کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

البحر المحيط فى التفسير

الجزء الأول

خطبة الكتاب

سورة البقرة 2

[سورة البقرة(2): الآيات 1 الى 5] [سورة البقرة(2): الآيات 6 الى 7] [سورة البقرة(2): الآيات 8 الى 10] [سورة البقرة(2): الآيات 11 الى 16] [سورة البقرة(2): الآيات 17 الى 18] [سورة البقرة(2): آية 19] [سورة البقرة(2): آية 20] [سورة البقرة(2): الآيات 21 الى 22] [سورة البقرة(2): الآيات 23 الى 24] [سورة البقرة(2): آية 25] [سورة البقرة(2): الآيات 26 الى 29] [سورة البقرة(2): الآيات 30 الى 33] [سورة البقرة(2): آية 34] [سورة البقرة(2): آية 35] [سورة البقرة(2): الآيات 36 الى 39] [سورة البقرة(2): الآيات 40 الى 43] [سورة البقرة(2): الآيات 44 الى 46] [سورة البقرة(2): الآيات 47 الى 49] [سورة البقرة(2): الآيات 50 الى 53] [سورة البقرة(2): الآيات 54 الى 57] [سورة البقرة(2): الآيات 58 الى 61] [سورة البقرة(2): الآيات 62 الى 66] [سورة البقرة(2): الآيات 67 الى 74] [سورة البقرة(2): الآيات 75 الى 82] [سورة البقرة(2): الآيات 83 الى 86] [سورة البقرة(2): الآيات 87 الى 96] [سورة البقرة(2): الآيات 97 الى 103] [سورة البقرة(2): الآيات 104 الى 113] [سورة البقرة(2): الآيات 114 الى 123] [سورة البقرة(2): الآيات 124 الى 131] [سورة البقرة(2): الآيات 132 الى 141]
فهرست الجزء الأول من تفسير البحر المحيط

الجزء الثالث

سورة ال عمران

[سورة آل‏عمران(3): الآيات 1 الى 11] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 12 الى 14] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 15 الى 18] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 19 الى 22] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 23 الى 32] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 33 الى 41] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 42 الى 51] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 52 الى 61] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 62 الى 68] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 69 الى 71] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 72 الى 74] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 75 الى 79] [سورة آل‏عمران(3): آية 80] [سورة آل‏عمران(3): آية 81] [سورة آل‏عمران(3): آية 82] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 83 الى 91] [سورة آل‏عمران(3): آية 92] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 93 الى 101] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 102 الى 112] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 113 الى 120] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 121 الى 127] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 128 الى 132] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 133 الى 141] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 142 الى 152] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 153 الى 163] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 164 الى 170] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 171 الى 180] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 181 الى 185] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 186 الى 200]
فهرس الجزء الثالث

