کتابخانه تفاسیر
لباب التأويل فى معانى التنزيل، ج4، ص: 167
و من أتاه من المسلمين لم يردوه و على أن يدخلها من قابل و يقيم ثلاثة أيام و لا يدخلها بجلباب السلاح السيف و القوس و نحوه.
و روى ثابت عن أنس أن قريشا صالحوا النبي صلّى اللّه عليه و سلّم فاشترطوا أن من جاءنا منكم لم نرده عليكم و من جاءكم منا رددتموه علينا فقالوا: يا رسول اللّه أ نكتب هذا؟ قال: نعم إنه من ذهب منا إليهم فأبعده اللّه و من جاءنا منهم سيجعل اللّه له فرجا و مخرجا.
(رجعنا إلى حديث الزهري) قال بينما هم كذلك إذ جاء أبو جندل بن سهيل بن عمرو يرسف في قيوده قد انفلت و خرج من أسفل مكة حتى رمى بنفسه بين أظهر المسلمين فقال سهيل هذا: يا محمد أول من أقاضيك عليه أن ترده إليّ فقال النبي صلّى اللّه عليه و سلّم: إنا لم نقض الكتاب بعد قال فو اللّه إذا لا أصالحك على شيء أبدا. قال النبي صلّى اللّه عليه و سلّم: فأجره لي. قال: ما أنا بمجيره لك. قال: بلى فافعل. قال: ما أنا بفاعل. ثم جعل سهيل يجره ليرده إلى قريش. فقال أبو جندل: أي معشر المسلمين أرد إلى المشركين و قد جئت مسلما ألا ترون ما لقيت، و كان قد عذب في اللّه عذابا شديدا، و في الحديث، أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم قال: يا أبا جندل احتسب فإن اللّه جاعل لك و لمن معك في المستضعفين فرجا و مخرجا إنّا قد عقدنا بيننا و بين القوم عقدا و صلحا و إنا لا نغدر، فوثب عمر إلى جنب أبي جندل و جعل يقول:
اصبر يا أبا جندل فإنما هم المشركون و دم أحدهم دم كلب و يدني السيف منه.
قال عمر: و رجوت أن يأخذ السيف فيضربه به فضن الرجل بأبيه و قد كان أصحاب النبي صلّى اللّه عليه و سلّم خرجوا و هم لا يشكون في الفتح لرؤيا رآها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم، فلما رأوا ذلك، دخل الناس أمر عظيم حتى كادوا يهلكون و زادهم أمر أبي جندل شرّا إلى ما بهم.
قال عمر: و اللّه ما شككت منذ أسلمت إلا يومئذ قال الزهري في حديثه عن مروان و المسور و روى أبو وائل عن سهل بن حنيف قال عمر بن الخطاب فأتيت النبي صلّى اللّه عليه و سلّم؛ فقلت: أ لست نبي اللّه حقا؟ قال: بلى. قلنا: ألسنا على الحق و عدونا على الباطل. قال: بلى. قلت: أ ليس قتلانا في الجنة و قتلاهم في النار. قال: بلى. قلت:
فلم نعط الدنية في ديننا إذا قال إني رسول اللّه و لست أعصيه و هو ناصري قلت أ و لست كنت تحدثنا إنّا سنأتي البيت فنطوف به؟ قال: بلى. أ فأخبرتك أنك تأتيه العام؟ قلت: لا. قال: فإنك آتيه و تطوف به. قال: فأتيت أبا بكر فقلت: يا أبا بكر أليس هذا نبي اللّه حقا؟ قال: بلى قلت: ألسنا على الحق و عدونا على الباطل؟ قال: بلى.
قلت: فلم نعطى الدنية في ديننا؟ قال: أيها الرجل إنه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم و ليس يعصي ربه و هو ناصره فاستمسك بغرزه، فو اللّه إنه على الحق. قلت: أليس كان يحدثنا أنه سيأتي البيت و يطوف به؟ قال: بلى. أ فأخبرك أنه آتيه العام؟ قلت: لا. قال: فإنك تأتيه و تطوف به. قال عمر: فعملت لذلك أعمالا، فلما فرغ من قضية الكتاب. قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم لأصحابه: قوموا فانحروا ثم احلقوا فو اللّه ما قام رجل منهم حتى قال ذلك ثلاث مرات فلما لم يقم أحد منهم قام النبي صلّى اللّه عليه و سلّم فدخل على أم سلمة فذكر لها ما لقي من الناس. قالت أم سلمة: يا نبي اللّه أ تحب ذلك اخرج ثم لا تكلم منهم أحدا كلمة حتى تنحر بدنك و تدعو حالقك فيحلقك فخرج فلم يكلم أحدا منهم حتى فعل ذلك و نحر بدنة و دعا حالقا فحلقه، فلما رأوا ذلك، قاموا فنحروا و جعل بعضهم يحلق بعضا حتى كاد بعضهم يقتل بعضا غما قال ابن عمر و ابن عباس: حلق رجال يوم الحديبية و قصر آخرون فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: يرحم اللّه المحلقين. قالوا: يا رسول اللّه و المقصرين؟ قال: يرحم المحلقين. قالوا: يا رسول اللّه و المقصرين؟ قال: يرحم اللّه المحلقين و المقصرين قالوا: يا رسول اللّه فلم ظاهرت الترحم للمحلقين دون المقصرين. قال: لأنهم لم يشكوا.
