کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

مواهب الرحمان في تفسير القرآن

الجزء الأول

المقدمة

سورة البقرة

الجزء الثاني

تتمة سورة البقرة

الجزء الثالث

تتمة سورة البقرة

الجزء الرابع

تتمة سورة البقرة

الجزء الخامس

سورة آل عمران

الجزء السادس

تتمة سورة آل عمران

الفهرس

الجزء السابع

تتمة تفسير سورة آل عمران

(4) سورة النساء

الفهرس

الجزء الثامن

تتمة سورة النساء

الجزء التاسع

تتمة تفسير سورة النساء

[سورة النساء(4): الآيات 71 الى 76]

التفسير

قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم. قوله تعالى: فانفروا ثبات أو انفروا جميعا. قوله تعالى: و إن منكم لمن ليبطئن. قوله تعالى: فإن أصابتكم مصيبة. قوله تعالى: قال قد أنعم الله علي إذ لم أكن معهم شهيدا. قوله تعالى: و لئن أصابكم فضل من الله. قوله تعالى: ليقولن كأن لم تكن بينكم و بينه مودة. قوله تعالى: يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزا عظيما. قوله تعالى: فليقاتل في سبيل الله الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة. قوله تعالى: و من يقاتل في سبيل الله فيقتل أو يغلب. قوله تعالى: فسوف نؤتيه أجرا عظيما. قوله تعالى: و ما لكم لا تقاتلون في سبيل الله. قوله تعالى: و المستضعفين من الرجال و النساء و الولدان. قوله تعالى: الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها. قوله تعالى: و اجعل لنا من لدنك وليا. قوله تعالى: و اجعل لنا من لدنك نصيرا. قوله تعالى: الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله. قوله تعالى: و الذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت. قوله تعالى: فقاتلوا أولياء الشيطان. قوله تعالى: إن كيد الشيطان كان ضعيفا.

[سورة النساء(4): الآيات 77 الى 80]

[سورة النساء(4): الآيات 81 الى 84]

[سورة النساء(4): الآيات 88 الى 91]

التفسير

قوله تعالى: فما لكم في المنافقين فئتين. قوله تعالى: و الله أركسهم بما كسبوا. قوله تعالى: أ تريدون أن تهدوا من أضل الله. قوله تعالى: و من يضلل الله فلن تجد له سبيلا. قوله تعالى: ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء. قوله تعالى: فلا تتخذوا منهم أولياء حتى يهاجروا في سبيل الله. قوله تعالى: فإن تولوا فخذوهم و اقتلوهم حيث وجدتموهم. قوله تعالى: و لا تتخذوا منهم وليا و لا نصيرا. قوله تعالى: إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم و بينهم ميثاق. قوله تعالى: أو جاؤكم حصرت صدورهم أن يقاتلوكم أو يقاتلوا قومهم. قوله تعالى: و لو شاء الله لسلطهم عليكم فلقاتلوكم. قوله تعالى: فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم و ألقوا إليكم السلم. قوله تعالى: فما جعل الله لكم عليهم سبيلا. قوله تعالى: ستجدون آخرين يريدون أن يأمنوكم و يأمنوا قومهم. قوله تعالى: كلما ردوا إلى الفتنة أركسوا فيها. قوله تعالى: فإن لم يعتزلوكم و يلقوا إليكم السلم و يكفوا أيديهم. قوله تعالى: و أولئكم جعلنا لكم عليهم سلطانا مبينا.

