کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

مجمع البيان فى تفسير القرآن

الجزء الأول

(2) سورة البقرة مدنية و آياتها ست و ثمانون و مائتان(286)

نزول فضلها تفسيرها

الجزء الثاني

بقية سورة البقرة

(3) سورة آل عمران مدنية و آياتها مائتان(200)

توضيح فضلها

الجزء الثالث

(4) سورة النساء مدنية و آياتها ست و سبعون و مائة(176)

توضيح عدد آيها خلافها آيتان فضلها تفسيرها

(5) سورة المائدة مدنية و آياتها عشرون و مائة(120)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

الجزء الرابع

(6) سورة الأنعام مكية و آياتها خمس و ستون و مائة(165)

توضيح عدد آيها فضلها تفسيرها

(7) سورة الأعراف مكية و آياتها ست و مائتان(206)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(8) سورة الأنفال مدنية و آياتها خمس و سبعون(75)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

الجزء الخامس

(9) سورة التوبة مدنية و آياتها تسع و عشرون و مائة(129)

توضيح عدد آيها اختلافها أسماؤها عشرة فضلها علة ترك التسمية - في أولها قراءة و كتابة تفسيرها

(10) سورة يونس مكية و آياتها تسع و مائة(109)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(11) سورة هود مكية و آياتها ثلاث و عشرون و مائة(123)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(12) سورة يوسف مكية و آياتها إحدى عشرة و مائة(111)

توضيح عدد آيها فضلها تفسيرها

الجزء السادس

(13) سورة الرعد مدنية و آياتها ثلاث و أربعون(43)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(14) سورة إبراهيم مكية و آياتها ثنتان و خمسون(52)

(16) سورة النحل مكية و آياتها ثمان و عشرون و مائة(128)

توضيح عدد آيها فضلها تفسيرها

(17) سورة الإسراء مكية و آياتها إحدى عشرة و مائة(111)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(18) سورة الكهف مكية و آياتها عشر و مائة(110)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(19) سورة مريم مكية و آياتها ثمان و تسعون(98)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

الجزء السابع

(20) سورة طه مكية و آياتها خمس و ثلاثون و مائة(135)

عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(21) سورة الأنبياء مكية و آياتها اثنتا عشرة و مائة(112)

توضيح اختلافها فضلها تفسيرها

(22) سورة الحج مدنية و آياتها ثمان و سبعون(78)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(23) سورة المؤمنون مكية و آياتها ثماني عشرة و مائة(118)

عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(24) سورة النور مدنية و آياتها أربع و ستون(64)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(26) سورة الشعراء مكية و آياتها سبع و عشرون و مائتان(227)

(28) سورة القصص مكية و آياتها ثمان و ثمانون(88)

عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

الجزء الثامن

(29) سورة العنكبوت مكية و آياتها تسع و ستون(69)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(33) سورة الأحزاب مدنية و آياتها ثلاث و سبعون(73)

توضيح فضلها تفسيرها

(37) سورة الصافات مكية و آياتها ثنتان و ثمانون و مائة(182)

عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(39) سورة الزمر مكية و آياتها خمس و سبعون(75)

(40) سورة غافر مكية و آياتها خمس و ثمانون(85)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

الجزء التاسع

(43) سورة الزخرف مكية و آياتها تسع و ثمانون(89)

الجزء العاشر

مجمع البيان فى تفسير القرآن


صفحه قبل

مجمع البيان فى تفسير القرآن، ج‏9، ص: 151

أي ربة المنزل و المثل و المثل بمعنى مثل الشبه و الشبه و البدل و البدل و الأمعاء جمع معي و

في الحديث‏ المؤمن يأكل في معي واحد و الكافر يأكل في سبعة أمعاء

و فيه وجوه من التأويل (أحدها) أنه قال علي (ع) في رجل معين (و الثاني) أن المعنى يأكل المؤمن فيسمي الله تعالى فيبارك في أكله (و الثالث) أن المؤمن يضيق عليه في الدنيا و الكافر يصيب منها (و الرابع) أنه مثل لزهد المؤمن في الدنيا و حرص الكافر عليها و هذا أحسن الوجوه.

