کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

مجمع البيان فى تفسير القرآن

الجزء الأول

(2) سورة البقرة مدنية و آياتها ست و ثمانون و مائتان(286)

نزول فضلها تفسيرها

الجزء الثاني

بقية سورة البقرة

(3) سورة آل عمران مدنية و آياتها مائتان(200)

توضيح فضلها

الجزء الثالث

(4) سورة النساء مدنية و آياتها ست و سبعون و مائة(176)

توضيح عدد آيها خلافها آيتان فضلها تفسيرها

(5) سورة المائدة مدنية و آياتها عشرون و مائة(120)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

الجزء الرابع

(6) سورة الأنعام مكية و آياتها خمس و ستون و مائة(165)

توضيح عدد آيها فضلها تفسيرها

(7) سورة الأعراف مكية و آياتها ست و مائتان(206)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(8) سورة الأنفال مدنية و آياتها خمس و سبعون(75)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

الجزء الخامس

(9) سورة التوبة مدنية و آياتها تسع و عشرون و مائة(129)

توضيح عدد آيها اختلافها أسماؤها عشرة فضلها علة ترك التسمية - في أولها قراءة و كتابة تفسيرها

(10) سورة يونس مكية و آياتها تسع و مائة(109)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(11) سورة هود مكية و آياتها ثلاث و عشرون و مائة(123)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(12) سورة يوسف مكية و آياتها إحدى عشرة و مائة(111)

توضيح عدد آيها فضلها تفسيرها

الجزء السادس

(13) سورة الرعد مدنية و آياتها ثلاث و أربعون(43)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(14) سورة إبراهيم مكية و آياتها ثنتان و خمسون(52)

(16) سورة النحل مكية و آياتها ثمان و عشرون و مائة(128)

توضيح عدد آيها فضلها تفسيرها

(17) سورة الإسراء مكية و آياتها إحدى عشرة و مائة(111)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(18) سورة الكهف مكية و آياتها عشر و مائة(110)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(19) سورة مريم مكية و آياتها ثمان و تسعون(98)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

الجزء السابع

(20) سورة طه مكية و آياتها خمس و ثلاثون و مائة(135)

عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(21) سورة الأنبياء مكية و آياتها اثنتا عشرة و مائة(112)

توضيح اختلافها فضلها تفسيرها

(22) سورة الحج مدنية و آياتها ثمان و سبعون(78)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(23) سورة المؤمنون مكية و آياتها ثماني عشرة و مائة(118)

عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(24) سورة النور مدنية و آياتها أربع و ستون(64)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(26) سورة الشعراء مكية و آياتها سبع و عشرون و مائتان(227)

(28) سورة القصص مكية و آياتها ثمان و ثمانون(88)

عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

الجزء الثامن

(29) سورة العنكبوت مكية و آياتها تسع و ستون(69)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(33) سورة الأحزاب مدنية و آياتها ثلاث و سبعون(73)

توضيح فضلها تفسيرها

(37) سورة الصافات مكية و آياتها ثنتان و ثمانون و مائة(182)

عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(39) سورة الزمر مكية و آياتها خمس و سبعون(75)

(40) سورة غافر مكية و آياتها خمس و ثمانون(85)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

الجزء التاسع

(43) سورة الزخرف مكية و آياتها تسع و ثمانون(89)

الجزء العاشر

مجمع البيان فى تفسير القرآن


صفحه قبل

مجمع البيان فى تفسير القرآن، ج‏6، ص: 450

الله ص لعلي (ع) اكتب بسم الله الرحمن الرحيم فقال سهيل بن عمرو و المشركون ما نعرف الرحمن إلا صاحب اليمامة يعنون مسيلمة الكذاب أكتب باسمك اللهم و هكذا كان أهل الجاهلية يكتبون ثم قال رسول الله ص اكتب هذا ما صالح عليه محمد رسول الله فقال مشركو قريش لئن كنت رسول الله ثم قاتلناك و صددناك لقد ظلمناك و لكن اكتب هذا ما صالح محمد بن عبد الله فقال أصحاب رسول الله ص دعنا نقاتلهم قال لا و لكن اكتبوا كما يريدون فأنزل الله عز و جل‏ «كَذلِكَ أَرْسَلْناكَ فِي أُمَّةٍ» الآية

