کتابخانه تفاسیر
معالم التنزيل فى تفسير القرآن، ج1، ص: 74
قال ابن عباس: هم الجن و الإنس، لأنهم مكلفون بالخطاب، قال اللّه تعالى: لِيَكُونَ لِلْعالَمِينَ نَذِيراً [الفرقان: 1]: و قال قتادة و مجاهد و الحسن: جميع المخلوقين، قال اللّه تعالى: قالَ فِرْعَوْنُ وَ ما رَبُّ الْعالَمِينَ (23) قالَ رَبُّ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ ما بَيْنَهُمَا [الشعراء: 23. 24]، و اشتقاقه من العلم و العلامة، سمّوا به لظهور أثر الصنعة فيهم، قال أبو عبيدة «1» : هم أربع أمم: الملائكة و الإنس و الجن و الشياطين، مشتق من العلم، و لا يقال للبهائم: عالم لأنها [لا تعلم و] «2» لا تعقل.
و اختلفوا في مبلغهم، قال سعيد بن المسيب «3» : للّه ألف عالم ستمائة في البحر و أربعمائة في البر، و قال مقاتل بن حيان: للّه ثمانون ألف عالم، أربعون ألفا في البحر و أربعون ألفا في البر، و قال وهب:
للّه ثمانية عشر ألف عالم، الدنيا عالم منها و ما العمران في الخراب إلا كفسطاط «4» في صحراء، و قال كعب الأحبار: و لا يحصي عدد العالمين أحد إلا اللّه، قال: وَ ما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلَّا هُوَ [المدثر: 31].
[سورة الفاتحة (1): آية 4]
قوله: مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ (4) ، قرأ عاصم و الكسائي و يعقوب مالِكِ و قرأ الآخرون «ملك» قال قوم: معناهما واحد مثل فرهين و فارهين و حذرين و حاذرين، و معناهما الربّ، [كما] «5» يقال:
رب الدار و مالكها، و قيل: المالك «6» هو القادر على اختراع الأعيان من العدم إلى الوجود، و لا يقدر عليه أحد غير اللّه.
قال أبو عبيدة: «مالك» أجمع و أوسع لأنه يقال: مالك العبيد «7» و الطير و الدواب، و لا يقال ملك هذه الأشياء، و لأنّه لا يكون مالك لشيء إلّا و هو يملكه، و قد يكون ملك الشيء و لا يملكه.
و قال قوم: ملك أولى لأن كل ملك ملك، و ليس كل ملك ملكا، و لأنه أوفق لسائر القرآن، مثل قوله تعالى: فَتَعالَى اللَّهُ الْمَلِكُ الْحَقُّ* [المؤمنون: 116] و الْمَلِكُ الْقُدُّوسُ* [الحشر: 23] و مَلِكِ النَّاسِ (2) [الناس: 2] قال ابن عباس و مقاتل و السدي: ملك يوم الدين قاضي يوم الحساب، [قال مجاهد: و الدين: الحساب. قال اللّه تعالى ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ* [الروم: 30] أي الحساب المستقيم] «8» ، و قال قتادة: الدين [الحساب] «9» ، و يقع على الجزاء في الخير و الشر جميعا، كما يقال: كما تدين تدان.
قال محمد بن كعب القرظي: مالك «10» يوم لا ينفع فيه إلا الدّين، و قال يمان بن رئاب: الدّين القهر، يقال دنته فدان، أي: قهرته فذل، و قيل: الدّين الطاعة، أي: يوم الطاعة، و إنما خص يوم الدين بالذكر مع كونه مالكا للأيام كلها لأن الأملاك يومئذ زائلة فلا ملك و لا أمر إلّا له، قال اللّه تعالى:
الْمُلْكُ يَوْمَئِذٍ الْحَقُّ لِلرَّحْمنِ [الفرقان: 26]، و قال: لِمَنِ الْمُلْكُ الْيَوْمَ لِلَّهِ الْواحِدِ الْقَهَّارِ [غافر: 16]، و قال: وَ الْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ [الانفطار: 19].
