کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

مواهب الرحمان في تفسير القرآن

الجزء الأول

المقدمة

سورة البقرة

الجزء الثاني

تتمة سورة البقرة

الجزء الثالث

تتمة سورة البقرة

الجزء الرابع

تتمة سورة البقرة

الجزء الخامس

سورة آل عمران

الجزء السادس

تتمة سورة آل عمران

الفهرس

الجزء السابع

تتمة تفسير سورة آل عمران

(4) سورة النساء

الفهرس

الجزء الثامن

تتمة سورة النساء

الجزء التاسع

تتمة تفسير سورة النساء

[سورة النساء(4): الآيات 71 الى 76]

التفسير

قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم. قوله تعالى: فانفروا ثبات أو انفروا جميعا. قوله تعالى: و إن منكم لمن ليبطئن. قوله تعالى: فإن أصابتكم مصيبة. قوله تعالى: قال قد أنعم الله علي إذ لم أكن معهم شهيدا. قوله تعالى: و لئن أصابكم فضل من الله. قوله تعالى: ليقولن كأن لم تكن بينكم و بينه مودة. قوله تعالى: يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزا عظيما. قوله تعالى: فليقاتل في سبيل الله الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة. قوله تعالى: و من يقاتل في سبيل الله فيقتل أو يغلب. قوله تعالى: فسوف نؤتيه أجرا عظيما. قوله تعالى: و ما لكم لا تقاتلون في سبيل الله. قوله تعالى: و المستضعفين من الرجال و النساء و الولدان. قوله تعالى: الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها. قوله تعالى: و اجعل لنا من لدنك وليا. قوله تعالى: و اجعل لنا من لدنك نصيرا. قوله تعالى: الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله. قوله تعالى: و الذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت. قوله تعالى: فقاتلوا أولياء الشيطان. قوله تعالى: إن كيد الشيطان كان ضعيفا.

[سورة النساء(4): الآيات 77 الى 80]

[سورة النساء(4): الآيات 81 الى 84]

[سورة النساء(4): الآيات 88 الى 91]

التفسير

قوله تعالى: فما لكم في المنافقين فئتين. قوله تعالى: و الله أركسهم بما كسبوا. قوله تعالى: أ تريدون أن تهدوا من أضل الله. قوله تعالى: و من يضلل الله فلن تجد له سبيلا. قوله تعالى: ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء. قوله تعالى: فلا تتخذوا منهم أولياء حتى يهاجروا في سبيل الله. قوله تعالى: فإن تولوا فخذوهم و اقتلوهم حيث وجدتموهم. قوله تعالى: و لا تتخذوا منهم وليا و لا نصيرا. قوله تعالى: إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم و بينهم ميثاق. قوله تعالى: أو جاؤكم حصرت صدورهم أن يقاتلوكم أو يقاتلوا قومهم. قوله تعالى: و لو شاء الله لسلطهم عليكم فلقاتلوكم. قوله تعالى: فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم و ألقوا إليكم السلم. قوله تعالى: فما جعل الله لكم عليهم سبيلا. قوله تعالى: ستجدون آخرين يريدون أن يأمنوكم و يأمنوا قومهم. قوله تعالى: كلما ردوا إلى الفتنة أركسوا فيها. قوله تعالى: فإن لم يعتزلوكم و يلقوا إليكم السلم و يكفوا أيديهم. قوله تعالى: و أولئكم جعلنا لكم عليهم سلطانا مبينا.

[سورة النساء(4): الآيات 92 الى 94]

[سورة النساء(4): الآيات 95 الى 100]

