کتابخانه تفاسیر
لباب التأويل فى معانى التنزيل، ج1، ص: 18
و الاستفاضة و لأن الصحابة أجمعوا على عدد كثير من السور منها سورة الملك ثلاثون آية و سورة الكوثر ثلاث آيات و سورة الإخلاص أربع آيات فلو كانت البسملة منها لكانت خمسا. و أما حجة من ذهب إلى إثباتها في أوائل السور من جهة النقل فقد صح عن أم سلمة «أن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم قرأ البسملة في أول الفاتحة في الصلاة وعدها آية منها» و عن ابن عباس رضي اللّه تعالى عنهما في قوله تعالى: وَ لَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَ الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ قال هي فاتحة الكتاب قيل فأين السابعة قال بسم اللّه الرحمن الرحيم أخرجهما ابن خزيمة و غيره، و روى عن ابن عباس:
«أن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم كان لا يعلم فصل السورة و في رواية انقضاء السورة حتى ينزل عليه بسم اللّه الرّحمن الرّحيم» أخرجه أبو داود و الحاكم أبو عبد اللّه في مستدركه و قال فيه: إنه صحيح على شرط الشيخين. و روى الدارقطني عن أبي هريرة قال قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «إذا قرأ تم الحمد للّه فاقرؤوا بسم اللّه الرحمن الرحيم فإنها أم القرآن و أم الكتاب و السبع المثاني و بسم اللّه الرحمن الرحيم أحد آياتها» قال الدارقطني في رجال إسناده كلهم ثقات و روى موقوفا، و روى الدار قطني عن أم سلمة «أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم كان يقرأ بسم اللّه الرحمن الرحيم الحمد للّه رب العالمين إلى آخرها قطعها آية آية و عدّها عد الأعراب، و عدّ بسم اللّه الرحمن الرحيم آية و لم يعد عليهم» و أخرج مسلم في أفراده عن أنس قال: «بينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم بين أظهرنا إذ غفا غفوة ثم رفع رأسه متبسما فقلنا ما أضحكك يا رسول اللّه؟ قال أنزلت عليّ آنفا سورة فقرأ بسم اللّه الرحمن الرحيم إِنَّا أَعْطَيْناكَ الْكَوْثَرَ الحديث. قال البيهقي: أحسن ما احتج به أصحابنا في أن بسم اللّه الرحمن الرحيم من القرآن و أنها من فواتح السور سوى سورة براءة ما رويناه في جمع الصحابة كتاب اللّه عز و جل في المصاحف و أنهم كتبوا فيها بسم اللّه الرحمن الرحيم على رأس كل سورة سوى سورة براءة فكيف يتوهم متوهم أنهم كتبوا فيها مائة و ثلاثة عشر آية ليست في القرآن، قال و قد علمنا بالروايات الصحيحة عن ابن عباس أنه كان يعد بسم اللّه الرحمن الرحيم آية من الفاتحة و روى الشافعي بسنده عن ابن عمر أنه كان لا يدع بسم اللّه الرحمن الرحيم لأمّ القرآن و السورة التي بعدها زاد غيره عنه إنه كان يقول لما كتبت في المصحف لم لم تقرأ و روى الشافعي عن ابن عباس أنه كان يفعله و يقول انتزع الشيطان منهم خير آية في القرآن. و في أفراد البخاري من حديث أنس «أنه سئل كيف كانت قراءة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم قال كانت مدّا ثم قرأ بسم اللّه الرحمن الرحيم يمد اللّه و يمد الرحمن و يمد الرحيم» فقد ثبت بهذه الأدلة الصحيحة الواضحة أن البسملة من الفاتحة من كل موضع ذكرت فيه و أيضا فأجمع الصحابة على إثباتها في المصاحف، و أنهم طلبوا بكتابة المصاحف تجريد كلام اللّه عز و جل المنزل على محمد صلّى اللّه عليه و سلّم قرآنا و تدوينه مخافة من أن يزيدوا فيه أو ينقصوا منه، و لهذا لم يكتبوا فيه لفظة آمين، و إن كان قد ورد أنه كان يقولها بعد الفاتحة فلو لم تكن البسملة من القرآن في أوائل السور لما كتبوها و كان حكمها حكم آمين.