عمرو بن العاص، و السرادق من الأبنية.
(1) في المطبوع «عبيد».
(2) سقط من المطبوع.
(3) أثر سعيد بن المسيب و ما بعده متلقى عن أهل الكتاب لا حجة فيه.
(4) الفسطاط: مجتمع أهل الكورة (أي المدينة)- و علم مصر العتيقة التي بناها عمرو بن العاص و السرادق من البنية.
(5) سقط من المطبوع.
(6) زيد في المخطوط «و مالك».
(7) في المطبوع «العبد».
(8) سقط من المطبوع.
(9) في المطبوع «الجزاء».
(10) في المطبوع «ملك».
معالم التنزيل فى تفسير القرآن، ج1، ص: 75
و قرأ أبو عمرو: «الرحيم ملك» بإدغام الميم في الميم، و كذلك يدغم كل حرفين من جنس واحد أو مخرج واحد أو قريبي المخرج سواء كان الحرف ساكنا أو متحركا إلا أن يكون الحرف الأول مشددا أو منونا أو منقوصا أو [تاء الخطاب أو مفتوحا] «1» قبله ساكن في «2» غير المثلين فإنه لا يدغمها و إدغام المتحرك يكون في الإدغام الكبير، وافقه حمزة في إدغام المتحرك في قوله بَيَّتَ طائِفَةٌ [النساء: 81] وَ الصَّافَّاتِ صَفًّا (1) فَالزَّاجِراتِ زَجْراً (2) فَالتَّالِياتِ ذِكْراً (3) [الصافات: 1. 3] و وَ الذَّارِياتِ ذَرْواً (1) [الذاريات: 1]، و أدغم التاء فيما بعدها من الحروف وافقه حمزة برواية رجاء و خلف و الكسائي [في إدغام الصغير، و هو إدغام الساكن في المتحرك برواية جابر و خلف] «3» إلّا في الراء عند اللام و الدال عند الجيم، و كذلك لا يدغم حمزة الدال عند السين و الصاد و الزاي، و لا إدغام لسائر القراء إلّا في أحرف معدودة.
[سورة الفاتحة (1): آية 5]
إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ (5)
قوله: إِيَّاكَ ، إيّا كلمة ضمير خصت بالإضافة إلى المضمر، و يستعمل مقدما على الفعل، فيقال: إياك أعني و إياك أسأل، و لا يستعمل مؤخرا إلا منفصلا فيقال: ما عنيت إلّا إياك.
قوله: نَعْبُدُ أي: نوحدك و نطيعك خاضعين، و العبادة الطاعة مع التذلل و الخضوع و سمي العبد عبدا لذلته و انقياده يقال: طريق معبد أي: مذلل، وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ ، نطلب منك المعونة على عبادتك و على جميع أمورنا.
فإن قيل: لم قدّم ذكر العبادة على الاستعانة و الاستعانة تكون قبل العبادة، [قيل] «4» هذا «5» يلزم من يجعل الاستطاعة قبل الفعل، و نحن نحمد اللّه و نجعل التوفيق و الاستطاعة «6» مع الفعل، فلا فرق بين التقديم و التأخير، و يقال: الاستطاعة نوع تعبّد فكأنه ذكر جملة العبادة أوّلا، ثم ذكر ما هو من تفاصيلها «7» .
[سورة الفاتحة (1): آية 6]
اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ (6)
قوله: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ (6) ، اهدنا: أرشدنا، و قال «8» أبيّ بن كعب: ثبتنا، كما يقال للقائم: قم حتى أعود إليك، أي: دم على ما أنت عليه، و هذا الدعاء من المؤمنين مع كونهم على الهداية، بمعنى التثبيت و بمعنى طلب مزيد الهداية، لأن الإلطاف و الهدايات من اللّه تعالى لا تتناهى على مذهب أهل السنة.
الصِّراطَ : و «السراط» «9» قرئ بالسين رواه رويس «10» عن يعقوب و هو الأصل سمي سراطا لأنه يسرط السابلة، و يقرأ بالزاي و قرأ حمزة بإشمام الزاي و كلها لغات صحيحة، و الاختيار الصاد عند أكثر القراء لموافقة المصحف.