التفسير

قوله تعالى: لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر. قوله تعالى: و المجاهدون في سبيل الله بأموالهم و أنفسهم. قوله تعالى: فضل الله المجاهدين بأموالهم و أنفسهم على القاعدين درجة. قوله تعالى: و كلا وعد الله الحسنى. قوله تعالى: و فضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما. قوله تعالى: درجات منه و مغفرة و رحمة. قوله تعالى: و كان الله غفورا رحيما. قوله تعالى: إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم. قوله تعالى: فيم كنتم. قوله تعالى: قالوا كنا مستضعفين في الأرض. قوله تعالى: قالوا أ لم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها. قوله تعالى: فأولئك مأواهم جهنم. قوله تعالى: و ساءت مصيرا. قوله تعالى: إلا المستضعفين من الرجال و النساء و الولدان. قوله تعالى: لا يستطيعون حيلة و لا يهتدون سبيلا. قوله تعالى: فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم. قوله تعالى: و كان الله عفوا غفورا. قوله تعالى: و من يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا و سعة. قوله تعالى: و من يخرج من بيته مهاجرا إلى الله و رسوله ثم يدركه الموت. قوله تعالى: فقد وقع أجره على الله. قوله تعالى: و كان الله غفورا رحيما.

[سورة النساء(4): الآيات 101 الى 104]

التفسير

قوله تعالى: و إذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة. قوله تعالى: إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا. قوله تعالى: إن الكافرين كانوا لكم عدوا مبينا. قوله تعالى: و إذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة. قوله تعالى: فلتقم طائفة منهم معك. قوله تعالى: فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم. قوله تعالى: و لتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك. قوله تعالى: و ليأخذوا حذرهم و أسلحتهم. قوله تعالى: ود الذين كفروا لو تغفلون عن أسلحتكم و أمتعتكم فيميلون عليكم ميلة واحدة. قوله تعالى: و لا جناح عليكم إن كان بكم أذى من مطر أو كنتم مرضى أن تضعوا أسلحتكم. قوله تعالى: و خذوا حذركم. قوله تعالى: إن الله أعد للكافرين عذابا مهينا. قوله تعالى: فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قياما و قعودا و على جنوبكم. قوله تعالى: فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة. قوله تعالى: إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا. قوله تعالى: و لا تهنوا في ابتغاء القوم. قوله تعالى: إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون. قوله تعالى: و ترجون من الله ما لا يرجون. قوله تعالى: و كان الله عليما حكيما.

[سورة النساء(4): الآيات 105 الى 115]

التفسير

قوله تعالى: إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله. قوله تعالى: و لا تكن للخائنين خصيما. قوله تعالى: و استغفر الله. قوله تعالى: إن الله كان غفورا رحيما. قوله تعالى: و لا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم. قوله تعالى: إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما. قوله تعالى: يستخفون من الناس و لا يستخفون من الله. قوله تعالى: و هو معهم. قوله تعالى: إذ يبيتون ما لا يرضى من القول. قوله تعالى: و كان الله بما يعملون محيطا. قوله تعالى: ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا. قوله تعالى: فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة. قوله تعالى: أم من يكون عليهم وكيلا. قوله تعالى: و من يعمل سوءا أو يظلم نفسه. قوله تعالى: ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما. قوله تعالى: و من يكسب إثما فإنما يكسبه على نفسه. قوله تعالى: و كان الله عليما حكيما. قوله تعالى: و من يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا. قوله تعالى: فقد احتمل بهتانا و إثما مبينا. قوله تعالى: و لو لا فضل الله عليك و رحمته لهمت طائفة منهم أن يضلوك. قوله تعالى: و ما يضلون إلا أنفسهم. قوله تعالى: و ما يضرونك من شي‏ء. قوله تعالى: و أنزل الله عليك الكتاب و الحكمة و علمك ما لم تكن تعلم. قوله تعالى: و كان فضل الله عليك عظيما. قوله تعالى: لا خير في كثير من نجواهم. قوله تعالى: إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس قوله تعالى: و من يفعل ذلك. قوله تعالى: ابتغاء مرضات الله. قوله تعالى: فسوف نؤتيه أجرا عظيما. قوله تعالى: و من يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى. قوله تعالى: و يتبع غير سبيل المؤمنين. قوله تعالى: نوله ما تولى. قوله تعالى: و نصله جهنم و ساءت مصيرا.

