کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

مجمع البيان فى تفسير القرآن

الجزء الأول

(2) سورة البقرة مدنية و آياتها ست و ثمانون و مائتان(286)

نزول فضلها تفسيرها

الجزء الثاني

بقية سورة البقرة

(3) سورة آل عمران مدنية و آياتها مائتان(200)

توضيح فضلها

الجزء الثالث

(4) سورة النساء مدنية و آياتها ست و سبعون و مائة(176)

توضيح عدد آيها خلافها آيتان فضلها تفسيرها

(5) سورة المائدة مدنية و آياتها عشرون و مائة(120)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

الجزء الرابع

(6) سورة الأنعام مكية و آياتها خمس و ستون و مائة(165)

توضيح عدد آيها فضلها تفسيرها

(7) سورة الأعراف مكية و آياتها ست و مائتان(206)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(8) سورة الأنفال مدنية و آياتها خمس و سبعون(75)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

الجزء الخامس

(9) سورة التوبة مدنية و آياتها تسع و عشرون و مائة(129)

توضيح عدد آيها اختلافها أسماؤها عشرة فضلها علة ترك التسمية - في أولها قراءة و كتابة تفسيرها

(10) سورة يونس مكية و آياتها تسع و مائة(109)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(11) سورة هود مكية و آياتها ثلاث و عشرون و مائة(123)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(12) سورة يوسف مكية و آياتها إحدى عشرة و مائة(111)

توضيح عدد آيها فضلها تفسيرها

الجزء السادس

(13) سورة الرعد مدنية و آياتها ثلاث و أربعون(43)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(14) سورة إبراهيم مكية و آياتها ثنتان و خمسون(52)

(16) سورة النحل مكية و آياتها ثمان و عشرون و مائة(128)

توضيح عدد آيها فضلها تفسيرها

(17) سورة الإسراء مكية و آياتها إحدى عشرة و مائة(111)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(18) سورة الكهف مكية و آياتها عشر و مائة(110)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(19) سورة مريم مكية و آياتها ثمان و تسعون(98)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

الجزء السابع

(20) سورة طه مكية و آياتها خمس و ثلاثون و مائة(135)

عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(21) سورة الأنبياء مكية و آياتها اثنتا عشرة و مائة(112)

توضيح اختلافها فضلها تفسيرها

(22) سورة الحج مدنية و آياتها ثمان و سبعون(78)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(23) سورة المؤمنون مكية و آياتها ثماني عشرة و مائة(118)

عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(24) سورة النور مدنية و آياتها أربع و ستون(64)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(26) سورة الشعراء مكية و آياتها سبع و عشرون و مائتان(227)

(28) سورة القصص مكية و آياتها ثمان و ثمانون(88)

عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

الجزء الثامن

(29) سورة العنكبوت مكية و آياتها تسع و ستون(69)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(33) سورة الأحزاب مدنية و آياتها ثلاث و سبعون(73)

توضيح فضلها تفسيرها

(37) سورة الصافات مكية و آياتها ثنتان و ثمانون و مائة(182)

عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

(39) سورة الزمر مكية و آياتها خمس و سبعون(75)

(40) سورة غافر مكية و آياتها خمس و ثمانون(85)

توضيح عدد آيها اختلافها فضلها تفسيرها

الجزء التاسع

(43) سورة الزخرف مكية و آياتها تسع و ثمانون(89)

الجزء العاشر

مجمع البيان فى تفسير القرآن


صفحه قبل

مجمع البيان فى تفسير القرآن، ج‏9، ص: 408

[سورة الممتحنة (60): الآيات 6 الى 9]

لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِيهِمْ أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَ الْيَوْمَ الْآخِرَ وَ مَنْ يَتَوَلَّ فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ (6) عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَ الَّذِينَ عادَيْتُمْ مِنْهُمْ مَوَدَّةً وَ اللَّهُ قَدِيرٌ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (7) لا يَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَ لَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَ تُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (8) إِنَّما يَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَ أَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ وَ ظاهَرُوا عَلى‏ إِخْراجِكُمْ أَنْ تَوَلَّوْهُمْ وَ مَنْ يَتَوَلَّهُمْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (9)

النزول‏

نزل قوله‏ «لا يَنْهاكُمُ اللَّهُ» الآية في خزاعة و بني مدلج و كانوا صالحوا رسول الله على أن لا يقاتلوه و لا يعينوا عليه أحدا عن ابن عباس.