[سورة النساء(4): الآيات 92 الى 94]

[سورة النساء(4): الآيات 95 الى 100]

التفسير

قوله تعالى: لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر. قوله تعالى: و المجاهدون في سبيل الله بأموالهم و أنفسهم. قوله تعالى: فضل الله المجاهدين بأموالهم و أنفسهم على القاعدين درجة. قوله تعالى: و كلا وعد الله الحسنى. قوله تعالى: و فضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما. قوله تعالى: درجات منه و مغفرة و رحمة. قوله تعالى: و كان الله غفورا رحيما. قوله تعالى: إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم. قوله تعالى: فيم كنتم. قوله تعالى: قالوا كنا مستضعفين في الأرض. قوله تعالى: قالوا أ لم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها. قوله تعالى: فأولئك مأواهم جهنم. قوله تعالى: و ساءت مصيرا. قوله تعالى: إلا المستضعفين من الرجال و النساء و الولدان. قوله تعالى: لا يستطيعون حيلة و لا يهتدون سبيلا. قوله تعالى: فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم. قوله تعالى: و كان الله عفوا غفورا. قوله تعالى: و من يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا و سعة. قوله تعالى: و من يخرج من بيته مهاجرا إلى الله و رسوله ثم يدركه الموت. قوله تعالى: فقد وقع أجره على الله. قوله تعالى: و كان الله غفورا رحيما.

[سورة النساء(4): الآيات 101 الى 104]

التفسير

قوله تعالى: و إذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة. قوله تعالى: إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا. قوله تعالى: إن الكافرين كانوا لكم عدوا مبينا. قوله تعالى: و إذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة. قوله تعالى: فلتقم طائفة منهم معك. قوله تعالى: فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم. قوله تعالى: و لتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك. قوله تعالى: و ليأخذوا حذرهم و أسلحتهم. قوله تعالى: ود الذين كفروا لو تغفلون عن أسلحتكم و أمتعتكم فيميلون عليكم ميلة واحدة. قوله تعالى: و لا جناح عليكم إن كان بكم أذى من مطر أو كنتم مرضى أن تضعوا أسلحتكم. قوله تعالى: و خذوا حذركم. قوله تعالى: إن الله أعد للكافرين عذابا مهينا. قوله تعالى: فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قياما و قعودا و على جنوبكم. قوله تعالى: فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة. قوله تعالى: إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا. قوله تعالى: و لا تهنوا في ابتغاء القوم. قوله تعالى: إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون. قوله تعالى: و ترجون من الله ما لا يرجون. قوله تعالى: و كان الله عليما حكيما.

[سورة النساء(4): الآيات 105 الى 115]

التفسير

قوله تعالى: إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله. قوله تعالى: و لا تكن للخائنين خصيما. قوله تعالى: و استغفر الله. قوله تعالى: إن الله كان غفورا رحيما. قوله تعالى: و لا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم. قوله تعالى: إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما. قوله تعالى: يستخفون من الناس و لا يستخفون من الله. قوله تعالى: و هو معهم. قوله تعالى: إذ يبيتون ما لا يرضى من القول. قوله تعالى: و كان الله بما يعملون محيطا. قوله تعالى: ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا. قوله تعالى: فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة. قوله تعالى: أم من يكون عليهم وكيلا. قوله تعالى: و من يعمل سوءا أو يظلم نفسه. قوله تعالى: ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما. قوله تعالى: و من يكسب إثما فإنما يكسبه على نفسه. قوله تعالى: و كان الله عليما حكيما. قوله تعالى: و من يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا. قوله تعالى: فقد احتمل بهتانا و إثما مبينا. قوله تعالى: و لو لا فضل الله عليك و رحمته لهمت طائفة منهم أن يضلوك. قوله تعالى: و ما يضلون إلا أنفسهم. قوله تعالى: و ما يضرونك من شي‏ء. قوله تعالى: و أنزل الله عليك الكتاب و الحكمة و علمك ما لم تكن تعلم. قوله تعالى: و كان فضل الله عليك عظيما. قوله تعالى: لا خير في كثير من نجواهم. قوله تعالى: إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس قوله تعالى: و من يفعل ذلك. قوله تعالى: ابتغاء مرضات الله. قوله تعالى: فسوف نؤتيه أجرا عظيما. قوله تعالى: و من يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى. قوله تعالى: و يتبع غير سبيل المؤمنين. قوله تعالى: نوله ما تولى. قوله تعالى: و نصله جهنم و ساءت مصيرا.