لباب التأويل فى معانى التنزيل، ج4، ص: 168
قال ابن عمر: و ذلك أنه تربص قوم و قالوا: لعلنا نطوف بالبيت.
قال ابن عباس: و أهدي رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم عام الحديبية في هداياه جملا لأبي جهل في رأسه برة من فضة ليغيظ المشركين بذلك. قال الزهري في حديثه: ثم جاء نسوة مؤمنات فأنزل اللّه تعالى يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ حتى بلغ بِعِصَمِ الْكَوافِرِ فطلق عمر امرأتين يومئذ كانتا في الشرك فتزوج إحداهما معاوية بن أبي سفيان و الأخرى صفوان بن أمية قال: فنهاهم أن يردوا النساء و أمرهم أن يردوا الصداق. قال: ثم رجع النبي صلّى اللّه عليه و سلّم إلى المدينة فجاءه أبو بصير عتبة بن أسيد رجل من قريش و هو مسلم؛ و كان ممن حبس بمكة فكتب فيه أزهر بن عبد عوف و الأخنس بن شريق الثقفي إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم و بعثا في طلبه رجلا من بني عامر بن لؤي و معه مولى لهم فقدما على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم و قالا: العهد الذي جعلت لنا فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم يا أبا بصير إنا قد أعطينا هؤلاء القوم ما قد علمت و لا يصلح في ديننا الغدر و إن اللّه تعالى جاعل لك و لمن معك من المستضعفين فرجا و مخرجا ثم دفعه إلى الرجلين فخرجا به حتى إذا بلغا ذا الحليفة نزلوا يأكلون من تمر لهم. فقال أبو بصير لأحد الرجلين: و اللّه إني لأرى سيفك هذا جيد، فاستله الآخر، فقال: أجل و اللّه إنه لجيد لقد جربت به ثم جربت به. فقال أبو بصير: أرني أنظر إليه فأخذه، منه فضربه حتى برد وفر الآخر حتى أتى المدينة فدخل المسجد يعدو فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم حين رآه: لقد رأى هذا ذعرا. فلما انتهى إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم قال: ويلك ما لك؟ قال: قتل و اللّه صاحبي و إني لمقتول فو اللّه ما برح حتى طلع أبو بصير متوشح السيف حتى وقف على رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم فقال: يا نبي اللّه أوفى اللّه ذمتك قد رددتني إليهم فأنجاني اللّه تعالى منهم فقال النبي صلّى اللّه عليه و سلّم: ويل أمه مسعر حرب لو كان معه أحد.
