کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

مجمع البيان فى تفسير القرآن

الجزء الأول

(2) سورة البقرة مدنية و آياتها ست و ثمانون و مائتان(286)

نزول فضلها تفسيرها

الجزء الثاني

بقية سورة البقرة

(3) سورة آل عمران مدنية و آياتها مائتان(200)

توضيح فضلها

الجزء الثالث

(4) سورة النساء مدنية و آياتها ست و سبعون و مائة(176)

توضيح عدد آيها خلافها آيتان فضلها تفسيرها

(5) سورة المائدة مدنية و آياتها عشرون و مائة(120)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

الجزء الرابع

(6) سورة الأنعام مكية و آياتها خمس و ستون و مائة(165)

توضيح عدد آيها فضلها تفسيرها

(7) سورة الأعراف مكية و آياتها ست و مائتان(206)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(8) سورة الأنفال مدنية و آياتها خمس و سبعون(75)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

الجزء الخامس

(9) سورة التوبة مدنية و آياتها تسع و عشرون و مائة(129)

توضيح عدد آيها اختلافها أسماؤها عشرة فضلها علة ترك التسمية - في أولها قراءة و كتابة تفسيرها

(10) سورة يونس مكية و آياتها تسع و مائة(109)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(11) سورة هود مكية و آياتها ثلاث و عشرون و مائة(123)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(12) سورة يوسف مكية و آياتها إحدى عشرة و مائة(111)

توضيح عدد آيها فضلها تفسيرها

الجزء السادس

(13) سورة الرعد مدنية و آياتها ثلاث و أربعون(43)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(14) سورة إبراهيم مكية و آياتها ثنتان و خمسون(52)

(16) سورة النحل مكية و آياتها ثمان و عشرون و مائة(128)

توضيح عدد آيها فضلها تفسيرها

(17) سورة الإسراء مكية و آياتها إحدى عشرة و مائة(111)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(18) سورة الكهف مكية و آياتها عشر و مائة(110)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(19) سورة مريم مكية و آياتها ثمان و تسعون(98)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

الجزء السابع

(20) سورة طه مكية و آياتها خمس و ثلاثون و مائة(135)

عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(21) سورة الأنبياء مكية و آياتها اثنتا عشرة و مائة(112)

توضيح اختلافها فضلها تفسيرها

(22) سورة الحج مدنية و آياتها ثمان و سبعون(78)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(23) سورة المؤمنون مكية و آياتها ثماني عشرة و مائة(118)

عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(24) سورة النور مدنية و آياتها أربع و ستون(64)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(26) سورة الشعراء مكية و آياتها سبع و عشرون و مائتان(227)

(28) سورة القصص مكية و آياتها ثمان و ثمانون(88)

عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

الجزء الثامن

(29) سورة العنكبوت مكية و آياتها تسع و ستون(69)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(33) سورة الأحزاب مدنية و آياتها ثلاث و سبعون(73)

توضيح فضلها تفسيرها

(37) سورة الصافات مكية و آياتها ثنتان و ثمانون و مائة(182)

عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(39) سورة الزمر مكية و آياتها خمس و سبعون(75)

(40) سورة غافر مكية و آياتها خمس و ثمانون(85)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

الجزء التاسع

(43) سورة الزخرف مكية و آياتها تسع و ثمانون(89)

الجزء العاشر

مجمع البيان فى تفسير القرآن


صفحه قبل

مجمع البيان فى تفسير القرآن، ج‏4، ص: 855

[سورة الأنفال (8): الآيات 64 الى 66]

يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ (64) يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ عَلَى الْقِتالِ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ (65) الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ وَ عَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صابِرَةٌ يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ وَ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ بِإِذْنِ اللَّهِ وَ اللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ (66)

القراءة

إن يكن منكم مائة بالياء فيهما كوفي و الأول بالتاء بصري‏ «ضَعْفاً» بفتح الضاد كوفي إلا الكسائي و الباقون بضم الضاد و لكنهم سكنوا العين إلا أبا جعفر فإنه قرأ ضعفاء على وزن فعلاء.