[سورة النساء(4): الآيات 116 الى 122]

[سورة النساء(4): الآيات 127 الى 134]

التفسير

قوله تعالى: و يستفتونك في النساء. قوله تعالى: قل الله يفتيكم فيهن. قوله تعالى: و ما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن. قوله تعالى: و المستضعفين من الولدان. قوله تعالى: و أن تقوموا لليتامى بالقسط. قوله تعالى: و ما تفعلوا من خير فإن الله كان به عليما. قوله تعالى: و إن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا. قوله تعالى: فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا. قوله تعالى: و الصلح خير. قوله تعالى: و أحضرت الأنفس الشح. قوله تعالى: و إن تحسنوا و تتقوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا. قوله تعالى: و لن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء و لو حرصتم. قوله تعالى: فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة. قوله تعالى: و إن تصلحوا و تتقوا فإن الله كان غفورا رحيما. قوله تعالى: و إن يتفرقا يغن الله كلا من سعته. قوله تعالى: و كان الله واسعا حكيما. قوله تعالى: و لقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم و إياكم أن اتقوا الله. قوله تعالى: و إن تكفروا فإن لله ما في السماوات و ما في الأرض. قوله تعالى: و كان الله غنيا حميدا. قوله تعالى: و لله ما في السماوات و ما في الأرض و كفى بالله وكيلا. قوله تعالى: إن يشأ يذهبكم أيها الناس و يأت بآخرين. قوله تعالى: و كان الله على ذلك قديرا. قوله تعالى: من كان يريد ثواب الدنيا. قوله تعالى: فعند الله ثواب الدنيا و الآخرة. قوله تعالى: و كان الله سميعا بصيرا.
الفهرس

الجزء العاشر

تتمة سورة النساء

الفهرس

الجزء الحادي عشر

الفهرس

مواهب الرحمان في تفسير القرآن


صفحه قبل

مواهب الرحمان في تفسير القرآن، ج‏1، ص: 140

مانعا، و إن ائتمروا بمعصية فشاء أن يحول بينهم و بين ذلك فعل، و ان لم يحل و فعلوا فليس هو الذي أدخلهم فيه».

أقول: المراد أن إرادة الصرف عن مراد العبد من اللّه تعالى و هو محسوس لكل أحد، فكم من مريد لشي‏ء يصرف عن إرادته و كم غير مريد يصادفه ما يشتهيه و هذه هي المنزلة بين المنزلتين.

و عن الصادق (عليه السّلام): «لا جبر و لا تفويض و لكن أمر بين الأمرين»

أقول: تقدم ما يتعلق بكل واحد منها.

و عن الرضا (عليه السّلام): «القائل بالجبر كافر، و القائل بالتفويض مشرك، و المراد من الأمر بين الأمرين هو وجود السبيل إلى إتيان ما أمروا، و ترك ما نهوا عنه، و الإرادة و المشية من اللّه تعالى في ذلك بالنسبة إلى الطاعات الأمر بها و الرضا لها، و بالنسبة إلى المعاصي النهي عنها، و السخط لها و الخذلان عليها، و ما من فعل يفعله العباد من خير، أو شر إلّا و للّه فيه قضاء، و القضاء هو الحكم عليهم بما يستحقونه من الثواب و العقاب في الدنيا و الآخرة».

أقول: أما أن القائل بالجبر كافر فلأنه نسب إلى اللّه تعالى الظلم، و مع ذلك يعاقب العبد عليه. و أما أن القائل بالتفويض مشرك فلأنه أثبت إرادة مستقلة في مقابل ارادة اللّه تعالى. و أما ما ذكره (عليه السّلام) في تفسير المنزلة بين المنزلتين فهو من باب المثال، و إلّا فهو عام لجميع الأفعال.

قوله تعالى: الَّذِينَ يَنْقُضُونَ عَهْدَ اللَّهِ مِنْ بَعْدِ مِيثاقِهِ‏ النقض: هو الفت و الفك و الفسخ، و لا يستعمل غالبا إلّا فيما فيه القوة و استعداد البقاء، قال تعالى: وَ لا تَكُونُوا كَالَّتِي نَقَضَتْ غَزْلَها مِنْ بَعْدِ قُوَّةٍ [سورة النحل، الآية: 92]، و يتعلق بالميثاق أيضا لأجل كونه محكما يعسر نقضه قال تعالى: فَبِما نَقْضِهِمْ مِيثاقَهُمْ‏ [سورة المائدة، الآية: 13].

