کتابخانه تفاسیر
من هدى القرآن
الجزء الأول
سورة البقرة
سورة آل عمران
الجزء الثاني
سورة النساء
سورة المائدة
الجزء الثالث
سورة الانعام
سورة الأعراف
الجزء الرابع
سورة الأنفال
سورة التوبة
سورة يونس
الجزء الخامس
سوره هود
سورة يوسف
سورة الرعد
سورة إبراهيم
الجزء السادس
سورة النحل
سورة الإسراء
سورة الكهف
المجلد السابع
سوره مريم
سورة طه
سورة الأنبياء
الجزء الثامن
سورة الحج
سورة المؤمنون
سورة النور
الجزء التاسع
سورة شعراء
الجزء العاشر
الجزء الحادي عشر
الجزء الثاني عشر
الجزء الثالث عشر
الجزء الرابع عشر
الجزء الخامس عشر
الجزء السادس عشر
من هدى القرآن، ج4، ص: 333
«وَ يَتَفَكَّرُونَ فِي خَلْقِ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ رَبَّنا ما خَلَقْتَ هذا باطِلًا سُبْحانَكَ فَقِنا عَذابَ النَّارِ» (آل عمران/ 191) حين نجد كيف يتدرج المتفكّر في خلق السموات و الأرض من معرفة هدفيّة الخلق، و أنه لم يخلق باطلا، حتى يصل الى التقوى من الله و الحذر من عذابه.
من هدى القرآن، ج4، ص: 334
[سورة يونس (10): الآيات 7 الى 10]
من هدى القرآن، ج4، ص: 335
الكفر و الايمان الأسباب و النتائج
هدى من الآيات:
مع هذه الآيات الواضحة المبثوثة في آفاق الأرض، و التي نبّهت إليها آيات/ 281 الدرس السابق، لماذا يكفر فريق من الناس؟
باختصار: لأنهم لا يحبون لقاء الله، و رضوا بالحياة الدنيا، و اطمأنت نفوسهم بما فيها من زخرفة و متع زائلة، و زعموا بأنها باقية لهم أبدا، و لأنهم بالتالي غفلوا عن آيات اللّه التي تدلّهم على ان للدنيا نهاية، و أنهم خلقوا للبقاء في عالم آخر.
و ما هي عاقبة هذا الفريق الكافر؟.
أولئك مأواهم النار، ذلك لأن هذه النظرة الضيقة الى حياتهم، تجعلهم يقترفون ذنوبا و يحترفون آثاما تستوجب لهم النار.
بينما الذين آمنوا بالله، و بأن وراء حياتهم هذه حياة أخرى يهديهم الله، لذلك عملوا صالحا لحصول مرضاة الله و نعيم الآخرة، لذلك تراهم مهتدين لأن الله يجعل
من هدى القرآن، ج4، ص: 336
من ايمانهم ضياء يهديهم به الى حقائق الأشياء، و عند الله يجزون بجنات النعيم التي تجري من تحتها الأنهار.
إنهم يزدادون ايمانا باللّه لذلك فدعاؤهم عند الله «سُبْحانَكَ اللَّهُمَّ» و تحيتهم فيما بينهم «السلام»، فعلاقتهم بالله و هكذا بإخوانهم تزداد متانة، و نفوسهم راضية مرضية و لذلك يقولون «الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ» .
بينات من الآيات:
هل ترجو لقاء الله؟
[7] اللقاء مع الله خالق السموات و الأرض، الرحمن الرحيم، هدف/ 282 سام يرجى بلوغه لما فيه من مصالح هامة، و لكن بعض الناس لا يرجون لقاء الله، فهم غير مرتبطين بهدف أسمى في حياتهم، لذلك تجدهم يهتمون بعاجل الدنيا، يحسبون ما فيها من لذائذ و متع هي كل شيء.
