کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

مواهب الرحمان في تفسير القرآن

الجزء الأول

المقدمة

سورة البقرة

الجزء الثاني

تتمة سورة البقرة

الجزء الثالث

تتمة سورة البقرة

الجزء الرابع

تتمة سورة البقرة

الجزء الخامس

سورة آل عمران

الجزء السادس

تتمة سورة آل عمران

الفهرس

الجزء السابع

تتمة تفسير سورة آل عمران

(4) سورة النساء

الفهرس

الجزء الثامن

تتمة سورة النساء

الجزء التاسع

تتمة تفسير سورة النساء

[سورة النساء(4): الآيات 71 الى 76]

التفسير

قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم. قوله تعالى: فانفروا ثبات أو انفروا جميعا. قوله تعالى: و إن منكم لمن ليبطئن. قوله تعالى: فإن أصابتكم مصيبة. قوله تعالى: قال قد أنعم الله علي إذ لم أكن معهم شهيدا. قوله تعالى: و لئن أصابكم فضل من الله. قوله تعالى: ليقولن كأن لم تكن بينكم و بينه مودة. قوله تعالى: يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزا عظيما. قوله تعالى: فليقاتل في سبيل الله الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة. قوله تعالى: و من يقاتل في سبيل الله فيقتل أو يغلب. قوله تعالى: فسوف نؤتيه أجرا عظيما. قوله تعالى: و ما لكم لا تقاتلون في سبيل الله. قوله تعالى: و المستضعفين من الرجال و النساء و الولدان. قوله تعالى: الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها. قوله تعالى: و اجعل لنا من لدنك وليا. قوله تعالى: و اجعل لنا من لدنك نصيرا. قوله تعالى: الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله. قوله تعالى: و الذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت. قوله تعالى: فقاتلوا أولياء الشيطان. قوله تعالى: إن كيد الشيطان كان ضعيفا.

[سورة النساء(4): الآيات 77 الى 80]

[سورة النساء(4): الآيات 81 الى 84]

[سورة النساء(4): الآيات 88 الى 91]

التفسير

قوله تعالى: فما لكم في المنافقين فئتين. قوله تعالى: و الله أركسهم بما كسبوا. قوله تعالى: أ تريدون أن تهدوا من أضل الله. قوله تعالى: و من يضلل الله فلن تجد له سبيلا. قوله تعالى: ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء. قوله تعالى: فلا تتخذوا منهم أولياء حتى يهاجروا في سبيل الله. قوله تعالى: فإن تولوا فخذوهم و اقتلوهم حيث وجدتموهم. قوله تعالى: و لا تتخذوا منهم وليا و لا نصيرا. قوله تعالى: إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم و بينهم ميثاق. قوله تعالى: أو جاؤكم حصرت صدورهم أن يقاتلوكم أو يقاتلوا قومهم. قوله تعالى: و لو شاء الله لسلطهم عليكم فلقاتلوكم. قوله تعالى: فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم و ألقوا إليكم السلم. قوله تعالى: فما جعل الله لكم عليهم سبيلا. قوله تعالى: ستجدون آخرين يريدون أن يأمنوكم و يأمنوا قومهم. قوله تعالى: كلما ردوا إلى الفتنة أركسوا فيها. قوله تعالى: فإن لم يعتزلوكم و يلقوا إليكم السلم و يكفوا أيديهم. قوله تعالى: و أولئكم جعلنا لكم عليهم سلطانا مبينا.

[سورة النساء(4): الآيات 92 الى 94]

[سورة النساء(4): الآيات 95 الى 100]

