کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

البحر المحيط فى التفسير

الجزء الأول

خطبة الكتاب

سورة البقرة 2

[سورة البقرة(2): الآيات 1 الى 5] [سورة البقرة(2): الآيات 6 الى 7] [سورة البقرة(2): الآيات 8 الى 10] [سورة البقرة(2): الآيات 11 الى 16] [سورة البقرة(2): الآيات 17 الى 18] [سورة البقرة(2): آية 19] [سورة البقرة(2): آية 20] [سورة البقرة(2): الآيات 21 الى 22] [سورة البقرة(2): الآيات 23 الى 24] [سورة البقرة(2): آية 25] [سورة البقرة(2): الآيات 26 الى 29] [سورة البقرة(2): الآيات 30 الى 33] [سورة البقرة(2): آية 34] [سورة البقرة(2): آية 35] [سورة البقرة(2): الآيات 36 الى 39] [سورة البقرة(2): الآيات 40 الى 43] [سورة البقرة(2): الآيات 44 الى 46] [سورة البقرة(2): الآيات 47 الى 49] [سورة البقرة(2): الآيات 50 الى 53] [سورة البقرة(2): الآيات 54 الى 57] [سورة البقرة(2): الآيات 58 الى 61] [سورة البقرة(2): الآيات 62 الى 66] [سورة البقرة(2): الآيات 67 الى 74] [سورة البقرة(2): الآيات 75 الى 82] [سورة البقرة(2): الآيات 83 الى 86] [سورة البقرة(2): الآيات 87 الى 96] [سورة البقرة(2): الآيات 97 الى 103] [سورة البقرة(2): الآيات 104 الى 113] [سورة البقرة(2): الآيات 114 الى 123] [سورة البقرة(2): الآيات 124 الى 131] [سورة البقرة(2): الآيات 132 الى 141]
فهرست الجزء الأول من تفسير البحر المحيط

الجزء الثالث

سورة ال عمران

[سورة آل‏عمران(3): الآيات 1 الى 11] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 12 الى 14] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 15 الى 18] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 19 الى 22] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 23 الى 32] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 33 الى 41] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 42 الى 51] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 52 الى 61] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 62 الى 68] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 69 الى 71] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 72 الى 74] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 75 الى 79] [سورة آل‏عمران(3): آية 80] [سورة آل‏عمران(3): آية 81] [سورة آل‏عمران(3): آية 82] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 83 الى 91] [سورة آل‏عمران(3): آية 92] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 93 الى 101] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 102 الى 112] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 113 الى 120] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 121 الى 127] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 128 الى 132] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 133 الى 141] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 142 الى 152] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 153 الى 163] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 164 الى 170] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 171 الى 180] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 181 الى 185] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 186 الى 200]
فهرس الجزء الثالث

