کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

مواهب الرحمان في تفسير القرآن

الجزء الأول

المقدمة

سورة البقرة

الجزء الثاني

تتمة سورة البقرة

الجزء الثالث

تتمة سورة البقرة

الجزء الرابع

تتمة سورة البقرة

الجزء الخامس

سورة آل عمران

الجزء السادس

تتمة سورة آل عمران

الفهرس

الجزء السابع

تتمة تفسير سورة آل عمران

(4) سورة النساء

الفهرس

الجزء الثامن

تتمة سورة النساء

الجزء التاسع

تتمة تفسير سورة النساء

[سورة النساء(4): الآيات 71 الى 76]

التفسير

قوله تعالى: يا أيها الذين آمنوا خذوا حذركم. قوله تعالى: فانفروا ثبات أو انفروا جميعا. قوله تعالى: و إن منكم لمن ليبطئن. قوله تعالى: فإن أصابتكم مصيبة. قوله تعالى: قال قد أنعم الله علي إذ لم أكن معهم شهيدا. قوله تعالى: و لئن أصابكم فضل من الله. قوله تعالى: ليقولن كأن لم تكن بينكم و بينه مودة. قوله تعالى: يا ليتني كنت معهم فأفوز فوزا عظيما. قوله تعالى: فليقاتل في سبيل الله الذين يشرون الحياة الدنيا بالآخرة. قوله تعالى: و من يقاتل في سبيل الله فيقتل أو يغلب. قوله تعالى: فسوف نؤتيه أجرا عظيما. قوله تعالى: و ما لكم لا تقاتلون في سبيل الله. قوله تعالى: و المستضعفين من الرجال و النساء و الولدان. قوله تعالى: الذين يقولون ربنا أخرجنا من هذه القرية الظالم أهلها. قوله تعالى: و اجعل لنا من لدنك وليا. قوله تعالى: و اجعل لنا من لدنك نصيرا. قوله تعالى: الذين آمنوا يقاتلون في سبيل الله. قوله تعالى: و الذين كفروا يقاتلون في سبيل الطاغوت. قوله تعالى: فقاتلوا أولياء الشيطان. قوله تعالى: إن كيد الشيطان كان ضعيفا.

[سورة النساء(4): الآيات 77 الى 80]

[سورة النساء(4): الآيات 81 الى 84]

[سورة النساء(4): الآيات 88 الى 91]

التفسير

قوله تعالى: فما لكم في المنافقين فئتين. قوله تعالى: و الله أركسهم بما كسبوا. قوله تعالى: أ تريدون أن تهدوا من أضل الله. قوله تعالى: و من يضلل الله فلن تجد له سبيلا. قوله تعالى: ودوا لو تكفرون كما كفروا فتكونون سواء. قوله تعالى: فلا تتخذوا منهم أولياء حتى يهاجروا في سبيل الله. قوله تعالى: فإن تولوا فخذوهم و اقتلوهم حيث وجدتموهم. قوله تعالى: و لا تتخذوا منهم وليا و لا نصيرا. قوله تعالى: إلا الذين يصلون إلى قوم بينكم و بينهم ميثاق. قوله تعالى: أو جاؤكم حصرت صدورهم أن يقاتلوكم أو يقاتلوا قومهم. قوله تعالى: و لو شاء الله لسلطهم عليكم فلقاتلوكم. قوله تعالى: فإن اعتزلوكم فلم يقاتلوكم و ألقوا إليكم السلم. قوله تعالى: فما جعل الله لكم عليهم سبيلا. قوله تعالى: ستجدون آخرين يريدون أن يأمنوكم و يأمنوا قومهم. قوله تعالى: كلما ردوا إلى الفتنة أركسوا فيها. قوله تعالى: فإن لم يعتزلوكم و يلقوا إليكم السلم و يكفوا أيديهم. قوله تعالى: و أولئكم جعلنا لكم عليهم سلطانا مبينا.