(المسألة الثانية في حكم الجهر بالبسملة و الإسرار) إذا ثبت بما تقدم من الأدلة أن البسملة آية من الفاتحة و من غيرها من السور حيث كتبت كان حكمها في الجهر و الإسرار حكم الفاتحة فيجهر بها مع الفاتحة في الصلاة الجهرية و يسر بها مع الفاتحة في الصلاة السرية؛ و ممن قال بالجهر بالبسملة من الصحابة أبو هريرة و ابن عباس و ابن عمر و ابن الزبير. و من التابعين فمن بعدهم سعيد بن جبير و أبو قلابة و الزهري و عكرمة و عطاء و طاوس و مجاهد و علي بن الحسين و سالم بن عبد اللّه و محمد بن كعب القرظي و ابن سيرين و ابن المنكدر و نافع مولى ابن عمر و يزيد بن أسلم و عمر و مكحول و عمر بن عبد العزيز و عمرو بن دينار و مسلم بن خالد و إليه ذهب الشافعي و هو أحد قولي ابن وهب صاحب مالك و يحكى أيضا عن ابن المبارك و أبي ثور. و ممن ذهب إلى الإسرار بها من الصحابة أبو بكر و عمر و عثمان و علي و ابن مسعود و عمار بن ياسر و ابن مغفل و غيرهم. و من التابعين فمن بعدهم الحسن و الشعبي و إبراهيم النخعي و قتادة و الأعمش و الثوري و إليه ذهب مالك و أبو حنيفة و أحمد و غيرهم. أما حجة من قال بالجهر فقد روى جماعة من
لباب التأويل فى معانى التنزيل، ج1، ص: 19
الصحابة منهم أبو هريرة و ابن عباس و أنس و علي بن أبي طالب و سمرة بن جندب و أم سلمة «أن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم جهر بالبسملة فمنهم من صرح بذلك و منهم من فهم ذلك من عبارته و لم يرد في صريح الإسرار بها عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم إلا روايتان إحداهما ضعيفة و هي رواية عبد اللّه بن مغفل و الأخرى عن أنس و هي في الصحيح و هي معللة بما أوجب سقوط الاحتجاج بها، و روى نعيم بن عبد اللّه المجمر قال: «صليت وراء أبي هريرة فقرأ بسم اللّه الرّحمن الرّحيم ثم قرأ بأم القرآن و ذكر الحديث و فيه ثم يقول إذا سلم إني لأشبهكم صلاة برسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم» أخرجه النسائي و ابن خزيمة في صحيحه و قال أما الجهر ببسم اللّه الرّحمن الرحيم فقد ثبت و صح عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم و روى الدار قطني بسنده عن أبي هريرة عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم «كان إذا قرأ و هو يؤم الناس افتتح ببسم اللّه الرحمن الرحيم» و ذكر الحديث قال الدار قطني إسناده كلهم ثقات و عن ابن عباس قال كان النبي صلّى اللّه عليه و سلّم: «يجهر ببسم اللّه الرحمن الرحيم» أخرجه الدار قطني و قال ليس في روايته مجروح و أخرجه الحاكم أبو عبد اللّه و قال إسناده صحيح و ليس له علة و في رواية عن ابن عباس قال: «كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم يفتتح الصلاة ببسم اللّه الرحمن الرحيم» أخرجه الدار قطني و قال صحيح ليس في إسناده مجروح و أخرجه الترمذي و قال ليس إسناده بذلك قال الشيخ أبو شامة أي لا يماثل إسناده ما في الصحيح و لكن إذا انضم إلى ما تقدم من الأدلة رجح على ما في الصحيح و عن أنس قال: «كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم يجهر بالقراءة ببسم اللّه الرحمن الرحيم» أخرجه الدار قطني و قال إسناده صحيح و فيه عن محمد بن أبي السري العسقلاني قال: صليت خلف المعتمر بن سليمان ما لا أحصى صلاة الصبح و المغرب، فكان يجهر ببسم اللّه الرحمن الرحيم قبل فاتحة الكتاب و بعدها، و سمعت المعتمر يقول: ما ألوي أن أقتدي بصلاة أنس بن مالك:
و قال أنس بن مالك ما ألوي أن أقتدي بصلاة رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم أخرجه الدار قطني و قال: كلهم ثقات. و أخرجه الحاكم أبو عبد اللّه و قال: رواة هذا الحديث عن آخرهم كلهم ثقات. قلت و في الباب أحاديث و أدلة و إيرادات و أجوبة من الجانبين يطول ذكرها و في هذا القدر كفاية و باللّه التوفيق. قوله عز و جل: الْحَمْدُ لِلَّهِ لفظه خبر كأنه سبحانه و تعالى يخبر أن المستحق للحمد هو اللّه تعالى، و معناه الأمر أي قولوا الحمد للّه و فيه تعليم الخلق كيف يحمدونه و الحمد و المدح أخوان، و قيل بينهما فرق و هو أن المدح قد يكون قبل الإحسان و بعده و الحمد لا يكون إلا بعد الإحسان، و قيل إن المدح قد يكون منهيا عنه، و أما الحمد فمأمور به، و الحمد يكون بمعنى الشكر على النعمة و يكون بمعنى الثناء بجميل الأفعال، تقول: حمدت الرجل على علمه و كرمه و الشكر لا يكون إلا على النعمة، فالحمد أعم من الشكر، إذ لا تقول شكرت فلانا على علمه فكل حامد شاكر و ليس كل شاكر حامدا، و قيل: الحمد باللسان قولا، و الشكر بالأركان فعلا، و الحمد ضد الذم و اللام في للّه لام الاستحقاق كقولك الدار لزيد يعني أنه المستحق للحمد لأنه المحسن المتفضل على كافة الخلق على الإطلاق رَبِّ الْعالَمِينَ الرب بمعنى المالك كما يقال رب الدار و رب الشيء أي مالكه و يكون بمعنى التربية و الإصلاح، يقال: رب فلان الضيعة يربها إذا أصلحها فاللّه تعالى، مالك العالمين و مربيهم و مصلحهم، و لا يقال الرب للمخلوق معرفا بل يقال رب الشيء مضافا. و العالمين جمع عالم لا واحد له من لفظه، و هو اسم لكل موجود سوى اللّه تعالى فيدخل فيه جميع الخلق. و قال ابن عباس: هم الجن و الإنس لأنهم المكلفون بالخطاب و قيل العالم اسم لذوي العلم من الملائكة و الجن و الإنس و لا يقال للبهائم عالم لأنها لا تعقل. و اختلف في مبلغ عددهم فقيل للّه ألف عالم ستمائة عالم في البحر و أربعمائة في البر. و قيل ثمانون ألف عالم أربعون ألفا في البر و مثلهم في البحر.
و قيل ثمانية عشر ألف عالم الدنيا منها عالم واحد و ما العمران في الخراب إلا كفسطاط في صحراء. الفسطاط الخيمة و اشتقاق العالم من العلم و قيل من العلامة، و إنما سمي بذلك لأنه دال على الخالق سبحانه و تعالى الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ فالرحمن هو المنعم بما لا يتصور صدور تلك النعمة من العباد، و الرحيم هو المنعم بما يتصور صدور تلك النعمة من العباد فلا يقال لغير اللّه رحمن، و يقال لغيره من العباد رحيم. فإن قلت قد سمي
لباب التأويل فى معانى التنزيل، ج1، ص: 20
مسيلمة الكذاب برحمان اليمامة و هو قول شاعرهم فيه: و أنت غيث الورى لا زلت رحمانا. قلت هو من باب تعنتهم في كفرهم و مبالغتهم في مدح صاحبهم فلا يلتفت إلى قولهم هذا. فإن قلت: قد ذكر الرحمن الرحيم في البسملة فما فائدة تكريره هنا مرة ثانية. قلت: ليعلم أن العناية بالرحمة أكثرها من غيرها من الأمور و أن الحاجة إليها أكثر فنبه سبحانه و تعالى بتكرير ذكر الرحمة على كثرتها و أنه هو المتفضل بها على خلقه. قوله تعالى:
مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ يعني أنه تعالى صاحب ذلك اليوم الذي يكون فيه الجزاء. و المالك هو المتصرف بالأمر و النهي، و قيل: هو القادر على اختراع الأعيان من العدم إلى الوجود و لا يقدر على ذلك إلا اللّه تعالى. و قيل:
مالك أوسع من ملك لأنه يقال مالك العبد و الدابة و لا يقال ملك هذه الأشياء و لأنه لا يكون ملكا لشيء إلا و هو يملكه، و قد يكون مالكا لشيء و لا يملكه و قيل ملك أولى، لأن كل ملك مالك و ليس كل مالك ملكا و قيل هما بمعنى واحد مثل فرهين و فارهين، قال ابن عباس: مالك يوم الدين قاضي يوم الحساب. و قيل؛ الدين الجزاء و يقع على الخير و الشر يقال كما تدين تدان و قيل هو يوم لا ينفع فيه إلا الدين و قيل الدين القهر. يقال: دنته فدان أي قهرته فذل. فإن قلت: لم خص يوم الدين بالذكر مع كونه مالكا للأيام كلها؟ قلت: لأن ملك الأملاك يومئذ زائل فلا ملك و لا أمر يومئذ إلا للّه تعالى كما قال تعالى: الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمنِ و قال: لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ و قد يسمى في دار الدنيا آحاد الناس بالملك و ذلك على المجاز لا على الحقيقة. قوله تعالى: إِيَّاكَ نَعْبُدُ رجع من الخبر إلى الخطاب، و فائدة ذلك من أول السورة إلى هنا ثناء و الثناء في الغيبة أولى. و من قوله: إياك نعبد دعاء و الخطاب في الدعاء أولى. و قيل فيه ضمير أي قولوا: إياك نعبد و المعنى إياك نخص بالعبادة و نوحدك و نطيعك خاضعين لك. و العبادة أقصى غاية الخضوع و التذلل، و سمي العبد عبدا لذلته و انقياده. و قيل: العبادة عبارة عن الفعل الذي يؤدي به الفرض لتعظيم اللّه تعالى، فقول العبد إياك نعبد معناه لا أعبد أحدا سواك، و العبادة غاية التذلل من العبد و نهاية التعظيم للرب سبحانه و تعالى لأنه العظيم المستحق للعبادة و لا تستعمل العبادة إلا في الخضوع للّه تعالى لأنه مولى أعظم النعم و هي إيجاد العبد من العدم إلى الوجود ثم هداه إلى دينه فكان العبد حقيقا بالخضوع و التذلل به وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ أي منك نطلب المعونة على عبادتك و على جميع أمورنا. فإن قلت: الاستعانة على العمل إنما تكون قبل الشروع فيه فلم أخر الاستعانة على العبادة و ما الحكمة فيه؟. قلت ذكروا فيه وجوها أحدها أن هذا يلزم من يجعل الاستطاعة قبل الفعل و نحن بحمد اللّه نجعل التوفيق و الاستطاعة مع الفعل فلا فرق بين التقديم و التأخير. الثاني أن الاستعانة نوع تعبد فكأنه ذكر جملة العبادة أولا ثم ذكر ما هو من تفاصيلها ثانيا. الثالث كأن العبد يقول شرعت في العبادة فإني أستعين بك على إتمامها فلا يمنعني من إتمامها مانع. الرابع إن العبد إذا قال إياك نعبد حصل له الفخر و ذلك منزلة عظيمة فيحصل بسبب ذلك العجب فأردف ذلك بقوله و إياك نستعين ليزول ذلك العجب الحاصل بسبب تلك العبادة اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ أي أرشدنا، و قيل ثبتنا، و هو كما تقول للقائم قم حتى أعود إليك و معناه دم على ما أنت عليه و هذا الدعاء من المؤمنين مع كونهم على الهداية يعني سؤال التثبيت و طلب مزيد الهداية لأن الألطاف و الهدايات من اللّه لا تتناهى و هذا مذهب أهل السنّة و الصراط الطريق، قال جرير:
أمير المؤمنين على صراط
إذا اعوج الموارد مستقيم
أي على طريقة حسنة، قال ابن عباس: هو دين الإسلام، و قيل هو القرآن و روى ذلك مرفوعا. و قيل السنّة و الجماعة و قيل معناه اهدنا صراط المستحقين للجنة صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ هذا بدل من الأول، أي الذين مننت عليهم بالهداية و التوفيق، و هم الأنبياء و المؤمنين الذين ذكرهم اللّه تعالى في قوله: فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصَّالِحِينَ و قال ابن عباس: هم قوم موسى و عيسى الذين لم يغيّروا و لم يبدلوا و قيل هم أصحاب محمد صلّى اللّه عليه و سلّم و أهل بيته غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ يعني غير صراط الذين غضبت
لباب التأويل فى معانى التنزيل، ج1، ص: 21
عليهم. و الغضب في الأصل هو ثوران دم القلب لإرادة الانتقام و منه قوله صلّى اللّه عليه و سلّم: «اتقوا الغضب فإنه جمرة تتوقد في قلب ابن آدم ألم تروا إلى انتفاخ أوداجه و حمرة عينيه» و إذا وصف اللّه به فالمراد منه الانتقام فقط دون غيره و هو انتقامه من العصاة و غضب اللّه لا يلحق عصاة المؤمنين إنما يلحق الكافرين وَ لَا الضَّالِّينَ أي و غير الضالين عن الهدى و أصل الضلال الغيبوبة و الهلاك يقال ضل الماء في اللبن إذا غاب فيه و هلك و قيل غير المغضوب عليهم هم اليهود و الضالين هم النصارى. عن عدي بن حاتم عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم قال: «اليهود مغضوب عليهم و النصارى ضلال» أخرجه الترمذي، و ذلك لأن اللّه تعالى حكم على اليهود بالغضب فقال: مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَ غَضِبَ عَلَيْهِ و حكم على النصارى بالضلال فقال: وَ لا تَتَّبِعُوا أَهْواءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ و قيل: غير المغضوب عليهم بالبدعة و لا الضالين عن السنّة و اللّه أعلم.