الجزء الرابع

فهرست الجزء الرابع

الجزء الخامس

فهرس الجزء الخامس

الجزء السادس

فهرس الجزء السادس

الجزء السابع

فهرس الجزء السابع

الجزء الثامن

فهرس الجزء الثامن

الجزء التاسع

فهرس الجزء التاسع

الجزء العاشر

فهرس الجزء العاشر

الجزء الحادي عشر

1 - فهرس الآيات القرآنية الكريمة

سورة البقرة سورة آل عمران سورة النساء سورة المائدة سورة الأنعام سورة الأعراف سورة الأنفال سورة التوبة سورة يونس سورة هود سورة يوسف سورة الرعد سورة إبراهيم سورة الحجر سورة النحل سورة الإسراء سورة الكهف سورة مريم سورة طه سورة الأنبياء سورة الحج سورة المؤمنون سورة النور سورة الفرقان سورة الشعراء سورة النمل سورة القصص سورة العنكبوت سورة الروم سورة لقمان سورة السجدة سورة الأحزاب سورة سبأ سورة فاطر سورة يس سورة الصافات سورة ص سورة الزمر سورة غافر سورة فصلت سورة الشورى سورة الزخرف سورة الدخان سورة الجاثية سورة الأحقاف سورة محمد سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق سورة الذاريات سورة الطور سورة النجم سورة القمر سورة الرحمن سورة الواقعة سورة الحديد سورة المجادلة سورة الحشر سورة الممتحنة سورة الصف سورة الجمعة سورة المنافقون سورة التغابن سورة الطلاق سورة التحريم سورة الملك سورة القلم سورة الحاقة سورة المعارج سورة نوح سورة الجن سورة المزمل سورة المدثر سورة القيامة سورة الإنسان سورة المرسلات سورة النبأ سورة النازعات سورة عبس سورة التكوير سورة الانفطار سورة المطففين سورة الإنشقاق سورة البروج سورة الطارق سورة الأعلى سورة الغاشية سورة الفجر سورة البلد سورة الشمس سورة الليل سورة الضحى سورة الشرح سورة التين سورة العلق سورة البينة سورة الزلزلة سورة العاديات سورة القارعة سورة التكاثر سورة العصر سورة الهمزة سورة الفيل سورة قريش سورة الماعون سورة الكوثر سورة الكافرون سورة النصر سورة المسد سورة الإخلاص سورة الفلق سورة الناس
2 - فهرس الأحاديث و الآثار 3 - فهرس الشعوب و القبائل و الأديان 4 - فهرس الأماكن و البلاد

5 - فهرس الأبيات الشعرية

حروف الهمزة الهمزة المفتوحة الهمزة المضمومة الهمزة المكسورة حرف الباء الباء المفتوحة الباء المضمومة الباء المكسورة حرف التاء التاء المفتوحة التاء المضمومة التاء المكسورة حرف الثاء الثاء المفتوحة الثاء المكسورة حرف الجيم الجيم المفتوحة الجيم المضمومة الجيم المكسورة حرف الحاء الحاء المفتوحة الحاء المضمومة الحاء المكسورة الخاء المكسورة حرف الدال الدال المفتوحة الدال المضمومة الدال المكسورة حرف الراء الراء المفتوحة الراء المضمومة الراء المكسورة حرف الزاي الزاي المفتوحة حرف السين السين المفتوحة السين المضمومة السين المكسورة حرف الشين الشين المفتوحة الشين المكسورة حرف الصاد الصاد المفتوحة الصاد المضمومة الصاد المكسورة حرف الضاد الضاد المفتوحة الضاد المكسورة حرف الطاء الطاء المفتوحة حرف الظاء حرف العين العين المفتوحة العين المضمومة العين المكسورة الغين المكسورة حرف الفاء الفاء المفتوحة الفاء المضمومة الفاء المكسورة حرف القاف القاف المفتوحة القاف المضمومة القاف المكسورة حرف الكاف الكاف المفتوحة الكاف المضمومة الكاف المكسورة حرف اللام اللام المفتوحة اللام المضمومة اللام المكسورة حرف الميم الميم المفتوحة الميم المضمومة الميم المكسورة حرف النون النون المفتوحة النون المضمومة النون المكسورة حرف الهاء الهاء المفتوحة الهاء المكسورة الواو المفتوحة الواو المكسورة الياء المفتوحة الياء المكسورة حرف الألف
6 - فهرس أنصاف الأبيات 7 - فهرس الأمثال

البحر المحيط فى التفسير


صفحه قبل

البحر المحيط فى التفسير، ج‏4، ص: 252

و يقول: إنه ليس جاريا على مصطلح القوم، و إن ما سلكه في ذلك من التخليط في العلوم، و من غلب عليه فن ظهر فيما يتكلم به من غير ذلك الفن أو قريبا منه من هذا المعنى، و لما وقفت على هذا الكتاب بديار مصر رأيت ما كان الأستاذ أبو جعفر يذم من هذا الكتاب و يستزل عقل فخر الدين في كونه صنف في علم و ليس من أهله. و كان أبو جعفر يقول: لكل علم حد ينتهي إليه، فإذا رأيت متكلما في فن ما و مزجه بغيره فاعلم أنّ ذلك إما أن يكون من تخليطه و تخبيط ذهنه، و إما أن يكون من قلة محصوله و قصوره في ذلك العلم، فتجده يستريح إلى غيره مما يعرفه.

