أشباح من عبده، فلاطفها بنواله و أفضاله، و مالك أرواح من أحبّه، فكاشفها بنعت جلاله و وصف جماله، و مالك زمام أرباب التوحيد، فصرّفهم حيث شاء كما شاء، و وفّقهم حيث شاء كما شاء على ما يشاء كما شاء لم تكلهم إليهم لحظة، و لا ملكهم من أمرهم سيئة، و لا خطرة أفناهم له عنهم‏ «1» .

[سورة الفاتحة (1): الآيات 5 الى 6]

إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5) اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ (6)

قوله تعالى: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ‏ أي: بمعونتك نعبدك، لا بحولنا و قوّتنا، و إيّاك نستعين بتمام عبوديتك، و دوام سترك علينا حتى نرى فضلك، و لا ننظر إلى أعمالنا.

إِيَّاكَ نَعْبُدُ أي: إيّاك نعبد لا برؤية المعاملات، و طلب المكافآت، و وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ‏ أي: نستعينك بمزيد العنايات، بنعت العصمة عن القطيعة.

و أيضا: إيّاك نعبد بالمراقبة، و إيّاك نستعين بكشف المشاهدة.

و أيضا: إيّاك نعبد بعلم اليقين، و إيّاك نستعين بحق اليقين.

و أيضا: و إيّاك نعبد بالغيبة، و إيّاك نستعين بالرؤية.

و قيل: إيّاك نعبد بقطع العلائق و الأغراض، و إيّاك نستعين على ثبات هذا الحال بك و لا بنا.

و قيل: إيّاك نعبد بالعلم، و إيّاك نستعين بالمعرفة.

و قيل: إيّاك نعبد بأمرك، و إيّاك نستعين علينا بفضلك.

قال سهل: إيّاك نعبد بهدايتك، و إيّاك نستعين بكلاءتك على عبادك.

قال الأنطاكي: إنما يعبد اللّه على أربع: على الرغبة، و الرهبة، و الحياء، و المحبّة فأفضلها

(1) و فيه إشارة إلى أن الدنيا و الآخرة ملك للّه تعالى ليس لغيره في ذلك الملك يد إلا بطريق الخلافة و العارية، فإن الدين المجازاة، و هو جارية في الدّارين، فهو تعالى مالك يوم الدنيا، و يوم الآخرة، و مالك المجازاة فيهما، فظهر إن قيامة العارفين دائمة؛ لكونهم مع اللّه تعالى في كل نفس من الأنفاس، و محاسبون أنفسهم في كل لحظة من لحظات، فهم مملوكون للّه تعالى؛ لأنهم أحرار عمّا سواه تعالى، و قائمون لربهم بالخدمة في كل حين.

عرائس البيان فى حقائق القرآن، ج‏1، ص: 24

المحبة التي تليها الحياء، ثم الرهبة، ثم الرغبة.

و قال الأستاذ: العبادة بستان القاصدين، و مستروح المريدين، و مرتع الأنس للمحبّين، و مرتع البهجة للعارفين، بها قوة أعينهم، و فيها مسرّة قلوبهم، و منها راحة أبدانهم‏ «1» .

قوله تعالى: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ‏ أي: اهدنا مرادك منا؛ لأن الطريق المستقيم ما أراد الحق من الخلق، من الصدق و الإخلاص في عبوديته.

و أيضا أرشدنا إلى ما أنت عليه.

و أيضا اهدنا إنابتك حتى نتّصف بصفاتك.

و أيضا اهدنا إلى معرفتك، حتى نستريح من معاملتنا بنسيم أنسك، و حقائق حسنك.

و قيل: معنى اهدنا أي: مل بقلوبنا إليك، و أقم بهمّنا بين يديك، و كن دليلنا منك إليك حتى لا تقطع عمّا لك بك.

و قيل أي: أرشدنا طريق المعرفة؛ حتى نستقيم معك بخدمتك.

و قيل أي: أرنا طريق الشكر فنفرح، و نطرب بقربك.

و قيل: اهدنا بفناء أوصاف الطريق إلى أوصافك التي لم تزل و لا تزال.

و قيل: اهدنا هدى العيان بعد البيان؛ لنستقيم لك على حسب إرادتك.

و قيل: اهدنا هدى من يكون منك مبدأه؛ حتى يكون إليك منتهاه.

و قيل: اهدنا الصراط المستقيم على الصراط بالغيوبة؛ لئلا يكون مربوطا بالصراط.

