کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

البحر المحيط فى التفسير

الجزء الأول

خطبة الكتاب

سورة البقرة 2

[سورة البقرة(2): الآيات 1 الى 5] [سورة البقرة(2): الآيات 6 الى 7] [سورة البقرة(2): الآيات 8 الى 10] [سورة البقرة(2): الآيات 11 الى 16] [سورة البقرة(2): الآيات 17 الى 18] [سورة البقرة(2): آية 19] [سورة البقرة(2): آية 20] [سورة البقرة(2): الآيات 21 الى 22] [سورة البقرة(2): الآيات 23 الى 24] [سورة البقرة(2): آية 25] [سورة البقرة(2): الآيات 26 الى 29] [سورة البقرة(2): الآيات 30 الى 33] [سورة البقرة(2): آية 34] [سورة البقرة(2): آية 35] [سورة البقرة(2): الآيات 36 الى 39] [سورة البقرة(2): الآيات 40 الى 43] [سورة البقرة(2): الآيات 44 الى 46] [سورة البقرة(2): الآيات 47 الى 49] [سورة البقرة(2): الآيات 50 الى 53] [سورة البقرة(2): الآيات 54 الى 57] [سورة البقرة(2): الآيات 58 الى 61] [سورة البقرة(2): الآيات 62 الى 66] [سورة البقرة(2): الآيات 67 الى 74] [سورة البقرة(2): الآيات 75 الى 82] [سورة البقرة(2): الآيات 83 الى 86] [سورة البقرة(2): الآيات 87 الى 96] [سورة البقرة(2): الآيات 97 الى 103] [سورة البقرة(2): الآيات 104 الى 113] [سورة البقرة(2): الآيات 114 الى 123] [سورة البقرة(2): الآيات 124 الى 131] [سورة البقرة(2): الآيات 132 الى 141]
فهرست الجزء الأول من تفسير البحر المحيط

الجزء الثالث

سورة ال عمران

[سورة آل‏عمران(3): الآيات 1 الى 11] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 12 الى 14] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 15 الى 18] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 19 الى 22] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 23 الى 32] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 33 الى 41] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 42 الى 51] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 52 الى 61] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 62 الى 68] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 69 الى 71] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 72 الى 74] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 75 الى 79] [سورة آل‏عمران(3): آية 80] [سورة آل‏عمران(3): آية 81] [سورة آل‏عمران(3): آية 82] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 83 الى 91] [سورة آل‏عمران(3): آية 92] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 93 الى 101] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 102 الى 112] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 113 الى 120] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 121 الى 127] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 128 الى 132] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 133 الى 141] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 142 الى 152] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 153 الى 163] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 164 الى 170] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 171 الى 180] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 181 الى 185] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 186 الى 200]
فهرس الجزء الثالث

الجزء الرابع

فهرست الجزء الرابع

الجزء الخامس

فهرس الجزء الخامس

الجزء السادس

فهرس الجزء السادس

الجزء السابع

فهرس الجزء السابع

الجزء الثامن

فهرس الجزء الثامن

الجزء التاسع

فهرس الجزء التاسع

الجزء العاشر

فهرس الجزء العاشر

الجزء الحادي عشر

1 - فهرس الآيات القرآنية الكريمة

سورة البقرة سورة آل عمران سورة النساء سورة المائدة سورة الأنعام سورة الأعراف سورة الأنفال سورة التوبة سورة يونس سورة هود سورة يوسف سورة الرعد سورة إبراهيم سورة الحجر سورة النحل سورة الإسراء سورة الكهف سورة مريم سورة طه سورة الأنبياء سورة الحج سورة المؤمنون سورة النور سورة الفرقان سورة الشعراء سورة النمل سورة القصص سورة العنكبوت سورة الروم سورة لقمان سورة السجدة سورة الأحزاب سورة سبأ سورة فاطر سورة يس سورة الصافات سورة ص سورة الزمر سورة غافر سورة فصلت سورة الشورى سورة الزخرف سورة الدخان سورة الجاثية سورة الأحقاف سورة محمد سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق سورة الذاريات سورة الطور سورة النجم سورة القمر سورة الرحمن سورة الواقعة سورة الحديد سورة المجادلة سورة الحشر سورة الممتحنة سورة الصف سورة الجمعة سورة المنافقون سورة التغابن سورة الطلاق سورة التحريم سورة الملك سورة القلم سورة الحاقة سورة المعارج سورة نوح سورة الجن سورة المزمل سورة المدثر سورة القيامة سورة الإنسان سورة المرسلات سورة النبأ سورة النازعات سورة عبس سورة التكوير سورة الانفطار سورة المطففين سورة الإنشقاق سورة البروج سورة الطارق سورة الأعلى سورة الغاشية سورة الفجر سورة البلد سورة الشمس سورة الليل سورة الضحى سورة الشرح سورة التين سورة العلق سورة البينة سورة الزلزلة سورة العاديات سورة القارعة سورة التكاثر سورة العصر سورة الهمزة سورة الفيل سورة قريش سورة الماعون سورة الكوثر سورة الكافرون سورة النصر سورة المسد سورة الإخلاص سورة الفلق سورة الناس
2 - فهرس الأحاديث و الآثار 3 - فهرس الشعوب و القبائل و الأديان 4 - فهرس الأماكن و البلاد

