کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

مجمع البيان فى تفسير القرآن

الجزء الأول

(2) سورة البقرة مدنية و آياتها ست و ثمانون و مائتان(286)

نزول فضلها تفسيرها

الجزء الثاني

بقية سورة البقرة

(3) سورة آل عمران مدنية و آياتها مائتان(200)

توضيح فضلها

الجزء الثالث

(4) سورة النساء مدنية و آياتها ست و سبعون و مائة(176)

توضيح عدد آيها خلافها آيتان فضلها تفسيرها

(5) سورة المائدة مدنية و آياتها عشرون و مائة(120)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

الجزء الرابع

(6) سورة الأنعام مكية و آياتها خمس و ستون و مائة(165)

توضيح عدد آيها فضلها تفسيرها

(7) سورة الأعراف مكية و آياتها ست و مائتان(206)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(8) سورة الأنفال مدنية و آياتها خمس و سبعون(75)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

الجزء الخامس

(9) سورة التوبة مدنية و آياتها تسع و عشرون و مائة(129)

توضيح عدد آيها اختلافها أسماؤها عشرة فضلها علة ترك التسمية - في أولها قراءة و كتابة تفسيرها

(10) سورة يونس مكية و آياتها تسع و مائة(109)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(11) سورة هود مكية و آياتها ثلاث و عشرون و مائة(123)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(12) سورة يوسف مكية و آياتها إحدى عشرة و مائة(111)

توضيح عدد آيها فضلها تفسيرها

الجزء السادس

(13) سورة الرعد مدنية و آياتها ثلاث و أربعون(43)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(14) سورة إبراهيم مكية و آياتها ثنتان و خمسون(52)

(16) سورة النحل مكية و آياتها ثمان و عشرون و مائة(128)

توضيح عدد آيها فضلها تفسيرها

(17) سورة الإسراء مكية و آياتها إحدى عشرة و مائة(111)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(18) سورة الكهف مكية و آياتها عشر و مائة(110)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(19) سورة مريم مكية و آياتها ثمان و تسعون(98)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

الجزء السابع

(20) سورة طه مكية و آياتها خمس و ثلاثون و مائة(135)

عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(21) سورة الأنبياء مكية و آياتها اثنتا عشرة و مائة(112)

توضيح اختلافها فضلها تفسيرها

(22) سورة الحج مدنية و آياتها ثمان و سبعون(78)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(23) سورة المؤمنون مكية و آياتها ثماني عشرة و مائة(118)

عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(24) سورة النور مدنية و آياتها أربع و ستون(64)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(26) سورة الشعراء مكية و آياتها سبع و عشرون و مائتان(227)

(28) سورة القصص مكية و آياتها ثمان و ثمانون(88)

عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

الجزء الثامن

(29) سورة العنكبوت مكية و آياتها تسع و ستون(69)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(33) سورة الأحزاب مدنية و آياتها ثلاث و سبعون(73)

توضيح فضلها تفسيرها

(37) سورة الصافات مكية و آياتها ثنتان و ثمانون و مائة(182)

عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(39) سورة الزمر مكية و آياتها خمس و سبعون(75)

(40) سورة غافر مكية و آياتها خمس و ثمانون(85)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

الجزء التاسع

(43) سورة الزخرف مكية و آياتها تسع و ثمانون(89)

الجزء العاشر

مجمع البيان فى تفسير القرآن


صفحه قبل

مجمع البيان فى تفسير القرآن، ج‏2، ص: 672

يُحِبُّ كُلَّ كَفَّارٍ أَثِيمٍ» الكفار فعال من الكفر و هو المقيم عليه المستمسك به المعتاد له و معناه و الله يبغض كل كفار لنعمته باستجلال الربا منهمك في غوايته متماد في إثمه بأكله و إنما لم يقل كل كافر لأنه إذا استحل الربا صار كافرا لأنه إذا كثر أكله للربا مع الاستحلال فقد ضم كفرا إلى كفر و إذا استحل الربا و لم يعقد عقد الربا لم يلحقه من المندمة ما يلحق من جمع بين الأمرين فالجامع بين الأمرين يستدعي من غضب الله ما لا يستدعيه أحد الأمرين‏

و روي عن النبي (ص) أنه قال‏ يأتي على الناس زمان لا يبقى أحد إلا أكل الربا فمن لم يأكله أصابه من غباره.