(فصل: في آمين و حكم الفاتحة) و فيه مسألتان: الأولى:
السنّة للقارئ بعد فراغه من الفاتحة أن يقول آمين مفصولا عنها بسكتة، و هو مخفف و فيه لغتان المد و القصر قال في المد: و يرحم اللّه عبدا قال آمينا. و قال في القصر: آمين فزاد اللّه ما بيننا بعدا. و معنى آمين اللهم اسمع و استجب. و قال ابن عباس: معناه كذلك يكون. و قيل: هو اسم من أسماء اللّه تعالى و قيل هو خاتم اللّه تعالى على عباده به يدفع عنهم الآثام (ق) عن أبي هريرة أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم قال: «إذا أمن الإمام فأمنوا فإن من وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه» قال ابن شهاب: و كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم يقول آمين و في رواية للبخاري «أن الإمام إذا قرأ غير المغضوب عليهم و لا الضالين فقولوا آمين فإن الملائكة تقول آمين فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه».
(قوله: فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة). معناه وافقهم في وقت التأمين فأمن مع تأمينهم، و قيل: وافقهم في الصفة و الخشوع و الإخلاص و القول الأول هو الصحيح. و اختلفوا في هؤلاء الملائكة فقيل هم الحفظة و قيل غيرهم من الملائكة.
(قوله غفر له ما تقدم من ذنبه): يعني تغفر له الذنوب الصغائر دون الكبائر و قول ابن شهاب: كان رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم يقول آمين معناه أن هذه صيغة تأمينه صلّى اللّه عليه و سلّم.
المسألة الثانية في حكم الفاتحة: اختلف العلماء في وجوب قراءة الفاتحة فذهب مالك و الشافعي و أحمد و جمهور العلماء إلى وجوب الفاتحة و أنها متعينة في الصلاة و لا تجزئ إلا بها، و احتجوا بما روى عبادة بن الصامت أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم قال: «لا صلاة لمن لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب» أخرجاه في الصحيحين و بحديث أبي هريرة: «من صلى صلاة لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب فهي خداج ثلاثا غير تمام» الحديث و قد تقدم في فضل سورة الفاتحة و ذهب أبو حنيفة إلى أن الفاتحة لا تتعين على المصلي بل الواجب عليه قراءة آية من القرآن طويلة أو ثلاث آيات قصار و احتج بقوله تعالى: فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ و بقوله صلّى اللّه عليه و سلّم في حديث الأعرابي المسيء صلاته «ثم اقرأ بما تيسر معك من القرآن» أخرجاه في الصحيحين دليل الجمهور ما تقدم من الأحاديث. فإن قيل المراد من الحديث لا صلاة كاملة قلنا هذا خلاف ظاهر لفظ الحديث و مما يدل عليه حديث أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «لا تجزئ صلاة لمن لم يقرأ فيها بفاتحة الكتاب» أخرجه الدار قطني و قال إسناده صحيح و عنه «أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم أمره أن يخرج فينادي لا صلاة إلا بفاتحة الكتاب فما زاد» أخرجه أبو داود. و أجيب عن حديث الأعرابي بأنه محمول على الفاتحة فإنها متيسرة أو على ما زاد على الفاتحة أو على العاجز عن قراءة الفاتحة، و اللّه أعلم.
لباب التأويل فى معانى التنزيل، ج1، ص: 22
سورة البقرة
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
[سورة البقرة (2): الآيات 1 الى 3]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
قال ابن عباس: هي أول ما نزل بالمدينة قيل سوى آية و هي قوله تعالى: وَ اتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ فإنها نزلت يوم النحر بمكة في حجة الوداع و هي مائتان و ست و قيل سبع و ثمانون آية و ستة آلاف و مائة و إحدى و عشرون كلمة و خمسة و عشرون ألف حرف و خمسمائة حرف.