[سورة النساء(4): الآيات 92 الى 94]

[سورة النساء(4): الآيات 95 الى 100]

التفسير

قوله تعالى: لا يستوي القاعدون من المؤمنين غير أولي الضرر. قوله تعالى: و المجاهدون في سبيل الله بأموالهم و أنفسهم. قوله تعالى: فضل الله المجاهدين بأموالهم و أنفسهم على القاعدين درجة. قوله تعالى: و كلا وعد الله الحسنى. قوله تعالى: و فضل الله المجاهدين على القاعدين أجرا عظيما. قوله تعالى: درجات منه و مغفرة و رحمة. قوله تعالى: و كان الله غفورا رحيما. قوله تعالى: إن الذين توفاهم الملائكة ظالمي أنفسهم. قوله تعالى: فيم كنتم. قوله تعالى: قالوا كنا مستضعفين في الأرض. قوله تعالى: قالوا أ لم تكن أرض الله واسعة فتهاجروا فيها. قوله تعالى: فأولئك مأواهم جهنم. قوله تعالى: و ساءت مصيرا. قوله تعالى: إلا المستضعفين من الرجال و النساء و الولدان. قوله تعالى: لا يستطيعون حيلة و لا يهتدون سبيلا. قوله تعالى: فأولئك عسى الله أن يعفو عنهم. قوله تعالى: و كان الله عفوا غفورا. قوله تعالى: و من يهاجر في سبيل الله يجد في الأرض مراغما كثيرا و سعة. قوله تعالى: و من يخرج من بيته مهاجرا إلى الله و رسوله ثم يدركه الموت. قوله تعالى: فقد وقع أجره على الله. قوله تعالى: و كان الله غفورا رحيما.

[سورة النساء(4): الآيات 101 الى 104]

التفسير

قوله تعالى: و إذا ضربتم في الأرض فليس عليكم جناح أن تقصروا من الصلاة. قوله تعالى: إن خفتم أن يفتنكم الذين كفروا. قوله تعالى: إن الكافرين كانوا لكم عدوا مبينا. قوله تعالى: و إذا كنت فيهم فأقمت لهم الصلاة. قوله تعالى: فلتقم طائفة منهم معك. قوله تعالى: فإذا سجدوا فليكونوا من ورائكم. قوله تعالى: و لتأت طائفة أخرى لم يصلوا فليصلوا معك. قوله تعالى: و ليأخذوا حذرهم و أسلحتهم. قوله تعالى: ود الذين كفروا لو تغفلون عن أسلحتكم و أمتعتكم فيميلون عليكم ميلة واحدة. قوله تعالى: و لا جناح عليكم إن كان بكم أذى من مطر أو كنتم مرضى أن تضعوا أسلحتكم. قوله تعالى: و خذوا حذركم. قوله تعالى: إن الله أعد للكافرين عذابا مهينا. قوله تعالى: فإذا قضيتم الصلاة فاذكروا الله قياما و قعودا و على جنوبكم. قوله تعالى: فإذا اطمأننتم فأقيموا الصلاة. قوله تعالى: إن الصلاة كانت على المؤمنين كتابا موقوتا. قوله تعالى: و لا تهنوا في ابتغاء القوم. قوله تعالى: إن تكونوا تألمون فإنهم يألمون كما تألمون. قوله تعالى: و ترجون من الله ما لا يرجون. قوله تعالى: و كان الله عليما حكيما.

[سورة النساء(4): الآيات 105 الى 115]

التفسير

قوله تعالى: إنا أنزلنا إليك الكتاب بالحق لتحكم بين الناس بما أراك الله. قوله تعالى: و لا تكن للخائنين خصيما. قوله تعالى: و استغفر الله. قوله تعالى: إن الله كان غفورا رحيما. قوله تعالى: و لا تجادل عن الذين يختانون أنفسهم. قوله تعالى: إن الله لا يحب من كان خوانا أثيما. قوله تعالى: يستخفون من الناس و لا يستخفون من الله. قوله تعالى: و هو معهم. قوله تعالى: إذ يبيتون ما لا يرضى من القول. قوله تعالى: و كان الله بما يعملون محيطا. قوله تعالى: ها أنتم هؤلاء جادلتم عنهم في الحياة الدنيا. قوله تعالى: فمن يجادل الله عنهم يوم القيامة. قوله تعالى: أم من يكون عليهم وكيلا. قوله تعالى: و من يعمل سوءا أو يظلم نفسه. قوله تعالى: ثم يستغفر الله يجد الله غفورا رحيما. قوله تعالى: و من يكسب إثما فإنما يكسبه على نفسه. قوله تعالى: و كان الله عليما حكيما. قوله تعالى: و من يكسب خطيئة أو إثما ثم يرم به بريئا. قوله تعالى: فقد احتمل بهتانا و إثما مبينا. قوله تعالى: و لو لا فضل الله عليك و رحمته لهمت طائفة منهم أن يضلوك. قوله تعالى: و ما يضلون إلا أنفسهم. قوله تعالى: و ما يضرونك من شي‏ء. قوله تعالى: و أنزل الله عليك الكتاب و الحكمة و علمك ما لم تكن تعلم. قوله تعالى: و كان فضل الله عليك عظيما. قوله تعالى: لا خير في كثير من نجواهم. قوله تعالى: إلا من أمر بصدقة أو معروف أو إصلاح بين الناس قوله تعالى: و من يفعل ذلك. قوله تعالى: ابتغاء مرضات الله. قوله تعالى: فسوف نؤتيه أجرا عظيما. قوله تعالى: و من يشاقق الرسول من بعد ما تبين له الهدى. قوله تعالى: و يتبع غير سبيل المؤمنين. قوله تعالى: نوله ما تولى. قوله تعالى: و نصله جهنم و ساءت مصيرا.