[سورة البقرة (2): آية 277]

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ وَ أَقامُوا الصَّلاةَ وَ آتَوُا الزَّكاةَ لَهُمْ أَجْرُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَ لا خَوْفٌ عَلَيْهِمْ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ (277)

المعنى‏

هذه الآية ظاهرة المعنى و قد مر تفسيرها فيما مضى و إنما جمع بين هذه الخصال لا لأن الثواب لا يستحق على كل واحدة منها إذ لو كان كذلك لكان فيه تصغير من كل واحدة منها و لكن جمع بينها للترغيب في الأعمال الصالحة و التفخيم لأمرها و التعظيم لشأنها أو لبيان أن الجمع بين هذه الخصال أعظم أجرا من الأفراد بواحدة منها و نظيره قوله سبحانه‏ وَ الَّذِينَ لا يَدْعُونَ مَعَ اللَّهِ إِلهاً آخَرَ وَ لا يَقْتُلُونَ النَّفْسَ الَّتِي حَرَّمَ اللَّهُ‏ الآية فجمع بين هذه الخصال في الوعيد ليبين أن الوعيد يستحق بكل واحدة منها و للتحذير عن كل خصلة منها لأن من المعلوم أن من دعا مع الله إلها آخر لا يحتاج إلى شرط عمل آخر في استحقاق الوعيد إذ لو كان الوعيد إنما يستحق بمجموع تلك الخصال لكان فيه تسهيل لكل واحد منها و قد ذكرنا أن أمثال هذه الآية تدل على أن الإيمان ليس من أفعال الجوارح و لا مشتملا عليها إذ لو كان كذلك لما صار لعطفها عليه معنى لأن الشي‏ء لا يعطف على نفسه فإن قالوا إن ذلك يجري مجرى قوله‏ «الَّذِينَ كَفَرُوا وَ صَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ»* «وَ الَّذِينَ كَفَرُوا وَ كَذَّبُوا بِآياتِنا»* فنقول إن الخلاف هاهنا كالخلاف هناك لأن التكذيب عندنا ليس بالكفر نفسه و إنما هو دلالة على الكفر و كذلك الصد عن سبيل الله و استدل بهذه الآية و أمثالها في بطلان التحابط لأنه تعالى ضمن الثواب بنفس هذه الخصال و لم يشترط أن لا يؤتى بما يحبطها فإن قالوا لا بد من هذا الشرط كما أن الوعيد على الكفر لا بد أن يكون مشروطا بارتفاع التوبة فالجواب أن التوبة إنما صارت شرطا هناك لمكان إجماع المسلمين‏

مجمع البيان فى تفسير القرآن، ج‏2، ص: 673

لا لأن التوبة مسقطة للعقاب و إنما وعد الله تعالى بإسقاط العقاب عندها تفضلا منه سبحانه و لا إجماع على ما ادعوه من الشرط في آيات الوعد فبان الفرق بين الأمرين.

[سورة البقرة (2): الآيات 278 الى 279]

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ وَ ذَرُوا ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ (278) فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ إِنْ تُبْتُمْ فَلَكُمْ رُؤُسُ أَمْوالِكُمْ لا تَظْلِمُونَ وَ لا تُظْلَمُونَ (279)

القراءة

قرأ عاصم برواية أبي بكر غير ابن غالب و البرجمي و حمزة فأذنوا بالمد و كسر الذال و الباقون‏ «فَأْذَنُوا» . و قرئ في الشواذ لا تظلمون و لا تظلمون.

الحجة

قال سيبويه آذنت أعلمت و أذنت و التأذين النداء و التصويت بالإعلام قال و بعض العرب يجري آذنت مجرى أذنت الذي معناه التصويت و النداء قال أبو عبيدة آذنتك بحرب فأذنت به تأذن إذنا أي علمت فمن قرأ «فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ» فقصر فالمعنى اعلموا بحرب من الله و المعنى أنكم في امتناعكم من وضع ذلك حرب من الله و رسوله و من قرأ فأذنوا فتقديره فاعلموا من لم ينته عن ذلك بحرب فالمفعول محذوف على قوله و إذا أمروا بإعلام غيرهم علموا هم أيضا لا محالة ففي أمرهم بإعلام ما يعلمون هم أيضا أنهم حرب إن لم يمتنعوا عما نهوا عنه و ليس في علمهم دلالة على إعلام غيرهم فهو في الإبلاغ آكد.