الإعراب‏

قال الزجاج‏ «مَثَلُ الْجَنَّةِ» مبتدأ و خبره محذوف تقديره مثل الجنة التي وعد المتقون مما قد عرفتموه من الدنيا جنة فيها أنهار إلى آخره و قوله‏ «كَمَنْ هُوَ خالِدٌ فِي النَّارِ» تقديره أ فمن كان على بينة من ربه و أعطي هذه الأشياء كمن زين له سوء عمله و هو خالد في النار.

المعنى‏

ثم قال سبحانه‏ «ذلِكَ» أي الذي فعلناه في الفريقين‏ «بِأَنَّ اللَّهَ مَوْلَى الَّذِينَ آمَنُوا» يتولى نصرهم و حفظهم و يدفع عنهم‏ «وَ أَنَّ الْكافِرِينَ لا مَوْلى‏ لَهُمْ» ينصرهم و لا أحد يدفع عنهم لا عاجلا و لا آجلا ثم ذكر سبحانه حال الفريقين فقال‏ «إِنَّ اللَّهَ يُدْخِلُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ جَنَّاتٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ» أي من تحت أشجارها و أبنيتها «وَ الَّذِينَ كَفَرُوا يَتَمَتَّعُونَ وَ يَأْكُلُونَ كَما تَأْكُلُ الْأَنْعامُ» أي سيرتهم سيرة الأنعام آثروا لذات الدنيا و شهواتها و أعرضوا عن العبر يأكلون للشبع و يتمتعون لقضاء الوطر «وَ النَّارُ مَثْوىً لَهُمْ» أي موضع مقامهم يقيمون فيها ثم خوفهم و هددهم سبحانه فقال‏ «وَ كَأَيِّنْ مِنْ قَرْيَةٍ هِيَ أَشَدُّ قُوَّةً مِنْ قَرْيَتِكَ» يا محمد يعني مكة «الَّتِي أَخْرَجَتْكَ» أي أخرجك أهلها و المعنى كم من رجال هم أشد من أهل مكة و لهذا قال‏ «أَهْلَكْناهُمْ» فكنى عن الرجال عن ابن عباس‏ «فَلا ناصِرَ لَهُمْ» يدفع عنهم إهلاكنا إياهم و المعنى فمن الذي يؤمن هؤلاء أن أفعل بهم مثل ذلك ثم قال سبحانه على وجه التهجين و التوبيخ للكفار و المنافقين‏ «أَ فَمَنْ كانَ عَلى‏ بَيِّنَةٍ مِنْ رَبِّهِ» أي على يقين من دينه و على حجة واضحة من اعتقاده في التوحيد و الشرائع‏ «كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ» زين له الشيطان المعاصي و أغواه‏

«وَ اتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ» أي شهواتهم و ما تدعوهم إليه طباعهم و هو وصف لمن زين له سوء عمله و هم المشركون و قيل هم المنافقون‏ عن ابن زيد و هو المروي عن أبي جعفر (ع)

ثم وصف الجنات التي وعدها المؤمنين بقوله‏ «مَثَلُ الْجَنَّةِ الَّتِي وُعِدَ الْمُتَّقُونَ» تقدم تفسيره في سورة الرعد «فِيها أَنْهارٌ مِنْ ماءٍ غَيْرِ آسِنٍ» أي غير متغير لطول المقام كما تتغير مياه الدنيا