[سورة النساء(4): الآيات 116 الى 122]

[سورة النساء(4): الآيات 127 الى 134]

التفسير

قوله تعالى: و يستفتونك في النساء. قوله تعالى: قل الله يفتيكم فيهن. قوله تعالى: و ما يتلى عليكم في الكتاب في يتامى النساء اللاتي لا تؤتونهن ما كتب لهن. قوله تعالى: و المستضعفين من الولدان. قوله تعالى: و أن تقوموا لليتامى بالقسط. قوله تعالى: و ما تفعلوا من خير فإن الله كان به عليما. قوله تعالى: و إن امرأة خافت من بعلها نشوزا أو إعراضا. قوله تعالى: فلا جناح عليهما أن يصلحا بينهما صلحا. قوله تعالى: و الصلح خير. قوله تعالى: و أحضرت الأنفس الشح. قوله تعالى: و إن تحسنوا و تتقوا فإن الله كان بما تعملون خبيرا. قوله تعالى: و لن تستطيعوا أن تعدلوا بين النساء و لو حرصتم. قوله تعالى: فلا تميلوا كل الميل فتذروها كالمعلقة. قوله تعالى: و إن تصلحوا و تتقوا فإن الله كان غفورا رحيما. قوله تعالى: و إن يتفرقا يغن الله كلا من سعته. قوله تعالى: و كان الله واسعا حكيما. قوله تعالى: و لقد وصينا الذين أوتوا الكتاب من قبلكم و إياكم أن اتقوا الله. قوله تعالى: و إن تكفروا فإن لله ما في السماوات و ما في الأرض. قوله تعالى: و كان الله غنيا حميدا. قوله تعالى: و لله ما في السماوات و ما في الأرض و كفى بالله وكيلا. قوله تعالى: إن يشأ يذهبكم أيها الناس و يأت بآخرين. قوله تعالى: و كان الله على ذلك قديرا. قوله تعالى: من كان يريد ثواب الدنيا. قوله تعالى: فعند الله ثواب الدنيا و الآخرة. قوله تعالى: و كان الله سميعا بصيرا.
الفهرس

الجزء العاشر

تتمة سورة النساء

الفهرس

الجزء الحادي عشر

الفهرس

مواهب الرحمان في تفسير القرآن


صفحه قبل

مواهب الرحمان في تفسير القرآن، ج‏2، ص: 129

قوله تعالى: وَ لَعَلَّكُمْ تَهْتَدُونَ‏ . هذا هو الأمر الثالث. و كلمة «لعل» بمعنى التوجي في جميع الموارد إلّا أنه بالنسبة إليه عزّ و جل يكون بداعي المحبة و الإيجاب لا بداعي الترجي الحقيقي حتّى يكون محالا عليه عزّ و جل، لأنه الكامل في ذاته و بذاته و لا يعقل النقص بالنسبة إليه تعالى، و التمني و الترجي إنما يتصوران بالنسبة إلى الناقص و أما إذا كانا بدواع أخرى غير داعي وقوع حقيقيّهما فلا محذور بالنسبة إليه عزّ و جل. و تستعمل في القرآن الكريم في كل فعل من أفعال الإنسان و كل غاية يقصدها باختياره.

