کتابخانه تفاسیر
مفاتيح الغيب
الجزء الأول
سورة الفاتحة
[سورة الفاتحة(1): الآيات 1 الى 7]
مقدمة و ففيها فصول:
الكتاب الأول في العلوم المستنبطة من قوله: أعوذ بالله من الشيطان الرجيم
القسم الأول من هذا الكتاب في المباحث الأدبية المتعلقة بهذه الكلمة، و فيه أبواب.
القسم الثاني من هذا الكتاب المشتمل على تفسير(أعوذ بالله من الشيطان الرجيم) في المباحث النقلية و العقلية، و فيه أبواب: -.
الكتاب الثاني في مباحث بسم الله الرحمن الرحيم و فيه أبواب
الباب السابع في الأسماء الدالة على الصفات الحقيقية مع الإضافية، و فيه فصول:
الكتاب الثالث الكلام في سورة الفاتحة و في ذكر أسماء هذه السورة،
الباب الخامس في تفسير سورة الفاتحة، و فيه فصول
الكلام في تفسير مجموع هذه السورة، و فيه فصول
الجزء الثاني
سورة البقرة
الجزء الثالث
تتمة سورة البقرة
الجزء الرابع
تتمة سورة البقرة
الجزء الخامس
تتمة سورة البقرة
الجزء السادس
تتمة سورة البقرة
الجزء السابع
[سورة البقرة(2): الآيات 258 الى 259]
سورة آل عمران
الجزء الثامن
تتمة سورة آل عمران
الجزء التاسع
تتمة سورة آل عمران
سورة النساء
الجزء العاشر
تتمة سورة النساء
الجزء الحادي عشر
تتمة سورة النساء
سورة المائدة(5)
الجزء الثاني عشر
تتمة سورة المائدة
سورة الأنعام
الجزء الثالث عشر
تتمة سورة الأنعام
الجزء الرابع عشر
سورة الأعراف
الجزء الخامس عشر
تتمة سورة الأعراف
سورة الأنفال
الجزء السادس عشر
تتمة سورة التوبة
الجزء السابع عشر
سورة يونس
سورة هود
الجزء الثامن عشر
تتمة سورة هود
سورة يوسف
الجزء التاسع عشر
تتمة سورة الرعد
سورة إبراهيم
سورة الحجر
الجزء العشرون
تتمة سورة النحل
سورة الإسراء
الجزء الواحد و العشرون
تتمة سورة الإسراء
سورة الكهف
سورة مريم عليها السلام
الجزء الثاني و العشرون
سورة طه
سورة الأنبياء عليهم السلام
الجزء الثالث و العشرون
سورة الحج
سورة المؤمنون
سورة النور
الجزء الرابع و العشرون
تتمة سورة النور
سورة الفرقان
سورة الشعراء
سورة النمل
سورة القصص
الجزء الخامس و العشرون
تتمة سورة القصص
سورة العنكبوت
سورة الروم
سورة لقمان عليه السلام
سورة السجدة
سورة الأحزاب
سورة سبا
الجزء السادس و العشرون
سورة فاطر
سورة يس
سورة الصافات
سورة ص
سورة الزمر
الجزء السابع و العشرون
سورة المؤمن
سورة فصلت السجدة
سورة الشورى
سورة الزخرف
الجزء الثامن و العشرون
سورة الأحقاف
سورة محمد صلى الله عليه و سلم
سورة الفتح
سورة الحجرات
سورة ق
سورة الذاريات
سورة الطور
سورة النجم
الجزء التاسع و العشرون
تتمة سورة النجم
سورة القمر
سورة الرحمن
سورة الواقعة
سورة الحديد
سورة المجادلة
سورة الحشر
الجزء الثلاثون
سورة الملك
سورة القلم
سورة الحاقة
سورة المعارج
سورة نوح عليه السلام
سورة الجن
سورة المزمل عليه السلام
سورة المدثر
سورة القيامة
سورة الإنسان
سورة المرسلات
الجزء الواحد و الثلاثون
سورة النبأ
سورة النازعات
سورة عبس
سورة التكوير
سورة الانشقاق
سورة الأعلى
سورة الغاشية
سورة الفجر
سورة البلد
سورة الشمس
الجزء الثاني و الثلاثون
سورة العلق
سورة العاديات
مفاتيح الغيب، ج1، ص: 21
الجزء الأول
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ
الحمد للّه الذي وفقنا لأداء أفضل الطاعات، و وفقنا على كيفية اكتساب أكمل السعادات، و هدانا إلى قولنا: أعوذ باللّه من الشيطان الرجيم من كل المعاصي و المنكرات بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ نشرع في أداء كل الخيرات و المأمورات الْحَمْدُ لِلَّهِ الذي له ما في السموات رَبِّ الْعالَمِينَ بحسب كل الذوات و الصفات الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ على أصحاب الحاجات و أرباب الضرورات مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ في إيصال الأبرار إلى الدرجات، و إدخال الفجار في الدركات إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ في القيام أداء جملة التكليفات، اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ بحسب كل أنواع الهدايات صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ في كل الحالات و المقامات غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لَا الضَّالِّينَ من أهل الجهالات و الضلالات.
