کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

مجمع البيان فى تفسير القرآن

الجزء الأول

(2) سورة البقرة مدنية و آياتها ست و ثمانون و مائتان(286)

نزول فضلها تفسيرها

الجزء الثاني

بقية سورة البقرة

(3) سورة آل عمران مدنية و آياتها مائتان(200)

توضيح فضلها

الجزء الثالث

(4) سورة النساء مدنية و آياتها ست و سبعون و مائة(176)

توضيح عدد آيها خلافها آيتان فضلها تفسيرها

(5) سورة المائدة مدنية و آياتها عشرون و مائة(120)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

الجزء الرابع

(6) سورة الأنعام مكية و آياتها خمس و ستون و مائة(165)

توضيح عدد آيها فضلها تفسيرها

(7) سورة الأعراف مكية و آياتها ست و مائتان(206)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(8) سورة الأنفال مدنية و آياتها خمس و سبعون(75)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

الجزء الخامس

(9) سورة التوبة مدنية و آياتها تسع و عشرون و مائة(129)

توضيح عدد آيها اختلافها أسماؤها عشرة فضلها علة ترك التسمية - في أولها قراءة و كتابة تفسيرها

(10) سورة يونس مكية و آياتها تسع و مائة(109)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(11) سورة هود مكية و آياتها ثلاث و عشرون و مائة(123)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(12) سورة يوسف مكية و آياتها إحدى عشرة و مائة(111)

توضيح عدد آيها فضلها تفسيرها

الجزء السادس

(13) سورة الرعد مدنية و آياتها ثلاث و أربعون(43)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(14) سورة إبراهيم مكية و آياتها ثنتان و خمسون(52)

(16) سورة النحل مكية و آياتها ثمان و عشرون و مائة(128)

توضيح عدد آيها فضلها تفسيرها

(17) سورة الإسراء مكية و آياتها إحدى عشرة و مائة(111)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(18) سورة الكهف مكية و آياتها عشر و مائة(110)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(19) سورة مريم مكية و آياتها ثمان و تسعون(98)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

الجزء السابع

(20) سورة طه مكية و آياتها خمس و ثلاثون و مائة(135)

عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(21) سورة الأنبياء مكية و آياتها اثنتا عشرة و مائة(112)

توضيح اختلافها فضلها تفسيرها

(22) سورة الحج مدنية و آياتها ثمان و سبعون(78)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(23) سورة المؤمنون مكية و آياتها ثماني عشرة و مائة(118)

عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(24) سورة النور مدنية و آياتها أربع و ستون(64)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(26) سورة الشعراء مكية و آياتها سبع و عشرون و مائتان(227)

(28) سورة القصص مكية و آياتها ثمان و ثمانون(88)

عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

الجزء الثامن

(29) سورة العنكبوت مكية و آياتها تسع و ستون(69)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(33) سورة الأحزاب مدنية و آياتها ثلاث و سبعون(73)

توضيح فضلها تفسيرها

(37) سورة الصافات مكية و آياتها ثنتان و ثمانون و مائة(182)

عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(39) سورة الزمر مكية و آياتها خمس و سبعون(75)

(40) سورة غافر مكية و آياتها خمس و ثمانون(85)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

الجزء التاسع

(43) سورة الزخرف مكية و آياتها تسع و ثمانون(89)

الجزء العاشر

مجمع البيان فى تفسير القرآن


صفحه قبل

مجمع البيان فى تفسير القرآن، ج‏1، ص: 88

الرَّحِيمِ» يقول الله أثنى علي عبدي فإذا قال العبد «مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ» يقول الله مجدني عبدي فإذا قال‏ «إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ» يقول الله هذا بيني و بين عبدي و لعبدي ما سأل فإذا قال‏ «اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ» إلى آخره قال الله هذا لعبدي ما سأل، أورده مسلم بن الحجاج في الصحيح‏

فهذه عشرة أسماء.