فلما سمع ذلك، عرف أن يرده إليهم، فخرج حتى أتى سيف البحر و بلغ المسلمين الذين كانوا حبسوا بمكة قول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم لأبي بصير ويل أمه مسعر حرب لو كان معه أحد فخرج عصابة منهم إليه فانفلت أبو جندل فلحق بأبي بصير حتى اجتمع إليه قريب من سبعين رجلا فو اللّه ما يسمعون بعير خرجت لقريش إلى الشام إلا اعترضوا لها فقتلوهم و أخذوا أموالهم فأرسلت قريش إلى النبي صلّى اللّه عليه و سلّم تناشده اللّه و الرحم لما أرسلت إليهم فمن أتاه فهو آمن فأرسل إليهم النبي صلّى اللّه عليه و سلّم فقدموا إليه المدينة و أنزل اللّه عز و جل: وَ هُوَ الَّذِي كَفَّ أَيْدِيَهُمْ عَنْكُمْ وَ أَيْدِيَكُمْ عَنْهُمْ حتى بلغ حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ و كانت حميتهم أنهم لم يقروا أنه نبي اللّه و لم يقروا ببسم اللّه الرّحمن الرّحيم و حالوا بينه و بين هذا البيت أخرجه البخاري بطوله سوى ألفاظ منه و هي مستثناة في الحديث. منها قوله: فنزع سهما من كنانته، و أعطاه رجلا من أصحابه، إلى قوله: فو اللّه ما زال يجيش لهم بالري و منها قوله ثم بعثوا الحليس بن علقمة إلى قوله فقالوا كف عنا يا حليس حتى نأخذ لأنفسنا بما نرضى به و منها قوله هذا ما قاضى عليه محمد بن عبد اللّه، إلى قوله: و عليّ أن يخلوا بيننا و بين البيت. و منها قوله: و روي عن البراء قصة الصلح، إلى قوله: رجعنا إلى حديث الزهري. و منها قوله: و في الحديث أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم قال: يا أبا جندل، إلى قوله:
قال عمر فأتيت النبي صلّى اللّه عليه و سلّم فقلت أ لست نبي اللّه حقا؟ و منها قوله: قال ابن عمر و ابن عباس، إلى قوله: و قال الزهري في حديثه ثم جاء نسوة مؤمنات فهذه الألفاظ لم يخرجها البخاري في صحيحه.
(شرح غريب ألفاظ الحديث) قوله: بضع عشرة، البضع: في العدد بالكسر و قد يفتح هو ما بين الثلاثة إلى التسعة. و قيل: ما بين الواحد إلى العشرة. قوله: و بعث عينا له أي جاسوسا. قوله: و قد جمعوا لك الأحابيش: هم أحياء من القارة انضموا إلى بني ليث في محاربتهم قريشا. و قيل: هم حلفاء قريش و هم بنو الهون بن خزيمة و بنو الحارث بن عبد مناة و بنو المصطلق من خزاعة تحالفوا تحت جبل يقال له: حبش فسموا بذلك. و قيل: هو اسم واد بأسفل مكة.
لباب التأويل فى معانى التنزيل، ج4، ص: 169
و قيل: سموا بذلك لتجمعهم. و التحبيش: التجمع. قوله: فإن قعدوا قعدوا موتورين، أي منقوصين. قوله:
فنفذوا: أي مضوا و تخلصوا. قوله: إن خالد بن الوليد بالغميم، اسم موضع و منه كراع الغميم. و قوله: طليعة الطليعة، الجماعة يبعثون بين يدي الجيش ليطلعوا على أخبار العدو. قوله: و قترة الجيش: هو الغبار الساطع معه سواد. قوله: يركض نذير، النذير: الذي يعلم القوم بالأمر الحادث. قوله: حل حل: هو زجر للناقة. قوله خلأت القصوا: يعني أنها لما توقفت عن المشي و تقهقرت ظنوا ذلك خللا في خلقها و هو كالحران للفرس فقال النبي صلّى اللّه عليه و سلّم: ما خلأت أي ليس ذلك من خلقها و لكن حبسها حابس الفيل، أي منعها عن المسير. و الذي منع الفيل عن مكة هو اللّه تعالى و القصوا اسم ناقة النبي صلّى اللّه عليه و سلّم و لم تكن قصوا و هو شق الأذن. قوله: خطة، أي حالة و قضية يعظمون فيها حرمات اللّه جمع حرمة و هي فروضه و ما يجب القيام به يريد بذلك حرمة الحرم و نحوه. قوله: حتى نزل بأقصى الحديبية بتخفيف الياء و تشديدها، و هي قرية ليست بالكبيرة سميت ببئر هناك عند مسجد الشجرة و بين الحديبية و مكة مرحلة و بينها و بين المدينة تسع مراحل. و قال ما لك: هي من الحرم. و قال ابن القصار:
بعضها من الحل حكاه في المطالع. و الثمد: الماء القليل الذي لا مادة له. و التربص: أخذ الشيء قليلا قليلا.
و قوله: فما زال يجيش بالري، يقال: جاشت البئر بالماء إذا ارتفعت و فاضت. و الري ضد العطش، و الصد الرجوع بعد الورود. و قوله: و كانت خزاعة عيبة، نصح رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم يقال فلان عيبة نصح فلان إذا كان موضع سره و ثقته في ذلك. قوله: نزلوا على أعداد مياه الحديبية، الماء العد: الكثير الذي لا انقطاع له كالعيون و جمعه أعداد. قوله: و معهم العوذ المطافيل، العوذ: جمع عائذ و هي الناقة إذا وضعت إلى أن يقوى ولدها، و قيل: هي كل أنثى لها سبع ليال منذ وضعت. و المطافيل: جمع مطفل و هي الناقة معها فصيلها و هذه استعارة استعار ذلك للناس و أراد بهم أن معهم النساء و الصبيان. قوله: و إن قريشا قد نهكتهم الحرب أي، أضرت بهم و أثّرت فيهم.