(فصل: في فضلها) (م) عن أبي أمامة قال: سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم يقول: «اقرءوا القرآن فإنه يأتي يوم القيامة شفيعا لأصحابه اقرءوا الزهراوين البقرة و آل عمران فإنهما يأتيان يوم القيامة كأنهما غمامتان أو غيايتان أو كأنهما فرقان من طير صواف يحاجان عن صاحبهما اقرءوا البقرة فإن أخذها بركة و تركها حسرة و لا تستطيعها البطلة» قال معاوية بن سلام بلغني أن البطلة السحرة (قوله اقرءوا الزهراوين) سميتا بذلك لنورهما يقال لكل مستنير زاهر. قوله: كأنهما غمامتان أو غيايتان: قال أهل اللغة الغمامة و الغياية كل شيء أظل الإنسان فوق رأسه من سحابة و غيرها و المعنى أن ثوابهما يأتي كغمامتين (قوله: فرقان من طير صواف) الفرقان الجماعة من الطير و الصواف جمع صافة و هي التي تصف أجنحتها عند الطيران يحاجان. المحاجة المجادلة و المخاصمة و إظهار الحجة و البطلة السحرة كما جاء في الحديث مبينا يقال أبطل إذا جاء بالباطل. و في الحديث دليل على جواز قول سورة البقرة و سورة آل عمران و كذا باقي السور، و أنه لا كراهة في ذلك و كرهه بعض المتقدمين. و قال: إنما يقال السورة التي يذكر فيها البقرة و كذا باقي السور و الصواب هو الأول و به قال الجمهور لورود النص به (م) عن أبي هريرة قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «لا تجعلوا بيوتكم مقابر إن الشيطان يفر من البيت الذي تقرأ فيه سورة البقرة» و عنه قال قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «لكل شيء سنام و إن سنام القرآن سورة البقرة و فيها آية هي سيدة آي القرآن آية الكرسي» أخرجه الترمذي و قال حديث غريب (بسم اللّه الرّحمن الرّحيم) قوله عز و جل: الم قيل إن حروف الهجاء في أوائل السور من المتشابه الذي استأثر اللّه بعلمه، و هي سر اللّه في القرآن، فنحن نؤمن بظاهرها، و نكل العلم فيها إلى اللّه تعالى، و فائدة ذكرها طلب الإيمان بها قال أبو بكر الصديق رضي اللّه عنه، في كل كتاب سر و سر اللّه في القرآن أوائل السور و قال علي بن أبي طالب رضي اللّه عنه إن لكل كتاب صفوة و صفوة هذا الكتاب حروف التهجي. و أورد على هذا القول بأنه لا يجوز أن يخاطب اللّه عباده بما لا يعلمون، و أجيب عنه بأنه يجوز أن يكلف اللّه عباده بما لا يعقل معناه كرمي الجمار فإنه مما لا يعقل معناه؛ و الحكمة فيه هو كمال الانقياد و الطاعة
لباب التأويل فى معانى التنزيل، ج1، ص: 23
فكذلك هذه الحروف يجب الإيمان بها و لا يلزم البحث عنها. و قال آخرون من أهل العلم: هي معروفة المعاني.