الإعراب‏

«إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ» جواب الشرط محذوف تقديره إن كنتم مؤمنين فذروا ما بقي من الربا و موضع‏ «لا تَظْلِمُونَ» نصب على الحال من لكم و التقدير فلكم رءوس أموالكم غير ظالمين و لا مظلومين.

النزول‏

روي عن أبي جعفر الباقر (ع) أن الوليد بن المغيرة كان يربي في الجاهلية و قد بقي له بقايا على ثقيف فأراد خالد بن الوليد المطالبة بها بعد أن أسلم فنزلت الآية

و قال السدي و عكرمة نزلت في بقية من الربا كانت للعباس و خالد بن الوليد و كانا

مجمع البيان فى تفسير القرآن، ج‏2، ص: 674

شريكين في الجاهلية يسلفان في الربا إلى بني عمرو بن عمير ناس من ثقيف فجاء الإسلام و لهما أموال عظيمة في الربا فأنزل الله هذه الآية

فقال النبي (ص) على أن كل ربا من ربا الجاهلية موضوع و أول ربا أضعه ربا العباس بن عبد المطلب و كل دم من دم الجاهلية موضوع و أول دم أضعه دم ربيعة بن الحارث بن عبد المطلب‏

كان مرضعا في بني ليث فقتله هذيل و قال مقاتل نزلت في أربعة إخوة من ثقيف مسعود و عبد ياليل و حبيب و ربيعة و هم بنو عمرو بن عمير بن عوف الثقفي و كانوا يداينون بني المغيرة و كانوا يربون فلما ظهر النبي (ص) على الطائف و صالح ثقيفا أسلم هؤلاء الإخوة الأربعة فطلبوا رباهم من بني المغيرة و اختصموا إلى عتاب بن أسيد عامل رسول الله على مكة فكتب عتاب إلى النبي بالقصة فأنزل الله الآية.

المعنى‏

ثم بين سبحانه حكم ما بقي من الربا فقال‏ «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اتَّقُوا اللَّهَ» في أمر الربا و في جميع ما نهاكم عنه‏ «وَ ذَرُوا ما بَقِيَ مِنَ الرِّبا» أي و اتركوا ما بقي من الربا فلا تأخذوه و اقتصروا على رءوس أموالكم و قوله‏ «إِنْ كُنْتُمْ مُؤْمِنِينَ» معناه من كان مؤمنا فهذا حكمه فأما من ليس بمؤمن فإنه يكون حربا و قيل معناه إن كنتم مؤمنين بتحريم الربا مصدقين به و بما فيه من المفسدة التي يعلمها الله‏ «فَإِنْ لَمْ تَفْعَلُوا» أي فإن لم تقبلوا أمر الله و لم تنقادوا له و لم تتركوا بقية الربا بعد نزول الآية بتركه‏ «فَأْذَنُوا بِحَرْبٍ مِنَ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ» أي فأيقنوا و اعلموا بقتال من الله و رسوله و المعنى أيقنوا أنكم تستحقون القتل في الدنيا و النار في الآخرة لمخالفة أمر الله و رسوله و من قرأ فأذنوا فمعناه فاعلموا من لم ينته عن ذلك بحرب و معنى الحرب عداوة الله و عداوة رسوله و هذا إخبار بعظم المعصية و روي عن ابن عباس و قتادة و الربيع أن من عامل بالربا استتابه الإمام فإن تاب و إلا قتله‏

و قال الصادق‏ آكل الربا يؤدب بعد البينة فإن عاد أدب و إن عاد قتل‏

«وَ إِنْ تُبْتُمْ» من استحلال الربا و أقررتم بتحريمه‏ «فَلَكُمْ رُؤُسُ أَمْوالِكُمْ» دون الزيادة «لا تَظْلِمُونَ» بأخذ الزيادة على رأس المال‏ «وَ لا تُظْلَمُونَ» بالنقصان من رأس المال.