[سورة النساء(4): الآيات 116 الى 122]

[سورة النساء(4): الآيات 127 الى 134]

التفسير

قوله تعالى: و يستفتونك في النساء. قوله تعالى: قل الله يفتيكم فيهن. قوله تعالى: و ما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن. قوله تعالى: و المستضعفين من الولدان. قوله تعالى: و أن تقوموا لليتامى بالقسط. قوله تعالى: و ما تفعلوا من خير فإن الله كان به عليما. قوله تعالى: و إن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا. قوله تعالى: فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا. قوله تعالى: و الصلح خير. قوله تعالى: و أحضرت الأنفس الشح. قوله تعالى: و إن تحسنوا و تتقوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا. قوله تعالى: و لن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء و لو حرصتم. قوله تعالى: فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة. قوله تعالى: و إن تصلحوا و تتقوا فإن الله كان غفورا رحيما. قوله تعالى: و إن يتفرقا يغن الله كلا من سعته. قوله تعالى: و كان الله واسعا حكيما. قوله تعالى: و لقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم و إياكم أن اتقوا الله. قوله تعالى: و إن تكفروا فإن لله ما في السماوات و ما في الأرض. قوله تعالى: و كان الله غنيا حميدا. قوله تعالى: و لله ما في السماوات و ما في الأرض و كفى بالله وكيلا. قوله تعالى: إن يشأ يذهبكم أيها الناس و يأت بآخرين. قوله تعالى: و كان الله على ذلك قديرا. قوله تعالى: من كان يريد ثواب الدنيا. قوله تعالى: فعند الله ثواب الدنيا و الآخرة. قوله تعالى: و كان الله سميعا بصيرا.
الفهرس

الجزء العاشر

تتمة سورة النساء

الفهرس

الجزء الحادي عشر

الفهرس

مواهب الرحمان في تفسير القرآن


صفحه قبل

مواهب الرحمان في تفسير القرآن، ج‏1، ص: 45

مستفيض من البحر و كلها موصوفة بالاستقامة و الرشاد و بإزائها الاعوجاج و الانحراف و السبل المنحرفة المتفرقة هي سبل الشيطان كما تقدم.

(الخامس): للصراط المستقيم مراتب من الوجود. (الأولى): مرتبة البيان و إتمام الحجة و هي من اللّه تبارك و تعالى و أنبيائه العظام و أوصيائهم (عليهم السّلام) و يدخل في ذلك جميع الشرايع الإلهية و الرسالات السماوية. (الثانية): مرتبة الاعتقاد. (الثالثة): مرتبة العمل و هما من وظائف العبد إلّا أن الثاني أشقهما عليه (الرابعة): مرتبة ظهوره في النشأة الآخرة و من هذه المرتبة الصراط في يوم القيامة الذي لا بد من العبور عليه للوصول إلى محل الخلود.

فالعبور وضعي لا أن يكون تكليفيا، إذ لا تكليف في يوم القيامة و ان اختلف زمان العبور و كيفيته تبعا لاختلاف درجات العابرين و معنوياتهم.

قوله تعالى: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ وَ لَا الضَّالِّينَ‏ . بيان للآية السابقة اهتماما بصراط المنعم عليهم و اعتناء بشأنهم و أنه يباين طريق المغضوب عليهم و طريق الضالين فالجملة الأولى وقعت في مقام المدح لعباد الرحمن و الأخيرة كأنها وردت في مقام رجم الشيطان و من تبعه.

و الغضب: هو الشدة، و رجل غضوب أي: شديد الخلق. و غضب اللّه تعالى عقابه دنيويا كان أو أخرويا أو هما معا، كما أن رضاه ثوابه، و هما من صفات الفعل لا من صفات الذات و تقدم بيان الفرق بينهما.