المعنى‏

ثم أعاد سبحانه في ذكر الأسوة فقال‏ «لَقَدْ كانَ لَكُمْ فِيهِمْ» أي في إبراهيم و من آمن معه‏ «أُسْوَةٌ حَسَنَةٌ» أي قدوة حسنة و إنما أعاد ذكر الأسوة لأن الثاني منعقد بغير ما انعقد به الأول فإن الثاني فيه بيان أن الأسوة فيهم كان لرجاء ثواب الله و حسن المنقلب و الأول فيه بيان أن الأسوة في المعاداة للكفار و قوله‏ «لِمَنْ كانَ يَرْجُوا اللَّهَ وَ الْيَوْمَ الْآخِرَ» بدل من قوله‏ «لَكُمْ» و هو بدل البعض من الكل مثل قوله‏ «وَ لِلَّهِ عَلَى النَّاسِ حِجُّ الْبَيْتِ مَنِ اسْتَطاعَ إِلَيْهِ سَبِيلًا» و فيه بيان أن هذه الأسوة لمن يخاف الله و يخاف عقاب الآخرة و هو قوله‏ «وَ الْيَوْمَ الْآخِرَ» و قيل يرجو ثواب الله و ما يعطيه من ذلك في اليوم الآخر «وَ مَنْ يَتَوَلَّ» أي و من يعرض عن هذا الاقتداء بإبراهيم و الأنبياء و المؤمنين و الذين معه فقد أخطأ حظ نفسه و ذهب عما يعود نفعه إليه فحذفه لدلالة الكلام عليه و هو قوله‏ «فَإِنَّ اللَّهَ هُوَ الْغَنِيُّ الْحَمِيدُ» أي الغني عن ذلك المحمود في جميع أفعاله فلا يضره توليه و لكنه ضر نفسه‏ «عَسَى اللَّهُ أَنْ يَجْعَلَ بَيْنَكُمْ وَ بَيْنَ الَّذِينَ عادَيْتُمْ مِنْهُمْ» أي من كفار مكة «مَوَدَّةً» بالإسلام قال مقاتل لما أمر الله سبحانه المؤمنين بعداوة الكفار عادوا أقرباءهم فنزلت هذه الآية و المعنى أن موالاة الكفار لا تنفع و الله سبحانه قادر على أن يوفقهم للإيمان و تحصل المودة بينكم و بينهم فكونوا على رجاء و طمع من الله أن يفعل ذلك و قد فعل ذلك حين أسلموا عام الفتح فحصلت المودة بينهم و بين المسلمين‏ «وَ اللَّهُ قَدِيرٌ» على نقل القلوب من العداوة إلى المودة و على كل شي‏ء يصح أن يكون مقدورا له‏ «وَ اللَّهُ غَفُورٌ» لذنوب عباده‏ «رَحِيمٌ» بهم إذا تابوا و أسلموا «لا يَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ لَمْ يُقاتِلُوكُمْ فِي الدِّينِ وَ لَمْ يُخْرِجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ» أي ليس ينهاكم الله عن مخالطة أهل العهد الذين عاهدوكم على ترك القتال و برهم و معاملتهم بالعدل و هو قوله‏ «أَنْ تَبَرُّوهُمْ وَ تُقْسِطُوا إِلَيْهِمْ» أي و تعدلوا فيما بينكم و بينهم من الوفاء بالعهد عن الزجاج و قيل إن المسلمين استأمروا النبي ص في أن يبروا أقرباءهم من المشركين و ذلك قبل أن يؤمروا بقتال جميع المشركين فنزلت هذه الآية و هي منسوخة بقوله‏ فَاقْتُلُوا الْمُشْرِكِينَ حَيْثُ وَجَدْتُمُوهُمْ‏ عن ابن عباس و الحسن و قتادة و قيل إنه عنى بالذين لم يقاتلوكم من آمن من أهل مكة و لم يهاجر عن قتادة و قيل هي عامة في كل من كان بهذه الصفة عن ابن الزبير و الذي عليه الإجماع أن بر الرجل من يشاء من أهل الحرب قرابة كان أو غير قرابة ليس بمحرم و إنما الخلاف في‏