[سورة البقرة (2): آية 280]

وَ إِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ فَنَظِرَةٌ إِلى‏ مَيْسَرَةٍ وَ أَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ (280)

القراءة

قرأ أبو جعفر عسرة بضم السين و الباقون‏ «عُسْرَةٍ» بإسكانها و هما لغتان و قرأ

مجمع البيان فى تفسير القرآن، ج‏2، ص: 675

زيد عن يعقوب ميسرة بضم السين مضافا إلى الهاء و روي ذلك عن مجاهد و قرأ عاصم تصدقوا بتخفيف الصاد و الباقون بتشديدها و قد تقدم الكلام في مثله فإن الأصل في القراءتين تتصدقوا فخفف في إحداهما بحذف إحدى التاءين و في الأخرى بالإدغام.

اللغة

النظرة التأخير و هو اسم قام مقام الإنظار مثل أخرة يقال بعته بأخرة و بنظرة أي بنسيئة و رأيت فلانا بأخرة الناس أي في آخرهم و الميسرة و الميسور بمعنى اليسار و الغنى و السعة و ما روي من قراءة من قرأ إلى ميسرة فلم يجزه البصريون لأن مفعل لا يجي‏ء في الآحاد إلا بالتاء و قد جاء في الجمع قال جميل:

بثين الزمي لا إن لا إن لزمته‏

على كثرة الواشين أي معون‏

و روي:

أبلغ النعمان عني مالكا

أنه قد طال حبسي و انتظاري‏

و الأول جمع معونة و مآلك جمع مألكة و هي الرسالة و مثل هذا الذي نقل لا يتعد به سيبويه فربما أطلق القول و قال ليس في الكلام كذا و إن كان قد جاء عليه حرف أو حرفان.

الإعراب‏

كان هذه هي التامة و هي التي تتم بفاعلها و يكتفي به و تقديره و إن وقع ذو عسرة و قيل هي ناقصة محذوفة الخبر و تقديره و إن كان ذو عسرة غريما لكم و كان يجوز لو قرئ و إن كان ذا عسرة أي و إن كان الذي عليه الدين ذا عسرة و روي ذلك في الشواذ عن أبي فنظرة مرفوعة لأنها خبر مبتدإ محذوف و الفاء فيه للجزاء و تقديره فالذي تعاملونه به نظرة «وَ أَنْ تَصَدَّقُوا» في موضع رفع بأنه مبتدأ و خبره‏ «خَيْرٌ لَكُمْ» .

المعنى‏

لما أمر سبحانه بأخذ رأس المال من الموسر بين بعده حال المعسر فقال‏ «وَ إِنْ كانَ ذُو عُسْرَةٍ» معناه و إن وقع في غرمائكم ذو عسرة و يجوز أن يكون تقديره و إن كان غريما لكم ذو عسرة «فَنَظِرَةٌ» أي فالذي تعاملونه به نظرة «إِلى‏ مَيْسَرَةٍ» أي إلى وقت اليسار أي فالواجب نظرة صيغة الخبر و المراد به الأمر أي فانظروه إلى وقت يساره و اختلف في حد الإعسار

فروي عن أبي عبد الله (ع) أنه قال‏ هو إذا لم يقدر على ما يفضل من قوته و قوت عياله على الاقتصاد

و قال أبو علي الجبائي هو التعذر بالإعدام أو بكساد المتاع‏

مجمع البيان فى تفسير القرآن، ج‏2، ص: 676

أو نحوه و اختلف في وجوب إنظار المعسر على ثلاثة أقوال (أحدها)

أنه واجب في كل دين عن ابن عباس و الضحاك و الحسن‏ و هو المروي عن أبي جعفر (ع) و أبي عبد الله‏

(و ثانيها) أنه واجب في دين الربا خاصة عن شريح و إبراهيم النخعي (و ثالثها) أنه واجب في دين الربا بالآية و في كل دين بالقياس عليه‏

و قال الباقر (ع) «إِلى‏ مَيْسَرَةٍ» معناه إلى أن يبلغ خبره الإمام فيقضي عنه من سهم الغارمين إذا كان أنفقه في المعروف‏

«وَ أَنْ تَصَدَّقُوا خَيْرٌ لَكُمْ» معناه و أن تتصدقوا على المعسر بما عليه من الدين خير لكم‏ «إِنْ كُنْتُمْ تَعْلَمُونَ» الخير من الشر و تميزون ما لكم عما عليكم و مما جاء في معنى الآية من الحديث‏

قوله (ع) من أنظر معسرا أو وضع عنه أظله الله تحت ظل عرشه يوم لا ظل إلا ظله‏

و روي بريدة عنه أنه قال‏ من أنظر معسرا كان له بكل يوم صدقة

و في هذه الآية دلالة على أن الإنسان إن علم أن غريمه معسر حرم عليه حبسه و ملازمته و مطالبته بما له عليه و إنما يجب عليه إنظاره انتظارا لليسارة و إن الصدقة برأس المال على المعسر خير و أفضل من انتظار يسره و روي عن ابن عباس و ابن عمر آخر ما نزلت من القرآن آي الربا.

