کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

البحر المحيط فى التفسير

الجزء الأول

خطبة الكتاب

سورة البقرة 2

[سورة البقرة(2): الآيات 1 الى 5] [سورة البقرة(2): الآيات 6 الى 7] [سورة البقرة(2): الآيات 8 الى 10] [سورة البقرة(2): الآيات 11 الى 16] [سورة البقرة(2): الآيات 17 الى 18] [سورة البقرة(2): آية 19] [سورة البقرة(2): آية 20] [سورة البقرة(2): الآيات 21 الى 22] [سورة البقرة(2): الآيات 23 الى 24] [سورة البقرة(2): آية 25] [سورة البقرة(2): الآيات 26 الى 29] [سورة البقرة(2): الآيات 30 الى 33] [سورة البقرة(2): آية 34] [سورة البقرة(2): آية 35] [سورة البقرة(2): الآيات 36 الى 39] [سورة البقرة(2): الآيات 40 الى 43] [سورة البقرة(2): الآيات 44 الى 46] [سورة البقرة(2): الآيات 47 الى 49] [سورة البقرة(2): الآيات 50 الى 53] [سورة البقرة(2): الآيات 54 الى 57] [سورة البقرة(2): الآيات 58 الى 61] [سورة البقرة(2): الآيات 62 الى 66] [سورة البقرة(2): الآيات 67 الى 74] [سورة البقرة(2): الآيات 75 الى 82] [سورة البقرة(2): الآيات 83 الى 86] [سورة البقرة(2): الآيات 87 الى 96] [سورة البقرة(2): الآيات 97 الى 103] [سورة البقرة(2): الآيات 104 الى 113] [سورة البقرة(2): الآيات 114 الى 123] [سورة البقرة(2): الآيات 124 الى 131] [سورة البقرة(2): الآيات 132 الى 141]
فهرست الجزء الأول من تفسير البحر المحيط

الجزء الثالث

سورة ال عمران

[سورة آل‏عمران(3): الآيات 1 الى 11] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 12 الى 14] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 15 الى 18] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 19 الى 22] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 23 الى 32] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 33 الى 41] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 42 الى 51] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 52 الى 61] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 62 الى 68] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 69 الى 71] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 72 الى 74] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 75 الى 79] [سورة آل‏عمران(3): آية 80] [سورة آل‏عمران(3): آية 81] [سورة آل‏عمران(3): آية 82] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 83 الى 91] [سورة آل‏عمران(3): آية 92] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 93 الى 101] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 102 الى 112] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 113 الى 120] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 121 الى 127] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 128 الى 132] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 133 الى 141] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 142 الى 152] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 153 الى 163] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 164 الى 170] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 171 الى 180] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 181 الى 185] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 186 الى 200]
فهرس الجزء الثالث