مجمع البيان فى تفسير القرآن، ج‏9، ص: 409

إعطائهم مال لزكاة و الفطرة و الكفارات فلم يجوزه أصحابنا و فيه خلاف بين الفقهاء و قوله‏ «أَنْ تَبَرُّوهُمْ» في موضع جر بدل من الذين و هو بدل الاشتمال و تقديره لا ينهاكم الله عن أن تبروا الذين لم يقاتلوكم‏ «إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ» أي العادلين و قيل يحب الذين يجعلون لقراباتهم قسطا مما في بيوتهم من المطعومات ثم قال‏ «إِنَّما يَنْهاكُمُ اللَّهُ عَنِ الَّذِينَ قاتَلُوكُمْ فِي الدِّينِ» من أهل مكة و غيرهم‏ «وَ أَخْرَجُوكُمْ مِنْ دِيارِكُمْ» أي منازلكم و أملاككم‏ «وَ ظاهَرُوا عَلى‏ إِخْراجِكُمْ» أي عاونوا على ذلك و عاضدوهم و هم العوام و الأتباع عاونوا رؤساءهم على الباطل‏ «أَنْ تَوَلَّوْهُمْ» أي ينهاكم الله عن أن تولوهم و توادوهم و تحبونهم و المعنى أن مكاتبتكم بينهم بإظهار سر المؤمنين موالاة لهم‏ «وَ مَنْ يَتَوَلَّهُمْ» منكم أي يوالهم و ينصرهم‏ «فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ» يستحقون بذلك العذاب الأليم.

مجمع البيان فى تفسير القرآن، ج‏9، ص: 410

[سورة الممتحنة (60): الآيات 10 الى 11]

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِهِنَّ فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَ لا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ وَ آتُوهُمْ ما أَنْفَقُوا وَ لا جُناحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ وَ لا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ وَ سْئَلُوا ما أَنْفَقْتُمْ وَ لْيَسْئَلُوا ما أَنْفَقُوا ذلِكُمْ حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَ اللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (10) وَ إِنْ فاتَكُمْ شَيْ‏ءٌ مِنْ أَزْواجِكُمْ إِلَى الْكُفَّارِ فَعاقَبْتُمْ فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْواجُهُمْ مِثْلَ ما أَنْفَقُوا وَ اتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ (11)

القراءة

قرأ أهل البصرة و لا تمسكوا بالتشديد و الباقون‏ «وَ لا تُمْسِكُوا» بالتخفيف و في الشواذ قراءة الأعرج فعقبتم بالتشديد و قراءة النخعي و الزهري و يحيى بن يعمر بخلاف فعقبتم) خفيفة القاف من غير ألف و قراءة مسروق فعقبتم بكسر القاف من غير ألف و القراءة المشهورة «فَعاقَبْتُمْ» و قرأ مجاهد فأعقبتم.

الحجة

حجة من قرأ «لا تُمْسِكُوا» قوله‏ فَإِمْساكٌ بِمَعْرُوفٍ‏ وَ لا تُمْسِكُوهُنَّ ضِراراً و أَمْسِكْ عَلَيْكَ زَوْجَكَ‏ و حجة من قال و لا تمسكوا قوله‏ وَ الَّذِينَ يُمَسِّكُونَ بِالْكِتابِ‏ يقال أمسكت بالشي‏ء و مسكت به و تمسكت به قال ابن جني روينا عن قطرب قال‏ «فَعاقَبْتُمْ» أصبتم عقبى منهن يقال عاقب الرجل شيئا إذا أخذ شيئا و أنشد لطرفة:

" فعقبتم بذنوب غير مر "

جمع مرة فسروه على أعطيتم و عدتم و قال في قوله‏ وَ لَمْ يُعَقِّبْ* لم يرجع و حكي عن الأعمش أنه قال عقبتم غنمتم و قد يجوز أن يكون عقبتم بوزن غنمتم و بمعناه جميعا و روي أيضا بيت طرفة فعقبتم بكسر القاف و حكى أبو عوانة عن المغيرة قال قرأت على إبراهيم‏ «فَعاقَبْتُمْ» فأخذها على فعقبتم خفيفة و معنى أعقبتم صنعتم بهم مثل ما صنعوا بكم.