مجمع البيان فى تفسير القرآن، ج‏9، ص: 152

«وَ أَنْهارٌ مِنْ لَبَنٍ لَمْ يَتَغَيَّرْ طَعْمُهُ» فهو غير حامض و لا قارص و لا يعتريه شي‏ء من العوارض التي تصيب الألبان في الدنيا «وَ أَنْهارٌ مِنْ خَمْرٍ لَذَّةٍ لِلشَّارِبِينَ» أي لذيذة يلتذون بشربها و لا يتأذون بها و لا بعاقبتها بخلاف خمر الدنيا التي لا تخلو من المزازة و السكر و الصداع‏ «وَ أَنْهارٌ مِنْ عَسَلٍ مُصَفًّى» أي خالص من الشمع و الرغوة و القذى و من جميع الأذى و العيوب التي تكون لعسل الدنيا «وَ لَهُمْ فِيها مِنْ كُلِّ الثَّمَراتِ» أي مما يعرفون اسمها و مما لا يعرفون اسمها مبرأة من كل مكروه يكون لثمرات الدنيا «وَ مَغْفِرَةٌ مِنْ رَبِّهِمْ» أي و لهم مع هذا مغفرة من ربهم و هو أنه يستر ذنوبهم و ينسيهم سيئاتهم حتى لا يتنغص عليهم نعيم الجنة «كَمَنْ هُوَ خالِدٌ فِي النَّارِ» أي من كان في هذه النعيم كمن هو خالد في النار «وَ سُقُوا ماءً حَمِيماً» شديد الحر «فَقَطَّعَ أَمْعاءَهُمْ» إذا دخل أجوافهم و قيل أن قوله‏ «كَمَنْ هُوَ خالِدٌ فِي النَّارِ» معطوف على قوله‏ «كَمَنْ زُيِّنَ لَهُ سُوءُ عَمَلِهِ» أي كمن زين له سوء عمله و من هو خالد في النار فحذف الواو كما يقال قصدني فلان شتمني ظلمني.

مجمع البيان فى تفسير القرآن، ج‏9، ص: 153

[سورة محمد (47): الآيات 16 الى 20]

وَ مِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ حَتَّى إِذا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ ما ذا قالَ آنِفاً أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلى‏ قُلُوبِهِمْ وَ اتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ (16) وَ الَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً وَ آتاهُمْ تَقْواهُمْ (17) فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلاَّ السَّاعَةَ أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها فَأَنَّى لَهُمْ إِذا جاءَتْهُمْ ذِكْراهُمْ (18) فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلاَّ اللَّهُ وَ اسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ وَ لِلْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ وَ اللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَ مَثْواكُمْ (19) وَ يَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْ لا نُزِّلَتْ سُورَةٌ فَإِذا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ وَ ذُكِرَ فِيهَا الْقِتالُ رَأَيْتَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ فَأَوْلى‏ لَهُمْ (20)

القراءة

روي في بعض الروايات عن ابن كثير آنفا بالقصر و القراءة المشهورة «آنِفاً» بالمد.

الحجة

قال أبو علي أنشد أبو زيد:

وجدنا آل مرة حين خفنا

جريرتنا هم الأنف الكراما

و يسرح جارهم من حيث يمسي‏

كان عليه مؤتنفا حراما

أي كان عليه حرمة شهر مؤتنف حرام فحذف و الأنف الذين يأنفون من احتمال الضيم قال أبو علي فإذا كان كذلك فقد جمع فعل على فعل لأن واحد أنف أنف بدلالة قول الشاعر:

و حمال المئين إذا ألمت‏

بنا الحدثان و الأنف النصور

و ليس الأنف و الأنف في البيتين مما في الآية في شي‏ء لأن ما في الشعر من الآنفة و ما في الآية من الابتداء و لم يسمع أنف في معنى ابتداء و يجوز أن يكون توهمه ابن كثير مثل حاذر و حذر و فاكه و فكه و الوجه المد و الآنف الجائي من الائتناف و هو الابتداء فقوله‏ «آنِفاً» أي في أول وقت يقرب منا.

اللغة

الأهواء جمع الهوى و هو شهوة النفس يقال هوى يهوي هوى فهو هو و استهواه هذا الأمر أي دعاه إلى الهوى و الأشراط العلامات و أشرط فلان نفسه للأمر إذا أعلمها بعلامة قال أوس بن حجر:

فأشرط فيها نفسه و هو معصم‏

و ألقى بأسباب له و توكلا

و واحد الأشراط شرط و الشرط بالتحريك العلامة و أشراط الساعة علاماتها و الشرط

مجمع البيان فى تفسير القرآن، ج‏9، ص: 154

أيضا رذال المال قال جرير:

ترى شرط المعزى مهور نسائهم‏

و في شرط المعزى لهن مهور

و أصحاب الشرط سموا بذلك للبسهم لباسا يكون علامة لهم و الشرط في البيع علامة بين المتبايعين.