قال الجنيد: إن القوم لّما سألوا الهداية عن الحيرة التي وردت عليهم عن إشهاد صفاته الأزلية، فسألوا الهداية إلى أوصاف العبودية؛ كيلا يستغرقوا في رؤية صفات الأزلية.

قال بعضهم: إليك قصدنا، فقوّمنا.

و قيل: اهدنا بالقوة و التمكين.

و قال الحسين أي: اهدنا طريق المحبّة لك، و السعي إليك.

قال الشبلي: اهدنا صراط الأولياء و الأصفياء.

و قال بعضهم: أرشدنا الذي لا اعوجاج فيه، و هو الإسلام.

و قيل: أرشدنا في الدنيا إلى الطاعات، و بلّغنا في الآخرة الدرجات.

(1) أراد بالعبادة المبنية على التوحيد، فإن العبادة بلا توحيد عبادة المشركين، فلا تعود إلى اللّه، و إنما تعود إلى الآلهة الذين اتّخذوها معبودين من دون اللّه، دلّ على هذا تقديم المعمول الدال على القصر، فإذا كانت العبادة مخصوصة به تعالى؛ كانت الاستعانة أيضا كذلك، إذ لا يستعين المرء إلا بمعبوده.

عرائس البيان فى حقائق القرآن، ج‏1، ص: 25

و قال الأستاذ «1» : أي أزل عنا ظلمات أحوالنا؛ لنستضئ بأنوار قدسك عن التفيؤ لظلال طلبنا، و ارفع عنا ظل جهدنا؛ لنستبصر بنجوم جودك، فنجدك بك.

قال الحسين: اهدنا إلى طاعتك، كما أرشدتنا إلى علم توحيدك.

قال علي بن أبي طالب- كرّم اللّه وجهه- اهدنا أي: ثبّتنا على الطريق المستقيم، و المنهج القويم.

[سورة الفاتحة (1): آية 7]

صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لا الضَّالِّينَ (7)

قوله تعالى: صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ‏ أي: منازل الذين أنعمت عليهم بالمعرفة، و حسن الأدب في الخدمة.

و أيضا «أنعمت عليهم»: باليقين التام، و الصدق على الدوام، و إطلاعهم على مكائد النفس و الشيطان، و كشف غرائب الصفات و عجائب أنوار الذات، و الاستقامة في جميع الأحوال، و بسعادة الهداية إلى القربة بعناية الأزلية، و هم الأنبياء و الأولياء و الصدّيقين، و المقرّبون و العارفون، و الأمناء و النجباء.

قال أبو عثمان: «أنعمت عليهم»: بأن عرّفتهم مهالك الصراط، و مكائد الشيطان، و جناية النفس.

و قال بعضهم: أنعمت عليهم في سابق الأزل بالسعادة.

و قال جعفر بن محمد: أنعمت عليهم بالعلم بك، و الفهم منك.

و قيل: أنعمت عليهم بمشاهدة المنعم دون النعمة.

و قال بعضهم: أنعمت عليهم بالرضا بقضائك، و قدرك.

و قيل: أنعمت عليهم بمخالفة النفس و الهوى، و الإقبال عليك بدوام الوفاء.

و قال حميد: فيما قضيته من المضار و المسار.

و قال بعضهم: أنعمت عليهم بالإقبال عليك، و الفهم عنك.

و يقال: طريق من أفنيتهم عنهم طاقتهم بك؛ حتى لم يقفوا في الطريق، و لم [...] عنك خفايا المكر.

و قيل: صراط من أنعمت عليهم؛ حتى يحرسوا من مكائد الشيطان، و مغاليط النفوس، و مخاييل الظنون.

و يقال: من طهّرتهم من آثارهم؛ حتى وصلوا إليك بك.

(1) في تفسيره (1/ 7).

عرائس البيان فى حقائق القرآن، ج‏1، ص: 26

و يقال: صراط من أنعمت عليهم بالنظر إليك، و الاستعانة بك، و التبرّي من الحول و القوة، و شهود ما سبق لهم من السعادة في سابق الاختيار و العلم، بتوحدك فيما قضيته من المسار و المضار.

و يقال: أنعمت عليهم بحفظ الأدب في أوقات الخدمة، و استشعار نعت الهيبة.

و قيل: صراط من أنعمت عليهم، من تأدّبوا بالخلوة عند غليات بوادي الحقائق؛ حتى لم يخرجوا عن حد العلم، و لم يخلوا بشي‏ء من أمر الهيبة، و لم يصنعوا من أحكام العبودية عند ظهور سلطان الحقيقة.