عن قتادة و مقاتل و ابن جريج و قيل نزلت في كفار قريش حين قال لهم النبي ص اسجدوا للرحمن قالوا و ما الرحمن عن الضحاك عن ابن عباس و نزلت الآية الأخرى في نفر من مشركي مكة منهم أبو جهل بن هشام و عبد الله بن أبي أمية المخزومي جلسوا خلف الكعبة ثم أرسلوا إلى النبي ص فأتاهم فقال له عبد الله بن أمية إن سرك أن نتبعك فسير لنا جبال مكة بالقرآن فأذهبها عنا حتى تنفسخ فإنها أرض ضيقة و اجعل لنا فيها عيونا و أنهارا حتى نغرس و نزرع فلست كما زعمت أهون على ربك من داود (ع) حيث سخر له الجبال تسبح معه أو سخر لنا الريح فنركبها إلى الشام فنقضي عليها مسيرتنا و حوائجنا ثم نرجع من يومنا فقد كان سليمان سخرت له الريح فكما زعمت لنا فلست أهون على ربك من سليمان و أحي لنا جدك قصيا أو من شئت من موتانا لنسأله أ حق ما تقول أم باطل فإن عيسى (ع) كان يحيي الموتى و لست بأهون على الله منه فأنزل الله سبحانه‏ «وَ لَوْ أَنَّ قُرْآناً» الآية.

المعنى‏

لما ذكر سبحانه النعمة على من تقدم ذكره بالثواب و حسن المآب عقبه بذكر النعمة على من أرسل إليه النبي ص فقال‏ «كَذلِكَ أَرْسَلْناكَ» أي كما أنعمنا على المذكورين بالثواب في الجنة أنعمنا على المرسل إليهم بإرسالك و قيل إن معنى التشبيه أنا كما أرسلنا الأنبياء في الأمم قبلك أرسلناك‏ «فِي أُمَّةٍ قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِها أُمَمٌ» أي في جماعة قد مضت من قبلها قرون و جماعات‏ «لِتَتْلُوَا عَلَيْهِمُ الَّذِي أَوْحَيْنا إِلَيْكَ» بين الغرض في إرساله و هو أن يقرأ عليهم القرآن ليتدبروا آياته و يتعظوا بها «وَ هُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمنِ» أي و قريش يكفرون بالرحمن أي و يقولون قد عرفنا الله و لا ندري ما الرحمن كما أخبر عنهم بأنهم قالوا و ما الرحمن أ نسجد لما تأمرنا عن الحسن و قتادة و قيل معناه أنهم يجحدون بالوحدانية «قُلْ» يا محمد «هُوَ رَبِّي» أي الرحمن الذي أنكرتموه ربي أي خالقي و مدبري‏ «لا إِلهَ إِلَّا هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ» أي إليه فوضت أمري متمسكا بطاعته راضيا بحكمه‏ «وَ إِلَيْهِ مَتابِ» أي مرجعي و قيل معناه إلى الرحمن توبتي‏ «وَ لَوْ أَنَّ قُرْآناً سُيِّرَتْ بِهِ الْجِبالُ» أي تجعل به الجبال سائرة فأذهبت من مواضعها و قلعت من أماكنها «أَوْ قُطِّعَتْ بِهِ‏