الجزء الرابع

فهرست الجزء الرابع

الجزء الخامس

فهرس الجزء الخامس

الجزء السادس

فهرس الجزء السادس

الجزء السابع

فهرس الجزء السابع

الجزء الثامن

فهرس الجزء الثامن

الجزء التاسع

فهرس الجزء التاسع

الجزء العاشر

فهرس الجزء العاشر

الجزء الحادي عشر

1 - فهرس الآيات القرآنية الكريمة

سورة البقرة سورة آل عمران سورة النساء سورة المائدة سورة الأنعام سورة الأعراف سورة الأنفال سورة التوبة سورة يونس سورة هود سورة يوسف سورة الرعد سورة إبراهيم سورة الحجر سورة النحل سورة الإسراء سورة الكهف سورة مريم سورة طه سورة الأنبياء سورة الحج سورة المؤمنون سورة النور سورة الفرقان سورة الشعراء سورة النمل سورة القصص سورة العنكبوت سورة الروم سورة لقمان سورة السجدة سورة الأحزاب سورة سبأ سورة فاطر سورة يس سورة الصافات سورة ص سورة الزمر سورة غافر سورة فصلت سورة الشورى سورة الزخرف سورة الدخان سورة الجاثية سورة الأحقاف سورة محمد سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق سورة الذاريات سورة الطور سورة النجم سورة القمر سورة الرحمن سورة الواقعة سورة الحديد سورة المجادلة سورة الحشر سورة الممتحنة سورة الصف سورة الجمعة سورة المنافقون سورة التغابن سورة الطلاق سورة التحريم سورة الملك سورة القلم سورة الحاقة سورة المعارج سورة نوح سورة الجن سورة المزمل سورة المدثر سورة القيامة سورة الإنسان سورة المرسلات سورة النبأ سورة النازعات سورة عبس سورة التكوير سورة الانفطار سورة المطففين سورة الإنشقاق سورة البروج سورة الطارق سورة الأعلى سورة الغاشية سورة الفجر سورة البلد سورة الشمس سورة الليل سورة الضحى سورة الشرح سورة التين سورة العلق سورة البينة سورة الزلزلة سورة العاديات سورة القارعة سورة التكاثر سورة العصر سورة الهمزة سورة الفيل سورة قريش سورة الماعون سورة الكوثر سورة الكافرون سورة النصر سورة المسد سورة الإخلاص سورة الفلق سورة الناس
2 - فهرس الأحاديث و الآثار 3 - فهرس الشعوب و القبائل و الأديان 4 - فهرس الأماكن و البلاد

5 - فهرس الأبيات الشعرية

حروف الهمزة الهمزة المفتوحة الهمزة المضمومة الهمزة المكسورة حرف الباء الباء المفتوحة الباء المضمومة الباء المكسورة حرف التاء التاء المفتوحة التاء المضمومة التاء المكسورة حرف الثاء الثاء المفتوحة الثاء المكسورة حرف الجيم الجيم المفتوحة الجيم المضمومة الجيم المكسورة حرف الحاء الحاء المفتوحة الحاء المضمومة الحاء المكسورة الخاء المكسورة حرف الدال الدال المفتوحة الدال المضمومة الدال المكسورة حرف الراء الراء المفتوحة الراء المضمومة الراء المكسورة حرف الزاي الزاي المفتوحة حرف السين السين المفتوحة السين المضمومة السين المكسورة حرف الشين الشين المفتوحة الشين المكسورة حرف الصاد الصاد المفتوحة الصاد المضمومة الصاد المكسورة حرف الضاد الضاد المفتوحة الضاد المكسورة حرف الطاء الطاء المفتوحة حرف الظاء حرف العين العين المفتوحة العين المضمومة العين المكسورة الغين المكسورة حرف الفاء الفاء المفتوحة الفاء المضمومة الفاء المكسورة حرف القاف القاف المفتوحة القاف المضمومة القاف المكسورة حرف الكاف الكاف المفتوحة الكاف المضمومة الكاف المكسورة حرف اللام اللام المفتوحة اللام المضمومة اللام المكسورة حرف الميم الميم المفتوحة الميم المضمومة الميم المكسورة حرف النون النون المفتوحة النون المضمومة النون المكسورة حرف الهاء الهاء المفتوحة الهاء المكسورة الواو المفتوحة الواو المكسورة الياء المفتوحة الياء المكسورة حرف الألف
6 - فهرس أنصاف الأبيات 7 - فهرس الأمثال

البحر المحيط فى التفسير


صفحه قبل

البحر المحيط فى التفسير، ج‏4، ص: 575

البنت داخل في الذرية و بهذه الآية استدل على دخوله في الوقف على الذرية، و سواء كان الضمير في‏ وَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِ‏ عائدا على نوح أو على إبراهيم‏

فنقول: الحسن و الحسين ابنا فاطمة رضي اللّه عنهم هما من ذرية رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم‏ و بهذه الآية استدل أبو جعفر الباقر و يحيى بن يعمر على ذلك‏

، و كان الحجاج بن يوسف طلب منهما الدليل على ذلك إذ كان هو ينكر ذلك فسكت في قصتين جرتا لهما معه.

كُلٌّ مِنَ الصَّالِحِينَ‏ لا يختص كل بهؤلاء الأربعة، بل يعم جميع من سبق ذكره من الأربعة عشر نبيا.