فضلها

ذكر الشيخ أبو الحسين الخبازي المقري في كتابه في القراءة أخبرنا الإمام أبو بكر أحمد بن إبراهيم و الشيخ عبد الله بن محمد قالا حدثنا أبو إسحاق إبراهيم بن شريك قال حدثنا أحمد بن يونس اليربوعي قال حدثنا سلام بن سليمان المدائني قال حدثنا هارون بن كثير عن زيد بن أسلم عن أبيه عن أبي أمامة عن أبي بن كعب قال قال رسول الله‏ أيما مسلم قرأ فاتحة الكتاب أعطي من الأجر كأنما قرأ ثلثي القرآن و أعطي من الأجر كأنما تصدق على كل مؤمن و مؤمنة و روي من طريق آخر هذا الخبر بعينه إلا أنه قال‏ كأنما قرأ القرآن‏

، و

روي غيره عن أبي بن كعب أنه قال‏ قرأت على رسول الله ص فاتحة الكتاب فقال و الذي نفسي بيده ما أنزل الله في التوراة و لا في الإنجيل و لا في الزبور و لا في القرآن مثلها هي أم الكتاب و هي السبع المثاني و هي مقسومة بين الله و بين عبده و لعبده ما سأل‏

، و

في كتاب محمد بن مسعود العياشي بإسناده أن النبي ص قال لجابر بن عبد الله الأنصاري‏ يا جابر أ لا أعلمك أفضل سورة أنزلها الله في كتابه قال فقال له جابر بلى بأبي أنت و أمي يا رسول الله علمنيها قال فعلمه الحمد أم الكتاب ثم قال يا جابر أ لا أخبرك عنها قال بلى بأبي أنت و أمي فأخبرني فقال هي شفاء من كل داء إلا السام و السام الموت،

و عن سلمة بن محرز عن جعفر بن محمد الصادق قال‏ من لم يبرئه الحمد لم يبرئه شي‏ء

و

روي عن أمير المؤمنين (ع) قال قال رسول الله ص‏ إن الله تعالى قال لي يا محمد وَ لَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَ الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ‏ فأفرد الامتنان علي بفاتحة الكتاب و جعلها بإزاء القرآن، و إن فاتحة الكتاب أشرف ما في كنوز العرش و إن الله خص محمدا و شرفه بها و لم يشرك فيها أحدا من أنبيائه ما خلا سليمان فإنه أعطاه منها «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ» أ لا تراه يحكي عن بلقيس حين قالت‏ إِنِّي أُلْقِيَ إِلَيَّ كِتابٌ كَرِيمٌ إِنَّهُ مِنْ سُلَيْمانَ وَ إِنَّهُ بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏ ألا فمن قرأها معتقدا لموالاة محمد و آله منقادا لأمرها. مؤمنا بظاهرها و باطنها. أعطاه الله بكل حرف منها حسنة كل واحدة منها أفضل له من الدنيا بما فيها من أصناف أموالها و خيراتها و من استمع إلى قارئ يقرؤها كان له قدر ثلث ما للقارى‏ء فليستكثر أحدكم من هذا الخير المعرض له فإنه غنيمة. لا يذهبن أوانه فتبقى في قلوبكم الحسرة

.

مجمع البيان فى تفسير القرآن، ج‏1، ص: 89

الاستعاذة

اتفقوا على التلفظ بالتعوذ قبل التسمية فيقول ابن كثير و عاصم و أبو عمرو: (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم) و نافع و ابن عامر و الكسائي: (أعوذ بالله من الشيطان الرجيم. إن الله هو السميع العليم،) و حمزة: (نستعيذ بالله من الشيطان الرجيم،) و أبو حاتم (أعوذ بالله السميع العليم من الشيطان الرجيم)

. اللغة

الاستعاذة الاستجارة فمعناه أستجير بالله دون غيره و العوذ و العياذ هو اللجأ و [الشيطان‏] في اللغة هو كل متمرد من الجن و الإنس و الدواب و لذلك جاء في القرآن‏ شَياطِينَ الْإِنْسِ وَ الْجِنِ‏ و وزنه فيعال من شطنت الدار أي بعدت و قيل هو فعلان من شاط يشيط إذا بطل و الأول أصح لأنه قد جاء في الشعر شاطن بمعناه قال أمية بن أبي الصلت‏