الجزء الرابع

فهرست الجزء الرابع

الجزء الخامس

فهرس الجزء الخامس

الجزء السادس

فهرس الجزء السادس

الجزء السابع

فهرس الجزء السابع

الجزء الثامن

فهرس الجزء الثامن

الجزء التاسع

فهرس الجزء التاسع

الجزء العاشر

فهرس الجزء العاشر

الجزء الحادي عشر

1 - فهرس الآيات القرآنية الكريمة

سورة البقرة سورة آل عمران سورة النساء سورة المائدة سورة الأنعام سورة الأعراف سورة الأنفال سورة التوبة سورة يونس سورة هود سورة يوسف سورة الرعد سورة إبراهيم سورة الحجر سورة النحل سورة الإسراء سورة الكهف سورة مريم سورة طه سورة الأنبياء سورة الحج سورة المؤمنون سورة النور سورة الفرقان سورة الشعراء سورة النمل سورة القصص سورة العنكبوت سورة الروم سورة لقمان سورة السجدة سورة الأحزاب سورة سبأ سورة فاطر سورة يس سورة الصافات سورة ص سورة الزمر سورة غافر سورة فصلت سورة الشورى سورة الزخرف سورة الدخان سورة الجاثية سورة الأحقاف سورة محمد سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق سورة الذاريات سورة الطور سورة النجم سورة القمر سورة الرحمن سورة الواقعة سورة الحديد سورة المجادلة سورة الحشر سورة الممتحنة سورة الصف سورة الجمعة سورة المنافقون سورة التغابن سورة الطلاق سورة التحريم سورة الملك سورة القلم سورة الحاقة سورة المعارج سورة نوح سورة الجن سورة المزمل سورة المدثر سورة القيامة سورة الإنسان سورة المرسلات سورة النبأ سورة النازعات سورة عبس سورة التكوير سورة الانفطار سورة المطففين سورة الإنشقاق سورة البروج سورة الطارق سورة الأعلى سورة الغاشية سورة الفجر سورة البلد سورة الشمس سورة الليل سورة الضحى سورة الشرح سورة التين سورة العلق سورة البينة سورة الزلزلة سورة العاديات سورة القارعة سورة التكاثر سورة العصر سورة الهمزة سورة الفيل سورة قريش سورة الماعون سورة الكوثر سورة الكافرون سورة النصر سورة المسد سورة الإخلاص سورة الفلق سورة الناس
2 - فهرس الأحاديث و الآثار 3 - فهرس الشعوب و القبائل و الأديان 4 - فهرس الأماكن و البلاد

5 - فهرس الأبيات الشعرية

حروف الهمزة الهمزة المفتوحة الهمزة المضمومة الهمزة المكسورة حرف الباء الباء المفتوحة الباء المضمومة الباء المكسورة حرف التاء التاء المفتوحة التاء المضمومة التاء المكسورة حرف الثاء الثاء المفتوحة الثاء المكسورة حرف الجيم الجيم المفتوحة الجيم المضمومة الجيم المكسورة حرف الحاء الحاء المفتوحة الحاء المضمومة الحاء المكسورة الخاء المكسورة حرف الدال الدال المفتوحة الدال المضمومة الدال المكسورة حرف الراء الراء المفتوحة الراء المضمومة الراء المكسورة حرف الزاي الزاي المفتوحة حرف السين السين المفتوحة السين المضمومة السين المكسورة حرف الشين الشين المفتوحة الشين المكسورة حرف الصاد الصاد المفتوحة الصاد المضمومة الصاد المكسورة حرف الضاد الضاد المفتوحة الضاد المكسورة حرف الطاء الطاء المفتوحة حرف الظاء حرف العين العين المفتوحة العين المضمومة العين المكسورة الغين المكسورة حرف الفاء الفاء المفتوحة الفاء المضمومة الفاء المكسورة حرف القاف القاف المفتوحة القاف المضمومة القاف المكسورة حرف الكاف الكاف المفتوحة الكاف المضمومة الكاف المكسورة حرف اللام اللام المفتوحة اللام المضمومة اللام المكسورة حرف الميم الميم المفتوحة الميم المضمومة الميم المكسورة حرف النون النون المفتوحة النون المضمومة النون المكسورة حرف الهاء الهاء المفتوحة الهاء المكسورة الواو المفتوحة الواو المكسورة الياء المفتوحة الياء المكسورة حرف الألف
6 - فهرس أنصاف الأبيات 7 - فهرس الأمثال

البحر المحيط فى التفسير


صفحه قبل

البحر المحيط فى التفسير، ج‏8، ص: 64

جائزا في العربية و ذلك على المصدر أي أطيعوا طاعة انتهى. و قدراه بالنصب زيد بن عليّ و اليزيدي و تقدير بعضهم الرفع على إضمار و لتكن‏ طاعَةٌ مَعْرُوفَةٌ ضعيف لأنه لا يحذف الفعل و يبقى الفاعل، إلّا إذا كان ثم مشعر به نحو رِجالٌ‏ بعد يُسَبِّحُ‏ مبنيا للمفعول أي يسبحه رجال، أو يجاب به نفي نحو: بلى زيد لمن قال: ما جاء أحد. أو استفهام نحو قوله:

ألا هل أتى أم الحويرث مرسل‏

بلى خالد إن لم تعقه العوائق‏

أي أتاها خالد. إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ‏ أي مطلع على سرائركم ففاضحكم. و التفت من الغيبة إلى الخطاب لأنه أبلغ في تبكيتهم.