وَ إِسْماعِيلَ وَ الْيَسَعَ وَ يُونُسَ وَ لُوطاً المشهور أن إسماعيل هو ابن إبراهيم من هاجر و هو أكبر ولده، و قيل: هو نبي من بني إسرائيل كان زمان طالوت و هو المعني بقوله‏ إِذْ قالُوا لِنَبِيٍّ لَهُمُ ابْعَثْ لَنا مَلِكاً نُقاتِلْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ‏ «1» ، و اليسع قال زيد بن أسلم: هو يوشع بن نون، و قال غيره: هو اليسع بن أخطوب بن العجوز، و قرأ الجمهور و اليسع كأن أل أدخلت على مضارع وسع، و قرأ الأخوان و الليسع على وزن فيعل نحو الضيغم و اختلف فيه أهو عربي أم عجمي، فأما على قراءة الجمهور و قول من قال: إنه عربي فقال: هو مضارع سمي به و لا ضمير فيه فأعرب ثم نكر و عرف بأل، و قيل سمي بالفعل كيزيد ثم أدخلت فيه أل زائدة شذوذا كاليزيد في قوله:

رأيت الوليد بن اليزيد مباركا و لزمت كما لزمت في الآن، و من قال: إنه أعجمي فقال: زيدت فيه أل و لزمت شذوذا، و ممن نص على زيادة أل في اليسع أبو عليّ الفارسي و أما على قراءة الأخوين فزعم أبو عليّ أن أل فهي كهي في الحارث و العباس، لأنهما من أبنية الصفات لكن دخول أل فيه شذوذ عن ما عليه الأسماء الأعجمية إذ لم يجئ فيها شي‏ء على هذا الوزن كما لم يجئ فيها شي‏ء فيه أل للتعريف، و قال أبو عبد اللّه بن مالك الجياني، ما قارنت أل نقله كالمسمى بالنضر أو بالنعمان أو ارتجاله كاليسع و السموأل، فإن الأغلب ثبوت أل فيه و قد يجوز أن يحذف فعلى هذا لا تكون أل فيه لازمة و اتضح من قوله: إن اليسع ليس منقولا من فعل كما قال بعضهم، و تقدّم أنه قال: يونس بضم النون و فتحها و كسرها و كذلك يوسف و بفتح النون و سين يوسف قرأ الحسن و طلحة و يحيى و الأعمش و عيسى بن عمر في جميع‏

(1) سورة البقرة: 2/ 246.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏4، ص: 576

القرآن و إنما جمع هؤلاء الأربعة لأنهم لم يبق لهم من الخلق أتباع و لا أشياع فهذه مراتب ست: مرتبة الملك و القدرة ذكر فيها داود و سليمان، و مرتبة البلاء الشديد، ذكر فيها أيوب، و مرتبة الجمع بين البلاء و الوصول إلى الملك ذكر فيها يوسف، و مرتبة قوة البراهين و المعجزات و القتال و الصولة ذكر فيها موسى و هارون، و مرتبة الزهد الشديد و الانقطاع عن الناس للعبادة ذكر فيها زكريا و يحيى و عيسى و إلياس، و مرتبة عدم الاتباع ذكر فيها إسماعيل و اليسع و يونس و لوطا، و هذه الأسماء أعجمية لا تجر بالكسرة و لا تنون إلا اليسع فإنه يجر بها و لا ينون و إلا لوطا فإنه مصروف لخفة بنائه بسكون وسطه، و كونه مذكرا و إن كان فيه ما في إخوته من مانع الصرف و هو العلمية و العجمة الشخصية و قد تحاشى المسلمون هذا الاسم الشريف، فقلّ من تسمى به منهم كأبي مخنف لوط بن يحيى، و لوط النبي هو لوط بن هارون بن آزر و هو تارخ و تقدّم رفع نسبه.

وَ كلًّا فَضَّلْنا عَلَى الْعالَمِينَ‏ فيه دلالة على أن الأنبياء أفضل من الأولياء خلافا لبعض من ينتمي إلى الصوف في زعمهم أن الولي أفضل من النبي كمحمد بن العربي الحاتمي صاحب كتاب الفتوح المكية و عنقاء مغرب و غيرهما من كتب الضلال، و فيه دلالة على أن الأنبياء أفضل من الملائكة لعموم العالمين و هم الموجودون سوى اللّه تعالى فيندرج في العموم الملائكة. قال ابن عطية: معناه عالمي زمانهم.

