کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

نفائس التأويل

المجلد الاول

تمهيد

مقدمات المولف

[المقدمة الرابعة]: باب الكلام في النسخ و ما يتعلق به‏[و فيها أمور:

[الثاني‏]: فصل في الفرق بين البداء و النسخ و التخصيص [الثالث‏]: فصل فيما يصح فيه معنى النسخ من أفعال المكلف [الرابع‏]: فصل فيما يحسن من النهي بعد الأمر و الأمر بعد النهي [الخامس‏]: فصل في الدلالة على جواز نسخ الشرائع [السادس‏]: فصل في دخول النسخ في الأخبار [السابع‏]: فصل في جواز نسخ الحكم دون التلاوة و نسخ التلاوة دونه [الثامن‏]: فصل في جواز نسخ العبادة قبل فعلها [العاشر]: فصل في‏[أن‏] الزيادة على النص هل يكون نسخا أم لا؟ [الحادي عشر]: فصل في أن النقصان من النص هل يقتضي النسخ أم لا؟ [الثاني عشر]: فصل في جواز نسخ الكتاب بالكتاب و السنة بالسنة [الرابع عشر]: فصل في جواز نسخ السنة بالكتاب [الخامس عشر]: فصل فيما يعرف به كون الناسخ ناسخا و المنسوخ منسوخا [السادس عشر]: فصل فيما يعرف به تأريخ الناسخ و المنسوخ

[المقدمة الخامسة]: باب الكلام في الأخبار و فيها أمور:

الأول: فصل في حد الخبر و مهم أحكامه [الثاني‏]: فصل في أن في الأخبار ما يحصل عنده العلم [الثالث‏]: فصل في أقسام الأخبار [الخامس‏]: فصل فيما يعلم كذبه من الأخبار باضطرار أو اكتساب [السادس‏]: فصل فيما لا يعلم كونه صدقا و لا كذبا من الأخبار [السابع‏]: فصل في أن الخبر الواحد لا يوجب العلم [العاشر]: فصل في أن عدم العمل بخبر الواحد يغنينا عن الكلام في فروعه

المقدمة السادسة: باب الكلام في الإجماع‏[و فيها أمور:]

[الثالث:] فصل في ذكر من يدخل في الإجماع الذي هو حجة [الرابع:] فصل في أن إجماع أهل كل الأعصار حجة [الخامس:] فصل في أن انقراض العصر غير معتبر في الإجماع [السادس‏]: فصل في أن الإجماع بعد الخلاف هل يزيل حكم الخلاف أم لا؟ [السابع:] فصل في أن الأمة إذا اختلفت على قولين أو أكثر فإنه لا يجوز إحداث قول آخر [الثامن:] فصل في أن الصحابة إذا اعتلت بعلتين أو استدلت بدليلين هل يجوز لمن بعدهم أن يعتل أو يستدل بغير ذلك [التاسع:] فصل في الإجماع على أنه لا فصل بين المسألتين هل يمنع من الفصل بينهما [العاشر]: فصل في أن إجماع أهل المدينة ليس بحجة و تجوز مخالفته [الحادي عشر:] فصل في أن موافقة إجماع الأمة لمضمون خبر هل يدل على أنهم عملوا به و من أجله [الثاني عشر:] فصل في‏[أنه‏] هل يجوز أن يجمعوا على الحكم من طريق الاجتهاد أو لا يجوز ذلك [الثالث عشر:] فصل في القول إذا ظهر بين الصحابة و لم يعرف له مخالف كيف حكمه؟ [الرابع عشر:] فصل في حكم القول إذا وقع من الصحابي و لم يظهر و لم يعرف له مخالف [الخامس عشر:] فصل في هل يجوز مع اختلاف الصحابة اتباع بعضهم دون بعض
[المقدمة]