التفسير

قوله تعالى: لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر. قوله تعالى: و المجاهدون في سبيل الله بأموالهم و أنفسهم. قوله تعالى: فضل الله المجاهدين بأموالهم و أنفسهم على القاعدين درجة. قوله تعالى: و كلا وعد الله الحسنى. قوله تعالى: و فضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما. قوله تعالى: درجات منه و مغفرة و رحمة. قوله تعالى: و كان الله غفورا رحيما. قوله تعالى: إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم. قوله تعالى: فيم كنتم. قوله تعالى: قالوا كنا مستضعفين في الأرض. قوله تعالى: قالوا أ لم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها. قوله تعالى: فأولئك مأواهم جهنم. قوله تعالى: و ساءت مصيرا. قوله تعالى: إلا المستضعفين من الرجال و النساء و الولدان. قوله تعالى: لا يستطيعون حيلة و لا يهتدون سبيلا. قوله تعالى: فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم. قوله تعالى: و كان الله عفوا غفورا. قوله تعالى: و من يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا و سعة. قوله تعالى: و من يخرج من بيته مهاجرا إلى الله و رسوله ثم يدركه الموت. قوله تعالى: فقد وقع أجره على الله. قوله تعالى: و كان الله غفورا رحيما.

[سورة النساء(4): الآيات 101 الى 104]

التفسير

قوله تعالى: و إذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة. قوله تعالى: إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا. قوله تعالى: إن الكافرين كانوا لكم عدوا مبينا. قوله تعالى: و إذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة. قوله تعالى: فلتقم طائفة منهم معك. قوله تعالى: فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم. قوله تعالى: و لتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك. قوله تعالى: و ليأخذوا حذرهم و أسلحتهم. قوله تعالى: ود الذين كفروا لو تغفلون عن أسلحتكم و أمتعتكم فيميلون عليكم ميلة واحدة. قوله تعالى: و لا جناح عليكم إن كان بكم أذى من مطر أو كنتم مرضى أن تضعوا أسلحتكم. قوله تعالى: و خذوا حذركم. قوله تعالى: إن الله أعد للكافرين عذابا مهينا. قوله تعالى: فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قياما و قعودا و على جنوبكم. قوله تعالى: فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة. قوله تعالى: إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا. قوله تعالى: و لا تهنوا في ابتغاء القوم. قوله تعالى: إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون. قوله تعالى: و ترجون من الله ما لا يرجون. قوله تعالى: و كان الله عليما حكيما.

[سورة النساء(4): الآيات 105 الى 115]

التفسير

قوله تعالى: إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله. قوله تعالى: و لا تكن للخائنين خصيما. قوله تعالى: و استغفر الله. قوله تعالى: إن الله كان غفورا رحيما. قوله تعالى: و لا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم. قوله تعالى: إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما. قوله تعالى: يستخفون من الناس و لا يستخفون من الله. قوله تعالى: و هو معهم. قوله تعالى: إذ يبيتون ما لا يرضى من القول. قوله تعالى: و كان الله بما يعملون محيطا. قوله تعالى: ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا. قوله تعالى: فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة. قوله تعالى: أم من يكون عليهم وكيلا. قوله تعالى: و من يعمل سوءا أو يظلم نفسه. قوله تعالى: ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما. قوله تعالى: و من يكسب إثما فإنما يكسبه على نفسه. قوله تعالى: و كان الله عليما حكيما. قوله تعالى: و من يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا. قوله تعالى: فقد احتمل بهتانا و إثما مبينا. قوله تعالى: و لو لا فضل الله عليك و رحمته لهمت طائفة منهم أن يضلوك. قوله تعالى: و ما يضلون إلا أنفسهم. قوله تعالى: و ما يضرونك من شي‏ء. قوله تعالى: و أنزل الله عليك الكتاب و الحكمة و علمك ما لم تكن تعلم. قوله تعالى: و كان فضل الله عليك عظيما. قوله تعالى: لا خير في كثير من نجواهم. قوله تعالى: إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس قوله تعالى: و من يفعل ذلك. قوله تعالى: ابتغاء مرضات الله. قوله تعالى: فسوف نؤتيه أجرا عظيما. قوله تعالى: و من يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى. قوله تعالى: و يتبع غير سبيل المؤمنين. قوله تعالى: نوله ما تولى. قوله تعالى: و نصله جهنم و ساءت مصيرا.