(1) العبارة في المطبوع «مفتوحا أو تاء الخطاب».
(2) في المطبوع «من».
(3) سقط من المطبوع.
(4) سقط من المطبوع.
(5) في المطبوع «فلهذا».
(6) في المطبوع «الاستعانة».
(7) في المخطوط- أ- ب «فضائلها».
(8) زيد في المطبوع «علي».
(9) في المطبوع «و صراط».
(10) وقع في كافة النسخ «أويس» و هو تصحيف، و التصويب عن «البدور الزاهرة» ص (2)
معالم التنزيل فى تفسير القرآن، ج1، ص: 76
و الصراط المستقيم: قال ابن عباس و جابر: هو الإسلام و هو قول مقاتل، و قال ابن مسعود: هو القرآن.
ع [29] و روي عن علي مرفوعا «الصراط المستقيم كتاب اللّه».
و قال سعيد بن جبير: طريق الجنة، و قال سهل بن عبد اللّه: طريق السنة و الجماعة، و قال بكر بن عبد اللّه المزني: طريق رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم، و قال أبو العالية و الحسن: رسول اللّه و صاحباه «1» ، و أصله في اللغة الطريق الواضح.
[سورة الفاتحة (1): آية 7]
صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لا الضَّالِّينَ (7)
صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ أي: مننت عليهم بالهداية و التوفيق، قال عكرمة: مننت عليهم بالثبات على الإيمان و الاستقامة و هم الأنبياء عليهم السلام، و قيل: هم كل من ثبّته اللّه على الإيمان من النبيين و المؤمنين الذين ذكرهم اللّه تعالى في قوله: فَأُولئِكَ مَعَ الَّذِينَ أَنْعَمَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ مِنَ النَّبِيِّينَ [النساء: 69] الآية.
قال ابن عباس: هم قوم موسى و عيسى عليهما السلام قبل أن يغيّروا دينهم، و قال عبد الرحمن:
هم النبي و من معه، و قال أبو العالية: هم الرسول صلّى اللّه عليه و سلّم و أبو بكر و عمر رضي اللّه عنهما، و قال عبد الرحمن بن [زيد] «2» : رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم و أهل بيته، و قال شهر بن حوشب: هم أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم [و أهل بيته] «3» .
قرأ حمزة «عليهم و لديهم و إليهم» بضم الهاء «4» ، و يضم يعقوب كل هاء قبلها ياء ساكنة تثنية و جمعا إلا قوله: بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَ أَرْجُلِهِنَ [الممتحنة: 12]، و قرأ الآخرون بكسرها «5» ، فمن ضم الهاء ردها إلى الأصل لأنها مضمومة عند الانفراد، و من كسر «6» فلأجل الياء الساكنة و الياء أخت الكسرة، و ضم ابن كثير و أبو جعفر كل ميم جمع [ضما] «7» مشبعا في الوصل إذا لم يلقها ساكن، فإن لقيها ساكن فلا يشبع، و نافع يخفف «8» ، و يضم ورش عند ألف القطع، و إذا لقته «9» ألف وصل و قبل الهاء كسرة أو ياء ساكنة ضم الهاء و الميم حمزة و الكسائي و كسر هما أبو عمرو، كذلك يعقوب إذا انكسر ما قبله، و الآخرون [يقرؤون] «10» بضم الميم و كسر الهاء لأجل الياء أو لكسر ما قبلها و ضم الميم على الأصل.
قوله: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ يعني: غير صراط الذين غضبت عليهم، و الغضب هو إرادة الانتقام من العصاة، و غضب اللّه تعالى لا يلحق عصاة المؤمنين إنما يلحق الكافرين.
وَ لَا الضَّالِّينَ أي: و غير الضالين عن الهدى، و أصل الضلال الهلاك و الغيبوبة، يقال: ضل
[29]- ع انظر الحديث المتقدم برقم: 5، و الراجح فيه الوقف.
(1) زيد في المطبوع «و آله».
