کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

فتح القدير

الجزء الأول

سورة البقرة

[سورة البقرة(2): آية 1] [سورة البقرة(2): آية 2] [سورة البقرة(2): آية 3] [سورة البقرة(2): آية 4] [سورة البقرة(2): آية 5] [سورة البقرة(2): الآيات 6 الى 7] [سورة البقرة(2): الآيات 8 الى 9] [سورة البقرة(2): آية 10] [سورة البقرة(2): الآيات 11 الى 12] [سورة البقرة(2): آية 13] [سورة البقرة(2): الآيات 14 الى 15] [سورة البقرة(2): آية 16] [سورة البقرة(2): الآيات 18 الى 17] [سورة البقرة(2): الآيات 19 الى 20] [سورة البقرة(2): الآيات 22 الى 21] [سورة البقرة(2): الآيات 24 الى 23] [سورة البقرة(2): آية 25] [سورة البقرة(2): الآيات 26 الى 27] [سورة البقرة(2): آية 28] [سورة البقرة(2): آية 29] [سورة البقرة(2): آية 30] [سورة البقرة(2): الآيات 31 الى 33] [سورة البقرة(2): آية 34] [سورة البقرة(2): الآيات 35 الى 39] [سورة البقرة(2): الآيات 40 الى 42] [سورة البقرة(2): الآيات 43 الى 46] [سورة البقرة(2): الآيات 47 الى 50] [سورة البقرة(2): الآيات 51 الى 54] [سورة البقرة(2): الآيات 55 الى 57] [سورة البقرة(2): الآيات 58 الى 59] [سورة البقرة(2): الآيات 60 الى 61] [سورة البقرة(2): آية 62] [سورة البقرة(2): الآيات 63 الى 66] [سورة البقرة(2): الآيات 67 الى 71] [سورة البقرة(2): الآيات 72 الى 74] [سورة البقرة(2): الآيات 75 الى 77] [سورة البقرة(2): الآيات 78 الى 82] [سورة البقرة(2): الآيات 83 الى 86] [سورة البقرة(2): الآيات 87 الى 88] [سورة البقرة(2): الآيات 89 الى 92] [سورة البقرة(2): الآيات 93 الى 96] [سورة البقرة(2): الآيات 97 الى 98] [سورة البقرة(2): الآيات 99 الى 103] [سورة البقرة(2): الآيات 104 الى 105] [سورة البقرة(2): الآيات 106 الى 107] [سورة البقرة(2): الآيات 108 الى 110] [سورة البقرة(2): الآيات 111 الى 113] [سورة البقرة(2): الآيات 114 الى 115] [سورة البقرة(2): الآيات 116 الى 118] [سورة البقرة(2): الآيات 119 الى 121] [سورة البقرة(2): الآيات 122 الى 124] [سورة البقرة(2): الآيات 125 الى 128] [سورة البقرة(2): الآيات 129 الى 132] [سورة البقرة(2): الآيات 133 الى 141] [سورة البقرة(2): الآيات 142 الى 143] [سورة البقرة(2): الآيات 144 الى 147] [سورة البقرة(2): الآيات 148 الى 152] [سورة البقرة(2): الآيات 153 الى 157] [سورة البقرة(2): آية 158] [سورة البقرة(2): الآيات 159 الى 163] [سورة البقرة(2): آية 164] [سورة البقرة(2): الآيات 165 الى 167] [سورة البقرة(2): الآيات 168 الى 171] [سورة البقرة(2): الآيات 172 الى 173] [سورة البقرة(2): الآيات 174 الى 176] [سورة البقرة(2): آية 177] [سورة البقرة(2): الآيات 178 الى 179] [سورة البقرة(2): الآيات 180 الى 182] [سورة البقرة(2): الآيات 183 الى 184] [سورة البقرة(2): آية 185] [سورة البقرة(2): آية 186] [سورة البقرة(2): آية 187] [سورة البقرة(2): آية 188] [سورة البقرة(2): آية 189] [سورة البقرة(2): الآيات 190 الى 193] [سورة البقرة(2): آية 194] [سورة البقرة(2): آية 195] [سورة البقرة(2): آية 196] [سورة البقرة(2): الآيات 197 الى 198] [سورة البقرة(2): الآيات 199 الى 203] [سورة البقرة(2): الآيات 204 الى 207] [سورة البقرة(2): الآيات 208 الى 210] [سورة البقرة(2): الآيات 211 الى 213] [سورة البقرة(2): آية 214] [سورة البقرة(2): الآيات 215 الى 216] [سورة البقرة(2): الآيات 217 الى 218] [سورة البقرة(2): الآيات 219 الى 220] [سورة البقرة(2): آية 221] [سورة البقرة(2): الآيات 222 الى 223] [سورة البقرة(2): الآيات 224 الى 225] [سورة البقرة(2): الآيات 226 الى 227] [سورة البقرة(2): آية 228] [سورة البقرة(2): الآيات 229 الى 230] [سورة البقرة(2): آية 231] [سورة البقرة(2): آية 232] [سورة البقرة(2): آية 233] [سورة البقرة(2): آية 234] [سورة البقرة(2): آية 235] [سورة البقرة(2): الآيات 236 الى 237] [سورة البقرة(2): الآيات 238 الى 239] [سورة البقرة(2): الآيات 240 الى 242] [سورة البقرة(2): الآيات 243 الى 245] [سورة البقرة(2): الآيات 246 الى 252] [سورة البقرة(2): آية 253] [سورة البقرة(2): آية 254] [سورة البقرة(2): آية 255] [سورة البقرة(2): الآيات 256 الى 257] [سورة البقرة(2): آية 258] [سورة البقرة(2): آية 259] [سورة البقرة(2): آية 260] [سورة البقرة(2): الآيات 261 الى 265] [سورة البقرة(2): آية 266] [سورة البقرة(2): الآيات 267 الى 271] [سورة البقرة(2): الآيات 272 الى 274] [سورة البقرة(2): الآيات 275 الى 277] [سورة البقرة(2): الآيات 278 الى 281] [سورة البقرة(2): الآيات 282 الى 283] [سورة البقرة(2): آية 284] [سورة البقرة(2): الآيات 285 الى 286]

سورة آل عمران

[سورة آل‏عمران(3): الآيات 1 الى 6] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 7 الى 9] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 10 الى 13] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 14 الى 17] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 18 الى 20] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 21 الى 25] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 26 الى 27] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 28 الى 30] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 31 الى 34] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 35 الى 37] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 38 الى 44] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 45 الى 51] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 52 الى 58] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 59 الى 63] [سورة آل‏عمران(3): آية 64] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 65 الى 68] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 69 الى 74] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 75 الى 77] [سورة آل‏عمران(3): آية 78] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 79 الى 80] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 81 الى 82] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 83 الى 85] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 86 الى 91] [سورة آل‏عمران(3): آية 92] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 93 الى 95] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 96 الى 97] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 98 الى 103] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 104 الى 109] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 110 الى 112] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 113 الى 117] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 118 الى 120] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 121 الى 129] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 130 الى 136] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 137 الى 148] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 149 الى 153] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 154 الى 155] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 156 الى 164] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 165 الى 168] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 169 الى 175] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 176 الى 180] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 181 الى 184] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 185 الى 189] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 190 الى 194] [سورة آل‏عمران(3): آية 195] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 196 الى 200]