[سورة النساء(4): الآيات 116 الى 122]

[سورة النساء(4): الآيات 127 الى 134]

التفسير

قوله تعالى: و يستفتونك في النساء. قوله تعالى: قل الله يفتيكم فيهن. قوله تعالى: و ما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن. قوله تعالى: و المستضعفين من الولدان. قوله تعالى: و أن تقوموا لليتامى بالقسط. قوله تعالى: و ما تفعلوا من خير فإن الله كان به عليما. قوله تعالى: و إن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا. قوله تعالى: فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا. قوله تعالى: و الصلح خير. قوله تعالى: و أحضرت الأنفس الشح. قوله تعالى: و إن تحسنوا و تتقوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا. قوله تعالى: و لن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء و لو حرصتم. قوله تعالى: فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة. قوله تعالى: و إن تصلحوا و تتقوا فإن الله كان غفورا رحيما. قوله تعالى: و إن يتفرقا يغن الله كلا من سعته. قوله تعالى: و كان الله واسعا حكيما. قوله تعالى: و لقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم و إياكم أن اتقوا الله. قوله تعالى: و إن تكفروا فإن لله ما في السماوات و ما في الأرض. قوله تعالى: و كان الله غنيا حميدا. قوله تعالى: و لله ما في السماوات و ما في الأرض و كفى بالله وكيلا. قوله تعالى: إن يشأ يذهبكم أيها الناس و يأت بآخرين. قوله تعالى: و كان الله على ذلك قديرا. قوله تعالى: من كان يريد ثواب الدنيا. قوله تعالى: فعند الله ثواب الدنيا و الآخرة. قوله تعالى: و كان الله سميعا بصيرا.
الفهرس

الجزء العاشر

تتمة سورة النساء

الفهرس

الجزء الحادي عشر

الفهرس

مواهب الرحمان في تفسير القرآن


صفحه قبل

مواهب الرحمان في تفسير القرآن، ج‏1، ص: 207

بحث روائي:

عن ابن بابويه في العلل عن أبي عبد اللّه (عليه السلام): «و يعقوب إسرائيل و معنى إسرائيل عبد اللّه لأن أسراء هو عبد و ئيل هو اللّه عزّ و جل»

و روى في خبر آخر: «إن أسراء هو القوة و ايل هو اللّه فمعنى إسرائيل قوة اللّه عزّ و جل».

أقول: قد ورد في التوراة الوجه الأخير و المراد بالقوة هنا قوة يعقوب من حيث اعتماده على ربه فيرجع إلى المعنى الأول لأن عبودية الأنبياء (عليهم السلام) تكون عن اعتمادهم من كل جهة على اللّه تبارك و تعالى مطلقا و ذلك يستلزم لهم القوة.

و عن القمي عن جميل عن الصادق (عليه السلام): «قال له رجل: جعلت فداك إن اللّه تعالى يقول أدعوني أستجب لكم و إنّا ندعوا فلا يستجاب لنا قال (عليه السلام) لأنكم لا توفون بعهد اللّه لو وفيتم للّه لوفى اللّه لكم».

أقول: يظهر منها و من سائر الروايات المتواترة أن لاستجابة الدعاء شروطا كثيرة سيأتي بيانها في قوله تعالى: ادْعُونِي أَسْتَجِبْ لَكُمْ إِنَّ الَّذِينَ يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِي سَيَدْخُلُونَ جَهَنَّمَ داخِرِينَ‏ [سورة المؤمن، الآية: 60].

و عن العياشي عن إسحاق بن عمار عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: «سألته عن قول اللّه عزّ و جل: و أقيموا الصلاة و آتوا الزكاة قال: هي الفطرة التي افترض اللّه على المؤمنين».

أقول: قريب منه روايات أخرى، و هذا كله من باب التطبيق.

و عن ابن عباس‏ في قول اللّه تعالى: وَ ارْكَعُوا مَعَ الرَّاكِعِينَ‏ : «نزل في رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) و علي بن أبي طالب (عليه السلام) و هما أول من صلّى و ركع».

أقول: في ذلك روايات أخرى مستفيضة من الفريقين.

