کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

مجمع البيان فى تفسير القرآن

الجزء الأول

(2) سورة البقرة مدنية و آياتها ست و ثمانون و مائتان(286)

نزول فضلها تفسيرها

الجزء الثاني

بقية سورة البقرة

(3) سورة آل عمران مدنية و آياتها مائتان(200)

توضيح فضلها

الجزء الثالث

(4) سورة النساء مدنية و آياتها ست و سبعون و مائة(176)

توضيح عدد آيها خلافها آيتان فضلها تفسيرها

(5) سورة المائدة مدنية و آياتها عشرون و مائة(120)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

الجزء الرابع

(6) سورة الأنعام مكية و آياتها خمس و ستون و مائة(165)

توضيح عدد آيها فضلها تفسيرها

(7) سورة الأعراف مكية و آياتها ست و مائتان(206)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(8) سورة الأنفال مدنية و آياتها خمس و سبعون(75)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

الجزء الخامس

(9) سورة التوبة مدنية و آياتها تسع و عشرون و مائة(129)

توضيح عدد آيها اختلافها أسماؤها عشرة فضلها علة ترك التسمية - في أولها قراءة و كتابة تفسيرها

(10) سورة يونس مكية و آياتها تسع و مائة(109)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(11) سورة هود مكية و آياتها ثلاث و عشرون و مائة(123)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(12) سورة يوسف مكية و آياتها إحدى عشرة و مائة(111)

توضيح عدد آيها فضلها تفسيرها

الجزء السادس

(13) سورة الرعد مدنية و آياتها ثلاث و أربعون(43)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(14) سورة إبراهيم مكية و آياتها ثنتان و خمسون(52)

(16) سورة النحل مكية و آياتها ثمان و عشرون و مائة(128)

توضيح عدد آيها فضلها تفسيرها

(17) سورة الإسراء مكية و آياتها إحدى عشرة و مائة(111)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(18) سورة الكهف مكية و آياتها عشر و مائة(110)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(19) سورة مريم مكية و آياتها ثمان و تسعون(98)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

الجزء السابع

(20) سورة طه مكية و آياتها خمس و ثلاثون و مائة(135)

عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(21) سورة الأنبياء مكية و آياتها اثنتا عشرة و مائة(112)

توضيح اختلافها فضلها تفسيرها

(22) سورة الحج مدنية و آياتها ثمان و سبعون(78)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(23) سورة المؤمنون مكية و آياتها ثماني عشرة و مائة(118)

عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(24) سورة النور مدنية و آياتها أربع و ستون(64)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(26) سورة الشعراء مكية و آياتها سبع و عشرون و مائتان(227)

(28) سورة القصص مكية و آياتها ثمان و ثمانون(88)

عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

الجزء الثامن

(29) سورة العنكبوت مكية و آياتها تسع و ستون(69)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(33) سورة الأحزاب مدنية و آياتها ثلاث و سبعون(73)

توضيح فضلها تفسيرها

(37) سورة الصافات مكية و آياتها ثنتان و ثمانون و مائة(182)

عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(39) سورة الزمر مكية و آياتها خمس و سبعون(75)

(40) سورة غافر مكية و آياتها خمس و ثمانون(85)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

الجزء التاسع

(43) سورة الزخرف مكية و آياتها تسع و ثمانون(89)