و قال الزمخشري بعد أن ذكر مذهب سيبويه في إعراب و السارق و السارقة ما نصه:

و وجه آخر و هو أن يرتفعا بالابتداء، و الخبر فاقطعوا أيديهما، و دخول الفاء لتضمنها معنى الشرط، لأن المعنى: و الذي سرق و التي سرقت فاقطعوا أيديهما، و الاسم الموصول تضمن معنى الشرط. و قرأ عيسى بن عمر بالنصب، و فضلها سيبويه على قراءة العامة لأجل الأمر، لأن زيدا فاضربه أحسن من زيد فاضربه انتهى. و هذا الوجه الذي أجازه و إن كان ذهب إليه بعضهم لا يجوز عند سيبويه، لأن الموصول لم يوصل بجملة تصلح لأداة الشرط، و لا بما قام مقامها من ظرف أو مجرور، بل الموصول هنا ال وصلة، ال لا تصلح لأداة الشرط، و قد امتزج الموصول بصلته حتى صار الإعراب في الصلة بخلاف الظرف و المجرور، فإن العامل فيهما جملة لا تصلح لأداة الشرط. و أما قوله: في قراءة عيسى، إن سيبويه فضلها على قراءة العامة فليس بصحيح، بل الذي ذكر سيبويه في كتابه أنهما تركيبان: أحدهما زيدا اضربه، و الثاني زيد فاضربه. فالتركيب الأول اختار فيه النصب، ثم جوزوا الرفع بالابتداء. و التركيب الثاني منع أن يرتفع بالابتداء، و تكون الجملة الأمرية خبرا له لأجل الفاء. و أجاز نصبه على الاشتغال، أو على الإغراء، و ذكر أنه يستقيم رفعه على أن يكون جملتان، و يكون زيد خبر مبتدأ محذوف أي: هذا زيد فاضربه، ثم ذكر الآية فخرجها على حذف الخبر، و دل كلامه أنّ هذا التركيب هو لا يكون إلا على جملتين: الأولى ابتدائية، ثم ذكر قراءة ناس بالنصب و لم يرجحها على قراءة العامة، إنما قال: و هي في العربية على ما ذكرت لك من القوة أي: نصبها على الاشتغال أو الإغراء، و هو قوي لا ضعيف، و قد منع سيبويه رفعه على الابتداء، و الجملة الأمرية خبر لأجل الفاء. و قد ذكرنا الترجيح بين رفعه على أنه مبتدأ حذف خبره، أو خبر حذف مبتدؤه، و بين نصبه على الاشتغال بأن الرفع يلزم فيه حذف خبر واحد، و النصب يلزم فيه حذف جملة و إضمار أخرى، و زحلقة الفاء عن‏

البحر المحيط فى التفسير، ج‏4، ص: 253

موضعها. و ظاهر قوله: و السارق أنه لا يشترط حرز للمسروق، و به قال: داود، و الخوارج.