مواهب الرحمان في تفسير القرآن، ج‏1، ص: 208

[سورة البقرة (2): الآيات 44 الى 46]

أَ تَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَ تَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ وَ أَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتابَ أَ فَلا تَعْقِلُونَ (44) وَ اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَ الصَّلاةِ وَ إِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلاَّ عَلَى الْخاشِعِينَ (45) الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَ أَنَّهُمْ إِلَيْهِ راجِعُونَ (46)

ذكر سبحانه في هذه الآيات من أفعال اليهود و فسادها أنهم كانوا يدعون الى الإيمان و تلاوة الكتاب، و قد وصفوا أنفسهم بالعدل، و خالفوا إلى غيره، و وبّخهم على هذا الفعل توبيخا شديدا، و الخطاب و إن كان موجها إلى بني إسرائيل لكنه عام إلى جميع من يأمر بالحق و لا يعمل به، و هو من أعظم القبائح النظامية في الاجتماع، ثم أمرهم سبحانه بالرجوع إليه و الاستعانة بالصبر و الصّلاة و نبذ ذلك العمل الشنيع.

التفسير

قوله تعالى: أَ تَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَ تَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ‏ . البر: هو سعة الخير، و يطلق على كل خير من الإحسان. و النسيان غيبة الشي‏ء عن النفس بعد حضوره فيها و منه قوله تعالى: وَ ما كانَ رَبُّكَ نَسِيًّا [سورة مريم، الآية: 64]، إذ لا يعقل النسيان ممن كان ما سواه حاضرا لديه. و يستعمل بمعنى مطلق الترك أيضا، قال تعالى: نَسُوا اللَّهَ فَأَنْساهُمْ أَنْفُسَهُمْ‏ [سورة الحشر، الآية: 19]. و هو أخص من السهو و الغفلة.

قوله تعالى: وَ أَنْتُمْ تَتْلُونَ الْكِتابَ أَ فَلا تَعْقِلُونَ‏ . التلاوة: القراءة لكن لوحظ في الأولى معنى المتابعة، لأن الحروف المقروءة تتتابع بعضا بعضا، و في الثانية لوحظ معنى الجمع، لأن القراءة تستلزم جمع الحروف.

و العقل من العقال، لأنه يربط صاحبه عن ارتكاب القبائح. و يحرّضه على إتيان المحاسن، و هو ضد الجهل، و له إطلاقات كثيرة في السنّة بل و اصطلاح الفلاسفة، و يأتي شرح ذلك في الآيات المناسبة.

و مفهوم العقل من أبده الأشياء و لكن كنهه في غاية الخفاء، فهل هو جوهر مجرد روحاني متعدد الأفراد حسب تعدد أفراد العقلاء يقبل الشدة

مواهب الرحمان في تفسير القرآن، ج‏1، ص: 209

و الضعف. أو أنه عرض قائم بالغير. أو أنه من مراتب وجود النفس الإنساني. أو أن له وجودا واحدا فرديا كالشمس إلّا أن له إشراقات على النفوس. أو أنه إشراق حاصل للنفس من عالم آخر غير عالم الجواهر و الأعراض. أو أن جميع ذلك صحيح بحسب اختلاف النفوس و مراتبها. أو أن الكل باطل و لا يحيط به الناس، بل العلم به منحصر باللّه تعالى؟

و غاية ما يدرك أنّه القوة المميزة بين الحسن و القبح و لم يزل الموضوع مورد البحث منذ وجود العاقل على وجه البسيطة و لا يزال كذلك و القدر المسلّم به أنه موجود و متعقل خارجي وقع مورد جعل اللّه تبارك و تعالى و إرادته و خطابه، كما ستعرف إن شاء اللّه تعالى.

و الخطاب و إن كان موجها إلى بني إسرائيل لكنه عام يشمل الجميع و أشد معاتبة الآمرون بالمعروف التاركون له، و الناهون عن المنكر الفاعلون له حتّى نفى اللّه تعالى عنهم العقل بلسان التوبيخ و التأنيب، و هو كذلك لأن من أول مرتبة العقل و الكمال العقلي هو مطابقة القول للفعل، بل يعد ذلك من الأمور النظامية الاجتماعية فإن نظام المجتمع يقوم بالقانون و العمل به و بدونه يكون خرقا للنظام و إشاعة للفساد. كما أنّ الآمرين بالمعروف و الناهين عن المنكر أحق باتباع ما يأمرونه، و الانتهاء عما ينهون عنه، لأن الحجة عليهم أتم، فإن من لم ينسلخ عن شهوة نفسه كيف يتمكن من إزالة الشهوة عن غيره، و لذا ورد التأكيد

عن الأئمة الهداة (عليهم السلام) بقولهم: «كونوا دعاة الى اللّه بغير ألسنتكم».