5 - فهرس الأبيات الشعرية

حروف الهمزة الهمزة المفتوحة الهمزة المضمومة الهمزة المكسورة حرف الباء الباء المفتوحة الباء المضمومة الباء المكسورة حرف التاء التاء المفتوحة التاء المضمومة التاء المكسورة حرف الثاء الثاء المفتوحة الثاء المكسورة حرف الجيم الجيم المفتوحة الجيم المضمومة الجيم المكسورة حرف الحاء الحاء المفتوحة الحاء المضمومة الحاء المكسورة الخاء المكسورة حرف الدال الدال المفتوحة الدال المضمومة الدال المكسورة حرف الراء الراء المفتوحة الراء المضمومة الراء المكسورة حرف الزاي الزاي المفتوحة حرف السين السين المفتوحة السين المضمومة السين المكسورة حرف الشين الشين المفتوحة الشين المكسورة حرف الصاد الصاد المفتوحة الصاد المضمومة الصاد المكسورة حرف الضاد الضاد المفتوحة الضاد المكسورة حرف الطاء الطاء المفتوحة حرف الظاء حرف العين العين المفتوحة العين المضمومة العين المكسورة الغين المكسورة حرف الفاء الفاء المفتوحة الفاء المضمومة الفاء المكسورة حرف القاف القاف المفتوحة القاف المضمومة القاف المكسورة حرف الكاف الكاف المفتوحة الكاف المضمومة الكاف المكسورة حرف اللام اللام المفتوحة اللام المضمومة اللام المكسورة حرف الميم الميم المفتوحة الميم المضمومة الميم المكسورة حرف النون النون المفتوحة النون المضمومة النون المكسورة حرف الهاء الهاء المفتوحة الهاء المكسورة الواو المفتوحة الواو المكسورة الياء المفتوحة الياء المكسورة حرف الألف
6 - فهرس أنصاف الأبيات 7 - فهرس الأمثال

البحر المحيط فى التفسير


صفحه قبل

البحر المحيط فى التفسير، ج‏4، ص: 638

رسالاته و ليس ظرفا لأنه يصير التقدير يعلم في هذا المكان كذا و ليس المعنى عليه، و كذا قدره ابن عطية. و قال التبريزي: حَيْثُ‏ هنا اسم لا ظرف انتصب انتصاب المفعول كما في قول الشماخ:

و حلأها عن ذي الأراكة عامر

أخو الخضر يرمي حيث تكوى النواحر

فجعل مفعولا به لأنه ليس يريد أنه يرمي شيئا حيث تكوى النواحر، إنما يريد أنه يرمي ذلك الموضع؛ انتهى. و ما قاله من أنه مفعول به على السعة أو مفعول به على غير السعة تأباه قواعد النحو، لأن النحاة نصوا على أن‏ حَيْثُ‏ من الظروف التي لا تتصرف و شذ إضافة لدى إليها و جرها بالياء و نصوا على أن الظرف الذي يتوسع فيه لا يكون إلا متصرفا و إذا كان الأمر كذلك امتنع نصب‏ حَيْثُ‏ على المفعول به لا على السعة و لا على غيرها، و الذي يظهر لي إقرار حَيْثُ‏ على الظرفية المجازية على أن تضمن‏ أَعْلَمُ‏ معنى ما يتعدى إلى الظرف فيكون التقدير اللّه أنفذ علما حَيْثُ يَجْعَلُ رِسالَتَهُ‏ أي هو نافذ العلم في الموضع الذي يجعل فيه رسالته، و الظرفية هنا مجاز كما قلنا و روى‏ حَيْثُ‏ بالفتح. فقيل: حركة بناء. و قيل: حركة إعراب و يكون ذلك على لغة بني فقعس فإنهم يعربون‏ حَيْثُ‏ حكاها الكسائي. و قرأ ابن كثير و حفص رسالته بالتوحيد و باقي السبعة على الجمع.