و لما بكتهم بأن مطلع على سرائرهم تلطف بهم فأمرهم بطاعة اللّه و الرسول و هو أمر عام للمنافقين و غيرهم. فَإِنْ تَوَلَّوْا أي فإن تتولوا. فَإِنَّما عَلَيْهِ‏ أي على الرسول‏ ما حُمِّلَ‏ و هو التبليغ و مكافحة الناس بالرسالة و إعمال الجهد في إنذارهم. وَ عَلَيْكُمْ ما حُمِّلْتُمْ‏ و هو السمع و الطاعة و اتّباع الحق. ثم علق هدايتهم على طاعته فلا يقع إلا بطاعته‏ وَ ما عَلَى الرَّسُولِ إِلَّا الْبَلاغُ الْمُبِينُ‏ تقدم الكلام على مثل هذه الجملة في المائدة.

روي‏ أن بعض الصحابة شكا جهد مكافحة العدو و ما كانوا فيه من الخوف و أنهم لا يضعون أسلحتهم فنزل‏ وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا مِنْكُمْ‏ .

و

روي‏ أنه عليه الصلاة و السلام لما قال بعضهم ما أتى علينا يوم نأمن من فيه و نضع السلاح، فقال النبي صلّى اللّه عليه و سلّم: «لا تغبرون إلا يسيرا حتى يجلس الرجل منكم في الملأ العظيم محتبيا ليس معه حديدة».

قال ابن عباس: و هذا الوعد وعده اللّه أمّة محمد صلّى اللّه عليه و سلّم في التوراة و الإنجيل. و الخطاب في‏ مِنْكُمْ‏ للرسول و أتباعه و مِنْ‏ للبيان أي الذين هم أنتم وعدهم اللّه أن ينصر الإسلام على الكفر و يورثهم الأرض و يجعلهم خلفاء. و قوله‏ فِي الْأَرْضِ‏ هي البلاد التي تجاورهم و هي جزيرة العرب، ثم افتتحوا بلاد الشرق و الغرب و مزقوا ملك الأكاسرة و ملكوا خزائنهم و استولوا على الدنيا. و

في الصحيح: «زويت لي الأرض فأريت مشارقها و مغاربها و سيبلغ ملك أمتي ما زوي لي عنها».

قال بعض العلماء: و لذلك اتسع نطاق الإسلام في الشرق و الغرب دون اتساعه في الجنوب و الشمال. قلت: و لا سيما في عصرنا هذا بإسلام معظم العالم في المشرق كقبائل الترك، و في المغرب كبلاد السودان التكرور و الحبشة و بلاد الهند.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏8، ص: 65

كَمَا اسْتَخْلَفَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ‏ أي بني إسرائيل حين أورثهم مصر و الشام بعد هلاك الجبابرة. و قيل: هو ما كان في زمان داود و سليمان عليهما السلام، و كان الغالب على الأرض المؤمنون. و قرئ‏ كَمَا اسْتَخْلَفَ‏ مبنيا للمفعول. و اللام في‏ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ‏ جواب قسم محذوف، أي و أقسم‏ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ‏ أو أجرى وعد اللّه لتحققه مجرى القسم فجووب بما يجاوب به القسم. و على التقدير حذف القسم بكون معمول‏ وَعَدَ محذوفا تقديره استخلافكم و تمكين دينكم. و دل عليه جواب القسم المحذوف. و قال الضحاك:

هذه الآية تتضمن خلافة أبي بكر و عمر و عثمان و عليّ لأنهم أهل الإيمان و عمل الصالحات. و

قال صلّى اللّه عليه و سلّم: «الخلافة بعدي ثلاثون»

انتهى. و نيدرج من جرى مجراهم في العدل من استخلف من قريش كعمر بن عبد العزيز من الأمويين، و المهتدين باللّه في العباسيين.

وَ لَيُمَكِّنَنَّ لَهُمْ دِينَهُمُ‏ أي يثبته و يوطده بإظهاره و إعزاز أهله و إذلال الشرك و أهله.

