کتابخانه تفاسیر
لطائف الاشارات
الجزء الأول
السورة التي تذكر فيها البقرة
السورة التي يذكر فيها آل عمران
السورة التي يذكر فيها النساء
السورة التي تذكر فيها المائدة
السورة التي تذكر فيها الأنعام
السورة التي يذكر فيها الأعراف
السورة التي تذكر فيها الأنفال
الجزء الثاني
السورة التي تذكر فيها التوبة
سورة يونس عليه السلام
السورة التي يذكر فيها هود عليه السلام
السورة التي يذكر فيها يوسف عليه السلام
السورة التي يذكر فيها«الرعد»
السورة التي يذكر فيها إبراهيم عليه السلام
السورة التي يذكر فيها الحجر
السورة التي يذكر فيها النحل
السورة التي يذكر فيها بنو إسرائيل
السورة التي يذكر فيها الكهف
سورة مريم عليها السلام
سورة طه
السورة التي يذكر فيها الأنبياء
السورة التي يذكر فيها«الحج»
السورة التي يذكر فيها المؤمنون
السورة التي يذكر فيها النور
سورة الفرقان
الجزء الثالث
السورة التي يذكر فيها الشعراء
السورة التي يذكر فيها النمل
سورة القصص
السورة التي يذكر فيها العنكبوت
السورة التي يذكر فيها الروم
السورة التي يذكر فيها لقمان
سورة السجدة
سورة الأحزاب
سورة سبأ
سورة فاطر
سورة يس
سورة الصافات
سورة ص
سورة الزمر
سورة المؤمن
سورة فصلت
سورة الشورى
سورة الزخرف
سورة الدخان
سورة الجاثية
سورة الأحقاف
سورة محمد«صلى الله عليه و سلم»
سورة الفتح
سورة الحجرات
سورة ق
سورة الذاريات
سورة الطور
سورة النجم
سورة القمر
سورة الرحمن
سورة الواقعة
سورة الحديد
سورة المجادلة
سورة الحشر
سورة التغابن
لطائف الاشارات، ج3، ص: 729
سورة البلد
قوله جل ذكره: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ» «1» «بِسْمِ اللَّهِ» كلمة تخبر عن جلال أزليّ، و جمال سرمديّ، جلال ليس له زوال، و جمال ليس له انتقال، جلال لا بأغيار «2» و أمثال، جمال لا بصورة و مثال، و جلال هو استحقاقه لجبروته و جمال هو استيجابه لملكوته، جلال من كاشفه به فأوصافه فناء في فناء، و جمال من لاطفه به فأحواله بقاء في بقاء.
قوله جل ذكره:
[سورة البلد (90): الآيات 1 الى 10]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
وَ هَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ (10)
أي: أقسم بهذا البلد، و هو مكة.
«وَ أَنْتَ حِلٌّ بِهذَا الْبَلَدِ» و إنما أحلّت له ساعة واحدة «3» .
«وَ والِدٍ وَ ما وَلَدَ» كلّ والد و كلّ مولود. و قيل: آدم و أولاده و جواب القسم: «لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ» .
و يقال: أقسم بهذا البلد لأنك حلّ به .. و بلد الحبيب حبيب.
«لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ»
(1) مرة أخرى حدث اضطراب .. فتفسير البسملة هنا كما جاء في م موضوع في ص في أول السورة القادمة:
سورة الشمس .. و العكس في م.
(2) هكذا في م و هي في ص (باعتبار) و الصحيح ما أثبتنا.
(3) عن ابن عباس قال: «أحلّت له ساعة من نهار ثم أطبقت و حرّمت إلى القيامة و ذلك يوم فتح مكة.
و ثبت أن النبي (ص) قال: «إن اللّه حرّم مكة يوم خلق السماوات و الأرض، فهى حرام إلى أن تقوم الساعة، فلم تحل لأحد قبلى، و لا تحل لأحد بعدى، و لم تحل لى إلا ساعة من نهار».
لطائف الاشارات، ج3، ص: 730
أي: فى مشقة؛ فهو يقاسى شدائد الدنيا و الآخرة.
و يقال: خلقه في بطن أمه (منتصبا رأسه) فإذا أذن اللّه أن يخرج من بطن أمّه تنكّس رأسه عند خروجه، ثم في القماط و شدّ الرّباط ... ثم إلى الصّراط هو في الهياط و المياط «1» .
قوله جل ذكره: «أَ يَحْسَبُ أَنْ لَنْ يَقْدِرَ عَلَيْهِ أَحَدٌ» أي: لقوّته و شجاعته عند نفسه يقول:
«يَقُولُ أَهْلَكْتُ مالًا لُبَداً» «لُبَداً» كثيرا، فى عداوة محمد صلى اللّه عليه و سلم. «2» «أَ يَحْسَبُ أَنْ لَمْ يَرَهُ أَحَدٌ» أ ليس يعلم أنّ اللّه يراه، و أنه مطّلع عليه؟
قوله جل ذكره: «أَ لَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ وَ لِساناً وَ شَفَتَيْنِ؟» أي: ألم نخلقه سميعا بصيرا متكلّما.
