کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

البحر المحيط فى التفسير

الجزء الأول

خطبة الكتاب

سورة البقرة 2

[سورة البقرة(2): الآيات 1 الى 5] [سورة البقرة(2): الآيات 6 الى 7] [سورة البقرة(2): الآيات 8 الى 10] [سورة البقرة(2): الآيات 11 الى 16] [سورة البقرة(2): الآيات 17 الى 18] [سورة البقرة(2): آية 19] [سورة البقرة(2): آية 20] [سورة البقرة(2): الآيات 21 الى 22] [سورة البقرة(2): الآيات 23 الى 24] [سورة البقرة(2): آية 25] [سورة البقرة(2): الآيات 26 الى 29] [سورة البقرة(2): الآيات 30 الى 33] [سورة البقرة(2): آية 34] [سورة البقرة(2): آية 35] [سورة البقرة(2): الآيات 36 الى 39] [سورة البقرة(2): الآيات 40 الى 43] [سورة البقرة(2): الآيات 44 الى 46] [سورة البقرة(2): الآيات 47 الى 49] [سورة البقرة(2): الآيات 50 الى 53] [سورة البقرة(2): الآيات 54 الى 57] [سورة البقرة(2): الآيات 58 الى 61] [سورة البقرة(2): الآيات 62 الى 66] [سورة البقرة(2): الآيات 67 الى 74] [سورة البقرة(2): الآيات 75 الى 82] [سورة البقرة(2): الآيات 83 الى 86] [سورة البقرة(2): الآيات 87 الى 96] [سورة البقرة(2): الآيات 97 الى 103] [سورة البقرة(2): الآيات 104 الى 113] [سورة البقرة(2): الآيات 114 الى 123] [سورة البقرة(2): الآيات 124 الى 131] [سورة البقرة(2): الآيات 132 الى 141]
فهرست الجزء الأول من تفسير البحر المحيط

الجزء الثالث

سورة ال عمران

[سورة آل‏عمران(3): الآيات 1 الى 11] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 12 الى 14] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 15 الى 18] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 19 الى 22] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 23 الى 32] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 33 الى 41] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 42 الى 51] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 52 الى 61] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 62 الى 68] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 69 الى 71] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 72 الى 74] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 75 الى 79] [سورة آل‏عمران(3): آية 80] [سورة آل‏عمران(3): آية 81] [سورة آل‏عمران(3): آية 82] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 83 الى 91] [سورة آل‏عمران(3): آية 92] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 93 الى 101] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 102 الى 112] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 113 الى 120] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 121 الى 127] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 128 الى 132] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 133 الى 141] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 142 الى 152] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 153 الى 163] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 164 الى 170] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 171 الى 180] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 181 الى 185] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 186 الى 200]
فهرس الجزء الثالث

الجزء الرابع

فهرست الجزء الرابع

الجزء الخامس

فهرس الجزء الخامس

الجزء السادس

فهرس الجزء السادس

الجزء السابع

فهرس الجزء السابع

الجزء الثامن

فهرس الجزء الثامن

الجزء التاسع

فهرس الجزء التاسع

الجزء العاشر

فهرس الجزء العاشر

الجزء الحادي عشر

1 - فهرس الآيات القرآنية الكريمة

سورة البقرة سورة آل عمران سورة النساء سورة المائدة سورة الأنعام سورة الأعراف سورة الأنفال سورة التوبة سورة يونس سورة هود سورة يوسف سورة الرعد سورة إبراهيم سورة الحجر سورة النحل سورة الإسراء سورة الكهف سورة مريم سورة طه سورة الأنبياء سورة الحج سورة المؤمنون سورة النور سورة الفرقان سورة الشعراء سورة النمل سورة القصص سورة العنكبوت سورة الروم سورة لقمان سورة السجدة سورة الأحزاب سورة سبأ سورة فاطر سورة يس سورة الصافات سورة ص سورة الزمر سورة غافر سورة فصلت سورة الشورى سورة الزخرف سورة الدخان سورة الجاثية سورة الأحقاف سورة محمد سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق سورة الذاريات سورة الطور سورة النجم سورة القمر سورة الرحمن سورة الواقعة سورة الحديد سورة المجادلة سورة الحشر سورة الممتحنة سورة الصف سورة الجمعة سورة المنافقون سورة التغابن سورة الطلاق سورة التحريم سورة الملك سورة القلم سورة الحاقة سورة المعارج سورة نوح سورة الجن سورة المزمل سورة المدثر سورة القيامة سورة الإنسان سورة المرسلات سورة النبأ سورة النازعات سورة عبس سورة التكوير سورة الانفطار سورة المطففين سورة الإنشقاق سورة البروج سورة الطارق سورة الأعلى سورة الغاشية سورة الفجر سورة البلد سورة الشمس سورة الليل سورة الضحى سورة الشرح سورة التين سورة العلق سورة البينة سورة الزلزلة سورة العاديات سورة القارعة سورة التكاثر سورة العصر سورة الهمزة سورة الفيل سورة قريش سورة الماعون سورة الكوثر سورة الكافرون سورة النصر سورة المسد سورة الإخلاص سورة الفلق سورة الناس
2 - فهرس الأحاديث و الآثار 3 - فهرس الشعوب و القبائل و الأديان 4 - فهرس الأماكن و البلاد