و الَّذِي ارْتَضى‏ لَهُمْ‏ صفة مدح جليلة و قد بلغت هذه الأمة في تمكين هذا الدين الغاية القصوى مما أظهر اللّه على أيديهم من الفتوح و العلوم التي فاقوا فيها جميع العالم من لدن آدم إلى زمان هذه الملة المحمدية. و قرأ الجمهور وَ لَيُبَدِّلَنَّهُمْ‏ بالتشديد و ابن كثير و أبو بكر و الحسن و ابن محيصن بالتخفيف. و قال أبو العالية: لما أظهر اللّه عز و جل رسوله صلّى اللّه عليه و سلّم على جزيرة العرب وضعوا السلاح و آمنوا، ثم قبض اللّه نبيه عليه السلام فكانوا آمنين كذلك في إمارة أبي بكر و عمر و عثمان حتى وقعوا فيما وقعوا فيه و كفروا بالنعمة، فأدخل اللّه عليهم الخوف فغيروا فغير اللّه ما بهم.

يَعْبُدُونَنِي‏ الظاهر أنه مستأنف فلا موضع له من الإعراب كأنه قيل: ما لهم يستخلفون و يؤمنون فقال‏ يَعْبُدُونَنِي‏ قاله الزمخشري. و قال ابن عطية: يَعْبُدُونَنِي‏ فعل مستأنف أي هم‏ يَعْبُدُونَنِي‏ و يعني بالاستئناف الجملة لا نفس الفعل وحده و قاله الحوفي قال: و يجوز أن يكون مستأنفا على طريق الثناء عليهم أي هم‏ يَعْبُدُونَنِي‏ . و قال الزمخشري: و إن جعلته حالا عن وعدهم أي وعدهم اللّه ذلك في حال عبادتهم و إخلاصهم فمحله النصب انتهى. و قال الحوفي قبله. و قال أبو البقاء: يَعْبُدُونَنِي‏ حال من‏ لَيَسْتَخْلِفَنَّهُمْ‏ و لَيُبَدِّلَنَّهُمْ‏ لا يُشْرِكُونَ‏ بدل من‏ يَعْبُدُونَنِي‏ أو حال من الفاعل في‏ يَعْبُدُونَنِي‏ موحدين انتهى. و الظاهر أنه متى أطلق الكفر كان مقابل الإسلام و الإيمان و هو ظاهر قول حذيفة قال: كان النفاق على عهد النبيّ صلّى اللّه عليه و سلّم، و قد ذهب و لم يبق إلّا كفر بعد

البحر المحيط فى التفسير، ج‏8، ص: 66

إيمان. قال ابن عطية: يحتمل أن يريد كفر هذه النعم إذا وقعت و يكون الفسق على هذا غير مخرج عن الملة. قيل: ظهر في قتلة عثمان.

و قال الزمخشري: وَ مَنْ كَفَرَ يريد كفران النعمة كقوله‏ فَكَفَرَتْ بِأَنْعُمِ اللَّهِ‏ «1» فَأُولئِكَ هُمُ الْفاسِقُونَ‏ أي هم الكاملون في فسقهم حيث كفروا تلك النعمة العظيمة.

و الظاهر أن قوله‏ وَ أَقِيمُوا التفات من الغيبة إلى الخطاب و يحسنه الخطاب في منكم.

و قال الزمخشري: وَ أَقِيمُوا الصَّلاةَ معطوف على‏ أَطِيعُوا اللَّهَ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ‏ و ليس ببعيد أن يقع بين المعطوف و المعطوف عليه. فاصل. و إن طال لأن حق المعطوف أن يكون غير المعطوف عليه و كررت طاعة الرسول توكيدا لوجوبها انتهى.