[سورة البقرة (2): آية 281]

وَ اتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ وَ هُمْ لا يُظْلَمُونَ (281)

القراءة

قرأ أبو عمرو و يعقوب بفتح التاء و الباقون بضمها.

الحجة

حجة أبي عمرو قوله‏ إِنَّ إِلَيْنا إِيابَهُمْ‏ فأضاف المصدر إلى الفاعل فهذا بمنزلة ترجعون و آب مثل رجع و من حجته قوله‏ وَ إِنَّا إِلَيْهِ راجِعُونَ‏ فَإِلَيْنا مَرْجِعُهُمْ‏ .

الإعراب‏

يوما منصوب لأنه مفعول به و لا ينتصب على الظرف لأنه ليس المعنى اتقوا في هذا اليوم و قوله‏ «تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ» جملة في موضع نصب بكونه صفة لقوله‏ «يَوْماً» و «تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ» في موضع نصب بأنه عطف على صفة يوم إلا أنه حذف منه فيه لدلالة الأول عليه.

النزول‏

هذا آخر آية نزلت من القرآن و قال جبرائيل ضعها في رأس الثمانين و المائتين من البقرة عن ابن عباس و السدي‏

قال المفسرون‏ لما نزلت هذه الآية إِنَّكَ مَيِّتٌ‏

مجمع البيان فى تفسير القرآن، ج‏2، ص: 677

وَ إِنَّهُمْ مَيِّتُونَ‏ قال رسول الله ص ليتني أعلم متى يكون ذلك فأنزل الله تعالى سورة النصر إِذا جاءَ نَصْرُ اللَّهِ وَ الْفَتْحُ‏ فكان رسول الله ص يسكت بين التكبير و القراءة بعد نزول هذه السورة فيقول سبحان الله و بحمده و أستغفر الله و أتوب إليه فقيل له إنك لم تكن تقوله قبل هذا فقال أما إن نفسي نعيت إلي ثم بكى بكاء شديدا فقيل يا رسول الله أ و تبكي من الموت و قد غفر الله لك ما تقدم من ذنبك و ما تأخر قال فأين هول المطلع و أين ضيق القبر و ظلمة اللحد و أين القيامة و الأهوال‏

فعاش رسول الله ص بعد نزول هذه السورة عاما تاما ثم نزلت‏ لَقَدْ جاءَكُمْ رَسُولٌ مِنْ أَنْفُسِكُمْ عَزِيزٌ عَلَيْهِ‏ إلى آخر السورة و هذه السورة آخر سورة كاملة نزلت من القرآن فعاش رسول الله ص بعدها ستة أشهر ثم لما خرج رسول الله إلى حجة الوداع نزلت عليه في الطريق‏ يَسْتَفْتُونَكَ فِي النِّساءِ قُلِ اللَّهُ يُفْتِيكُمْ‏ إلى آخرها فسميت آية الصيف ثم نزل عليه و هو واقف بعرفة الْيَوْمَ أَكْمَلْتُ لَكُمْ دِينَكُمْ‏ الآية فعاش بعدها إحدى و ثمانين يوما ثم نزلت عليه آيات الربا ثم نزلت بعدها «وَ اتَّقُوا يَوْماً تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ» و هي آخر آية نزلت من السماء فعاش رسول الله ص بعدها إحدى و عشرين يوما و قال ابن جريج تسع ليال و قال سعيد بن جبير و مقاتل سبع ليال ثم مات يوم الإثنين لليلتين خلتا من ربيع الأول حين بزغت الشمس و روي أصحابنا لليلتين بقيتا من صفر سنة إحدى عشرة من الهجرة و لسنة واحدة من ملك أردشير بن شيرويه بن أبرويز بن هرمز بن أنوشروان بنفسي هو ص حيا و ميتا.