5 - فهرس الأبيات الشعرية

حروف الهمزة الهمزة المفتوحة الهمزة المضمومة الهمزة المكسورة حرف الباء الباء المفتوحة الباء المضمومة الباء المكسورة حرف التاء التاء المفتوحة التاء المضمومة التاء المكسورة حرف الثاء الثاء المفتوحة الثاء المكسورة حرف الجيم الجيم المفتوحة الجيم المضمومة الجيم المكسورة حرف الحاء الحاء المفتوحة الحاء المضمومة الحاء المكسورة الخاء المكسورة حرف الدال الدال المفتوحة الدال المضمومة الدال المكسورة حرف الراء الراء المفتوحة الراء المضمومة الراء المكسورة حرف الزاي الزاي المفتوحة حرف السين السين المفتوحة السين المضمومة السين المكسورة حرف الشين الشين المفتوحة الشين المكسورة حرف الصاد الصاد المفتوحة الصاد المضمومة الصاد المكسورة حرف الضاد الضاد المفتوحة الضاد المكسورة حرف الطاء الطاء المفتوحة حرف الظاء حرف العين العين المفتوحة العين المضمومة العين المكسورة الغين المكسورة حرف الفاء الفاء المفتوحة الفاء المضمومة الفاء المكسورة حرف القاف القاف المفتوحة القاف المضمومة القاف المكسورة حرف الكاف الكاف المفتوحة الكاف المضمومة الكاف المكسورة حرف اللام اللام المفتوحة اللام المضمومة اللام المكسورة حرف الميم الميم المفتوحة الميم المضمومة الميم المكسورة حرف النون النون المفتوحة النون المضمومة النون المكسورة حرف الهاء الهاء المفتوحة الهاء المكسورة الواو المفتوحة الواو المكسورة الياء المفتوحة الياء المكسورة حرف الألف
6 - فهرس أنصاف الأبيات 7 - فهرس الأمثال

البحر المحيط فى التفسير


صفحه قبل

البحر المحيط فى التفسير، ج‏5، ص: 141

و آمنت له واحد في قوله‏ قَبْلَ أَنْ آذَنَ لَكُمْ‏ دليل على و هن أمره لأنه إنما جعل ذنبهم بمفارقة الإذن و لم يجعله نفس الإيمان إلا بشرط.

إِنَّ هذا لَمَكْرٌ مَكَرْتُمُوهُ فِي الْمَدِينَةِ لِتُخْرِجُوا مِنْها أَهْلَها أي صنيعكم هذا لحيلة احتلتموها أنتم و موسى في مصر قبل أن تخرجوا منها إلى هذه الصحراء و تواطأتم على ذلك لغرض لكم و هو أن تخرجوا منها القبط و تسكنوا بني إسرائيل قال هذا تمويها على الناس لئلا يتبعوا السحرة في الإيمان‏

روي عن ابن مسعود و ابن عباس‏ أن موسى عليه السلام اجتمع مع رئيس السحرة شمعون فقال له موسى أ رأيت إن غلبتكم أ تؤمنون بي فقال له نعم فعلم بذلك فرعون فقال ما قال‏

انتهى، و لما خاف فرعون أن يكون إيمان السحرة حجة قومه ألقى في الحال نوعين من الشبه أحدهما إنّ هذا تواطؤ منهم لا أنّ ما جاء به حق و الثاني إن ذلك طلب منهم للمك.

فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ‏ تهديد و وعيد و مفعول‏ تَعْلَمُونَ‏ محذوف أي ما يحلّ بكم أبهم في متعلق‏ تَعْلَمُونَ‏ ثم عين ما يفعل بهم فقال مقسما: لَأُقَطِّعَنَّ أَيْدِيَكُمْ وَ أَرْجُلَكُمْ مِنْ خِلافٍ ثُمَّ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ أَجْمَعِينَ‏ لما ظهرت الحجة عاد إلى عادة ملوك السوء إذا غلبوا من تعذيب من ناوأهم و إن كان محقّا و معنى‏ مِنْ خِلافٍ‏ أي يد يمنى و رجل يسرى و العكس، قيل هو أول من فعل هذا، و قيل المعنى من أجل الخلاف الذي ظهر منكم و الصلب التعليق على الخشب و هذا التوعد الذي توعده فرعون السحرة ليس في القران نص على أنه أنفذه و أوقعه بهم و لكن روي في القصص أنه قطع بعضا و صلب بعضا و تقدم قول قتادة، و روي عن ابن عباس أنهم أصبحوا سحرة و أمسوا شهداء، و قرأ مجاهد و حميد المكي و ابن محيصن‏ لَأُقَطِّعَنَ‏ مضارع قطع الثلاثي و لَأُصَلِّبَنَّكُمْ‏ مضارع صلب الثلاثي بضم لام‏ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ‏ و روي بكسرها و جاء هنا ثُمَ‏ و في السورتين‏ وَ لَأُصَلِّبَنَّكُمْ* «1» بالواو فدل على أن الواو أريد بها معنى ثم من كون الصلب بعد القطع و التعدية قد يكون معها مهلة و قد لا يكون.

قالُوا إِنَّا إِلى‏ رَبِّنا مُنْقَلِبُونَ‏ هذا تسليم و اتّكال على اللّه تعالى وثقه بما عنده و المعنى أنا نرجع إلى ثواب ربنا يوم الجزاء على ما نلقاه من الشدائد أو أنا ننقلب إلى لقاء ربنا و رحمته و خلاصنا منك و من لقائك أو أنا ميتون منقلبون إلى اللّه فلا نبالي بالموت إذ لا تقدر أن تفعل بنا إلا ما لا بدّ لنا منه فالانقلاب الأول يكون المراد به يوم الجزاء و هذان‏

(1) سورة طه: 20/ 71 و الشعراء: 26/ 49.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏5، ص: 142

الانقلابان المراد بهما في الدنيا و يبعد أن يراد بقوله و إِنَّا ضمير أنفسهم و فرعون أي ننقلب إلى اللّه جميعا فيحكم بيننا لقوله‏ وَ ما تَنْقِمُ مِنَّا فإنّ هذا الضمير يخصّ مؤمني السحرة و الأولى اتحاد الضمائر و الذي أجاز هذا الوجه هو الزمخشري: و في قولهم‏ إِلى‏ رَبِّنا تبرؤ من فرعون و من ربوبيته و في الشعراء لا ضير لأن هذه السورة اختصرت فيها القصة و اتسعت في الشعراء ذكر فيها أحوال فرعون من أوّلها إلى آخرها فبدأ بقوله‏ أَ لَمْ نُرَبِّكَ فِينا وَلِيداً «1» و ختم بقوله‏ ثُمَّ أَغْرَقْنَا الْآخَرِينَ‏ «2» فوقع فيها زوائد لم تقع في هذه السورة و لا في طه قاله الكرماني.