و قرأ الجمهور لا تَحْسَبَنَ‏ بتاء الخطاب و التقدير، لا تَحْسَبَنَ‏ أيها المخاطب و لا يندرج فيه الرسول، و قالوا: هو خطاب للرسول و ليس بجيد لأن مثل هذا الحسبان لا يتصوّر وقوعه فيه عليه السلام. و قرأ حمزة و ابن عامر لا يحسبن بالياء للغيبة، و التقدير لا يحسبن حاسب، و الرسول لا يندرج في حاسب و قالوا: يكون ضمير الفاعل للرسول لتقدم ذكره في‏ وَ أَطِيعُوا الرَّسُولَ‏ قاله أبو عليّ و الزمخشري و ليس بجيد لما ذكرناه في قراءة التاء. و قال النحاس: ما علمت أحدا من أهل العربية بصريا و لا كوفيا إلّا و هو يخطئ قراءة حمزة، فمنهم من يقول: هي لحن لأنه لم يأت إلّا بمفعول واحد ليحسبن، و ممن قال هذا أبو حاتم انتهى. و قال الفرّاء: هو ضعيف و أجازه على حذف المفعول الثاني و هو قول البصريين تقديره أنفسهم. و مُعْجِزِينَ‏ المفعول الثاني.

و قال عليّ بن سليمان: الَّذِينَ كَفَرُوا في موضع نصب قال: و يكون المعنى و لا يحسبن الكافر الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ‏ . و قال الكوفيون: مُعْجِزِينَ‏ المفعول الأول. و فِي الْأَرْضِ‏ الثاني قيل: و هو خطأ و ذلك لأن ظاهر في‏ الْأَرْضِ‏ تعلقه بمعجزين، فلا يكون مفعولا ثانيا. و خرج الزمخشري ذلك متبعا قول الكوفيين. فقال‏ مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ‏ هما المفعولان و المعنى لا يحسبن الذين كفروا أحدا يعجز اللّه في الأرض حتى يطمعوا لهم في مثل ذلك، و هذا معنى قوي جيد انتهى. و قال أيضا: يكون الأصل: لا يحسبنهم‏ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ‏ ثم حذف الضمير الذي هو المفعول الأول، و كان الذي سوغ ذلك أن الفاعل و المفعولين لما كانت كالشي‏ء الواحد اقتنع بذكر اثنين عن ذكر الثالث انتهى. و قد رددنا هذا التخريج في آل عمران في قوله‏

(1) سورة النحل: 16/ 112.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏8، ص: 67

لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ بِما أَتَوْا «1» في قراءة من قرأ بياء الغيبة، و جعل الفاعل‏ الَّذِينَ يَفْرَحُونَ‏ و ملخصه أنه ليس هذا من الضمائر التي يفسرها ما بعدها فلا يتقدر لا يحسبنهم إذ لا يجوز ظنه زيد قائما على تقدير رفع زيد بظنه.

وَ مَأْواهُمُ النَّارُ قال الزمخشري: عطف على‏ لا تَحْسَبَنَ‏ كأنه قيل الذين كفروا لا يفوتون اللّه‏ وَ مَأْواهُمُ النَّارُ و المراد بهم المقسمون جهد أيمانهم انتهى. و قال صاحب النظام لا يحتمل أن يكون‏ وَ مَأْواهُمُ‏ متصلا بقوله‏ لا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مُعْجِزِينَ فِي الْأَرْضِ‏ بل هم مقهورون‏ وَ مَأْواهُمُ النَّارُ انتهى. و استبعد العطف من حيث إن‏ لا تَحْسَبَنَ‏ نهي‏ وَ مَأْواهُمُ النَّارُ جملة خبرية فلم يناسب عنده أن يعطف الجملة الخبرية على جملة النهي لتباينهما و هذا مذهب قوم. و لما أحس الزمخشري بهذا قال: كأنه قيل الذين كفروا لا يفوتون اللّه فتأول جملة النهي بجملة خبرية حتى تقع المناسبة، و الصحيح أن ذلك لا يشترط بل يجوز عطف الجمل على اختلافها بعضا على بعض و إن لم تتحد في النوعية و هو مذهب سيبويه.