النزول‏

قال ابن عباس صالح رسول الله ص بالحديبية مشركي مكة على أن من أتاه من أهل مكة رده عليهم و من أتى أهل مكة من أصحاب رسول الله ص فهو لهم و لم يردوه عليه و كتبوا بذلك كتابا و ختموا عليه فجاءت سبيعة بنت الحرث الأسلمية مسلمة بعد الفراغ من الكتاب و النبي ص بالحديبية فأقبل زوجها مسافر من بني مخزوم و قال مقاتل هو صيفي ابن الراهب في طلبها و كان كافرا فقال يا محمد اردد علي امرأتي فإنك قد شرطت لنا أن ترد علينا منا و هذه طينة الكتاب لم تجف بعد فنزلت الآية «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ» من دار الكفر إلى دار الإسلام‏ «فَامْتَحِنُوهُنَّ» قال ابن عباس امتحانهن أن يستحلفن ما خرجت من بغض زوج و لا رغبة عن أرض إلى أرض و لا التماس دنيا و ما خرجت إلا حبا لله و لرسوله فاستحلفها رسول الله ص ما خرجت بغضا لزوجها و لا عشقا لرجل منا و ما خرجت إلا رغبة في الإسلام فحلفت بالله الذي لا إله إلا هو على ذلك فأعطى رسول الله ص زوجها مهرها و ما أنفق عليها و لم يردها عليه فتزوجها عمر بن الخطاب فكان رسول الله ص يرد من جاءه من الرجال و يحبس من جاءه من النساء إذا امتحن و يعطي أزواجهن مهورهن قال الزهري و لما نزلت هذه الآية و فيها قوله‏ «وَ لا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ» طلق عمر بن الخطاب امرأتين كانتا له بمكة مشركتين قرنية بنت أبي أمية بن المغيرة فتزوجها بعده معاوية بن أبي‏

مجمع البيان فى تفسير القرآن، ج‏9، ص: 411

سفيان و هما على شركهما بمكة و الأخرى أم كلثوم بنت عمرو بن جرول الخزاعية أم عبد الله بن عمر فتزوجها أبو جهم بن حذافة بن غانم رجل من قومه و هما على شركهما و كانت عند طلحة بن عبد الله أروى بنت ربيعة بن الحرث بن عبد المطلب ففرق بينهما الإسلام حين نهى القرآن عن التمسك بعصم الكوافر و كان طلحة قد هاجر و هي بمكة عند قومها كافرة ثم تزوجها في الإسلام بعد طلحة خالد بن سعيد بن العاص بن أمية و كانت ممن فرت إلى رسول الله ص من نساء الكفار فحبسها و زوجها خالدا و أميمة بنت بشر كانت عند ثابت بن الدحداحة ففرت منه و هو يومئذ كافر إلى رسول الله ص فزوجها رسول الله سهل بن حنيف فولدت عبد الله بن سهل قال الشعبي و كانت زينب بنت رسول الله ص امرأة أبي العاص بن الربيع فأسلمت و لحقت بالنبي ص في المدينة و أقام أبو العاص مشركا بمكة ثم أتى المدينة فأمنته زينب ثم أسلم فردها عليه رسول الله و قال الجبائي لم يدخل في شرط صلح الحديبية إلا رد الرجال دون النساء و لم يجر للنساء ذكر و أن أم كلثوم بنت عقبة بن أبي معيط جاءت مسلمة مهاجرة من مكة فجاء أخواها إلى المدينة فسألا رسول الله ص ردها عليهما فقال رسول الله ص إن الشرط بيننا في الرجال لا في النساء فلم يردها عليهما قال الجبائي و إنما لم يجر هذا الشرط في النساء لأن المرأة إذا أسلمت لم تحل لزوجها الكافر فكيف ترد عليه و قد وقعت الفرقة بينهما.