الجزء العاشر

مجمع البيان فى تفسير القرآن


صفحه قبل

مجمع البيان فى تفسير القرآن، ج‏2، ص: 664

شئت فيكون للتعميم و الأول أولى و مما جاء في الحديث في صدقة السر قوله صدقة السر يكون معناه الإباحة للتصدق عليهم بصدقة التطوع (و ثانيها) أن معناه ليس عليك هداهم بالحمل على النفقة في وجوه البر و سبل الخير عن الحسن و أبي علي الجبائي و تقديره ليس عليك أن تهدي الناس إلى نيل الثواب و الجنة و إنما عليك أن تهديهم إلى الإيمان بأن تدلهم عليه و هذا تسلية للنبي لأنه كان يغتم بترك قبولهم منه و امتناعهم عن الإيمان لعلمه بما يؤول إليه أمرهم من العقاب الدائم فسلاه الله تعالى بهذا القول (و ثالثها) أن المراد ليس عليك أن تهدي الناس بعد أن دعوتهم و أنذرتهم و بلغتهم ما أمرت بتبليغه و نظيره‏ إِنْ عَلَيْكَ إِلَّا الْبَلاغُ‏ و ليس المعنى ليس عليك أن تهديهم إلى الإيمان و الطاعة لأنه ما بعث إلا لذلك‏ «وَ لكِنَّ اللَّهَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ» إنما علق الهداية بالمشيئة لمن كان المعلوم منه أنه يصلح باللطف أي بلطف الله بزيادة الهدى و التوفيق لمن يشاء عن الزجاج و أبي القاسم البلخي و أكثر أهل العلم و قيل معناه يهدي إلى طريق الجنة عن الجبائي‏ «وَ ما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ» أي ما تنفقوا في وجوه البر من مال فلأنفسكم ثوابه و الغرض فيه الترغيب في الإنفاق لأن الإنسان إذا علم أن منفعة إنفاقه عائدة إليه مختصة به كان أسمح بالإنفاق و أرغب فيه و أحرص عليه و بذلك يفارق عطية الله لأن المنفعة في عطائه عائدة إلى المعطي و مختصة به دون الله و معظم المنفعة في عطية العبد ترجع إليه و تختص به دون المعطى‏ «وَ ما تُنْفِقُونَ إِلَّا ابْتِغاءَ وَجْهِ اللَّهِ» أي إلا طلب رضوان الله و هذا إخبار من الله عن صفة إنفاق المؤمنين المخلصين المستجيبين لله و لرسوله أنهم لا ينفقون ما ينفقونه إلا طلبا لرضاء الله تعالى و قيل أن معناه النهي و إن كان ظاهره الخبر أي و لا تنفقوا إلا ابتغاء مرضاة الله و في ذكر الوجه هنا قولان (أحدهما) أن المراد به تحقيق الإضافة لأن ذكر الوجه يرفع الإبهام أنه له و لغيره و ذلك أنك لما ذكرت الوجه و معناه النفس دل على أنك تصرف الوهم عن الاشتراك إلى تحقيق الاختصاص و كنت بذلك محققا للإضافة و مزيلا لإيهام الشركة (و الثاني) أنك إذا قلت فعلته لوجه زيد كان أشرف في الذكر من فعلته له لأن وجه الشي‏ء في الأصل أشرف ما فيه ثم كثر حتى صار يدل على شرف الذكر من غير تحقيق وجه أ لا ترى أنك تقول وجه الرأي و وجه الأمر و وجه الدليل فلا تريد تحقيق الوجه و إنما تريد أشرف ما فيه من جهة شدة ظهوره و حسن بيانه‏ «وَ ما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ يُوَفَّ إِلَيْكُمْ» أي يوفر عليكم جزاؤه و ثوابه و التوفية إكمال الشي‏ء و إنما حسن إليكم مع التوفية لأنها تضمنت معنى التأدية و قيل معناه تعطون جزاءه وافرا وافيا في الآخرة عن ابن عباس‏ «وَ أَنْتُمْ لا تُظْلَمُونَ» بمنع ثوابه و لا بنقصان جزائه كقوله‏ آتَتْ أُكُلَها وَ لَمْ تَظْلِمْ مِنْهُ شَيْئاً أي لم تنقص.

مجمع البيان فى تفسير القرآن، ج‏2، ص: 665

[سورة البقرة (2): آية 273]

لِلْفُقَراءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً فِي الْأَرْضِ يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ تَعْرِفُهُمْ بِسِيماهُمْ لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً وَ ما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ (273)

القراءة

قرأ حمزة و عاصم و أبو جعفر و ابن عامر يحسبهم بفتح السين كل القرآن و الباقون بكسرها.

اللغة

قال أبو زيد حسبت الشي‏ء أحسبه و أحسبه حسبانا و حسبت الشي‏ء أحسبه حسابا و حسابة و حسبانا و أحسبت الرجل إحسابا إذا أطعمته و سقيته حتى يشبع و يروى و تعطيه حتى يرضى و الإحصار المنع عن التصرف لمرض أو حاجة أو مخافة و الحصر هو منع الغير و ليس كالأول لأنه منع النفس و قد تقدم تفسيره عند قوله‏ «فَإِنْ أُحْصِرْتُمْ» و الضرب المشي في الأرض و السيماء العلامة التي يعرف بها الشي‏ء و أصله الارتفاع لأنه علامة رفعت للظهور و منه السوم في البيع و هو الزيادة في مقدار الثمن للارتفاع فيه عن الحد و منه سوم الخسف للرفع فيه بتحميل ما يشق و منه سوم الماشية إرسالها في المرعى و التعفف ترك السؤال يقال عف عن الشي‏ء و تعفف عنه إذا تركه و منه قول رؤبة:

( فعف عن أسرارها بعد العسق )

أي تركها و الإلحاف الإلحاح في المسألة قال الزجاج معنى ألحف شمل بالمسألة و هو مستغن عنها و اللحاف من هذا اشتقاقه لأنه يشمل الإنسان في التغطية.