[سورة النور (24): الآيات 58 الى 61]

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ وَ الَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ وَ حِينَ تَضَعُونَ ثِيابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَ مِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشاءِ ثَلاثُ عَوْراتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَ لا عَلَيْهِمْ جُناحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلى‏ بَعْضٍ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ وَ اللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (58) وَ إِذا بَلَغَ الْأَطْفالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمْ آياتِهِ وَ اللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (59) وَ الْقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ اللاَّتِي لا يَرْجُونَ نِكاحاً فَلَيْسَ عَلَيْهِنَّ جُناحٌ أَنْ يَضَعْنَ ثِيابَهُنَّ غَيْرَ مُتَبَرِّجاتٍ بِزِينَةٍ وَ أَنْ يَسْتَعْفِفْنَ خَيْرٌ لَهُنَّ وَ اللَّهُ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (60) لَيْسَ عَلَى الْأَعْمى‏ حَرَجٌ وَ لا عَلَى الْأَعْرَجِ حَرَجٌ وَ لا عَلَى الْمَرِيضِ حَرَجٌ وَ لا عَلى‏ أَنْفُسِكُمْ أَنْ تَأْكُلُوا مِنْ بُيُوتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ آبائِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أُمَّهاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ إِخْوانِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخَواتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَعْمامِكُمْ أَوْ بُيُوتِ عَمَّاتِكُمْ أَوْ بُيُوتِ أَخْوالِكُمْ أَوْ بُيُوتِ خالاتِكُمْ أَوْ ما مَلَكْتُمْ مَفاتِحَهُ أَوْ صَدِيقِكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ جُناحٌ أَنْ تَأْكُلُوا جَمِيعاً أَوْ أَشْتاتاً فَإِذا دَخَلْتُمْ بُيُوتاً فَسَلِّمُوا عَلى‏ أَنْفُسِكُمْ تَحِيَّةً مِنْ عِنْدِ اللَّهِ مُبارَكَةً طَيِّبَةً كَذلِكَ يُبَيِّنُ اللَّهُ لَكُمُ الْآياتِ لَعَلَّكُمْ تَعْقِلُونَ (61)

(1) سورة آل عمران: 3/ 188.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏8، ص: 68

روي‏ أن عمر بعث إليه رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم غلاما من الأنصار يقال له مدلج، و كان نائما فدق عليه الباب و دخل، فاستيقظ و جلس فانكشف منه شي‏ء فقال عمر: وددت أن اللّه نهى أبناءنا و نساءنا عن الدخول علينا في هذه الساعات إلّا بإذن. ثم انطلق إلى الرسول فوجد هذه الآية قد نزلت فخرّ ساجدا.

و

قيل: نزلت في أسماء بنت أبي مرثد قيل: دخل عليها غلام لها كبير في وقت كرهت دخوله، فأتت رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم فقالت: إن خدمنا و غلماننا يدخلون علينا حالا نكرهها.

لِيَسْتَأْذِنْكُمُ‏ أمر و الظاهر حمله على الوجوب و الجمهور على الندب. و قيل: بنسخ ذلك إذ صار للبيوت أبواب روي ذلك عن ابن عباس و ابن المسيب و الظاهر عموم‏ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمانُكُمْ‏ في العبيد و الإماء و هو قول الجمهور. و قال ابن عمر و آخرون، العبيد دون الإماء. و قال السلمي: الإماء دون العبيد. وَ الَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ‏ عام في الأطفال عبيد كانوا أو أحرارا. و قرأ الحسن و أبو عمر و في رواية و طلحة الْحُلُمَ‏ بسكون اللام و هي لغة تميم. و قيل‏ مِنْكُمْ‏ أي من الأحرار ذكورا كانوا أو إناثا. و الظاهر من قوله‏ ثَلاثَ مَرَّاتٍ‏ ثلاث استئذانات لأنك إذا ضربت ثلاث مرات لا يفهم منه إلّا ثلاث ضربات و يؤيده‏

قوله عليه الصلاة و السلام: «الاستئذان ثلاث»

و الذي عليه الجمهور أن معنى‏ ثَلاثَ مَرَّاتٍ‏ ثلاث أوقات و جعلوا ما بعده من ذكر تلك الأوقات تفسيرا لقوله‏ ثَلاثَ مَرَّاتٍ‏ و لا يتعين ذلك بل تبقى‏ ثَلاثَ مَرَّاتٍ‏ على مدلولها.

