کتابخانه تفاسیر
البحر المحيط فى التفسير، ج6، ص: 150
نَسْخَرُ مِنْكُمْ كَما تَسْخَرُونَ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ وَ يَحِلُّ عَلَيْهِ عَذابٌ مُقِيمٌ. حَتَّى إِذا جاءَ أَمْرُنا وَ فارَ التَّنُّورُ قُلْنَا احْمِلْ فِيها مِنْ كُلٍّ زَوْجَيْنِ اثْنَيْنِ وَ أَهْلَكَ إِلَّا مَنْ سَبَقَ عَلَيْهِ الْقَوْلُ وَ مَنْ آمَنَ وَ ما آمَنَ مَعَهُ إِلَّا قَلِيلٌ : و يصنع الفلك حكاية حال ماضية، و الفلك السفينة.
و
لما أمره تعالى بأن يصنع الفلك قال: يا رب ما أنا بنجار، قال: بلى، ذلك بعيني. فأخذ القدوم، و جعلت يده لا تخطىء، فكانوا يمرون به و يقولون: هذا الذي يزعم أنه نبي صار نجارا؟ و قيل: كانت الملائكة تعلمه، و استأجر أجراء كانوا ينحتون معه، و أوحى اللّه إليه أن عجل عمل السفينة فقد اشتد غضبي على من عصاني، و كان سام و حام و يافث ينحتون معه
، و الخشب من الساج قاله: قتادة، و عكرمة، و الكلبي. قيل: و غرسه عشرين سنة.
و قيل: ثلاثمائة سنة يغرس و يقطع و ييبس. و قال عمرو بن الحرث: لم يغرسها بل قطعها من جبل لبنان. و قال ابن عباس: من خشب الشمشار، و هو البقص قطعة من جبل لبنان.
و اختلفوا في هيئتها من التربيع و الطول، و في مقدار مدة عملها، و في المكان الذي عملت فيه، و مقدار طولها و عرضها، على أقوال متعارضة لم يصح منها شيء.
و سخريتهم منه لكونهم رأوه يبني السفينة و لم يشاهدوا قبلها سفينة بنيت، قالوا: يا نوح ما تصنع؟ قال:
ابني بيتا يمشي على الماء، فعجبوا من قوله و سخروا منه قاله: مقاتل.
و قيل: لكونه يبني في قرية لا قرب لها من البحر، فكانوا يتضاحكون و يقولون: يا نوح صرت نجارا بعد ما كنت نبيا. و كلما ظرف العامل فيه سخروا منه، و قال: مستأنف على تقدير سؤال سائل.
و جوزوا أن يكون العامل قال: و سخروا صفة لملا، أو بدل من مرّ، و يبعد البدل لأنّ سخر ليس في معنى مرّ لا يراد ذا و لا نوعا منه. قال ابن عطية: و سخروا منه استجهلوه، فإن كان الأمر كما روي أنهم لم يكونوا رأوا سفينة قط، و لا كانت، فوجه الاستجهال واضح، و بذلك تظاهرت التفاسير، و إن كانت السفائن جينئذ معروفة فاستجهلوه في أنّ صنعها في قرية لا قرب لها من البحر انتهى. فإنا نسخر منكم في المستقبل كما تسخرون منا الآن أي: مثل سخريتكم إذا أغرقتم في الدنيا، و أحرقتم في الآخرة، أو إن تستجهلونا فيما نصنع فإنا نستجهلكم فيما أنتم عليه من الكفر و التعريض لسخط اللّه و عذابه، فأنتم أولى بالاستجهال منا قال: قريبا من معناه الزجاج. أو إن تستجهلونا فإنا نستجهلكم في استجهالكم، لأنكم لا تستجهلون إلا عن جهل بحقيقة الأمر، و بناء على ظاهر الحال، كما هو عادة الجهلة في البعد عن الحقائق. و قال ابن جريج: إن يسخروا منا في الدنيا فإنا نسخر منكم في الآخرة.