وَ مِنْ آبائِهِمْ وَ ذُرِّيَّاتِهِمْ وَ إِخْوانِهِمْ‏ المجرور في موضع نصب. فقال الزمخشري:

عطفا على‏ كلًّا بمعنى و فضلنا بعض آبائهم، و قال ابن عطية: و هدينا مِنْ آبائِهِمْ وَ ذُرِّيَّاتِهِمْ وَ إِخْوانِهِمْ‏ جماعات فمن للتبعيض و المراد من آمن نبيا كان أو غير نبي و يدخل عيسى في ضمير قوله: وَ مِنْ آبائِهِمْ‏ و لهذا قال محمد بن كعب: الخال و الخالة انتهى، وَ مِنْ آبائِهِمْ‏ كآدم و إدريس و نوح و هود و صالح‏ وَ ذُرِّيَّاتِهِمْ‏ كذرية نوح عليه السّلام المؤمنين‏ وَ إِخْوانِهِمْ‏ كإخوة يوسف ذكر الأصول و الفروع و الحواشي.

وَ اجْتَبَيْناهُمْ وَ هَدَيْناهُمْ إِلى‏ صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ‏ الظاهر عطف‏ وَ اجْتَبَيْناهُمْ‏ على‏ فَضَّلْنا أي اصطفيناهم و كرر الهداية على سبيل التوضيح للهداية السابقة، و أنها هداية إلى طريق الحق المستقيم القويم الذي لا عوج فيه و هو توحيد اللّه تعالى و تنزيهه عن الشرك.

ذلِكَ هُدَى اللَّهِ يَهْدِي بِهِ مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ‏ أي ذلك الهدى إلى الطريق المستقيم‏

البحر المحيط فى التفسير، ج‏4، ص: 577

هو هدى اللّه، و قال ابن عطية: ذلك إشارة إلى النعمة في قوله‏ وَ اجْتَبَيْناهُمْ‏ انتهى، و في الآية دليل على أن الهدى بمشيئة اللّه تعالى.

وَ لَوْ أَشْرَكُوا لَحَبِطَ عَنْهُمْ ما كانُوا يَعْمَلُونَ‏ أي‏ وَ لَوْ أَشْرَكُوا مع فضلهم و تقدّمهم و ما رفع لهم من الدرجات لكانوا كغيرهم في حبوط أعمالهم كما قال تعالى: لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ‏ «1» و في قوله: وَ لَوْ أَشْرَكُوا دلالة على أن الهدى السابق هو التوحيد و نفي الشرك.

أُولئِكَ الَّذِينَ آتَيْناهُمُ الْكِتابَ وَ الْحُكْمَ وَ النُّبُوَّةَ لما ذكر أنه تعالى فضلهم و اجتباهم و هداهم ذكر ما فضلوا به، و الكتاب: جنس للكتب الإلهية كصحف إبراهيم و التوراة و الزبور و الإنجيل، و الحكم: الحكمة أو الحكم بين الخصوم أو ما شرعوه أو فهم الكتاب أو الفقه في دين اللّه أقوال، و قال أبو عبد اللّه الرازي: آتَيْناهُمُ الْكِتابَ‏ هي رتبة العلم يحكمون بها على بواطن الناس و أرواحهم و الْحُكْمَ‏ مرتبة نفوذ الحكم بحسب الظاهر و النُّبُوَّةَ المرتبة الثالثة و هي التي يتفرع على حصولها حصول المرتبتين فالحكام على الخلق ثلاث طوائف. انتهى ملخصا.

