کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

مجمع البيان فى تفسير القرآن

الجزء الأول

(2) سورة البقرة مدنية و آياتها ست و ثمانون و مائتان(286)

نزول فضلها تفسيرها

الجزء الثاني

بقية سورة البقرة

(3) سورة آل عمران مدنية و آياتها مائتان(200)

توضيح فضلها

الجزء الثالث

(4) سورة النساء مدنية و آياتها ست و سبعون و مائة(176)

توضيح عدد آيها خلافها آيتان فضلها تفسيرها

(5) سورة المائدة مدنية و آياتها عشرون و مائة(120)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

الجزء الرابع

(6) سورة الأنعام مكية و آياتها خمس و ستون و مائة(165)

توضيح عدد آيها فضلها تفسيرها

(7) سورة الأعراف مكية و آياتها ست و مائتان(206)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(8) سورة الأنفال مدنية و آياتها خمس و سبعون(75)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

الجزء الخامس

(9) سورة التوبة مدنية و آياتها تسع و عشرون و مائة(129)

توضيح عدد آيها اختلافها أسماؤها عشرة فضلها علة ترك التسمية - في أولها قراءة و كتابة تفسيرها

(10) سورة يونس مكية و آياتها تسع و مائة(109)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(11) سورة هود مكية و آياتها ثلاث و عشرون و مائة(123)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(12) سورة يوسف مكية و آياتها إحدى عشرة و مائة(111)

توضيح عدد آيها فضلها تفسيرها

الجزء السادس

(13) سورة الرعد مدنية و آياتها ثلاث و أربعون(43)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(14) سورة إبراهيم مكية و آياتها ثنتان و خمسون(52)

(16) سورة النحل مكية و آياتها ثمان و عشرون و مائة(128)

توضيح عدد آيها فضلها تفسيرها

(17) سورة الإسراء مكية و آياتها إحدى عشرة و مائة(111)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(18) سورة الكهف مكية و آياتها عشر و مائة(110)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(19) سورة مريم مكية و آياتها ثمان و تسعون(98)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

الجزء السابع

(20) سورة طه مكية و آياتها خمس و ثلاثون و مائة(135)

عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(21) سورة الأنبياء مكية و آياتها اثنتا عشرة و مائة(112)

توضيح اختلافها فضلها تفسيرها

(22) سورة الحج مدنية و آياتها ثمان و سبعون(78)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(23) سورة المؤمنون مكية و آياتها ثماني عشرة و مائة(118)

عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(24) سورة النور مدنية و آياتها أربع و ستون(64)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(26) سورة الشعراء مكية و آياتها سبع و عشرون و مائتان(227)

(28) سورة القصص مكية و آياتها ثمان و ثمانون(88)

عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

الجزء الثامن

(29) سورة العنكبوت مكية و آياتها تسع و ستون(69)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(33) سورة الأحزاب مدنية و آياتها ثلاث و سبعون(73)

توضيح فضلها تفسيرها

(37) سورة الصافات مكية و آياتها ثنتان و ثمانون و مائة(182)

عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(39) سورة الزمر مكية و آياتها خمس و سبعون(75)

(40) سورة غافر مكية و آياتها خمس و ثمانون(85)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

الجزء التاسع

(43) سورة الزخرف مكية و آياتها تسع و ثمانون(89)