و قد ثبت في الفلسفة، و في الأحاديث الكثيرة على أن للحركات القلبية و الجذبات النفسية آثارا خاصة في النفوس، بل قد يكون الشخص في عين أنه ينهى بلسانه مثلا يكون تأثيراته النفسية أقوى من النهي اللساني على النفوس.

و هذه الآيات تتضمن قاعدة محاورية من صحة خطاب الأبناء بما يفعل الآباء، أو خطاب الآباء بما يفعل الأبناء، أو خطاب الجميع بما يفعل البعض.

قوله تعالى: وَ اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَ الصَّلاةِ وَ إِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى‏

مواهب الرحمان في تفسير القرآن، ج‏1، ص: 210

الْخاشِعِينَ‏ . بعد أن ذكر سبحانه من سوء أفعالهم و نفى العقل عنهم فلم تنفعهم تلاوة الكتاب أرشدهم إلى استكمال أنفسهم بالكمالات الظاهرية و الواقعية بالاستعانة بالصبر و الصّلاة و حيث إن بني إسرائيل كانوا مسبوقين بالصبر على المتاعب و الشدائد، و ظهر لهم أثر صبرهم في الاستيلاء على عدوهم (فرعون و قومه)، قال تعالى: وَ تَمَّتْ كَلِمَتُ رَبِّكَ الْحُسْنى‏ عَلى‏ بَنِي إِسْرائِيلَ بِما صَبَرُوا وَ دَمَّرْنا ما كانَ يَصْنَعُ فِرْعَوْنُ وَ قَوْمُهُ‏ [سورة الأعراف، الآية: 137]. و كذا في الصّلاة التي اعتادوا عليها فظهر لهم بعض آثارها، قال تعالى: وَ أَوْحَيْنا إِلى‏ مُوسى‏ وَ أَخِيهِ أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُما بِمِصْرَ بُيُوتاً وَ اجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَ بَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ‏ [سورة يونس، الآية: 87] فحثهم اللّه تعالى على ما وجدوا أثره بأنفسهم من إدمان الاستعانة بالصبر و الصّلاة، و قال تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَ الصَّلاةِ إِنَّ اللَّهَ مَعَ الصَّابِرِينَ‏ [سورة البقرة، الآية: 153].

و الاستعانة: طلب العون كما تقدم في سورة الحمد وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ‏ . و المراد هنا جعل الصبر و الصّلاة وسيلة لإفاضة اللّه تعالى عليهم ما يهمهم من المقاصد و تدل الآية المباركة على أن الاستعانة بهما توصل إلى كل خير نوعيا كان أو شخصيا كليا أو جزئيا.

و الصبر هو كف النفس عن الهوى مع مراعات تكليف المولى، و هو من أهم مكارم الأخلاق، بل لا فضيلة إلّا و للصبر فيها دخل.

ثم إنّ استعانة الإنسان إما أن تكون من نفسه بنفسه، أو من نفسه بغيره، و الأول هو الصبر، و من الثاني الصّلاة. و الاستعانة بالصبر هي فعل الطاعات و ترك المحرمات، و قد يراد منه الصوم لأنه الإمساك و كف النفس عن المفطرات فيكون من صغريات المعنى اللغوي‏

ففي الحديث: «إنّ النبي (صلّى اللّه عليه و آله) كان إذا حزبه أمر استعان بالصوم و الصّلاة»

، و عن الصادق (عليه السلام): «الصبر الصيام و إذا نزلت بالرجل النازلة الشديدة فليصم، فإن اللّه تعالى يقول: و استعينوا بالصبر و الصلاة».

