کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

مجمع البيان فى تفسير القرآن

الجزء الأول

(2) سورة البقرة مدنية و آياتها ست و ثمانون و مائتان(286)

نزول فضلها تفسيرها

الجزء الثاني

بقية سورة البقرة

(3) سورة آل عمران مدنية و آياتها مائتان(200)

توضيح فضلها

الجزء الثالث

(4) سورة النساء مدنية و آياتها ست و سبعون و مائة(176)

توضيح عدد آيها خلافها آيتان فضلها تفسيرها

(5) سورة المائدة مدنية و آياتها عشرون و مائة(120)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

الجزء الرابع

(6) سورة الأنعام مكية و آياتها خمس و ستون و مائة(165)

توضيح عدد آيها فضلها تفسيرها

(7) سورة الأعراف مكية و آياتها ست و مائتان(206)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(8) سورة الأنفال مدنية و آياتها خمس و سبعون(75)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

الجزء الخامس

(9) سورة التوبة مدنية و آياتها تسع و عشرون و مائة(129)

توضيح عدد آيها اختلافها أسماؤها عشرة فضلها علة ترك التسمية - في أولها قراءة و كتابة تفسيرها

(10) سورة يونس مكية و آياتها تسع و مائة(109)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(11) سورة هود مكية و آياتها ثلاث و عشرون و مائة(123)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(12) سورة يوسف مكية و آياتها إحدى عشرة و مائة(111)

توضيح عدد آيها فضلها تفسيرها

الجزء السادس

(13) سورة الرعد مدنية و آياتها ثلاث و أربعون(43)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(14) سورة إبراهيم مكية و آياتها ثنتان و خمسون(52)

(16) سورة النحل مكية و آياتها ثمان و عشرون و مائة(128)

توضيح عدد آيها فضلها تفسيرها

(17) سورة الإسراء مكية و آياتها إحدى عشرة و مائة(111)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(18) سورة الكهف مكية و آياتها عشر و مائة(110)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(19) سورة مريم مكية و آياتها ثمان و تسعون(98)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

الجزء السابع

(20) سورة طه مكية و آياتها خمس و ثلاثون و مائة(135)

عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(21) سورة الأنبياء مكية و آياتها اثنتا عشرة و مائة(112)

توضيح اختلافها فضلها تفسيرها

(22) سورة الحج مدنية و آياتها ثمان و سبعون(78)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(23) سورة المؤمنون مكية و آياتها ثماني عشرة و مائة(118)

عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(24) سورة النور مدنية و آياتها أربع و ستون(64)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(26) سورة الشعراء مكية و آياتها سبع و عشرون و مائتان(227)

(28) سورة القصص مكية و آياتها ثمان و ثمانون(88)

عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

الجزء الثامن

(29) سورة العنكبوت مكية و آياتها تسع و ستون(69)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(33) سورة الأحزاب مدنية و آياتها ثلاث و سبعون(73)

توضيح فضلها تفسيرها

(37) سورة الصافات مكية و آياتها ثنتان و ثمانون و مائة(182)

عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(39) سورة الزمر مكية و آياتها خمس و سبعون(75)

(40) سورة غافر مكية و آياتها خمس و ثمانون(85)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

الجزء التاسع

(43) سورة الزخرف مكية و آياتها تسع و ثمانون(89)

