کتابخانه تفاسیر
من هدى القرآن
الجزء الأول
سورة البقرة
سورة آل عمران
الجزء الثاني
سورة النساء
سورة المائدة
الجزء الثالث
سورة الانعام
سورة الأعراف
الجزء الرابع
سورة الأنفال
سورة التوبة
سورة يونس
الجزء الخامس
سوره هود
سورة يوسف
سورة الرعد
سورة إبراهيم
الجزء السادس
سورة النحل
سورة الإسراء
سورة الكهف
المجلد السابع
سوره مريم
سورة طه
سورة الأنبياء
الجزء الثامن
سورة الحج
سورة المؤمنون
سورة النور
الجزء التاسع
سورة شعراء
الجزء العاشر
الجزء الحادي عشر
الجزء الثاني عشر
الجزء الثالث عشر
الجزء الرابع عشر
الجزء الخامس عشر
الجزء السادس عشر
من هدى القرآن، ج15، ص: 326
و سواء كان معنى (عاقبتم) حصلتم على الغنيمة عبر تعاقب الحرب مع الكفار، أو التقاصي من الكفار و عدم اعطائهم المهر، عقابا لهم لأنهم لم يدفعوا المهر، أو إرادة الزواج المجدّد (زواجه الأول)، أقول: سواء كان المعنى واحدا من الثلاث/ 361 فإنّ الذي فاتته زوجته إلى الكفّار يحصل على مهره من بيت المال، و قد نقل المفسرون أنّ النبي دفع لستة من المسلمين مهر أزواجهن اللائي فاتن إلى الكفار «1» .
وَ اتَّقُوا اللَّهَ الَّذِي أَنْتُمْ بِهِ مُؤْمِنُونَ من أن يدّعي أحد بأنّه أنفق على زوجته أكثر مما أنفق بالفعل لكي يستغل هذا القانون استغلالا سلبيا، أو أن يستهين النظام الإسلامي بحقوق هذا الفريق فلا يؤتيهم ما أنفقوا، كما يأتي التأكيد على التقوى باعتباره المرتكز في التكافل الاجتماعي، فكلّما كانت التقوى عميقة كلّما أصبح التكافل أكثر و أعمق.
[12] و في سياق حديث السورة عن الولاء و عن أن الولاء المبدئي أعظم من الولاء للزوج أو الأرحام يبيّن السياق استقلالية المرأة في مبايعتها و اختيارها للقيادة، فهي ليس كما يتصوّر بعض الرجال أو كما تظن بعض النساء تابعة للرجل في كلّ شيء، كلّا .. إنّها يحقّ لها بل يجب عليها أن تختار قيادتها بنفسها، و أن تظهر الولاء و تنشئ عقد الطاعة بينها و بين قيادتها، و هنا تشير الآية إلى أهم مفردات عقد البيعة مع القيادة الرسالية من قبل المرأة، و الواجب التزامها بها.
(1) راجع القرطبي/ ج 18 ص 70
من هدى القرآن، ج15، ص: 327
فلا يخضعن لسيادة غير السيادة الإلهية بالتسليم المطلق/ 362 للأزواج و الأقارب، إنّما يجب أن يخلصن الولاء و الطاعة للقيادة الرسالية وحدها، و هذا هو أصل الولاء، و هو التجلّي الحقيقي للتوحيد في حياة الفرد، و لعل هذه البصيرة تهدينا إلى ضرورة مشاركة المرأة في الحقل السياسي انطلاقا من واجبها في إقامة حكم اللّه، و مناهضة قوى الشرك و الضلال، و عليها أن تنتخب الوليّ الشرعي بمحض إرادتها و كامل حريتها.
وَ لا يَسْرِقْنَ من أزواجهنّ أو من أبناء المجتمع.
وَ لا يَزْنِينَ و لعل هذين الشرطين موجهين بالخصوص للمهاجرات اللائي تركن أزواجهن، لأنّهنّ فقدن المنفق فقد تدعوهن الحاجة إلى السرقة، أو تضطرهن شهوة الجنس إلى الزنا، بينما الآية بلفظها مطلقة تشمل كل امرأة مسلمة.
وَ لا يَقْتُلْنَ أَوْلادَهُنَ معنويّا و لا ماديّا، و لعل الإجهاض من مفردات القتل المنصرفة إليها الآية الكريمة.