و السخرية استجهال مع استهزاء. و في قوله: فسوف تعلمون، تهديد بالغ، و العذاب
البحر المحيط فى التفسير، ج6، ص: 151
المخزي الغرق، و العذاب المقيم عذاب الآخرة، لأنه دائم عليهم سرمد. و من يأتيه مفعول بتعلمون، و ما موصولة، و تعدى تعلمون إلى واحد استعمالا لها استعمال عرف في التعدية إلى واحد. و قال ابن عطية: و جائز أن تكون التعدية إلى مفعولين، و اقتصر على الواحد انتهى. و لا يجوز حذف الثاني اقتصارا، لأنّ أصله خبر مبتدأ، و لا اختصارا هنا، لأنه لا دليل على حذفه و تعنتهم بقوله: من يأتيه. و قيل: من استفهام في موضع رفع على الابتداء، و يأتيه الخبر، و الجملة في موضع نصب، و تعلمون معلق سدت الجملة مسد المفعولين. و حكى الزهراوي أنه يقرأ و يحل بضم الحاء، و يحل بكسرها بمعنى و يجب.
قال الزمخشري: حلول الدين و الحق اللازم الذي لا انفكاك له عنه، و معنى يخزيه:
يفضحه، أو يهلكه، أو يذله، و هو الغرق. أقوال متقاربة حتى إذا جاء أمرنا تقدم الكلام على دخول حتى على إذا في أوائل سورة الأنعام، و هي هنا غاية لقوله: و يصنع الفلك.
و يصنع كما قلنا حكاية حال أي: و كان يصنع الفلك إلى أن جاء وقت الوعد الموعود.
و الجملة من قوله: و كلما مرّ عليه حال، كأنه قيل: و يصنعها، و الحال أنه كلما مر، و أمرنا واحد الأمور، أو مصدر أي: أمرنا بالفوران أو للسحاب بالإرسال، و للملائكة بالتصرف في ذلك، و نحو هذا مما يقدر في النازلة. و فار: معناه انبعث بقوة، و التنور وجه الأرض، و العرب تسميه تنورا قاله: ابن عباس، و عكرمة، و الزهري، و ابن عيينة، أو التنور الذي يخبز فيه، و كان من حجارة، و كان لحواء حتى صار لنوح قاله: الحسن، و مجاهد، و روي أيضا عن ابن عباس. و قيل: كان لآدم، و قيل: كان تنور نوح، أو أعلى الأرض و المواضع المرتفعة قاله: قتادة، أو العين التي بالجزيرة عين الوردة رواه عكرمة، أو من أقصى دار نوح قاله: مقاتل، أو موضع اجتماع الماء في السفينة، روي عن الحسن، أو طلوع الشمس و
روي عن علي ، أو نور الصبح من قولهم: نور الفجر تنويرا قاله: علي و مجاهد
، أو هو مجاز و المراد غلبة الماء و ظهور العذاب كما
قال صلّى اللّه عليه و سلّم لشدة الحرب: «حمي الوطيس»
و الوطيس أيضا مستوقد النار، فلا فرق بين حمى و فار، إذ يستعملان في النار. قال اللّه تعالى: سَمِعُوا لَها شَهِيقاً وَ هِيَ تَفُورُ «1» و لا فرق بين الوطيس و التنور. و الظاهر من هذه الأقوال حمله على التنور الذي هو مستوقد النار، و يحتمل أن تكون أل فيه للعهد لتنور مخصوص، و يحتمل أن تكون للجنس. ففار النار من التنانير، و كان ذلك من أعجب الأشياء أن يفور الماء من مستوقد النيران. و لا تنافي بين هذا و بين قوله: وَ فَجَّرْنَا الْأَرْضَ
(1) سورة الملك: 67/ 7.
البحر المحيط فى التفسير، ج6، ص: 152
عُيُوناً «1» إذ يمكن أن يراد بالأرض أماكن التنانير، و التفجير غير الفوران، فحصل الفوران للتنور، و التفجير للأرض. و الضمير في فيها عائد على الفلك، و هو مذكر أنث على معنى السفينة، و كذلك قوله: و قال اركبوا فيها.