مجمع البيان فى تفسير القرآن، ج‏6، ص: 451

الْأَرْضُ» أي شققت فجعلت أنهارا و عيونا «أَوْ كُلِّمَ بِهِ الْمَوْتى‏» أي أحيي به الموتى حتى يعيشوا و يتكلموا و حذف جواب لو لأن في الكلام دليلا عليه و التقدير لكان هذا القرآن لعظم محله و علو أمره و جلالة قدره قال الزجاج و الذي أتوهم و قد قاله بعضهم أن المعنى لو أن قرآنا سيرت به الجبال أو قطعت به الأرض أو كلم به الموتى لما آمنوا و دليله قوله‏ «وَ لَوْ أَنَّنا نَزَّلْنا إِلَيْهِمُ الْمَلائِكَةَ» إلى قوله‏ «ما كانُوا لِيُؤْمِنُوا» و حذف جواب لو يكثر في الكلام قال امرؤ القيس:

فلو أنها نفس تموت سوية

و لكنها نفس تساقط أنفسا

و هو آخر القصيدة و قال:

و جدك لو شي‏ء أتانا رسوله‏

سواك و لكن لم نجد لك مدفعا

«بَلْ لِلَّهِ الْأَمْرُ جَمِيعاً» معناه أن جميع ما ذكر من تسيير الجبال و تقطيع الأرض و إحياء الموتى و كل تدبير يجري هذا المجرى لله لأنه لا يملكه سواه و لا يقدر عليه غيره و لكنه لا يفعل لأن فيما أنزل من الآيات مقنعا و كفاية للمنصفين و الأمر ما يصح أن يؤمر به و ينهى عنه و هو عام و أصله الأمر نقيض النهي‏ «أَ فَلَمْ يَيْأَسِ الَّذِينَ آمَنُوا» أي أ فلم يعلموا و يتبينوا عن ابن عباس و الحسن و مجاهد و قتادة و سعيد بن جبير و أبي مسلم و قيل معناه أ فلم يعلم الذين آمنوا علما ييأسوا معه من أن يكون غير ما علموه عن الفراء و قيل معناه أ فلم ييأس الذين آمنوا من إيمان هؤلاء الذين وصفهم الله عز و جل بأنهم لا يؤمنون عن الزجاج قال لأنه قال‏ «أَنْ لَوْ يَشاءُ اللَّهُ لَهَدَى النَّاسَ جَمِيعاً» أي أن الله لو أراد أن يهدي الخلق كلهم إلى جنته لهداهم لكنه كلفهم لينالوا الثواب بطاعاتهم على وجه الاستحقاق و قيل أراد به مشيئة الإلجاء أي لو أراد أن يلجئهم إلى الاهتداء لقدر على ذلك لكنه ينافي التكليف و يبطل الغرض به‏ «وَ لا يَزالُ الَّذِينَ كَفَرُوا تُصِيبُهُمْ بِما صَنَعُوا» من كفرهم و أعمالهم الخبيثة «قارِعَةٌ» أي نازلة و داهية تقرعهم و مصيبة شديدة من الحرب و الجدب و القتل و الأسر عليهم على جهة العقوبة للتنبيه و الزجر و قيل أراد بالقارعة سرايا النبي ص كان يبعثها إليهم و قيل أراد بذلك ما مر ذكره من حديث أربد و عامر «أَوْ تَحُلُّ قَرِيباً مِنْ دارِهِمْ» و قيل إن التاء في تحل للتأنيث و المعنى أو تحل تلك القارعة قريبا من دارهم فتجاورهم حتى يحصل لهم المخافة منه عن الحسن‏

مجمع البيان فى تفسير القرآن، ج‏6، ص: 452

و قتادة و أبي مسلم و الجبائي و قيل إن التاء للخطاب و المعنى أ و تحل أنت يا محمد بنفسك قريبا من دارهم‏ «حَتَّى يَأْتِيَ وَعْدُ اللَّهِ» أي ما وعد الله من فتح مكة عن ابن عباس قال و هذه الآية مدنية و قيل حتى يأتي يوم القيامة عن الحسن‏ «إِنَّ اللَّهَ لا يُخْلِفُ الْمِيعادَ» ظاهر المعنى.