وَ ما تَنْقِمُ مِنَّا إِلَّا أَنْ آمَنَّا بِآياتِ رَبِّنا لَمَّا جاءَتْنا قال الضحاك: و ما تطعن علينا، و قال غيره: و ما تكره منا، و قال الزمخشري: و ما تعيب منا، و قال ابن عطية: و ما تعد علينا ذنبا و تؤاخذنا به و على هذه التأويلات يكون قوله‏ إِلَّا أَنْ آمَنَّا في موضع المفعول و يكون من الاستثناء المفرّغ من المفعول و جاء هذا التركيب في القرآن كقوله‏ قُلْ يا أَهْلَ الْكِتابِ هَلْ تَنْقِمُونَ مِنَّا «3» وَ ما نَقَمُوا مِنْهُمْ إِلَّا أَنْ يُؤْمِنُوا «4» و هذا الفعل في لسان العرب يتعدّى بعلى تقول نقمت على الرجل أنقم إذا غلب عليه و الذي يظهر من تعديته بمن أنّ المعنى و ما تنقم منا أي ما تنال منا كقوله فينتقم اللّه منه أي يناله بمكروه و يكون فعل و افتعل فيه بمعنى واحد كقدر و اقتدر و على هذا يكون قوله‏ إِلَّا أَنْ آمَنَّا «5» مفعولا من أجله و استثناء مفرّغا أي ما تنال منا و تعذّبنا لشي‏ء من الأشياء إلا لأن آمنا بآيات ربنا و على هذا المعنى يدل تفسير عطاء، قال عطاء: أي ما لنا عندك ذنب تعذّبنا عليه إلا أنّا آمنا، و الآيات المعجزات التي أتى بها موسى عليه السلام و من جعل لما ظرفا جعل العامل فيها أَنْ آمَنَّا و من جعلها حرفا جعل جوابها محذوفا لدلالة ما قبله عليه أي لما جاءتنا آمنا و في كلامهم هذا تكذيب لفرعون في ادعائه الرّبوبية و انسلاخ منهم عن اعتقادهم ذلك فيه و الإيمان باللّه هو أصل المفاخر و المناقب و هذا الاستثناء شبيه بقوله:

و لا عيب فيهم غير أنّ سيوفهم‏

بهنّ فلول من قراع الكتائب‏

و قرأ الحسن و أبو حيوة و أبو اليسر هاشم و ابن أبي عبلة وَ ما تَنْقِمُ‏ بفتح القاف مضارع نقم بكسرها و هما لغتان و الأفصح قراءة الجمهور.

رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً وَ تَوَفَّنا مُسْلِمِينَ‏ لما أوعدهم بالقطع و الصلب سألوا اللّه‏

(1) سورة الشعراء: 26/ 18.

(2) سورة الشعراء: 26/ 66.

(3) سورة المائدة: 5/ 59.

(4) سورة البروج: 85/ 8.

(5) سورة المائدة: 5/ 59.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏5، ص: 143

تعالى أن يرزقهم الصبر على ما يحلّ بهم إن حل و ليس في هذا السؤال ما يدل على وقوع هذا الموعد بهم خلافا لمن قال يدلّ على ذلك و لا في قوله و توفّنا مسلمين دليل على أنه لم يحلّ بهم الموعود خلافا لمن قال يدلّ على ذلك لأنهم سألوا اللّه أن يكون توفيهم من جهته لا بهذا القطع و القتل و تقدّم الكلام على جملة رَبَّنا أَفْرِغْ عَلَيْنا صَبْراً سألوا الموت على الإسلام و هو الانقياد إلى دين اللّه و ما أمر به.

وَ قالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ أَ تَذَرُ مُوسى‏ وَ قَوْمَهُ لِيُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ وَ يَذَرَكَ وَ آلِهَتَكَ‏ .

قال ابن عباس: لما آمنت السحرة اتبع موسى ستمائة ألف من بني إسرائيل،

قال مقاتل: و مكث موسى بمصر بعد إيمان السحرة عاما أو نحوه يريهم الآيات‏

و تضمن قول‏ الْمَلَأُ إغراء فرعون بموسى و قومه و تحريضه على قتلهم و تعذيبهم حتى لا يكون لهم خروج عن دين فرعون و يعني بقومه من اتبعه من بني إسرائيل فيكون الاستفهام على هذا استفهام إنكار و تعجّب، و قيل: هو استخبار و الغرض به أن يعلموا ما في قلب فرعون من موسى و من آمن به، قال مقاتل: و الإفساد هو خوف أن يقتلوا أبناء القبط و يستحيوا نساءهم على سبيل المقاصّة منهم كما فعلوا هم ببني إسرائيل، و قيل الإفساد دعاؤهم الناس إلى مخالفة فرعون و ترك عبادته.