و قوله: ماددتهم أي جعلت بيني و بينهم مدة. قوله: و إلا فقد جموا، أي: استراحوا. و الجمام: بالجيم الراحة بعد التعب. قوله: تنفرد سالفتي السالفة الصفحة و السالفتان صفحتا العنق. و قيل: السالفة حبل العنق و هو ما بينه و بين الكتف و هو كناية عن الموت لأنها لا تنفرد عنه إلا بالموت. قوله: إني استنفرت، يقال: استنفر القوم إذا دعاهم إلى قتال العدو، و عكاظ: اسم سوق كانت في الجاهلية معروفة. و قوله: بلحوا على فيه لغتان التخفيف و التشديد و أصل التبليح: الإعياء و الفتور. و المراد: امتناعهم من إجابته و تقاعدهم عنه. قوله: استأصلت قومك.
و اجتاح: أصله من الاجتياح إيقاع المكروه بالإنسان و منه الجائحة و الاستئصال و الاجتياح متقاربان في مبالغة الأذى. قوله: إني لأرى وجوها و أشوابا: الأشواب، مثل الأوباش و هم الأخلاط من الناس و الرعاع. يقال: فلان خليق بذلك أي جدير لا يبعد ذلك من خلقه قوله امصص بظر اللات و هي اسم صنم لهم كانوا يعبدونه و البظر ما تقطعه الخافضة و هي الخاتنة من الهنة التي تكون في فرج المرأة و كان هذا اللفظ شتما لهم يدور في ألسنتهم.
قوله: لو لا يدلك عندي اليد النعمة و ما يمتن به الإنسان على غيره. قوله: أي غدر معدول عن غادر و هو للمبالغة. و قوله: قد عرض عليكم خطة رشد، يقال: خطة رشد و خطة غيّ. و الرشد و الرشاد خلاف الغي و المراد منه أنه قد طلب منكم طريقا واضحا في هدى و استقامة. قوله: و هو من قوم يعظمون البدن أي الإبل تهدى إلى البيت في حج أو عمرة، و تقليدها: هو أن يجعل في رقابها شيء كالقلادة من لحاء الشجر أو نعل أو غيره ليعلم بذلك أنه هدى. و الإشعار: هو أن يشق جانب السنام فيسيل دمه عليه و قوله لما رأى الهدى يسيل عليه أي يقبل عليه كالسيل من عرض الوادي أي جانبه. و قوله: هذا مكرز و هو رجل فاجر. الفجور: الميل عن الحق و كل انبعاث في شر فهو فجور. قوله: هذا ما قاضى عليه، أي فاعل من القضاء و هو إحكام الأمر و إمضاؤه و هو في اللغة على وجوه مرجعها إلى انقضاء الشيء و إتمامه. قوله: ضغطة، هو كناية عن القهر و الضيق. قوله:
بجلباب السلاح، بضم الجيم و سكون اللام مع تخفيف الباء و يروى بضم اللام أيضا مع التشديد و هو وعاء من
لباب التأويل فى معانى التنزيل، ج4، ص: 170
أدم شبه الجراب يوضع فيه السيف مغمودا و يعلق في مؤخرة الرحل. قوله: يرسف بضم السين و كسرها لغتان، و هو: مشي المقيد. قوله: فأجره لي. قال ابن الأثير: يجوز أن يكون بالزاي من الإجازة أي اجعله جائزا غير ممنوع و لا محرم أو أطلقه لي و إن كان بالراء المهملة فهو من الإجارة و الحماية و الحفظ و كلاهما صالح في هذا الموضوع.