المعنى‏

ثم بين سبحانه حال المنافقين فقال: «وَ مِنْهُمْ مَنْ يَسْتَمِعُ إِلَيْكَ» أي و من الكافرين الذين تقدم ذكرهم من يستمع إلى قراءتك و دعوتك و كلامك لأن المنافق كافر «حَتَّى إِذا خَرَجُوا مِنْ عِنْدِكَ قالُوا لِلَّذِينَ أُوتُوا الْعِلْمَ» يعني الذين آتاهم الله العلم و الفهم من المؤمنين قال ابن عباس أنا ممن أوتوا العلم بالقرآن و

عن الأصبغ بن نباتة عن علي (ع) قال‏ أنا كنا عند رسول الله ص فيخبرنا بالوحي فأعيه أنا و من يعيه فإذا خرجنا قالوا «ما ذا قالَ آنِفاً»

و قولهم‏ «ما ذا قالَ آنِفاً» أي أي شي‏ء قال الساعة و إنما قالوه استهزاء أو إظهار أنا لم نشتغل أيضا بوعيه و فهمه و قيل إنما قالوا ذلك لأنهم لم يفهموا معناه و لم يعلموا ما سمعوه و قيل بل قالوا ذلك تحقيرا لقوله أي لم يقل شيئا فيه فائدة و يحتمل أيضا أن يكونوا سألوا رياء و نفاقا أي لم يذهب عني من قوله إلا هذا فما ذا قال أعده علي لأحفظه و إنما قال يستمع إليك ثم قال خرجوا من عندك لأن في الأول رد الضمير إلى لفظة من و في الثاني إلى معناه فإنه موحد اللفظ مجموع المعنى ثم قال‏ «أُولئِكَ الَّذِينَ طَبَعَ اللَّهُ عَلى‏ قُلُوبِهِمْ» أي وسم قلوبهم بسمة الكفار أو خلى بينهم و بين اختيارهم‏ «وَ اتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ» أي شهوات نفوسهم و ما مالت إليه طباعهم دون ما قامت عليه الحجة ثم وصف سبحانه المؤمنين فقال‏ «وَ الَّذِينَ اهْتَدَوْا» بما سمعوا من النبي ص‏ «زادَهُمْ» الله أو قراءة القرآن أو النبي ص‏ «هُدىً» و قيل زادهم استهزاء المنافقين إيمانا و علما و بصيرة و تصديقا لنبيهم ص‏ «وَ آتاهُمْ تَقْواهُمْ» أي وفقهم للتقوى و قيل معناه و آتاهم ثواب تقواهم عن سعيد بن جبير و أبي علي الجبائي و قيل بين لهم ما يتقون و هو ترك الرخص و الأخذ بالعزائم‏ «فَهَلْ يَنْظُرُونَ إِلَّا السَّاعَةَ» أي فليس ينتظرون إلا القيامة «أَنْ تَأْتِيَهُمْ بَغْتَةً» أي فجأة فقوله‏ «أَنْ تَأْتِيَهُمْ» بدل من الساعة و تقديره إلا الساعة إتيانها بغتة و المعنى إلا إتيان الساعة إياهم بغتة «فَقَدْ جاءَ أَشْراطُها» أي علاماتها قال ابن عباس معالمها و النبي من أشراطها و لقد قال بعثت أنا و الساعة كهاتين و قيل هي إعلامها من انشقاق القمر و الدخان و خروج النبي ص و نزول آخر الكتب عن مقاتل‏ «فَأَنَّى‏

مجمع البيان فى تفسير القرآن، ج‏9، ص: 155

لَهُمْ إِذا جاءَتْهُمْ ذِكْراهُمْ» أي فمن أين لهم الذكر و الاتعاظ و التوبة إذا جاءتهم الساعة و موضع ذكراهم رفع مثله في قوله‏ «يَوْمَئِذٍ يَتَذَكَّرُ الْإِنْسانُ وَ أَنَّى لَهُ الذِّكْرى‏» أي ليس تنفعه الذكرى و الذكرى ما أمر الله سبحانه أن يتذكروا به و معناه و كيف لهم بالنجاة إذا جاءتهم الساعة فإنه لا ينفعهم في ذلك الوقت الإيمان و الطاعات لزوال التكليف عنهم ثم قال لنبيه ص و المراد به جميع المكلفين‏ «فَاعْلَمْ أَنَّهُ لا إِلهَ إِلَّا اللَّهُ» قال الزجاج يجوز أن يكون المعنى أقم على هذا العلم و اثبت عليه و أعلم في مستقبل عمرك ما تعلمه الآن و يدل عليه ما