النظم‏

اتصلت الآية الأخيرة بقوله‏ «وَ يَقُولُ الَّذِينَ كَفَرُوا لَوْ لا أُنْزِلَ عَلَيْهِ آيَةٌ مِنْ رَبِّهِ» و التقدير أن مثل هذا القرآن أنزل عليهم و هم يطلبون آيات أخر عن الجبائي و قيل اتصلت بقوله‏ «كَذلِكَ أَرْسَلْناكَ» الآية لأن المفهوم من قوله‏ «لِتَتْلُوَا عَلَيْهِمُ» أنه قرأ عليهم القرآن و أنهم كفروا به.

[سورة الرعد (13): الآيات 32 الى 34]

وَ لَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ فَكَيْفَ كانَ عِقابِ (32) أَ فَمَنْ هُوَ قائِمٌ عَلى‏ كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ وَ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ قُلْ سَمُّوهُمْ أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِما لا يَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ أَمْ بِظاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ وَ صُدُّوا عَنِ السَّبِيلِ وَ مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ (33) لَهُمْ عَذابٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا وَ لَعَذابُ الْآخِرَةِ أَشَقُّ وَ ما لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ واقٍ (34)

القراءة

قرأ أهل الكوفة و يعقوب‏ «وَ صُدُّوا» بضم الصاد و كذلك في حم المؤمن و الباقون و صدوا بفتح الصاد.

الحجة

قال أبو الحسن: صد و صددته مثل رجع و رجعته قال:

صدت كما صد عما لا يحل له‏

ساقي نصارى قبيل الفصح صوام‏

مجمع البيان فى تفسير القرآن، ج‏6، ص: 453

قال عمرو بن كلثوم:

صددت الكأس عنا أم عمرو

و كان الكأس مجراها اليمينا

و حجة من أسند الفعل إلى الفاعل قوله‏ «الَّذِينَ كَفَرُوا وَ صَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ»* و في موضع آخر يَصُدُّونَ عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ‏ و صَدُّوكُمْ عَنِ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ* فلما أسند الفعل إلى الفاعل في هذه الآية فكذلك في هذه الآية أي صدوا الناس عن النبي ص و من بنى الفعل للمفعول به جعل فاعل الصد غواتهم و العتاة منهم في كفرهم و قد يكون على نحو ما يقال صد فلأن عن الخير و صد عنه بمعنى أنه لم يفعل خيرا و لا يراد به أن مانعا منعه.

اللغة

الاستهزاء طلب الهزء و الهزء إظهار خلاف الإضمار للاستصغار و الإملاء التأخير و هو من الملاوة و الملوان الليل و النهار قال ابن مقبل:

ألا يا ديار الحي بالسبعان‏

ألح عليها بالبلى الملوان‏

و قال في التهنئة البس جديدا و تمل حبيبا أي لتطل أيامك معه و الواقي المانع فاعل من الوقاية و هو الحجر بما يدفع الأذى و المكروه.