المعنى‏

ثم حذر سبحانه المكلفين من بعد ما تقدم من ذكر آي الحدود و الأحكام فقال‏ «وَ اتَّقُوا يَوْماً» معناه و احذروا يوما و اخشوا يوما «تُرْجَعُونَ فِيهِ إِلَى اللَّهِ» تردون جميعا إلى جزاء الله و يقال إلى ملك الله لنفعكم و ضركم دون غيره ممن ملكه إياه في دار الدنيا و هو المراد بكل ما في القرآن من هذا اللفظ لأن الله سبحانه لا يغيب عن أحد و لا يغيب أحد عن علمه و ملكه و سلطانه و يدل عليه قوله‏ وَ هُوَ مَعَكُمْ أَيْنَ ما كُنْتُمْ‏ و ما يَكُونُ مِنْ نَجْوى‏ ثَلاثَةٍ إِلَّا هُوَ رابِعُهُمْ‏ و إنما خص يوم القيامة بهذه الصفة لأن الناس إذا حشروا انقطع أمرهم و بطل ملكهم و لا يبقى لواحد منهم أمر و لا نهي كما قال سبحانه‏ لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ «ثُمَّ تُوَفَّى كُلُّ نَفْسٍ ما كَسَبَتْ» قيل فيه وجهان أحدهما توفي جزاء ما كسبت من الأعمال و الثاني توفى ما كسبت من الثواب و العقاب لأن الكسب على وجهين كسب العبد لفعله و كسبه لما ليس من فعله كما يكسب المال‏ «وَ هُمْ لا يُظْلَمُونَ» معناه لا ينقصون ما يستحقونه من الثواب و لا يزاد عليهم ما يستحقونه من العقاب.

مجمع البيان فى تفسير القرآن، ج‏2، ص: 678

[سورة البقرة (2): آية 282]

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا تَدايَنْتُمْ بِدَيْنٍ إِلى‏ أَجَلٍ مُسَمًّى فَاكْتُبُوهُ وَ لْيَكْتُبْ بَيْنَكُمْ كاتِبٌ بِالْعَدْلِ وَ لا يَأْبَ كاتِبٌ أَنْ يَكْتُبَ كَما عَلَّمَهُ اللَّهُ فَلْيَكْتُبْ وَ لْيُمْلِلِ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ وَ لْيَتَّقِ اللَّهَ رَبَّهُ وَ لا يَبْخَسْ مِنْهُ شَيْئاً فَإِنْ كانَ الَّذِي عَلَيْهِ الْحَقُّ سَفِيهاً أَوْ ضَعِيفاً أَوْ لا يَسْتَطِيعُ أَنْ يُمِلَّ هُوَ فَلْيُمْلِلْ وَلِيُّهُ بِالْعَدْلِ وَ اسْتَشْهِدُوا شَهِيدَيْنِ مِنْ رِجالِكُمْ فَإِنْ لَمْ يَكُونا رَجُلَيْنِ فَرَجُلٌ وَ امْرَأَتانِ مِمَّنْ تَرْضَوْنَ مِنَ الشُّهَداءِ أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما فَتُذَكِّرَ إِحْداهُمَا الْأُخْرى‏ وَ لا يَأْبَ الشُّهَداءُ إِذا ما دُعُوا وَ لا تَسْئَمُوا أَنْ تَكْتُبُوهُ صَغِيراً أَوْ كَبِيراً إِلى‏ أَجَلِهِ ذلِكُمْ أَقْسَطُ عِنْدَ اللَّهِ وَ أَقْوَمُ لِلشَّهادَةِ وَ أَدْنى‏ أَلاَّ تَرْتابُوا إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجارَةً حاضِرَةً تُدِيرُونَها بَيْنَكُمْ فَلَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَلاَّ تَكْتُبُوها وَ أَشْهِدُوا إِذا تَبايَعْتُمْ وَ لا يُضَارَّ كاتِبٌ وَ لا شَهِيدٌ وَ إِنْ تَفْعَلُوا فَإِنَّهُ فُسُوقٌ بِكُمْ وَ اتَّقُوا اللَّهَ وَ يُعَلِّمُكُمُ اللَّهُ وَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْ‏ءٍ عَلِيمٌ (282)

القراءة

صفحه بعد