و ذهب الجمهور إلى أنّ شرط القطع إخراجه من الحرز، و لو جمع الثياب في البيت و لم يخرجها لم يقطع. و قال الحسن: يقطع. و الظاهر اندراج كل من يسمى سارقا في عموم و السارق و السارقة، لكن الإجماع منعقد على أنّ الأب إذا سرق من مال ابنه لا يقطع، و الجمهور على أنه لا يقطع الابن. و قال عبد اللّه بن الحسن: إن كان يدخل عليهما فلا قطع، و إن كانا ينهيانه عن الدخول قطع، و لا يقطع ذوو المحارم عند أبي حنيفة، و لا الأجداد من جهة الأب، و الأم عند الجمهور و عند أشهب. و قال أبو ثور: يقطع كل سارق سرق ما تقطع فيه اليد، إلا أن يجمعوا على شي‏ء فيسلم للإجماع. و قال أبو حنيفة و الشافعي: لا تقطع المرأة إذا سرقت من مال زوجها، و لا هو إذا سرق من مال زوجته. و قال مالك: يقطعان. و الظاهر أنّ من أقرّ مرة بسرقة قطع، و به قال: أبو حنيفة، و زفر، و مالك، و الشافعي، و الثوري. و قال ابن شبرمة و أبو يوسف و ابن أبي ليلى: لا يقطع حتى يقر مرتين. و قال أبو حنيفة: لا يقطع سارق المصحف. و قال الشافعي، و أبو يوسف، و أبو ثور، و ابن القاسم: يقطع إذا كانت قيمته نصابا. و الظاهر قطع الطيار نصابا و به قال: مالك، و الأوزاعي، و أبو ثور، و يعقوب، و هو قول الحسن: و ذهب أبو حنيفة، و محمد، و إسحاق إلى أنه إن كانت الدراهم مصرورة في كمه لم يقطع، أو في داخله قطع. و اختلف في النبّاش إذا أخذ الكفن، فقال أبو حنيفة، و الثوري، و الأوزاعي، و محمد: لا يقطع، و هو قول ابن عباس و مكحول. و قال الزهري: أجمع أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم في زمن كان مروان أميرا على المدينة أنّ النباش يعزر و لا يقطع، و كان الصحابة متوافرين يومئذ. و قال أبو الدرداء، و ابن أبي ليلى، و ربيعة، و مالك، و الشافعي، و أبو يوسف: يقطع، و هو مروي عن ابن الزبير، و عمر بن عبد العزيز، و الزهري، و مسروق، و الحسن، و النخعي، و عطاء، و الظاهر أنه إذا كرّر السرقة في العين بعد القطع فيها لم يقطع، و به قال الجمهور.

و قال أبو حنيفة: لا يقطع، و أنه إذا سرق نصابا من سارق لا يقطع، و به قال الشافعي. و قال مالك: يقطع و المخاطب بقوله: فَاقْطَعُوا «1» الرسول أو ولاة الأمر كالسلطان، و من أذن له في إقامة الحدود، أو القضاة و الحكام، أو المؤمنون، ليكونوا

(1) سورة المائدة: 5/ 38.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏4، ص: 254

متظافرين على إقامة الحدود أقوال أربعة. و فصل بعض العلماء فقال: إن كان في البلد إمام أو نائب له فالخطاب متوجه إليه، فإن لم يكن و فيها حاكم فالخطاب متوجه إليه، فإن لم يكن فإلى عامة المؤمنين، و هو من فروض الكفاية إذ ذاك، إذا قام به بعضهم سقط عن الباقين. و الظاهر من قوله: فاقطعوا أيديهما أنه يقطع من السارق الثنتان، لكن الإجماع على خلاف هذا الظاهر، و إنما يقطع من السارق يمناه، و من السارقة يمناها. قال الزمخشري: أيديهما يديهما و نحوه: فَقَدْ صَغَتْ قُلُوبُكُما «1» اكتفى بتثنية المضاف إليه عن تثنية المضاف، و أريد باليدين اليمينان بدليل قراءة عبد اللّه: و السارقون و السارقات فاقطعوا أيمانهم انتهى. و سوى بين أيديهما و قلوبكما و ليسا بشيئين، لأن باب صغت قلوبكما يطرد فيه وضع الجمع موضع التثنية، و هو ما كان اثنين من شيئين كالقلب و الأنف و الوجه و الظهر، و أمّا إن كان في كل شي‏ء منهما اثنان كاليدين و الأذنين و الفخذين فإن وضع الجمع موضع التثنية لا يطرد، و إنما يحفظ و لا يقاس عليه. لأن الذهن إنما يتبادر إذا أطلق الجمع لما يدل عليه لفظه، فلو قيل: قطعت آذان الزيدين، فظاهره قطع أربعة الآذان، و هو استعمال اللفظ في مدلوله. و قال ابن عطية: جمع الأيدي من حيث كان لكل سارق يمين واحدة، و هي المعرّضة للقطع في السرقة، و للسراق أيد، و للسارقات أيد، كأنه قال:

اقطعوا أيمان النوعين، فالتثنية للضمير إنما هي للنوعين. و ظاهر قوله: أيديهما، أنه لا يقطع الرجل، فإذا سرق قطعت يده اليمنى، ثم إن سرق قطعت يده اليسرى، ثم إن سق عزّر و حبس، و هو مذهب مالك و الجمهور، و به قال: أبو حنيفة و الثوري. و قال عليّ، و الزهري، و حماد بن أبي سلمة، و أحمد: تقطع يده اليمنى، ثم إن سرق قطعت رجله اليسرى، ثم إن سرق عزّر و حبس. و روى عطاء: لا تقطع في السرقة إلا اليد اليمنى فقط، ثم إن سرق عزّر و حبس. و قال الشافعي: إذا سرق أولا قطعت يده اليمنى، ثم في الثانية رجله اليسرى، ثم في الثالثة يده اليسرى، ثم في الرابعة رجله اليمنى، و روي هذا عن عمر. قيل: ثم رجع إلى قول عليّ. و ظاهر قطع اليد أنه يكون من المنكب من المفصل.

و

روي عن عليّ: أنه في اليد من الأصابع، و في الرّجل من نصف القدم و هو معقد الشرك.

و روي مثله عن عطاء، و أبي جعفر. و قال أبو صالح السمان: رأيت الذي قطعه عليّ مقطوعا من أطراف الأصابع، فقيل له: من قطعك؟ قال: خير الناس. و الظاهر أنّ المترتب على السرقة هو قطع اليد فقط. فإن كان المال قائما بعينه أخذه صاحبه، و إن كان السارق‏

(1) سورة التحريم: 66/ 4.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏4، ص: 255

استهلكه فلا ضمان عليه، و به قال: مكحول، و عطاء، و الشعبي، و ابن سيرين، و النخعي في قول أبي حنيفة و أصحابه. و قال الحسن، و الزهري، و النخعي في قول حماد، و عثمان البتي، و الليث، و الشافعي، و أحمد و إسحاق: يضمن و يغرم. و قال مالك: إن كان موسرا ضمن أو معسرا فلا شي‏ء عليه.

جَزاءً بِما كَسَبا نَكالًا مِنَ اللَّهِ‏ قال الكسائي: انتصب جزاء على الحال. و قال قطرب: على المصدر، أي: جازاهم جزاء. و قال الجمهور: هو على المفعول من أجله، و بما متعلق بجزاء، و ما موصولة أي: بالذي كسباه. و يحتمل أن تكون مصدرية أي: جزاء بكسبهما، و انتصاب نكالا على المصدر، أو على أنه مفعول من أجله. و العذاب: النكال، و النكل القيد تقدّم الكلام فيه في قوله: فَجَعَلْناها نَكالًا «1» . و قال الزمخشري: جزاء و نكالا مفعول لهما انتهى، و تبع في ذلك الزجاج. قال الزجاج: هو مفعول من أجله يعني جزاء. قال: و كذلك نكالا من اللّه انتهى. و هذا ليس بجيد. إلا إذا كان الجزاء هو النكال، فيكون ذلك على طريق البدل. و أما إذا كانا متباينين فلا يجوز أن يكونا مفعولين لهما إلا بواسطة حرف العطف.

وَ اللَّهُ عَزِيزٌ حَكِيمٌ‏ قيل: المعنى عزيز في شرع الرّدع، حكيم في إيجاب القطع.