ثم اختلفوا فيها فقيل كل حرف منها مفتاح اسم من أسماء اللّه تعالى فالألف مفتاح اسمه اللّه و اللام مفتاح اسمه لطيف و الميم مفتاح اسمه مجيد و قيل الألف آلاء اللّه و اللام لطفه و الميم ملكه، و يؤيد هذا أن العرب تذكر حرفا من كلمة تريد كلها قال الراجز:
قلت لها قفي فقالت قاف
لا تحسبي أنا نسينا الإيجاف
قولها: قاف أي وقفت فاكتفت بجزء الكلمة عن كلها، و الإيجاف الإسراع في السير قال ابن عباس: الم أنا اللّه أعلم. و قيل: هي أسماء اللّه مقطعة لو علم الناس تأليفها لعلموا اسم اللّه الأعظم ألا ترى أنك تقول الر و حم و ن فيكون مجموعها الرحمن و كذلك سائرها، و لكن لم يتهيأ تأليفها جميعا و قيل أسماء السور و به قال جماعة من المحققين و قال ابن عباس: هي أقسام فقيل أقسم اللّه بهذه الحروف لشرفها و فضلها لأنها مباني كتبه المنزلة و أسمائه الحسنى و صفاته العليا، و إنما اقتصر على بعضها و إن كان المراد كلها فهو كما تقول قرأت الحمد للّه، و تريد أنك قرأت السورة بكمالها فكأنه تعالى أقسم بهذه الحروف أو هذا الكتاب هو الكتاب المثبت في اللوح المحفوظ و قيل إن اللّه تعالى لما تحداهم بقوله: فَأْتُوا بِسُورَةٍ مِنْ مِثْلِهِ و في آية بِعَشْرِ سُوَرٍ مِثْلِهِ فعجزوا عنه أنزل هذه الأحرف و معناه أن القرآن ليس هو إلّا من هذه الأحرف و أنتم قادرون عليها فكان يجب أن تأتوا بمثله فلما عجزتم عنه دل ذلك على أنه من عند اللّه لا من عند البشر. و قيل: إنهم لما أعرضوا عن سماع القرآن و أراد اللّه صلاح بعضهم أنزل هذه الأحرف فكانوا إذا سمعوها قالوا كالمتعجبين اسمعوا إلى ما يجيء به محمد فإذا أصغوا إليه و سمعوه رسخ في قلوبهم، فكان ذلك سببا لإيمانهم، و قيل: إن اللّه تعالى غير عقول الخلق في ابتداء خطابه ليعلموا أن لا سبيل لأحد إلى معرفة خطابه إلّا باعترافهم بالعجز عن معرفة كنه حقيقة خطابه. و اعلم أن مجموع الأحرف المنزلة في أوائل السور أربعة عشر حرفا في تسع و عشرين سورة و هي الألف و اللام و الميم و الصاد و الراء و الكاف و الهاء و الياء و العين و الطاء و السين و الحاء و القاف و النون و هي نصف حروف المعجم، و سيأتي الكلام على باقيها في مواضعها إن شاء اللّه تعالى. و قوله تعالى: ذلِكَ الْكِتابُ أي هذا الكتاب هو القرآن و قيل فيه إضمار، و المعنى هذا الكتاب الذي وعدتك به و كان اللّه قد وعد نبيه صلّى اللّه عليه و سلّم أن ينزل عليه كتابا لا يمحوه الماء و لا يخلق على كثرة الرد، فلما أنزل القرآن قال هذا ذلك الكتاب الذي وعدتك به و قيل إن اللّه وعد بني إسرائيل أن ينزل كتابا و يرسل رسولا من ولد إسماعيل. فلما هاجر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم إلى المدينة و بها من اليهود خلق كثير أنزل اللّه تعالى هذه الآية الم ذلِكَ الْكِتابُ أي هذا الكتاب الذي وعدت به على لسان موسى أن أنزله على النبي الذي هو من ولد إسماعيل و الكتاب مصدر بمعنى المكتوب و أصله الضم و الجمع و منه يقال للجند كتيبة لاجتماعها فسمي الكتاب كتابا لأنه يجمع الحروف بعضها إلى بعض و الكتاب اسم من أسماء القرآن لا رَيْبَ فِيهِ أي لا شك فيه أنه من عند اللّه و أنه الحق و الصدق، و قيل: هو خبر بمعنى النهي أي لا ترتابوا فيه. فإن قلت قد ارتاب به قوم فما معنى لا ريب فيه. قلت معناه أنه في نفسه حق و صدق فمن حقق النظر عرف حقيقة ذلك هُدىً لِلْمُتَّقِينَ الهدى عبارة عن الدلالة و قيل دلالة بلطف و قيل الهداية الإرشاد و المعنى هو هدى للمتقين و قيل هو هاد لا ريب في هدايته و المتقي اسم فاعل من وقاه فاتقى و التقوى جعل النفس في وقاية مما يخاف و قيل التقوى في عرف الشرع حفظ النفس مما يؤثم و ذلك بترك المحظور و بعض المباحات قال ابن عباس: المتقي من يتقي الشرك و الكبائر و الفواحش، و هو مأخوذ من الاتقاء و أصله الحجز بين الشيئين، يقال: اتقى بترسه إذا جعله حاجزا بينه و بين ما يقصده و في الحديث «كنا إذا اشتد البأس اتقينا برسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم» معناه أنا كنا إذا اشتد الحرب جعلنا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم حاجزا بيننا و بين العدو فكأن المتقي يجعل امتثال أوامر اللّه و اجتناب نواهيه حاجزا بينه و بين النار و قيل المتقي هو من لا يرى نفسه خيرا من أحد. و قيل: التقوى ترك ما حرم اللّه و أداء ما افترض. و قيل