فَإِنْ يَكْفُرْ بِها هؤُلاءِ فَقَدْ وَكَّلْنا بِها قَوْماً لَيْسُوا بِها بِكافِرِينَ‏ الظاهر أن الضمير في‏ بِها عائد إلى النبوة لأنها أقرب مذكور، و قال الزمخشري: بِها بالكتاب و الحكم و النبوة فجعل الضمير عائدا على الثلاثة و هو أيضا له ظهور، و الإشارة بهؤلاء إلى كفار قريش و كل كافر في ذلك العصر، قاله ابن عباس و قتادة و السدّي و غيرهم، و قال الزمخشري: هؤُلاءِ يعني أهل مكة انتهى و قال السدّي، و قال الحسن: أمّة الرسول و معنى‏ وَكَّلْنا أرصدنا للإيمان بها و التوكيل هنا استعارة للتوفيق للإيمان بها و القيام بحقوقها كما يوكل الرجل بالشي‏ء ليقوم به و يتعهده و يحافظ عليه، و القوم الموكلون بها هنا هم الملائكة قاله أبو رجاء، أو مؤمنو أهل المدينة قاله ابن عباس و قتادة و الضحاك و السدي، و قال الزمخشري: قَوْماً هم الأنبياء المذكورون و من تابعهم بدليل قوله‏ أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ‏ انتهى. و هو قول الحسن و قتادة أيضا قالا: المراد بالقوم من تقدّم ذكره من الأنبياء و المؤمنين، و قيل: الأنبياء الثمانية عشر المتقدم ذكرهم و اختاره الزجاج و ابن جرير لقوله بعد أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ‏ . و قيل: المهاجرون و الأنصار، و قيل: كل‏

(1) سورة الزمر: 39/ 65.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏4، ص: 578

من آمن بالرسول، و قال مجاهد: هم الفرس و الآية و إن كان قد فسر بها مخصوصون فمعناها عام في الكفرة و المؤمنين إلى يوم القيامة.

أُولئِكَ الَّذِينَ هَدَى اللَّهُ فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ‏ الإشارة بأولئك إلى المشار إليهم بأولئك الأولى و هم الأنبياء السابق ذكرهم و أمره تعالى أن يقتدي بهداهم، و الهداية السابقة هي توحيد اللّه تعالى و تقديسه عن الشريك، فالمعنى فبطريقتهم في الإيمان باللّه تعالى و توحيده و أصول الدين دون الشرائع، فإنها مختلفة فلا يمكن أن يؤمر بالاقتداء بالمختلفة و هي هدى ما لم تنسخ فإذا نسخت لم تبق هدى بخلاف أصول الدين فإنها كلها هدى أبدا. و قال تعالى: لِكُلٍّ جَعَلْنا مِنْكُمْ شِرْعَةً وَ مِنْهاجاً «1» . و قال ابن عطية: و يحتمل أن تكون الإشارة بأولئك إلى‏ قَوْماً و ذلك يترتب على بعض التأويلات في المراد بالقوم على بعضها انتهى، و يعني أنه إذا فسر القوم بالأنبياء المذكورين أو بالملائكة فيمكن أن تكون الإشارة إلى قوم و إن فسروا بغير ذلك فلا يصح، و قيل: الاقتداء في الصبر كما صبر من قبله، و قيل: يحمل على كل هداهم إلا ما خصه الدليل، و قيل: في الأخلاق الحميدة من الصبر على الأذى و العفو، و قال: في ريّ الظمآن أمر اللّه تعالى نبيه في هذه الآية بمكارم الأخلاق فأمر بتوبة آدم و شكر نوح و وفاء إبراهيم و صدق وعد إسماعيل و حلم إسحاق و حسن ظنّ يعقوب؟

و احتمال يوسف و صبر أيوب و إثابة داود و تواضع سليمان و إخلاص موسى و عبادة زكريا و عصمة يحيى و زهد عيسى، و هذه المكارم التي في جميع الأنبياء اجتمعت في الرسول صلى اللّه عليه و سلم و عليهم أجمعين و لذلك وصفه تعالى بقوله: وَ إِنَّكَ لَعَلى‏ خُلُقٍ عَظِيمٍ‏ «2» .