و قيل: عزيز في انتقامه من السارق و غيره من أهل المعصية، حكيم في فرائضه و حدوده.

روي أنّ بعض الأعراب سمع قارئا يقرأ: و السارق و السارقة إلى آخرها و ختمها بقوله: و اللّه غفور رحيم فقال: ما هذا كلام فصيح، فقيل له: ليس التلاوة كذلك، و إنما هي و اللّه عزيز حكيم فقال: بخ بخ عز، فحكم، فقطع.

[سورة المائدة (5): الآيات 39 الى 40]

فَمَنْ تابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَ أَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (39) أَ لَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ وَ اللَّهُ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ (40)

أي‏ فَمَنْ تابَ مِنْ بَعْدِ ظُلْمِهِ وَ أَصْلَحَ فَإِنَّ اللَّهَ يَتُوبُ عَلَيْهِ إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ‏ أي فمن تاب من بعد ظلمه بالسرقة. و ظلمه مضاف إلى الفاعل أي: من بعد أن ظلم غيره بأخذ مال أو سرقة. قيل: أو مضاف إلى المفعول أي: من بعد أن ظلم نفسه. و في جواز هذا الوجه نظر إذ يصير التقدير: من بعد أن ظلمه. و لو صرح بهذا لم يجز، لأن فيه تعدي الفعل الرافع الضمير المتصل إلى الضمير المتصل المنصوب، و ذلك لا يجوز إلا في باب ظن، و فقد،

(1) سورة البقرة: 2/ 66.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏4، ص: 256

و عدم. و معنى يتوب عليه أي: يتجاوز عنه و يقبل توبته. و ظاهر الآية أنه بمجرد التوبة لا يقبل إلا إن ضم إلى ذلك الإصلاح و هو التنصل من التبعات بردها إن أمكن، و إلا بالاستحلال منها، أو بإنفاقها في سبيل اللّه إن جهل صاحبها. و الغفران و الرحمة كناية عن سقوط العقوبة عنه في الآخرة. قرأ الجمهور على أن الحد لا يسقط بالتوبة. و قال عطاء و جماعة: يسقط بالتوبة قبل القدرة على السارق، و هو أحد قولي الشافعي. و قال مجاهد:

التوبة و الإصلاح هي أن يقام عليه الحد.

أَ لَمْ تَعْلَمْ أَنَّ اللَّهَ لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ يُعَذِّبُ مَنْ يَشاءُ وَ يَغْفِرُ لِمَنْ يَشاءُ لما ذكر تعالى تصرفه في أحكام المحاربين و أحكام السّراق، و لم يحاب ما ذكر من العقوبات عليهم، نبه على أن ذلك هو تصرف في ملكه، و ملكه لا معقب لحكمه، فيعذب من يشاء عذابه و هم المخالفون لأمره، و يغفر لمن يشاء و هم التائبون. و الخطاب في ألم تعلم قيل:

للنبي صلى اللّه عليه و سلم، و قيل: لكل مكلف، و قيل: للمجترئ على السرقة و غيرها من المحظورات.

فالمعنى: ألم تعلم أنّك عاجز عن الخروج عن ملكي، هاربا مني و من عذابي، فلم اجترأت على ما منعتك منه؟ و أبعد من ذهب أنه خطاب اليهود كانوا بحضرة الرسول، و المعنى: ألم تعلموا أنه له ملك السموات و الأرض، لا قرابة و لا نسب بينه و بين أحد حتى يحابيه، و يترك القائلين نحن أبناء اللّه و أحباؤه. قال الزمخشري: من يشاء من يجب في الحكم تعذيبه و المغفرة له من المصرّين و التائبين انتهى. و فيه دسيسة الاعتزال. و قد يسقط حد الحربي إذا سرق بالتوبة ليكون أدعى له إلى الإسلام و أبعد من التنفير عنه، و لا نسقطه عن المسلم لأن في إقامته الصلاح للمؤمنين و الحياة وَ لَكُمْ فِي الْقِصاصِ حَياةٌ «1» و قال ابن عباس و الضحاك: يعذب من يشاء، أي من مات على كفره، و يغفر لمن يشاء ممن تاب عن كفره. و قيل: ذلك في الدنيا، يعذب من يشاء في الدنيا على معصيته بالقتل و الخسف و السبي و الأسر و إذهاب المال و الجدب و النفي و الخزي و الجزية و غير ذلك، و يغفر لمن يشاء منهم في الدنيا بالتوبة عليه من كفره و معصيته فينقذه من الهلكة و ينجيه من العقوبة.