سورة البقرة

المجلد الثالث

سورة ابراهيم سورة الحجر سورة النحل سورة الأسراء سورة الكهف سورة مريم سورة طه سورة الأنبياء سورة الحج سورة المؤمنون سورة النور سورة الفرقان سورة الشعراء سورة النمل سورة القصص سورة العنكبوت سورة الروم سورة لقمان سورة السجدة سورة الأحزاب سورة سبأ سورة فاطر سورة يس سورة الصافات سورة ص سورة الزمر سورة غافر سورة فصلت سورة الشورى سورة الزخرف سورة الدخان سورة الجاثية سورة الأحقاف سورة محمد سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق سورة الذاريات سورة الطور سورة النجم سورة القمر سورة الرحمن سورة الواقعة سورة الحديد سورة المجادلة سورة الحشر سورة الممتحنة سورة الصف سورة الجمعة سورة المنافقون سورة التغابن سورة الطلاق سورة التحريم سورة الملك سورة القلم سورة الحاقة سورة المعارج سورة نوح سورة الجن سورة المزمل سورة المدثر سورة القيامة سورة الإنسان سورة المرسلات سورة النبأ سورة النازعات سورة عبس سورة التكوير سورة الانفطار سورة المطففين سورة البروج سورة الطارق سورة الأعلى سورة الغاشية سورة الفجر سورة البلد سورة الشمس سورة الليل سورة الضحى سورة الشرح سورة العلق سورة البينة سورة الزلزلة سورة العاديات سورة التكاثر سورة العصر سورة الكوثر سورة الكافرون سورة المسد سورة الإخلاص

نفائس التأويل


صفحه قبل

نفائس التأويل، ج‏1، ص: 277

الحقير الصغير [بطريق‏] أولى، و من عادة العرب إذا أرادوا العظيم و المبالغة أن يعلّقوا الكلام بأعظم الأمور و أظهرها، و يكتفون بذلك عن ذكر غيره شمولا أو عمومه‏ «1» .

ألا ترى أنّهم إذا أرادوا أن يصفوا رجلا بالجود و يبالغوا في ذلك، قالوا:

هو واهب الألوف و القناطير، و لم يفتقروا أن يقولوا: هو واهب الدوانيق و القراريط؛ للاستغناء عنه و لدلالة الكلام عليه؟

و وجه آخر: و هو أن يكون في الكلام حذف، و يكون تقديره: مالك يوم الدين و غيره، كما قال تعالى: سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ «2» فحذف اختصارا.

و هذا الجواب يضعف و إن كان قوم من المفسّرين قد اعتمدوه في هذا الموضع؛ لأنّ الحذف إنّما يحتاج إليه عند الضرورة بتعذّر التأويل، فأمّا مع إمكانه و تسبله‏ «3» فلا وجه لذكر الحذف.

و المثال الذي مثّلوا به غير صحيح؛ لأنّ قوله تعالى: سَرابِيلَ تَقِيكُمُ الْحَرَّ ما يرد «4» و البرد، ثم حذفه، بل الوجه فيه أنّه خاطب قوما لا يمسّهم إلّا الحرّ، و لا مجال للبرد عليهم؛ لأنّ بلادهم يقتضي ذلك، فنفى الأذى الذي يعتادونه‏ «5» .

و يمكن أن يكون إرادة نفي الامرين، فدلّ على نفي أضعفهما، كما ذكرناه قبل.

مسألة: فإن قيل: فما الوجه في قوله تعالى: إِيَّاكَ نَعْبُدُ وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ‏ و ما الفائدة في هذا التكرار؟ و يغني أن يقول: إيّاك نعبد و نستعين.

الجواب:

قلنا: قد قيل في ذلك: إنّ الكناية لو تأخّرت عن القائل فيها لتكرّرت،

(1) كذا و الظاهر: عموما.

(2) سورة النحل، الآية: 81.

(3) كذا و الظاهر: و تسيره.

(4) كذا و الظاهر: ما أراد.

(5) راجع أيضا الذخيرة: 579.

نفائس التأويل، ج‏1، ص: 278

فكذلك يجب إذا تقدّمت. ألا ترى أنّه لو قال: نعبدك و نستعينك، لكان يجب من تكرار الكناية ما يجب مثله إذا تقدّمت؟.

و هذا ليس بشي‏ء؛ لأنّه يجوز أن يقول القائل: نعبدك و نستعين، و يقول: أمّا زيد فانّي أحبّه و أكرم، فلا تكرّر الكناية، فسقط هذا الوجه.

و قيل أيضا في جواب هذه الشبهة: إنّ الفائدة في تكرار لفظ «إياك» التأكيد، و إن كان المعنى واحدا.

و هذا الجواب إنّما يتمّ على مذهب من يقول بالتأكيد، و أنّ معناه معنى المؤكّد في اللغة.

و أصحّ ما أجيب عن هذه الشبهة أنّه تعالى لو قال: إياك نعبد و نستعين، لكان الكلام موهما؛ لأنّ الاستعانة تكون لغيره، لأنّه لم يعلّقها في الكلام به تعليقا يمنع من هذا التوهّم و الاحتمال، فإذا قال: و إياك نستعين، زال الاحتمال و تخصّص الكلام.