المعنى‏

ثم عزى سبحانه نبيه ص فقال‏ «وَ لَقَدِ اسْتُهْزِئَ بِرُسُلٍ مِنْ قَبْلِكَ» كما استهزأ هؤلاء بك‏ «فَأَمْلَيْتُ لِلَّذِينَ كَفَرُوا» أي فأمهلتهم و أطلت مدتهم ليتوبوا و لتتم عليهم الحجة «ثُمَّ أَخَذْتُهُمْ» أي أهلكتهم و أنزلت عليهم عذابي‏ «فَكَيْفَ كانَ عِقابِ» أي فكيف حل عقابي بهم و هو إشارة إلى تفخيم ذلك العقاب و تعظيمه ثم عاد سبحانه إلى الحجاج مع الكفار «أَ فَمَنْ هُوَ قائِمٌ عَلى‏ كُلِّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ» معناه أ فمن هو قائم بالتدبير على كل نفس و حافظ كل نفس أعمالها يجازيها و قيل أ فمن هو قائم عليها برزقها و حفظها و الدفع عنها كمن ليس بهذه الصفات من الأصنام التي لا تنفع و لا تضر و يدل على هذا المحذوف قوله‏ «وَ جَعَلُوا لِلَّهِ شُرَكاءَ» يعني أن هؤلاء الكفار جعلوا لله شركاء في العبادة من الأصنام التي لا تقدر على شي‏ء مما ذكرنا «قُلْ» يا محمد «سَمُّوهُمْ» أي سموهم بما يستحقون من الصفات و إضافة الأفعال إليهم إن كانوا شركاء لله كما يوصف الله بالخالق و الرازق و المحيي و المميت و يعود المعنى إلى أن الصنم لو كان إلها لتصور منه أن يخلق الرزق فيحسن حينئذ أن يسمى بالخالق و الرازق و قيل سموهم بالأسماء

مجمع البيان فى تفسير القرآن، ج‏6، ص: 454

التي هي صفاتهم ثم انظروا هل تدل صفاتهم على جواز عبادتهم و اتخاذهم آلهة و قيل معناه أنه ليس لهم اسم له مدخل في استحقاق الإلهية و ذلك استحقار لهم و قيل سموهم ما ذا خلقوا و هل ضروا أو نفعوا و هو مثل قوله‏ «أَرُونِي ما ذا خَلَقُوا مِنَ الْأَرْضِ» عن الحسن‏ «أَمْ تُنَبِّئُونَهُ بِما لا يَعْلَمُ فِي الْأَرْضِ» هذا استفهام منقطع مما قبله أي بل أ تخبرون الله بشريك له في الأرض و هو لا يعلمه على معنى أنه ليس و لو كان لعلم‏ «أَمْ بِظاهِرٍ مِنَ الْقَوْلِ» أي أم تقولون مجازا من القول و باطلا لا حقيقة له عن مجاهد و قتادة و الضحاك و على هذا فالمعنى أنه كلام ظاهر ليس له في الحقيقة باطن و معنى فهو كلام فقط و قيل أم بظاهر كتاب أنزل الله تعالى سميتم الأصنام آلهة فبين أنه ليس هاهنا دليل عقلي و لا سمعي يوجب استحقاق الأصنام الإلهية عن الجبائي ثم بين سبحانه بطلان قولهم فقال‏ «بَلْ زُيِّنَ لِلَّذِينَ كَفَرُوا مَكْرُهُمْ» أي دع ذكر ما كنا فيه زين الشيطان لهم الكفر لأن مكرهم بالرسول كفر منهم عن ابن عباس و قيل بل زين لهم الرؤساء و الغواة كذبهم و زورهم‏ «وَ صُدُّوا عَنِ السَّبِيلِ» أي و صدوا الناس عن الحق أو صدوا بأنفسهم عن الحق و عن دين الله‏ «وَ مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ» سبق معناه في مواضع‏ «لَهُمْ عَذابٌ فِي الْحَياةِ الدُّنْيا» بالقتل و السبي و الأسر و قيل بالمصائب و الأمراض‏ «وَ لَعَذابُ الْآخِرَةِ أَشَقُّ» أي أغلظ و أبلغ في الشدة على النفس لدوامه و خلوصه و كثرته‏ «وَ ما لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ واقٍ» أي ما لهم من دافع يدفع عنهم عذاب الله تعالى.