سورة النساء

[سورة النساء(4): الآيات 1 الى 4] [سورة النساء(4): الآيات 5 الى 6] [سورة النساء(4): الآيات 7 الى 10] [سورة النساء(4): الآيات 11 الى 14] [سورة النساء(4): الآيات 15 الى 18] [سورة النساء(4): الآيات 19 الى 22] [سورة النساء(4): الآيات 23 الى 28] [سورة النساء(4): الآيات 29 الى 31] [سورة النساء(4): الآيات 32 الى 34] [سورة النساء(4): آية 35] [سورة النساء(4): آية 36] [سورة النساء(4): الآيات 37 الى 42] [سورة النساء(4): آية 43] [سورة النساء(4): الآيات 44 الى 48] [سورة النساء(4): الآيات 49 الى 55] [سورة النساء(4): الآيات 56 الى 57] [سورة النساء(4): آية 58] [سورة النساء(4): آية 59] [سورة النساء(4): الآيات 60 الى 65] [سورة النساء(4): الآيات 66 الى 70] [سورة النساء(4): الآيات 71 الى 76] [سورة النساء(4): الآيات 77 الى 81] [سورة النساء(4): الآيات 82 الى 83] [سورة النساء(4): الآيات 84 الى 87] [سورة النساء(4): الآيات 88 الى 91] [سورة النساء(4): الآيات 92 الى 93] [سورة النساء(4): آية 94] [سورة النساء(4): الآيات 95 الى 96] [سورة النساء(4): الآيات 97 الى 100] [سورة النساء(4): الآيات 101 الى 102] [سورة النساء(4): الآيات 103 الى 104] [سورة النساء(4): الآيات 105 الى 109] [سورة النساء(4): الآيات 110 الى 113] [سورة النساء(4): الآيات 114 الى 115] [سورة النساء(4): الآيات 116 الى 122] [سورة النساء(4): الآيات 123 الى 126] [سورة النساء(4): آية 127] [سورة النساء(4): الآيات 128 الى 130] [سورة النساء(4): الآيات 131 الى 134] [سورة النساء(4): الآيات 135 الى 136] [سورة النساء(4): الآيات 137 الى 141] [سورة النساء(4): الآيات 142 الى 147] [سورة النساء(4): الآيات 148 الى 149] [سورة النساء(4): الآيات 150 الى 152] [سورة النساء(4): الآيات 159 الى 153] [سورة النساء(4): الآيات 160 الى 165] [سورة النساء(4): الآيات 166 الى 171] [سورة النساء(4): الآيات 172 الى 175] [سورة النساء(4): آية 176]
فهرس الجزء الأول

الجزء الثاني

تنبيه:

سورة المائدة

[سورة المائدة(5): الآيات 1 الى 2] [سورة المائدة(5): آية 3] [سورة المائدة(5): الآيات 4 الى 5] [سورة المائدة(5): آية 6] [سورة المائدة(5): الآيات 7 الى 11] [سورة المائدة(5): الآيات 12 الى 14] [سورة المائدة(5): الآيات 15 الى 16] [سورة المائدة(5): الآيات 17 الى 18] [سورة المائدة(5): آية 19] [سورة المائدة(5): الآيات 20 الى 26] [سورة المائدة(5): الآيات 27 الى 31] [سورة المائدة(5): الآيات 32 الى 34] [سورة المائدة(5): الآيات 35 الى 37] [سورة المائدة(5): الآيات 38 الى 40] [سورة المائدة(5): الآيات 41 الى 44] [سورة المائدة(5): الآيات 45 الى 50] [سورة المائدة(5): الآيات 51 الى 56] [سورة المائدة(5): الآيات 57 الى 63] [سورة المائدة(5): الآيات 64 الى 66] [سورة المائدة(5): آية 67] [سورة المائدة(5): الآيات 68 الى 75] [سورة المائدة(5): الآيات 76 الى 81] [سورة المائدة(5): الآيات 82 الى 86] [سورة المائدة(5): الآيات 87 الى 88] [سورة المائدة(5): آية 89] [سورة المائدة(5): الآيات 90 الى 93] [سورة المائدة(5): الآيات 94 الى 99] [سورة المائدة(5): الآيات 100 الى 104] [سورة المائدة(5): آية 105] [سورة المائدة(5): الآيات 106 الى 108] [سورة المائدة(5): الآيات 109 الى 111] [سورة المائدة(5): الآيات 112 الى 115] [سورة المائدة(5): الآيات 116 الى 120]

سورة الأنعام

[سورة الأنعام(6): الآيات 1 الى 3] [سورة الأنعام(6): الآيات 4 الى 11] [سورة الأنعام(6): الآيات 12 الى 21] [سورة الأنعام(6): الآيات 22 الى 30] [سورة الأنعام(6): الآيات 31 الى 36] [سورة الأنعام(6): الآيات 37 الى 39] [سورة الأنعام(6): الآيات 40 الى 45] [سورة الأنعام(6): الآيات 46 الى 49] [سورة الأنعام(6): الآيات 50 الى 55] [سورة الأنعام(6): الآيات 56 الى 59] [سورة الأنعام(6): الآيات 60 الى 62] [سورة الأنعام(6): الآيات 63 الى 65] [سورة الأنعام(6): الآيات 66 الى 73] [سورة الأنعام(6): الآيات 74 الى 83] [سورة الأنعام(6): الآيات 84 الى 90] [سورة الأنعام(6): الآيات 91 الى 94] [سورة الأنعام(6): الآيات 95 الى 99] [سورة الأنعام(6): الآيات 100 الى 103] [سورة الأنعام(6): الآيات 104 الى 108] [سورة الأنعام(6): الآيات 109 الى 113] [سورة الأنعام(6): الآيات 114 الى 117] [سورة الأنعام(6): الآيات 118 الى 120] [سورة الأنعام(6): آية 121] [سورة الأنعام(6): الآيات 122 الى 124] [سورة الأنعام(6): الآيات 125 الى 128] [سورة الأنعام(6): الآيات 129 الى 132] [سورة الأنعام(6): الآيات 133 الى 137] [سورة الأنعام(6): الآيات 138 الى 140] [سورة الأنعام(6): الآيات 141 الى 142] [سورة الأنعام(6): الآيات 143 الى 144] [سورة الأنعام(6): آية 145] [سورة الأنعام(6): الآيات 146 الى 147] [سورة الأنعام(6): الآيات 148 الى 150] [سورة الأنعام(6): الآيات 151 الى 153] [سورة الأنعام(6): الآيات 154 الى 157] [سورة الأنعام(6): آية 158] [سورة الأنعام(6): الآيات 159 الى 160] [سورة الأنعام(6): الآيات 161 الى 163] [سورة الأنعام(6): الآيات 164 الى 165]