مسألة: فإن قيل: ما أنكرتم أن يكون أمره لنا بأن نعبد دليلا على أنّه ما فعل المعونة، و أنّه يجوز أن لا يفعلها، منها «1» على أنّ القدرة مع الفعل حتى يصحّ أن يدعوه بأن يجدّدها في كلّ حال.

الجواب:

قلنا: ليس الأمر على ما توهّموه في معنى الأية؛ لأنّه يجوز بأن يكون قد أعاننا ... «2» .

و رابعها: أن يكون الصراط هاهنا معناه الطريق إلى الجنّة؛ لأنّ الأصل في تسمية الصراط بأنّ الصراط هو الطريق، قال الشاعر:

أمير المؤمنين على صراط

إذا اعوج الموارد مستقيم‏

فكان دعوناه تعالى بأن يدخلنا الجنّة أن يهدينا إلى طريق الثواب، و هذا أمر

(1) كذا في المطبوعة.

(2) قال في الهامش: هذا المقام فيه سقط.

نفائس التأويل، ج‏1، ص: 279

مرجوّ مستقبل ما تقدّم مثله، و يكون التماسه باطلا، و قد سمّى اللّه تعالى الإيصال إلى الثواب و إلى العقاب بأنّه هداية إليهما، فقال تعالى: وَ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ فَلَنْ يُضِلَّ أَعْمالَهُمْ (4) سَيَهْدِيهِمْ وَ يُصْلِحُ بالَهُمْ (5) «1» و نحن نعلم أنّ الهداية التي تكون في الأخرة بعد انقطاع التكليف لا يليق إلّا بالثواب و طريقه دون غيره.

و قال تعالى: فَاهْدُوهُمْ إِلى‏ صِراطِ الْجَحِيمِ‏ «2» و قال عزّ من قائل في موضع آخر: وَ لا لِيَهْدِيَهُمْ طَرِيقاً (168) إِلَّا طَرِيقَ جَهَنَّمَ‏ «3» .

و هذا كلّه يوضح ما ذكرناه، من أنّ الهداية قد تكون إلى الثواب و إلى العقاب، فسقطت الشبهة من كلّ وجه.

مسألة: فان قيل: فما الوجه في قوله تعالى: صِراطَ الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ‏ و هو يعني المؤمنين لا محالة، و ليس هذا «4» يقتضي أن يكون منعما عليهم بالإيمان والدين؛ لأنّه لو أراد غير ذلك لما كان فيه تخصيص للمؤمنين من الكافرين الضالّين؛ لأنّ نعم الدنيا تشتمل الجميع، و كذلك النعمة بالتكليف، و التعريض شاملة للجميع، فلم يبق ما يختصّ به المؤمنون إلّا الإيمان، و إذا كان منعما بالإيمان وجب أن يكون من فعله تعالى؛ لأنّ المنعم لا يكون منعما إلّا بما يفعله.

الجواب:

قلنا: غير مسلّم لكم أنّ المراد بالإنعام هاهنا الإيمان و الدين؛ لأنّه تعالى قد ينعم على المؤمنين بأشياء يخصّهم دون الكافر بالخواطر و البواعث السهلة الشارحة للصدور، و لهذا قال تعالى: وَ الَّذِينَ اهْتَدَوْا زادَهُمْ هُدىً‏ «5» فبيّن أنّه قد خصّهم لمكان هداهم و إيمانهم بما لم يعمّ به الكافرين.

ثم يجوز أن يريد بالنعمة هاهنا الثواب؛ لأنّ الثواب من فعله، و إذا كان إنّما

(1) سورة محمّد، الآيتان: 4 و 5.

(2) سورة الصافات، الآية: 23.

(3) سورة النساء، الآيتان 168 و 169.

(4) و هذا.

(5) سورة محمّد، الآية: 17.

نفائس التأويل، ج‏1، ص: 280

استحقّ بتعريضه و تكليفه كان نعمة منه تعالى و منسوبا إلى تفضّله و رحمته.

ثم لو سلّمنا أنّ المراد بالأية الَّذِينَ أَنْعَمْتَ عَلَيْهِمْ‏ بالإيمان حسب ما اقترحوا لم تكن فيه دلالة على أنّ الإيمان من فعله عزّ اسمه؛ لأنّه إذا كان بتفويضه و تكليفه و توفيقه و ألطافه و معونته، فهو نعمة منه.