[سورة الرعد (13): الآيات 35 الى 37]

مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ أُكُلُها دائِمٌ وَ ظِلُّها تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا وَ عُقْبَى الْكافِرِينَ النَّارُ (35) وَ الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَفْرَحُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ وَ مِنَ الْأَحْزابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ قُلْ إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَ لا أُشْرِكَ بِهِ إِلَيْهِ أَدْعُوا وَ إِلَيْهِ مَآبِ (36) وَ كَذلِكَ أَنْزَلْناهُ حُكْماً عَرَبِيًّا وَ لَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ بَعْدَ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ ما لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ وَ لا واقٍ (37)

مجمع البيان فى تفسير القرآن، ج‏6، ص: 455

اللغة

الأنهار جمع نهر و نهر كفرد و أفراد و جمل و أجمال و النهر المجرى الواسع من مجاري الماء على وجه الأرض و أصله الاتساع و منه النهار لاتساع الضياء فيه و أنهرت الدماء وسعت مجراها و قال:

" ملكت بها كفي فأنهرت فتقها "

أي وسعته و الأكل بضم الهمزة المأكول و الأحزاب جمع الحزب و هم الجماعة التي تقوم بالنائبة يقال تحزب القوم إذا صاروا حزبا و حزبهم الأمر يحزبهم أي نالهم بمكروه.

الإعراب‏

«مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي» فيه أقوال (أحدها) أنه بمعنى الشبه و خبره محذوف و تقديره مثل الجنة التي هي كذا أجل مثل (و الثاني) أن تقديره فيما نقص عليكم مثل الجنة أو مثل الجنة فيما نقص عليكم فهو مرفوع أيضا على الابتداء و خبره محذوف و هو قول سيبويه و اختاره أبو علي الفارسي (و الثالث) إن معناه صفة الجنة التي وعد المتقون تجري من تحتها الأنهار فتجري من تحتها الأنهار مع ما بعده خبر المبتدأ الذي هو مثل الجنة قالوا و قوله سبحانه‏ «وَ لِلَّهِ الْمَثَلُ الْأَعْلى‏» معناه الصفة العليا و لم يرتض أبو علي هذا القول.

المعنى‏

لما تقدم ذكر ما أعد الله للكافرين عقبه سبحانه بذكر ما أعده للمؤمنين فقال‏ «مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ» أي شبهها عن مقاتل و قيل صفتها و صورتها عن الحسن قال ابن قتيبة المثل الشبه في أصل اللغة ثم قد يصير بمعنى صورة الشي‏ء و صفته يقال مثلت لك كذا أي صورته و وصفته و قيل إن مثل مقحم و التقدير الجنة التي وعد المتقون‏ «تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ أُكُلُها دائِمٌ» يعني أن ثمارها لا تنقطع كثمار الدنيا و ظلها لا يزول و لا تنسخه الشمس عن الحسن و قيل معناه نعيمها لا ينقطع بموت و لا آفة عن ابن عباس و قيل لذتها في الأفواه باقية عن إبراهيم التيمي‏ «وَ ظِلُّها» أيضا دائم لا يكون مرة شمسا و مرة ظلا كما يكون في الدنيا «تِلْكَ عُقْبَى الَّذِينَ اتَّقَوْا» أي تلك الجنة عاقبة المتقين فالطريق إليها التقوى‏ «وَ عُقْبَى الْكافِرِينَ النَّارُ» أي و عاقبة أمر الكفار النار و لما تقدم ذكر الوعد و الوعيد أخبر سبحانه عن المتقين و الكافرين فقال‏ «وَ الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَفْرَحُونَ بِما أُنْزِلَ إِلَيْكَ» يريد أصحاب النبي ص الذين آمنوا به و صدقوه أعطوا القرآن و فرحوا بإنزاله‏ «وَ مِنَ الْأَحْزابِ مَنْ يُنْكِرُ بَعْضَهُ» يعني اليهود و النصارى و المجوس أنكروا بعض معانيه و ما يخالف أحكامهم عن الحسن و قتادة و مجاهد و قيل الذين آتيناهم الكتاب هم الذين آمنوا من أهل الكتاب كعبد الله بن سلام و أصحابه فرحوا بالقرآن لأنهم يصدقون به و الأحزاب بقية أهل الكتاب و سائر المشركين عن ابن عباس قال لأن عبد الله بن سلام‏