الجزء العاشر

مجمع البيان فى تفسير القرآن


صفحه قبل

مجمع البيان فى تفسير القرآن، ج‏1، ص: 107

فجر حاتم على البدل من الهاء في جوده (و ثانيها) أن يكون بدلا من الذين (و ثالثها) أن يكون صفة للذين و إن كان أصل غير أن يكون صفة للنكرة تقول مررت برجل غيرك كأنك قلت مررت برجل آخر أو برجل ليس بك قال الزجاج و إنما جاز ذلك لأن الذين هاهنا ليس بمقصود قصدهم فهو بمنزلة قولك إني لأمر بالرجل مثلك فأكرمه و قال علي بن عيسى الرماني إنما جاز أن يكون نعتا للذين لأن الذين بصلتها ليست بالمعرفة الموقتة كالأعلام نحو زيد و عمرو و إنما هي كالنكرات إذا عرفت نحو الرجل و الفرس فلما كانت الذين كذلك كانت صفتها كذلك أيضا كما يقال لا أجلس إلا إلى العالم غير الجاهل و لو كانت بمنزلة الإعلام لما جاز كما لم يجز مررت بزيد غير الظريف بالجر على الصفة و قال أبو بكر السراج و الذي عندي أن غير في هذا الموضع مع ما أضيف إليه معرفة لأن حكم كل مضاف إلى معرفة أن يكون معرفة و إنما تنكرت غير و مثل مع إضافتهما إلى المعارف من أجل معناهما و ذلك أنك إذا قلت رأيت غيرك فكل شي‏ء ترى سوى المخاطب فهو غيره و كذلك إذا قلت رأيت مثلك فما هو مثله لا يحصى فأما إذا كان شيئا معرفة له ضد واحد و أردت إثباته و نفي ضده فعلم ذلك السامع فوصفته بغير و أضفت غير إلى ضده فهو معرفة و ذلك نحو قولك عليك بالحركة غير السكون فغير السكون معرفة و هي الحركة فكأنك كررت الحركة تأكيدا فكذلك قوله تعالى: «الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ» فغير المغضوب هم الذين أنعم الله عليهم فمتى كانت غير بهذه الصفة فهي معرفة و كذلك إذا عرف إنسان بأنه مثلك في ضرب من الضروب فقيل فيه قد جاء مثلك كان معرفة إذا أردت المعروف بشبهك قال و من جعل غير بدلا استغنى عن هذا الاحتجاج لأن النكرة قد تبدل من المعرفة و في نصب غير ثلاثة أوجه أيضا (أحدها) أن يكون نصبا على الحال من المضمر في عليهم و العامل في الحال أنعمت فكأنه قال صراط الذين أنعمت عليهم لا مغضوبا عليهم (و ثانيها) أن يكون نصبا على الاستثناء المنقطع لأن المغضوب عليهم من غير جنس المنعم عليهم (و ثالثها) أن يكون نصبا على أعني كأنه قال أعني غير المغضوب عليهم و لم يجز أن يقال غير المغضوبين عليهم لأن الضمير قد جمع في عليهم فاستغنى عن أن يجمع المغضوب و هذا حكم كل ما تعدى بحرف جر تقول رأيت القوم غير المذهوب بهم استغنيت بالضمير المجرور في بهم عن جمع المذهوب و أما لا من قوله‏ «وَ لَا الضَّالِّينَ» فذهب البصريون إلى أنها زائدة لتوكيد النفي و ذهب الكوفيون إلى أنها بمعنى غير و وجه قول البصريين أنك إذا قلت ما قام زيد و عمرو احتمل أن تريد ما قاما معا و لكن قام كل واحد منهما بانفراده فإذا قلت ما قام زيد و لا عمرو زال الاحتمال و غير متضمن معنى‏

مجمع البيان فى تفسير القرآن، ج‏1، ص: 108

النفي و لهذا أجاز النحويون أنت زيدا غير ضارب لأنه بمنزلة قولك إنك أنت زيدا لا ضارب و لا يجوزون أنت زيدا مثل ضارب لأن زيدا من صلة ضارب و لا يتقدم عليه و قال علي بن عيسى الرماني من نصب على الاستثناء جعل لا صلة كما أنشد أبو عبيدة

( في بئر لا حور سرى و ما شعر )

أي في بئر هلكة و تقديره غير المغضوب عليهم و الضالين كما قال‏ ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ بمعنى أن تسجد.

المعنى و اللغة

معنى الآية بيان الصراط المستقيم أي صراط من أنعمت عليهم بطاعتك و هم الذين ذكرهم الله تعالى في قوله‏ «مَنْ يُطِعِ اللَّهَ وَ الرَّسُولَ فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ وَ الصِّدِّيقِينَ وَ الشُّهَداءِ وَ الصَّالِحِينَ» و أصل النعمة المبالغة و الزيادة يقال دققت الدواء فأنعمت دقة أي بالغت في دقة و هذه النعمة و إن لم تكن مذكورة في اللفظ فالكلام يدل عليها لأنه لما قال‏ اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ‏ و قد بينا المراد بذلك بين أن هذا صراط من أنعم عليهم به و لم يحتج إلى إعادة اللفظ كما قال النابغة:

كأنك من جمال بني أقيش‏

يقعقع خلف رجليه بشن‏

أي كأنك من جمالهم جمل يقعقع خلف رجليه و أراد بالمغضوب عليهم اليهود عند جميع المفسرين الخاص و العام و يدل عليه قوله تعالى‏ «مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَ غَضِبَ عَلَيْهِ وَ جَعَلَ مِنْهُمُ الْقِرَدَةَ وَ الْخَنازِيرَ» و هؤلاء هم اليهود بدلالة قوله تعالى‏ «وَ لَقَدْ عَلِمْتُمُ الَّذِينَ اعْتَدَوْا مِنْكُمْ فِي السَّبْتِ فَقُلْنا لَهُمْ كُونُوا قِرَدَةً خاسِئِينَ» و أراد بالضالين النصارى بدلالة قوله تعالى:

«وَ لا تَتَّبِعُوا أَهْواءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ وَ أَضَلُّوا كَثِيراً وَ ضَلُّوا عَنْ سَواءِ السَّبِيلِ» و قال الحسن البصري أن الله تعالى لم يبرأ اليهود من الضلالة بإضافة الضلالة إلى النصارى و لم يبرأ النصارى من الغضب بإضافة الغضب إلى اليهود بل كل واحدة من الطائفتين مغضوب عليهم و هم ضالون إلا أن الله تعالى يخص كل فريق بسمة يعرف بها و يميز بينه و بين غيره بها و إن كانوا مشتركين في صفات كثيرة و قيل المراد بالمغضوب عليهم و الضالين جميع الكفار و إنما ذكروا بالصفتين لاختلاف الفائدتين و اختار الإمام عبد القاهر الجرجاني قولا آخر قال إن حق اللفظ فيه أن يكون خرج مخرج الجنس كما تقول نعوذ بالله أن يكون حالنا حال المغضوب عليهم فإنك لا تقصد به قوما بأعيانهم و لكنك تريد ما تريده بقولك إذا قلت اللهم اجعلني ممن أنعمت عليهم و لا تجعلني ممن غضبت عليهم فلا تريد أن هاهنا

مجمع البيان فى تفسير القرآن، ج‏1، ص: 109

قوما بأعيانهم قد اختصوا بهذه الصفة التي هي كونهم منعما عليهم و ليس يخفى على من عرف الكلام أن العقلاء يقولون اجعلني ممن تديم له النعمة و هم يريدون أن يقولوا أدم علي النعمة و لا يشك عاقل إذا نظر لقول عنترة:

و لقد نزلت فلا تظني غيره‏

مني بمنزلة المحب المكرم‏

إنه لم يرد أن يشبهها بإنسان هو محب مكرم عنده أو عند غيره و لكنه أراد أن يقول إنك محبة مكرمة عندي و أما الغضب من الله تعالى فهو إرادته إنزال العقاب المستحق بهم و لعنهم و براءته منهم و أصل الغضب الشدة و منه الغضبة و هي الصخرة الصلبة الشديدة المركبة في الجبل و الغضوب الحية الخبيثة و الناقة العبوس و أصل الضلال الهلاك و منه قوله‏ «أَ إِذا ضَلَلْنا فِي الْأَرْضِ» أي هلكنا و منه قوله‏ «وَ أَضَلَّ أَعْمالَهُمْ» أي أهلكها و الضلال في الدين الذهاب عن الحق و إنما لم يقل الذين أنعمت عليهم غير الذين غضبت عليهم مراعاة للأدب في الخطاب و اختيارا لحسن اللفظ المستطاب و في تفسير العياشي رحمه الله‏

روى محمد بن مسلم عن أبي عبد الله ع قال‏ سألته عن قوله تعالى: «وَ لَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَ الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ» قال فاتحة الكتاب يثني فيها القول قال و قال رسول الله ص إن الله تعالى من علي بفاتحة الكتاب من كنز الجنة فيها «بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ» الآية التي يقول الله فيها: «وَ إِذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلى‏ أَدْبارِهِمْ نُفُوراً» و «الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ» دعوى أهل الجنة حين شكروا لله حسن الثواب و «مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ» قال جبرائيل ع ما قالها مسلم إلا صدقه الله تعالى و أهل سمائه‏ «إِيَّاكَ نَعْبُدُ» إخلاص للعبادة و «إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ» أفضل ما طلب به العباد حوائجهم‏ «اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ» صراط الأنبياء و هم الذين أنعم الله عليهم‏ «غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ» اليهود «وَ لَا الضَّالِّينَ» النصارى‏

و

روى محمد الحلبي عن أبي عبد الله ع‏ أنه كان يقرأ ملك يوم الدين و يقرأ اهدنا صراط المستقيم‏ و في رواية أخرى‏ يعني أمير المؤمنين (ع)

و

روي جميل عن أبي عبد الله ع قال‏ إذا كنت خلف إمام ففرغ من قراءة الفاتحة فقل أنت من خلفه الحمد لله رب العالمين‏

و

روى فضيل بن يسار عنه ع قال‏ إذا قرأت الفاتحة ففرغت من قراءتها فقل الحمد لله رب العالمين.