و قال الزمخشري: فَبِهُداهُمُ اقْتَدِهْ‏ فاختص هداهم بالاقتداء و لا يقتدى إلا بهم، و هذا بمعنى تقديم المفعول و هذا على طريقته في أن تقديم المفعول يوجب الاختصاص و قد رددنا عليه ذلك في الكلام على‏ إِيَّاكَ نَعْبُدُ «3» . و قرأ الحرميان و أهل حرميهما و أبو عمرو اقْتَدِهْ‏ بالهاء ساكنة وصلا و وقفا و هي هاء السكت أجروها وصلا مجراها وقفا، و قرأ الأخوان بحذفها وصلا و إثباتها وقفا و هذا هو القياس، و قرأ هشام‏ اقْتَدِهْ‏ باختلاس الكسرة في الهاء وصلا و سكونها وقفا، و قرأ ابن ذكوان بكسرها و وصلها بياء وصلا و سكونها وقفا و يؤول على أنها ضمير المصدر لا هاء السكت، و تغليظ ابن مجاهد قراءة الكسر غلط منه و تأويلها على أنها هاء السكت ضعيف.

(1) سورة المائدة: 5/ 48.

(2) سورة القلم: 68/ 4.

(3) سورة الفاتحة: 1/ 4.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏4، ص: 579

قُلْ لا أَسْئَلُكُمْ عَلَيْهِ أَجْراً إِنْ هُوَ إِلَّا ذِكْرى‏ لِلْعالَمِينَ‏ أي على الدعاء إلى القرآن و هو الهدى و الصراط المستقيم. أَجْراً أي أجرة أتكثر بها و أخص بها إن القرآن‏ إِلَّا ذِكْرى‏ موعظة لجميع العالمين.

وَ ما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ إِذْ قالُوا ما أَنْزَلَ اللَّهُ عَلى‏ بَشَرٍ مِنْ شَيْ‏ءٍ نزلت في اليهود قاله ابن عباس و محمد بن كعب، أو في مالك بن الصيف اليهودي إذ

قال له الرسول: «أنشدك باللّه الذي أنزل التوراة على موسى أ تجد فيها أن اللّه يبغض الحبر السمين»؟ قال:

نعم. قال: «فأنت الحبر السمين» فغضب ثم قال: ما أنزل اللّه على بشر من شي‏ء قاله ابن عباس و ابن جبير و عكرمة

، أو في فنحاص بن عازورا منهم قاله السدي، أو في اليهود و النصارى قاله قتادة، أو في مشركي العرب قاله مجاهد، و غيره، و بعضهم خصه عنه بمشركي قريش و هي رواية ابن أبي نجيح عنه، و في رواية ابن كثير عن مجاهد أن من أولها إلى‏ مِنْ شَيْ‏ءٍ في مشركي قريش و قوله: أَنْزَلَ الْكِتابَ‏ في اليهود.

و لما ذكر تعالى عن إبراهيم دليل التوحيد و تسفيه رأي أهل الشرك و ذكر تعالى ما منّ به على إبراهيم من جعل النبوّة في بنيه و أن نوحا عليه السّلام جدّه الأعلى كأن اللّه تعالى قد هداه و كان مرسلا إلى قومه و أمر تعالى الرسول بالاقتداء بهدى الأنبياء أخذ في تقرير النبوّة و الردّ على منكريّ الوحي فقال تعالى: وَ ما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ‏ و أصل القدر معرفة الكمية يقال: قدر الشي‏ء إذا حزره و سبره و أراد أن يعلم مقداره يقدره بالضم قدرا و قدرا و

منه‏ «فإن غم عليكم فاقدروا له»

أي فاطلبوا أن تعرفوه، ثم توسع فيه حتى قيل: لكل من عرف شيئا هو يقدر قدره و لا يقدر قدره إذا لم يعرفه بصفاته، قال ابن عباس و الحسن و اختاره الفراء و ثعلب و الزّجاج معناه ما عظموا اللّه حق تعظيمه، و قال أبو عبيدة و الأخفش: ما عرفوه حق معرفته،

قال الماتريدي: و من الذي يعظم اللّه حق عظمته أو يعرفه حق معرفته؟ قالت الملائكة: ما عبدناك حق عبادتك و الرسول صلى اللّه عليه و سلم يقول:

«لا أحصي ثناء عليك»