و قرأ الجمهور وَ يَذَرَكَ‏ بالياء و فتح الراء عطفا على‏ لِيُفْسِدُوا أي للإفساد و لتركك و ترك آلهتك و كان التّرك هو لذلك و بدؤوا أوّلا بالعلة العامة و هي الإفساد ثم اتبعوه بالخاصة ليدلّوا على أن ذلك الترك من فرعون لموسى و قومه هو أيضا يؤول إلى شي‏ء يختصّ بفرعون قدحوا بذلك زند تغيظه على موسى و قومه ليكون ذلك أبقى عليهم إذ هم الأشراف و بترك موسى و قومه بمصر يذهب ملكهم و شرفهم، و يجوز أن يكون النصب على جواب الاستفهام و المعنى أنى يكون الجمع بين تركك موسى و قومه للإفساد و بين تركهم إياك و عبادة آلهتك أي إنّ هذا مما لا يمكن وقوعه، و قرأ نعيم بن ميسرة و الحسن بخلاف عنه‏ وَ يَذَرَكَ‏ بالرفع عطفا على‏ أَ تَذَرُ بمعنى أ تذره و يذرك أي أ تطلق له ذلك أو على الاستئناف أو على الحال على تقدير و هو يذرك، و قرأ الأشهب العقيلي و الحسن بخلاف عنه‏ وَ يَذَرَكَ‏ بالجزم عطفا على التوهّم كأنه توهم النطق يفسدوا جزما على جواب الاستفهام كما قال‏ فَأَصَّدَّقَ وَ أَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ‏ «1» أو على التخفيف من‏ وَ يَذَرَكَ‏ ، و قرأ أنس بن مالك و نذرك بالنون و رفع الراء توعدوه بتركه و ترك آلهته أو على معنى الإخبار أي إنّ الأمر يؤول إلى هذا، و قرأ أبيّ و عبد اللّه‏ فِي الْأَرْضِ‏ و قد تركوك أن يعبدوك‏ وَ آلِهَتَكَ‏ ، و قرأ الأعمش و قد تركك و آلهتك.

(1) سورة المنافقين: 63/ 10.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏5، ص: 144

و قرأ الجمهور وَ آلِهَتَكَ‏ على الجمع و الظاهر أنّ فرعون كان له آلهة يعبدها، و قال سليمان التيمي: بلغني أنه كان يعبد البقر، و قيل: كان يعبد حجرا يعلقه في صدره كياقوتة أو نحوها، و قيل: الإضافة هي على معنى أنه شرع لهم عبادة آلهة من بقر و أصنام و غير ذلك و جعل نفسه الإله الأعلى فقوله على هذا أَنَا رَبُّكُمُ الْأَعْلى‏ «1» إنما هو بمناسبة بينه و بين سواه من المعبودات، قيل: كانوا قبطا يعبدون الكواكب و يزعمون أنها تستجيب دعاء من دعاها و فرعون كان يدعي أن الشمس استجابت له و ملّكته عليهم، و

قرأ ابن مسعود و عليّ و ابن عباس و أنس و جماعة غيرهم و إلهتك‏

و فسروا ذلك بأمرين أحدهما أنّ المعنى و عبادتك فيكون إذ ذاك مصدرا، قال ابن عباس: كان فرعون يعبد و لا يعبد، و الثاني أن المعنى و معبودك و هي الشمس التي كان يعبدها و الشمس تسمى إلهة علما عليها ممنوعة الصرف.

قالَ سَنُقَتِّلُ أَبْناءَهُمْ وَ نَسْتَحْيِي نِساءَهُمْ وَ إِنَّا فَوْقَهُمْ قاهِرُونَ‏ و إنما لم يعاجل موسى و قومه بالقتال لأنه كان ملي‏ء من موسى رعبا و المعنى أنه قال سنعيد عليهم ما كنا فعلنا بهم قبل من قتل أبنائهم ليقل رهطه الذين يقع الإفساد بواسطتهم و الفوقية هنا بالمنزلة و التمكّن في الدنيا و قاهِرُونَ‏ يقتضي تحقيرهم أي قاهرون لهم قهرا قلّ من أن نهتم به فنحن على ما كنا عليه من الغلبة أو أنّ غلبة موسى لا أثر لها في ملكنا و استيلائنا و لئلا يتوهم العامة أنه المولود الذي تحدّث المنجمون عنه و الكهنة بذهاب ملكنا على يده فيثبطهم ذلك عن طاعتنا و يدعوهم إلى اتباعه و إنه منتظر بعد و شدّد سَنُقَتِّلُ‏ و يقتلون الكوفيون و العربيان و خففهما نافع و خفف ابن كثير سَنُقَتِّلُ‏ و شدد و يقتلون.