مجمع البيان فى تفسير القرآن، ج‏1، ص: 110

النظم‏

و أما نظم هذه السورة فأقول فيه أن العاقل المميز إذ عرف نعم الله سبحانه بالمشاهدة و كان له من نفسه بذلك أعدل شاهد و أصدق رائد ابتدأ بآية التسمية استفتاحا باسم المنعم و اعترافا بإلهيته و استرواحا إلى ذكر فضله و رحمته و لما اعترف بالمنعم الفرد اشتغل بالشكر له و الحمد فقال‏ الْحَمْدُ لِلَّهِ‏ و لما رأى نعم الله تعالى على غيره واضحة كما شاهد آثارها على نفسه لائحة عرف أنه رب الخلائق أجمعين فقال‏ رَبِّ الْعالَمِينَ‏ و لما رأى شمول فضله للمربوبين و عموم رزقه للمرزوقين قال‏ الرَّحْمنِ‏ و لما رأى تقصيرهم في واجب شكره و تعذيرهم في الانزجار عند زجره و اجتناب نهيه و امتثال أمره و أنه تعالى يتجاوز عنهم بالغفران و لا يؤاخذهم عاجلا بالعصيان و لا يسلبهم نعمه بالكفران قال‏ الرَّحِيمِ‏ و لما رأى ما بين العباد من التباغي و التظالم و التكالم و التلاكم و أن ليس بعضهم من شر بعض بسالم على أن وراءهم يوما ينتصف فيه للمظلوم من الظالم فقال‏ مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ‏ و إذا عرف هذه الجملة فقد علم أن له خالقا رازقا رحيما يحيي و يميت و يبدئ و يعيد و هو الحي لا يشبهه شي‏ء و الإله الذي لا يستحق العبادة سواه و لما صار الموصوف بهذا الوصف كالمدرك له بالعيان المشاهد بالبرهان تحول عن لفظ الغيبة إلى لفظ الخطاب فقال‏ إِيَّاكَ نَعْبُدُ و هذا كما أن الإنسان يصف الملك بصفاته فإذا رآه عدل عن الوصف إلى الخطاب و لما رأى اعتراض الأهواء و الشبهات و تعاور الآراء المختلفات و لم يجد معينا غير الله تعالى سأله الإعانة على الطاعات بجميع الأسباب لها و الوصلات فقال‏ وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ‏ و لما عرف هذه الجملة و تبين له أنه بلغ من معرفة الحق المدى و استقام على منهج الهدى و لم يأمن العثرة لارتفاع العصمة سأل الله تعالى التوفيق للدوام عليه و الثبات و العصمة من الزلات فقال‏ اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ‏ و هذا لفظ جامع يشتمل على مسألة معرفة الأحكام و التوفيق لإقامة شرائع الإسلام و الاقتداء بمن أوجب الله طاعته من أئمة الأنام و اجتناب المحارم و الآثام و إذا علم ذلك علم أن لله سبحانه عبادا خصهم بنعمته و اصطفاهم على بريته و جعلهم حججا على خليقته فسأله أن يلحقه بهم و يسلك به سبيلهم و أن يعصمه عن مثل أحوال الزالين المزلين و الضالين المضلين ممن عاند الحق و عمي عن طريق الرشد و خالف سبيل القصد فغضب الله عليه و لعنه و أعد له الخزي المقيم و العذاب الأليم أو شك في واضح الدليل فضل عن سواء السبيل فقال‏ صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لَا الضَّالِّينَ‏ .