(2) في الأصل «زيدان» و هو تصحيف.
(3) زيد في المطبوع.
(4) في المطبوع «هاءاتها».
(5) في المطبوع «بكسر هما».
(6) في المطبوع «كسرها».
(7) سقط من المطبوع.
(8) في المطبوع «يخير».
(9) في المطبوع «تلقته».
(10) زيد في المطبوع.
معالم التنزيل فى تفسير القرآن، ج1، ص: 77
الماء في اللبن إذا هلك و غاب، و «غير» هاهنا بمعنى لا، و لا بمعنى غير، و لذلك جاز العطف [عليها] «1» ، كما يقال: فلان غير محسن و لا مجمل، فإذا كان غير بمعنى سوى، فلا يجوز العطف عليها بلا، لا يجوز في الكلام: عندي سوى عبد اللّه و لا زيد، و قرأ عمر بن الخطاب رضي اللّه عنه «2» : «غير المغضوب عليهم و غير الضالين»، و قيل: المغضوب عليهم: هم اليهود. و الضالون: هم النصارى. لأن اللّه تعالى حكم على اليهود بالغضب، فقال: مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَ غَضِبَ عَلَيْهِ [المائدة: 60]، و حكم على النصارى بالضلال فقال: وَ لا تَتَّبِعُوا أَهْواءَ قَوْمٍ قَدْ ضَلُّوا مِنْ قَبْلُ [المائدة: 77].
و قال سهل بن عبد اللّه: غير المغضوب عليهم بالبدعة و لا الضالين عن السنة، و السنة للقارئ أن يقول بعد فراغه من قراءة الفاتحة: «آمين»، مفصولا عن الفاتحة بسكتة، و هو مخفف و يجوز ممدودا و مقصورا، و معناه اللهم اسمع و استجب، و قال ابن عباس و قتادة: معناه كذلك يكون، و قال مجاهد: هو اسم من أسماء اللّه تعالى، و قيل: هو طابع الدعاء، و قيل: هو خاتم اللّه على عباده يدفع به الآفات عنهم، كخاتم الكتاب يمنعه من الفساد و ظهور ما فيه.
[30] أخبرنا الإمام أبو علي الحسين بن محمد بن القاضي، و أبو حامد أحمد بن عبد اللّه الصالحي قالا:
أنا أبو بكر أحمد بن الحسن الحيري أنا أبو علي محمد بن أحمد بن محمد بن معقل الميداني، ثنا محمد بن يحيى ثنا عبد الرزاق أنا معمر عن الزهري عن ابن المسيب عن أبي هريرة رضي اللّه عنه:
أن النبي صلّى اللّه عليه و سلّم قال: «إذا قال الإمام: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لَا الضَّالِّينَ ، فقولوا: آمين، فإن الملائكة يقولون «3» : آمين، و إن الإمام يقول: آمين، فمن وافق تأمينه تأمين الملائكة غفر له ما تقدم من ذنبه» صحيح.
[30]- صحيح. محمد بن يحيى هو الذهلي خرج له البخاري، و من فوقه رجال البخاري و مسلم، عبد الرزاق هو ابن همام صاحب المصنف، و معمر هو ابن راشد و الزهري هو محمد بن مسلم بن شهاب، و ابن المسيب هو سعيد، و هذا إسناد كالشمس.
و هو في «شرح السنة» (590) بهذا الإسناد.
رواه المصنف من طريق عبد الرزاق، و هو في «المصنف» (2644) عن معمر بهذا الإسناد.
و أخرجه البخاري 780 و 782 و 6402 و مسلم 410 و أبو داود 936 و الترمذي 250 و النسائي 2/ 144 و ابن ماجه 852 و مالك 1/ 87 و الشافعي في «المسند» (1/ 76- 77) و أحمد 2/ 233 و ابن خزيمة 569 و ابن حبان 1804 و البيهقي 2/ 57 من طرق كلهم من حديث أبي هريرة.
(1) زيد في المطبوع.
(2) في المطبوع تقديم و تأخير هاهنا مخلّ بالمعنى.