«وَ هَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ» ألهمناه طريق الخير و الشّر.
[سورة البلد (90): الآيات 11 الى 20]
أي: فهلّا اقتحم العقبة. «وَ ما أَدْراكَ مَا الْعَقَبَةُ؟ استفهام على التفخيم لشأنها.
و يقال: هى عقبة بين الجنة و النار يجاوزها من فعل ما قاله: و هو فكّ رقبة: أي: إعتاق مملوك، و الفكّ الإزالة. و أطعم في يوم ذى مجاعة و قحط و شدّة يتيما ذا قرابة، أو «مِسْكِيناً ذا مَتْرَبَةٍ» : لا شىء له حتى كأنه قد التصق بالتراب من الجوع.
(1) يقال: هم في هياط و مياط أي في شر و جلبة، و قيل: فى دنو و تباعد (الوسيط).
(2) يقال: نزلت في رجل من بنى جمح كان يقال له: أبو الأشدين، و كان من أشد أعداء النبي (ص).
(قاله الكلبي).
لطائف الاشارات، ج3، ص: 731
قوله جل ذكره: «ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ تَواصَوْا بِالصَّبْرِ وَ تَواصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ» أي: من الذين يرحم بعضهم بعضا.
«أُولئِكَ أَصْحابُ الْمَيْمَنَةِ» أي: أصحاب اليمن و البركة.
«وَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِنا هُمْ أَصْحابُ الْمَشْأَمَةِ عَلَيْهِمْ نارٌ مُؤْصَدَةٌ» هم المشائيم على أنفسهم، عليهم نار مطبقة؛ يعنى أبواب النيران (عليهم مغلقة).
و العقبة التي يجب على الإنسان اقتحامها: نفسه و هواه، و ما لم يجز تلك العقبة لا يفلح و «فَكُّ رَقَبَةٍ» هو إعتاق نفسه من رقّ الأغراض و الأشخاص.
و يكون فك الرقبة بأن يهدى من يفكّه- من رق هواه و نفسه- إلى سلامته من شحّ نفسه، و يرجعه إليه، و يخرجه من ذلّه.
و يكون فكّ الرقبة بالتّحرّز من التدبير، و الخروج من ظلمات الاختيار إلى سعة الرضاء.
و يقال: يطعم من كان في متربة و يكون هو في مسغبة.
«ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا ...» أي تكون خاتمته على ذلك «1» .
(1) أي يبقى على ذلك حتى الوفاة.
لطائف الاشارات، ج3، ص: 732
سورة الشمس
قوله جل ذكره: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ» .
«بِسْمِ اللَّهِ» إخبار عن وجود الحقّ بنعت القدم. «الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ» : إخبار عن بقائه بوصف العلاء و الكرم.
كاشف الأرواح بقوله: «بِسْمِ اللَّهِ» فهيّمها، و كاشف النفوس بقوله: «الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ» فتيمّها؛ فالأرواح دهشى في كشف جلاله، و النفوس عطشى إلى لطف جماله «1» .
قوله جل ذكره:
[سورة الشمس (91): الآيات 1 الى 8]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
ضحا الشمس صدر وقت طلوعها.
«وَ الْقَمَرِ إِذا تَلاها» أي: تبعها؛ و ذل في النصف الأول من الشهر.
«وَ النَّهارِ إِذا جَلَّاها» إذا جلّى الشمس و كشفها.
«وَ اللَّيْلِ إِذا يَغْشاها» أي: يغشى الشمس (فيذهب بضوئها).
«وَ السَّماءِ وَ ما بَناها» أي و بنائها. و يقال: و من بناها «2»
(1) نذكر بما قلناه آنفا عن تعاكس وضع تفسيرى البسملة فيما بين «البلد» و «الشمس» فى النسختين م، و ص.
(2) هذا القول الأخير اختاره الطبري، و قاله الحسن و مجاهد. و أهل الحجاز يقولون: سبحان (ما) سبّحت له.
أي سبحان من سبحت له.
لطائف الاشارات، ج3، ص: 733
«وَ الْأَرْضِ وَ ما طَحاها» أي: و طحوها. و يقال: و من طحاها (أي بسطها أو قسمها أو خلقها).
«وَ نَفْسٍ وَ ما سَوَّاها» و من سوّى أجزاءها و أعضاءها.
«فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَ تَقْواها» أي: بأن خذلها و وفّقها.
و يقال: فجورها: حركتها في طلب الرزق، و تقواها: سكونها بحكم القدير.