ألا ترى أنّ أحدنا إذا دفع إلى غيره مالا عظيما تفضّلا عليه، فصرفه ذلك الغير في ضروب المنافع و ابتياع العبيد و الضياع، لم يمتنع أحد من أن ينسب تلك الضياع بأنّها نعمة من دافع المال من حيث وصل إليها بنعمته و معونته، و هذا واضح لا شبهة فيه‏ «1» .

[بحث فقهي:]

و ممّا انفردت به الإمامية إيثار ترك لفظة آمين بعد قرائة الفاتحة؛ لأنّ باقي الفقهاء يذهبون إلى أنّها سنّة «2» . دليلنا على ما ذهبنا إليه إجماع الطائفة على أنّ هذه اللفظة بدعة و قاطعة للصلاة، و طريقة الاحتياط أيضا؛ لأنّه لا خلاف في أنّه من ترك هذه اللفظة لا يكون عاصيا، و لا مفسدا لصلاته، و قد اختلفوا فيمن فعلها، فذهبت الإمامية إلى أنّه قاطع لصلاته و الأحوط تركها.

و أيضا فلا خلاف في أنّ هذه اللفظة ليست من جملة القرآن، و لا مستقلة بنفسها في كونها دعاء و تسبيحا، فجرى التلفّظ بها مجرى كلّ كلام خارج عن القرآن و التسبيح، فإذا قيل هي تأمين على كلّ دعاء سابق لها و هو قوله عزّ و جلّ:

اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ.

قلنا: الدعاء إنّما يكون دعاء بالقصد، و من يقرأ الفاتحة إنّما قصده التلاوة دون الدعاء، و قد يجوز أن يقرأ من قصد الدعاء، و مخالفنا يذهب إلى أنّها مسنونة لكلّ فصل من غير اعتبار قصده إلى الدعاء، و إذا ثبت بطلان إستعمالها فيمن لم يقصد إلى الدعاء ثبت ذلك في الجميع؛ لأنّ أحدا لم يفرق بين الأمرين‏ «3» .

(1) الرسائل، 3: 287 إلى 296.

(2) المحلّى، 3: 264.

(3) الانتصار: 42.

نفائس التأويل، ج‏1، ص: 281

سورة البقرة

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

[مسألة:] فإن قيل: كيف يجوز أن يسمّي اللّه تعالى السور بهذه الاسماء؟

و لم تجر عادة العرب أن يسمّوا بمثلها، و القرآن بلغتهم.

قلنا: ليس في الأسماء حطّة، و لا يجب فيه الاتّباع و الاقتداء، و لهذا جاز أن يحدث أهل كلّ صناعة لما عرفوه من الألات و الادوات أسماء، و إن لم تكن تلك الاسماء في اللغة أسماء لتلك المسمّيات، و قد يجوز أن يسمّي أحدنا ولده ما لم يسبق إليه، و لا يكون بذلك معيبا.

فإن قيل: كيف يجوز أن تكون هذه الحروف أسماء للسور مع اشتراك جماعة من السور في بعضها و خلوّ كثير من السور من شي‏ء منها؟

قلنا: أمّا الاشتراك فغير ممتنع أسماء الالقاب، و ان كان الالقاب في الاصل‏ «1» إذا كانت للتميّز ألّا يقع فيها الاشتراك، ثم عند وقوع الاشتراك فيها فزعوا إلى الصفات، و لهذا قالوا: زيد الطويل العاقل، و ألحقوا الصفة لمّا وقع الاشتراك في الاسم، و لو لم يكن في العالم إلّا زيد واحد، لما احتاجوا إلى الصفة.

و هكذا السور، لمّا وقع الاشتراك في أسمائها ألحقوا بها ما بيّنه على التمييز، فقالوا: الدخان و الزخرف و ما أشبه ذلك، و لم يحتاجوا إلى ذلك فيما ينفرد بلقبه، كصاد و قاف و طه و ما جرى مجراهنّ.

فأمّا خلو بعض السور من اسم؛ لأنّ وضع الاسماء في الأصل غير واجب، و إذا كان جائزا أن يختصّ مسمّى دون غيره.

(1) كذا و الظاهر: و ان كان الاصل في الالقاب.