هذه هي الغايات الشريفة في أمر القبلة و التعبد بها و كل غاية تشير إلى جانب من جوانب هذا الجعل الإلهي: جانب الحجة و الإحتجاج مع المخالفين و المعاندين و قطع حجتهم، و الجانب المادي و الفوائد التي يتوخاها الإنسان، و الجانب المعنوي و الروحي من التكاليف.

و كل واحد من هذه الغايات الشريفة و المنافع الجليلة قد ذكرت في جملة من الآيات الكريمة، و بذلك تتم نعمته على المسلمين و يظهر عظيم لطفه بهم في هذا التكليف.

بحوث المقام‏

بحث أدبي:

الشايع في المحاورات أن الاستثناء من الإثبات نفي و من النفي إثبات، و جرى عليه نظم القرآن الكريم، كما في قوله تعالى فيما تقدم من الآيات الشريفة إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْهُمْ‏ و لذلك تدل كلمة التوحيد على نفي الشرك و إثبات الوحدانية له تعالى.

و المعروف بين اللغويين و غيرهم أنّ كلمة «إلّا» تستعمل في الاستثناء المتصل و المنقطع، و تأتي بمعنى «لكن» و «غير» أيضا و المرجع في التعيين القرائن المعتبرة، و إذا كانت بمعنى «غير» تكون صفة. و قالوا: إنّ الأصل في «إلّا» أن تكون استثناء و الصفة عارضة، للقرينة، كما أنّ الأصل في «غير» أن تكون صفة و الاستثناء عارض، و في القرآن الكريم أمثلة على ذلك يأتي التعرض لها في محالها.

مواهب الرحمان في تفسير القرآن، ج‏2، ص: 130

ثم إنّه وقع الالتفات في الآيات الكريمة المتقدمة بأنحاء.

و هو: أسلوب كلامي يظهر غالبا في كلام العظماء و الملوك عند تكلمهم في مجلس واحد عن قضايا كثيرة على حسب سعة نفوذ أمرهم و سلطانهم، فينتقلون من الحاضر الى الماضي، أو إلى المستقبل، أو إلى الأمر و النهي و قضايا متعددة، فهو يدل على كثرة نفوذ كلام المتكلم وسعة مقصده.

و الحكمة فيه إثارة العقول إلى ما يتحقق من الحكمة و الإتقان و التدبر، و به يتحقق النظم البليغ، لأنه نقل الكلام و تغييره من حالة إلى أخرى، فهو من محاسن الكلام و بدائعه و يهتم الأدباء به اهتماما بليغا، كما وقع ذلك في القرآن الكريم كثيرا.

و المشهور بينهم انه يشترط فيه شروط ثلاثة:

أحدها: أن يكون الانتقال على غير ما يقتضيه الكلام الظاهر، أي أنّ مقتضى الظاهر أن يكون التعبير بغير الالتفات فينتقل إليه.

ثانيها: أن يكون الضمير في المنتقل اليه عائدا في نفس الأمر إلى المنتقل عنه، بخلاف ما إذا كان كل واحد من الضميرين يرجع إلى واحد من اثنين، كما في قول: «أنت صديقي».

ثالثها: أن يكون في جملتين.

و هو عند أهل المعاني و البديع على أنواع:

الأول: تعقيب الكلام بجملة مستقلة بعد ما فرغ المتكلم من المعنى تتلاقى الجملة الأخيرة مع الأولى في المعنى على طريق المثل أو الدعاء أو نحوهما، مثل قوله تعالى: وَ زَهَقَ الْباطِلُ إِنَّ الْباطِلَ كانَ زَهُوقاً [سورة الإسراء، الآية: 81]، و قوله تعالى: ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ‏ [سورة التوبة، الآية: 127]، و هو على سبيل الدعاء.

الثاني: أن يذكر المتكلم معنى فيتوهم ان السامع اعترض في قلبه شي‏ء فليتفت في كلامه ليزيل ما وقع في قلبه من شك و نحوه ثم يرجع الى‏

مواهب الرحمان في تفسير القرآن، ج‏2، ص: 131

مقصوده، كما في قول الشاعر:

فلا صرمه يبدو و في اليأس راحة

و لا ودّه يصفو لنا فنكارمه‏

فإن في قوله: «فلا صرمه يبدو» إيهاما بأنه يريد هجر المحبوب إياه و هو غير لائق، فقال: «و في اليأس راحة» فكان هذا عذرا.