و قيل: طريق الخير و الشر.
قوله جل ذكره:
[سورة الشمس (91): الآيات 9 الى 15]
هذا جواب القسم. أي: «لقد أفلح من زكّاها».
و يقال: من زكّاها اللّه عزّ و جلّ.
«وَ قَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها» أي: دسّاها اللّه. و قيل: دسّها «1» فى جملة الصالحين و ليس منهم.
و قيل: خاب من دسّ نفسه بمعصية اللّه. و قيل دسّاها: جعلها خسيسة حقيرة.
و أصل الكلمة دسسها «2» قوله جل ذكره: «كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْواها» «بِطَغْواها» : لطغيانها، و قيل: إن صالحا قد مات، فكفر قومه، فأحياه اللّه، فدعاهم إلى الإيمان، فكذّبوه، و سألوه علامة و هي الناقة، فأتاهم صالح بما سألوا.
(1) أي دسها صاحبها.
(2) من التدسيس، و هو إخفاء الشيء في الشيء، فأبدلت سينه ياء كما يقال: قصّيت أظفارى و الأصل قصصت، و مثله قولهم في تضّض: تقضّى.
لطائف الاشارات، ج3، ص: 734
«أَشْقاها» عاقرها.
«فَقالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ناقَةَ اللَّهِ وَ سُقْياها» أي: احذروا ناقة اللّه، و احذروا سقياها: أي: لا تتعرّضوا لها.
«فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوها ...» أي كذّبوا صالحا، فعقروا الناقة.
«... فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاها» .
أي: أهلكهم بجرمهم، «فَسَوَّاها» : أي أطبق عليهم العذاب «1» .
و يقال: سوّى بينهم ربّهم في العذاب لأنهم كلهم رضوا بعقر الناقة.
قوله جل ذكره: «وَ لا يَخافُ عُقْباها» أي: أن اللّه لا يخاف عاقبة ما فعل بهم من العقوبة.
و يقال: قد أفلح «2» من داوم على العبادة، و خاب من قصّر فيها.
و فائدة السورة: أنه أفلح من طهّر نفسه عن الذنوب و العيوب، ثم عن الأطماع في الأعواض و الأغراض، ثم أبعد نفسه عن الاعتراض على الأقسام، و عن ارتكاب الحرام.
و قد خاب من خان نفسه، و أهملها عن المراعاة، و دنّسها بالمخالفات؛ فلم يرض بعدم المعاني حتى ضمّ إلى فقرها منها الدعاوى المظلمة ... فغرقت في بحر الشقاء سفينته.
(1) بأن سوى عليهم الأرض.
(2) هكذا في ص و هي في م (أصلح) و قد رجّحنا ما أثبتنا، فهكذا الآية، ثم ما تلا هذه العبارة.
لطائف الاشارات، ج3، ص: 735
سورة اللّيل
قوله جل ذكره: «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ» بسم اللّه كلمة تخبر عن إلهية اللّه؛ و هي استحقاقه لنعوت المجد و التوحّد، و صفات العزّ و التفرّد؛ فمن تجرّد في طلبه عن الكسل، و لم يستوطن مركب العجز و الفشل، و وضع النظر موضعه وصل بدليل العقل إلى عرفانه، و من بذل روحه و نفسه و ودّع في الطلب راحته و أنسه، و لم يعرّج في أوطان الوقفة ظفر بحكم الوصل إلى شهود سلطانه، و الناس فيه بين موفّق و مخذول، أو مؤيّد و مردود.
قوله جل ذكره:
[سورة الليل (92): الآيات 1 الى 10]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
فَسَنُيَسِّرُهُ لِلْعُسْرى (10)
يغشى الأفق، و ما بين السماء و الأرض فيستره بظلمته.
و الليل لأصحاب التحيّر يستغرق جميع أقطار أفكارهم فلا يهتدون الرشد.
«وَ النَّهارِ إِذا تَجَلَّى» أنار و ظهر، و وضح و أسفر.
و نهار أهل العرفان بضياء قلوبهم و أسرارهم، حتى لا يخفى عليهم شىء، فسكنوا بطلوع الشمس «1» عن تكلّف إيقاد السراج «2» «وَ ما خَلَقَ الذَّكَرَ وَ الْأُنْثى» أي: «من» خلق الذكر و الأنثى؛ و هو اللّه سبحانه:
«إِنَّ سَعْيَكُمْ لَشَتَّى» هذا جواب القسم، و المعنى: إنّ عملكم لمختلف؛ فمنكم: من سعيه في طلب دنياه، و منكم من سعيه في شهوات نفسه و اتباع هواه، و منكم من في طلب جاهه و مناه، و آخر في طلب عقباه،
(1) يقصد شمس التوحيد.