الإعراب‏

العامل في قوله‏ «لِلْفُقَراءِ» محذوف و تقديره النفقة للفقراء و قد تقدم ما يدل عليه و قال بعضهم هو مردود على اللام الأولى من قوله‏ «وَ ما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ فَلِأَنْفُسِكُمْ» قال علي بن عيسى و هذا لا يجوز لأن بدل الشي‏ء من غيره لا يكون إلا و المعنى يشتمل عليه و ليس كذلك ذكر النفس هاهنا لأن الإنفاق لها من حيث هو عائد إليها و للفقراء من حيث هو واصل إليهم و ليس من باب‏ وَ لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا لأن الأمر لازم للمستطيع خاصة و لا يجوز أن يكون العامل فيه تنفقوا لأنه لا

مجمع البيان فى تفسير القرآن، ج‏2، ص: 666

يفصل بين العامل و المعمول فيه بالأجنبي كما لا يجوز كانت زيدا الحمى تأخذه‏ «لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً» جملة في موضع الحال من أحصروا و ضربا مفعول يستطيع‏ «يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ» في موضع الحال أيضا و ذو الحال الفقراء و إلحافا مصدر وضع موضع الحال من يسألون أي لا يسألون ملحفين و يجوز أن يكون مصدرا لأن الإلحاف سؤال على صفة.

النزول‏

قال أبو جعفر (ع) نزلت الآية في أصحاب الصفة

و كذلك رواه الكلبي عن ابن عباس و هم نحو من أربعمائة رجل لم يكن لهم مساكن بالمدينة و لا عشائر يأوون إليهم فجعلوا أنفسهم في المسجد و قالوا نخرج في كل سرية يبعثها رسول الله فحث الله الناس عليهم و كان الرجل إذا أكل و عنده فضل أتاهم به إذا أمسى.

المعنى‏

لما أمر سبحانه بالنفقة و رغب فيها بأبلغ وجوه الترغيب و بين ما يكمل ثوابها عقب ذلك ببيان أفضل الفقراء الذين هم مصرف الصدقات فقال‏ «لِلْفُقَراءِ الَّذِينَ أُحْصِرُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ» معناه النفقة المذكورة في هذه الآية و ما قبلها للفقراء الذين حبسوا و منعوا في طاعة الله أي منعوا أنفسهم من التصرف في التجارة للمعاش إما لخوف العدو من الكفار و إما للمرض و الفقر و إما للإقبال على العبادة و قوله‏ «فِي سَبِيلِ اللَّهِ» يدل على أنهم حبسوا أنفسهم عن التقلب لاشتغالهم بالعبادة و الطاعة «لا يَسْتَطِيعُونَ ضَرْباً» أي ذهابا و تصرفا «فِي الْأَرْضِ» لبعض ما ذكرناه من المعاني و قيل لمنع أنفسهم من التصرف في التجارة أي ألزموا أنفسهم الجهاد في سبيل الله فلا يقع منهم التصرف لغيره و ليس معناه أنهم لا يقدرون عليه كما يقال أمرني الأمير بالمقام في هذا الموضع فلا أستطيع أن أبرح منه أي لا أبرح منه لإلزامي نفسي طاعة الأمير «يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ» أي يظنهم الجاهل بحالهم و باطن أمورهم‏ «أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ» أي الامتناع من السؤال و التجمل في اللباس و الستر لما هم فيه من الفقر و سوء الحال طلبا لرضوان الله و طمعا في جزيل ثوابه‏ «تَعْرِفُهُمْ بِسِيماهُمْ» أي تعرف حالهم بالنظر إلى وجوههم لما يرى من علامة الفقر عن السدي و الربيع و قيل لما يرى من التخشع و الخضوع الذي هو شعار الصالحين عن مجاهد «لا يَسْئَلُونَ النَّاسَ إِلْحافاً» قيل معناه أنهم لا يسألون الناس أصلا و ليس معناه أنهم يسألون من غير إلحاف عن ابن عباس و هو قول الفراء و الزجاج و أكثر أرباب المعاني و في الآية ما يدل عليه و هو قوله‏ «يَحْسَبُهُمُ الْجاهِلُ أَغْنِياءَ مِنَ التَّعَفُّفِ» في المسألة و لو كانوا يسألون لم يكن يحسبهم الجاهل أغنياء لأن السؤال في الظاهر يدل على الفقر و قوله أيضا «تَعْرِفُهُمْ بِسِيماهُمْ» و لو سألوا لعرفوا بالسؤال قالوا و إنما هو كقولك ما رأيت مثله و أنت لم ترد أن له‏