و قرأ حفص: من كل زوجين بتنوين، كل أي من كل حيوان و زوجين مفعول، و اثنين نعت توكيد، و باقي السبعة بالإضافة، و اثنين مفعول احمل، و زوجين بمعنى العموم أي:
من كل ما له ازدواج، هذا معنى من كل زوجين قاله أبو علي و غيره. قال ابن عطية: و لو كان المعنى احمل فيها من كل زوجين حاصلين اثنين، لوجب أن يحمل من كل نوع أربعة، و الزوج في مشهور كلام العرب للواحد مما له ازدواج، فيقال: هذا زوج، هذا و هما زوجان، و هذا هو المهيع في القرآن في قوله تعالى: ثَمانِيَةَ أَزْواجٍ* «2» ثم فسرها و في قوله:
وَ أَنَّهُ خَلَقَ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَ الْأُنْثى «3» و قال الأخفش: و قد يقال في كلام العرب للاثنين زوج، هكذا تأخذه العدديون. و الزوج أيضا في كلام العرب النوع كقوله تعالى: وَ أَنْبَتْنا فِيها مِنْ كُلِّ زَوْجٍ بَهِيجٍ «4» و قال تعالى: سُبْحانَ الَّذِي خَلَقَ الْأَزْواجَ كُلَّها «5» انتهى.
و لما جعل المطر ينزل كأفواه القرب جعلت الوحوش تطلب وسط الأرض هربا من الماء، حتى اجتمعن عند السفينة فأمره اللّه أن يحمل من الزوجين اثنين، يعني: ذكرا و أنثى ليبقى أصل النسل بعد الطوفان.
فروي أنه كان يأتيه أنواع الحيوان فيضع يمينه على الذكر و يساره على الأنثى، و كانت السفينة ثلاث طبقات: السفلى للوحوش، و الوسطى للطعام و الشراب، و العليا له و لمن آمن.
و أهلك معطوف على زوجين إن نوّن كل، و على اثنين إن أضيف، و استثنى من أهله من سبق عليه القول بالهلاك و أنه من أهل النار. قال الزمخشري: سبق عليه القول أنه يختار الكفر لا لتقديره عليه و إرادته تعالى غير ذلك انتهى.
و هو على طريقة الاعتزال، و الذي سبق عليه القول امرأته واعلة بالعين المهملة، و ابنه كنعان. و من آمن عطف على و أهلك، قيل: كانوا ثمانين رجلا و ثمانين امرأة، و قيل: كانوا ثلاثة و ثمانين. و قال ابن عباس: آمن معه ثمانون رجلا، و عنه ثمانون إنسانا، ثلاثة من بنيه سام و حام و يافث، و ثلاث كنائن له، و لما خرجوا من السفينة بنوا قرية تدعى اليوم قرية
(1) سورة القمر: 54/ 12.
(2) سورة الأنعام: 6/ 143.
(3) سورة النجم: 53/ 45.
(4) سورة الحج: 22/ 5.
(5) سورة يس: 36/ 36.
البحر المحيط فى التفسير، ج6، ص: 153
الثمانين بناحية الموصل. و قيل: كانوا ثمانية و سبعين، نصفهم رجال، و نصفهم نساء. و قال ابن إسحاق: كانوا عشرة سوى نسائهم: نوح، و بنوه سام و حام و يافث، و ستة ناس من كان آمن به و أزواجهم جميعا. و عن ابن إسحاق: كانوا عشرة: خمسة رجال، و خمس نسوة.
و قيل: كانوا تسعة و نوح، و ثمانية أبناء له و زوجته. و قيل: كانوا ثمانية و نوح و زوجته غير التي عوقبت، و بنوه الثلاثة و زوجاتهم، و هو قول: قتادة، و الحكم، و ابن عيينة، و ابن جريج، و محمد بن كعب. و قال الأعمش: كانوا سبعة: نوح، و ثلاث كنائن، و ثلاث بنين. و هذه أقوال متعارضة، و الذي أخبر اللّه تعالى به أنه ما آمن معه إلا قليل، و لا يمكن التنصيص على عدد هذا النفر القليل الذي أبهم اللّه عددهم إلا بنص عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم.