المعنى‏

لما قطع سبحانه الموالاة بين المسلمين و الكافرين بين حكم النساء المهاجرات و أزواجهن فقال‏ «يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِذا جاءَكُمُ الْمُؤْمِناتُ مُهاجِراتٍ فَامْتَحِنُوهُنَّ» بالإيمان أي استوصفوهن الإيمان و سماهن مؤمنات قبل أن يؤمن لأنهن اعتقدن الإيمان‏ «اللَّهُ أَعْلَمُ بِإِيمانِهِنَّ» أي كنتم تعلمون بالامتحان ظاهر إيمانهن و الله يعلم حقيقة إيمانهن في الباطن ثم اختلفوا في الامتحان على وجوه (أحدها) أن الامتحان أن يشهدن أن لا إله إلا الله و أن محمدا رسول الله عن ابن عباس (و ثانيها) ما روي عن ابن عباس أيضا في رواية أخرى أن امتحانهن أن يحلفن ما خرجن إلا للدين و الرغبة في الإسلام و لحب الله و رسوله و لم يخرجن لبغض زوج و لا لالتماس دنيا و روي ذلك عن قتادة (و ثالثها) أن امتحانهن بما في الآية التي بعد و هو أن لا يشركن بالله شيئا و لا يسرقن و لا يزنين الآية عن عائشة ثم قال سبحانه‏ «فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ» يعني في الظاهر «فَلا تَرْجِعُوهُنَّ إِلَى الْكُفَّارِ» أي لا تردوهن إليهم‏ «لا هُنَّ حِلٌّ لَهُمْ وَ لا هُمْ يَحِلُّونَ لَهُنَّ» و هذا يدل على وقوع‏

مجمع البيان فى تفسير القرآن، ج‏9، ص: 412

الفرقة بينهما بخروجها مسلمة و إن لم يطلق المشرك‏ «وَ آتُوهُمْ ما أَنْفَقُوا» أي و آتوا أزواجهن الكفار ما أنفقوا عليهن من المهر عن ابن عباس و مجاهد و قتادة قال الزهري لو لا الهدنة لم يرد إلى المشركين الصداق كما كان يفعل قبل‏ «وَ لا جُناحَ عَلَيْكُمْ أَنْ تَنْكِحُوهُنَّ إِذا آتَيْتُمُوهُنَّ أُجُورَهُنَّ» أي و لا جناح عليكم معاشر المسلمين أن تنكحوا المهاجرات إذا أعطيتموهن مهورهن التي يستحل بها فروجهن لأنهن بالإسلام قد بن من أزواجهن‏ «وَ لا تُمْسِكُوا بِعِصَمِ الْكَوافِرِ» أي لا تمسكوا بنكاح الكافرات و أصل العصمة المنع و سمي النكاح عصمة لأن المنكوحة تكون في حبال الزوج و عصمته و في هذا دلالة على أنه لا يجوز العقد على الكافرة سواء كانت حربية أو ذمية و على كل حال لأنه عام في الكوافر و ليس لأحد أن يخص الآية بعابدة الوثن لنزولها بسببهن لأن المعتبر بعموم اللفظ لا بالسبب‏ «وَ سْئَلُوا ما أَنْفَقْتُمْ» أي إن لحقت امرأة منكم بأهل العهد من الكفار مرتدة فاسألوهم ما أنفقتم من المهر إذا منعوها و لم يدفعوها إليكم كما يسألونكم مهور نسائهم إذا هاجرن إليكم و هو قوله‏ «وَ لْيَسْئَلُوا ما أَنْفَقُوا ذلِكُمْ» يعني ما ذكر الله في هذه الآية «حُكْمُ اللَّهِ يَحْكُمُ بَيْنَكُمْ وَ اللَّهُ عَلِيمٌ» بجميع الأشياء «حَكِيمٌ» فيما يفعل و يأمر به قال الحسن كان في صدر الإسلام تكون المسلمة تحت الكافر و الكافرة تحت المسلم فنسخته هذه الآية قال الزهري و لما نزلت هذه الآية آمن المؤمنون بحكم الله و أدوا ما أمروا به من نفقات المشركين على نسائهم و أبى المشركون أن يقروا بحكم الله فيما أمرهم به من أداء نفقات المسلمين فنزل‏ «وَ إِنْ فاتَكُمْ شَيْ‏ءٌ مِنْ أَزْواجِكُمْ» أي أحد من أزواجكم‏ «إِلَى الْكُفَّارِ» فلحقن بهم مرتدات‏ «فَعاقَبْتُمْ» معناه فغزوتم و أصبتم من الكفار عقبى و هي الغنيمة فظفرتم و كانت العاقبة لكم و قيل معناه فخلفتم من بعدهم و صار الأمر عن مؤرج و قيل إن عقب و عاقب مثل صغر و صاغر بمعنى عن الفراء و قيل عاقبتم بمصير أزواج الكفار إليكم إما من جهة سبي أو مجيئهن مؤمنات عن علي بن عيسى‏ «فَآتُوا الَّذِينَ ذَهَبَتْ أَزْواجُهُمْ» أي نساؤهم من المؤمنين‏ «مِثْلَ ما أَنْفَقُوا» من المهور عليهن من رأس الغنيمة و كذلك من ذهبت زوجته إلى من بينكم و بينه عهد فنكث في إعطاء المهر فالذي ذهبت زوجته يعطى المهر من الغنيمة و لا ينقص شيئا من حقه بل يعطى كملا عن ابن عباس و الجبائي و قيل معناه إن فاتكم أحد من أزواجكم إلى الكفار الذين بينكم و بينهم عهد فغنمتم فأعطوا زوجها صداقها الذي كان ساق إليها من الغنيمة ثم نسخ هذا الحكم في براءة فنبذ إلى كل ذي عهد عهده عن قتادة و قال علي بن عيسى معناه فأعطوا الذين ذهبت أزواجهم مثل‏