وَ لا يَأْتِينَ بِبُهْتانٍ يَفْتَرِينَهُ بَيْنَ أَيْدِيهِنَّ وَ أَرْجُلِهِنَ و هاتان المفردتان تتصلان بموضوع الزنا اتصالا مباشرا، فإنّ الزانية التي تتورّط بالحمل تجد نفسها أمام خيارين: فأما تتخلّص من عار الزنا بقتل حملها، و أما ترمي به أحدا بأنّه اغتصبها، و لعل هذه الصفات (السرقة، و الزنا، و إتيان البهتان) مما
من هدى القرآن، ج15، ص: 328
عرفت به المرأة في الجاهلية، كما أنّها/ 363 بصورة عامة من أبرز المفردات الخلقية و السلوكية التي يمكن أن تتورط فيها المرأة، و بالذات البهتان، فإنّ موقع المرأة الحساس في المجتمع المسلم يجعلها أمضى أثرا في النيل من شخصيات الآخرين و أعراضهم، كما أنّها مرهفة الإحساس فقد تظن السوء في رجل نظر إليها من غير قصد.
و قد أجمع أشهر المفسرين على أنّ المقصود هو الحمل باعتباره يقع بين اليدين و الرجلين، و بينهما ينشأ و يرتضع.
وَ لا يَعْصِينَكَ فِي مَعْرُوفٍ بل يسلمن تسليما مطلقا للقيادة الرسالية، باعتبارها السلطة الشرعية و الوليّ الأكبر في المجتمع المسلم، فلا يجوز للمرأة أن تجعل لأحد مهما كان (زوجها أو أبوها أو أخوها) ولاية فوق ولاية قيادتها، أو أن تعصيها و لو في معروف واحد.
و المعروف هو عموم الواجبات و الخيرات،
قال الإمام أبو عبد اللّه الصادق (ع) :
هو ما فرض الله عليهن من الصلاة و الزكاة، و ما أمرهن به من خير
«1» ، و لعلّنا نستشفّ من قوله «في معروف» أنّ الولاية الحقيقية للقيادة واقعة في حدود ولاية اللّه، فلو أنّها- جدلا- أمرت بغير المعروف لا يجوز اتباعها، بل يكون عصيانها هو الأولى، و هذا الأمر محتمل في غير القيادات المعصومة.
و هذه المفردات التي يفرضها الإسلام شروطا للبيعة مع القيادة الرسالية تظهر اهتمام الدّين بالمرأة، باعتبار أن صلاح المجتمع متأسّس على صلاحها. و إذا قبلت المؤمنات تلك الشروط و التزمن بها/ 364 هنا لك تبايعهن القيادة.
(1) نور الثقلين/ ج 5 ص 308
من هدى القرآن، ج15، ص: 329
فَبايِعْهُنَّ وَ اسْتَغْفِرْ لَهُنَّ اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ و استغفار الرسول لهنّ الأخطاء السابقة و الجانبية التي قد يتورّطن فيها، و هذه الآية تعطي المعنى الحقيقي للهجرة بأنّه ليس مجرد الانتقال من مجتمع إلى آخر صالح، أو الانفصال المادي عن المجتمع الضال، إنّما هو التطهّر من السلوكيات المنحرفة التي كانت سائدة على المجتمع الضال، كالسرقة و الزنا و البهتان و .. و ..
التي تعرضت الآية لذكر أهمّها.
[13] و في ختام السورة يؤكد ربنا أمره بمقاطعة أعداء اللّه فيقول:
يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَتَوَلَّوْا قَوْماً غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ قَدْ يَئِسُوا مِنَ الْآخِرَةِ كَما يَئِسَ الْكُفَّارُ مِنْ أَصْحابِ الْقُبُورِ إنّ محور الإنسان المؤمن هو رضى اللّه عزّ و جلّ، فهو لا يضع ولاءه إلّا عند أهله، أما الذين يسخطون اللّه بأعمالهم من الظلمة و الضالين فإنّه براء منهم. و قد تعددت أقوال المفسرين في بيان هويّة المعنيّين ب « غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ » فذهب أكثرهم إلى أنّهم اليهود، لقوله تعالى غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لَا الضَّالِّينَ و ما ورد في تفسيرها و تأويلها من الأخبار، و الذي يظهر أنّهم/ 365 كل من يعمل ما يستحق غضب اللّه، و لعلّهم أناس من داخل المجتمع الإسلامي كالمنافقين و الحكام الظلمة و العلماء الفسقة، و تشبيه اللّه لهم بالكفّار يهدي إلى أنّهم غير الكفار بل هم الذين يحاولون السيطرة على مقاليد الحكم في البلاد الإسلامية بغير حق
!
من هدى القرآن، ج15، ص: 331
/ 367