الثالث: التفات الضمائر و هو أن يقدر المتكلم في كلامه مذكورين مرتبين ثم يخبر عن الأول منهما ثم ينصرف عن الإخبار عنه إلى الأخبار عن الثاني ثم يعود إلى الإخبار عن الأول، نحو قوله تعالى: إِنَّ الْإِنْسانَ لِرَبِّهِ لَكَنُودٌ وَ إِنَّهُ عَلى‏ ذلِكَ لَشَهِيدٌ وَ إِنَّهُ لِحُبِّ الْخَيْرِ لَشَدِيدٌ [سورة العاديات، الآية:

6].

الرابع: بناء فعل للمفعول بعد خطاب فاعله او تكلمه؛ نحو قوله تعالى: غَيْرِ الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ‏ [سورة الحمد، الآية: 7] بعد قوله تعالى: أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ‏ فان المعنى غير الذين غضبت عليهم.

الخامس: الانتقال من المذكر إلى المؤنث أو العكس على طريقة الالتفات.

السادس: انتقال الكلام من خطاب الواحد او الإثنين أو الجمع إلى الآخر، و هذا على أقسام- كما يأتي- نحو قوله تعالى: وَ أَوْحَيْنا إِلى‏ مُوسى‏ وَ أَخِيهِ أَنْ تَبَوَّءا لِقَوْمِكُما بِمِصْرَ بُيُوتاً وَ اجْعَلُوا بُيُوتَكُمْ قِبْلَةً وَ أَقِيمُوا الصَّلاةَ وَ بَشِّرِ الْمُؤْمِنِينَ‏ [سورة يونس، الآية: 87]، فاتسع في الخطاب فثنى ثم جمع ثم وحد، و نحو قوله تعالى: وَ ما لِيَ لا أَعْبُدُ الَّذِي فَطَرَنِي وَ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ‏ [سورة يس، الآية: 22] فانه عدول عن خطاب الواحد إلى خطاب الجماعة.

السابع: التفات الأفعال، و هو الانتقال من الماضي أو المضارع أو الأمر إلى آخر و هو على أقسام أيضا و هذا كثير في القرآن الكريم و فيه لطائف دقيقة.

الثامن: الانتقال في الكلام من كل من التكلم و الخطاب و الغيبة إلى آخر و هو أشهر ما عرف في الالتفات عند علماء الأدب، و يكون ذلك على‏

مواهب الرحمان في تفسير القرآن، ج‏2، ص: 132

أقسام ستة:

الأول: من التكلم إلى الخطاب، نحو قوله تعالى: وَ أُمِرْنا لِنُسْلِمَ لِرَبِّ الْعالَمِينَ وَ أَنْ أَقِيمُوا الصَّلاةَ [سورة الأنعام، الآية: 71].

الثاني: الالتفات من التكلم إلى الغيبة، نحو قوله تعالى: إِنَّا فَتَحْنا لَكَ فَتْحاً مُبِيناً لِيَغْفِرَ لَكَ اللَّهُ‏ [سورة الفتح، الآية: 1].

الثالث: من الخطاب إلى التكلم، كقوله تعالى: هُوَ الَّذِي أَنْزَلَ إِلَيْكُمُ الْكِتابَ مُفَصَّلًا وَ الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ‏ [سورة الأنعام، الآية: 114].

الرابع: من الخطاب إلى الغيبة، نحو قوله تعالى: حَتَّى إِذا كُنْتُمْ فِي الْفُلْكِ وَ جَرَيْنَ بِهِمْ بِرِيحٍ طَيِّبَةٍ وَ فَرِحُوا بِها جاءَتْها رِيحٌ عاصِفٌ وَ جاءَهُمُ الْمَوْجُ مِنْ كُلِّ مَكانٍ وَ ظَنُّوا أَنَّهُمْ أُحِيطَ بِهِمْ دَعَوُا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ لَئِنْ أَنْجَيْتَنا مِنْ هذِهِ لَنَكُونَنَّ مِنَ الشَّاكِرِينَ‏ [سورة يونس، الآية: 22].

الخامس: من الغيبة إلى الخطاب، قال تعالى: الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ‏ - إلى قوله تعالى- إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ‏ [سورة الفاتحة، الآية: 4].