الضلال بمعنى التحير و يستلزمه الهلاك و الغيبة عن المقصود الحقيقي و العقاب و الهلاك متلازمان، و إنما ذكرهما معا بيانا للمبدأ و الأثر، فالضلال مبدأ العقاب و منشأ استحقاقه و العقاب مترتب على الضلال ترتب المقتضى (بالفتح) على المقتضي (بالكسر) و إنما قدم الغضب و العقاب على الضلال إرشادا للإنسان بأن لا يرتكب ما يوجب غضب اللّه تعالى.

و الغضب استعمل في القرآن مع اللعن و مع الرجس و مع العذاب كما في قوله تعالى: مَنْ لَعَنَهُ اللَّهُ وَ غَضِبَ عَلَيْهِ‏ [سورة المائدة، الآية: 60]، و قوله تعالى: قَدْ وَقَعَ عَلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ رِجْسٌ وَ غَضَبٌ‏ [سورة الأعراف،

مواهب الرحمان في تفسير القرآن، ج‏1، ص: 46

الآية: 71]، و قال تعالى: فَعَلَيْهِمْ غَضَبٌ مِنَ اللَّهِ وَ لَهُمْ عَذابٌ عَظِيمٌ‏ [سورة النحل، الآية: 106]، و قال تعالى: وَ غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِمْ وَ لَعَنَهُمْ وَ أَعَدَّ لَهُمْ جَهَنَّمَ‏ [سورة الفتح، الآية: 6] بل ورد في مورد بعض المحرمات أيضا:

وَ مَنْ يَقْتُلْ مُؤْمِناً مُتَعَمِّداً فَجَزاؤُهُ جَهَنَّمُ خالِداً فِيها وَ غَضِبَ اللَّهُ عَلَيْهِ وَ لَعَنَهُ‏ [سورة النساء، الآية: 93].

و يستفاد من ذلك كله شموله لكل من انحرف عن الصراط المستقيم بالكفر سواء كان مشركا أو غيره من أي ملة كان.

و أما الضلال فهو بمعنى التحير كما عرفت فيشمل مطلق الكفر أيضا، قال تعالى: وَ مَنْ يَكْفُرْ بِاللَّهِ وَ مَلائِكَتِهِ وَ كُتُبِهِ وَ رُسُلِهِ وَ الْيَوْمِ الْآخِرِ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا بَعِيداً [سورة النساء، الآية: 136] فتفسير الأول باليهود و الثاني بالنصارى من باب التطبيق لا التخصيص حتّى أنه أطلق الضلال على مطلق العصيان أيضا قال تعالى: وَ مَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ فَقَدْ ضَلَّ ضَلالًا مُبِيناً [سورة الأحزاب، الآية: 36].

بحوث المقام‏

بحث روائي:

وردت روايات كثيرة متفق عليها بين المسلمين في فضل فاتحة الكتاب- المسماة ب (السبع المثاني)، و (أم الكتاب) أيضا، كما في روايات كثيرة- و يكشف ذلك عن امتياز هذه السورة عن سائر السور

فعن نبينا الأعظم (صلّى اللّه عليه و آله): «أن فاتحة الكتاب أفضل سورة أنزلها اللّه تعالى في كتابه و هي شفاء من كل داء إلّا الموت»

و يحمل ذلك على الموت الحتمي الذي لا بداء فيه و إلّا فيمكن أن يكون شفاء عن الموت غير الحتمي أيضا

لقول أبي عبد اللّه (عليه السّلام): «إنها من كنوز العرش و انها لو قرئت على ميت سبعين مرة ثم ردت فيه الروح ما كان عجبا»

.

مواهب الرحمان في تفسير القرآن، ج‏1، ص: 47

أقول: لا يتصور محل أرقى من كنوز العرش الذي نزلت منه هذه السورة المباركة و سيأتي إن شاء اللّه تعالى بيان العرش و ما يتعلق به في الآيات المناسبة له.