مجمع البيان فى تفسير القرآن، ج‏6، ص: 456

و أصحابه أساءهم قلة ذكر الرحمن في القرآن مع كثرة ذكره في التوراة فأنزل الله‏ «قُلِ ادْعُوا اللَّهَ أَوِ ادْعُوا الرَّحْمنَ» ففرحوا بذلك و كفر المشركون بالرحمن و قالوا ما نعرف الرحمن إلا رحمن اليمامة و يريد بالأحزاب الذين تحزبوا على رسول الله ص بالمعاداة و من ينكر بعضه يعني ذكر الرحمن و هو قوله‏ «وَ هُمْ يَكْفُرُونَ بِالرَّحْمنِ» «قُلْ» يا محمد «إِنَّما أُمِرْتُ أَنْ أَعْبُدَ اللَّهَ وَ لا أُشْرِكَ بِهِ» أي أمرت أن أوجه عبادتي إلى الله و لا أشرك به في عبادته أحدا «إِلَيْهِ أَدْعُوا» يعني إلى الله أو إلى الإقرار بتوحيده و صفاته و توجيه العبادة إليه وحده أدعو «وَ إِلَيْهِ مَآبِ» أي إليه مرجعي و مصيري أي أرجع و أصير إلى حيث لا يملك الضر و النفع إلا هو وحده فإنه لا يملك يوم القيامة الأمر أحدا من عباده كما ملكهم في الدنيا «وَ كَذلِكَ أَنْزَلْناهُ حُكْماً عَرَبِيًّا» أي كما أنزلنا الكتب إلى من تقدم من الأنبياء بلسانهم أنزلنا إليك حكمه عربية أي جارية على مذاهب العرب في كلامهم يعني القرآن فالحكم هاهنا بمعنى الحكمة كما في قوله‏ «وَ آتَيْناهُ الْحُكْمَ صَبِيًّا» و قيل إنما سماه حكما لما فيه من الأحكام في بيان الحلال و الحرام و سماه عربيا لأنه أتى به نبي عربي‏ «وَ لَئِنِ اتَّبَعْتَ أَهْواءَهُمْ» خطاب للنبي ص و المراد به الأمة أي لئن واقفت و طلبت أهواء الذين كفروا و الأهواء جمع الهوى و هو ميل الطباع إلى شي‏ء بالشهوة «بَعْدَ ما جاءَكَ مِنَ الْعِلْمِ» بالله تعالى لأن ما آتيناك من الدلالات و المعجزات موجب للعلم الذي يزول معه الشبهات‏ «ما لَكَ مِنَ اللَّهِ مِنْ وَلِيٍّ» أي ناصر يعينك عليه و يمنعك من عذابه‏ «وَ لا واقٍ» يقيك منه‏ «" مِنْ وَلِيٍّ"» في موضع رفع و من مزيدة.

[سورة الرعد (13): الآيات 38 الى 40]

وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا رُسُلاً مِنْ قَبْلِكَ وَ جَعَلْنا لَهُمْ أَزْواجاً وَ ذُرِّيَّةً وَ ما كانَ لِرَسُولٍ أَنْ يَأْتِيَ بِآيَةٍ إِلاَّ بِإِذْنِ اللَّهِ لِكُلِّ أَجَلٍ كِتابٌ (38) يَمْحُوا اللَّهُ ما يَشاءُ وَ يُثْبِتُ وَ عِنْدَهُ أُمُّ الْكِتابِ (39) وَ إِنْ ما نُرِيَنَّكَ بَعْضَ الَّذِي نَعِدُهُمْ أَوْ نَتَوَفَّيَنَّكَ فَإِنَّما عَلَيْكَ الْبَلاغُ وَ عَلَيْنَا الْحِسابُ (40)

القراءة

صفحه بعد