وَ اللَّهُ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ قَدِيرٌ كثيرا ما يعقب هذه الجملة ما دل على التصرّف التام، و الملك و الخلق و الاختراع، و هي في غاية المناسبة عقيب ما ذكروه من ذلك قوله تعالى:

لَقَدْ كَفَرَ الَّذِينَ قالُوا إِنَّ اللَّهَ هُوَ الْمَسِيحُ ابْنُ مَرْيَمَ* «2»

(1) سورة البقرة: 2/ 179.

(2) سورة المائدة: 5/ 17.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏4، ص: 257

[سورة المائدة (5): الآيات 41 الى 48]

يا أَيُّهَا الرَّسُولُ لا يَحْزُنْكَ الَّذِينَ يُسارِعُونَ فِي الْكُفْرِ مِنَ الَّذِينَ قالُوا آمَنَّا بِأَفْواهِهِمْ وَ لَمْ تُؤْمِنْ قُلُوبُهُمْ وَ مِنَ الَّذِينَ هادُوا سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ سَمَّاعُونَ لِقَوْمٍ آخَرِينَ لَمْ يَأْتُوكَ يُحَرِّفُونَ الْكَلِمَ مِنْ بَعْدِ مَواضِعِهِ يَقُولُونَ إِنْ أُوتِيتُمْ هذا فَخُذُوهُ وَ إِنْ لَمْ تُؤْتَوْهُ فَاحْذَرُوا وَ مَنْ يُرِدِ اللَّهُ فِتْنَتَهُ فَلَنْ تَمْلِكَ لَهُ مِنَ اللَّهِ شَيْئاً أُولئِكَ الَّذِينَ لَمْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يُطَهِّرَ قُلُوبَهُمْ لَهُمْ فِي الدُّنْيا خِزْيٌ وَ لَهُمْ فِي الْآخِرَةِ عَذابٌ عَظِيمٌ (41) سَمَّاعُونَ لِلْكَذِبِ أَكَّالُونَ لِلسُّحْتِ فَإِنْ جاؤُكَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ أَوْ أَعْرِضْ عَنْهُمْ وَ إِنْ تُعْرِضْ عَنْهُمْ فَلَنْ يَضُرُّوكَ شَيْئاً وَ إِنْ حَكَمْتَ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِالْقِسْطِ إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (42) وَ كَيْفَ يُحَكِّمُونَكَ وَ عِنْدَهُمُ التَّوْراةُ فِيها حُكْمُ اللَّهِ ثُمَّ يَتَوَلَّوْنَ مِنْ بَعْدِ ذلِكَ وَ ما أُولئِكَ بِالْمُؤْمِنِينَ (43) إِنَّا أَنْزَلْنَا التَّوْراةَ فِيها هُدىً وَ نُورٌ يَحْكُمُ بِهَا النَّبِيُّونَ الَّذِينَ أَسْلَمُوا لِلَّذِينَ هادُوا وَ الرَّبَّانِيُّونَ وَ الْأَحْبارُ بِمَا اسْتُحْفِظُوا مِنْ كِتابِ اللَّهِ وَ كانُوا عَلَيْهِ شُهَداءَ فَلا تَخْشَوُا النَّاسَ وَ اخْشَوْنِ وَ لا تَشْتَرُوا بِآياتِي ثَمَناً قَلِيلاً وَ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْكافِرُونَ (44) وَ كَتَبْنا عَلَيْهِمْ فِيها أَنَّ النَّفْسَ بِالنَّفْسِ وَ الْعَيْنَ بِالْعَيْنِ وَ الْأَنْفَ بِالْأَنْفِ وَ الْأُذُنَ بِالْأُذُنِ وَ السِّنَّ بِالسِّنِّ وَ الْجُرُوحَ قِصاصٌ فَمَنْ تَصَدَّقَ بِهِ فَهُوَ كَفَّارَةٌ لَهُ وَ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (45)