الجزء العاشر

مجمع البيان فى تفسير القرآن


صفحه قبل

مجمع البيان فى تفسير القرآن، ج‏8، ص: 805

يَتَذَكَّرُ» أي و ما يتعظ بهذه الآيات و ليس يتفكر في حقيقتها «إِلَّا مَنْ يُنِيبُ» أي يرجع إليه و قيل إلا من يقبل إلى طاعة الله عن السدي ثم أمر المؤمنين بتوحيده فقال‏ «فَادْعُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ» أي وجهوا عبادتكم إليه تعالى وحده‏ «وَ لَوْ كَرِهَ الْكافِرُونَ» فلا تبالوا بهم ثم وصف سبحانه نفسه فقال‏ «رَفِيعُ الدَّرَجاتِ» الرفيع بمعنى الرافع أي هو رافع درجات الأنبياء و الأولياء في الجنة عن عطا عن ابن عباس و قيل معناه رافع السماوات السبع عن سعيد بن جبير و قيل معناه أنه عالي الصفات‏ «ذُو الْعَرْشِ» أي مالك العرش و خالقه و ربه و قيل ذو الملك و العرش الملك عن أبي مسلم‏ «يُلْقِي الرُّوحَ مِنْ أَمْرِهِ عَلى‏ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ» و قيل الروح هو القرآن و كل كتاب أنزله الله تعالى على نبي من أنبيائه و قيل الروح الوحي هنا لأنه يحيي به القلب أي يلقي الوحي على قلب من يشاء ممن يراه أهلا له يقال ألقيت عليه كذا أي فهمته إياه و قيل إن الروح جبرائيل (ع) يرسله الله تعالى بأمره عن الضحاك و قتادة و قيل إن الروح هاهنا النبوة عن السدي‏ «لِيُنْذِرَ» النبي بما أوحي إليه‏ «يَوْمَ التَّلاقِ» يلتقي في ذلك اليوم أهل السماء و أهل الأرض عن قتادة و السدي و ابن زيد و قيل فيه يلتقي الأولون و الآخرون و الخصم و المخصوم و الظالم و المظلوم عن الجبائي و قيل يلتقي الخلق و الخالق عن ابن عباس يعني أنه يحكم بينهم و قيل يلتقي المرء و عمله و الكل مراد و الله أعلم‏ «يَوْمَ هُمْ بارِزُونَ» من قبورهم و قيل يبرز بعضهم لبعض فلا يخفى على أحد حال غيره لأنه ينكشف ما يكون مستورا «لا يَخْفى‏ عَلَى اللَّهِ مِنْهُمْ شَيْ‏ءٌ» أي من أعمالهم و أحوالهم و يقول الله في ذلك اليوم‏ «لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ» فيقر المؤمنون و الكافرون بأنه‏ «لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ» و قيل إنه سبحانه هو القائل لذلك و هو المجيب لنفسه و يكون في الإخبار بذلك مصلحة للمكلفين قال محمد بن كعب القرظي يقول الله تعالى ذلك بين النفختين حين يفني الخلائق كلها ثم يجيب نفسه لأنه بقي وحدة و الأول أصح لأنه بين أنه يقول ذلك يوم التلاقي يوم يبرز العباد من قبورهم و إنما خص ذلك اليوم بأن له الملك فيه لأنه قد ملك العباد بعض الأمور في الدنيا و لا يملك أحد شيئا ذلك اليوم فإن قيل أ ليس يملك الأنبياء و المؤمنون في الآخرة الملك العظيم فالجواب أن أحدا لا يستحق إطلاق الصفة بالملك إلا الله لأنه يملك جميع الأمور من غير تمليك مملك و قيل إن المراد به يوم القيامة قبل تمليك أهل الجنة ما يملكهم‏ «الْيَوْمَ تُجْزى‏ كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ» يجزي المحسن بإحسانه و المسي‏ء بإساءته و

في الحديث‏ أن الله تعالى يقول أنا الملك أنا الديان لا ينبغي لأحد من أهل الجنة أن يدخل الجنة و لا لأحد من أهل النار أن يدخل النار و عنده مظلمة حتى أقصه منه ثم تلا هذه الآية

«لا ظُلْمَ الْيَوْمَ» أي لا ظلم لأحد على أحد و لا ينقص من ثواب أحد و لا يزاد في عقاب أحد «إِنَّ اللَّهَ سَرِيعُ الْحِسابِ»

مجمع البيان فى تفسير القرآن، ج‏8، ص: 806

لا يشغله محاسبة واحد عن محاسبة غيره.

النظم‏

اتصل قوله‏ «رَبَّنا أَمَتَّنَا اثْنَتَيْنِ» بما تقدم من ذكر إنكار الكفار البعث فعقبه سبحانه بذكر اعترافهم بذلك يوم القيامة و أيضا فإنه سبحانه لما ذكر مقتهم أنفسهم لعظم ما نزل بهم ذكر بعده سؤالهم الرجعة إلى الدنيا و إنما اتصل قوله‏ «فَاعْتَرَفْنا بِذُنُوبِنا» بما تقدم من إقرارهم بصفة الرب سبحانه فكأنهم قالوا اعترفنا بك ربنا فإنك أمتنا و أحييتنا و مع هذا فقد اعترفنا بذنوبنا و اتصل قوله‏ «هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آياتِهِ» بقوله‏ «الْعَلِيِّ الْكَبِيرِ» أي و من هذه صفاته يريكم آياته و اتصل قوله‏ «رَفِيعُ الدَّرَجاتِ» بقوله‏ «هُوَ الَّذِي يُرِيكُمْ آياتِهِ» أي و هو الرفيع الدرجات و قيل إنه لما ذكر حال الفريقين ذكر الدرجات.