أيما شاطن عصاه عكاه‏

ثم يلقى في السجن و الأغلال‏

و الرجيم فعيل بمعنى مفعول من الرجم و هو الرمي‏

. المعنى‏

أمر الله بالاستعاذة من الشيطان إذ لا يكاد يخلو من وسوسته الإنسان فقال‏ فَإِذا قَرَأْتَ الْقُرْآنَ فَاسْتَعِذْ بِاللَّهِ مِنَ الشَّيْطانِ الرَّجِيمِ‏ ، و معنى أعوذ ألجأ إلى الله من شر الشيطان أي البعيد من الخير المفارق أخلاقه أخلاق جميع جنسه و قيل المبعد من رحمة الله (الرجيم) أي المطرود من السماء المرمي بالشهب الثاقبة و قيل المرجوم باللغة (إن الله هو السميع) السميع لجميع المسموعات (العليم) بجميع المعلومات.

[سورة الفاتحة (1): آية 1]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (1)

[توضيح‏]

اتفق أصحابنا أنها آية من سورة الحمد و من كل سورة و إن من تركها في الصلاة بطلت صلاته سواء كانت الصلاة فرضا أو نفلا و أنه يجب الجهر بها فيما يجهر فيه بالقراءة و يستحب الجهر بها فيما يخافت فيه بالقراءة و في جميع ما ذكرناه خلاف بين فقهاء الأمة و لا خلاف في أنها بعض آية من سورة النمل و كل من عدها آية جعل من قوله‏ صِراطَ الَّذِينَ‏ إلى آخر السورة آية و من لم يعدها آية جعل‏ صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ‏ آية و قال إنها افتتاح للتيمن و التبرك و أما القراء فإن حمزة و خلفا و يعقوب و اليزيدي تركوا الفصل بين السور بالتسمية و الباقون يفصلون بينها بالتسمية إلا بين الأنفال و التوبة.

فضلها

روي عن علي بن موسى الرضا (ع) أنه قال‏ «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ» أقرب إلى اسم الله الأعظم من سواد العين إلى بياضها

، و

روي عن ابن عباس عن‏

مجمع البيان فى تفسير القرآن، ج‏1، ص: 90

النبي ص أنه قال‏ إذا قال المعلم للصبي قل‏ «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ» فقال الصبي‏ «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ» كتب الله براءة للصبي و براءة لأبويه و براءة للمعلم‏

و عن ابن مسعود قال من أراد أن ينجيه الله من الزبانية التسعة عشر فليقرأ «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ» فإنها تسعة عشر حرفا ليجعل الله كل حرف منها جنة من واحد منهم و

روي عن الصادق (ع) أنه قال‏ ما لهم قاتلهم الله عمدوا إلى أعظم آية في كتاب الله فزعموا أنها بدعة إذا أظهروها و هي‏ «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ» .

اللغة

الاسم مشتق من السمو و هو الرفعة أصله سمو بالواو لأن جمعه أسماء مثل قنو و أقناء. و حنو و أحناء و تصغيره سمي قال الراجز:

( باسم الذي في كل سورة سمه )

و سمه أيضا ذكره أبو زيد و غيره و قيل إنه مشتق من الوسم و السمة و الأول أصح لأن المحذوف الفاء نحو صلة و وصل و عدة و وعد لا تدخله همزة الوصل و لأنه كان يجب أن يقال في تصغيره وسيم، كما يقال وعيدة و وصيلة في تصغير عدة و صلة و الأمر بخلافه (الله) اسم لا يطلق إلا عليه سبحانه و تعالى و ذكر سيبويه في أصله قولين (أحدهما) أنه إلاه على وزن فعال فحذفت الفاء التي هي الهمزة و جعلت الألف و اللام عوضا لازما عنها بدلالة استجازتهم قطع هذه الهمزة الداخلة على لام التعريف في القسم و النداء في نحو قوله (أ فالله لتفعلن و يا الله اغفر لي) و لو كانت غير عوض لم تثبت الهمزة في الوصل كما لم تثبت في غير هذا الاسم و القول الآخر أن أصله لاه و وزنه فعل فالحق به الألف و اللام. يدل عليه قول الأعشى:

كحلفة من أبي رباح‏

يسمعها لاهه الكبار

و إنما أدخلت عليه الألف و اللام للتفخيم و التعظيم فقط و من زعم أنها للتعريف فقد أخطأ لأن أسماء الله تعالى معارف و الألف من لاه منقلبة عن ياء فأصله إليه كقولهم في معناه لهي أبوك قال سيبويه نقلت العين إلى موضع اللام و جعلت اللام ساكنة إذ صارت في مكان العين كما كانت العين ساكنة و تركوا آخر الاسم الذي هو لهي مفتوحا كما تركوا آخر أن مفتوحا و إنما فعلوا ذلك حيث غيروه لكثرته في كلامهم فغيروا إعرابه كما غيروا بناءه و هذه دلالة قاطعة لظهور الياء في لهي و الألف على هذا القول منقلبة كما ترى‏

مجمع البيان فى تفسير القرآن، ج‏1، ص: 91

و في القول الأول زائدة لأنها ألف فعال و تقول العرب أيضا لاه أبوك تريد لله أبوك قال ذو الإصبع العدواني:

لاه ابن عمك لا أفضلت في حسب‏

عني و لا أنت دياني فتخزوني‏

أي تسوسني قال سيبويه حذفوا لام الإضافة و اللام الأخرى و لم ينكر بقاء عمل اللام بعد حذفها فقد حكى سيبويه من قولهم الله لأخرجن يريدون و الله و مثل ذلك كثير يطول الكلام بذكره فأما الكلام في اشتقاقه فمنهم من قال إنه اسم موضع غير مشتق إذ ليس يجب في كل لفظ أن يكون مشتقا لأنه لو وجب ذلك لتسلسل هذا قول الخليل و منهم من قال إنه مشتق ثم اختلفوا في اشتقاقه على وجوه: فمنها أنه مشتق من الألوهية التي هي العبادة و التأله التعبد قال رؤبة:

لله در الغانيات المده‏

سبحان و استرجعن من تألهي‏

أي تعبدي و قرأ ابن عباس و يذرك و إلهتك أي عبادتك و يقال أله الله فلان إلاهة كما يقال عبده عبادة فعلى هذا يكون معناه الذي يحق له العبادة و لذلك لا يسمى به غيره و يوصف فيما لم يزل بأنه إله (و منها) أنه مشتق من الوله و هو التحير يقال أله يأله إذا تحير- عن أبي عمرو- فمعناه أنه الذي تتحير العقول في كنه عظمته (و منها) أنه مشتق من قولهم ألهت إلى فلان أي فزعت إليه لأن الخلق يألهون إليه أي يفزعون إليه في حوائجهم فقيل للمألوه آله كما يقال للمؤتم به إمام (و منها) أنه مشتق من ألهت إليه أي سكنت إليه عن المبرد و معناه أن الخلق يسكنون إلى ذكره و منها أنه من لاه أي احتجب فمعناه أنه المحتجب بالكيفية عن الأوهام، الظاهر بالدلائل و الأعلام، «الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ» اسمان وضعا للمبالغة، و اشتقا من الرحمة، و هي النعمة، إلا أن فعلان أشد مبالغة من فعيل و حكي عن أبي عبيدة أنه قال: الرحمن ذو الرحمة و الرحيم هو الراحم و كرر لضرب من التأكيد و أما ما روي عن ابن عباس أنهما اسمان رقيقان أحدهما أرق من الآخر فالرحمن الرقيق و الرحيم العطاف على عباده بالرزق و النعم فمحمول على أنه يعود عليهم بالفضل بعد الفضل، و النعمة بعد النعمة، فعبر عن ذلك بالرقة، لأنه لا يوصف بالرقة، و ما حكي عن تغلب أن لفظة الرحمن ليست بعربية و إنما هي ببعض اللغات مستدلا بقوله تعالى‏ «قالُوا وَ مَا الرَّحْمنُ» إنكارا منهم لهذا الاسم فليس بصحيح لأن هذه اللفظة مشهورة عند العرب‏

مجمع البيان فى تفسير القرآن، ج‏1، ص: 92

موجودة في أشعارها قال الشنفري:

أ لا ضربت تلك الفتاة هجينها

أ لا قضب الرحمن ربي يمينها

و قال سلامة بن جندل:

( و ما يشأ الرحمن يعقد و يطلق )