قالَ مُوسى‏ لِقَوْمِهِ اسْتَعِينُوا بِاللَّهِ وَ اصْبِرُوا لما توعّدهم فرعون جزعوا و تضجّروا فسكنهم موسى عليه السلام و أمرهم بالاستعانة باللّه و بالصبر و سلاهم و وعدهم النصر و ذكرهم ما وعد اللّه بني إسرائيل من إهلاك القبط و توريثهم أرضهم و ديارهم.

إِنَّ الْأَرْضَ لِلَّهِ يُورِثُها مَنْ يَشاءُ مِنْ عِبادِهِ‏ . أي أرض مصر و أل فيه للعهد و هي‏ الْأَرْضَ‏ التي كانوا فيها، و قيل: الْأَرْضَ‏ أرض الدّنيا فهي على العموم، و قيل: المراد أرض الجنة لقوله‏ وَ أَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ «2» و تعدّى‏ اسْتَعِينُوا هنا بالباء و في‏ وَ إِيَّاكَ نَسْتَعِينُ‏ «3» بنفسه و جاء اللهم إنا نستعينك.

وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ‏ قيل: النصر و الظفر، و قيل: الدار الآخرة، و قيل: السعادة و الشهادة، و قيل: الجنة، و قال الزمخشري: الخاتمة المحمودة لِلْمُتَّقِينَ‏ منهم و من القبط

(1) سورة النازعات: 79/ 24.

(2) سورة الزمر: 39/ 74.

(3) سورة الفاتحة: 1/ 5.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏5، ص: 145

و إنّ المشيئة متناولة لهم انتهى، و قرأت فرقة يُورِثُها بفتح الراء، و قرأ الحسن‏ يُورِثُها بتشديد الراء على المبالغة و رويت عن حفص، و قرأ ابن مسعود و أبيّ‏ وَ الْعاقِبَةُ بالنصب عطفا على‏ إِنَّ الْأَرْضَ‏ و في وعد موسى تبشير لقومه بالنصر و حسن الخاتمة و نتيجة طلب الإعانة توريث الأرض لهم و نتيجة الصبر العاقبة المحمودة و النصر على من عاداهم فلذلك كان الأمر بشيئين ينتج عنهما شيئان. قال الزمخشري: (فإن قلت): لم أخليت هذه الجملة عن الواو و أدخلت على الذي قبلها؟ (قلت): هي جملة مبتدأة مستأنفة و أما وَ قالَ الْمَلَأُ فمعطوفة على ما سبقها من قوله‏ قالَ الْمَلَأُ مِنْ قَوْمِ فِرْعَوْنَ‏ انتهى.

قالُوا أُوذِينا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنا وَ مِنْ بَعْدِ ما جِئْتَنا أي بابتلائنا بذبح أبنائنا مخافة ما كان يتوقع فرعون من هلاك ملكه على يد المولود الذي يولد منا مِنْ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنا ، قال الزمخشري: من قبل مولد موسى إلى أن استنبأ وَ مِنْ بَعْدِ ما جِئْتَنا إعادة ذلك عليهم قاله ابن عباس و زاد الزمخشري: و ما كانوا يستعبدون و يمتهنون فيه من أنواع الخدم و المهن و يمسّون به من العذاب انتهى، و قال ابن عطية: و الذي من بعد مجيئه يعنون به وعيد فرعون و سائر ما كان خلال تلك المدة من الإخافة لهم، و قال الحسن: بأخذ الجزية منهم قبل بعث موسى إليهم و بعد بعثه ما زاد على ذلك، و قال الكلبي: كانوا يضربون له اللبن و يعطيهم التّبن فلما جاء موسى غرمهم التبن و كان النساء يغزلن له الكتان و ينسجنه، و قال جرير: استسخرهم من قبل إتيان موسى في أوّل النهار إلى نصف النهار فلما جاء موسى استسخرهم النهار كله بلا طعام و لا شراب، و قال علي بن عيسى‏ مِنْ قَبْلِ‏ بالاستعباد و قتل الأولاد وَ مِنْ بَعْدِ بالتهديد و الإبعاد، و روي مثله عن عكرمة، و قيل من‏ قَبْلِ أَنْ تَأْتِيَنا بعهد اللّه بالخلاص‏ وَ مِنْ بَعْدِ ما جِئْتَنا به قالوه في معرض الشكوى من فرعون و استعانة عليه بموسى، و قال ابن عباس و السدّي: قالوا ذلك حين اتبعهم و اضطرّهم إلى البحر فضاقت صدورهم و رأوا بحرا أمامهم و عدوّا كثيفا وراءهم لما أسرى بهم موسى حتى هجموا على البحر التفتوا فإذا هم برهج دواب فرعون فقالوا هذه المقالة و قالوا هذا البحر أمامنا و هذا فرعون وراءنا قد رهقنا بمن معه انتهى.