قوله: فلم نعطى الدنية، أي القضية التي لا نرضى بها أي لم نرض بالأدون و الأقل في ديننا؟ قوله:
فاستمسك بغرزه الغرز لكور الناقة كالركاب لسرج الفرس و المعنى: فاستمسك به و لا تفارقه ساعة كما لا تفارق رجل الراكب غرز رحله فإنه على الحق الذي لا يجوز لأحد تركه. قوله: ويل أمه، هذه كلمة تقال للواقع فيما يكره و يتعجب بها أيضا، و مسعر الحرب أي موقدها. يقال: سعرت النار و أسعرتها إذا أوقدتها. و المسعر:
الخشب الذي توقد به النار و سيف البحر بكسر السين جانبه و ساحله و اللّه أعلم و أما تفسير الآية فقوله عز و جل:
[سورة الفتح (48): آية 25]
هُمُ الَّذِينَ كَفَرُوا ، يعني كفار مكة، وَ صَدُّوكُمْ أي منعوكم عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ أن تطوفوا به وَ الْهَدْيَ أي و صدوا الهدي و هو البدن التي ساقها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم و كانت سبعين بدنة مَعْكُوفاً أي محبوسا أَنْ يَبْلُغَ مَحِلَّهُ أي منحره و حيث يحل نحره و هو الحرم وَ لَوْ لا رِجالٌ مُؤْمِنُونَ وَ نِساءٌ مُؤْمِناتٌ يعني المستضعفين بمكة لَمْ تَعْلَمُوهُمْ أي لم تعرفوهم أَنْ تَطَؤُهُمْ أي بالقتل و توقعوا بهم فَتُصِيبَكُمْ مِنْهُمْ مَعَرَّةٌ بِغَيْرِ عِلْمٍ أي إثم و قيل: غرم الدية، و قيل: كفارة قتل الخطأ، لأن اللّه أوجب على قاتل المؤمن في دار الحرب إذا لم يعلم إيمانه الكفارة دون الدية. و قيل: هو أن المشركين يعتبونكم و يقولون: قتلوا أهل دينهم.
و المعرة: المشقة يقول: لو لا أن تطئوا رجالا مؤمنين و نساء مؤمنات لم تعلموهم فيلزمكم به كفارة أو سيئة و جواب لو لا محذوف تقديره لأذن لكم في دخول مكة و لكنه حال بينكم و بين ذلك لهذا السبب لِيُدْخِلَ اللَّهُ فِي رَحْمَتِهِ مَنْ يَشاءُ أي في دين الإسلام من يشاء من أهل مكة بعد الصلح و قيل دخولها لَوْ تَزَيَّلُوا أي لو تميزوا المؤمنين من الكفار لَعَذَّبْنَا الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْهُمْ عَذاباً أَلِيماً أي بالسبي و القتل بأيديكم و قيل: لعذبنا جواب لكلامين أحدهما لو لا رجال. و الثاني: لو تزيلوا. ثم قال: ليدخل اللّه في رحمته من يشاء يعني المؤمنين و المؤمنات في رحمته أي في جنته. قال قتادة: في الآية إن اللّه تعالى يدفع بالمؤمنين عن الكفار كما دفع بالمستضعفين من المؤمنين عن مشركي مكة.
[سورة الفتح (48): الآيات 26 الى 27]
قوله تعالى: إِذْ جَعَلَ الَّذِينَ كَفَرُوا فِي قُلُوبِهِمُ الْحَمِيَّةَ أي الأنفة و الغضب و ذلك حين صدوا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم و أصحابه عن البيت و منعوا الهدي محله و لم يقروا ببسم اللّه الرّحمن الرّحيم و أنكروا أن يكون محمد رسول
لباب التأويل فى معانى التنزيل، ج4، ص: 171
اللّه. و قيل: قال أهل مكة قد قتلوا أبناءنا و إخواننا ثم يدخلون علينا، فتحدث العرب أنهم دخلوا علينا رغما منا و اللات و العزى لا يدخلونها علينا فكانت هذه حَمِيَّةَ الْجاهِلِيَّةِ التي دخلت قلوبهم فَأَنْزَلَ اللَّهُ سَكِينَتَهُ عَلى رَسُولِهِ وَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ أي: حتى لا يدخلهم ما دخلهم في الحمية فيعصون اللّه في قتالهم وَ أَلْزَمَهُمْ كَلِمَةَ التَّقْوى .
قال ابن عباس: «كلمة التقوى لا إله إلا اللّه» و أخرجه الترمذي. و قال: حديث غريب. و قال علي و ابن عمر: كلمة التقوى لا إله إلا اللّه وحده لا شريك له. له الملك و له الحمد و هو على كل شيء قدير. و قال عطاء الخراساني: هي لا إله إلا اللّه محمد رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم. و قال الزهري: هي بسم اللّه الرّحمن الرّحيم وَ كانُوا أَحَقَّ بِها أي من كفار مكة وَ أَهْلَها أي كانوا أهلها في علم اللّه، لأن اللّه تعالى اختار لدينه و صحبة نبيه محمد صلّى اللّه عليه و سلّم أهل الخير و الصلاح وَ كانَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْءٍ عَلِيماً يعني من أمر الكفار و ما كانوا يستحقونه من العقوبة و أمر المؤمنين و ما كانوا يستحقونه من الخير.