سورة الأعراف

[سورة الأعراف(7): الآيات 1 الى 7] [سورة الأعراف(7): الآيات 8 الى 18] [سورة الأعراف(7): الآيات 19 الى 25] [سورة الأعراف(7): الآيات 26 الى 27] [سورة الأعراف(7): الآيات 28 الى 30] [سورة الأعراف(7): الآيات 31 الى 33] [سورة الأعراف(7): الآيات 34 الى 39] [سورة الأعراف(7): الآيات 40 الى 43] [سورة الأعراف(7): الآيات 44 الى 49] [سورة الأعراف(7): الآيات 50 الى 54] [سورة الأعراف(7): الآيات 55 الى 58] [سورة الأعراف(7): الآيات 59 الى 64] [سورة الأعراف(7): الآيات 65 الى 72] [سورة الأعراف(7): الآيات 73 الى 79] [سورة الأعراف(7): الآيات 80 الى 84] [سورة الأعراف(7): الآيات 85 الى 93] [سورة الأعراف(7): الآيات 94 الى 100] [سورة الأعراف(7): الآيات 101 الى 102] [سورة الأعراف(7): الآيات 103 الى 122] [سورة الأعراف(7): الآيات 123 الى 129] [سورة الأعراف(7): الآيات 130 الى 136] [سورة الأعراف(7): الآيات 137 الى 141] [سورة الأعراف(7): آية 142] [سورة الأعراف(7): الآيات 143 الى 147] [سورة الأعراف(7): الآيات 148 الى 151] [سورة الأعراف(7): الآيات 152 الى 154] [سورة الأعراف(7): الآيات 155 الى 157] [سورة الأعراف(7): آية 158] [سورة الأعراف(7): الآيات 159 الى 166] [سورة الأعراف(7): الآيات 167 الى 170] [سورة الأعراف(7): آية 171] [سورة الأعراف(7): الآيات 172 الى 174] [سورة الأعراف(7): الآيات 175 الى 178] [سورة الأعراف(7): آية 179] [سورة الأعراف(7): آية 180] [سورة الأعراف(7): الآيات 181 الى 186] [سورة الأعراف(7): الآيات 187 الى 192] [سورة الأعراف(7): الآيات 193 الى 198] [سورة الأعراف(7): الآيات 199 الى 206]

سورة التوبة

[سورة التوبة(9): الآيات 1 الى 3] [سورة التوبة(9): الآيات 4 الى 6] [سورة التوبة(9): الآيات 7 الى 11] [سورة التوبة(9): الآيات 12 الى 16] [سورة التوبة(9): الآيات 17 الى 22] [سورة التوبة(9): الآيات 23 الى 24] [سورة التوبة(9): الآيات 25 الى 27] [سورة التوبة(9): الآيات 28 الى 29] [سورة التوبة(9): الآيات 30 الى 33] [سورة التوبة(9): الآيات 34 الى 35] [سورة التوبة(9): الآيات 36 الى 37] [سورة التوبة(9): الآيات 38 الى 42] [سورة التوبة(9): الآيات 43 الى 49] [سورة التوبة(9): الآيات 50 الى 57] [سورة التوبة(9): الآيات 58 الى 60] [سورة التوبة(9): الآيات 61 الى 66] [سورة التوبة(9): الآيات 67 الى 70] [سورة التوبة(9): الآيات 71 الى 72] [سورة التوبة(9): الآيات 73 الى 74] [سورة التوبة(9): الآيات 75 الى 79] [سورة التوبة(9): الآيات 80 الى 83] [سورة التوبة(9): الآيات 84 الى 89] [سورة التوبة(9): آية 90] [سورة التوبة(9): الآيات 91 الى 93] [سورة التوبة(9): الآيات 94 الى 99] [سورة التوبة(9): الآيات 100 الى 106] [سورة التوبة(9): الآيات 107 الى 110] [سورة التوبة(9): الآيات 111 الى 112] [سورة التوبة(9): الآيات 113 الى 114] [سورة التوبة(9): الآيات 115 الى 119] [سورة التوبة(9): الآيات 120 الى 121] [سورة التوبة(9): الآيات 122 الى 123] [سورة التوبة(9): الآيات 124 الى 129]

الجزء الثالث

الجزء الرابع

الجزء الخامس

فهرس الموضوعات

الجزء السادس

(4) فهرس القراءات القرآنية

سورة الفاتحة(1) سورة البقرة(2) سورة آل عمران(3) سورة النساء(4) سورة المائدة(5) سورة الأنعام(6) سورة الأعراف(7) سورة الأنفال(8) سورة براءة - التوبة(9) سورة يونس(10) سورة هود(11) سورة يوسف(12) سورة الرعد(13) سورة إبراهيم(14) سورة الحجر(15) سورة النحل(16) سورة الإسراء(17) سورة الكهف(18) سورة مريم(19) سورة طه(20) سورة الأنبياء(21) سورة الحج(22) سورة المؤمنون(23) سورة النور(24) سورة الفرقان(25) سورة الشعراء(26) سورة النمل(27) سورة القصص(28) سورة العنكبوت(29) سورة الروم(30) سورة لقمان(31) سورة السجدة(32) سورة الأحزاب(33) سورة سبأ(34) سورة فاطر(35) سورة يس(36) سورة الصافات(37) سورة ص(38) سورة الزمر(39) سورة غافر(40) سورة فصلت(41) سورة الشورى(42) سورة الزخرف(43) سورة الدخان(44) سورة الجاثية(45) سورة الأحقاف(46) سورة محمد(47) سورة الفتح(48) سورة الحجرات(49) سورة ق(50) سورة الذاريات(51) سورة الطور(52) سورة النجم(53) سورة القمر(54) سورة الرحمن(55) سورة الواقعة(56) سورة الحديد(57) سورة المجادلة(58) سورة الحشر(59) سورة الممتحنة(60) سورة الصف(61) سورة الجمعة(62) سورة المنافقون(63) سورة التغابن(64) سورة الطلاق(65) سورة التحريم(66) سورة الملك(67) سورة القلم(68) سورة الحاقة(69) سورة المعارج(70) سورة نوح(71) سورة الجن(72) سورة المزمل(73) سورة المدثر(74) سورة القيامة(75) سورة الإنسان(76) سورة المرسلات(77) سورة النبأ(78) سورة النازعات(79) سورة عبس(80) سورة التكوير(81) سورة الانفطار(82) سورة المطففين(83) سورة الانشقاق(84) سورة البروج(85) سورة الطارق(86) سورة الأعلى(87) سورة الغاشية(88) سورة الفجر(89) سورة البلد(90) سورة الشمس(91) سورة الليل(92) سورة الضحى(93) سورة الشرح(94) سورة التين(95) سورة العلق(96) سورة القدر(97) سورة البينة(98) سورة الزلزلة(99) سورة العاديات(100) سورة القارعة(101) سورة التكاثر(102) سورة العصر(103) سورة الهمزة(104) سورة قريش(106) سورة الماعون(107) سورة الكوثر(108) سورة الكافرون(109) سورة المسد(111) سورة الإخلاص(112) سورة الفلق(113) سورة الناس(114)