و العهد: حفظ الشي‏ء و مراعاته حالا بعد حال، و هذه المادة في أية هيئة

مواهب الرحمان في تفسير القرآن، ج‏1، ص: 141

استعملت تفيد الالتزام، و الثبات، و العزيمة.

و المراد بالميثاق: ما يوثق به الشي‏ء، كالميقات لما يتحقق به الوقت.

و يجوز أن يضاف الميثاق إلى اللّه تعالى، إذ لا يتصور عهد أوثق مما عاهد به اللّه تعالى عباده، كما يجوز أن يضاف إلى العباد و هم الذين قبلوا عهد اللّه تعالى ظاهرا ثم نقضوه، فيكون المراد من بعد ما أوثقوه. و يصح الحمل على العموم الشامل لجميع ذلك.

و المعنى: إنّه لما وصف الضالين بالفسق أراد سبحانه و تعالى بيان حال هؤلاء الفاسقين الضالين فذكر لهم أوصافا ثلاثة: هي نقض العهد، و قطع ما يجب أن يوصل، و الإفساد في الأرض. و المراد بالعهد ما عاهد تعالى به على أنبيائه من المعارف و الشرايع الراجعة إلى تربية العباد، و هو من أعظم العهود الموثقة من قبله تعالى بالحجج و البراهين.

و يصح ان يراد به الأعم من ذلك و من العهد الفطري الموثق بالعقل الذي هو أعظم حجج اللّه تعالى، فالمراد بنقض العهد عدم الوفاء به قولا، أو عملا، أو اعتقادا كما هو وجداني.

قوله تعالى: وَ يَقْطَعُونَ ما أَمَرَ اللَّهُ بِهِ أَنْ يُوصَلَ‏ .

صلة كل شي‏ء بحسبه. و المراد بالأمر الأعم من التكويني و التشريعي فصلة العقيدة باللّه و رسله جعلها راسخة في النفس، و صلة الأحكام الإلهية التكليفية العمل بها و المواظبة على إتيانها، و صلة النبي الأعظم (صلّى اللّه عليه و آله) هو الاهتداء بهديه، و العمل بما جاء به من ربه وصلة الرحم التآلف و التودد معه، و كذلك صلة المؤمنين بعضهم مع بعض، وصلة الأمور التكوينية معرفة منافعها، و مضارها، و نتائجها المترتبة عليها. و تشمل الآية الشريفة جميع ذلك؛ و التفرقة- و لو في الجملة- نقض لعهد اللّه تعالى و ميثاقه، و قطع للصلة، فمن أنكر اللّه أو صفاته فقد قطع ما أمر به أن يوصل، و من أنكر النبوة و ما جاء به الأنبياء فقد قطع ما أمر به أن يوصل من هذه الجهة.

قوله تعالى: وَ يُفْسِدُونَ فِي الْأَرْضِ‏ . الفساد خلاف الصّلاح و هو

مواهب الرحمان في تفسير القرآن، ج‏1، ص: 142

أعم من الفردي و الاجتماعي.، و ذكر الأرض قرينة للحمل على الأخير.

و الإفساد في الأرض هو إضلال الناس، مثل الظلم، و الغيبة، و سيأتي بيان ذلك في الآيات المناسبة إن شاء اللّه تعالى.

قوله تعالى: أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ‏ . نتيجة واضحة للمقدمات المذكورة، فإن من اتصف بهذه الصفات فقد استحق الخزي في الدنيا، و عذاب الآخرة، و هذا هو الخسران المبين، إذ لا معنى لنقض العهد، أو قطع ما أمر اللّه به أن يوصل، أو الفساد إلّا الخسران المبين.

بحث روائي:

عن ابن عباس: «لما ضرب اللّه سبحانه هذين المثلين للمنافقين يعني‏ مَثَلُهُمْ كَمَثَلِ الَّذِي اسْتَوْقَدَ ناراً و قوله تعالى: أَوْ كَصَيِّبٍ مِنَ السَّماءِ قالوا «إنّ اللّه أجل و أعلى من أن يضرب الأمثال فأنزل اللّه تعالى هذه الآية».