[سورة غافر (40): الآيات 18 الى 20]

وَ أَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ كاظِمِينَ ما لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ وَ لا شَفِيعٍ يُطاعُ (18) يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ وَ ما تُخْفِي الصُّدُورُ (19) وَ اللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ وَ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ لا يَقْضُونَ بِشَيْ‏ءٍ إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ (20)

القراءة

قرأ نافع و هشام عن ابن عامر و الذين تدعون بالتاء و الباقون بالياء.

الحجة

من قرأ بالتاء فعلى الخطاب و التقدير قل لهم يا محمد و من قرأ بالياء جعل الإخبار عن الغائب.

اللغة

الآزفة الدانية من قولهم أزف الأمر إذا دنا وقته قال النابغة:

أزف الترحل غير أن ركابنا

لما تزل برحالنا و كان قد

مجمع البيان فى تفسير القرآن، ج‏8، ص: 807

و الحناجر جمع حنجرة و هي الحلقوم و الكاظم الممسك على ما في قلبه يقال كظم غيظه إذا تجرعه و أصل الكظم للبعير على جرته يردها في حلقه.

الإعراب‏

قال الزجاج كاظمين منصوب على الحال و الحال محمولة على المعنى لأن القلوب لا يقال لها كاظمون و إنما الكاظمون أصحاب القلوب و المعنى إذ قلوب الناس لدى الحناجر في حال كظمهم و هو حال من الضمير في لدى و معناه متوقفين عن كل شي‏ء إلا عما دفعت إليه من فكرها فيه و نسبة الكظم إلى القلب كنسبة الكتابة إلى الأيدي في قوله‏ كَتَبَتْ أَيْدِيهِمْ‏ و إنما ذلك للجملة. يطاع جملة في موضع جر بكونها صفة شفيع أي و لا من شفيع يطاع.

المعنى‏

ثم أمر سبحانه نبيه ص أن يخوف المكلفين يوم القيامة فقال‏ «وَ أَنْذِرْهُمْ يَوْمَ الْآزِفَةِ» أي الدانية و هو يوم القيامة لأن كل ما هو آت دان قريب و قيل يوم دنو المجازاة «إِذِ الْقُلُوبُ لَدَى الْحَناجِرِ» و ذلك أنها تزول عن مواضعها من الخوف حتى تصير إلى الحنجرة و مثله قوله‏ وَ بَلَغَتِ الْقُلُوبُ الْحَناجِرَ «كاظِمِينَ» أي مغمومين مكروبين ممتلئين عما قد أطبقوا أفواههم على قلوبهم من شدة الخوف‏ «ما لِلظَّالِمِينَ مِنْ حَمِيمٍ» يريد ما للمشركين و المنافقين من قريب ينفعهم‏ «وَ لا شَفِيعٍ يُطاعُ» فيهم فتقبل شفاعته عن ابن عباس و مقاتل‏ «يَعْلَمُ خائِنَةَ الْأَعْيُنِ» أي خيانتها و هي مسارقة النظر إلى ما لا يحل النظر إليه عن مجاهد و قتادة و الخائنة مصدر مثل الخيانة كما أن الكاذبة و اللاغية بمعنى الكذب و اللغو و قيل إن تقديره يعلم الأعين الخائنة عن مؤرج و قيل هو الرمز بالعين عن السدي و قيل هو قول الإنسان ما رأيت و قد رأى و رأيت و ما رأى عن الضحاك‏ «وَ ما تُخْفِي الصُّدُورُ» و يعلم ما تضمره الصدور و

في الخبر أن النظرة الأولى لك و الثانية عليك‏

فعلى هذا تكون الثانية محرمة فهي المراد بخائنة الأعين‏ «وَ اللَّهُ يَقْضِي بِالْحَقِّ» أي يفصل بين الخلائق بالحق فيوصل كل ذي حق إلى حقه‏ «وَ الَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِهِ» من الأصنام‏ «لا يَقْضُونَ بِشَيْ‏ءٍ» لأنها جماد «إِنَّ اللَّهَ هُوَ السَّمِيعُ الْبَصِيرُ» أي الذي يجب أن يسمع المسموعات و يبصر المبصرات إذا وجدتا و هاتان الصفتان في الحقيقة ترجعان إلى كونه حيا لا آفة به و قال قوم معناهما العالم بالمسموعات و العالم بالمبصرات و الأول هو الصحيح.