الحجة

من قرأ بالياء فإنه أراد به المذكر يدلك على ذلك قوله تعالى‏ «يَغْلِبُوا» و قرأ أبو عمرو فإن تكن منكم مائة صابرة بالتاء كما أنث صفة المائة و هي قوله‏ «صابِرَةٌ» كذلك أنث الفعل و من قرأ الجميع بالتاء يحمله على اللفظ فاللفظ مؤنث و الضعف و الضعف لغتان كالفقر و الفقر.

اللغة

الاتباع موافقة الداعي فيما يدعو إليه من أجل دعائه و التحريض و الحض و الحث بمعنى و هو الترغيب في الفعل بما يبعث على المبادرة إليه و ضده التقتير و الصبر حبس النفس عما تنازع إليه من ضد ما ينبغي أن يكون عليه و ضده الجزع قال:

فإن تصبرا فالصبر خير مغبة

و إن تجزعا فالأمر ما تريان‏

و التخفيف رفع المشقة بالخفة و الخفة نقيض الثقل و الخفة و السهولة بمعنى و الضعف نقصان القوة و هو من الضعف لأنه ذهاب ضعف القوة.

الإعراب‏

موضع‏ «مَنِ اتَّبَعَكَ» رفع على معنى حسبك الله و أتباعك من المؤمنين و يحتمل أن يكون نصبا بمعنى و يكفي من اتبعك على التأويل لأن الكاف في حسبك و في موضع جر بالإضافة لكنه مفعول به في المعنى فعطف على المعنى و مثله قوله تعالى‏ إِنَّا مُنَجُّوكَ وَ أَهْلَكَ‏ و قال الشاعر:

إذا كانت الهيجاء و انشقت العصا

فحسبك و الضحاك سيف مهند

مجمع البيان فى تفسير القرآن، ج‏4، ص: 856

الآن مبني مع الألف و اللام لأنه خرج عن التمكن بشبه الحرف قال الزجاج عشرون لا يجوز إلا بكسر العين و زعم أهل اللغة أنه كسر أوله كما كسر أول اثنين لأن عشرين من عشرة مثل اثنين من واحد و يدل عليه فتحهم ثلاثين كفتح ثلاثة و كسرهم تسعين ككسر تسعة.

المعنى‏

ثم أمر سبحانه بقتال الكفار و حث عليه بقوله‏ «يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَسْبُكَ اللَّهُ وَ مَنِ اتَّبَعَكَ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ» أي كافيك الله و يكفيك متبعوك من المؤمنين و قال الحسن معناه الله حسبك و حسب من اتبعك من المؤمنين أي يكفيك و يكفيهم قال الكلبي نزلت هذه الآية بالبيداء في غزوة بدر قبل القتال‏ «يا أَيُّهَا النَّبِيُّ حَرِّضِ الْمُؤْمِنِينَ» أي ابعث المؤمنين‏ «عَلَى الْقِتالِ» و رغبهم فيه بسائر أسباب التحريض و الترغيب من ذكر الثواب الموعود على القتال و بيان ما وعد الله لهم من النصر و الظفر و اغتنام الأموال‏ «إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ عِشْرُونَ صابِرُونَ» على القتال‏ «يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ» من العدو «وَ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ يَغْلِبُوا أَلْفاً مِنَ الَّذِينَ كَفَرُوا» و اللفظ لفظ الخبر و المراد به الأمر و يدل على ذلك قوله فيما بعد «الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ» لأن التخفيف لا يكون إلا بعد التكليف‏ «بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ» معناه ذلك النصر من الله تعالى لكم على الكفار و الخذلان للكفار بأنكم تفقهون أمر الله تعالى و تصدقونه فيما وعدكم من الثواب فيدعوكم ذلك إلى الصبر على القتال و الجد فيه و الكفار لا يفقهون أمر الله تعالى و لا يصدقونه فيما وعدكم من الثواب و لما علم الله تعالى أن ذلك يشق عليهم تغيرت المصلحة في ذلك فقال‏ «الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ» الحكم في الجهاد من وجوب قتال العشرة على الواحد و ثبات الواحد للعشرة «وَ عَلِمَ أَنَّ فِيكُمْ ضَعْفاً» أراد به ضعف البصيرة و العزيمة و لم يرد ضعف البدن فإن الذين أسلموا في الابتداء لم يكونوا كلهم أقوياء البدن بل كان فيهم القوي و الضعيف و لكن كانوا أقوياء البصيرة و اليقين و لما كثر المسلمين و اختلط بهم من كان أضعف يقينا و بصيرة نزل‏ «الْآنَ خَفَّفَ اللَّهُ عَنْكُمْ» «فَإِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ مِائَةٌ صابِرَةٌ» على القتال‏ «يَغْلِبُوا مِائَتَيْنِ» من العدو «وَ إِنْ يَكُنْ مِنْكُمْ أَلْفٌ» صابرة «يَغْلِبُوا أَلْفَيْنِ» منهم‏ «بِإِذْنِ اللَّهِ» أي بعلم الله و قيل بأمره فأمر الله تعالى الواحد بأن يثبت لاثنين و تضمن النصرة له عليهما و إنما لم يفصل و لم يأمر من كان قوي البصيرة بأن يثبت لعشرة و من كان ضعيف البصيرة بأن يثبت لاثنين لأنهم كانوا يشهدون القتال مختلطين فكان لا يمكن التمييز بينهم و لو نص على من كان ضعيف البصيرة كان فيه إيحاشهم و انكسار قلوبهم و زيادة ضعفهم‏ «وَ اللَّهُ مَعَ الصَّابِرِينَ» أي معونة الله مع الصابرين و معناه و الله معين الصابرين و قيل إن هذه الآية نزلت‏