وَ قَفَّيْنا عَلى‏ آثارِهِمْ بِعِيسَى ابْنِ مَرْيَمَ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ وَ آتَيْناهُ الْإِنْجِيلَ فِيهِ هُدىً وَ نُورٌ وَ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ التَّوْراةِ وَ هُدىً وَ مَوْعِظَةً لِلْمُتَّقِينَ (46) وَ لْيَحْكُمْ أَهْلُ الْإِنْجِيلِ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فِيهِ وَ مَنْ لَمْ يَحْكُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ (47) وَ أَنْزَلْنا إِلَيْكَ الْكِتابَ بِالْحَقِّ مُصَدِّقاً لِما بَيْنَ يَدَيْهِ مِنَ الْكِتابِ وَ مُهَيْمِناً عَلَيْهِ فَاحْكُمْ بَيْنَهُمْ بِما أَنْزَلَ اللَّهُ وَ لا تَتَّبِعْ أَهْواءَهُمْ عَمَّا جاءَكَ مِنَ الْحَقِّ لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَ مِنْهاجاً وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ لَجَعَلَكُمْ أُمَّةً واحِدَةً وَ لكِنْ لِيَبْلُوَكُمْ فِي ما آتاكُمْ فَاسْتَبِقُوا الْخَيْراتِ إِلَى اللَّهِ مَرْجِعُكُمْ جَمِيعاً فَيُنَبِّئُكُمْ بِما كُنْتُمْ فِيهِ تَخْتَلِفُونَ (48)

البحر المحيط فى التفسير، ج‏4، ص: 258

السّحت و السحت بسكون الحاء و ضمها الحرام، سمي بذلك لأنه يسحت البركة أي يذهبها. يقال: سحته اللّه أي أهلكه، و يقال: أسحته، و قرئ بهما في قوله: فَيُسْحِتَكُمْ بِعَذابٍ‏ «1» أي يستأصلكم و يهلككم، و منه قول الفرزدق:

و عض زمان يا ابن مروان لم يدع‏

من المال إلا مسحتا أو مجلف‏

و مصدر الثلاثي سحت بفتحتين، و سحت بإسكان الحاء. و قال الفراء: أصل السحت كلب الجوع و يقال: فلان مسحوت المعدة إذا كان لا يلقى أبدا إلا خائفا، و هو راجع لمعنى الهلاك.

الحبر: بفتح الحاء و كسرها العالم، و جمعه الأحبار. و كان أبو عبيد ينكر ذلك و يقول: هو بفتح الحاء. و قال الفراء: هو بالكسر، و اختار أبو عبيد الفتح. و تسمى هذه السورة سورة الأحبار، و يقال: كعب الأحبار. و الحبر بالكسر الذي يكتب به، و ينسب إليه الحبري الحبار. و يقال: كتب الحبر لمكان الحبر الذي يكتب به، و سمي حبرا لتحسينه الخط و تبيينه إياه. و قيل: سمي حبرا لتأثيره في الموضع الذي يكون به من الحبار و هو الأثر.

العين: حاسة الرؤية و هي مؤنثة، و تجمع في القلة على أعين و أعيان، و في الكثرة على عيون. و قال الشاعر:

و لكنني أغدو عليّ مفاضة

دلاص كأعيان الجراد المنظم‏

صفحه بعد