السادس: من الغيبة إلى التكلم، قال تعالى: وَ اللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّياحَ فَتُثِيرُ سَحاباً فَسُقْناهُ إِلى‏ بَلَدٍ مَيِّتٍ‏ [سورة فاطر، الآية: 9].

و للالتفات فوائد كثيرة مستفادة من الجملة الواقع فيها تليق بذلك الكلام الخاص، و تختلف باختلاف المقامات، فمنها دفع ما يشتمل الكلام على سوء أدب بالنسبة إلى المخاطب بالالتفات إلى الغائب. و منها توبيخ الحاضر لأنه أبلغ في الإهانة فيلتفت إلى الخطاب. و منها الالتفات إلى الماضي لإظهار الاستمرار، أو الالتفات إلى المستقبل للدلالة على الكثرة و التلبس بالفعل في كل وقت. و منها الالتفات إلى المضارع في مورد الماضي لأنه أبلغ و آكد و أعظم وقعا. و منها الالتفات إلى الماضي في مورد المضارع في الأمور الهائلة التي لم توجد أو الأمور العظيمة التي تحدث. و منها إظهار التفخيم، و تذكير السامع بما وقع الى غير ذلك من الفوائد.

مواهب الرحمان في تفسير القرآن، ج‏2، ص: 133

بحث روائي:

في تفسير القمي عن حريز عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) قال: «نزلت هذه الآية في اليهود و النصارى يقول اللّه تبارك و تعالى: الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ‏ يعني: يعرفون رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) كَما يَعْرِفُونَ أَبْناءَهُمْ‏ ، لأن اللّه عزّ و جل قد أنزل عليهم في التوراة و الإنجيل و الزبور صفة محمد (صلّى اللّه عليه و آله) و صفة أصحابه و مهاجرته، و هو قول اللّه عزّ و جل‏ مُحَمَّدٌ رَسُولُ اللَّهِ وَ الَّذِينَ مَعَهُ أَشِدَّاءُ عَلَى الْكُفَّارِ رُحَماءُ بَيْنَهُمْ تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً يَبْتَغُونَ فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَ رِضْواناً سِيماهُمْ فِي وُجُوهِهِمْ مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ ذلِكَ مَثَلُهُمْ فِي التَّوْراةِ وَ مَثَلُهُمْ فِي الْإِنْجِيلِ‏ . و هذه صفة محمد رسول اللّه في التوراة و صفة أصحابه، فلما بعثه اللّه عزّ و جل عرفه أهل الكتاب، كما قال جلّ جلاله‏ فَلَمَّا جاءَهُمْ ما عَرَفُوا كَفَرُوا بِهِ‏ . و قريب منه ما رواه في الكافي عن علي (عليه السلام).

أقول: هذه الرواية من الروايات التي وردت في بيان صفات رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) المختصة به المذكورة في القرآن و في جميع الكتب السماوية التي يتلوها أنبياء اللّه تعالى على أممهم.

و في الدر المنثور في الآية: الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ يَعْرِفُونَهُ‏ نزلت في مؤمني أهل الكتاب عبد اللّه بن سلام و أصحابه، كانوا يعرفون رسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) بنعته و صفته و مبعثه في كتابهم، كما يعرف أحدهم ولده إذا رآه مع الغلمان. قال عبد اللّه بن سلام: لأنا أشد معرفة برسول اللّه (صلّى اللّه عليه و آله) مني بابني، فقال له عمر بن الخطاب: كيف ذاك يا ابن سلام؟ قال: لأني أشهد أن محمدا رسول اللّه حقا يقينا و أنا لا أشهد بذلك على ابني لأني لا ادري ما أحدث النساء. فقال عمر: وفقك اللّه يا ابن سلام».

و في الكافي عن أبي جعفر (عليه السلام) في قوله تعالى: فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ‏ قال (عليه السلام): «الخيرات الولاية».

أقول: هذا من باب التطبيق كما ذكرنا غير مرة، و يصح تطبيق الآية

مواهب الرحمان في تفسير القرآن، ج‏2، ص: 134

المباركة على القرآن و جميع المعارف الإلهية و قد تقدم الكلام فراجع.