مجمع البيان فى تفسير القرآن، ج‏1، ص: 111

(2) سورة البقرة مدنية و آياتها ست و ثمانون و مائتان (286)

[نزول‏]

مدنية كلها إلا آية واحدة منها و هي قوله‏ وَ اتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ‏ الآية فإنها نزلت في حجة الوداع بمنى عدد آيها مائتان و ست و ثمانون آية في العدد الكوفي و هو العدد المروي عن أمير المؤمنين علي ع و سبع في العدد البصري و خمس حجازي و أربع شامي خلافها إحدى عشر آية عد الكوفي‏ الم‏ آية و عد البصري‏ إِلَّا خائِفِينَ‏ آية و قَوْلًا مَعْرُوفاً بصري‏ عَذابٌ أَلِيمٌ‏ شامي‏ مُصْلِحُونَ‏ غيرهم‏ يا أُولِي الْأَلْبابِ‏ عراقي و المدني الأخير من خلاف الثاني غير المدني الأخير يَسْئَلُونَكَ ما ذا يُنْفِقُونَ‏ مكي و المدني الأول‏ تَتَفَكَّرُونَ‏ كوفي و شامي و المدني الأخير الْحَيُّ الْقَيُّومُ‏ مكي بصري و المدني الأخير مِنَ الظُّلُماتِ إِلَى النُّورِ . المدني الأول و روي عن أهل مكة وَ لا يُضَارَّ كاتِبٌ وَ لا شَهِيدٌ .

فضلها

أبي بن كعب عن النبي ص قال‏ من قرأها فصلوات الله عليه و رحمته و أعطي من الأجر كالمرابط في سبيل الله سنة لا تسكن روعته و قال لي يا أبي مر المسلمين أن يتعلموا سورة البقرة فإن تعلمها بركة و تركها حسرة و لا يستطيعها البطلة قلت يا رسول الله ما البطلة قال السحرة

و

روى سهل بن سعد قال قال رسول الله ص‏ إن لكل شي‏ء سناما و سنام القرآن سورة البقرة من قرأها في بيته نهارا لم يدخل بيته شيطان ثلاثة أيام و من قرأها في بيته ليلا لم يدخله شيطان ثلاث ليال‏

و

روي‏ أن النبي ص بعث بعثا ثم تتبعهم يستقرئهم فجاء إنسان منهم فقال ما ذا معك من القرآن حتى أتى على أحدثهم سنا فقال له ما ذا معك من القرآن قال كذا و كذا و سورة البقرة فقال أخرجوا و هذا عليكم أمير قالوا يا رسول الله ص هو أحدثنا سنا قال معه سورة البقرة

و

سئل النبي ص أي سور القرآن أفضل قال البقرة قيل أي آي البقرة أفضل قال آية الكرسي‏

فقال الصادق ع‏ من قرأ البقرة و آل عمران جاء يوم القيامة تظلانه على رأسه مثل الغمامتين أو مثل الغيابتين‏

مجمع البيان فى تفسير القرآن، ج‏1، ص: 112

تفسيرها

[سورة البقرة (2): آية 1]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

الم (1)

[توضيح‏]

(كوفي) اختلف العلماء في الحروف المعجمة المفتتحة بها السور فذهب بعضهم إلى‏

أنها من المتشابهات التي استأثر الله تعالى بعلمها و لا يعلم تأويلها إلا هو هذا هو المروي عن أئمتنا ع‏

و

روت العامة عن أمير المؤمنين ع أنه قال‏ إن لكل كتاب صفوة و صفوة هذا الكتاب حروف التهجي‏

و عن الشعبي قال: لله في كل كتاب سر و سره في القرآن سائر حروف الهجاء المذكورة في أوائل السور و فسرها الآخرون على وجوه.

(أحدها) إنها أسماء السور و مفاتحها عن الحسن و زيد بن أسلم (و ثانيها) أن المراد بها الدلالة على أسماء الله تعالى فقوله تعالى‏ «الم» معناه أنا الله أعلم و «المر» معناه أنا الله أعلم و أرى و «المص» معناه أنا الله أعلم و أفصل و الكاف في‏ كهيعص‏ من كاف و الهاء من هاد و الياء من حكيم و العين من عليم و الصاد من صادق عن ابن عباس و عنه أيضا أن‏ «الم» الألف منه تدل على اسم الله و اللام تدل على اسم جبرائيل و الميم تدل على اسم محمد ص و

روى أبو إسحاق الثعلبي في تفسيره مسندا إلى علي بن موسى الرضا ع قال‏ سئل جعفر بن محمد الصادق عن قوله‏ «الم» فقال في الألف ست صفات من صفات الله تعالى (الابتداء) فإن الله ابتدأ جميع الخلق و الألف ابتداء الحروف و (الاستواء) فهو عادل غير جائر و الألف مستو في ذاته و (الانفراد) فالله فرد و الألف فرد و (اتصال الخلق بالله) و الله لا يتصل بالخلق و كلهم محتاجون إلى الله و الله غني عنهم و كذلك الألف لا يتصل بالحروف و الحروف متصلة به و هو منقطع من غيره و الله عز و جل بائن بجميع صفاته من خلقه و معناه من الألفة فكما أن الله عز و جل سبب ألفة الخلق فكذلك الألف عليه تألفت الحروف و هو سبب ألفتها