مجمع البيان فى تفسير القرآن، ج‏4، ص: 857

بعد الآية الأولى بمدة و إن قرن بينهما في المصحف و هي ناسخة للأولى و المعتبر في الناسخ و المنسوخ بالنزول دون التلاوة و قال الحسن إن التغليظ كان على أهل بدر ثم جاءت الرخصة.

[سورة الأنفال (8): الآيات 67 الى 69]

ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى‏ حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا وَ اللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ وَ اللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ (67) لَوْ لا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيما أَخَذْتُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ (68) فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالاً طَيِّباً وَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (69)

القراءة

قرأ أبو جعفر أن تكون له بالتاء أسارى و قرأ أهل الكوفة أن تكون له بالتاء «أَسْرى‏» و الباقون‏ «أَنْ يَكُونَ لَهُ» بالياء «أَسْرى‏» .

الحجة

من قرأ بالتاء فلأن الجمع مؤنث و من قرأ بالياء فلأنهم مذكرون في المعنى و قد وقع الفصل بين الفعل و الفاعل قال أبو علي و الأسرى أقيس من الأسارى لأن أسير فعيل بمعنى مفعول و ذلك يجمع على فعلى نحو جريح و جرحى و قتيل و قتلي و استمر هذا الجمع في الباب و كثر حتى شبه به غيره مما ليس منه و لكن لموافقته مثل مرضى و هلكى و موتى و ذلك أن هذه أمور ابتلوا بها و أدخلوا فيها و هم لها كارهون فصار لذلك مشبها بفعيل في قول الخليل و إنما قالوا أسارى على التشبيه بكسالى كما قالوا كسلى على التشبيه بأسرى و قال الأزهري الأسارى جمع الأسرى فهو جمع الجمع.

اللغة

الأسر الشد على المحارب بما يصير به في قبضة الآخذ له و فلان مأسور أي مشدود و كانوا يشدون الأسير بالقد، و الإثخان في الأرض تغليظ الحال بكثرة الفتل و الثخن و الغلظ و الكثافة نظائر و قد أثخنه المرض إذا اشتدت قوته عليه و أثخنه الجراح و العرض متاع‏

مجمع البيان فى تفسير القرآن، ج‏4، ص: 858

الدنيا سماه عرضا لقلة لبثه و الفرق بين الحلال و المباح أن الحلال من حل العقد في التحريم و المباح من التوسعة في الفعل و إن اجتمعا في الحل و الطيب المستلذ و شبه الحلال به فسمي طيبا و اللذة نيل المشتهى.

الإعراب‏

الفاء في فكلوا دخلت للجزاء المعنى لقد أحللت لكم الغذاء فكلوا و حلالا طيبا منصوب على الحال.