مجمع البيان فى تفسير القرآن، ج‏2، ص: 667

مثلا ما رأيته و إنما تريد أنه ليس له مثل فيرى فمعناه لم يكن سؤال فيكون إلحاح كقول الأعشى:

لا يغمز الساق من أين و من نصب‏

و لا يعض على شرسوفه الصفر

و معناه ليس بساقها أين و لا نصب فيغمزها ليس أن هناك أينا و لا يغمز

و في الحديث‏ أن الله يحب أن يرى أثر نعمته على عبده و يكره البؤس و التباؤس و يحب الحليم المتعفف من عباده و يبغض الفاحش البذي‏ء السائل الملحف‏

و عنه (ع) قال‏ إن الله كره لكم ثلاثا قيل و قال، و كثرة السؤال، و إضاعة المال، و نهي عن عقوق الأمهات و وأد البنات و عن منع و هات‏

و قال (ع) الأيدي ثلاث فيد الله العليا و يد المعطي التي تليه و يد السائل السفلى إلى يوم القيامة و من سأل و له ما يغنيه جاءت مسألته يوم القيامة كدوحا أو خموشا أو خدوشا في وجهه قيل و ما غناه قال خمسون درهما أو عدلها من الذهب‏

«وَ ما تُنْفِقُوا مِنْ خَيْرٍ» من مال و قيل معناه في وجوه الخير «فَإِنَّ اللَّهَ بِهِ عَلِيمٌ» أي يجازيكم عليه.

[سورة البقرة (2): آية 274]

الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَ النَّهارِ سِرًّا وَ عَلانِيَةً فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ (274)

الإعراب‏

«سِرًّا وَ عَلانِيَةً» حالان من ينفقون و تقديره مسرين و معلنين فهما اسمان وضعا موضع المصدر «عِنْدَ رَبِّهِمْ» ظرف مكان و العامل فيه ما يتعلق به اللام من لهم.

النزول‏

قال ابن عباس‏

نزلت الآية في علي (ع) كانت معه أربعة دراهم فتصدق بواحد نهارا و بواحد ليلا و بواحد سرا و بواحد علانية و هو المروي عن أبي عبد الله (ع) و أبي جعفر (ع)

و روي عن أبي ذر و الأوزاعي أنها نزلت في النفقة على الخيل في سبيل الله و قيل هي عامة في كل من أنفق ماله في طاعة الله على هذه الصفة و على هذا فإنا نقول الآية نزلت في علي (ع) و حكمها سائر في كل من فعل مثل فعله و له فضل السبق إلى ذلك.

المعنى‏

ثم بين سبحانه كيفية الإنفاق و ثوابه فقال‏ «الَّذِينَ يُنْفِقُونَ أَمْوالَهُمْ بِاللَّيْلِ وَ النَّهارِ سِرًّا وَ عَلانِيَةً» في هذه الحالات أي ينفقون على الدوام لأن هذه الأوقات معينة

مجمع البيان فى تفسير القرآن، ج‏2، ص: 668

للصدقات و لا وقت لها سواها «فَلَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ» أتى بالفاء ليدل على أن الجزاء إنما هو من أجل الإنفاق في طاعة الله و لا يجوز أن يقال زيد فله درهم لأنه ليس فيه معنى الجزاء «وَ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ» من أهوال يوم القيامة و أفزاعها «وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ» فيها و قيل لا خوف من فوت الأجر و نقصانه عليهم و لا هم يحزنون على ذلك.