سَيُصِيبُ الَّذِينَ أَجْرَمُوا صَغارٌ عِنْدَ اللَّهِ وَ عَذابٌ شَدِيدٌ بِما كانُوا يَمْكُرُونَ‏ هذا وعيد شديد و علق الإصابة بمن أجرم ليعم الأكابر و غيرهم، و الصغار الذل و الهوان يقال:

منه صغر يصغر و صغر يصغر صغرا و صغارا و اسم الفاعل صاغر و صغير و أرض مصغر لم يطل نبتها، عن ابن السكيت و قابل الأكبرية بالصغار و العذاب الشديد من الأسر و القتل في الدنيا و النار في الآخرة و إصابة ذلك لهم بسبب مكرهم في قوله: لِيَمْكُرُوا فِيها و قوله:

وَ ما يَمْكُرُونَ إِلَّا بِأَنْفُسِهِمْ‏ و قدّم الصغار على العذاب لأنهم تمرّدوا عن اتباع الرسول و تكبروا طبا للعز و الكرامة فقوبلوا أوّلا بالهوان و الذل، و لما كانت الطاعة ينشأ عنها التعظيم ثم الثواب عليها نشأ عن المعصية الإهانة ثم العقاب عليها و معنى‏ عِنْدَ اللَّهِ‏ قال الزجاج:

في عرصة قضاء الآخرة. و قال الفراء: في حكم اللّه كما يقول عند الشافعي أي في حكمه.

و قيل: في سابق علمه. و قيل: إن الجزية توضع عليهم لا محالة و أن حكم اللّه بذلك مثبت عنده بأنه سيكون ذلك فيهم. و قال إسماعيل الضرير: في الكلام تقديم و تأخير أي صغار وَ عَذابٌ شَدِيدٌ عند اللّه في الآخرة، و انتصب عند سَيُصِيبُ‏ أو بلفظ صَغارٌ لأنه‏

البحر المحيط فى التفسير، ج‏4، ص: 639

مصدر فيعمل أو على أنه صفة لصغار فيتعلق بمحذوف، و قدّره الزجاج ثابت عند اللّه و ما الظاهر أنها مصدرية أي بكونهم‏ يَمْكُرُونَ‏ . و قيل: موصولة بمعنى الذي.

فَمَنْ يُرِدِ اللَّهُ أَنْ يَهْدِيَهُ يَشْرَحْ صَدْرَهُ لِلْإِسْلامِ وَ مَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً كَأَنَّما يَصَّعَّدُ فِي السَّماءِ

قال مقاتل: نزلت في الرسول صلى اللّه عليه و سلم و في أبي جهل‏

، و الهداية هنا مقابلة الضلالة و الشرح كناية عن جعله قابلا للإسلام متوسعا لقبول تكاليفه، و نسبة ذلك إلى صدره مجاز عن ذات الشخص و لذلك قالوا: فلان واسع الصدر إذا كان الشخص محتملا ما يرد عليه من المشاق و التكاليف، و نسبة إرادة الهدى و الضلال إلى اللّه إسناد حقيقي لأنه تعالى هو الخالق ذلك و الموجد له و المريد له و شرح الصدر تسهيل قبول الإيمان عليه و تحسينه و إعداده لقبوله: و ضمير فاعل الهدى عائد على اللّه أي يشرح اللّه صدره.

و قيل: يعود على الهدى المنسبك من‏ أَنْ يَهْدِيَهُ‏ أي يشرح الهدى صدره. قال ابن عطية: و يتركب عليه مذهب القدرية في خلق الأعمال؛ انتهى.