قوله تعالى: لَقَدْ صَدَقَ اللَّهُ رَسُولَهُ الرُّؤْيا بِالْحَقِ سبب نزول هذه الآية أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم رأى في المنام و هو بالمدينة قبل أن يخرج إلى الحديبية أنه يدخل المسجد الحرام هو و أصحابه آمنين و يحلقوا رؤوسهم فأخبر بذلك أصحابه ففرحوا و حسبوا أنهم داخلو مكة عامهم ذلك، فلما انصرفوا و لم يدخلوا، شق عليهم ذلك و قال المنافقون: أين رؤياه التي رآها؟ فأنزل اللّه هذه الآية و دخلوا في العام المقبل.
و روي عن مجمع بن حارثة الأنصاري قال: «شهدنا الحديبية مع رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم فلما انصرفنا عنها إذا الناس يهزون الأباعر فقال بعضهم: ما بال الناس؟ قال: أوحي إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم. قال: فخرجنا نرجف فوجدنا النبي صلّى اللّه عليه و سلّم واقفا على راحلته عند كراع الغميم فلما اجتمع الناس قرأ «إنا فتحنا لك فتحا مبينا» فقال عمر: أهو فتح يا رسول اللّه؟ صلّى اللّه عليه و سلّم؟ قال: نعم و الذي نفسي بيده» ففيه دليل على أن المراد من الفتح هو صلح الحديبية، و تحقيق الرؤيا كان في العام المقبل. و قوله: لقد صدق اللّه و رسوله الرؤيا بالحق، أخبر أن الرؤيا التي أراه إياها في مخرجه إلى الحديبية أنه يدخل هو و أصحابه المسجد حق و صدق بالحق أي الذي رآه حق و صدق و قيل: يجوز أن يكون بالحق قسما لأن الحق من أسماء اللّه تعالى أو قسما بالحق الذي هو ضد الباطل و جوابه لَتَدْخُلُنَّ الْمَسْجِدَ الْحَرامَ و قيل: لتدخلن من قول رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم لأصحابه حكاية عن رؤياه فأخبر اللّه عز و جل أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم أنه قال ذلك إِنْ شاءَ اللَّهُ آمِنِينَ قيل: إنما استثني مع علمه بدخوله تعليما لعباده الأدب و تأكيدا لقوله: «و لا تقولن لشيء إني فاعل ذلك غدا إلا أن يشاء اللّه» و قيل: إن بمعنى إذ مجازه إذ شاء اللّه. و قيل: لما لم يقع الدخول في عام الحديبية و كان المؤمنون يريدون الدخول و يأبون الصلح قال: لتدخلن المسجد الحرام لا بقوتكم و إرادتكم و لكن بمشيئة اللّه تعالى، و قيل: الاستثناء واقع على إلا من لا على الدخول لأن الدخول لم يكن فيه شك فهو كقوله صلّى اللّه عليه و سلّم: «و إنا إن شاء اللّه بكم لاحقون» مع أنه لا يشك في الموت مُحَلِّقِينَ رُؤُسَكُمْ أي كلها وَ مُقَصِّرِينَ أي تأخذون بعض شعوركم لا تَخافُونَ أي من عدو في رجوعكم لأن قوله آمنين في حال الإحرام لأنه لا قتال فيه. و قوله: لا تخافون يرجع إلى كمال الأمن بعد الإحرام في حال الرجوع فَعَلِمَ ما لَمْ تَعْلَمُوا يعني علم أن الصلاح كان في الصلح و تأخير الدخول و كان ذلك سببا لوطء المؤمنين و المؤمنات.