[سورة هود (11): الآيات 41 الى 60]
البحر المحيط فى التفسير، ج6، ص: 154
رسا الشيء يرسو، ثبت و استقر. قال:
فصبرت نفسا عند ذلك حرة
ترسو إذا نفس الجبان تطلع
البلع: معروف، و الفعل منه بلع بكسر اللام و بفتحها لغتان حكاهما الكسائي و الفراء، يبلع بلعا، و البالوعة الموضع الذي يشرب الماء. الإقلاع: الإمساك، يقال: أقلع المطر، و أقلعت الحمى، أي أمسكت عن المحموم. و قيل: أقلع عن الشيء تركه، و هو قريب من الإمساك. غاض الماء نقص في نفسه، و غضته نقصته، جاء لازما و متعديا.
الجودي: علم لجبل بالموصل، و من قال بالجزيرة أو بآمد، فلأنهما قريبان من الموصل.
و قيل الجودي: اسم لكل جبل، و منه قول زيد بن عمرو بن نفيل:
سبحانه ثم سبحانا نعوذ له
و قبلنا سبح الجودي و الجمد
البحر المحيط فى التفسير، ج6، ص: 155
اعتراه بكذا: أصابه به، و قيل افتعل من عراه يعروه. الناصية: منبت الشعر في مقدم الرأس، و يسمى الشعر النابت هناك ناصية باسم منبته. و نصوت الرجل انصوه نصوا، مددت ناصيته. الجبار: المتكبر. العنيد: الطاغي الذي لا يقبل الحق و لا يصغي إليه، من عند يعند حاد عن الحق إلى جانب، قيل: و منه عندي كذا أي: في جانبي. و قال أبو عبيدة: العنيد و العنود و المعاند و العاند المعارض بالخلاف، و منه قيل للعرق الذي ينفجر بالدم: عاند.
وَ قالَ ارْكَبُوا فِيها بِسْمِ اللَّهِ مَجْراها وَ مُرْساها إِنَّ رَبِّي لَغَفُورٌ رَحِيمٌ وَ هِيَ تَجْرِي بِهِمْ فِي مَوْجٍ كَالْجِبالِ وَ نادى نُوحٌ ابْنَهُ وَ كانَ فِي مَعْزِلٍ يا بُنَيَّ ارْكَبْ مَعَنا وَ لا تَكُنْ مَعَ الْكافِرِينَ قالَ سَآوِي إِلى جَبَلٍ يَعْصِمُنِي مِنَ الْماءِ قالَ لا عاصِمَ الْيَوْمَ مِنْ أَمْرِ اللَّهِ إِلَّا مَنْ رَحِمَ وَ حالَ بَيْنَهُمَا الْمَوْجُ فَكانَ مِنَ الْمُغْرَقِينَ : الضمير في: و قال، عائد على نوح أي: و قال نوح حين أمر بالحمل في السفينة لمن آمن معه و من أمر بحمله: اركبوا فيها. و قيل: الضمير عائد على اللّه، و التقدير: و قال اللّه لنوح و من معه، و يبعد ذلك قوله: إن ربي لغفور رحيم.
قيل: و غلب من يعقل في قوله: اركبوا، و إن كانوا قليلا بالنسبة لما لا يعقل ممن حمل فيها، و الظاهر أنه خطاب لمن يعقل خاصة، لأنه لا يليق بما لا يعقل. و عدى اركبوا بفي لتضمينه معنى صيروا فيها، أو معنى ادخلوا فيها. و قيل: التقدير اركبوا الماء فيها. و قيل:
في زائدة للتوكيد أي: اركبوها. و الباء في بسم اللّه في موضع الحال، أو متبركين بسم اللّه.