و في الحديث السؤال عن كيفية هذا الشرح و أنه إذا وقع النور في القلب انشرح الصدر و أمارته الإنابة إلى دار الخلود و التجافي عن دار الغرور، و الاستعداد للموت قبل الفوت و الضيق و الحرج كناية عن ضد الشرح و استعارة لعدم قبول الإيمان و الحرج الشديد الضيق، و الضمير في‏ يَجْعَلُ‏ عائد على‏ اللَّهِ‏ و معنى يجعل يصير لأن الإنسان يخلق أوّلا على الفطرة و هي كونه مهيأ لما يلقى إليه و لما يجعل فيه فإذا أراد اللّه إضلاله أضله و جعله لا يقبل الإيمان و يحتمل أن يكون‏ يَجْعَلْ‏ بمعنى يخلق و ينتصب‏ ضَيِّقاً حَرَجاً على الحال أي يخلقه على هذه الهيئة فلا يسمع الإيمان و لا يقبله و لاعتزال أبي عليّ الفارسي ذهب إلى أن يجعل هنا بمعنى يسمى قال كقوله: وَ جَعَلُوا الْمَلائِكَةَ الَّذِينَ هُمْ عِبادُ الرَّحْمنِ إِناثاً «1» قال: أي سموهم أو بمعنى يحكم له بالضيق كما تقول: هذا يجعل البصرة مصرا أي يحكم لها بحكمها فرارا من نسبة خلق ذلك إلى اللّه تعالى، أو تصييره وجوبا على مذهبه الاعتزالي و نحو منه في خروج اللفظ عن ظاهره. قول الزمخشري‏ أَنْ يَهْدِيَهُ‏ أن يلطف به و لا يريد أن يلطف إلا بمن له لطف بشرح صدره للإسلام يلطف به حتى يرغب في الإسلام و تسكن إليه نفسه و يحب الدخول فيه، وَ مَنْ يُرِدْ أَنْ يُضِلَّهُ‏ أن يخذله و يخليه و شأنه و هو الذي لا لطف له‏ يَجْعَلْ صَدْرَهُ ضَيِّقاً حَرَجاً يمنعه ألطافه حتى يقسو قلبه و ينبو عن قبول الحق و ينسد فلا يدخله الإيمان؛ انتهى. و هذا كله إخراج اللفظ عن ظاهره‏

(1) سورة الزخرف: 43/ 19.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏4، ص: 640

و تأويل على مذهب المعتزلة و الجملة التشبيهية معناها أنه كما يزاول أمرا غير ممكن لأن صعود السماء مثل فيما يبعد و يمتنع من الاستطاعة و يضيق عليه عند المقدرة قاله الزمخشري. و هو قريب من تأويل ابن جريج و عطاء الخراساني و السدي قالوا: أي كان هذا الضيق الصدر الحرج يحاول الصعود في السماء حتى حاول الإيمان أو فكر فيه و يجد صعوبته عليه كصعوبة الصعود في السماء؛ انتهى. و لامتناع ذلك عندهم حكى اللّه عنهم أنهم اقترحوا قولهم‏ أَوْ تَرْقى‏ فِي السَّماءِ . و قال ابن جبير: المعنى لا تجد مسلكا إلا صعدا من شدة التضايق، يريد ضاقت عليه الأرض فظل مصعدا إلى السماء. و قيل: المعنى أنه عازب الرأي طائر القلب في الهواء كما يطير الشي‏ء الخفيف عند عصف الرّياح. و قرأ ابن كثير: ضَيِّقاً هنا و في الفرقان فاحتمل أن يكون مخففا من ضيق كما قالوا لين. و قال الكسائي: الضيق بالتشديد في الإجرام و بالتخفيف في المعاني، و احتمل أن يكون مصدرا قالوا في مصدر ضاق ضيق بفتح الضاد و كسرها بمعنى واحد فإما ينسب إلى الصدر على المبالغة أو على معنى الإضافة، أي ذا ضيق أو على جعله مجازا عن اسم الفاعل و هذا على الأوجه الثلاثة المقولة في نعت الإجرام بالمصادر. و قرأ نافع و أبو بكر حَرَجاً بفتح الراء و هو مصدر أي ذا حرح أو جعل نفس الحرج، أو بمعنى حرج بكسر الراء و رويت عن عمرو قرأها له ثمة بعض الصحابة بالكسر. فقال: ابغوني رجلا من كنانة راعيا و لكن من بني مدلج فلما جاءه قال: يا فتى ما الحرجة عندكم؟ قال: الشجرة تكون بين الأشجار لا يصل إليها راعية و لا وحشية، فقال عمر: كذلك قلب المنافق لا يصل إليه شي‏ء من الخير؛ انتهى. و هذا تنبيه و اللّه أعلم على جهة اشتقاق الفعل من نفس العين كقولهم: استحجر و استنوق. و قرأ ابن كثير يَصَّعَّدُ مضارع صعد. و قرأ أبو بكر يصاعد أصله يتصاعد فأدغم.