و قيل: علم أن دخولكم في السنة الثانية و لم تعلموا أنتم فظننتم أنه في السنة الأولى فَجَعَلَ مِنْ دُونِ ذلِكَ أي من قبل دخولكم الحرم فَتْحاً قَرِيباً يعني صلح الحديبية قاله الأكثرون. و قيل: هو فتح خيبر قوله عز و جل:
لباب التأويل فى معانى التنزيل، ج4، ص: 172
[سورة الفتح (48): الآيات 28 الى 29]
هُوَ الَّذِي أَرْسَلَ رَسُولَهُ بِالْهُدى وَ دِينِ الْحَقِ هذا البيان صدق الرؤيا و ذلك أن اللّه تعالى لا يرى رسوله صلّى اللّه عليه و سلّم ما لا يكون فيحدث الناس فيقع خلافه فيكون سببا للضلال فحقق اللّه أمر الرؤيا بقوله: «لقد صدق اللّه رسوله الرؤيا بالحق» و بقوله «هو الذي أرسل رسوله بالهدى و دين الحق» و فيه بيان وقوع الفتح و دخول مكة و هو قوله تعالى: لِيُظْهِرَهُ عَلَى الدِّينِ كُلِّهِ أي يعليه و يقويه على الأديان كلها فتصير الأديان كلها دونه وَ كَفى بِاللَّهِ شَهِيداً أي في أنه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم و فيه تسلية لقلوب المؤمنين و ذلك أنهم تأذوا من قول الكفار لو نعلم أنه رسول اللّه ما صددناه عن البيت فقال اللّه تعالى: و كفى باللّه شهيدا. أي: في أنه رسول اللّه، ثم قال تعالى: مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ أي هو محمد رسول اللّه الذي سبق ذكره في قوله أرسل رسوله. قال ابن عباس: شهد له بالرسالة ثم ابتدأ فقال وَ الَّذِينَ مَعَهُ يعني أصحابه المؤمنين أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ أي غلاظ أقوياء كالأسد على فريسته لا تأخذهم فيهم رأفة رُحَماءُ بَيْنَهُمْ أي: متعاطفون متوادّون بعضهم لبعض كالولد مع الوالد. كما قال في حقهم: «أذلة على المؤمنين أعزة على الكافرين» تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً أخبر عن كثرة صلاتهم و مداومتهم عليها يَبْتَغُونَ أي يطلبون فَضْلًا مِنَ اللَّهِ يعني الجنة وَ رِضْواناً أي أن يرضى عنهم. و فيه لطيفة و هو أن المخلص بعمله للّه يطلب أجره من اللّه تعالى و المرائي بعمله لا يبتغي له أجرا و ذكر بعضهم في قوله: و الذين معه يعني أبا بكر الصديق أشداء على الكفار عمر بن الخطاب رحماء بينهم عثمان بن عفان تراهما ركعا سجدا علي بن أبي طالب يبتغون فضلا من اللّه و رضوانا بقية الصحابة سِيماهُمْ أي علامتهم فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ و اختلفوا في هذه السيما على قولين: أحدهما: أن المراد في يوم القيامة قيل: هي نور و بياض في وجوههم يعرفون به يوم القيامة أنهم سجدوا للّه في الدنيا و هي رواية عن ابن عباس. و قيل: تكون مواضع السجود في وجوههم كالقمر ليلة البدر. و قيل: يبعثون غرا محجلين يوم القيامة يعرفون بذلك. و القول الثاني: إن ذلك في الدنيا و ذلك أنهم استنارت وجوههم بالنهار من كثرة صلاتهم بالليل. و قيل: هو السمت الحسن و الخشوع و التواضع.
قال ابن عباس: ليس بالذي ترون و لكنه سيما الإسلام و سجيته و سمته و خشوعه. و المعنى: أن السجود أورثهم الخشوع و السمت الحسن يعرفون به و قيل هو صفوة الوجه من سهر الليل و يعرف ذلك في رجلين أحدهما سهر الليل في الصلاة و العبادة و الآخر في اللهو و اللعب فإذا أصبحا ظهر الفرق بينهما فيظهر في وجه المصلي نور و ضياء و على وجه اللاعب ظلمة. و قيل: هو أثر التراب على الجباه لأنهم كانوا يصلّون على التراب لا على الأثواب. قال عطاء الخراساني: دخل في هذه الآية كل من حافظ على الصلوات الخمس ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ يعني ذلك الذي ذكر صفتهم في التوراة و تم الكلام هاهنا ثم ابتدأ بذكر نعتهم و صفتهم في الإنجيل فقال تعالى: وَ مَثَلُهُمْ أي صفتهم فِي الْإِنْجِيلِ كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ أي إفراطه قبل فراخه. قيل: هو نبت فما خرج بعده شطؤه فَآزَرَهُ أي: قوّاه و أعانه و شد أزره فَاسْتَغْلَظَ أي غلظ ذلك الزرع و قوي فَاسْتَوى أي تم و تلاحق نباته و قام عَلى سُوقِهِ جمع ساق أي على أصوله يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ أي يعجب ذلك الزرع زراعة و هو مثل ضربه اللّه عز و جل لأصحاب محمد صلّى اللّه عليه و سلّم مكتوب في الإنجيل أنهم يكونون قليلا ثم يزدادون و يكثرون قال
لباب التأويل فى معانى التنزيل، ج4، ص: 173
قتادة: مثل أصحاب محمد صلّى اللّه عليه و سلّم مكتوب في الإنجيل أنه سيخرج قوم ينبتون نبات الزرع يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر قيل الزرع محمد صلّى اللّه عليه و سلّم و الشطء أصحابه و المؤمنون و قيل: الزرع هو محمد صلّى اللّه عليه و سلّم شطأه أبو بكر فآزره عمر فاستغلظ عثمان فاستوى على سوقه علي بن أبي طالب يعجب الزراع يعني جميع المؤمنين لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ قيل: هو قول عمر بن الخطاب لأهل مكة بعد ما أسلم لا يبعد اللّه سرا بعد اليوم. و قيل: قوتهم و كثرتهم ليغيظ بهم الكفار. قال مالك بن أنس: من أصبح و في قلبه غيظ على أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم فقد أصابته هذه الآية.