و الصلاة على محمد المؤيد بأفضل المعجزات و الآيات، و على آله و صحبه بحسب تعاقب الآيات و سلم تسليما.
أما بعد: فهذا كتاب مشتمل على شرح بعض ما رزقنا اللّه تعالى من علوم سورة الفاتحة، و نسأل اللّه العظيم أن يوفقنا لإتمامه، و أن يجعلنا في الدارين أهلا لإكرامه و إنعامه، إنه خير موفق و معين، و بإسعاف الطالبين قمين، و هذا الكتاب مرتب على مقدمة و كتب.
سورة الفاتحة
[سورة الفاتحة (1): الآيات 1 الى 7]
بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ (1)
مقدمة و ففيها فصول:
الفصل الأول في التنبيه على علوم هذه السورة على سبيل الإجمال
علوم الفاتحة اعلم أنه مر على لساني في بعض الأوقات أن هذه السورة الكريمة يمكن أن يستنبط من فوائدها و نفائسها عشرة آلاف مسألة، فاستبعد هذا بعض الحساد، و قوم من أهل الجهل و الغي و العناد، و حملوا ذلك على ما ألفوه من أنفسهم من التعلقات الفارغة عن المعاني، و الكلمات الخالية عن تحقيق المعاقد و المباني، فلما شرعت في تصنيف هذا الكتاب، قدمت هذه المقدمة لتصير كالتنبيه على أن ما ذكرناه أمر ممكن الحصول، قريب الوصول، فنقول و باللّه التوفيق:
مفاتيح الغيب، ج1، ص: 22
تفسير الاستعاذة
إن قولنا: (أعوذ باللّه من الشيطان الرجيم) لا شك أن المراد منه الاستعاذة باللّه من جميع المنهيات و المحظورات، و لا شك أن المنهيات إما أن تكون من باب/ الاعتقادات، أو من باب أعمال الجوارح، أما الاعتقادات فقد جاء في الخبر المشهور
قوله صلّى اللّه عليه و سلم «ستفترق أمتي على ثلاث و سبعين فرقة: كلهم في النار إلا فرقة واحدة»
و هذا يدل على أن الاثنتين و السبعين موصوفون بالعقائد الفاسدة، و المذاهب الباطلة، ثم إن ضلال كل واحدة من أولئك الفرق غير مختص بمسألة واحدة، بل هو حاصل في مسائل كثيرة من المباحث المتعلقة بذات اللّه تعالى، و بصفاته، و بأحكامه، و بأفعاله، و بأسمائه، و بمسائل الجبر، و القدر، و التعديل، و التجويز، و الثواب، و المعاد، و الوعد، و الوعيد، و الأسماء، و الأحكام، و الإمامة، فإذا وزعنا عدد الفرق الضالة- و هو الاثنتان و السبعون- على هذه المسائل الكثيرة بلغ العدد الحاصل مبلغا عظيما، و كل ذلك أنواع الضلالات الحاصلة في فرق الأمة، و أيضا فمن المشهور أن فرق الضلالات من الخارجين عن هذه الأمة يقربون من سبعمائة، فإذا ضمت أنواع ضلالاتهم إلى أنواع الضلالات الموجودة في فرق الأمة في جميع المسائل العقلية المتعلقة بالإلهيات، و المتعلقة بأحكام الذوات و الصفات بلغ المجموع مبلغا عظيما في العدد، و لا شك أن قولنا (أعوذ باللّه) يتناول الاستعاذة من جميع تلك الأنواع، و الاستعاذة من الشيء لا تمكن إلا بعد معرفة المستعاذ منه، و إلا بعد معرفة كون ذلك الشيء باطلا و قبيحا، فظهر بهذا الطريق أن قولنا: (أعوذ باللّه) مشتمل على الألوف من المسائل الحقيقية اليقينية، و أما الأعمال الباطلة فهي عبارة عن كل ما ورد النهي عنه إما في القرآن، أو في الأخبار المتواترة، أو في أخبار الآحاد، أو في إجماع الأمة، أو في القياسات الصحيحة، و لا شك أن تلك المنهيات تزيد على الألوف، و قولنا (أعوذ باللّه) متناول لجميعها و جملتها، فثبت بهذا الطريق أن قولنا (أعوذ باللّه) مشتمل على عشرة آلاف مسألة أو أزيد أو أقل من المسائل المهمة المعتبرة.