[سورة غافر (40): الآيات 21 الى 25]

أَ وَ لَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ كانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ كانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً وَ آثاراً فِي الْأَرْضِ فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ وَ ما كانَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ واقٍ (21) ذلِكَ بِأَنَّهُمْ كانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ فَكَفَرُوا فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ إِنَّهُ قَوِيٌّ شَدِيدُ الْعِقابِ (22) وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى‏ بِآياتِنا وَ سُلْطانٍ مُبِينٍ (23) إِلى‏ فِرْعَوْنَ وَ هامانَ وَ قارُونَ فَقالُوا ساحِرٌ كَذَّابٌ (24) فَلَمَّا جاءَهُمْ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِنا قالُوا اقْتُلُوا أَبْناءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وَ اسْتَحْيُوا نِساءَهُمْ وَ ما كَيْدُ الْكافِرِينَ إِلاَّ فِي ضَلالٍ (25)

مجمع البيان فى تفسير القرآن، ج‏8، ص: 808

القراءة

قرأ ابن عامر أشد منكم بالكاف و الميم و الباقون‏ «مِنْهُمْ» بالهاء و الميم.

الحجة

قال أبو علي من قال منهم فأتى بلفظ الغيبة فلأن ما قبله‏ «أَ وَ لَمْ يَسِيرُوا» «فَيَنْظُرُوا» و من قال منكم فلانصرافه من الغيبة إلى الخطاب كقوله‏ إِيَّاكَ نَعْبُدُ بعد قوله‏ الْحَمْدُ لِلَّهِ‏ .

المعنى‏

ثم نبههم سبحانه على النظر بقوله‏ «أَ وَ لَمْ يَسِيرُوا فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرُوا كَيْفَ كانَ عاقِبَةُ الَّذِينَ كانُوا مِنْ قَبْلِهِمْ» من المكذبين من الأمم لرسلهم‏ «كانُوا هُمْ أَشَدَّ مِنْهُمْ قُوَّةً» في أنفسهم‏ «وَ آثاراً فِي الْأَرْضِ» أي و أكثر عمارة للأبنية العجيبة و قيل و أبعد ذهابا في الأرض لطلب الدنيا «فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ بِذُنُوبِهِمْ» أي أهلكهم الله بسبب ذنوبهم‏ «وَ ما كانَ لَهُمْ مِنَ اللَّهِ مِنْ واقٍ» أي دافع يدفع عنهم عذابه و يمنع من نزوله بهم‏ «ذلِكَ» لعذاب الذي نزل بهم‏ «بِأَنَّهُمْ كانَتْ تَأْتِيهِمْ رُسُلُهُمْ بِالْبَيِّناتِ» أي بالمعجزات الباهرات و الدلالات الظاهرات‏ «فَكَفَرُوا» بها «فَأَخَذَهُمُ اللَّهُ» أي أهلكهم عقوبة على كفرهم‏ «إِنَّهُ قَوِيٌّ» قادر على الانتقام منهم‏ «شَدِيدُ الْعِقابِ» أي شديد عقابه ثم ذكر قصة موسى و فرعون ليعتبروا بها فقال‏ «وَ لَقَدْ أَرْسَلْنا مُوسى‏ بِآياتِنا» أي بعثناه بحججنا و دلالاتنا «وَ سُلْطانٍ مُبِينٍ» أي حجة ظاهرة نحو قلب العصا حية و فلق البحر «إِلى‏ فِرْعَوْنَ وَ هامانَ وَ قارُونَ» كان موسى رسولا إلى كافتهم إلا أنه خص فرعون لأنه كان رئيسهم و كان هامان وزيره و قارون صاحب كنوزه و الباقون تبع لهم‏