و ينفصل عن هذا أن يكون المعنى: ما عظموه العظمة التي في وسعهم و في مقدورهم و ما عرفوه كذلك، و قال أبو العالية: و اختاره الخليل بن أحمد معناه: ما وصفوه حق صفته فيما وجب له و استحال عليه و جاز، و قال ابن عباس أيضا: ما آمنوا باللّه حق إيمانه و علموا أن اللّه على كل شي‏ء قدير، و قال أبو عبيدة أيضا: ما عبدوه حق عبادته، و قيل: ما أجلّوه حق إجلاله حكاه ابن أبي الفضل في ريّ الظمآن و هو بمعنى التعظيم، و قال ابن عطية: من توفية القدر فهي عامّة يدخل تحتها من لم يعرف و من لم يعظم و غير ذلك غير أن تعليله بقولهم: ما

البحر المحيط فى التفسير، ج‏4، ص: 580

أَنْزَلَ اللَّهُ‏ يقضي بأنهم جهلوا و لم يعرفوا اللّه حق معرفته إذ أحالوا عليه بعثة الرسل، و قال الزمخشري: ما عرفوا اللّه حق معرفته في الرحمة على عباده و اللطف بهم حين أنكروا بعثة الرسل و الوحي إليهم، و ذلك من أعظم رحمته و أجلّ نعمته‏ وَ ما أَرْسَلْناكَ إِلَّا رَحْمَةً لِلْعالَمِينَ‏ «1» أو ما عرفوه حق معرفته في سخطه على الكافرين و شدة بطشه بهم و لم يخافوه حين جسروا على تلك المقالة العظيمة من إنكار النبوّة، و القائلون هم اليهود بدليل قراءة من قرأ تَجْعَلُونَهُ‏ بالتاء و كذلك‏ تُبْدُونَها و تُخْفُونَ‏ و إنما قالوا ذلك مبالغة في إنكار إنزال القرآن على رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم فألزموا ما لا بد لهم من الإقرار به من إنزال التوراة على موسى. انتهى، و الضمير في‏ وَ ما قَدَرُوا عائد على من أنزلت الآية بسببه على الخلاف السابق و يلزم من قال: إنها في بني إسرائيل أن تكون مدنية و لذا حكى النقاش أنها مدنية، و قرأ الحسن و عيسى الثقفي‏ وَ ما قَدَرُوا بالتشديد حَقَّ قَدْرِهِ‏ بفتح الدال و انتصب‏ حَقَّ قَدْرِهِ‏ على المصدر و هو في الأصل وصف أي قدره الحق و وصف المصدر إذا أضيف إليه انتصب نصب المصدر، و العامل في إذ قدروا و في كلام ابن عطية ما يشعر أن إذ تعليلا.

قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتابَ الَّذِي جاءَ بِهِ مُوسى‏ نُوراً وَ هُدىً لِلنَّاسِ‏ إن كان المنكرون بني إسرائيل فالاحتجاج عليهم واضح لأنهم ملتزمون نزول الكتاب على موسى و إن كانوا العرب فوجه الاحتجاج عليهم أن إنزال الكتاب على موسى أمر مشهور منقول، نقل قوم لم تكن العرب مكذبة لهم و كانوا يقولون: لو أنا أنزل علينا الكتاب لكنا أهدى منهم، و قال أبو حامد الغزالي: هذه الآية مبنية على الشكل الثاني من الأشكال المنطقية و ذلك لأن حاصله يرجع إلى أن موسى عليه السّلام أنزل عليه شي‏ء واحد من البشر ما أنزل اللّه عليه شيئا ينتج من الشكل الثاني أن موسى ما كان من البشر، و هذا خلف محال و ليست هذه الاستحالة بحسب شكل القياس و لا بحسب صحة المقدمة، فلم يبق إلا أنه لزم من فرض صحة المقدمة و هي قولهم: ما أَنْزَلَ اللَّهُ عَلى‏ بَشَرٍ مِنْ شَيْ‏ءٍ فوجب القول بكونها كاذبة فتمت أن دلالة هذه الآية على المطلوب إنما تصح عند الاعتراف بصحة الشكل الثاني من الأشكال المنطقية و عند الاعتراف بصحة قياس الخلف، انتهى كلامه. و في الآية دليل على أن النقض يقدح في صحة الكلام و ذلك أنه نقض قولهم: ما أَنْزَلَ اللَّهُ‏ بقوله: قُلْ مَنْ أَنْزَلَ الْكِتابَ‏ فلو لم يكن النقض دليلا على فساد الكلام لما كانت حجة مفيدة لهذا