و عن النبي (صلّى اللّه عليه و آله): «إن فاتحة الكتاب أشرف ما في كنوز العرش»

، و عن علي (عليه السّلام): «نزلت فاتحة الكتاب بمكة من كنز تحت العرش».

و عن النبي (صلّى اللّه عليه و آله): «انه قال لجابر: ألا أعلّمك أفضل سورة أنزلها اللّه تعالى في كتابه؟ قال: بلى علمنيها فعلمه الحمد للّه أم الكتاب ثم قال هي شفاء من كل داء».

أقول: الأم هي الأصل في كل شي‏ء بحيث يتفرع منها الأشياء، فأم الكتاب أي: أصل الكتاب.

كما أن أم القرى أصلها أيضا بحيث تفرعت عنها سائر القرى، كما ورد في النصوص، و سيأتي بيانها عند قوله تعالى: لِتُنْذِرَ أُمَّ الْقُرى‏ وَ مَنْ حَوْلَها [سورة الشورى، الآية: 7]، تكون الفاتحة كذلك، لاشتمالها على كثير من معارف القرآن على نحو الإجمال، كما سيأتي في البحث الدلالي.

و عن ابن عباس في قوله تعالى: وَ لَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي‏ قال هي: أم القرآن تثنى في كل صلاة.

أقول: سميت الفاتحة أما لأصالتها و تفرع سائر القرآن منها، كما تقدم.

و أما تسميتها بالسبع المثاني فلما ورد عن الفريقين‏

أنّه (صلّى اللّه عليه و آله) قال: «أعطيت الطول مكان التوراة، و أعطيت المئين مكان الإنجيل، و أعطيت المثاني مكان الزبور، و فضلت بالمفصل سبع و ستين سورة».

أقول: المراد من الطول من سورة البقرة إلى سورة التوبة، و المئين هي السور التي تتضمن أكثر من مأة آية. و المثاني- التي هي جمع مثنى- مثل المعاني جمع معنى- أي: ما كرر فيه شي‏ء، و هي السور التي تقصر عن المئين، أي: ما كانت على نحو مأة آية أو أقل، و أما المفصل فهي السور التي‏

مواهب الرحمان في تفسير القرآن، ج‏1، ص: 48

تفصل بينها البسملة كثيرا و تقصر آياتها.

و في ذلك أقوال أخر: (الأول) إنها سميت ب (المثاني) لتكررها في الصّلاة. (الثاني): إنما سميت بذلك لنزولها مرتين مرة بمكة، كما تقدم عن علي (عليه السّلام)، و أخرى بالمدينة، لعظمة شأنها، و نسب ذلك إلى مجاهد، و لكن المشهور على خلافه و يقتضيه الإعتبار أيضا. (الثالث): أنّ المثاني جميع القرآن و فاتحة الكتاب سبعة آيات من أعظم آيات القرآن؛ قال تعالى: وَ لَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَ الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ‏ [سورة الحجر، الآية: 87]، و يشهد له ما تقدم في تفسير الآية المباركة عن ابن عباس.

و يصح أن يقال: إن المثاني من الأمور الإضافية، كما عرفت و إطلاقها على فاتحة الكتاب بكل معنى يتصور بالنسبة إلى عنوان المثاني صحيح؛ فهذه الأقوال من باب تطبيق الكلي على الفرد.