مفاتيح الغيب، ج1، ص: 23
سورة الفاتحة
تفسير البسملة
: و أما قوله جل جلاله: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ ففيه نوعان من البحث: النوع الأول: قد اشتهر عند العلماء أن للّه تعالى ألفا و واحدا من الأسماء المقدسة المطهرة، و هي موجودة في الكتاب و السنة و لا شك أن البحث عن كل واحد من تلك الأسماء مسألة شريفة عالية، و أيضا فالعلم بالاسم لا يحصل إلا إذا كان مسبوقا بالعلم بالمسمى، و في البحث عن ثبوت تلك المسميات، و عن الدلائل الدالة على ثبوتها، و عن أجوبة الشبهات التي تذكر في نفيها مسائل كثيرة، و مجموعها يزيد على الألوف، النوع الثاني: من مباحث هذه الآية: أن الباء في قوله بِسْمِ اللَّهِ باء الإلصاق، و هي متعلقة بفعل، و التقدير: باسم اللّه أشرع في أداء الطاعات، و هذا المعنى لا يصير ملخصا معلوما إلا بعد الوقوف على أقسام الطاعات، و هي العقائد الحقة و الأعمال الصافية مع الدلائل و البينات، و مع الأجوبة عن الشبهات، و هذا المجموع ربما زاد على عشرة آلاف مسألة.
و من اللطائف أن قوله (أعوذ باللّه) إشارة إلى نفي ما لا ينبغي من العقائد و الأعمال، و قوله بِسْمِ اللَّهِ إشارة إلى ما ينبغي من الاعتقادات و العمليات، فقوله بِسْمِ اللَّهِ لا يصير/ معلوما إلا بعد الوقوف على جميع العقائد الحقة، و الأعمال الصافية، و هذا هو الترتيب الذي يشهد بصحته العقل الصحيح، و الحق الصريح.