(فصل في فضل أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم) (ق) عن عبد اللّه بن مسعود أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «قال خير الناس قرني ثم الذين يلونهم» (م).
عن عائشة رضي اللّه تعالى عنها قالت: «سأل رجل النبي صلّى اللّه عليه و سلّم أي الناس خير؟ قال: القرن الذي أنا فيه ثم الثاني ثم الثالث». قوله: خير الناس قرني ثم الذين يلونهم يعني الصحابة ثم التابعين و تابعيهم و القرن كل أهل زمان قيل هو أربعون سنة و قيل ثمانون و قيل مائة سنة عن عبد الرّحمن بن عوف أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم قال: «أبو بكر في الجنة و عمر بن الخطاب في الجنة و عثمان بن عفان في الجنة و علي بن أبي طالب في الجنة و طلحة في الجنة و الزبير في الجنة و عبد الرّحمن بن عوف في الجنة و سعد بن أبي وقاص في الجنة و سعيد بن زيد في الجنة و أبو عبيدة بن الجراح في الجنة». أخرجه الترمذي.
و أخرج عن سعيد بن زيد نحوه و قال: هذا أصح من الحديث الأول عن أنس بن مالك قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم «أرحم أمتي بأمتي أبو بكر و أشدهم في أمر اللّه عمر و أشدهم حياء عثمان و أقضاهم علي و أعلمهم بالحلال و الحرام معاذ بن جبل و أفرضهم زيد بن ثابت و أقرؤهم أبي بن كعب و لكل قوم أمين و أمين هذه الأمة أبو عبيدة بن الجراح و ما أظلت الخضراء و لا أقلت الغبراء أصدق لهجة من أبي ذر أشبه عيسى في ورعه قال عمر فنعرف له ذلك يا رسول اللّه؟ قال نعم» أخرجه الترمذي مفرقا في موضعين، أحدهما: إلى قوله أبو عبيدة بن الجراح، و الآخر إلى أبي ذر (خ).
عن أنس أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم صعد أحدا أبو بكر و عمر و عثمان فرجف بهم فقال: اثبت أحد أراه ضربه برجله فإنما عليك نبي و صديق و شهيدان».
عن ابن مسعود: «عن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم أنه قال: اقتدوا بالذين بعدي من أصحابي أبي بكر و عمر و اهتدوا بهدى عثمان و تمسكوا بعهد عبد اللّه بن مسعود» أخرجه الترمذي و قال حديث غريب. (ق) عن عمرو بن العاص أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم بعثه في جيش ذات السلاسل قال: فأتيته فقلت: أي الناس أحب إليك؟ قال عائشة فقلت من الرجال قال أبوها قلت ثم من؟ قال ثم عمر بن الخطاب فعد رجالا» عن علي بن أبي طالب قال: قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم «رحم اللّه أبا بكر زوجني ابنته و حملني إلى دار الهجرة و صحبني في الغار و أعتق بلالا من ماله رحم اللّه عمرا ليقولن الحق و إن كان مرا تركه الحق و ما له من صديق. رحم اللّه عثمان تستحي منه الملائكة، رحم اللّه عليا اللهم أدر الحق معه حيث دار» أخرجه الترمذي و قال حديث غريب. (م) عن زر بن حبيش قال: سمعت عليا يقول: و الذي فلق الحبة و برأ النسمة إنه لعهد النبي الأمي إلي أنه لا يحبني إلا مؤمن و لا يبغضني إلا منافق. عن.