و الاستعانة بالصّلاة استعانة باللّه تعالى، لأنها تنهى عن الفحشاء

مواهب الرحمان في تفسير القرآن، ج‏1، ص: 211

و المنكر، و أنها من أقوى الأسباب و أشدها تأثيرا في قضاء الحوائج و تيسير الأمور.

و إنما قدم تعالى الصبر على الصّلاة، لأنها لا تقبل إلّا بالتقوى، و هي لا تحصل إلّا بالصبر على ترك المحرمات، فيكون من تقديم المقتضي [بالكسر] على المقتضى [بالفتح‏].

و الآية على اختصارها تشتمل على جميع الكمالات الإنسانية الفردية و الاجتماعية، و العامل بها حائز لجميعها و لكثرة عظمة الأمر و احتوائه على المشاق قال تعالى: وَ إِنَّها لَكَبِيرَةٌ إِلَّا عَلَى الْخاشِعِينَ‏ و الضمير يرجع إلى الصّلاة فإنها شاقة و كبيرة عظيمة، لأن الوقوف بين يدي اللّه تعالى مع الالتفات إليه صعب جدا إلّا على الخاشعين المخبتين للّه الذين نبذوا جميع ما سواه وراء ظهورهم، و أنهم في مقام الأنس بربهم فلهم به أشواق، و منه تعالى لهم جذبات فهانت عليهم متاعب الدنيا و صعابها.

و الخشوع و الخضوع هما التواضع و التذلل و المسكنة في مقابل الاستكبار، و هما من الكمالات النفسانية منبعثان من القلب على الجوارح. و يفترق الأول عن الثاني في إطلاقه على الصوت و البصر، قال تعالى: وَ خَشَعَتِ الْأَصْواتُ لِلرَّحْمنِ فَلا تَسْمَعُ إِلَّا هَمْساً [سورة طه، الآية:

108]، و قال تعالى: خاشِعَةً أَبْصارُهُمْ‏ [سورة القلم، الآية: 43] و يحصلان على القلب إما من الإخبات إليه تعالى و الخشية منه، أو من تصور عظمة اللّه تعالى و المداومة عليه.

قوله تعالى: الَّذِينَ يَظُنُّونَ أَنَّهُمْ مُلاقُوا رَبِّهِمْ وَ أَنَّهُمْ إِلَيْهِ راجِعُونَ‏ .

وصف سبحانه الخاشعين بما يبين كثرة خوفهم و وجلهم منه عزّ و جل بحيث لا تستقر لهم حالة. و الملاقاة هي وصول أحد الطرفين إلى الآخر، و المراد بها هو لقاء أهوال يوم القيامة و شدائدها، أو لقاء جزاء أعمالهم يوم الحساب، أو الفوز بلقاء عظمة اللّه و جلاله الذي هو أجل المقامات التي هي دون حد الوجوب و فوق الممكنات و غير ذلك مما يمكن أن يقع مورد التلاقي المختلف باختلاف مراتب الكمالات المعنوية. و فيه تحبيب منه تعالى‏

مواهب الرحمان في تفسير القرآن، ج‏1، ص: 212

بالنسبة إلى المؤمنين الخاشعين و إنذار للعاصين المذنبين.

و أنهم اليه راجعون لتوفية جزاء أعمالهم بما قدموه من صالح الأعمال. و التعبير بالرجوع من حيث كونه تعالى مبدأ الكل فيكون منتهاه أيضا.

و الظن: مرتبة من الإعتقاد، و هو مما يضعف و يشتد، و يعبر عن الثانية ب (اليقين) و المائز بينهما القرائن الخارجية أو الداخلية، قال تعالى: وَ ظَنُّوا أَنَّهُمْ مانِعَتُهُمْ حُصُونُهُمْ‏ [سورة الحشر، الآية: 2] أي حصل لهم اليقين بذلك و كذا في المقام فإن مقام الخشوع لا يناسب إلّا مع اليقين فلا تنافي بينه و بين قوله تعالى: وَ بِالْآخِرَةِ هُمْ يُوقِنُونَ‏ [سورة البقرة، الآية: 4].