نفائس التأويل، ج‏1، ص: 282

- الم‏

فإن قيل: فما الوجه فيما افتتح هذه السورة من قوله: الم‏ و هو كلام لا يعرف معناه و لا يعلم فحواه؟ و كيف يجوز أن يخاطبهم بما لا يعرفونه و لا يقولونه؟

الجواب:

قلنا: قد ذكر الناس في معنى الحروف المقطّعة التي افتتحت بها السور وجوها كثيرة، فبعضها صحيح و بعضها فاسد، و نحن نذكر الصحيح الذي نختاره و ننّبه على ما فيه اختلاف و فساد.

فمن أصحّ ما ذكر في ذلك و أبعده من الفساد أن يكون هذه الحروف أسماء للسور و شعارا لها، و الاسماء إذا كانت على سبيل التلقيب‏ «1» الذي ذكرناه و التمييز «2» ؛ لأنّ الألقاب جارية مجرى الاشارة، و لا يفيد في اللقب أكثر من الاشارة إليه، و إمكان الإخبار عنه عند الغيبة باللقب، كما أمكنت الاشارة مع الحضور.

ألا ترى أنّ قولنا: «زيد و عمرو» لا يفيدان أكثر من التلقب الذي ذكرناه، و لا يجريان مجرى طويل و قصير و ما أشبهها من الصفات؟ و من أمارة كون الاسم لقبا أن يجوز تبديله و تغييره و اللغة على ما هي عليه، و الإسم المفيد لا يجوز تغييره إلّا بتغير اللغة.

ألا ترى أنّه لو سمّينا رجلا ب «زيد» ثم بدا لنا في ذلك فسمّيناه ب «عمرو» لساغ ذلك و اللغة على ما كانت عليه، و إذا وصفناه بأنّه طويل لم يجز أن نصفه بالقصير، و نرجع عن وصفه بالطويل إلّا مع تغيّر اللغة و انقلابها.

و هذا الوجه الذي ذكرناه في هذه الفواتح، قد روي عن الشيوخ الثقات الذين لا أرباب لهم، و ما لا إسم له من السور قد يعرف و يميّز بما يقوم مقام الاسم من الصفات، كسورة النساء و سورة المائدة و ما أشبههما.

(1) في الهامش: التغليب.

(2) كذا في المطبوعة.

نفائس التأويل، ج‏1، ص: 283

و قد طعن أبو مسلم محمد بن بحر الاصبهاني على هذا الجواب و ضعّفه و أورد عليه كلاما طويلا جملته أن قال: إنّ الاسم غير المسمّى، فلو كانت هذه الفواتح أسماء للسور، لوجب أن تكون غيرها و لا تكون منها.

و قد أجمع المسلمون قرّائهم و غير قرّائهم على أنّ هذه الفواتح من السور و معدودة في جملة آيها، و هذا يوجب مع القول بالاسم غير المسمّى، أنّها ليست بأسماء.

و الجواب عن ذلك: أنّ هذه الاسماء ليست غير السور، و هي منها على وجه، و إن كانت خارجة من جملتها على وجه آخر، فهي من حيث كانت أسماء لها و ألقابا عليها خارجة عنها؛ لأنّ الاسم لا بدّ من أن يكون في حكم الغير المسمّى، و هي من حيث كانت قرآنا منزّلا متعبّدا بتلاوته من جملة السور؛ لأنّا أمرنا أن نتلوها في جملتها و نبتدى‏ء بها ثم نتبعها بالسورة، و لا يمتنع في الاسم أن يكون بينه و بين المسمّى مشاركة من وجه، و إن كان يدخل معه في جهة أخرى.

ألا ترى أنّ هذا الاسم محدث و فعل من الافعال و موجود و مدرك، و كلّ هذا قائم في المسمّى، و ليس لأحد أن يقول: قد جعلتموه داخلا مع المسمّى و غير متميّز منه؛ لأنّا لم نفعل ذلك من حيث كان اسما، و انّما جمعنا بينه و بين المسمى من وجه لم يكن فيه إسما للمسمّى، فكذلك القول في هذه الفواتح.

و من عجيب أمر أبي مسلم أنّه أعرض عن هذا الجواب و تغلغل فيه إلى ما حكيناه عنه، و ردّ أيضا غيره من الأجوبة المردودة لعمري في أنفسها، ثم أختار جوابا ظاهر الضعف، بيّن الفساد، و نحن نبتدى‏ء بالكلام عليه قبل غيره ممّا نريد أن نبيّن فساده.

قال أبو مسلم بعد أن اعترض أجوبة غيره في معنى هذه الحروف:

صفحه بعد