و قد روى الفريقان‏

عن نبينا الأعظم (صلّى اللّه عليه و آله): قال: «قال اللّه عزّ و جل: قسّمت فاتحة الكتاب بيني و بين عبدي، فنصفها لي و نصفها لعبدي، و لعبدي ما سأل؛ إذا قال العبد: بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏ قال اللّه جلّ جلاله: بدأ عبدي باسمي و حق عليّ ان أتمم له أموره و أبارك له في أحواله، فإذا قال: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ‏ ، قال اللّه جلّ جلاله: حمدني عبدي، و علم أن النعم التي له من عندي و أنّ البلايا التي دفعت عنه بتطولي، أشهدكم اني أضيف له إلى نعم الدنيا نعم الآخرة و أدفع عنه بلايا الآخرة كما دفعت عنه بلايا الدنيا، و إذا قال: الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏ ، قال اللّه جلّ جلاله: شهد لي عبدي أنّي الرحمن الرحيم أشهدكم لأوفّرن من رحمتي حظه و لأجزلنّ من عطائي نصيبه، فإذا قال: مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ‏ ، قال اللّه تعالى: أشهدكم كما اعترف بأني أنا المالك يوم الدين لاسهلنّ يوم الحساب حسابه و لأتقبلنّ حسناته و لأتجاوزنّ عن سيئاته فإذا قال: إِيَّاكَ نَعْبُدُ ، قال اللّه عزّ و جل صدق عبدي إياي يعبد أشهدكم لأثيبنه على عبادته ثوابا يغبطه كل من خالفه في عبادته لي فإذا قال: وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ‏ ، قال اللّه تعالى: بي استعان عبدي‏

مواهب الرحمان في تفسير القرآن، ج‏1، ص: 49

و إليّ التجأ أشهدكم لأعيننه على أمره و لأغيثنه في شدائده و لآخذن بيده يوم نوائبه، فإذا قال: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ‏ إلى آخر السورة قال اللّه عزّ و جل: هذا لعبدي و لعبدي ما سأل و قد استجبت لعبدي و أعطيته ما أمل و آمنته مما منه و جل». و قريب منه عن ابن عباس عنه (صلّى اللّه عليه و آله) أيضا.

أقول: هذه الرواية تكشف عن أهمية سورة الفاتحة بالنسبة إلى سائر آيات القرآن، فإنه (أولا): جعل عبده شريكا لنفسه في المخاطبة و المكالمة (و ثانيا): قسّم السورة بين نفسه جل شأنه و بين عبده نصفين. (و ثالثا): جعل على نفسه الوفاء بما جعله لعبده. (و رابعا): إنها أوثق رابطة بين العابد و المعبود و توجه كل منهما إلى الآخر. (و خامسا): حنان خاص من المعبود الحقيقي إلى عابديه.

فهذه السورة المباركة- التي جعلها اللّه تعالى في صلاة المسلمين- هي كمرآة لجميع معارف القرآن بأخصر البيان.

و عن علي (عليه السّلام) في تفسير الحمد للّه: «إنّ اللّه عرّف عباده بعض نعمه عليهم جملا، إذ لا يقدرون على معرفة جميعها بالتفصيل، لأنّها أكثر من أن تحصى أو تعرف فقال لهم: قولوا: الحمد للّه على ما أنعم به علينا».

أقول: و يدل عليه قوله تعالى: وَ إِنْ تَعُدُّوا نِعْمَةَ اللَّهِ لا تُحْصُوها [سورة النحل، الآية: 18].

و عنه (عليه السّلام) في تفسير رب العالمين: «مالك الجماعات من كل مخلوق من الجمادات و الحيوانات و خالقهم و سائق أرزاقهم إليهم من حيث يعلمون و من حيث لا يعلمون يقلّب الحيوانات بقدرته و يغذوها من رزقه و يحوطها بكنفه و يدير كلا منها بمصلحته، و يمسك الجمادات بقدرته و يمسك المتصل منها ان يتهافت و يمسك المتهافت منها أن يتلاصق و يمسك السماء أن تقع على الأرض إلّا بإذنه و الأرض أن تنخسف إلّا بأمره.

أقول: الحديث ظاهر في عموم ربوبيته تعالى لجميع الموجودات بتمام شؤونها، و يدل على ذلك ما تقدم في معنى الرب.

مواهب الرحمان في تفسير القرآن، ج‏1، ص: 50

و عن نبينا الأعظم (صلّى اللّه عليه و آله) في بيان مالك يوم الدين: «إنّ أكيس الكيّسين من حاسب نفسه و عمل لما بعد الموت و إنّ أحمق الحمقاء من أتبع نفسه هواها و تمنى على اللّه الأماني، و أحمق النّاس من باع آخرته بدنياه، و أحمق منه من باع آخرته بدنيا غيره».