و قرأ باقي السبعة يَصَّعَّدُ بتشديد الصاد و العين و أصله يتصعد، و بهذا قرأ عبد اللّه و ابن مصرف و الأعمش. و قال أبو علي: كَأَنَّما يَصَّعَّدُ من سفل إلى علو و لم يرد السماء المظلة بعينها كما قال سيبويه و القيدود الطويل في غير سماء أي في غير ارتفاع. و قال ابن عطية: و يحتمل أن يكون التشبيه بالصاعد في عقبة كؤود كأنه يصعد بها في الهواء، و يصعد معناه يعلو و يصعد معناه يتكلف من ذلك ما يشق عليه و منه قول عمر بن الخطاب: ما تصعدني شي‏ء كما تصعدني خطبة النكاح و روي ما تصعدني خطبة.

كَذلِكَ يَجْعَلُ اللَّهُ الرِّجْسَ عَلَى الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ‏ أي مثل ذلك الجعل جعله الصدر ضَيِّقاً حَرَجاً و يبعد ما قاله الزجاج: أي مثل ما قصصنا عليك‏ يَجْعَلْ‏ و معنى‏ يَجْعَلُ اللَّهُ‏

البحر المحيط فى التفسير، ج‏4، ص: 641

الرِّجْسَ‏ يلقى اللّه أو يصير اللّه العذاب و الرجس بمعنى العذاب قاله أهل اللغة. و تعدية يَجْعَلْ‏ بعلى يحتمل أن يكون معناه نلقي كما تقول: جعلت متاعك بعضه على بعض و أن تكون بمعنى يصير و عَلَى‏ في موضع المفعول الثاني. و قال الزمخشري: يَجْعَلُ اللَّهُ‏ يعني الخذلان و منع التوفيق وصفه بنقيض ما يوصف به التوفيق من الطيب أو أراد الفعل المؤدّي إلى الرجس و هو العذاب من الارتجاس و هو الاضطراب؛ انتهى. و هو على طريقة الاعتزالي و نقيض الطيب النتن الرائحة الكريهة، و الرِّجْسَ‏ و النجس بمعنى واحد قاله بعض أهل الكوفة. و قال مجاهد: الرِّجْسَ‏ كل ما لا خير فيه. و قال عطاء و ابن زيد و أبو عبيدة: الرِّجْسَ‏ العذاب في الدنيا و الآخرة. و قال الزجاج: اللعنة في الدنيا و العذاب في الآخرة، و قيل: الرِّجْسَ‏ السخط. و قال إسماعيل الضرير: الرِّجْسَ‏ التعذيب و أصله النتن النجس و هو رجاسة الكفر.

وَ هذا صِراطُ رَبِّكَ مُسْتَقِيماً الإشارة بقوله: وَ هذا إلى القرآن و الشرع الذي جاء به الرسول قاله ابن عباس، أو القرآن قاله ابن مسعود، أو التوحيد قاله بعضهم، أو ما قرره في الآيات المتقدّمة في هذه الآية و في غيرها من سبل الهدى و سبل الضلالة. و قال الزمخشري: وَ هذا صِراطُ رَبِّكَ‏ طريقه الذي اقتضته الحكمة و عادته في التوفيق و الخذلان و نحو منه قول إسماعيل الضرير يعني هذا صنع ربك و هذا إشارة إلى الهدى و الضلال، و أضيف الصراط إلى الرب على جهة أنه من عنده و بأمره‏ مُسْتَقِيماً لا عوج فيه و انتصب‏ مُسْتَقِيماً على أنه حال مؤكدة.