[سورة البقرة (2): آية 275]

الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلاَّ كَما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِّ ذلِكَ بِأَنَّهُمْ قالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا وَ أَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَ حَرَّمَ الرِّبا فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ فَانْتَهى‏ فَلَهُ ما سَلَفَ وَ أَمْرُهُ إِلَى اللَّهِ وَ مَنْ عادَ فَأُولئِكَ أَصْحابُ النَّارِ هُمْ فِيها خالِدُونَ (275)

اللغة

أصل الربا الزيادة من قولهم ربا الشي‏ء يربو إذا زاد و الربا هو الزيادة على رأس المال و أربى الرجل إذا عامل في الربا و منه‏

الحديث‏ من أجبى فقد أربى‏

و أصل التخبط الخبط و هو الضرب على غير استواء خبطته أخبطه خبطا و الخبط ضرب البعير الأرض بيده و التخبط أيضا بمعناه يقال تخبط البعير الأرض إذا ضربها بقوائمه و يقال للذي يتصرف في أمر و لا يهتدي فيه هو يخبط خبط عشواء قال زهير:

رأيت المنايا خبط عشواء من تصب‏

تمته و من تخطئ يعمر فيهرم‏

و التخبط المس بالجنون و التخبل لأنه كالضرب على غير استواء في الإدهاش و الخباط داء كالجنون لأنه اضطراب في العقل يقال به خبطة من جنون و يقال بفلان مس و ألس و أولق أي جنون و السلوف التقدم يقال سلف يسلف سلوفا و منه الأمم السالفة أي الماضية و السالفة أعلى العنق و الإسلاف الإعطاء قبل الاستحقاق يقال أسلفته إسلافا، و سلافة الخمر صفوها لأنه أول ما يخرج من عصيرها و العود الرجوع و عيادة المريض‏

مجمع البيان فى تفسير القرآن، ج‏2، ص: 669

المصير إليه ليعرف خبره و العود من العيدان لأنه يعود إذا قطع و منه العود الذي يتبخر به و المعاد كل شي‏ء إليه المصير و الآخرة معاد الناس و العادة تكرر الشي‏ء مرة بعد مرة و العيد كل يوم مجمع عظيم لأنه يعود في السنة أو الأسبوع و العائدة الصلة لأنها تعود بالنفع على صاحبها.

الإعراب‏

«كَما يَقُومُ» الكاف في محل النصب على المصدر و الموصول حرف تقديره‏ «لا يَقُومُونَ» إلا مثل قيام‏ «الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ» و «مِنَ الْمَسِّ» يتعلق بيتخبط و من للتبيين.

المعنى‏

لما حث الله تعالى على الإنفاق و بين ما يحصل للمنفق من الأجر العاجل و الآجل عقبه بذكر الربا الذي ظنه الجاهل زيادة في المال و هو في الحقيقة محق في المال فقال‏ «الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا» في الدنيا «لا يَقُومُونَ» يوم القيامة «إِلَّا كَما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِّ» معناه إلا مثل ما يقوم الذي يصرعه الشيطان من الجنون فيكون ذلك أمارة لأهل الموقف على أنهم أكلة الربا عن ابن عباس و الحسن و سعيد بن جبير و قتادة و مجاهد و قيل إن هذا على وجه التشبيه لأن الشيطان لا يصرع الإنسان على الحقيقة و لكن من غلب عليه المرة السود أو ضعف عقله ربما يخيل الشيطان إليه أمورا هائلة و يوسوس إليه فيقع الصرع عند ذلك من فعل الله و نسب ذلك إلى الشيطان مجازا لما كان ذلك عند وسوسته عن أبي علي الجبائي و قيل يجوز أن يكون الصرع من فعل الشيطان في بعض الناس دون بعض عن أبي الهذيل و ابن الإخشيد قالا لأن الظاهر من القرآن يشهد به و ليس في العقل ما يمنع منه و لا يمنع الله تعالى الشيطان عنه امتحانا لبعض الناس و عقوبة لبعضهم على ذنب ألم به و لم يتب منه كما يتسلط بعض الناس على بعض فيظلمه و يأخذ ماله و لا يمنعه الله تعالى منه و يكون هذا علامة لآكلي الربا يعرفون بها يوم القيامة كما أن على كل عاص من معصيته علامة تليق به فيعرف بها صاحبها و على كل مطيع من طاعته أمارة تليق به فيعرف بها صاحبها و ذلك معنى قوله تعالى‏ «فَيَوْمَئِذٍ لا يُسْئَلُ عَنْ ذَنْبِهِ إِنْسٌ وَ لا جَانٌّ» و