و قيل: صراط من أنعمت عليهم؛ بل حفظت عليهم آداب الشريعة و أحكامها الشرع.

و قيل: صراط من أنعمت عليهم؛ حتى لم تطفي‏ء شموس معارفهم، أنوار ورعهم، و لم يضيفوا من أحكام العبودية عند ظهور سلطان الحقيقة.

قوله تعالى: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ‏ يعني: المطرودين عن باب العبودية.

و قال أبو عثمان: الذين غضبت عليهم و خذلتهم، و لم تحفظ قلوبهم؛ حتى تهوّدوا و تنصّروا.

و قال الأستاذ: الذين صدمتهم هوازم الخذلان، و أدركتهم مصائب الحرمان.

قال أبو العباس الدينوري: وكّلتهم إلى حولهم و قوتهم، و عرّيتهم من حولك و قوتك.

و قيل: هم الذين لحقهم ذل الهوان، و أصابهم سوء الخسران، و شغلوا في الحلال، باجتلاب الحظوظ، و هو في التحقيق مكر، و يحسبون أنهم على شي‏ء، و للحق في شقاوتهم سرّ، و لا الضّالين عن شهود سابق الاختيار، و جريان تصاريف الأقدار.

وَ لَا الضَّالِّينَ‏ يعني: المفلسين عن نفائس المعرفة.

و أيضا غير المغضوب عليهم بالمكر و الاستدراج، و لا الضّالين عن أنوار السبل و المنهاج.

و أيضا غير المغضوب عليهم بالحجاب، و لا الضّالين عن رؤية المآب.

و أيضا غير المغضوب عليهم بالانفصال، و لا الضّالين عن الوصال.

و قال ابن عطاء: غير المخذولين و المطرودين و المهانين، الذين ضلّوا عن الطريق الحق.

و قيل: غير المغضوب عليهم في طريق الهلكى، و لا الضالين عن طريق الهدى لاتباع الهوى‏ «1» .

(1) هم الذين استعانوا بغير اللّه، و لمّا كان أثر الغضب أشدّ من أثر الضلال؛ قدّمه عليه، و فيه إشارة إلى أن غاية الأمر بالنسبة إلى المستعين بغير اللّه هو الحيرة؛ إذ لا يتم و لو قاسى كل الشدائد، و إنما يتم منه إذا لم‏

عرائس البيان فى حقائق القرآن، ج‏1، ص: 27

و أما في قوله: آمين أي: استدعاء العارفين مزيد القربة مع استقامة المعرفة من رب العالمين، و الافتقار إلى اللّه بنعت الأنظار؛ لاقتباس الأنوار.

و أيضا قاصدين إلى اللّه بمراتب النوعية و الرهبة.

و قال ابن عطاء أي: كذلك فافعل، و لا تكلني إلى نفسي طرفة عين.

و قال جعفر: «آمين»: قاصدين نحوك، و أنت أعزّ من أن تخيّب قاصدا.

سورة البقرة

بسم اللّه الرّحمن الرّحيم‏

[سورة البقرة (2): الآيات 1 الى 9]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

الم (1) ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ (2) الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ وَ يُقِيمُونَ الصَّلاةَ وَ مِمَّا رَزَقْناهُمْ يُنْفِقُونَ (3) وَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَ ما أُنْزِلَ مِنْ قَبْلِكَ وَ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ (4)

أُولئِكَ عَلى‏ هُدىً مِنْ رَبِّهِمْ وَ أُولئِكَ هُمُ الْمُفْلِحُونَ (5) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَ أَنْذَرْتَهُمْ أَمْ لَمْ تُنْذِرْهُمْ لا يُؤْمِنُونَ (6) خَتَمَ اللَّهُ عَلى‏ قُلُوبِهِمْ وَ عَلى‏ سَمْعِهِمْ وَ عَلى‏ أَبْصارِهِمْ غِشاوَةٌ وَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (7) وَ مِنَ النَّاسِ مَنْ يَقُولُ آمَنَّا بِاللَّهِ وَ بِالْيَوْمِ الْآخِرِ وَ ما هُمْ بِمُؤْمِنِينَ (8) يُخادِعُونَ اللَّهَ وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ ما يَخْدَعُونَ إِلاَّ أَنْفُسَهُمْ وَ ما يَشْعُرُونَ (9)

الم‏ «1» معناه: أن «الألف»: إشارة إلى وحدانية الذات، و «اللام»: إشارة إلى أزلية الصفات، و «الميم»: إشارة إلى ملكه في إظهار الآيات.