قَدْ فَصَّلْنَا الْآياتِ‏ أي بيناها و لم نترك فيها إجمالا و لا التباسا.

لِقَوْمٍ يَذَّكَّرُونَ‏ يتدبرون بعقولهم و كأن الآيات كانت شيئا غائبا عنهم لم يذكروها فلما فصلت تذكروها.

[سورة الأنعام (6): الآيات 127 الى 140]

لَهُمْ دارُ السَّلامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَ هُوَ وَلِيُّهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ (127) وَ يَوْمَ يَحْشُرُهُمْ جَمِيعاً يا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ وَ قالَ أَوْلِياؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنا بِبَعْضٍ وَ بَلَغْنا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنا قالَ النَّارُ مَثْواكُمْ خالِدِينَ فِيها إِلاَّ ما شاءَ اللَّهُ إِنَّ رَبَّكَ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (128) وَ كَذلِكَ نُوَلِّي بَعْضَ الظَّالِمِينَ بَعْضاً بِما كانُوا يَكْسِبُونَ (129) يا مَعْشَرَ الْجِنِّ وَ الْإِنْسِ أَ لَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَقُصُّونَ عَلَيْكُمْ آياتِي وَ يُنْذِرُونَكُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا قالُوا شَهِدْنا عَلى‏ أَنْفُسِنا وَ غَرَّتْهُمُ الْحَياةُ الدُّنْيا وَ شَهِدُوا عَلى‏ أَنْفُسِهِمْ أَنَّهُمْ كانُوا كافِرِينَ (130) ذلِكَ أَنْ لَمْ يَكُنْ رَبُّكَ مُهْلِكَ الْقُرى‏ بِظُلْمٍ وَ أَهْلُها غافِلُونَ (131)

وَ لِكُلٍّ دَرَجاتٌ مِمَّا عَمِلُوا وَ ما رَبُّكَ بِغافِلٍ عَمَّا يَعْمَلُونَ (132) وَ رَبُّكَ الْغَنِيُّ ذُو الرَّحْمَةِ إِنْ يَشَأْ يُذْهِبْكُمْ وَ يَسْتَخْلِفْ مِنْ بَعْدِكُمْ ما يَشاءُ كَما أَنْشَأَكُمْ مِنْ ذُرِّيَّةِ قَوْمٍ آخَرِينَ (133) إِنَّ ما تُوعَدُونَ لَآتٍ وَ ما أَنْتُمْ بِمُعْجِزِينَ (134) قُلْ يا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى‏ مَكانَتِكُمْ إِنِّي عامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ تَكُونُ لَهُ عاقِبَةُ الدَّارِ إِنَّهُ لا يُفْلِحُ الظَّالِمُونَ (135) وَ جَعَلُوا لِلَّهِ مِمَّا ذَرَأَ مِنَ الْحَرْثِ وَ الْأَنْعامِ نَصِيباً فَقالُوا هذا لِلَّهِ بِزَعْمِهِمْ وَ هذا لِشُرَكائِنا فَما كانَ لِشُرَكائِهِمْ فَلا يَصِلُ إِلَى اللَّهِ وَ ما كانَ لِلَّهِ فَهُوَ يَصِلُ إِلى‏ شُرَكائِهِمْ ساءَ ما يَحْكُمُونَ (136)

وَ كَذلِكَ زَيَّنَ لِكَثِيرٍ مِنَ الْمُشْرِكِينَ قَتْلَ أَوْلادِهِمْ شُرَكاؤُهُمْ لِيُرْدُوهُمْ وَ لِيَلْبِسُوا عَلَيْهِمْ دِينَهُمْ وَ لَوْ شاءَ اللَّهُ ما فَعَلُوهُ فَذَرْهُمْ وَ ما يَفْتَرُونَ (137) وَ قالُوا هذِهِ أَنْعامٌ وَ حَرْثٌ حِجْرٌ لا يَطْعَمُها إِلاَّ مَنْ نَشاءُ بِزَعْمِهِمْ وَ أَنْعامٌ حُرِّمَتْ ظُهُورُها وَ أَنْعامٌ لا يَذْكُرُونَ اسْمَ اللَّهِ عَلَيْهَا افْتِراءً عَلَيْهِ سَيَجْزِيهِمْ بِما كانُوا يَفْتَرُونَ (138) وَ قالُوا ما فِي بُطُونِ هذِهِ الْأَنْعامِ خالِصَةٌ لِذُكُورِنا وَ مُحَرَّمٌ عَلى‏ أَزْواجِنا وَ إِنْ يَكُنْ مَيْتَةً فَهُمْ فِيهِ شُرَكاءُ سَيَجْزِيهِمْ وَصْفَهُمْ إِنَّهُ حَكِيمٌ عَلِيمٌ (139) قَدْ خَسِرَ الَّذِينَ قَتَلُوا أَوْلادَهُمْ سَفَهاً بِغَيْرِ عِلْمٍ وَ حَرَّمُوا ما رَزَقَهُمُ اللَّهُ افْتِراءً عَلَى اللَّهِ قَدْ ضَلُّوا وَ ما كانُوا مُهْتَدِينَ (140)