و مجراها و مرساها منصوبان إما على أنهما ظرفا زمان أو مكان، لأنهما يجيئان لذلك. أو ظرفا زمان على جهة الحذف، كما حذف من جئتك مقدّم الحاج، أي: وقت قدوم الحاج، فيكون مجراها و مرساها مصدران في الأصل حذف منهما المضاف، و انتصبا بما في بسم اللّه من معنى الفعل. و يجوز أن يكون باسم اللّه حالا من ضمير فيها، و مجراها و مرساها مصدران مرفوعان على الفاعلية، أي: اركبوا فيها ملتبسا باسم اللّه إجراؤها و إرساؤها أي:
ببركة اسم اللّه. أو يكون مجراها و مرساها مرفوعين على الابتداء، و باسم اللّه الخبر، و الجملة حال من الضمير في فيها. و على هذه التوجيهات الثلاثة فالكلام جملة واحدة، و الحال مقدرة. و لا يجوز مع رفع مجراها و مرساها على الفاعلية أو الابتداء أن يكون حالا من ضمير اركبوا، لأنه لا عائد عليه فيما وقع حالا. و يجوز أن يكون باسم اللّه مجراها و مرساها جملة ثانية من مبتدإ و خبر، لا تعلق لها بالجملة الأولى من حيث الإعراب أمرهم أولا بالركوب، ثم أخبر أنّ مجراها و مرساها بذكر اللّه أو بأمره و قدرته، فالجملتان كلامان
البحر المحيط فى التفسير، ج6، ص: 156
محكيان يقال، كما أن الجملة الثانية محكية أيضا يقال. و قال الضحاك: إذا أراد جري السفينة قال بسم اللّه مجراها فتجري، و إذا أراد وقوفها قال بسم اللّه مرساها فتقف.
و قرأ مجاهد، و الحسن، و أبو رجاء، و الأعرج، و شيبة، و الجمهور من السبعة الحرميان، و العربيان، و أبو بكر: مجراها بضم الميم. و قرأ الأخوان، و حفص: بفتحها، و كلهم ضم ميم مرساها. و قرأ ابن مسعود، و عيسى الثقفي، و زيد بن عليّ، و الأعمش، مجراها و مرساها بفتح الميمين، ظرفي زمان أو مكان، أو مصدرين على التقارير السابقة.
و قرأ الضحاك، و النخعي، و ابن وثاب، و أبو رجاء، و مجاهد، و ابن جندب، و الكلبي، و الجحدري، مجريها و مرسيها اسمي فاعل من أجرى و أرسى على البدل من اسم اللّه، فهما في موضع خبر، و لا يكونان صفتين لكونهما نكرتين. و قال ابن عطية: و هما على هذه القراءة صفتان عائدتان على ذكره في قولهم بسم اللّه انتهى. و لا يكونان صفتين إلا على تقدير أن يكونا معرفتين. و قد ذهب الخليل إلى أن ما كانت إضافته غير محضة قد يصح أن تجعل محضة، فتعرّف إلا ما كان من الصفة المشبهة فلا تتمحض إضافتها فلا تعرّف. إن ربي لغفور ستور عليكم ذنوبكم بتوبتكم و إيمانكم، رحيم لكم إذا نجاكم من الغرق.
و
روي في الحديث: «أن نوحا ركب في السفينة أول يوم من رجب، و صام الشهر أجمع»
و عن عكرمة: لعشر خلون من رجب. و هي تجري بهم إخبار من اللّه تعالى بما جرى للسفينة، و بهم حال أي: ملتبسة بهم، و المعنى: تجري و هم فيها في موج كالجبال، أي في موج الطوفان شبه كل موجة منه بجبل في تراكمها و ارتفاعها.
روي أن السماء أمطرت جميعها حتى لم يكن في الهواء جانب إلا أمطر، و تفجرت الأرض كلها بالنبع
، و هذا معنى التقاء الماء. و
روي أن الماء علا على الجبال و أعالي الأرض أربعين ذراعا، و قيل: خمسة عشر.