مجمع البيان فى تفسير القرآن، ج‏9، ص: 413

ما أنفقوا من المهور كما عليهم أن يردوا عليكم مثل ما أنفقتم لمن ذهب من أزواجكم‏ «وَ اتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ» أي اجتنبوا معاصي الله الذي أنتم تصدقون به و لا تجاوزا أمره و قال الزهري فكان جميع من لحق بالمشركين من نساء المؤمنين المهاجرين راجعات عن الإسلام ست نسوة: أم الحكم بنت أبي سفيان كانت تحت عياض بن شداد الفهري و فاطمة بنت أبي أمية بن المغيرة أخت أم سلمة كانت تحت عمر بن الخطاب فلما أراد عمر أن يهاجر أبت و ارتدت و بروع بنت عقبة كانت تحت شماس بن عثمان و عبدة بنت عبد العزى بن فضلة و زوجها عمرو بن عبد ود و هند بنت أبي جهل بن هشام كانت تحت هشام بن العاص بن وائل و كلثوم بنت جرول كانت تحت عمر فأعطاهم رسول الله ص مهور نسائهم من الغنيمة.

[سورة الممتحنة (60): الآيات 12 الى 13]

يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ يُبايِعْنَكَ عَلى‏ أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئاً وَ لا يَسْرِقْنَ وَ لا يَزْنِينَ وَ لا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ وَ لا يَأْتِينَ بِبُهْتانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَ أَرْجُلِهِنَّ وَ لا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ فَبايِعْهُنَّ وَ اسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (12) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَما يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحابِ الْقُبُورِ (13)

الإعراب‏

«مِنْ أَصْحابِ الْقُبُورِ» أي من بعث أصحاب القبور فحذف المضاف و يجوز أن يكون من تبيينا للكفار و التقدير كما يئس الكفار الذين هم من أصحاب القبور من الآخرة.