و في رواية أخرى عنه أيضا: «إنّه لما ذكر اللّه تعالى آلهة المشركين فقال؛ وَ إِنْ يَسْلُبْهُمُ الذُّبابُ شَيْئاً لا يَسْتَنْقِذُوهُ مِنْهُ‏ و ذكر كيد الآلهة فجعله كبيت العنكبوت، قالوا: أ رأيت حيث ذكر اللّه الذباب و العنكبوت فيما أنزل من القرآن على محمد أي شي‏ء يصنع؟ و ضحكت اليهود، و قالوا: ما يشبه هذا كلام اللّه؟ فأنزل اللّه هذه الآية».

أقول: قد تقدم أن ذلك من باب التطبيق.

[سورة البقرة (2): الآيات 28 الى 29]

كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَ كُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (28) هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً ثُمَّ اسْتَوى‏ إِلَى السَّماءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ وَ هُوَ بِكُلِّ شَيْ‏ءٍ عَلِيمٌ (29)

ذكر سبحانه و تعالى في هاتين الآيتين حال الإنسان من مبدأ خلقه إلى ما يؤول اليه أمره، و أنّ جميع ما في الأرض مخلوق لأجله و معدّ له ليتمتع بما فيها، و إنما قدم التوبيخ و الملامة على التفضل و العناية لبيان أن كل ما يكون للإنسان من المراتب و الأطوار إنما هو من تفضّله تعالى، لا من اقتضاء

مواهب الرحمان في تفسير القرآن، ج‏1، ص: 143

ذاته، ثم عقب ذلك خلق السموات ليذكّرنا تمام قدرته و حكمته. و ربط هاتين الآيتين بالآيات السابقة ظاهر.

التفسير

قوله تعالى: كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ‏ . تعيير و توبيخ؛ يعني أنه لا ينبغي لكم أن تكفروا باللّه و الحال ان موتكم و حياتكم تحت قدرته و إرادته. و إنما ذكرهما، لأنهما من الوجدانيات و إنكار خالقهما يرجع إلى إنكار الوجدان و الجمع بين النقيضين.

قوله تعالى: وَ كُنْتُمْ أَمْواتاً فَأَحْياكُمْ‏ . ذكر المفسرون في الموت و الحياة أقوالا:

منها: أن المراد بالموت هنا العدم السابق على الوجود أي: كنتم معدومين فأوجدكم، و ظاهر القرآن ينفي هذا الاحتمال.

و منها: عدم الحياة عمّا من شأنه الحياة، كالنطفة، و العلقة، و المضغة، و نحوها من الأطوار التي تعرض على الإنسان في بدء خلقه حتّى يصير خلقا جديدا.

و منها: أنّ المراد بها الموت الحكمي، لا الحقيقي، إذ الإنسان حين ولادته لا اسم له، و لا شهرة له عند النّاس ثم يصير مشهورا عندهم، و لم يأت كل منهم في ما ذكروه بدليل يدل عليه.

و الأولى الحمل على الجميع، فإن للحياة بمراتبها المختلفة من النباتية و الحيوانية و الإنسانية جامعا قريبا و هو الحركة و الحس، و للموت أيضا بمراتبه الكثيرة جامعا قريبا، و هو الوقف و السكون، و اللّه تعالى هو القادر على إيجاد أصلهما و سائر جهاتهما و خصوصياتهما، فإن الإنسان من بدء خلقه إلى نشوره و وقوفه بين يدي رب العالمين، و في جميع أطواره و حالاته، بل جميع شؤونه و تبدلاته مورد علمه و قدرته و إرادته و هذا هو معنى الربوبية العظمى التي أشرنا إليها في قوله تعالى: رَبِّ الْعالَمِينَ‏ [سورة الحمد، الآية: 1] و إذا كان هذا شأنه معكم، و كان لكم التفات إلى هذه الجهة و لو إجمالا كيف تكفرون‏

مواهب الرحمان في تفسير القرآن، ج‏1، ص: 144

باللّه، فتكون هذه الآية الشريفة مثل قوله تعالى: فَلا تَجْعَلُوا لِلَّهِ أَنْداداً وَ أَنْتُمْ تَعْلَمُونَ‏ [سورة البقرة، الآية: 22].