روي عن النبي ص أنه قال‏ من مات و هو يعلم أنه لا إله إلا الله دخل الجنة أورده مسلم في الصحيح‏

و قيل أنه يتعلق بما قبله على معنى إذا جاءتهم الساعة فاعلم أنه لا إله إلا الله أي يبطل الملك عند ذلك فلا ملك و لا حكم لأحد إلا الله و قيل إن هذا إخبار بموته ص و المراد فاعلم أن الحي الذي لا يموت هو الله وحده و قيل أنه كان ضيق الصدر من أذى قومه فقيل له فاعلم أنه لا كاشف لذلك إلا الله‏ «وَ اسْتَغْفِرْ لِذَنْبِكَ» الخطاب له و المراد به الأمة و إنما خوطب بذلك لتستن أمته بسنته و قيل إن المراد بذلك الانقطاع إلى الله تعالى فإن الاستغفار عبادة يستحق به الثواب و

قد صح الحديث بالإسناد عن حذيفة بن اليمان قال‏ كنت رجلا ذرب اللسان على أهلي فقلت يا رسول الله إني لأخشى أن يدخلني لساني في النار فقال رسول الله ص فأين أنت من الاستغفار إني لأستغفر الله في اليوم مائة مرة

«وَ لِلْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ» أكرمهم الله سبحانه بهذا إذ أمر نبيهم أن يستغفر لذنوبهم و هو الشفيع المجاب فيهم ثم أخبر سبحانه عن علمه و أحوال الخلق و مآلهم فقال‏ «وَ اللَّهُ يَعْلَمُ مُتَقَلَّبَكُمْ وَ مَثْواكُمْ» أي متصرفكم في أعمالكم في الدنيا و مصيركم في الآخرة إلى الجنة أو إلى النار عن ابن عباس و قيل يعلم متقلبكم في أصلاب الآباء إلى أرحام الأمهات و مثواكم أي مقامكم في الأرض عن عكرمة و قيل متقلبكم من ظهر إلى بطن و مثواكم في القبور عن ابن كيسان و قيل يعلم متقلبكم متصرفكم في النهار و مثواكم مضجعكم بالليل و المعنى أنه عالم بجميع أحوالكم فلا يخفى عليه شي‏ء منها ثم قال سبحانه حكاية عن المؤمنين‏ «وَ يَقُولُ الَّذِينَ آمَنُوا لَوْ لا نُزِّلَتْ سُورَةٌ» أي هلا نزلت لأنهم كانوا يأنسون بنزول القرآن و يستوحشون لإبطائه ليعلموا أوامر الله تعالى فيهم و تعبده لهم‏ «فَإِذا أُنْزِلَتْ سُورَةٌ مُحْكَمَةٌ» ليس فيها متشابه و لا تأويل و قيل سورة ناسخة لما قبلها من إباحة التخفيف في الجهاد قال قتادة كل سورة ذكر فيها الجهاد فهي محكمة و هي أشد القرآن على المنافقين قيل محكمة بوضوح‏

مجمع البيان فى تفسير القرآن، ج‏9، ص: 156

ألفاظها و على هذا فالقرآن كله محكم و قيل هي التي تتضمن نصا لم يختلف تأويله و لم يتعقبه نص و في قراءة ابن مسعود سورة محدثة أي مجددة «وَ ذُكِرَ فِيهَا الْقِتالُ» أي و أوجب عليهم في القتال و أمروا به‏ «رَأَيْتَ» يا محمد «الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ» أي شك و نفاق‏ «يَنْظُرُونَ إِلَيْكَ نَظَرَ الْمَغْشِيِّ عَلَيْهِ مِنَ الْمَوْتِ» قال الزجاج يريد أنهم يشخصون نحوك بأبصارهم و ينظرون إليك نظرا شديدا كما ينظر الشاخص ببصره عند الموت لثقل ذلك عليهم و عظمه في نفوسهم‏ «فَأَوْلى‏ لَهُمْ» هذا تهديد و وعيد قال الأصمعي معنى قولهم في التهديد أولى لك وليك و قارنك ما تكره و قال قتادة معناه العقاب لهم و الوعيد لهم و على هذا يكون أولى اسما للتهديد و الوعيد و يكون أولى لهم مبتدأ و خبرا و لا ينصرف أولى لأنه على وزن الفعل و صار اسما للوعيد و قول الأصمعي أن معناه وليك ما تكره لا يريد به أن أولى فعل و إنما فسره على المعنى و قيل معناه أولى لهم طاعة الله و رسوله و قول معروف بالإجابة أي لو أطاعوا فأجابوا كانت الطاعة و الإجابة أولى لهم و هذا معنى قول ابن عباس في رواية عطاء و اختيار الكسائي فيكون على هذا طاعة و قول معروف متصلا بما قبله و كذلك لو كانت صفة لسورة و تقديره فإذا أنزلت سورة ذات طاعة و قول معروف على ما قاله الزجاج و على القول الأول يكون طاعة مبتدأ محذوف الخبر تقديره طاعة و قول معروف أمثل أو أحسن أو يكون خبر مبتدإ محذوف تقديره أمرنا طاعة و يكون الوقف حسنا عند قوله‏ «فَأَوْلى‏ لَهُمْ» .