(5) فهرس المفردات اللغوية

سورة الفاتحة(1) سورة البقرة(2) سورة آل عمران(3) سورة النساء(4) سورة المائدة(5) سورة الأنعام(6) سورة الأعراف(7) سورة الأنفال(8) سورة التوبة(براءة)(9) سورة يونس(10) سورة هود(11) سورة يوسف(12) سورة الرعد(13) سورة إبراهيم(14) سورة الحجر(15) سورة النحل(16) سورة الإسراء(17) سورة الكهف(18) سورة مريم(19) سورة طه(20) سورة الأنبياء(21) سورة الحج(22) سورة المؤمنون(23) سورة النور(24) سورة الفرقان(25) سورة الشعراء(26) سورة النمل(27) سورة القصص(28) سورة العنكبوت(29) سورة الروم(30) سورة لقمان(31) سورة السجدة(32) سورة الأحزاب(33) سورة سبأ(34) سورة فاطر(35) سورة يس(36) سورة الصافات(37) سورة ص(38) سورة الزمر(39) سورة غافر(40) سورة حم السجدة(41) سورة الشورى(42) سورة الزخرف(43) سورة الدخان(44) سورة الجاثية(45) سورة الأحقاف(46) سورة محمد(47) سورة الفتح(48) سورة الحجرات(49) سورة ق(50) سورة الذاريات(51) سورة الطور(52) سورة النجم(53) سورة القمر(54) سورة الرحمن(55) سورة الواقعة(56) سورة الحديد(57) سورة المجادلة(58) سورة الحشر(59) سورة الممتحنة(60) سورة الصف(61) سورة الجمعة(62) سورة المنافقون(63) سورة التغابن(64) سورة الطلاق(65) سورة التحريم(66) سورة الملك(67) سورة ن(68) سورة الحاقة(69) سورة المعارج(70) سورة نوح(71) سورة الجن(72) سورة المزمل(73) سورة المدثر(74) سورة القيامة(75) سورة الإنسان(76) سورة المرسلات(77) سورة عم(78) سورة النازعات(79) سورة عبس(80) سورة التكوير(81) سورة الانفطار(82) سورة المطففين(83) سورة الانشقاق(84) سورة البروج(85) سورة الطارق(86) سورة الأعلى(87) سورة الغاشية(88) سورة الفجر(89) سورة البلد(90) سورة الشمس(91) سورة الليل(92) سورة الضحى(93) سورة الشرح(94) سورة التين(95) سورة العلق(96) سورة القدر(97) سورة البينة(98) سورة الزلزلة(99) سورة العاديات(100) سورة القارعة(101) سورة التكاثر(102) سورة العصر(103) سورة الهمزة(104) سورة الفيل(105) سورة قريش(106) سورة الماعون(107) سورة الكوثر(108) سورة النصر(110) سورة المسد(111) سورة الإخلاص(112) سورة الفلق(113) سورة الناس(114)

(6) فهرس الموضوعات العامة

مفاهيم القرآن

1 - الأرض: 2 - السكينة: 3 - السيئة: 4 - السلوى: 5 - السلم: 6 - الختم: 7 - الضعفاء: 8 - الحرج: 9 - الحديد: 10 - النعم: 11 - الرياح: 12 - الهجرة: 13 - الهلال: 14 - الوزر: 15 - الولاية: 16 - يأجوج و مأجوج: 17 - اليسر و التيسير: 18 - التراب: 19 - الأسماء: 20 - الطاغوت: 21 - العرب: 22 - العمر: 23 - الوسيلة: 24 - الماعون: 25 - المجادلة: 26 - المصائب: 27 - المطر: 28 - المعاد: 29 - الموالاة: 30 - المن: 31 - النحل: 32 - الفرح: 33 - فرعون: 34 - الفيل: 35 - القانت: 36 - القرابة: 37 - قريش: 38 - الكعبة: 39 - الكلمة: 40 - الكهانة و التنجيم: 41 - المباهلة: 42 - البحيرة: 43 - البدعة: 44 - الرأي: 45 - الرؤيا الصالحة: 46 - الروح: 47 - الضعفاء و الكبراء: 48 - الطاعون: 49 - النعيم: 50 - الجماعة: 51 - الدعوة إلى الله: 52 - الدابة: 53 - الشرع: 54 - الصابئون: 55 - الطمس: 56 - الطين: 57 - العالم: 58 - العسل: 59 - العصا: 60 - العقوبة: 61 - العنكبوت: 62 - العين: 63 - الفاسق: 64 - الفترة: 65 - الفتنة: 66 - الردة: 67 - الخصاء: 68 - الأهواء: 69 - السمع: 70 - الحق: 71 - التابوت: 72 - الأمة: 73 - الأسباط: 74 - الأموال: 75 - أهل البدع: 76 - الأنصار: 77 - الاعتبار: 78 - الميزان: 79 - التبني: 80 - آل فرعون: 81 - أكاذيب القصاص: 82 - إسرائيل: 83 - التهلكة: 83 - الأساطير: 84 - الآيات: 85 - الحياة و الموت: 86 - السماء: 87 - الوزن و الكيل: 88 - الولي: 89 - النجوم: 90 - الرياح: 91 - العهد: 92 - السائبة و الحام:

فتح القدير


صفحه قبل

فتح القدير، ج‏2، ص: 28

يومئذ بقتالهم، فأمره اللّه أن يعفو عنهم و يصفح ثم نسخ ذلك في براءة فقال: قاتِلُوا الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِاللَّهِ وَ لا بِالْيَوْمِ الْآخِرِ «1» الآية. و أخرج أبو عبيد و ابن جرير و ابن المنذر عن إبراهيم النخعي في قوله: فَأَغْرَيْنا بَيْنَهُمُ الْعَداوَةَ وَ الْبَغْضاءَ إِلى‏ يَوْمِ الْقِيامَةِ قال: أغرى بعضهم ببعض بالخصومات و الجدال في الدين.

[سورة المائدة (5): الآيات 15 الى 16]

يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتابِ وَ يَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ وَ كِتابٌ مُبِينٌ (15) يَهْدِي بِهِ اللَّهُ مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ سُبُلَ السَّلامِ وَ يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ بِإِذْنِهِ وَ يَهْدِيهِمْ إِلى‏ صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ (16)

الألف و اللام في الكتاب للجنس و الخطاب لليهود و النصارى‏ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا أي محمد صلّى اللّه عليه و سلّم حال كونه‏ يُبَيِّنُ لَكُمْ كَثِيراً مِمَّا كُنْتُمْ تُخْفُونَ مِنَ الْكِتابِ‏ المنزل عليكم، و هو التوراة و الإنجيل؛ كآية الرجم و قصة أصحاب السبت الممسوخين قردة وَ يَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ مما تخفونه، فيترك بيانه لعدم اشتماله على ما يجب بيانه عليه من الأحكام الشرعية، فإنّ ما لم يكن كذلك لا فائدة تتعلق ببيانه إلا مجرّد افتضاحكم؛ و قيل المعنى: إنه يعفو عن كثير فيتجاوزه و لا يخبركم به؛ و قيل: يعفو عن كثير منكم فلا يؤاخذهم بما يصدر منهم، و الجملة في محل نصب عطفا على الجملة الحالية: أعني قوله: يُبَيِّنُ لَكُمْ‏ . قوله: قَدْ جاءَكُمْ مِنَ اللَّهِ نُورٌ جملة مستأنفة مشتملة على بيان أن محمدا صلّى اللّه عليه و سلّم قد تضمنت بعثته فوائد غير ما تقدم من مجرد البيان.

قال الزجاج: النور محمد صلّى اللّه عليه و سلّم، و قيل: الإسلام. و الكتاب المبين: القرآن، فإنه المبين، و الضمير في قوله:

يَهْدِي بِهِ‏ راجع إلى الكتاب أو إليه و إلى النور لكونهما كالشي‏ء الواحد مَنِ اتَّبَعَ رِضْوانَهُ‏ أي ما رضيه اللّه، و سُبُلَ السَّلامِ‏ طرق السلامة من العذاب، الموصلة إلى دار السلام، المنزهة عن كل آفة؛ و قيل: المراد بالسلام: الإسلام‏ وَ يُخْرِجُهُمْ مِنَ الظُّلُماتِ‏ الكفرية إِلَى النُّورِ الإسلامي‏ وَ يَهْدِيهِمْ إِلى‏ صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ‏ إلى طريق يتوصلون بها إلى الحق لا عوج فيها و لا مخافة.