المعنى‏

«ما كانَ لِنَبِيٍّ» أي ليس له و لا في عهد الله إليه‏ «أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى‏» من المشركين ليفديهم أو يمن عليهم‏ «حَتَّى يُثْخِنَ فِي الْأَرْضِ» أي حتى يبالغ في قتل المشركين و قهرهم ليرتدع بهم من وراءهم و قال أبو مسلم الإثخان الغلبة على البلدان و التذليل لأهلها يعني حتى يتمكن في الأرض‏ «تُرِيدُونَ عَرَضَ الدُّنْيا» هذا خطاب لمن دون النبي ص من المؤمنين الذين رغبوا في أخذ الفداء من الأسرى في أول وقته و رغبوا في الحرب للغنيمة قال الحسن و ابن عباس يريد يوم بدر و يقول أخذتم الفداء من الأسرى في أول وقعة كانت لكم من قبل أن تثخنوا في الأرض و عرض الدنيا مال الدنيا لأنه بمعرض الزوال‏ «وَ اللَّهُ يُرِيدُ الْآخِرَةَ» أي تريدون عاجل الحظ من عرض الدنيا و الله يريد لكم ثواب الآخرة «وَ اللَّهُ عَزِيزٌ» لا يغلب أنصاره فاعملوا ما يريده منكم لينصركم‏ «حَكِيمٌ» يجري أفعاله على ما توجبه الحكمة فصل سبحانه بين إرادة نفسه و إرادة عباده و لو كان ما أرادوه على ما قاله المجبرة لم يصح هذا التفصيل‏ «لَوْ لا كِتابٌ مِنَ اللَّهِ سَبَقَ لَمَسَّكُمْ فِيما أَخَذْتُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ» قيل في معناه أقوال (أحدها) لو لا ما مضى من حكم الله أن لا يعذب قوما حتى يبين لهم ما يتقون و أنه لم يبين لكم أن لا تأخذوا الفداء لعذبكم بأخذ الفداء عن ابن جريج (و ثانيها) لو لا أن الله حكم لكم إباحة الغنائم و الفداء في أم الكتاب و هو اللوح المحفوظ لمسكم فيما استحللتم قبل الإباحة عذاب عظيم فإن الغنائم لم تحل لأحد قبلكم عن ابن عباس (و ثالثها) لو لا كتاب من الله سبق و هو القرآن فآمنتم به و استوجبتم بالإيمان به الغفران لمسكم العذاب عن الجبائي قال و المراد به الصغائر (و رابعها) أن الكتاب الذي سبق قوله‏ وَ ما كانَ اللَّهُ لِيُعَذِّبَهُمْ وَ أَنْتَ فِيهِمْ‏ و المعنى لو لا ما كتب الله في القرآن أو في اللوح المحفوظ أنه لا يعذبكم و النبي بين أظهركم لعذبكم‏ «فَكُلُوا مِمَّا غَنِمْتُمْ حَلالًا طَيِّباً» هذه إباحة منه سبحانه للمؤمنين أن يأكلوا مما غنموه من أموال المشركين‏ «وَ اتَّقُوا اللَّهَ» باتقاء معاصيه‏ «إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ» .

[القصة]