«بالألف»: أخبر عن فردانية الذات، و «باللام»: أخبر عن سرمدية الصفات،

يكن ذلك الغير غير الحسب لشهوده الحق في كل مظهر من المظاهر.

(1) أشار بالألف إلى المبدأ الذي هو الإنسان؛ فإنه خرج من مخرج الشأن الذاتي الغيبي الذي كان تعيّن الذات الأحدية في تلك المرتبة بالنسبة إلى سائر التعينات؛ كتعيّن الحروف بالنسبة إلى التركيبات اللفظية، ثم لمّا خرج بالحركة المعنوية، و النفس الرحماني من تلك المرتبة؛ مرّ بمرتبة الأرواح التي هي مرتبة اللام التي تعيّن مخرجها من الوسط، فإن الأرواح متوسطة بين عالم العلم و عالم العين، ثم مرّ بمرتبة الأجسام التي هي مرتبة الميم التي تعيّن مخرجها من الفم الذي هو آخر المخارج، و لم يتعرّض لمرتبة المثال، و إن كانت من الحضرات الخمس؛ لكونها ممتزجة بالطرفين؛ فلها وجه إلى مرتبة الأرواح، و وجه إلى مرتبة الأجسام، فإذا المخارج الكلية ثلاثة: المبدأ الألفي، و الوسط اللامي، و الآخر الميمي، و ما عداها فمخارج جزئية.

عرائس البيان فى حقائق القرآن، ج‏1، ص: 28

و «بالميم»: أخبر عن سلطانيته في إظهار الآيات.

و «الألف»: سرّ الذات، و «اللام»: سرّ الصفات، و «الميم»: سرّ القدم في ظهور الآيات.

أما «سرّ الذات»: فلا ينكشف إلا بوحدانيّة الذات، و «سر الصفات»: لا ينكشف إلا لمن اتخذ صفاته بالصفات، و «سرّ القدم»: لا ينكشف إلا لمن خرج من الآيات.

تجلّى بالألف لأرواح الأنبياء من سرّ ذاته، فأفتاها عن البشريات، و كساها من أنوار الذات، فخصائصهم في ذلك إظهار المعجزات، و تجلّي باللّام لقلوب العارفين عن سرّ صفاته، فأفناها عن الكدورات، و ألبسها من سناء الصفات، فكرامتهم في ذلك، إظهار الشطحيات، و تجلّي بالميم لعقول الأولياء من سرّ قدمه، فأفناها عن الشهوات، و أنوارها صفاء القدرة بوسائط الآيات، فشرفهم في ذلك، إظهار الكرامات.

و قال جعفر الصادق: الم‏ : رمز و إشارة بينه، و بين حبيبه عليه السلام أراد ألا يطّلع عليه أحد سواهما، أخرجه بحروف بعيدة عن درك الأغيار، و فهم السرّ بينهما لا غير.

و قال بعضهم: إن اللّه خصّ حبيبه صلى اللّه عليه و سلّم بهذه الأحرف، و المتّقي الذي وصفه اللّه تعالى:

هو الذي عزل عن الأكوان و الحدثان؛ تورّعا عن إغواء الشيطان، و تخلّقا بخلق الرحمن.

و قال أبو يزيد: المتّقي من إذا قال، قال: اللّه، و إذا عمل، عمل اللّه.

و قال الداراني: الذين نزع من قلوبهم حب الشهوات.

و قيل: المتّقي من اتّقى رؤية تقواه، و لم يستند إلى تقواه، و لم يرنجاته؛ إلا بفضل مولاه.

و قال سهل: إذا كان هو الهادي، فمن يضلّ في ذلك الطريق؛ إلا من سلكه على التجارب لا على العارف، فيصدّه عن مقصده بشؤم تدبيره، و يهلكه و لو في آخر القدم.

الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ‏ : ما غاب عن الأبصار، منكشفا بنعت الأنوار لعيون الأسرار.

و «الإيمان بالغيب»: هو تفرّس الروح بنور اليقين مشاهدة الحق سبحانه و تعالى، و «الإيمان بالغيب»: شوق القلب إلى لقاء الرب.

و أيضا «الإيمان»: تصديق السر ما أبصرت الروح من مكنون حقائق الغيب بنعت مباشرة حلاوة انكشاف نور الحق في صميم سرّ السرّ، و اتصاله بروقة بطنان القلب، و تعريفه أوصاف صفات الحق عقل الكلّ.

و أيضا «الإيمان»: تصديق القلب بوجدان الروح رؤية الرب جل و علا، و «المؤمنون»:

صفحه بعد