و قد أخرج ابن جرير عن قتادة في قوله: رَسُولُنا قال: هو محمد صلّى اللّه عليه و سلّم. و أخرج ابن جرير أيضا عن عكرمة قال: إن نبيّ اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم أتاه اليهود يسألونه عن الرجم فقال: أيكم أعلم؟ فأشاروا إلى ابن صوريا، فناشده بالذي أنزل التوراة على موسى و الذي رفع الطور و ناشده بالمواثيق التي أخذت عليهم حتى أخذه أفكل‏ «2» ، فقال: إنه لما كثر فينا جلدنا مائة جلدة و حلقنا الرؤوس. فحكم عليهم بالرّجم، فنزلت هذه الآية. و أخرج ابن المنذر عن ابن جريج نحوه. و أخرج عبد بن حميد عن قتادة في قوله: وَ يَعْفُوا عَنْ كَثِيرٍ يقول عن كثير من الذنوب. و أخرج ابن جرير عن السدي قال: سُبُلَ السَّلامِ‏ هي سبيل اللّه الذي شرعه لعباده و دعاهم إليه و ابتعث به رسله؛ و هو الإسلام.

(1). التوبة: 29.

(2). الأفكل: الرّعدة.

فتح القدير، ج‏2، ص: 29

[سورة المائدة (5): الآيات 17 الى 18]

لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً إِنْ أَرادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَ أُمَّهُ وَ مَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَ لِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ ما بَيْنَهُما يَخْلُقُ ما يَشاءُ وَ اللَّهُ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ (17) وَ قالَتِ الْيَهُودُ وَ النَّصارى‏ نَحْنُ أَبْناءُ اللَّهِ وَ أَحِبَّاؤُهُ قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَ يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَ لِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ ما بَيْنَهُما وَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ (18)

ضمير الفصل في قوله: هُوَ الْمَسِيحُ‏ يفيد الحصر؛ قيل: و قد قال بذلك بعض طوائف النصارى؛ و قيل: لم يقل به أحد منهم، و لكن استلزم قولهم‏ إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ‏ لا غيره، و قد تقدّم في آخر سورة النساء ما يكفي و يغني عن التكرار. قوله: قُلْ فَمَنْ يَمْلِكُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً الاستفهام للتوبيخ و التقريع.

و الملك؛ و الملك: الضبط و الحفظ و القدرة، من قولهم: ملكت على فلان أمره: أي قدرت عليه: أي فمن يقدر أن يمنع‏ إِنْ أَرادَ أَنْ يُهْلِكَ الْمَسِيحَ ابْنَ مَرْيَمَ وَ أُمَّهُ وَ مَنْ فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً و إذا لم يقدر أحد أن يمنع من ذلك فلا إله إلا اللّه، و لا ربّ غيره، و لا معبود بحق سواه، و لو كان المسيح إلها كما تزعم النصارى لكان له من الأمر شي‏ء، و لقدر على أن يدفع عن نفسه أقلّ حال و لم يقدر على أن يدفع عن أمه الموت عند نزوله بها، و تخصيصها بالذكر مع دخولها في عموم من في الأرض لكون الدفع منه عنها أولى و أحق من غيرها، فهو إذا لم يقدر على الدّفع عنها أعجز عن أن يدفع عن غيرها، و ذكر من في الأرض للدلالة على شمول قدرته، و أنه إذا أراد شيئا كان لا معارض له في أمره و لا مشارك له في قضائه‏ وَ لِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ ما بَيْنَهُما أي ما بين النوعين من المخلوقات. قوله: يَخْلُقُ ما يَشاءُ جملة مستأنفة مسوقة لبيان أنه سبحانه خالق الخلق بحسب مشيئته، و أنه يقدر على كل شي‏ء لا يستصعب عليه شي‏ء. قوله: وَ قالَتِ الْيَهُودُ وَ النَّصارى‏ نَحْنُ أَبْناءُ اللَّهِ وَ أَحِبَّاؤُهُ‏ أثبتت اليهود لأنفسها ما أثبتته لعزيز حيث قالوا: عُزَيْرٌ ابْنُ اللَّهِ‏ و أثبتت النصارى لأنفسها ما أثبتته للمسيح حيث قالوا: الْمَسِيحُ ابْنُ اللَّهِ‏ «1» و قيل: هو على حذف مضاف:

أي نحن أتباع أبناء اللّه، و هكذا أثبتوا لأنفسهم أنهم أحباء اللّه بمجرد الدعوى الباطلة و الأماني العاطلة، فأمر اللّه سبحانه رسوله صلّى اللّه عليه و سلّم أن يردّ عليهم، فقال: قُلْ فَلِمَ يُعَذِّبُكُمْ بِذُنُوبِكُمْ‏ أي إن كنتم كما تزعمون، فما باله يعذبكم بما تقترفونه من الذنوب بالقتل و المسخ و بالنار في يوم القيامة كما تعترفون بذلك لقولكم: لَنْ تَمَسَّنَا النَّارُ إِلَّا أَيَّاماً مَعْدُودَةً «2» فإن الابن من جنس أبيه لا يصدر عنه ما يستحيل على الأب و أنتم تذنبون، و الحبيب لا يعذب حبيبه و أنتم تعذبون، فهذا يدلّ على أنكم كاذبون في هذه الدعوى. و هذا البرهان هو المسمى عند الجدليين ببرهان الخلف. قوله: بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ‏ عطف على مقدّر يدلّ عليه الكلام: أي فلستم حينئذ كذلك‏ بَلْ أَنْتُمْ بَشَرٌ مِمَّنْ خَلَقَ‏ أي من جنس من خلقه اللّه تعالى يحاسبهم على الخير و الشرّ، و يجازي كل عامل بعمله‏ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَ يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَ لِلَّهِ مُلْكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ ما بَيْنَهُما من الموجودات‏ وَ إِلَيْهِ الْمَصِيرُ أي تصيرون إليه عند انتقالكم من دار الدنيا إلى دار الآخرة.

(1). التوبة: 30.

(2). البقرة: 80.

فتح القدير، ج‏2، ص: 30

و قد أخرج ابن إسحاق و ابن جرير و ابن المنذر و ابن أبي حاتم و البيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال:

أتى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم نعمان بن أضاء و بحريّ بن عمرو و شأس بن عديّ فكلّموه و كلّمهم رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم، و دعاهم إلى اللّه و حذرهم نقمته، فقالوا: ما تخوّفنا يا محمد نَحْنُ أَبْناءُ اللَّهِ وَ أَحِبَّاؤُهُ‏ كقول النصارى فأنزل اللّه فيهم‏ وَ قالَتِ الْيَهُودُ وَ النَّصارى‏ إلى آخر الآية. و أخرج أحمد في مسنده عن أنس قال: «مرّ النبي صلّى اللّه عليه و سلّم في نفر من أصحابه، و صبيّ في الطريق، فلما رأت أمه القوم خشيت على ولدها أن يوطأ، فأقبلت تسعى و تقول: ابني ابني، فسعت فأخذته، فقال القوم: يا رسول اللّه ما كانت هذه لتلقي ابنها في النار! فقال النبي صلّى اللّه عليه و سلّم: «لا، و اللّه لا يلقي حبيبه في النار». و إسناده في المسند هكذا: حدّثنا ابن أبي عدي عن حميد عن أنس فذكره. و معنى الآية يشير إلى معنى هذا الحديث، و لهذا قال بعض مشايخ الصوفية لبعض الفقهاء: أين تجد في القرآن أن الحبيب لا يعذب حبيبه؟ فلم يردّ عليه، فتلا الصوفيّ هذه الآية. و أخرج أحمد في الزهد عن الحسن أن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم قال: «لا و اللّه لا يعذب اللّه حبيبه، و لكن قد يبتليه في الدنيا».