قال النبي‏ في شهداء أحد زملوهم بدمائهم و ثيابهم‏

و

قال (ع) يبعث أمتي يوم القيامة من قبورهم غرا محجلين من آثار الوضوء

و

روي عنه (ع) أنه لما قال أسري بي إلى السماء رأيت رجالا بطونهم كالبيوت فيها الحيات ترى من خارج بطونهم فقلت من هؤلاء يا جبرائيل قال هؤلاء أكلة الربا

و

رواه أصحابنا عن أبي عبد الله (ع) قال قال رسول الله (ص) لما أسري بي إلى السماء رأيت أقواما يريد أحدهم أن‏

مجمع البيان فى تفسير القرآن، ج‏2، ص: 670

يقوم و لا يقدر عليه من عظم بطنه فقلت من هؤلاء يا جبرائيل قال هؤلاء «الَّذِينَ يَأْكُلُونَ الرِّبا لا يَقُومُونَ إِلَّا كَما يَقُومُ الَّذِي يَتَخَبَّطُهُ الشَّيْطانُ مِنَ الْمَسِّ» و إذا هم بسبيل آل فرعون يعرضون على النار غدوا و عشيا يقولون ربنا متى تقوم الساعة

و الوعيد في الآية متوجه إلى كل من أربى و إن لم يأكله و لكنه تعالى نبه بذكر الأكل على سائر وجوه الانتفاع بمال الربا و إنما خص الأكل لأنه معظم المقاصد من المال و نظيره قوله‏ «لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ» و قوله‏ «إِنَّ الَّذِينَ يَأْكُلُونَ أَمْوالَ الْيَتامى‏ ظُلْماً» الآية و المراد بالأكل في الموضعين سائر وجوه الانتفاع دون حقيقة الأكل‏ «ذلِكَ» أي ذلك العقاب لهم‏ «بِأَنَّهُمْ قالُوا إِنَّمَا الْبَيْعُ مِثْلُ الرِّبا» معناه بسبب قولهم إنما البيع الذي لا ربا فيه مثل البيع الذي فيه الربا قال ابن عباس كان الرجل منهم إذا حل دينه على غريمه فطالبه به قال المطلوب منه له زدني في الأجل و أزيدك في المال فيتراضيان عليه و يعملان به فإذا قيل لهم هذا ربا قالوا هما سواء يعنون بذلك أن الزيادة في الثمن حال البيع و الزيادة فيه بسبب الأجل عند محل الدين سواء فذمهم الله به و ألحق الوعيد بهم و خطأهم في ذلك بقوله‏ «وَ أَحَلَّ اللَّهُ الْبَيْعَ وَ حَرَّمَ الرِّبا» أي أحل الله البيع الذي لا ربا فيه و حرم البيع الذي فيه الربا و الفرق بينهما أن الزيادة في أحدهما لتأخير الدين و في الآخر لأجل البيع و أيضا فإن البيع بدل البدل لأن الثمن فيه بدل المثمن و الربا زيادة من غير بدل للتأخير في الأجل أو زيادة في الجنس و المنصوص‏

عن النبي (ص) تحريم التفاضل في ستة أشياء الذهب و الفضة و الحنطة و الشعير و التمر و الملح‏

و قيل الزبيب‏

قال (ع) إلا مثلا بمثل يدا بيد من زاد و استزاد فقد أربى‏

لا خلاف في حصول الربا في هذه الأشياء الستة و في غيرها خلاف بين الفقهاء و هو مقيس عليها عندهم و عندنا أن الربا لا يكون إلا فيما يكال أو يوزن و أما علة تحريم الربا فقد قيل هي أن فيه تعطيل المعايش و الإجلاب و المتاجر إذا وجد المربى من يعطيه دراهم و فضلا بدراهم‏

و قال الصادق (ع) إنما شدد في تحريم الربا لئلا يمتنع الناس من اصطناع المعروف قرضا أو رفدا

«فَمَنْ جاءَهُ مَوْعِظَةٌ مِنْ رَبِّهِ» معناه فمن جاءه زجر و نهي و تذكير من ربه‏ «فَانْتَهى‏» أي فانزجر و تذكر و اعتبر «فَلَهُ ما سَلَفَ» معناه فله ما أخذ و أكل من الربا قبل النهي لا يلزمه رده‏

قال الباقر (ع) من أدرك الإسلام و تاب مما كان عمله في الجاهلية وضع الله عنه ما سلف‏

صفحه بعد