و في معناه ورد كثير من الروايات،

و عنه (صلّى اللّه عليه و آله): «حاسبوا أنفسكم قبل أن تحاسبوا أو زنوها قبل أن توزنوا».

أقول: هذه الروايات المتواترة تدل على أهمية المعاد و وجوب كثرة الاهتمام به.

و عن علي (عليه السّلام) في بيان‏ اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ‏ : «أدم لنا توفيقك الذي به أطعناك في ما مضى من أيامنا حتّى نطيعك كذلك في مستقبل أعمارنا».

أقول: و المراد من الإدامة تجدد مراتب الهداية بعد تحصيل كل سابق، كما تقدم.

و عن الصادق (عليه السّلام): يعني أرشدنا للزوم الطريق المؤدي الى محبتك و المبلغ الى جنتك و المانع من أن نتبع أهواءنا فنعطب أو نأخذ بآرائنا فنهلك».

و عنه (عليه السّلام) في الصراط : «هو الطريق الى معرفته عزّ و جل و هما صراطان: صراط في الدنيا و صراط في الآخرة. فأما الصراط الذي في الدنيا فهو الإمام المفترض الطاعة من عرفه في الدنيا و اقتدى به مرّ على الصراط الذي هو جسر جهنم في الآخرة، و من لم يعرفه في الدنيا زلت قدمه على الصراط في الآخرة فتردى في نار جهنم».

و عن الصادق (عليه السّلام) في قول اللّه تعالى: وَ لَقَدْ آتَيْناكَ سَبْعاً مِنَ الْمَثانِي وَ الْقُرْآنَ الْعَظِيمَ‏ فقال: «فاتحة الكتاب من كنز العرش فيها (بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ) الآية التي تقول: وَ إِذا ذَكَرْتَ رَبَّكَ فِي الْقُرْآنِ وَحْدَهُ وَلَّوْا عَلى‏ أَدْبارِهِمْ نُفُوراً ، (و الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ) دعوى أهل الجنّة حين شكروا اللّه حسن الثواب. و (مالك يوم الدين). قال جبرائيل: ما قالها مسلم قط إلّا

مواهب الرحمان في تفسير القرآن، ج‏1، ص: 51

صدّقه اللّه و أهل سماواته‏ (إِيَّاكَ نَعْبُدُ) إخلاص العبادة. (وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ) أفضل ما طلب به العباد حوائجهم‏ (اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ) صراط الأنبياء و هم الذين أنعم اللّه عليهم‏ (غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ) اليهود (وَ لَا الضَّالِّينَ) النصارى».

و عنه (عليه السّلام) أيضا في قوله تعالى: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ‏ .

قال: «صراط محمد و أهل بيته».

و عن ابن عباس كذلك قال: «قولوا معاشر العباد أرشدنا إلى حب محمد و أهل بيته».

أقول: الأخبار في ذلك كثيرة عن الفريقين، و هو تعبير عن الكلي بالفرد و بيان أحد المصاديق و مثل ذلك كثير في القرآن العظيم و السنة الشريفة.

بحث دلالي:

هذه السورة تتضمن أمورا-:

الأول: إثبات وحدة ذاته تعالى لأنّ لفظ الجلالة (اللّه) كما تقدم بمعنى الذات المسلوب عنها جميع النواقص الواقعية و الإدراكية و الشريك في الذات نقص بل من أخس أنحائه.

الثاني: إثبات وحدة فعله تعالى بذكر «رب العالمين» لأنّ العالمين بمعنى ما سواه و هو فاعل الكل و مربيه.

الثالث: إثبات وحدة المعبود بذكر «إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ» .

الرابع: المعاد الذي هو من أهم المعارف الإلهية و الإعتقاد به بذكره تعالى‏ «مالِكِ يَوْمِ الدِّينِ» .

صفحه بعد