و أخرج ابن جرير عن السديّ في قوله: يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَ يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ يقول: يهدي منكم من يشاء في الدنيا فيغفر له، و يميت من يشاء منكم على كفره فيعذبه.

[سورة المائدة (5): آية 19]

يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلى‏ فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ أَنْ تَقُولُوا ما جاءَنا مِنْ بَشِيرٍ وَ لا نَذِيرٍ فَقَدْ جاءَكُمْ بَشِيرٌ وَ نَذِيرٌ وَ اللَّهُ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ (19)

المراد بأهل الكتاب اليهود و النصارى. و الرسول هو محمد صلّى اللّه عليه و سلّم و يُبَيِّنُ لَكُمْ‏ حال. و المبين هو ما شرعه اللّه لعباده و حذف للعلم به، لأنّ بعثة الرسل إنما هي بذلك. و الفترة أصلها السكون، يقال فتر الشي‏ء:

سكن؛ و قيل: هي الانقطاع. قاله أبو علي الفارسي و غيره؛ و منه فتر الماء: إذا انقطع عما كان عليه من البرد إلى السخونة؛ و فتر الرجل عن عمله: إذا انقطع عما كان عليه من الجدّ فيه، و امرأة فاترة الطرف: أي منقطعة عن حدة النظر. و المعنى: أنه انقطع الرسل قبل بعثه صلّى اللّه عليه و سلّم مدّة من الزمان. و اختلف في قدر مدّة تلك الفترة و سيأتي بيان ذلك. قوله: أَنْ تَقُولُوا ما جاءَنا مِنْ بَشِيرٍ وَ لا نَذِيرٍ تعليل لمجي‏ء الرسول بالبيان على حين فترة: أي كراهة أن تقولوا هذا القول معتذرين عن تفريطكم، و مِنَ‏ في قوله: مِنْ بَشِيرٍ زائدة للمبالغة في نفي المجي‏ء، و الفاء في قوله: فَقَدْ جاءَكُمْ‏ هي الفصيحة مثل قول الشاعر:

فقد جئنا خراسانا أي لا تعتذروا فقد جاءكم بشير و نذير، و هو محمد صلّى اللّه عليه و سلّم‏ وَ اللَّهُ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ ، و من جملة مقدوراته إرسال رسوله على فترة من الرسل.

و قد أخرج ابن إسحاق و ابن جرير و ابن المنذر و ابن أبي حاتم و البيهقي في الدلائل عن ابن عباس قال:

دعا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم يهود إلى الإسلام، فرغّبهم فيه و حذّرهم فأبوا عليه، فقال لهم معاذ بن جبل و سعد

فتح القدير، ج‏2، ص: 31

ابن عبادة و عقبة بن وهب: يا معشر يهود اتقوا اللّه فو اللّه إنكم لتعلمون أنه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم، لقد كنتم تذكرونه لنا قبل مبعثه و تصفونه لنا بصفته، فقال رافع بن حرملة و وهب بن يهوذا: ما قلنا لكم هذا و ما أنزل اللّه من كتاب من بعد موسى و لا أرسل بشيرا و لا نذيرا بعده، فأنزل اللّه‏ يا أَهْلَ الْكِتابِ قَدْ جاءَكُمْ رَسُولُنا يُبَيِّنُ لَكُمْ عَلى‏ فَتْرَةٍ مِنَ الرُّسُلِ‏ الآية. و أخرج عبد بن حميد و ابن جرير و ابن المنذر عن قتادة في الآية قال: هو محمد صلّى اللّه عليه و سلّم جاء بالحق الذي فرّق اللّه به بين الحق و الباطل، فيه بيان و موعظة و نور و هدى و عصمة لمن أخذ به. قال: و كانت الفترة بين عيسى و محمد ستّمائة سنة و ما شاء اللّه من ذلك. و أخرج عبد الرزاق و عبد بن حميد و ابن جرير عنه قال: كانت خمسمائة سنة و ستين سنة. و قال الكلبي: خمسمائة سنة و أربعين سنة. و أخرج ابن المنذر عن ابن جريج قال: كانت خمسمائة سنة. و أخرج ابن جرير عن الضحاك قال: كانت أربعمائة سنة و بضعا و ثلاثين سنة. و أخرج ابن سعد في كتاب الطبقات عن ابن عباس قال:

كان بين موسى و عيسى ألف سنة و تسعمائة سنة و لم يكن بينهما فترة، فإنه أرسل بينهما ألف نبيّ من بني إسرائيل سوى من أرسل من غيرهم، و كان بين ميلاد عيسى و محمد صلّى اللّه عليه و سلّم خمسمائة سنة و تسع و ستون سنة، بعث في أوّلها ثلاثة أنبياء كما قال اللّه تعالى: إِذْ أَرْسَلْنا إِلَيْهِمُ اثْنَيْنِ فَكَذَّبُوهُما فَعَزَّزْنا بِثالِثٍ‏ «1» و الذي عزّز به شمعون و كان من الحواريين، و كانت الفترة التي لم يبعث اللّه فيها رسولا أربعمائة سنة و أربعة و ثلاثين سنة.

و قد قيل غير ما ذكرناه.

[سورة المائدة (5): الآيات 20 الى 26]

وَ إِذْ قالَ مُوسى‏ لِقَوْمِهِ يا قَوْمِ اذْكُرُوا نِعْمَتَ اللَّهِ عَلَيْكُمْ إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِياءَ وَ جَعَلَكُمْ مُلُوكاً وَ آتاكُمْ ما لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ (20) يا قَوْمِ ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ وَ لا تَرْتَدُّوا عَلى‏ أَدْبارِكُمْ فَتَنْقَلِبُوا خاسِرِينَ (21) قالُوا يا مُوسى‏ إِنَّ فِيها قَوْماً جَبَّارِينَ وَ إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها حَتَّى يَخْرُجُوا مِنْها فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْها فَإِنَّا داخِلُونَ (22) قالَ رَجُلانِ مِنَ الَّذِينَ يَخافُونَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبابَ فَإِذا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غالِبُونَ وَ عَلَى اللَّهِ فَتَوَكَّلُوا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (23) قالُوا يا مُوسى‏ إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها أَبَداً ما دامُوا فِيها فَاذْهَبْ أَنْتَ وَ رَبُّكَ فَقاتِلا إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ (24)

قالَ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلاَّ نَفْسِي وَ أَخِي فَافْرُقْ بَيْنَنا وَ بَيْنَ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ (25) قالَ فَإِنَّها مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ أَرْبَعِينَ سَنَةً يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ فَلا تَأْسَ عَلَى الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ (26)

هذه الآيات متضمنة للبيان من اللّه سبحانه بأنّ أسلاف اليهود الموجودين في عصر محمد صلّى اللّه عليه و سلّم تمرّدوا على موسى و عصوه كما تمرّد هؤلاء على نبينا صلّى اللّه عليه و سلّم و عصوه، و في ذلك تسلية له صلّى اللّه عليه و سلّم، و روي عن عبد اللّه بن كثير أنه قرأ يا قَوْمِ اذْكُرُوا بضم الميم و كذا قرأ فيما أشبهه، و تقديره: يا أيها القوم اذكروا نعمة اللّه عليكم إذ جعل فيكم أنبياء: أي وقت هذا الجعل، و إيقاع الذّكر على الوقت مع كون المقصود ما وقع فيه من الحوادث للمبالغة، لأنّ الأمر بذكر الوقت أمر بذكر ما وقع فيه بطريق الأولى، و امتنّ عليهم سبحانه بجعل الأنبياء فيهم مع كونه قد جعل أنبياء من غيرهم، لكثرة من بعثه من الأنبياء منهم قوله: وَ جَعَلَكُمْ مُلُوكاً أي: و جعل‏

(1). يس: 14.