مِنْ قَبْلِ صَلاةِ الْفَجْرِ لأنه وقت القيام من المضاجع و طرح ما ينام فيه من الثياب و لبس ثياب اليقظة و قد ينكشف النائم. وَ حِينَ تَضَعُونَ ثِيابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ لأنه وقت وضع الثياب للقائلة لأن النهار إذ ذاك يشتد حره في ذلك الوقت. و مِنْ‏ في‏ مِنَ الظَّهِيرَةِ قال أبو البقاء: لبيان الجنس أي حين ذلك هو الظهيرة، قال: أو بمعنى من أجل‏

البحر المحيط فى التفسير، ج‏8، ص: 69

حر الظهيرة و حِينَ‏ معطوف على موضع‏ مِنْ قَبْلِ‏ وَ مِنْ بَعْدِ صَلاةِ الْعِشاءِ لأنه وقت التجرد من ثياب اليقظة و الالتحاف بثياب النوم‏ ثَلاثُ عَوْراتٍ لَكُمْ‏ سمى كل واحد منها عورة لأن الناس يختل تسترهم و تحفظهم فيها، و العورة الخلل و منه أعور الفارس و أعور المكان، و الأعور المختل العين. و قرأ حمزة و الكسائي‏ ثَلاثَ‏ بالنصب قالوا: بدل من‏ ثَلاثُ عَوْراتٍ‏ و قدره الحوفي و الزمخشري و أبو البقاء أوقات‏ ثَلاثُ عَوْراتٍ‏ و قال ابن عطية: إنما يصح يعنى البدل بتقدير أوقات‏ عَوْراتٍ‏ فحذف المضاف و أقيم المضاف إليه مقامه. و قرأ باقي السبعة بالرفع أي هن‏ ثَلاثُ عَوْراتٍ‏ و قرأ الأعمش‏ عَوْراتٍ‏ بفتح الواو و تقدم أنها لغة هذيل بن مدركة و بني تميم و على رفع‏ ثَلاثَ‏ .

قال الزمخشري: يكون‏ لَيْسَ عَلَيْكُمْ‏ الجملة في محل رفع على الوصف و المعنى هن‏ ثَلاثُ عَوْراتٍ‏ مخصوصة بالاستئذان، و إذا نصبت لم يكن له محل و كان كلاما مقررا للأمر بالاستئذان في تلك الأحوال خاصة.

بَعْدَهُنَ‏ أي بعد استئذانهم فيهن حذف الفاعل و حرف الجر بفي بعد استئذانهن ثم حذف المصدر و قيل‏ لَيْسَ‏ على العبيد و الإماء و من لم يبلغ الحلم في الدخول‏ عَلَيْكُمْ‏ بغير استئذان‏ جُناحٌ‏ بعد هذه الأوقات الثلاث‏ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ‏ يمضون و يجيؤون و هو خبر مبتدأ محذوف تقديره هم‏ طَوَّافُونَ‏ أي المماليك و الصغار طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ‏ أي يدخلون عليكم في المنازل غدوة و عشية بغير إذن إلّا في تلك الأوقات.

و جوّزوا في‏ بَعْضُكُمْ عَلى‏ بَعْضٍ‏ أن يكون مبتدأ و خبرا لكن الجر قدروه طائف على بعض و هو كون مخصوص فلا يجوز حذفه. قال الزمخشري: و حذف لأن طوافون يدل عليه و أن يكون مرفوعا بفعل محذوف تقديره يطوف بعضكم. و قال ابن عطية بَعْضُكُمْ‏ بدل من قوله‏ طَوَّافُونَ‏ و لا يصح لأنه إن أراد بدلا من‏ طَوَّافُونَ‏ نفسه فلا يجوز لأنه يصير التقدير هم‏ بَعْضُكُمْ عَلى‏ بَعْضٍ‏ و هذا معنى لا يصح. و إن جعلته بدلا من الضمير في‏ طَوَّافُونَ‏ فلا يصح أيضا إن قدر الضمير ضمير غيبة لتقدير المبتدأ هم لأنه يصير التقدير هم يطوف‏ بَعْضُكُمْ عَلى‏ بَعْضٍ‏ و هو لا يصح. فإن جعلت التقدير أنتم يطوف‏ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلى‏ بَعْضٍ‏ فيدفعه أن قوله‏ عَلَيْكُمْ‏ بدل على أنهم هم المطوف عليهم، و أنتم طوافون، يدل على أنهم طائفون فتعارضا. و قرأ ابن أبي عبلة طوافين بالنصب على الحال من ضمير عَلَيْهِمْ‏ . و قال الحسن: إذا بات الرجل خادمه معه فلا استئذان عليه و لا في هذه الأوقات الثلاثة.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏8، ص: 70