(3) في المطبوع «تقول» و في- ب- «تقولون».
معالم التنزيل فى تفسير القرآن، ج1، ص: 78
(فصل في فضائل «1» فاتحة الكتاب)
[31] أنا أبو الحسن «2» أحمد بن عبد الرحمن بن محمد الكيّالي «3» أنا أبو نصر محمد بن علي بن الفضل الخزاعي، أنا أبو عثمان عمرو «4» بن عبد اللّه البصري ثنا محمد بن عبد «5» الوهّاب، ثنا خالد بن مخلد القطواني «6» حدثني محمد بن جعفر بن أبي كثير هو أخو إسماعيل بن جعفر عن «7» العلاء بن عبد الرحمن عن أبيه، عن أبي هريرة قال:
مرّ رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم على أبي بن كعب و هو قائم يصلي فصاح به فقال: «تعال يا أبي» فعجّل أبي في صلاته، ثم جاء إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم، فقال: «ما منعك يا أبي أن تجيبني إذ دعوتك، أليس اللّه يقول:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَجِيبُوا لِلَّهِ وَ لِلرَّسُولِ إِذا دَعاكُمْ لِما يُحْيِيكُمْ » [الأنفال: 24]؟ قال أبي: لا جرم يا رسول اللّه، لا تدعوني إلا أجبتك و إن كنت مصليا، قال «8» : «تحب أن أعلمك سورة لم ينزل في التوراة و لا في الإنجيل و لا في الزبور و لا في الفرقان «9» مثلها»؟ فقال أبي: نعم يا رسول اللّه! فقال: «لا تخرج من باب المسجد حتى تعلّمها»، و النبي صلّى اللّه عليه و سلّم يمشي يريد أن يخرج من المسجد فلما بلغ الباب ليخرج قال له أبي: السورة، يا رسول اللّه، فوقف فقال: «نعم! كيف تقرأ في صلاتك»؟ فقرأ أبي أمّ القرآن، فقال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «و الذي نفسي بيده ما أنزل في التوراة و لا في الإنجيل و لا في الزبور و لا في الفرقان «10» مثلها و إنما هي السبع من «11» المثاني التي آتاني اللّه عزّ و جلّ»، هذا حديث حسن صحيح.
[31]- صحيح، خالد بن مخلد، روى له البخاري، و فيه ضعف لكن توبع، و شيخه روى له الشيخان، و العلاء من رجال مسلم، و أبوه روى له الشيخان.
و هو في «شرح السنة» (1183) بهذا الإسناد. و قال البغوي: هذا حديث صحيح.
- و أخرجه الترمذي 2875 من طريق قتيبة عن عبد العزيز بن محمد عن العلاء به.
و قال الترمذي: هذا حديث حسن صحيح. و وافقه البغوي.
- و ورد بنحوه مختصرا من طريق عبد الحميد بن جعفر عن العلاء بهذا الإسناد. أخرجه الترمذي 3125 و النسائي 2/ 139 و أحمد 5/ 114 و الحاكم 1/ 557 و ابن خزيمة 500 و ابن حبان 775 و صححه الحاكم، و وافقه الذهبي.
و أخرجه مالك 1/ 83 عن العلاء عن أبي سعيد مولى عامر بن كريز مرسلا.
- و في الباب من حديث أبي سعيد بن المعلى أخرجه البخاري 4474 و 4647 و 4703 و 5006 و أبو داود 1458 و النسائي 2/ 139 و ابن ماجه 3785 و الطيالسي 2/ 9 و أحمد 3/ 211 و 450 و ابن حبان 777 و الطبراني 22/ (303) و البيهقي 2/ 368، و انظر «فتح الباري» (8/ 157).
(1) في المطبوع «فضل».
(2) في «شرح السنة» «أبو الحسين».
(3) وقع في الأصل «الكتاني» و التصويب عن «شرح السنة» و عن «ط».
(4) في الأصل «عمر» و التصويب عن «ط» و عن «شرح السنة».
(5) في الأصل «عبد اللّه الوهّاب» و التصويب عن «شرح السنة».