لباب التأويل فى معانى التنزيل، ج1، ص: 24
التقوى ترك الإصرار على المعصية و ترك الاغترار بالطاعة. و قيل: التقوى أن لا يراك مولاك حيث نهاك و قيل:
التقوى الاقتداء بالنبي صلّى اللّه عليه و سلّم و أصحابه و في الحديث «جماع التقوى في قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ يَأْمُرُ بِالْعَدْلِ وَ الْإِحْسانِ الآية» و قيل المتقي هو الذي يترك ما لا بأس به حذرا مما به بأس، و خص المتقين بالذكر تشريفا لهم، لأن مقام التقوى مقام شريف عزيز، لأنهم هم المنتفعون بالهداية، و لو لم يكن للمتقين فضل إلّا قوله تعالى هدى للمتقين لكناهم. فإن قلت كيف قال هدى للمتقين و المتقون هم المهتدون. قلت هو كقولك للعزيز الكريم أعزك اللّه و أكرمك تريد طلب الزيادة له إلى ما هو ثابت فيه كقوله تعالى: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ الَّذِينَ يُؤْمِنُونَ بِالْغَيْبِ أي يصدقون بالغيب، و أصل الإيمان في اللغة التصديق قال اللّه تعالى: وَ ما أَنْتَ بِمُؤْمِنٍ لَنا أي بمصدق فإذا فسر الإيمان بهذا فإنه لا يزيد و لا ينقص لأن التصديق لا يتجزأ حتى يتصور كما له مرة و نقصانه أخرى. و الإيمان في لسان الشرع عبارة عن التصديق بالقلب و الإقرار باللسان و العمل بالأركان، و إذا فسر بهذا فإنه يزيد و ينقص و هو مذهب أهل السنة من أهل الحديث و غيرهم، و فائدة هذا الخلاف تظهر في مسألة و هي أن المصدق بقلبه إذا لم يجمع إلى تصديقه العمل بموجب الإيمان من الصلاة و الزكاة و الصوم و الحج و نحو ذلك من أركان الدين هل يسمى مؤمنا أم لا؟ فيه خلاف، و المختار عند أهل السنة أنه لا يسمى مؤمنا لقوله صلّى اللّه عليه و سلّم: «لا يزني الزاني حين يزني و هو مؤمن» فنفى عنه اسم الإيمان أو كمال الإيمان و أنكر أكثر المتكلمين زيادة الإيمان و نقصانه، و قالوا: متى قبل الزيادة و النقص كان ذلك شكا و كفرا. و قال المحققون من متكلمي أهل السنة: إن نفس التصديق لا يزيد و لا ينقص و الإيمان الشرعي يزيد و ينقص بزيادة الأعمال و نقصانها و بهذا أمكن الجمع بين ظواهر نصوص الكتاب و السنة التي جاءت بزيادة الإيمان و نقصانه و بين أصله من اللغة. و قال بعض المحققين:
إن نفس التصديق قد يزيد و ينقص بكثرة النظر في الأدلة و البراهين و قلة إمعان النظر في ذلك و لهذا يكون إيمان الصديقين أقوى و أثبت من إيمان غيرهم لأنهم لا تعتريهم شبهة في إيمانهم و لا تزلزل، و ما غيرهم من آحاد الناس فليس كذلك، إذ لا يشك عاقل أن نفس تصديق أبي بكر رضي اللّه عنه لا يساويه تصديق غيره من آحاد الأمة و قيل إنما سمي الإقرار و العمل إيمانا لوجه المناسبة لأنه من شرائعه، و الدليل على أن الأعمال من الإيمان ما روي عن أبي هريرة قال قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «الإيمان بضع و سبعون شعبة أفضلها قول لا إله إلّا اللّه، و أدناها إماطة الأذى عن الطريق، و الحياء شعبة من الإيمان» أخرجاه في الصحيحين. البضع بكسر الباء ما بين الثلاثة إلى العشرة و الشعبة القطعة من الشيء و إماطة الأذى عن الطريق و هو عزل الحجر و الشوك و نحو ذلك عنه. و الحياء بالمد و هو انقباض النفس عن فعل القبيح و إنما جعل من الإيمان و هو اكتساب لأن المستحيي ينزجر باستحيائه عن المعاصي فصار من الإيمان، و قيل الإيمان مأخوذ من الأمن فسمي المؤمن مؤمنا لأنه يؤمن نفسه من عذاب اللّه.