كان القتلى من المشركين يوم بدر سبعين قتل منهم علي بن أبي طالب ع‏

مجمع البيان فى تفسير القرآن، ج‏4، ص: 859

سبعة و عشرين و كان الأسرى أيضا سبعين و لم يؤسر أحد من أصحاب النبي ص فجمعوا الأسارى و قرنوهم في الحبال و ساقوهم على أقدامهم و قتل من أصحاب رسول الله تسعة رجال منهم سعد بن خيثمة و كان من النقباء من الأوس و عن محمد بن إسحاق قال استشهد من المسلمين يوم بدر أحد عشر رجلا أربعة من قريش و سبعة من الأنصار و قيل ثمانية و قتل من المشركين بضعة و أربعون رجلا و عن ابن عباس قال لما أمسى رسول الله ص يوم بدر و الناس محبوسون بالوثاق بات ساهرا أول الليلة فقال له أصحابه ما لك لا تنام فقال ص سمعت أنين عمي العباس في وثاقه فأطلقوه فسكت فنام رسول الله ص و روى عبيدة السلماني عن رسول الله ص أنه قال لأصحابه يوم بدر في أسارى إن شئتم قتلتموهم و إن شئتم فاديتموهم و استشهد منكم بعدتهم و كانت الأسارى سبعين فقالوا بل نأخذ الفداء فنستمتع به و نتقوى به على عدونا و ليستشهد منا بعدتهم قال عبيدة طلبوا الخيرتين كلتيهما فقتل منهم يوم أحد سبعون و في كتاب علي بن إبراهيم لما قتل رسول الله ص النضر بن الحارث و عقبة بن أبي معيط خافت الأنصار أن يقتل الأسارى فقالوا يا رسول الله قتلنا سبعين و هم قومك و أسرتك أ تجذا أصلهم فخذ يا رسول الله منهم الفداء و قد كانوا أخذوا ما وجدوه من الغنائم في عسكر قريش فلما طلبوا إليه و سألوه نزلت الآية «ما كانَ لِنَبِيٍّ أَنْ يَكُونَ لَهُ أَسْرى‏» الآيات فأطلق لهم ذلك و كان أكثر الفداء أربعة آلاف درهم و أقله ألف درهم فبعثت قريش بالفداء أولا فأولا فبعثت زينب بنت رسول الله ص من فداء زوجها أبي العاص بن الربيع و بعثت قلائد لها كانت خديجة جهزتها بها و كان أبو العاص ابن أخت خديجة فلما رأى رسول الله ص تلك القلائد قال رحم الله خديجة هذه قلائد هي جهزتها بها فأطلقه رسول الله ص بشرط أن يبعث إليه زينب و لا يمنعها من اللحوق به فعاهده على ذلك و وفى له و روي أن النبي ص كره أخذ الفداء حتى رأى سعد بن معاذ كراهية ذلك في وجهه فقال يا رسول الله هذا أول حرب لقينا فيه المشركين و الإثخان في القتل أحب إلي من استبقاء الرجال و قال عمر بن الخطاب يا رسول الله كذبوك و أخرجوك فقدمهم و اضرب أعناقهم و مكن عليا من عقيل فيضرب عنقه و مكني من فلان أضرب عنقه فإن هؤلاء أئمة الكفر و قال أبو بكر أهلك و قومك استأن بهم و استبقهم و خذ منهم فدية فيكون لنا قوة على الكفار قال ابن زيد فقال رسول الله ص لو نزل عذاب من السماء ما نجا منكم غير عمر و سعد بن معاذ و

قال أبو جعفر

مجمع البيان فى تفسير القرآن، ج‏4، ص: 860

الباقر (ع) كان الفداء يوم بدر كل رجل من المشركين بأربعين أوقية و الأوقية أربعون مثقالا إلا العباس فإن فداءه كان مائة أوقية و كان أخذ منه حين أسر عشرون أوقية ذهبا فقال النبي ص ذلك غنيمة ففاد نفسك و ابني أخيك نوفلا و عقيلا فقال ليس معي شي‏ء فقال أين الذهب الذي سلمته إلى أم الفضل و قلت إن حدث بي حدث فهو لك و للفضل و عبد الله و قثم فقال من أخبرك بهذا قال الله تعالى فقال أشهد أنك رسول الله و الله ما أطلع على هذا أحدا إلا الله تعالى.

[سورة الأنفال (8): الآيات 70 الى 71]

يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ مِنَ الْأَسْرى‏ إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً يُؤْتِكُمْ خَيْراً مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ وَ يَغْفِرْ لَكُمْ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (70) وَ إِنْ يُرِيدُوا خِيانَتَكَ فَقَدْ خانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ وَ اللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (71)

القراءة

قرأ أبو جعفر و أبو عمرو من الأسارى و الباقون‏ «مِنَ الْأَسْرى‏» و قد ذكرنا الفرق بين الأسرى و الأسارى فيما قبل.