المعنى‏

ثم ذكر سبحانه بيعة النساء و كان ذلك يوم فتح مكة لما فرغ النبي ص من بيعة الرجال و هو على الصفا جاءته النساء يبايعنه فنزلت هذه الآية فشرط الله تعالى في‏

مجمع البيان فى تفسير القرآن، ج‏9، ص: 414

مبايعتهن أن يأخذ عليهن هذه الشروط و هو قوله‏ «يا أَيُّهَا النَّبِيُّ إِذا جاءَكَ الْمُؤْمِناتُ يُبايِعْنَكَ عَلى‏» هذه الشرائط و هي‏ «أَنْ لا يُشْرِكْنَ بِاللَّهِ شَيْئاً» من الأصنام و الأوثان‏ «وَ لا يَسْرِقْنَ» لا من أزواجهن و لا من غيرهم‏ «وَ لا يَزْنِينَ وَ لا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَّ» على وجه من الوجوه لا بالواد و لا بالإسقاط «وَ لا يَأْتِينَ بِبُهْتانٍ يَفْتَرِينَهُ» أي بكذب يكذبنه في مولود يوجد «بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَ أَرْجُلِهِنَّ» أي لا يلحقن بأزواجهن غير أولادهم عن ابن عباس و قال الفراء كانت المرأة تلتقط المولود فتقول لزوجها هذا ولدي منك فذلك البهتان المفتري بين أيديهن و أرجلهن و ذلك أن الولد إذا وضعته الأم سقط بين يديها و رجليها و ليس المعنى على نهيهن من أن يأتين بولد من الزنا فينسبنه إلى الأزواج لأن الشرط بنهي الزنا قد تقدم و قيل البهتان الذي نهين عنه قذف المحصنات و الكذب على الناس و إضافة الأولاد إلى الأزواج على البطلان في الحاضر و المستقبل من الزمان‏ «وَ لا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ» و هو جميع ما يأمرهن به لأنه لا يأمر إلا بالمعروف و المعروف نقيض المنكر و هو كل ما دل العقل و السمع على وجوبه أو ندبه و سمي معروفا لأن العقل يعترف به من جهة عظم حسنه و وجوبه و قيل عنى بالمعروف النهي عن النوح و تمزيق الثياب و جز الشعر و شق الجيب و خمش الوجه و الدعاء بالويل عن المقاتلين و الكلبي و الأصل أن المعروف كل بر و تقوى و أمر وافق طاعة الله تعالى‏ «فَبايِعْهُنَّ» على ذلك‏ «وَ اسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ» أي اطلب من الله أن يغفر لهن ذنوبهن و يسترها عليهن‏ «إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ» أي صفوح عنهن‏ «رَحِيمٌ» منعم عليهن‏

و روي‏ أن النبي ص بايعهن و كان على الصفا و كان عمر أسفل منه و هند بنت عتبة متنقبة متنكرة مع النساء خوفا أن يعرفها رسول الله ص فقال أبايعكن على أن لا تشركن بالله شيئا فقالت هند إنك لتأخذ علينا أمرا ما رأيناك أخذته على الرجال و ذلك أنه بايع الرجال يومئذ على الإسلام و الجهاد فقط فقال ص و لا تسرقن فقالت هند إن أبا سفيان رجل ممسك و إني أصبت من ماله هنأت فلا أدري أ يحل لي أم لا فقال أبو سفيان ما أصبت من مالي فيما مضى و فيما غبر فهو لك حلال فضحك رسول الله ص و عرفها فقال لها و إنك لهند بنت عتبة قالت نعم فاعف عما سلف يا نبي الله عفا الله عنك فقال ص و لا تزنين فقالت هند أ و تزني الحرة فتبسم عمر بن الخطاب لما جرى بينه و بينها في الجاهلية فقال ص و لا تقتلن أولادكن فقالت هند ربيناهم صغارا و قتلتموهم كبارا و أنتم و هم أعلم و كان ابنها حنظلة بن أبي سفيان قتله علي بن أبي طالب (ع) يوم بدر فضحك عمر حتى استلقى و تبسم النبي ص و لما قال و لا تأتين ببهتان فقالت هند و الله إن البهتان قبيح و ما تأمرنا إلا بالرشد و مكارم الأخلاق و لما قال و لا يعصينك في معروف فقالت هند ما جلسنا مجلسنا هذا و في أنفسنا أن نعصيك في شي‏ء

صفحه بعد