البحر المحيط فى التفسير، ج‏4، ص: 643

لَهُمْ دارُ السَّلامِ عِنْدَ رَبِّهِمْ وَ هُوَ وَلِيُّهُمْ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ‏ أي لهم الجنة و السَّلامِ‏ اسم من أسماء اللّه تعالى كما قيل في الكعبة بيت اللّه قاله ابن عباس و قتادة و أضيفت إليه تشريفا أو دار السلامة من كل آفة و السّلام و السلامة بمعنى كاللذاد و اللذاذة و الضلال و الضلالة قاله الزجاج، أو دارُ السَّلامِ‏ بمعنى التحية لأن تحية أهلها فيها سلام قاله أبو سليمان الدمشقي، و معنى‏ عِنْدَ رَبِّهِمْ‏ في نزله و ضيافته كما تقول: نحن اليوم عند فلان أي في كرامته و ضيافته قاله قوم، أو في الآخرة بعد الحشر قاله ابن عطية، أو في ضمانه كما تقول لفلان: عليّ حق لا ينسى أو ذخيرة لهم لا يعلمون كنهها لقوله: فَلا تَعْلَمُ نَفْسٌ ما أُخْفِيَ لَهُمْ مِنْ قُرَّةِ أَعْيُنٍ‏ «1» قاله قوم منهم الزمخشري أو على حذف مضاف، أو عند لقاء ربهم قاله قوم أو في جواره كما جاء في جوار الرحمن في جنة عدن على الظرفية المجازية الدالة على شرف الرتبة و المنزلة، كما قاله في صفة الملائكة وَ مَنْ عِنْدَهُ لا يَسْتَكْبِرُونَ عَنْ عِبادَتِهِ‏ «2» ، و كما قال‏ فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ «3» و كما قال‏ ابْنِ لِي عِنْدَكَ بَيْتاً فِي الْجَنَّةِ «4» و هو وليهم أي مواليهم و محبهم أو ناصرهم على أعدائهم أو متوليهم بالجزاء على أعمالهم.

وَ يَوْمَ يَحْشُرُهُمْ‏ جميعا يا مَعْشَرَ الْجِنِّ قَدِ اسْتَكْثَرْتُمْ مِنَ الْإِنْسِ‏ الظاهر العموم في الثقلين لتقدم ذكر الشياطين و هم الجنّ و الكفرة أولياؤهم و المؤمنون الذين‏ لَهُمْ دارُ السَّلامِ‏ قال معناه الزمخشري و ابن عطية، قال ابن عطية: و يدل عليه التأكيد العام بقوله:

جَمِيعاً . و قال التبريزي: و هذا النداء يدل على أن الضمير في يحشرهم دخل فيه الجنّ حين حشرهم ثم ناداهم، أما الثقلان فحسب أو هما و غيرهما من الخلائق؛ انتهى. و من جعل و يوم معطوفا على‏ بِما كانُوا يَعْمَلُونَ‏ و يوم نحشرهم فالعامل في الظرف وليهم و كان الضمير خاصا بالمؤمنين و هو بعيد، و الأولى أن يكون الظرف معمولا لفعل القول المحكي به النداء أي و يوم نحشرهم نقول يا معشر الجن و هو أولى مما أجاز بعضهم من نصبه باذكر مفعولا به لخروجه عن الظرفية و مما أجاز الزمخشري من نصبه بفعل مضمر غير فعل القول و اذكر تقديره عنده‏ وَ يَوْمَ يَحْشُرُهُمْ‏ و قلنا يا مَعْشَرَ الْجِنِ‏ كان ما لا يوصف لفظاعته لاستلزامه حذف جملتين من الكلام جملة و قلنا و جملة العامل، و قدر الزجاج فعل القول المحذوف مبنيا للمفعول التقدير فيقال لهم لأنه يبعد أن يكلمهم اللّه شفاها بدليل قوله‏

(1) سورة السجدة: 32/ 17.