(6) في الأصل «القطراني» و التصويب عن «شرح السنة» و كتاب «الأنساب» للسمعاني.
(7) في الأصل «ابن العلاء» و التصويب عن «شرح السنة» و كتب التخريج.
(8) في المخطوط «فقال» و المثبت عن «شرح السنة» و المطبوع.
(9) في المطبوع «القرآن».
(10) في المطبوع «القرآن».
(11) لفظ «من» مثبت في المطبوع و «شرح السنة».
معالم التنزيل فى تفسير القرآن، ج1، ص: 79
[32] أخبرنا أبو بكرة محمد بن عبد الصمد الترابي أنا الحاكم أبو الفضل محمد بن الحسين الحدادي، أنا أبو يزيد محمد بن يحيى بن خالد أنا إسحق بن إبراهيم الحنظلي، ثنا يحيى بن آدم ثنا أبو الأحوص عن عمار بن رزيق «1» ، عن عبد اللّه بن عيسى عن سعيد بن جبير، عن ابن عباس قال بينا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم عنده جبريل إذ سمع نقيضا «2» من فوقه: فرفع جبريل بصره إلى السماء فقال: هذا باب فتح من السماء ما فتح قط، قال: فنزل منه ملك فأتى النبي صلّى اللّه عليه و سلّم فقال: «أبشر بنورين أوتيتهما لم يؤتهما نبي قبلك، فاتحة الكتاب و خواتيم سورة البقرة لن تقرأ حرفا منهما إلا أعطيته»، صحيح.
[33] أخبرنا أبو الحسن محمد بن محمد الشّيرزي «3» حدثنا زاهر بن أحمد السرخسي، أنا أبو إسحاق إبراهيم بن عبد الصمد الهاشمي، أنا أبو مصعب أحمد بن أبي بكر الزهري عن مالك عن العلاء بن عبد الرحمن: أنه سمع أبا السائب مولى هشام بن زهرة يقول: سمعت أبا هريرة يقول:
قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «من صلّى صلاة لم يقرأ فيها بأم القرآن فهي [خداج، هي خداج] «4» خداج غير تمام»، قال: فقلت: يا أبا هريرة إني أحيانا أكون وراء الإمام؟ فغمز «5» ذراعي و قال: اقرأ بها يا فارسي «6» في نفسك فإني سمعت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم يقول: «قال اللّه عزّ و جلّ قسمت الصلاة بيني و بين عبدي نصفين، فنصفها «7» لي و نصفها لعبدي و لعبدي ما سأل»، قال رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم: «اقرؤوا يقول العبد: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (2) يقول اللّه: حمدني عبدي، يقول العبد: الرحمن الرحيم، يقول اللّه: أثنى عليّ عبدي، يقول العبد: مالك يوم الدين، يقول اللّه: مجدني عبدي، يقول العبد: إيّاك نعبد و إيّاك نستعين، يقول اللّه عزّ و جلّ: هذه الآية بيني و بين عبدي، و لعبدي «8» ما سأل، يقول العبد: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لَا الضَّالِّينَ ، يقول اللّه: فهؤلاء لعبدي و لعبدي ما سأل».
صحيح. [و أخرجه مسلم عن قتيبة عن مالك] «9» .
[32]- حديث صحيح، رجاله رجال مسلم، أبو الأحوص هو سلام بن سليم الكوفي.
و هو في «شرح السنة» (1194) بهذا الإسناد.
و أخرجه مسلم 806 و النسائي 2/ 138 و الحاكم 1/ 558- 559 و ابن حبان 778 و الطبراني في «الكبير» 12255 من طرق عن عمار بن رزيق بهذا الإسناد.
[33]- إسناده صحيح على شرط مسلم. أبو مصعب هو أحد الأئمة ممن روى موطأ الإمام مالك بن أنس، و هو مطبوع.
و هو في «شرح السنة» (579) بهذا الإسناد.
و أخرجه المصنف من طريق مالك، و هو في «الموطأ» (1/ 84) عن العلاء به.