وَ إِذا بَلَغَ الْأَطْفالُ‏ أي من أولادكم و أقربائكم‏ فَلْيَسْتَأْذِنُوا أي في كل الأوقات فإنهم قبل البلوغ كانوا يستأذنون في ثلاث الأوقات. كَمَا اسْتَأْذَنَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ‏ يعني البالغين. و قيل: الكبار من أولاد الرجل و أقربائه. و دل ذلك على أن الابن و الأخ البالغين كالأجنبي في ذلك و تكلموا هنا فيما به البلوغ و هي مسألة تذكر في الفقه. كذلك الإشارة إلى ما تقدم ذكره من استئذان المماليك و غير البلغ.

و لما أمر تعالى النساء بالتحفظ من الرجال و من الأطفال غير البلغ في الأوقات التي هي مظنة كشف عورتهن استثنى‏ الْقَواعِدُ مِنَ النِّساءِ اللاتي كبرن و قعدن عن الميل إليهن و الافتتان بهن فقال‏ وَ الْقَواعِدُ و هو جمع قاعد من صفات الإناث. و قال ابن السكيت:

امرأة قاعد قعدت عن الحيض. و قال ابن قتيبة: سميّن بذلك لأنهن بعد الكبر يكثرن القعود. و قال ربيعة لقعودهن عن الاستمتاع بهن فأيسن و لم يبق لهن طمع في الأزواج.

و قيل قعدن عن الحيض و الحبل. و ثِيابَهُنَ‏ الجلباب و الرداء و القناع الذي فوق الخمار و الملاء الذي فوق الثياب أو الخمر أو الرداء و الخمار أقوال، و يقال للمرأة إذا كبرت امرأة واضع أي وضعت خمارها. غَيْرَ مُتَبَرِّجاتٍ بِزِينَةٍ أي غير متظاهرات بالزينة لينظر إليهن، و حقيقة التبرج إظهار ما يجب إخفاؤه أو غير قاصدات التبرج بالوضع، و رب عجوز يبدو منها الحرص على أن يظهر بها جمال.

وَ أَنْ يَسْتَعْفِفْنَ‏ عن وضع الثياب و يتسترن كالشباب أفضل لهن. وَ اللَّهُ سَمِيعٌ‏ لما يقول كل قائل‏ عَلِيمٌ‏ بالمقاصد. و في ذكر هاتين الصفتين توعد و تحذير.

عن ابن عباس لما نزل‏ وَ لا تَأْكُلُوا أَمْوالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْباطِلِ‏ «1» تحرج المسلمون عن مواكلة الأعمى لأنه لا يبصر موضع الطعام الطيب، و الأعرج لأنه لا يستطيع المزاحمة على الطعام، و المريض لأنه لا يستطيع استيفاء الطعام فأنزل اللّه هذه الآية قيل: و تحرجوا عن أكل طعام القرابات فنزلت مبيحة جميع هذه المطاعم و مبينة أن تلك إنما هي في التعدي و القمار و ما يأكله المؤمن من مال من يكره أهله أو بصفقة فاسدة و نحوه. و قال عبيد اللّه بن عبد اللّه بن عتبة بن مسعود و ابن المسيب كانوا إذا نهضوا إلى الغزو و خلفوا أهل العذر في منازلهم و أموالهم تحرجوا من أكل مال الغائب فنزلت مبيحة لهم ما تمس إليه حاجتهم من مال الغائب إذا كان الغائب قد بنى على ذلك. و قال مجاهد: كان الرجل إذا ذهب بأهل العذر

صفحه بعد