و لعل في التعبير بالظن إشارة إلى أن الخاشعين اكتفوا بالظن فاشتد خوفهم منه و هانت عليهم مشاق الدنيا فكيف بمن تيقن بالملاقاة، و توبيخ منه بالنسبة إلى هؤلاء الآمرين بالبر الذين ينسون أنفسهم بأنهم لم يتمكنوا من تحصيل الظن من تلاوة الكتاب ليحملهم على العمل الصالح، أو لأن لشدة كونهم في مقام الخوف و الرجاء لا يعتمدون على يقينهم لما يرد عليهم، فعبر تعالى بالظن سوقا للكلام على مراد المخاطب، و يشهد لذلك‏

قول نبينا الأعظم (صلّى اللّه عليه و آله): «لا يزال المؤمن خائفا من سوء العاقبة و لا يتيقن الوصول إلى رضوان اللّه تعالى حتّى يكون وقت نزع روحه- الحديث-».

و يصح أن يراد بكلام واحد وجوه متعددة باعتبارات مختلفة.

إن قيل: اللقاء و الملاقاة من صفات الأجسام الخارجية و هو تعالى منزه عنها، فلا يناسب الإطلاق عليه عزّ و جل.

يقال: إن اختصاص اللقاء بالأجسام أول الكلام فقد ورد في قوله تعالى: حَتَّى يُلاقُوا يَوْمَهُمُ الَّذِي فِيهِ يُصْعَقُونَ‏ [سورة الطور، الآية: 45] مع أن اليوم ليس بجسم، و مع ورود التنصيص بذلك في الكتاب الكريم فلا وجه لهذا الإشكال، و إنما حصل الإشكال من كثرة الأنس بالماديات و إلّا فالتلاقي في عالم الرؤيا و عالم البرزخ واقع حقيقة، قال تعالى: وَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِآياتِنا وَ لِقاءِ الْآخِرَةِ [سورة الأعراف، الآية: 147] و قال تعالى: قَدْ

مواهب الرحمان في تفسير القرآن، ج‏1، ص: 213

خَسِرَ الَّذِينَ كَذَّبُوا بِلِقاءِ اللَّهِ‏ [سورة الأنعام، الآية 31] إلى غير ذلك من الآيات المباركة. و الأولى الحمل على العموم بحسب مراتب الإيمان و درجاته، فالتلاقي تلاصق اثنين سواء كانا من الجواهر أو الأعراض أو المجردات، مع سبق البعد ظاهريا أو معنويا أو منهما معا، و سواء كان البعد من جهة أو من جهات، و التلاصق كذلك.

بحث روائي:

القمي في الآية: «نزلت في القصّاص و الخطّاب،

و هو قول أمير المؤمنين (عليه السلام): و على كل منبر منهم خطيب مصقع يكذب على اللّه، و على رسوله، و على كتابه».

أقول: هذا من باب التطبيق على أحد الموارد لا التخصيص.

و في مصباح الشريعة عن الصادق (عليه السلام): «من لم ينسلخ عن هواجسه و لم يتخلص من آفات نفسه و شهواتها، و لم يهزم الشيطان، و لم يدخل في كنف اللّه و أمان عصمته لا يصلح للأمر بالمعروف و النهي عن المنكر، لأنه إذا لم يكن بهذه الصّفة فكل ما أظهر يكون حجة عليه، و لا ينتفع الناس به، قال تعالى: أَ تَأْمُرُونَ النَّاسَ بِالْبِرِّ وَ تَنْسَوْنَ أَنْفُسَكُمْ‏ . و يقال له: يا خائن أ تطالب خلقي بما خنت به نفسك و أرخيت عنه عنانك».

أقول: ما ذكره (عليه السلام) مطابق للوجدان، كما لا يخفى على أهله.

و في الكافي عن الصادق (عليه السلام): «كان علي (عليه السلام) إذا أهاله أمر فزع؛ قام إلى الصّلاة، ثم تلا هذه الآية و استعينوا بالصبر و الصّلاة».

و في الفقيه عنه (عليه السلام) أيضا في الآية: الصبر الصيام، و إذا نزلت بالرجل النازلة الشديدة، فليصم فإن اللّه تعالى يقول: اسْتَعِينُوا بِالصَّبْرِ وَ الصَّلاةِ ، يعني الصيام».

صفحه بعد