قوله تعالى: ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ‏ . أي يميتكم بقبض الأرواح حين انقضاء الآجال، ثم يحييكم حياة ثانية ثم اليه ترجعون لأخذ جزاء أعمالكم، هذا بحسب كليات الموت و الحياة و الرجوع إليه تعالى. و أما بحسب الخصوصيات- كالزمان الفاصل بينهما- فلا يعلمها إلّا اللّه تعالى.

و الفرق بين الحياة الأولى و الحياة الثانية بعد اتحاد المبدأ و المرجع فيهما، و عدم الفرق بينهما من هذه الجهة: أن الحياة الأولى مؤقتة و الثانية أبدية دائمية، و أن التبدل في الصورة فالأعمال في الدنيا- خيرا كانت أو شرا- عرض قائم بالغير، و في الآخرة جوهر قائم بالذات فالعامل و العمل فيهما واحد؛ و الاختلاف إنما هو في صورة العمل. و أن الحياة الأخرى أكمل من الأولى للإنسان إن عمل صالحا في الدنيا و أدون إن كان شرا، و سيأتي تتمة الكلام في الآيات المناسبة إن شاء اللّه تعالى.

و بعد أن بيّن سبحانه بعض آياته في الأنفس فتفضل على الإنسان بنعمة الإيجاد، ثم بنعمة الموت، ثم الحياة، ثم الرجوع اليه ليصل كل واحد إلى ما أعده لنفسه من الأعمال ذكر سبحانه بعض نعمه في الآفاق.

قوله تعالى: هُوَ الَّذِي خَلَقَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً . بيان لما مر من قوله تعالى: جَعَلَ لَكُمُ الْأَرْضَ فِراشاً [سورة البقرة، الآية: 24]، لأن من لوازم جعل الأرض فراشا للإنسان أن يكون جميع ما في الفراش مهيئا للانتفاع به، و كذا قوله تعالى: سَخَّرَ لَكُمْ ما فِي الْأَرْضِ‏ [سورة الحج، الآية: 65].

و الخلق بمعنى التقدير المستقيم، و يستعمل في الإبداع أيضا، كقوله تعالى: خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ‏ [سورة الفرقان، الآية: 59] بقرينة قوله تعالى: بَدِيعُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ‏ [سورة البقرة، الآية: 117]؛ و في إيجاد شي‏ء من شي‏ء كقوله تعالى: خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ نُطْفَةٍ [سورة

مواهب الرحمان في تفسير القرآن، ج‏1، ص: 145

النحل، الآية: 4]، و كذا قوله تعالى: خَلَقَ الْإِنْسانَ مِنْ عَلَقٍ‏ [سورة العلق، الآية: 2] و جميع هذه الاستعمالات من المشترك المعنوي لوجود الجامع القريب فيها، و هو التقدير المستقيم. و المراد بالخلق هنا التقدير أي: قدّر اللّه تعالى أن يكون ما في الأرض لأجل انتفاع الإنسان، و التقدير مقدم عن الإيجاد و كل موجود مقدر، و ليس كل مقدر موجودا، لجريان البداء في مرتبة التقدير و القضاء، كما يأتي.

و خلق ما في الأرض إما لأجل الانتفاع به انتفاعا ماديا صحيحا بكل وجه يتصور، أو عقليا كالنظر و الاعتبار،

كما قال علي (عليه السّلام): «خلق لكم ما في الأرض جميعا لتعتبروا به، و تتوصلوا به الى رضوانه، و تتوقوا به من عذاب نيرانه».

ثم إنه يستفاد من هذه الآية المباركة، و غيرها من الآيات كثرة عناية اللّه تعالى بالإنسان، و قد افتخر به على سائر خلقه كما في قوله تعالى: فَتَبارَكَ اللَّهُ أَحْسَنُ الْخالِقِينَ‏ [سورة المؤمنون، الآية: 14]، بل جعله غاية خلق الموجودات، و جعل الطبيعة مسخرة بين يديه، و أفاض عليه من علومها و أسرارها لأن ينتفع بها و يستفيد من جميع ما يمكن الاستفادة منه.