(و ثالثها) أنها أسماء الله تعالى منقطعة لو أحسن الناس تأليفها لعلموا اسم الله الأعظم تقول‏ الر و حم‏ و ن‏ فيكون الرحمن و كذلك سائرها إلا أنا لا نقدر على وصلها و الجمع بينها عن سعيد بن جبير (و رابعها) أنها أسماء القرآن عن قتادة (و خامسها) أنها أقسام أقسم الله تعالى بها و هي من أسمائه عن ابن عباس و عكرمة قال الأخفش و إنما أقسم الله تعالى بالحروف المعجمة

مجمع البيان فى تفسير القرآن، ج‏1، ص: 113

لشرفها و فضلها و لأنها مباني كتبه المنزلة بالألسنة المختلفة و أسمائه الحسنى و صفاته العليا و أصول كلام الأمم كلها بها يتعارفون و يذكرون الله عز اسمه و يوحدونه فكأنه هو أقسم بهذه الحروف أن القرآن كتابه و كلامه (و سادسها) أن كل حرف منها مفتاح اسم من أسماء الله تعالى و ليس فيها حرف إلا و هو في آلائه و بلائه و ليس فيها حرف إلا و هو في مدة قوم و آجال آخرين عن أبي العالية و قد ورد أيضا مثل ذلك في أخبارنا (و سابعها) أن المراد بها مدة بقاء هذه الأمة عن مقاتل بن سليمان قال مقاتل حسبنا هذه الحروف التي في أوائل السور بإسقاط المكرر فبلغت سبع مائة و أربعا و أربعين سنة و هي بقية مدة هذه الأمة قال علي بن فضال المجاشعي النحوي و حسبت هذه الحروف التي ذكرها مقاتل فبلغت ثلاثة آلاف و خمسا و ستين فحذفت المكررات فبقي ستمائة و ثلاث و تسعون و الله أعلم بما فيها و أقول قد حسبتها أنا أيضا فوجدتها كذلك و يروى أن اليهود لما سمعوا «الم» قالوا مدة ملك محمد ص قصيرة إنما تبلغ إحدى و سبعين سنة فلما نزلت‏ الر المر و المص‏ و كهيعص‏ اتسع عليهم الأمر هذه أقوال أهل التفسير (و ثامنها) أن المراد بها حروف المعجم استغني بذكر ما ذكر منها في أوائل السور عن ذكر بواقيها التي هي تمام الثمانية و العشرين حرفا كما يستغني بذكر قفا نبك عن ذكر باقي القصيدة و كما يقال أب في أبجد و في أ ب ت ث و لم يذكروا باقي الحروف قال الراجز:

لما رأيت أنها في حطي‏

أخذت منها بقرون شمط

و إنما أراد الخبر عن المرأة بأنها في أبجد فأقام قوله حطي مقامه لدلالة الكلام عليه (و تاسعها) أنها تسكيت للكفار لأن المشركين كانوا تواصوا فيما بينهم أن لا يستمعوا لهذا القرآن و أن يلغوا فيه كما ورد به التنزيل من قوله‏ «لا تَسْمَعُوا لِهذَا الْقُرْآنِ وَ الْغَوْا فِيهِ» الآية فربما صفروا و ربما صفقوا و ربما لغطوا ليغلطوا النبي ص فأنزل الله تعالى هذه الحروف حتى إذا سمعوا شيئا غريبا استمعوا إليه و تفكروا و اشتغلوا عن تغليطه فيقع القرآن في مسامعهم و يكون ذلك سببا موصلا لهم إلى درك منافعهم (و عاشرها) أن المراد بها أن هذا القرآن الذي عجزتم عن معارضته من جنس هذه الحروف التي تتحاورون بها في خطبكم و كلامكم فإذا لم تقدروا عليه فاعلموا أنه من عند الله لأن العادة لم تجر بأن الناس يتفاوتون في القدر هذا التفاوت العظيم و إنما كررت في مواضع استظهارا في الحجة و هو المحكي عن قطرب و اختاره أبو مسلم محمد بن بحر الأصفهاني.

اللغة

صفحه بعد