المعنى‏

ثم خاطب الله سبحانه نبيه فقال‏ «يا أَيُّهَا النَّبِيُّ قُلْ لِمَنْ فِي أَيْدِيكُمْ» من الأسارى إنما ذكر الأيدي لأن من كان في وثاقهم فهو بمنزلة من يكون في أيديهم لاستيلائهم عليه‏ «مِنَ الْأَسْرى‏» يعني إسراء بدر الذين أخذ منهم الفداء «إِنْ يَعْلَمِ اللَّهُ فِي قُلُوبِكُمْ خَيْراً» أي إسلاما و إخلاصا أو رغبة في الإيمان و صحة نية «يُؤْتِكُمْ خَيْراً» أي يعطكم خيرا «مِمَّا أُخِذَ مِنْكُمْ» من الفداء إما في الدنيا و الآخرة و إما في الآخرة «وَ يَغْفِرْ لَكُمْ» ذنوبكم‏ «وَ اللَّهُ غَفُورٌ» للذنوب‏ «رَحِيمٌ» روي عن العباس بن عبد المطلب أنه قال نزلت هذه الآية في و في أصحابي كان معي عشرون أوقية ذهبا فأخذت مني فأعطاني الله مكانها عشرين عبدا كل منهم يضرب بمال كثير و أدناهم يضرب بعشرين ألف درهم مكان العشرين أوقية و أعطاني زمزم و ما أحب أن لي بها جميع أموال أهل مكة و أنا أنتظر المغفرة من ربي قال قتادة ذكر لنا أن نبي الله ص لما قدم عليه مال البحرين ثمانون ألفا و قد توضأ لصلاة الظهر فما صلى يومئذ حتى فرقه و أمر العباس أن يأخذ منه و يحثي فأخذ فكان العباس يقول هذا خير مما أخذ منا

مجمع البيان فى تفسير القرآن، ج‏4، ص: 861

و أرجو المغفرة «وَ إِنْ يُرِيدُوا خِيانَتَكَ» معناه و إن يرد الذين أطلقتهم من الأسارى خيانتك بأن يعدوا حربا لك أو ينصروا عدوا عليك‏ «فَقَدْ خانُوا اللَّهَ مِنْ قَبْلُ» بأن خرجوا إلى بدر و قاتلوا مع المشركين و قيل بأن أشركوا بالله و أضافوا إليه ما لا يليق به‏ «فَأَمْكَنَ مِنْهُمْ» أي فأمكنك منهم يوم بدر بأن غلبوا و أسروا و سيمكنك منهم ثانيا أن خانوك‏ «وَ اللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ» معناه عليم بما يقولونه و بما في نفوسهم و بجميع الأشياء حكيم فيما يفعله.

[سورة الأنفال (8): آية 72]

إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ هاجَرُوا وَ جاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَ الَّذِينَ آوَوْا وَ نَصَرُوا أُولئِكَ بَعْضُهُمْ أَوْلِياءُ بَعْضٍ وَ الَّذِينَ آمَنُوا وَ لَمْ يُهاجِرُوا ما لَكُمْ مِنْ وَلايَتِهِمْ مِنْ شَيْ‏ءٍ حَتَّى يُهاجِرُوا وَ إِنِ اسْتَنْصَرُوكُمْ فِي الدِّينِ فَعَلَيْكُمُ النَّصْرُ إِلاَّ عَلى‏ قَوْمٍ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَهُمْ مِيثاقٌ وَ اللَّهُ بِما تَعْمَلُونَ بَصِيرٌ (72)

القراءة

قرأ حمزة ولايتهم بكسر الواو و هو قراءة الأعمش و يحيى بن وثاب و الباقون‏ «وَلايَتِهِمْ» بفتح الواو.

الحجة

قال الزجاج من قرأ بالفتح فلأن الولاية من النصرة و النسب بفتح الواو و الولاية التي بمنزلة الإمارة مكسورة ليفصل بين المعنيين و قد يجوز كسر الواو لأن في تولي بعض القوم بعضا جنسا من الصناعة و العمل و كل ما كان من جنس الصناعة فمكسور نحو الخياطة و الصياغة و قال أبو عبيدة و أبو الحسن من ولايتهم مصدر المولى و أما في السلطان فالولاية بكسر الواو و هي في الأخرى لغة.

اللغة

صفحه بعد