و هذا القول فيه بعد و سياق الآيات يدلّ على الترتيب و قد جاء بعد هذه‏ وَ لَقَدْ أَخَذْنا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ‏ ، قال ابن عطية: و هو كلام يجري على المعهود من بني إسرائيل من اضطرابهم على أنبيائهم و قلة يقينهم و صبرهم على الدّين انتهى، قيل و لا يدلّ قولهم ذلك على كراهة مجي‏ء موسى لأن ذلك يؤدي إلى الكفر و إنما قالوه لأنه كان وعدهم بزوال المضار فظنوا أنها نزول على الفور فقولهم ذلك استعطاف لا نفرة.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏5، ص: 146

قالَ عَسى‏ رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ وَ يَسْتَخْلِفَكُمْ فِي الْأَرْضِ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ‏ هذا رجاء من نبي اللّه موسى عليه السلام و مثله من الأنبياء يقوي قلوب أتباعهم فيصبرون إلى وقوع متعلق الرّجاء و لا تنافي بين هذا الرجاء و بين قوله‏ وَ الْعاقِبَةُ لِلْمُتَّقِينَ‏ من حيث إن الرجاء غير مقطوع بحصول متعلّقة و الأخبار بأنّ العاقبة للمتقين واقع لا محالة لأن العاقبة إن كانت في الآخرة فظاهر جدّا عدم التنافي و إن كانت في الدنيا فليس فيها تصريح بعاقبة هؤلاء القوم المخصوصين فسلك موسى طريق الأدب مع اللّه و ساق الكلام مساق الرجاء، و قال التبريزي يحتمل أن يكون قد أوحى بذلك إلى موسى فعسى للتحقيق أو لم يوح فيكون على الترجي منه، قال الزمخشري: تصريح بما رمز إليه من البشارة قبل و كشف عنه و هو إهلاك فرعون و استخلافهم بعده في أرض مصر، و قال ابن عطية و استعطاف موسى لهم بقوله‏ عَسى‏ رَبُّكُمْ أَنْ يُهْلِكَ عَدُوَّكُمْ‏ و وعده لهم بالاستخلاف في الأرض يدلّ على أنه يستدعي نفوسا نافرة و يقوي هذا الظن في جهة بني إسرائيل و سلوكهم هذا السبيل في غير قصة و الأرض هنا أرض مصر قاله ابن عباس و قد حقّق اللّه هذا الرجاء بوقوع متعلقه فأغرق فرعون و ملكهم مصر و مات داود و سليمان، و قيل: أرض الشام فقد فتحوا بيت المقدس مع يوشع و ملكوا الشام و مات داود و سليمان و معنى‏ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ‏ أي في استخلافكم من الإصلاح و الإفساد و هي جملة تجري مجرى البعث و التحريض على طاعة اللّه تعالى و

في الحديث‏ «أن الدنيا حلوة خضرة و أن اللّه مستخلفكم فيها فناظر كيف تعملون»

، و قال الزمخشري: فيرى الكائن منكم من العمل حسنه و قبيحه و شكر النعمة و كفرانها ليجازيكم على حسب ما يوجد منكم انتهى، و فيه تلويح الاعتزال و دخل عمرو بن عبيد و هو أحد كبار المعتزلة و زهادهم على المنصور ثاني خلفاء بني العباس قبل الخلافة و على مائدته رغيف أو رغيفان و طلب زيادة لعمر و فلم توجد فقرأ عمر و هذه الآية، ثم دخل عليه بعد ما استخلف فذكر له ذلك و قال قد بقي‏ فَيَنْظُرَ كَيْفَ تَعْمَلُونَ‏ .