إِنَّ الَّذِينَ لا يَرْجُونَ لِقاءَنا وَ رَضُوا بِالْحَياةِ الدُّنْيا بينما هم غافلون عما حولهم من آيات بيّنات، تدل على أن الإنسان أرفع درجة من سائر الأحياء، و أنه قادر على بلوغ مراتب عالية، لذلك لا يعيشون قلق المؤمنين النفسي الذي يبعثهم الى النشاط من أجل بلوغ تلك المراتب، بل تجدهم يطمئنون بالحياة الدنيا، يرضون بما فيها من متع و لذات، كالبهيمة السائبة همّها علفها!! وَ اطْمَأَنُّوا بِها وَ الَّذِينَ هُمْ عَنْ آياتِنا غافِلُونَ و قليل من التفكر في آيات الله، يبعث الفرد الى الايمان بأن الدنيا هذه الحلقة الفارغة التي لا تعني شيئا، انها أتفه من أن تكون هدف البشر، عمل و أكل و نوم،
من هدى القرآن، ج4، ص: 337
ثم تكرار ذات الاسطوانة، أعمل لتأكل، و كل لتنام، و نم لتعمل غدا .. و هكذا!! [8] لأن هؤلاء الناس اطمأنوا بالدنيا، فأن الدنيا سلّمتهم الى النار، لأن الذي يحسب الدنيا نهاية مطافه، يجترح السيئات و يكتسب شرا، و ذلك الشر يتحول في القيامة الى عذاب اليم.
أُولئِكَ مَأْواهُمُ النَّارُ بِما كانُوا يَكْسِبُونَ فاكتسابهم الشر هو الذي سبّب لهم النار، و لكن/ 283 هذا الكسب كان بسبب سوء عقائدهم ..
النموذج المعاكس:
[9] و في مقابل هذا الفريق نجد الذين آمنوا بالله و باليوم الآخر، فأصبح ايمانهم هذا سببا لتطلعهم الأسمى نحو مرضاة الله، فكانت حياتهم ذات مغزى و هدف، فلم يأكلوا ليعملوا، ثم ليأكلوا ثم ليعملوا و هكذا بل أكلوا للعمل و عملوا لله، و ليس للأكل المجرد، و هكذا عملوا الصالحات، فلم يعملوا لكي يصلوا الى الشهوات العاجلة، بل فقط العمل الصالح ذا النهج السليم الذي لم يضر بهم.
إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ إن انتزاع واقع الهدفية من الحياة، كما فعل الكفار يخرب المعادلة في فهم اهداف الكون، و يحدث الحلقة المفقودة التي تجعل فهمنا لسائر القضايا فهما محدودا، بل ناقصا، بل متناقضا، ما هذه الدنيا و لماذا خلق فيها الشقاء و العذاب؟ و لماذا أعطي الجبابرة و الطغاة فرصة الاعتداء على الناس و هل الموت تلك النهاية الباردة لحرارة الحياة؟
و هذا ما يجعلنا نرى ظواهر الكون بعين واحدة، و من بعد واحد، و حين يؤمن
من هدى القرآن، ج4، ص: 338
الإنسان بالغيب و بالآخرة يجد تلك الحلقة المفقودة، و يكتشف السر الخفي، و بالتالي تكتمل عنده أجزاء المعادلة، فيفهم كل شيء لذلك قال ربنا:
يَهْدِيهِمْ رَبُّهُمْ بِإِيمانِهِمْ هذا في الدنيا .. أما في الآخرة فهم في جنات.
تَجْرِي مِنْ تَحْتِهِمُ الْأَنْهارُ فِي جَنَّاتِ النَّعِيمِ
/ 284
متعة المؤمنين:
[10] كل ما في الجنة بعد الموت يمكن أن نوجد منها صورة مصغّرة في الدنيا قبل الموت، بل هو انعكاس لما في الدنيا، و المؤمنون في الآخرة يتمتعون بما يلي:
ألف: انهم ينزهون الله عما يتصل بخلق الله، و كلما وجدوا جمالا و قوة و نظاما نسبوه الى مصدره، و هو جمال الله و قوته و حكمته، و كلما وجدوا ضعفا عرفوا بأن رب الخلق منزه عنه، و لذلك فيمكن أن يرفع بعض النقص عن خلقه مستقبلا، لذلك فهم يتحركون في سلم التكامل، لذلك تجد الكلمة المفضّلة، عندهم هي «سبحان الله» و تلك دعواهم.
دَعْواهُمْ فِيها سُبْحانَكَ اللَّهُمَ باء: ان علاقتهم ببعضهم علاقة سلمية.
وَ تَحِيَّتُهُمْ فِيها سَلامٌ جيم: و علاقتهم بالأشياء حسنة، فهم أبدا راضون عمّا أنعم الله عليهم.
وَ آخِرُ دَعْواهُمْ أَنِ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ
من هدى القرآن، ج4، ص: 339
[سورة يونس (10): الآيات 11 الى 14]