و في الكافي أيضا عن أبي خالد الكابلي عن أبي عبد اللّه (عليه السلام) في قول اللّه عزّ و جل: فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعاً . قال: «الخيرات الولاية. و قوله تعالى: أَيْنَ ما تَكُونُوا يَأْتِ بِكُمُ اللَّهُ جَمِيعاً يعني أصحاب القائم (عليه السلام) الثلاثمائة و البضعة عشر، قال: هم و اللّه الأمة المعدودة. قال: يجتمعون و اللّه في ساعة واحدة قزع كقزع الخريف».

و في تفسير العياشي عن الصادق (عليه السلام): «لقد نزلت هذه الآية في أصحاب القائم (عليه السلام) و انهم المفتقدون من فرشهم ليلا- الحديث-».

أقول: هذه الآية وردت في رجعة الحق إلى أهله، و الآيات في ذلك كثيرة كما تأتي. و أما الروايات الواردة في ذلك فهي متواترة بين الفريقين و عليه الإجماع أيضا، و سنثبت ذلك بالأدلة الكثيرة الآتية. و الرواية من باب التطبيق، كما تقدم.

و في تفسير القمي في قوله تعالى: إِلَّا الَّذِينَ ظَلَمُوا يعني: و لا الذين ظلموا منهم و «إلّا» في موضع «و لا» ليست هي استثناء».

أقول: هذا وجه حسن لا ينافي ما ذكرناه من صحة الاستثناء في الواقع، و قد تقدم في البحث الأدبي فراجع.

بحث فلسفي:

ذهب أكابر الفلاسفة إلى عدم الجعل التأليفي بين الماهية و ذاتياتها و تقدم في ضمن الآية الشريفة وَ مِنْ حَيْثُ خَرَجْتَ فَوَلِّ وَجْهَكَ شَطْرَ الْمَسْجِدِ الْحَرامِ‏ بعض الأخبار التي تشعر بخلاف ذلك.

و استدلوا على البطلان بوجوه- ذكروها في كتبهم- أهمها:

أنّ ثبوت الشي‏ء لنفسه ضروري، و سلبه عنه ممتنع فلا موضوع للجعل التأليفي حينئذ، لأن مناطه إنما هو الإمكان لا الضرورة

مواهب الرحمان في تفسير القرآن، ج‏2، ص: 135

و فيه: ان هذه القضية إنما تكون بعد الجعل و التحقق، و أما قبلهما فليس إلّا العدم المحض و يستوي الثبوت و عدمه بالنسبة إليه، و قد اشتهر بين الفلاسفة: ان الشي‏ء من ذاته ليس، و من علته أيس (الوجود) فلا مجرى لتلك القضية و إن أطالوا القول فيها في الفلسفة.

بل قد نسب إلى بعض أكابرهم تعيين القول بذلك حذرا من تعدد القدماء، فان الذوات في مرتبة الذات متميزة فلو لم تكن مجعولة يلزم المحذور. و دفعه: بأن الشيئية مساوقة للوجود؛ و قبله لا شي‏ء حتّى يلزم العدم. مخدوش: بأنّ اعتبار الذات أمر و اعتبار الوجود أمر آخر، و لا ربط لأحدهما بالآخر. و المسألة مشكلة تعرضوا لها في مواضع في الفلسفة: منها مسألة اصالة الوجود في التحقق، و اصالته في الجعل، و ربط الحادث بالقديم كما يأتي. و لا مفرّ عنه إلّا بما يظهر عن أئمة الدين (عليهم السلام) من أن قدرته التامة الأزلية تتعلق بتذويت الذوات و إخراجها من العدم إلى الوجود، و انه كان و لم يكن معه شي‏ء- بأي معنى من معاني المعية و لو اعتبارا- و قدرته الكاملة على ما سواه بحيث لا يحيط بمعناها أحد و إنما عرّفها

أئمة الدين (عليهم السلام) بقولهم: «لا يعجزه شي‏ء»

كل ذلك يقتضي ما ذكرناه.

إن قيل: إنّ الموضوع محال و قدرته تعالى لا تتعلق بالمحال. يقال: على فرض المحالية فهو محال اعتقادي لا محال واقعي، و ما لا تتعلق القدرة به هو الثاني دون الأول.

و قد نقل عن بعض الفلاسفة الأقدمين أنّ المبدأ مذوّت الذوات و جاعلها، و القدرة الكاملة الأزلية إنما تحصل بذلك.

صفحه بعد