وَ لَقَدْ أَخَذْنا آلَ فِرْعَوْنَ بِالسِّنِينَ وَ نَقْصٍ مِنَ الثَّمَراتِ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ‏ الأخذ التناول باليد و معناه هنا الابتلاء في المدّة التي كان أقام بينهم موسى يدعوهم إلى اللّه و معنى‏ بِالسِّنِينَ‏ بالقحوط و الجدوب و السنة تطلق على الحول و تطلق على الجدب ضد الخصب و بهذا المعنى تكون من الأسماء الغالبة كالنجم و الدّبران و قد اشتقوا منها بهذا المعنى فقالوا أسنت القوم إذا أجدبوا و منه قوله:

و رجال مكة مسنتوون عجاف‏

البحر المحيط فى التفسير، ج‏5، ص: 147

و قال حاتم:

فإنا نهين المال من غير ضنّة

و لا يستكينا في السنين ضريرها

و في سنين لغتان أشهرهما إعرابها بالواو رفعا و الياء جرّا و نصبا و قد تكلف النحاة علة لكونها جمعت هذا الجمع و الأخرى جعل الإعراب في النون و التزام الياء في الأحوال الثلاثة نقلها أبو زيد و الفراء، و قال الفراء: هي في هذه اللغة مصروفة عند بني و غير مصروفة عند غيرهم و الكلام على ذلك أمعن في كتب النحو و كان هذا الجدب سبع سنين، قال ابن عباس و قتادة: أما السّنون فكانت لباديتهم و مواشيهم و أما نقص الثمرات فكان في أمصارهم و هذه سيرة اللّه في الأمم يبتليها بالنقم ليزدجروا و يتذكروا بذلك ما كانوا فيه من النعم فإنّ الشدة تجلب الإنابة و الخشية ورقة القلب و الرجوع إلى طلب لطف اللّه و إحسانه و كذا فعل بقريش حين‏

دعا عليهم رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم اللهم اجعلها عليهم سنين كسنيّ يوسف‏

و

روي‏ أنه يبس لهم كل شي‏ء حتى نيل مصر و نقصوا من الثمرات حتى كانت النخلة تحمل الثمرة الواحدة

و معنى‏ لَعَلَّهُمْ يَذَّكَّرُونَ‏ رجاء لتذكرهم و تنبههم على أن ذلك الابتلاء إنما هو لإصرارهم على الكفر و تكذيبهم بآيات اللّه فيزدجروا.

فَإِذا جاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ قالُوا لَنا هذِهِ وَ إِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَطَّيَّرُوا بِمُوسى‏ وَ مَنْ مَعَهُ‏ ابتلوا بالجدب و نقص الثمرات رجاء التذكير فلم يقع المرجو و صاروا إذا أخصبوا و صحّوا قالوا:

نحن أحقاء بذلك و إذا أصابهم ما يسوءهم تشاءموا بموسى و زعموا أن ذلك بسببه و اللام في‏ لَنا قيل للاستحقاق كما تقول السّرج للفرس و تشاؤمهم بموسى و من معه معناه أنه لولا كونهم فينا لم يصبنا كما قال الكفار للرسول عليه السلام هذه من عندك في قوله‏ وَ إِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ يَقُولُوا هذِهِ مِنْ عِنْدِكَ‏ «1» و أتى الشرط بإذا في مجي‏ء الحسنة و هي لما تيقن وجوده لأنّ إحسان اللّه هو المعهود الواسع العام لخلقه بحيث إنّ إحسانه لخلقه عام حتى في حال الابتلاء و أتى الشرط بأن في إصابة السيئة و هي للممكن إبرازا أن إصابة السيئة مما قد يقع و قد لا يقع وجهه رحمة اللّه أوسع، قال الزمخشري: (فإن قلت): كيف قيل‏ فَإِذا جاءَتْهُمُ الْحَسَنَةُ بإذا و تعريف الحسنة وَ إِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بأن و تنكير السيئة (قلت): لأن جنس الحسنة وقوعه كالواجب لكثرته و اتساعه و أما السيئة فلا تقع إلا في الندرة و لا يقع إلا يسير منها و منه قول بعضهم و قد عددت أيام البلاء فهلا عددت أيام الرجاء انتهى، و قرأ عيسى بن عمرو و طلحة بن مصرّف تطيروا بالتاء و تخفيف الطاء فعلا ماضيا و هو جواب‏

صفحه بعد