- و أخرجه مسلم 395 و أبو داود 821 و الترمذي 2953 و النسائي 2/ 135- 136 و ابن ماجه 838 و 3784 و عبد الرزاق 2767 و 2768 و ابن أبي شيبة 1/ 360 و أحمد 2/ 241 و 457 و 460 و ابن خزيمة 490 و ابن حبان 776 من حديث أبي هريرة رواه بعضهم. مطوّلا، و بعضهم مختصرا.
(1) في الأصل «ذريق» و التصويب عن «شرح السنة» و كتب التخريج و التراجم.
(2) في المطبوع «نقضا».
(3) وقع في النسخ، «الشيرازي» و التصويب عن «شرح السنة» و «الأنوار» (373)
(4) ما بين المعقوفتين سقط من المطبوع.
(5) غمزه بيده: شبه نخسه.
(6) في المطبوع «يا قارئ».
(7) في المطبوع «نصفها».
(8) في المطبوع «فلعبدي».
(9) ما بين المعقوفتين سقط من الأصل و استدرك من «ط».
معالم التنزيل فى تفسير القرآن، ج1، ص: 80
2- سورة البقرة
[سورة البقرة مدنية و هي مائتان و ثمانون و سبع آيات] «1»
[سورة البقرة (2): الآيات 1 الى 2]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الم (1) ذلِكَ الْكِتابُ لا رَيْبَ فِيهِ هُدىً لِلْمُتَّقِينَ (2)
الم قال الشعبي و جماعة: آلم و سائر حروف الهجاء في أوائل السور من المتشابه الذي استأثر اللّه بعلمه، و هي سرّ القرآن، فنحن نؤمن بظاهرها و نكل العلم فيها إلى اللّه تعالى، و فائدة ذكرها طلب الإيمان بها.
قال أبو بكر الصديق [رضي اللّه عنه] «2» : في كل كتاب سرّ و سرّ اللّه في القرآن أوائل السور.
و قال علي [رضي اللّه عنه]: إن لكل كتاب صفوة و صفوة هذا الكتاب حروف التهجي.
و قال داود بن أبي هند: كنت أسأل الشعبي عن فواتح السور فقال: يا داود إن لكل كتاب سرّا و إن سرّ القرآن فواتح السور فدعها، و سل عما سوى ذلك.
و قال جماعة: [هي] «3» معلومة المعاني، فقيل: كل حرف منها مفتاح اسم من أسمائه كما قال ابن عباس في كهيعص (1) [مريم: 1]، الكاف من كاف، و الهاء من هاد و الياء من حكيم «4» و العين من عليم و الصاد من صادق، و قيل في المص (1) [الأعراف: 1] أنا اللّه الملك الصادق، و قال الربيع بن أنس في آلم: الألف مفتاح اسمه اللّه و اللام مفتاح اسمه اللطيف و الميم مفتاح اسمه المجيد.
و قال محمد بن كعب: الألف آلاء اللّه و اللام لطفه و الميم ملكه، و روى سعيد بن جبير عن ابن عباس أنه قال: معنى الم أنا اللّه أعلم، و معنى المص أنا اللّه أعلم و أفضل، و معنى الر: أنا اللّه أرى، و معنى المر [الرعد: 1] أنا اللّه أعلم و أرى. قال الزجاج: و هذا حسن فإن العرب تذكر حرفا من كلمة تريدها كقولهم:
قلت لها قفي فقالت «5» قاف
أي: وقفت.
و عن سعيد بن جبير قال: هي أسماء اللّه تعالى مقطعة لو أحسن الناس تأليفها لعلموا اسم اللّه الأعظم، ألا ترى أنك تقول المر و حم و ن فتكون الرحمن، و كذلك سائرها إلا أنا لا نقدر على وصلها.
و قال قتادة: هذه الحروف أسماء القرآن، و قال مجاهد و ابن زيد: هي أسماء السور، و بيانه أن
(1) سقط من المطبوع.
(2) ما بين المعقوفتين زيادة عن المخطوط.
(3) زيادة عن المخطوط.
(4) في المخطوط وحده «حليم».