نعم اللّه تعالى التي لا تحصى
: أما قوله جل جلاله الْحَمْدُ لِلَّهِ فاعلم أن الحمد إنما يكون حمدا على النعمة، و الحمد على النعمة لا يمكن إلا بعد معرفة تلك النعمة، لكن أقسام نعم اللّه خارجة عن التحديد و الإحصاء، كما قال تعالى: وَ إِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوها [إبراهيم: 34] و لنتكلم في مثال واحد، و هو أن العاقل يجب أن يعتبر ذاته، و ذلك لأنه مؤلف من نفس و بدن، و لا شك أن أدون الجزءين و أقلهما فضيلة و منفعة هو البدن، ثم إن أصحاب التشريح وجدوا قريبا من خمسة آلاف نوع من المنافع و المصالح التي دبرها اللّه عز و جل بحكمته في تخليق بدن الإنسان، ثم إن من وقف على هذه الأصناف المذكورة في «كتب التشريح» عرف أن نسبة هذا القدر المعلوم المذكور إلى ما لم يعلم و ما لم يذكر كالقطرة في البحر المحيط، و عند هذا يظهر أن معرفة أقسام حكمة الرحمن في خلق الإنسان تشتمل على عشرة آلاف مسألة أو أكثر، ثم إذا ضمت إلى هذه الجملة آثار حكم اللّه تعالى في تخليق العرش و الكرسي و أطباق السموات، و أجرام النيرات من الثوابت و السيارات، و تخصيص كل واحد منها بقدر مخصوص و لون مخصوص و غير مخصوص، ثم يضم إليها آثار حكم اللّه تعالى في تخليق الأمهات
مفاتيح الغيب، ج1، ص: 24
و المولدات من الجمادات و النباتات و الحيوانات و أصناف أقسامها و أحوالها- علم أن هذا المجموع مشتمل على ألف ألف مسألة أو أكثر أو أقل، ثم إنه تعالى نبه على أن أكثرها مخلوق لمنفعة الإنسان، كما قال تعالى:
وَ سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ [الجاثية: 13] و حينئذ يظهر أن قوله جل جلاله: الْحَمْدُ لِلَّهِ مشتمل على ألف ألف مسألة، أو أكثر أو أقل.
أنواع العالم و إمكان وجود عوالم أخرى
: و أما قوله جل جلاله: رَبِّ الْعالَمِينَ فاعلم أن قوله: رَبِ مضاف و قوله: الْعالَمِينَ مضاف إليه، و إضافة الشيء إلى الشيء تمتنع معرفتها إلا بعد حصول العلم بالمتضايفين، فمن المحال حصول العلم بكونه تعالى ربا للعالمين إلا بعد معرفة رب و العالمين، ثم إن العالمين عبارة عن كل موجود سوى اللّه تعالى، و هي على ثلاثة أقسام: المتحيزات، و المفارقات، و الصفات. أما المتحيزات فهي إما بسائط أو مركبات، أو البسائط فهي الأفلاك و الكواكب و الأمهات، و أما المركبات فهي المواليد الثلاثة، و اعلم أنه لم يقم دليل على أنه لا جسم إلا هذه الأقسام الثلاثة، و ذلك لأنه ثبت بالدليل أنه حصل خارج العالم خلاء لا نهاية له، و ثبت بالدليل أنه تعالى قادر على جميع الممكنات، فهو تعالى قادر على أن يخلق ألف ألف عالم خارج العالم،/ بحيث يكون كل واحد من تلك العوالم أعظم و أجسم من هذا العالم، و يحصل في كل واحد منها مثل ما حصل في هذا العالم من العرش و الكرسي و السموات و الأرضين و الشمس و القمر، و دلائل الفلاسفة في إثبات أن العالم واحد دلائل ضعيفة ركيكة مبنية على مقدمات واهية، قال أبو العلاء المعري:-
يا أيها الناس كم للّه من فلك
تجري النجوم به و الشمس و القمر
هين على اللّه ماضينا و غابرنا
فما لنا في نواحي غيره خطر
و معلوم أن البحث عن هذه الأقسام التي ذكرناها للمتحيزات مشتمل على ألوف ألوف من المسائل، بل الإنسان لو ترك الكل و أراد أن يحيط علمه بعجائب المعادن المتولدة في أرحام الجبال من الفلزات و الأحجار الصافية و أنواع الكباريت و الزرانيخ و الأملاح، و أن يعرف عجائب أحوال النبات مع ما فيها من الأزهار و الأنوار و الثمار، و عجائب أقسام الحيوانات من البهائم و الوحوش و الطيور و الحشرات- لنفد عمره في أقل القليل من هذه المطالب، و لا ينتهي إلى غورها كما قال تعالى: وَ لَوْ أَنَّ ما فِي الْأَرْضِ مِنْ شَجَرَةٍ أَقْلامٌ وَ الْبَحْرُ يَمُدُّهُ مِنْ بَعْدِهِ سَبْعَةُ أَبْحُرٍ ما نَفِدَتْ كَلِماتُ اللَّهِ [لقمان: 27] و هي بأسرها و أجمعها داخلة تحت قوله رَبِّ الْعالَمِينَ .
رحمة اللّه تعالى بعباده لا تنحصر أنواعها