(2) سورة الأنبياء: 21/ 19.

(3) سورة القمر: 54/ 55.

(4) سورة التحريم: 66/ 11.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏4، ص: 644

وَ لا يُكَلِّمُهُمُ اللَّهُ* «1» و نداؤهم نداء شهرة و توبيخ على رؤوس الأشهاد و المعشر الجماعة و يجمع على معاشر كما

جاء نحن معاشر الأنبياء لا نورث.

و قال الأفوه:

فينا معاشر لن يبنوا لقومهم‏

و إن بنى قومهم ما أفسدوا و عادوا

و معنى الاستكثار هنا إضلالهم منهم كثيرا و جعلهم أتباعهم كما تقول: استكثر فلان من الجنود و استكثر فلان من الأشياع. و قال ابن عباس و مجاهد و قتادة: أفرطتم في إضلالهم و إغوائهم. و قرأ حفص يحشرهم بالياء و باقي السبعة بالنون.

وَ قالَ أَوْلِياؤُهُمْ مِنَ الْإِنْسِ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ بَعْضُنا بِبَعْضٍ وَ بَلَغْنا أَجَلَنَا الَّذِي أَجَّلْتَ لَنا و قال: أولياء الجن أي الكفار من الإنس‏ رَبَّنَا اسْتَمْتَعَ‏ انتفع‏ بَعْضُنا بِبَعْضٍ‏ فانتفاع الإنس بالشياطين حيث دلوهم على الشهوات و على التوصلات إليها، و انتفاع الجن بالإنس حيث أطاعوهم و ساعدوهم على مرادهم في إغوائهم روي هذا المعنى عن ابن عباس و به قال محمد بن كعب و الزجاج. و قال ابن عباس أيضا و مقاتل: استمتاع الإنس بالجن قول بعضهم: أعوذ بعظيم هذا الوادي من شر أهله إذا بات بالوادي في سفره، و استمتاع الجن بالإنس افتخارهم على قومهم و قولهم: قد سدنا الإنس حتى صاروا يعوذون بنا. قال الكرماني: كانوا يعتقدون أن الأرض مملوءة جنا و أن من لم يدخله جني في جواره خبله الآخرون، و كذلك كانوا إذا قتلوا صيد استعاذوا بهم لأنهم يعتقدون أن هذه البهائم للجن منها مراكبهم. و قيل: في كون عظامهم طعاما للجن و أرواث دوابهم علفا و استمتاع الإنس بالجن استعانتهم بهم على مقاصدهم حين يستخدمونهم بالعزائم، أو يلقون إليهم بالمودة؛ انتهى. و وجوه الاستمتاع كثيرة تدخل هذه الأقوال كلها تحتها فينبغي أن يعتقد في هذه الأقوال أنها تمثيل في الاستمتاع لا حصر في واحد منها، و ظاهر قوله: اسْتَمْتَعَ بَعْضُنا بِبَعْضٍ‏ أي بعض الإنس بالجن و بعض الجن بالإنس. و قيل: المعنى استمتع بعض الإنس ببعضه و بعض الجن ببعضه، جعل الاستمتاع لبعض الصنف لبعض و القول السابق بعض الصنفين ببعض الصنفين و الأجل الذي بلغوه الموت قاله الجمهور و ابن عباس و السدي و غيرهما. و قيل: البعث و الحشر و لم يذكر الزمخشري غيره. و قيل: هو الغاية التي انتهى إليها جميعهم من الاستمتاع و هذا القول منهم اعتذار عن الجن في كونهم استكثروا منهم و إشارة إلى أن ذلك بقدرك و قضائك إذ لكل كتاب أجل و اعتراف بما كان منهم من طاعة الشياطين و اتباع الهوى و التكذيب بالبعث و استسلام و تحسر على حالهم. و قرئ‏

صفحه بعد