فتح القدير، ج‏2، ص: 32

منكم ملوكا، و إنما حذف حرف الجرّ لظهور أنّ معنى الكلام على تقديره، و يمكن أن يقال: إن منصب النبوّة لما كان لعظم قدره و جلالة خطره بحيث لا ينسب إلى غير من هو له قال فيه: إِذْ جَعَلَ فِيكُمْ أَنْبِياءَ و لما كان منصب الملك مما يجوز نسبته إلى غير من قال به كما تقول قرابة الملك نحن الملوك، قال فيه: وَ جَعَلَكُمْ مُلُوكاً و قيل المراد بالملك: أنهم ملوكا أمرهم بعد أن كانوا مملوكين لفرعون، فهم جميعا ملوك بهذا المعنى؛ و قيل معناه: أنه جعلهم ذوي منازل لا يدخل عليهم غيرهم إلا بإذن؛ و قيل: غير ذلك. و الظاهر أنّ المراد من الآية الملك الحقيقي، و لو كان بمعنى آخر لما كان للامتنان به كثير معنى. فإن قلت: قد جعل غيرهم ملوكا كما جعلهم. قلت: قد كثر الملوك فيهم كما كثر الأنبياء، فهذا وجه الامتنان. قوله: وَ آتاكُمْ ما لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ‏ أي من المنّ و السلوى و الحجر و الغمام و كثرة الأنبياء و كثرة الملوك و غير ذلك. و المراد عالمي زمانهم. و قيل: إن الخطاب هاهنا لأمة محمد صلّى اللّه عليه و سلّم، و هو عدول عن الظاهر لغير موجب، و الصواب ما ذهب إليه جمهور المفسرين من أنه من كلام موسى لقومه، و خاطبهم بهذا الخطاب توطئة و تمهيدا لما بعده من أمره لهم بدخول الأرض المقدّسة.

و قد اختلف في تعيينها؛ فقال قتادة: هي الشام، و قال مجاهد: الطور و ما حوله، و قال ابن عباس و السدّي و غيرهما: أريحاء، و قال الزجاج: دمشق و فلسطين و بعض الأردن. و قول قتادة يجمع هذه الأقوال المذكورة بعده. و المقدسة: المطهرة، و قيل: المباركة الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ‏ أي قسّمها و قدّرها لهم في سابق علمه و جعلها مسكنا لكم‏ وَ لا تَرْتَدُّوا عَلى‏ أَدْبارِكُمْ‏ أي لا ترجعوا عن أمري و تتركوا طاعتي و ما أوجبته عليكم من قتال الجبارين جبنا و فشلا فَتَنْقَلِبُوا بسبب ذلك‏ خاسِرِينَ‏ لخير الدنيا و الآخرة قالُوا يا مُوسى‏ إِنَّ فِيها قَوْماً جَبَّارِينَ‏ قال الزجاج: الجبار من الآدميين العاتي، و هو الذي يجبر الناس على ما يريد، و أصله على هذا من الإجبار و هو الإكراه، فإنه يجبر غيره على ما يريده، يقال أجبره: إذا أكرهه؛ و قيل: هو مأخوذ من جبر العظم، فأصل الجبار على هذا المصلح لأمر نفسه، ثم استعمل في كلّ من جرّ إلى نفسه نفعا بحق أو باطل؛ و قيل: إن جبر العظم راجع إلى معنى الإكراه. قال الفراء: لم أسمع فعّالا من أفعل إلا في حرفين، جبّار من أجبر، و درّاك من أدرك. و المراد هنا: أنهم قوم عظام الأجسام طوال متعاظمون؛ قيل: هم قوم من بقية قوم عاد؛ و قيل: هم من ولد عيص بن إسحاق؛ و قيل: هم من الروم؛ و يقال: إن منهم عوج ابن عنق المشهور بالطوال المفرط، و عنق هي بنت آدم، قيل: كان طوله ثلاثة آلاف ذراع و ثلاثمائة و ثلاثة و ثلاثين ذراعا و ثلث ذراع. قال ابن كثير: و هذا شي‏ء يستحيا من ذكره، ثم هو مخالف لما ثبت في الصحيحين أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم قال: «إن اللّه خلق آدم و طوله ستّون ذراعا ثم لم يزل الخلق ينقص». ثم قد ذكروا أن هذا الرجل كان كافرا، و أنه كان ولد زنية، و أنه امتنع من ركوب السفينة و أن الطوفان لم يصل إلى ركبته، و هذا كذب و افتراء، فإن اللّه ذكر أن نوحا دعا على أهل الأرض من الكافرين فقال: رَبِّ لا تَذَرْ عَلَى الْأَرْضِ مِنَ الْكافِرِينَ دَيَّاراً «1» ، و قال تعالى: فَأَنْجَيْناهُ وَ مَنْ مَعَهُ فِي الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ- ثُمَّ أَغْرَقْنا بَعْدُ الْباقِينَ‏ «2» و قال تعالى: لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ‏ «3» . و إذا كان ابن نوح الكافر غرق فكيف‏

(1). نوح: 26.

(2). الشعراء: 119- 120.

(3). هود: 43.

فتح القدير، ج‏2، ص: 33

يبقى عوج بن عنق و هو كافر ولد زنية؟ هذا لا يسوغ في عقل و لا شرع، ثم في وجود رجل يقال له عوج ابن عنق نظر و اللّه أعلم، انتهى كلامه.

قلت: لم يأت في أمر هذا الرجل ما يقتضي تطويل الكلام في شأنه، و ما هذا بأوّل كذبة اشتهرت في الناس، و لسنا بملزومين بدفع الأكاذيب التي وضعها القصاص و نفقت عند من لا يميز بين الصحيح و السقيم، فكم في بطون دفاتر التفاسير من أكاذيب و بلايا و أقاصيص كلها حديث خرافة، و ما أحقّ من لا تمييز عنده لفنّ الرواية و لا معرفة به أن يدع التعرّض لتفسير كتاب اللّه، و يضع هذه الحماقات و الأضحوكات في المواضع المناسبة لها من كتب القصاص. قوله: فَإِنْ يَخْرُجُوا مِنْها فَإِنَّا داخِلُونَ‏ هذا تصريح بما هو مفهوم من الجملة التي قبل هذه الجملة لبيان أن امتناعهم من الدخول ليس إلا لهذا السبب. قوله: قالَ رَجُلانِ‏ هما يوشع و كالب بن يوفنا أو ابن فانيا، و كانا من الاثني عشر نقيبا كما مرّ بيان ذلك. و قوله: مِنَ الَّذِينَ يَخافُونَ‏ أي يخافون من اللّه عزّ و جلّ؛ و قيل من الجبارين أي هذان الرجلان من جملة القوم الذين يخافون من الجبارين؛ و قيل: من الذين يخافون ضعف بني إسرائيل و جبنهم و قيل: إن الواو في‏ يَخافُونَ‏ لبني إسرائيل: أي من الذين يخافهم بنو إسرائيل. و قرأ مجاهد و سعيد بن جبير يَخافُونَ‏ بضم الياء: أي يخافهم غيرهم. قوله: أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمَا في محل رفع على أنه صفة ثانية لرجلان، بالإيمان و اليقين بحصول ما و عدوا به من النصر و الظفر ادْخُلُوا عَلَيْهِمُ الْبابَ‏ أي باب بلد الجبارين‏ فَإِذا دَخَلْتُمُوهُ فَإِنَّكُمْ غالِبُونَ‏ قالا: هذه المقالة لبني إسرائيل. و الظاهر أنهما قد علما بذلك من خبر موسى، أو قالاه ثقة بوعد اللّه، أو كانا قد عرفا أن الجبارين قد ملئت قلوبهم خوفا و رعبا قالُوا أي بنو إسرائيل لموسى‏ إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها أَبَداً ما دامُوا فِيها و كان هذا القول منهم فشلا و جبنا أو عنادا و جرأة على اللّه و على رسوله‏ فَاذْهَبْ أَنْتَ وَ رَبُّكَ فَقاتِلا قالوا: هذا جهلا باللّه عزّ و جلّ و بصفاته و كفرا بما يجب له، أو استهانة باللّه و رسوله؛ و قيل:

أرادوا بالذهاب الإرادة و القصد؛ و قيل: أرادوا بالربّ هارون، و كان أكبر من موسى، و كان موسى يطيعه‏ إِنَّا هاهُنا قاعِدُونَ‏ أي لا نبرح هاهنا، لا نتقدّم معك و لا نتأخر عن هذا الموضع؛ و قيل: أرادوا بذلك عدم التقدم لا عدم التأخر قالَ‏ موسى‏ رَبِّ إِنِّي لا أَمْلِكُ إِلَّا نَفْسِي وَ أَخِي‏ يحتمل أن يعطف و أخي على نفسي، و أن يعطف على الضمير في‏ إِنِّي‏ أي إني لا أملك إلا نفسي و إن أخي لا يملك إلا نفسه، قال هذا تحسرا و تحزنا و استجلابا للنصر من اللّه عزّ و جلّ‏ فَافْرُقْ بَيْنَنا وَ بَيْنَ الْقَوْمِ الْفاسِقِينَ‏ أي افصل بيننا: يعني نفسه و أخاه و بين القوم الفاسقين، و ميزنا عن جملتهم، و لا تحلقنا بهم في العقوبة؛ و قيل المعنى:

فاقض بيننا و بينهم، و قيل: إنما أراد في الآخرة. و قرأ عبيد بن عمير فَافْرُقْ‏ بكسر الراء. قالَ فَإِنَّها أي الأرض المقدّسة. مُحَرَّمَةٌ عَلَيْهِمْ‏ أي على هؤلاء العصاة بسبب امتناعهم من قتال الجبارين‏ أَرْبَعِينَ سَنَةً ظرف للتحريم: أي أنه محرّم عليهم دخولها هذه المدّة لا زيادة عليها، فلا يخالف هذا التحريم ما تقدّم من قوله: الَّتِي كَتَبَ اللَّهُ لَكُمْ‏ فإنها مكتوبة لمن بقي منهم بعد هذه المدّة؛ و قيل: إنه لم يدخلها أحد من قال: إِنَّا لَنْ نَدْخُلَها فيكون توقيت التحريم بهذه المدّة باعتبار ذراريهم؛ و قيل: إن‏ أَرْبَعِينَ سَنَةً

فتح القدير، ج‏2، ص: 34

ظرف لقوله: يَتِيهُونَ فِي الْأَرْضِ‏ أي يتيهون هذا المقدار فيكون التحريم مطلقا. و الموقت: هو التيه، و هو في اللغة الحيرة، يقال منه: تاه يتيه تيها أو توها إذا تحيّر، فالمعنى: يتحيّرون في الأرض؛ قيل: إن هذه الأرض التي تاهوا فيها كانت صغيرة نحو ستة فراسخ، كانوا يمسون حيث أصبحوا و يصبحون حيث أمسوا، و كانوا سيّارة مستمرّين على ذلك لا قرار لهم.

و اختلف أهل العلم هل كان معهم موسى و هارون أم لا؟ فقيل: لم يكونا معهم، لأن التيه عقوبة؛ و قيل:

كانا معهم لكن سهل اللّه عليهما ذلك كما جعل النار بردا و سلاما على إبراهيم. و قد قيل: كيف يقع هذا الجماعة من العقلاء في مثل هذه الأرض اليسيرة في هذه المدّة الطويلة؟ قال أبو علي: يكون ذلك بأن يحوّل اللّه الأرض التي هم عليها إذا ناموا إلى المكان الذي ابتدءوا منه، و قد يكون بغير ذلك من الأسباب المانعة من الخروج عنها على طريق المعجزة الخارقة للعادة.

و قد أخرج عبد الرزاق و عبد بن حميد و ابن جرير و ابن المنذر عن قتادة في قوله: وَ جَعَلَكُمْ مُلُوكاً قال: ملّكهم الخدم، و كانوا أوّل من ملك الخدم. و أخرج ابن جرير عن ابن عباس في الآية قال: كان الرجل من بني إسرائيل إذا كانت له الزوجة و الخادم و الدار سمّي ملكا. و أخرج عبد الرزاق و عبد بن حميد ابن جرير عنه في الآية قال: الزوجة و الخادم و البيت. و أخرج الفريابي و ابن جرير و ابن المنذر و الحاكم و صحّحه و البيهقي في شعب الإيمان عنه أيضا في قوله: وَ جَعَلَكُمْ مُلُوكاً قال: المرأة و الخدم‏ وَ آتاكُمْ ما لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ‏ قال: الذين هم بين ظهرانيهم يومئذ. و أخرج ابن أبي حاتم عن أبي سعيد الخدري عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم قال: «كانت بنو إسرائيل إذا كان لأحدهم خادم و دابة و امرأة كتب ملكا».

و أخرج ابن جرير و الزبير بن بكار في الموفقيات عن زيد بن أسلم قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «من كان له بيت و خادم فهو ملك». و أخرج أبو داود في مراسيله عن زيد بن أسلم في الآية قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم:

«زوجة و مسكن و خادم». و أخرج سعيد بن منصور و ابن جرير عن عبد اللّه بن عمرو بن العاص أنه سأله رجل: ألسنا من فقراء المهاجرين؟ قال: ألك امرأة تأوي إليها؟ قال: نعم، قال: ألك مسكن تسكنه؟

قال: نعم، قال: فأنت من الأغنياء، قال: إن لي خادما، قال: فأنت من الملوك. و أخرج عبد بن حميد و ابن جرير و ابن المنذر عن مجاهد في قوله: وَ جَعَلَكُمْ مُلُوكاً قال: جعل لهم أزواجا و خدما و بيوتا وَ آتاكُمْ ما لَمْ يُؤْتِ أَحَداً مِنَ الْعالَمِينَ‏ قال: المنّ و السلوى و الحجر و الغمام. و أخرج ابن جرير من طريق مجاهد عن ابن عباس في الآية قال: المنّ و السلوى و الحجر و الغمام، و قد ثبت في الحديث الصحيح «من أصبح منكم معافى في جسده، آمنا في سربه، عنده قوت يومه، فكأنما حيزت له الدّنيا بحذافيرها». و أخرج ابن جرير عنه في قوله: ادْخُلُوا الْأَرْضَ الْمُقَدَّسَةَ قال: الطور و ما حوله. و أخرج عنه أيضا قال:

صفحه بعد