. الإعراب‏

«بِسْمِ اللَّهِ» الباء حرف جر أصله الإلصاق و الحروف الجارة موضوعة لمعنى المفعولية أ لا ترى أنها توصل الأفعال إلى الأسماء و توقعها عليها فإذا قلت مررت بزيد أوقعت الباء المرور على زيد فالجالب للباء فعل محذوف نحو ابدأوا بسم الله أو قولوا بسم الله فحمله نصب لأنه مفعول به و إنما حذف الفعل الناصب لأن دلالة الحال أغنت عن ذكره و قيل إن محل الباء رفع على تقدير مبتدإ محذوف و تقديره ابتدائي بسم الله فالباء على هذا متعلقة بالخبر المحذوف الذي قامت مقامه أي ابتدائي ثابت بسم الله أو ثبت ثم حذف هذا الخبر فأفضى الضمير إلى موضع الباء و هذا بمنزلة قولك زيد في الدار و لا يجوز أن يتعلق الباء بابتدائي المضمر لأنه مصدر و إذا تعلقت به صارت من صلته و بقي المبتدأ بلا خبر و إذا سأل عن تحريك الباء مع أن أصل الحروف البناء و أصل البناء السكون فجوابه أنه حرك للزوم الابتداء به و لا يمكن الابتداء بالساكن و إنما حرك بالكسر ليكون حركته من جنس ما يحدثه و إذا لزم كاف التشبيه في كزيد فجوابه أن الكاف لا يلزم الحرفية و قد تكون اسما في نحو قوله (يضحكن عن كالبرد المنهم) فخولف بينه و بين الحروف التي لا تفارق الحرفية و هذا قول أبي عمرو الجرمي و أصحابه فأما أبو علي الحسن بن عبد الغفار الفارسي فقال إنهم لو فتحوا أو ضموا لجاز لأن الغرض التوصل إلى الابتداء فبأي حركة توصل إليه جاز و بعض العرب يفتح هذه الباء و هي لغة ضعيفة و إنما حذفت الهمزة من بسم الله في اللفظ لأنها همزة الوصل تسقط في الدرج و حذفت هاهنا في الخط أيضا لكثرة الاستعمال و لوقوعها في موضع معلوم لا يخاف فيه اللبس و لا تحذف في نحو قوله‏ «اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ» لقلة الاستعمال و إنما تغلظ لام الله إذا تقدمته الضمة أو الفتحة تفخيما لذكره، و إجلالا لقدره، و ليكون فرقا بينه و بين ذكر اللات. «اللَّهِ» مجرور بالإضافة و «الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ» مجروران لأنهما صفتان لله.

المعنى‏

«بِسْمِ اللَّهِ» قيل المراد به تضمين الاستعانة فتقديره استعينوا بأن تسموا الله بأسمائه الحسنى، و تصفوه بصفاته العلي، و قيل المراد استعينوا بالله و يلتفت إليه قول أبي عبيدة أن الاسم صلة و المراد هو الله كقول لبيد:

مجمع البيان فى تفسير القرآن، ج‏1، ص: 93

إلى الحول ثم اسم السلام عليكما

و من يبك حولا كاملا فقد اعتذر

أي ثم السلام عليكما و الاسم قد يوضع موضع المسمى لما كان المعلق على الاسم ذكرا أو خطابا معلقا على المسمى تقول رأيت زيدا فتعلق الرؤية على الاسم و في الحقيقة تعلقها بالمسمى فإن الاسم لا يرى فحسن إقامة الاسم مقام المسمى و قيل المراد به أبتدأ بتسمية الله فوضع الاسم موضع المصدر كما يقال أكرمته كرامة أي إكراما و أهنته هوانا أي إهانة و منه قول الشاعر:

أ كفرا بعد رد الموت عني‏

و بعد عطائك المائة الرتاعا

أي بعد إعطائك، و قال الآخر:

فإن كان هذا البخل منك سجية

لقد كنت في طولي رجائك أشعبا

أراد في إطالتي رجائك فعلى هذا يكون تقدير الكلام ابتداء قراءتي بتسمية الله أو أقرأ مبتدئا بتسمية الله و هذا القول أولى بالصواب لأنا إنما أمرنا بأن نفتتح أمورنا بتسمية الله لا بالخبر عن كبريائه و عظمته كما أمرنا بالتسمية على الأكل و الشرب و الذبائح أ لا ترى أن الذابح لو قال بالله و لم يقل باسم الله لكان مخالفا لما أمر به و معنى الله و الإله أنه الذي تحق له العبادة و إنما تحق له العبادة لأنه قادر على خلق الأجسام و إحيائها و الإنعام عليها بما يستحق به العبادة و هو تعالى إله للحيوان و الجماد لأنه قادر على أن ينعم على كل منهما بما معه يستحق العبادة فأما من قال معنى الإله المستحق للعبادة يلزمه أن لا يكون إلها في الأزل لأنه لم يفعل الإنعام الذي يستحق به العبادة و هذا خطأ و إنما قدم الرحمن على الرحيم لأن الرحمن بمنزلة اسم العلم من حيث لا يوصف به إلا الله فوجب لذلك تقديمه بخلاف الرحيم لأنه يطلق عليه و على غيره و

روى أبو سعيد الخدري عن النبي ص‏ أن عيسى بن مريم قال الرحمن رحمن الدنيا و الرحيم رحيم الآخرة

و عن بعض التابعين قال الرحمن بجميع الخلق و الرحيم بالمؤمنين خاصة و وجه عموم الرحمن بجميع الخلق مؤمنهم و كافرهم و برهم و فاجرهم هو إنشاؤه إياهم و خلقهم أحياء قادرين و رزقه إياهم و وجه خصوص الرحيم بالمؤمنين هو ما فعله بهم في الدنيا من التوفيق‏

مجمع البيان فى تفسير القرآن، ج‏1، ص: 94

و في الآخرة من الجنة و الإكرام، و غفران الذنوب و الآثام، و إلى هذا المعنى يؤول ما

روي عن الصادق ع أنه قال‏ الرحمن اسم خاص بصفة عامة و الرحيم اسم عام بصفة خاصة

و عن عكرمة قال الرحمن برحمة واحدة و الرحيم بمائة رحمة و هذا المعنى قد اقتبسه من‏

قول الرسول‏ أن لله عز و جل مائة رحمة و أنه أنزل منها واحدة إلى الأرض فقسمها بين خلقه بها يتعاطفون و يتراحمون و أخر تسعا و تسعين لنفسه يرحم بها عباده يوم القيامة

و

روي‏ أن الله قابض هذه إلى تلك فيكملها مائة يرحم بها عباده يوم القيامة.

[سورة الفاتحة (1): آية 2]

الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (2)

القراءة

أجمع القراء على ضم الدال من الحمد و كسر اللام من لله و روي في الشواذ بكسر الدال و اللام. و بفتح الدال و كسر اللام. و بضم الدال و اللام. و أجمعوا على كسر الباء من‏ «رَبِّ» . و روي عن زيد بن علي نصب الباء و يحمل على أنه بين جوازه لا إنه قراءة.

اللغة

الحمد و المدح و الشكر متقاربة المعنى و الفرق بين الحمد و الشكر أن الحمد نقيض الذم كما أن المدح نقيض الهجاء. و الشكر نقيض الكفران. و الحمد قد يكون من غير نعمة و الشكر يختص بالنعمة إلا أن الحمد يوضع موضع الشكر و يقال الحمد لله شكرا فينصب شكرا على المصدر و لو لم يكن الحمد في معنى الشكر لما نصبه فإذا كان الحمد يقع موقع الشكر فالشكر هو الاعتراف بالنعمة مع ضرب من التعظيم و يكون بالقلب و هو الأصل و يكون أيضا باللسان و إنما يجب باللسان لنفي تهمة الجحود و الكفران و أما المدح فهو القول المنبئ عن عظم حال الممدوح مع القصد إليه (و أما الرب) فله معان (منها) السيد المطاع كقول لبيد:

و أهلكن قدما رب كندة و ابنه‏

و رب معد بين خبت و عرعر

أي سيد كندة (و منها) المالك نحو

قول النبي لرجل‏ أ رب غنم أم رب إبل فقال من كل ما آتاني الله فأكثر و أطيب.

صفحه بعد