(1) سورة الأنبياء: 21/ 107.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏4، ص: 581

المطلوب، و الكتاب هنا التوراة و انتصب‏ نُوراً وَ هُدىً‏ على الحال و العامل‏ أَنْزَلَ‏ أو جاءَ .

تَجْعَلُونَهُ قَراطِيسَ تُبْدُونَها وَ تُخْفُونَ كَثِيراً التاء قراءة الجمهور في الثلاثة، و ظاهره أنه لبني إسرائيل و المعنى: تَجْعَلُونَهُ‏ ذا قَراطِيسَ‏ ، أي أوراقا و بطائق، وَ تُخْفُونَ كَثِيراً كإخفائهم الآيات الدالة على بعثة الرسول و غير ذلك من الآيات التي أخفوها، و أدرج تعالى تحت الإلزام توبيخهم و إن نعى عليهم سوء حملهم لكتابهم و تحريفهم و إبداء بعض و إخفاء بعض، فقيل: جاء به موسى و هو نور و هدى للناس فغيرتموه و جعلتموه قراطيس و ورقات لتستمكنوا مما رمتم من الإبداء و الإخفاء، و تتناسق قراءة التاء مع قوله: عُلِّمْتُمْ‏ و من قال: إن المنكرين العرب أو كفار قريش لم يمكن جعل الخطاب لهم، بل يكون قد اعترض بني إسرائيل فقال: خلال السؤال و الجواب: تجعلونه أنتم يا بني إسرائيل قراطيس و مثل هذا يبعد وقوعه لأن فيه تفكيكا لنظم الآية و تركيبها، حيث جعل الكلام أولا خطابا مع الكفار و آخرا خطابا مع اليهود و قد أجيب بأن الجميع لما اشتركوا في إنكار نبوة الرسول، جاء بعض الكلام خطابا للعرب و بعضه خطابا لبني إسرائيل، و قرأ ابن كثير و أبو عمرو بالياء على الغيبة في الثلاثة.

وَ عُلِّمْتُمْ ما لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ وَ لا آباؤُكُمْ‏ ظاهره أنه خطاب لبني إسرائيل مقصود به الامتنان عليهم و على آبائهم، بأن علموا من دين اللّه و هداياته ما لم يكونوا عالمين به لأن آباءهم كانوا علموا أيضا و علم بعضهم و ليس كذلك آباء العرب، أو مقصود به ذمهم حيث لم ينتفعوا به لإعراضهم و ضلالهم، و قيل: الخطاب للعرب، قاله مجاهد ذكر اللّه منته عليهم أي علمتم يا معشر العرب من الهدايات و التوحيد و الإرشاد إلى الحق ما لم تكونوا عالمين‏ وَ لا آباؤُكُمْ‏ و قيل: الخطاب لمن آمن من اليهود، و قيل: لمن آمن من قريش و تفسير ما لَمْ تَعْلَمُوا يتخرج على حسب المخاطبين التوراة أو دين الإسلام و شرائعه أو هما أو القرآن، قال الزمخشري: الخطاب لليهود أي علمتم على لسان محمد صلى اللّه عليه و سلم مما أوحي إليه‏ ما لَمْ تَعْلَمُوا أَنْتُمْ‏ و أنتم حملة التوراة و لم يعلمه آباؤكم الأقدمون الذين كانوا أعلم منكم أن هذا القرآن يقص على بني إسرائيل أكثر الذي هم فيه يختلفون، و قيل:

الخطاب لمن آمن من قريش‏ لِتُنْذِرَ قَوْماً ما أُنْذِرَ آباؤُهُمْ‏ «1» انتهى.

صفحه بعد