[سورة محمد (47): الآيات 21 الى 25]

طاعَةٌ وَ قَوْلٌ مَعْرُوفٌ فَإِذا عَزَمَ الْأَمْرُ فَلَوْ صَدَقُوا اللَّهَ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ (21) فَهَلْ عَسَيْتُمْ إِنْ تَوَلَّيْتُمْ أَنْ تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَ تُقَطِّعُوا أَرْحامَكُمْ (22) أُولئِكَ الَّذِينَ لَعَنَهُمُ اللَّهُ فَأَصَمَّهُمْ وَ أَعْمى‏ أَبْصارَهُمْ (23) أَ فَلا يَتَدَبَّرُونَ الْقُرْآنَ أَمْ عَلى‏ قُلُوبٍ أَقْفالُها (24) إِنَّ الَّذِينَ ارْتَدُّوا عَلى‏ أَدْبارِهِمْ مِنْ بَعْدِ ما تَبَيَّنَ لَهُمُ الْهُدَى الشَّيْطانُ سَوَّلَ لَهُمْ وَ أَمْلى‏ لَهُمْ (25)

مجمع البيان فى تفسير القرآن، ج‏9، ص: 157

القراءة

قرأ يعقوب و سهل و تقطعوا بفتح التاء و الطاء و سكون القاف و الباقون‏ «وَ تُقَطِّعُوا» بالتشديد و ضم التاء و كسر الطاء و قرأ أهل البصرة و أملي لهم بضم الهمزة و فتح الياء و في رواية رويس عن يعقوب بسكون الياء و قرأ الباقون‏ «وَ أَمْلى‏ لَهُمْ» بفتح الهمزة و اللام و

روي عن النبي ص‏ فهل عسيتم إن وليتم‏

و

عن علي (ع) «إِنْ تَوَلَّيْتُمْ»

قال أبو حاتم معناه إن تولاكم الناس.

الحجة

حجة من قرأ و تقطعوا بالتخفيف قوله تعالى‏ «وَ يَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ»* و التشديد للمبالغة و قوله وليتم من الولاية و فيه دلالة على أن القراءة المشهورة «تَوَلَّيْتُمْ» معناه توليتم الأمر قال أبو علي قالوا انتظرته مليا من الدهر أي متسعا منه صفة استعمل استعمال الأسماء و قالوا تمليت حبيبا أي عشت معه ملاوة من الدهر و قالوا الملوان يريدون بهما تكرر الليل و النهار و طول مدتهما قال:

نهار و ليل دائم ملواهما

على كل حال المرء يختلفان‏

فلو كان الليل و النهار لم يضافا إلى ضميرهما من حيث لا يضاف الشي‏ء إلى نفسه و لكن كأنه يراد تكرار الدهر و اتساعه بهما و الضمير في‏ «أَمْلى‏ لَهُمْ» لاسم الله كما قال‏ وَ أُمْلِي لَهُمْ إِنَّ كَيْدِي مَتِينٌ* فمن قرأ و أملي لهم فبني الفعل للمفعول به فإنه يحسن في هذا الموضع للعلم بأنه لا يؤخر أحد مدة أحد و لا يوسع له فيها إلا الله سبحانه.

المعنى‏

صفحه بعد