قوله تعالى: ثُمَّ اسْتَوى‏ إِلَى السَّماءِ فَسَوَّاهُنَّ سَبْعَ سَماواتٍ‏ . مادة (س و ي) تدل على المساواة و المعادلة، و تختلف الخصوصيات باختلاف الاستعمالات، فإذا عديت ب (على) أفادت معنى الاستيلاء عن عدل و حكمة، كما في قوله تعالى: الرَّحْمنُ عَلَى الْعَرْشِ اسْتَوى‏ [سورة طه، الآية: 5] أي استيلاء علم و حكمة و تدبير و إتقان، فيكون ما سواه من صنع اللّه الذي أتقن كل شي‏ء، و إذا عديت ب (إلى) اقتضى القصد و الشروع، و الأخذ المشتمل على أتم أنحاء التدبير،

قال علي (عليه السّلام): «أخذ في خلقها و إتقانها».

و قد استعملت هذه المادة بهيئاتها المختلفة في القرآن الكريم قال تعالى: الَّذِي خَلَقَ فَسَوَّى‏ [سورة الأعلى، الآية: 2] و قال تعالى: فَإِذا سَوَّيْتُهُ وَ نَفَخْتُ فِيهِ مِنْ رُوحِي‏ [سورة ص، الآية: 72] و الخلق أعم من التسوية.

مواهب الرحمان في تفسير القرآن، ج‏1، ص: 146

و المعنى: أنه قصد خلق السماء، و أراد ذلك بأتم أنحاء التدبير و أحسن جهات التنظيم فجعلهنّ سبع سموات متقنات، و سيأتي بيان عدد السبع في الآيات المناسبة إن شاء اللّه تعالى.

و في هذه الآية إشارة إلى أن خلق الأرض قبل خلق السماء. و لكن عرفت أن الخلق غير التسوية، فإن في الأرض جهات كثيرة و في السماء أيضا كذلك، فكل منهما من الأمور الإضافية و يصير خلق تلك الجهات أيضا كذلك. و حينئذ لا منافاة بين ذلك، و قوله تعالى: أَ أَنْتُمْ أَشَدُّ خَلْقاً أَمِ السَّماءُ بَناها رَفَعَ سَمْكَها فَسَوَّاها وَ أَغْطَشَ لَيْلَها وَ أَخْرَجَ ضُحاها وَ الْأَرْضَ بَعْدَ ذلِكَ دَحاها [سورة النازعات، الآية: 27- 31]، فإن خلق السماء في هذه الآية المباركة مقدم من حيث الاستواء و الإتمام. و خلق الأرض مؤخر من حيث فعلية نظمها، و جري أنهارها و دحوها و نحو ذلك. و في الآية السابقة أن خلق الأرض مقدم من حيث أصل التقدير فلا تضاد بينهما.

قوله تعالى: وَ هُوَ بِكُلِّ شَيْ‏ءٍ عَلِيمٌ‏ . الشي‏ء من ألفاظ العموم بل لا أعم منه. و عن بعض اللغويين إن لفظ عليم للمبالغة و ليس لمجرد الوصف الثابت. و قد عدّي بلفظ (باء)، مع أنه متعد بنفسه، لقوله تعالى: فَإِنْ عَلِمْتُمُوهُنَّ مُؤْمِناتٍ‏ [سورة الممتحنة، الآية: 10] لإظهار الزيادة في العلم و المعلوم.

و في القرآن آيات كثيرة دالة على إحاطته بما سواه علما و قدرة و من سائر الجهات و لعل أبلغ هذه التعبيرات بالنسبة إلى المخاطبين قوله تعالى: إِنَّ اللَّهَ كانَ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ شَهِيداً [سورة النساء، الآية: 33]، إذ الشهود و العيان أخص عندهم من العلم و إن كان لا فرق بينهما بالنسبة إليه تعالى.

بحث فقهي:

صفحه بعد