مجمع البيان فى تفسير القرآن، ج‏8، ص: 809

و إنما عطف و بالسلطان على الآيات لاختلاف اللفظين تأكيدا و قيل المراد بالآيات حجج التوحيد و العدل و بالسلطان المعجزات الدالة على نبوته‏ «فَقالُوا ساحِرٌ» أي مموه‏ «كَذَّابٌ» فيما يدعو إليه‏ «فَلَمَّا جاءَهُمْ بِالْحَقِّ مِنْ عِنْدِنا» أي فلما أتاهم موسى بالتوحيد و الدلالات عليه من عندنا و قيل المراد بالدين الحق‏ «قالُوا اقْتُلُوا أَبْناءَ الَّذِينَ آمَنُوا مَعَهُ وَ اسْتَحْيُوا نِساءَهُمْ» أي أمروا بقتل الذكور من قوم موسى لئلا يكثر قومه و لا يتقوى بهم و باستبقاء نسائهم للخدمة و هذا القتل غير القتل الأول لأنه أمر بالقتل الأول لئلا ينشأ منهم من يزول ملكه على يده ثم ترك ذلك فلما ظهر موسى عاد إلى تلك العادة فمنعهم الله عنه بإرسال الدم و الضفادع و الطوفان و الجراد كما مضى ذكر ذلك ثم أخبر سبحانه أن ما فعله من قتل الرجال و استحياء النساء لم ينفعه بقوله‏ «وَ ما كَيْدُ الْكافِرِينَ إِلَّا فِي ضَلالٍ» أي في ذهاب عن الحق لا ينتفعون به.

[سورة غافر (40): الآيات 26 الى 30]

وَ قالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسى‏ وَ لْيَدْعُ رَبَّهُ إِنِّي أَخافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسادَ (26) وَ قالَ مُوسى‏ إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَ رَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسابِ (27) وَ قالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ أَ تَقْتُلُونَ رَجُلاً أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ وَ قَدْ جاءَكُمْ بِالْبَيِّناتِ مِنْ رَبِّكُمْ وَ إِنْ يَكُ كاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ وَ إِنْ يَكُ صادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي مَنْ هُوَ مُسْرِفٌ كَذَّابٌ (28) يا قَوْمِ لَكُمُ الْمُلْكُ الْيَوْمَ ظاهِرِينَ فِي الْأَرْضِ فَمَنْ يَنْصُرُنا مِنْ بَأْسِ اللَّهِ إِنْ جاءَنا قالَ فِرْعَوْنُ ما أُرِيكُمْ إِلاَّ ما أَرى‏ وَ ما أَهْدِيكُمْ إِلاَّ سَبِيلَ الرَّشادِ (29) وَ قالَ الَّذِي آمَنَ يا قَوْمِ إِنِّي أَخافُ عَلَيْكُمْ مِثْلَ يَوْمِ الْأَحْزابِ (30)

مجمع البيان فى تفسير القرآن، ج‏8، ص: 810

القراءة

قرأ أهل المدينة و أبو عمرو و أن يظهر بغير ألف قبل الواو و «يُظْهِرَ» بضم الياء و كسر الهاء «الْفَسادَ» بالنصب و قرأ ابن كثير و ابن عامر و أن يظهر بفتح الياء الفساد بالرفع و قرأ حفص و يعقوب‏ «أَوْ أَنْ يُظْهِرَ» بضم الياء «الْفَسادَ» بالنصب و الباقون أو أن يظهر بفتح الياء الفساد بالرفع و قرأ أهل الكوفة غير عاصم و أبو عمرو و إسماعيل عن نافع و أبو جعفر «عُذْتُ» هنا و في الدخان بإدغام الذال في التاء و كذلك قوله‏ فَنَبَذْتُها حيث كان و الباقون بالإظهار حيث كان.

الحجة

قال أبو علي من قرأ أو أن يظهر فالمعنى إني أخاف هذا الضرب منه كما تقول كل خبزا أو تمرا أي هذا الضرب و من قرأ و أن يظهر فالمعنى إني أخاف هذين الأمرين منه و من قرأ «يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسادَ» فأسند الفعل إلى موسى فلأنه أشبه بما تقدم من قوله‏ «يُبَدِّلَ دِينَكُمْ» و من قرأ و أن يظهر فالمعنى و أن يظهر الفساد في الأرض بمكانه أو أراد أنه إذا بدل الدين ظهر الفساد بالتبديل فأما الإدغام في‏ «عُذْتُ» فحسن لتقارب الحرفين و الإظهار حسن لأن الذال ليست من حيز التاء و إنما الذال و الظاء و الثاء من حيز و الدال و التاء و الطاء من حيز إلا أنها كلها من طرف اللسان و أصول الثنايا فلذلك صارت متقاربة.

المعنى‏

«وَ قالَ فِرْعَوْنُ ذَرُونِي أَقْتُلْ مُوسى‏» أي قال لقومه اتركوني أقتله و في هذا دلالة على أنه كان في خاصة فرعون قوم يشيرون عليه بأن لا يقتل موسى و يخوفونه بأن يدعو ربه فيهلك فلذلك قال‏ «وَ لْيَدْعُ رَبَّهُ» أي كما يقولون و قيل إنهم قالوا له هو ساحر فإن قتلته قبل ظهور الحجة قويت الشبهة بمكانه بل أرجه و أخاه و ابعث في المدائن حاشرين و قوله‏ «وَ لْيَدْعُ رَبَّهُ» معناه و قولوا له ليدع ربه و ليستعن به في دفع القتل عنه فإنه لا يجي‏ء من دعائه شي‏ء قاله تجبرا و عتوا و جرأة على الله‏ «إِنِّي أَخافُ أَنْ يُبَدِّلَ دِينَكُمْ» إن لم أقتله و هو ما تعتقدونه من إلهيتي‏ «أَوْ أَنْ يُظْهِرَ فِي الْأَرْضِ الْفَسادَ» بأن يتبعه قوم و يحتاج إلى أن نقاتله فيخرب فيما بين ذلك البلاد و يظهر الفساد و قيل إن الفساد عند فرعون أن يعمل بطاعة الله عن قتادة فلما قال فرعون هذا استعاذ موسى بربه و ذلك قوله‏ «وَ قالَ مُوسى‏ إِنِّي عُذْتُ بِرَبِّي وَ رَبِّكُمْ مِنْ كُلِّ مُتَكَبِّرٍ لا يُؤْمِنُ بِيَوْمِ الْحِسابِ» أي إني اعتصمت بربي الذي خلقني و ربكم الذي خلقكم من شر كل متكبر على الله متجبر عن الانقياد له لا يصدق بيوم المجازاة ليدفع شره عني و لما قصد فرعون قتل موسى وعظهم المؤمن من آله و هو قوله‏ «وَ قالَ رَجُلٌ مُؤْمِنٌ مِنْ آلِ فِرْعَوْنَ يَكْتُمُ إِيمانَهُ» في صدره على وجه التقية

قال أبو عبد الله (ع) التقية من ديني و دين آبائي و لا دين لمن لا تقية له و التقية ترس الله في الأرض لأن مؤمن آل فرعون لو أظهر الإسلام لقتل‏

قال ابن عباس لم يكن من آل فرعون مؤمن غيره و غير امرأة فرعون و غير المؤمن الذي أنذر موسى فقال‏ إِنَّ الْمَلَأَ

مجمع البيان فى تفسير القرآن، ج‏8، ص: 811

يَأْتَمِرُونَ بِكَ لِيَقْتُلُوكَ‏ قال السدي و مقاتل كان ابن عم فرعون و كان آمن بموسى و هو الذي جاء من أقصى المدينة يسعى و قيل إنه كان ولي عهده من بعده و كان اسمه حبيب و قيل اسمه حزبيل‏ «أَ تَقْتُلُونَ رَجُلًا أَنْ يَقُولَ رَبِّيَ اللَّهُ» و هو استفهام إنكار و لو قال أ تقتلون رجلا قائلا ربي الله لم يدل على أن القتل من أجل الإيمان لأن يقول يكون صفة لرجل نحو يقتلون رجلا قائلا ربي الله فموضع أن يقول نصب على أنه مفعول له‏ «وَ قَدْ جاءَكُمْ بِالْبَيِّناتِ مِنْ رَبِّكُمْ» أي بما يدل على صدقه من المعجزات مثل العصا و اليد و غيرهما «وَ إِنْ يَكُ كاذِباً فَعَلَيْهِ كَذِبُهُ» إنما قال هذا وجه التلطف كقوله‏ وَ إِنَّا أَوْ إِيَّاكُمْ لَعَلى‏ هُدىً أَوْ فِي ضَلالٍ مُبِينٍ‏ و معناه إن يك كاذبا فعلى نفسه وبال كذبه‏ «وَ إِنْ يَكُ صادِقاً يُصِبْكُمْ بَعْضُ الَّذِي يَعِدُكُمْ» قيل إن موسى كان يعدهم بالنجاة إن آمنوا و بالهلاك إن كفروا و قال يصبكم بعض الذي يعدكم لأنهم إذا كانوا على إحدى الحالين نالهم أحد الأمرين فذلك بعض الأمر لا كله و قيل إنما قال بعض الذي يعدكم لأنه توعدهم أمرا مختلفة منها الهلاك في الدنيا و العذاب في الآخرة فيكون هلاكهم في الدنيا بعض ما توعدهم به و قيل استعمل البعض في موضع الكل تلطفا في الخطاب و توسعا في الكلام كما قال الشاعر:

قد يدرك المتأني بعض حاجته‏

و قد يكون من المستعجل الزلل‏

صفحه بعد