کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

البحر المحيط فى التفسير

الجزء الأول

خطبة الكتاب

سورة البقرة 2

[سورة البقرة(2): الآيات 1 الى 5] [سورة البقرة(2): الآيات 6 الى 7] [سورة البقرة(2): الآيات 8 الى 10] [سورة البقرة(2): الآيات 11 الى 16] [سورة البقرة(2): الآيات 17 الى 18] [سورة البقرة(2): آية 19] [سورة البقرة(2): آية 20] [سورة البقرة(2): الآيات 21 الى 22] [سورة البقرة(2): الآيات 23 الى 24] [سورة البقرة(2): آية 25] [سورة البقرة(2): الآيات 26 الى 29] [سورة البقرة(2): الآيات 30 الى 33] [سورة البقرة(2): آية 34] [سورة البقرة(2): آية 35] [سورة البقرة(2): الآيات 36 الى 39] [سورة البقرة(2): الآيات 40 الى 43] [سورة البقرة(2): الآيات 44 الى 46] [سورة البقرة(2): الآيات 47 الى 49] [سورة البقرة(2): الآيات 50 الى 53] [سورة البقرة(2): الآيات 54 الى 57] [سورة البقرة(2): الآيات 58 الى 61] [سورة البقرة(2): الآيات 62 الى 66] [سورة البقرة(2): الآيات 67 الى 74] [سورة البقرة(2): الآيات 75 الى 82] [سورة البقرة(2): الآيات 83 الى 86] [سورة البقرة(2): الآيات 87 الى 96] [سورة البقرة(2): الآيات 97 الى 103] [سورة البقرة(2): الآيات 104 الى 113] [سورة البقرة(2): الآيات 114 الى 123] [سورة البقرة(2): الآيات 124 الى 131] [سورة البقرة(2): الآيات 132 الى 141]
فهرست الجزء الأول من تفسير البحر المحيط

الجزء الثالث

سورة ال عمران

[سورة آل‏عمران(3): الآيات 1 الى 11] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 12 الى 14] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 15 الى 18] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 19 الى 22] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 23 الى 32] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 33 الى 41] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 42 الى 51] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 52 الى 61] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 62 الى 68] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 69 الى 71] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 72 الى 74] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 75 الى 79] [سورة آل‏عمران(3): آية 80] [سورة آل‏عمران(3): آية 81] [سورة آل‏عمران(3): آية 82] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 83 الى 91] [سورة آل‏عمران(3): آية 92] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 93 الى 101] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 102 الى 112] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 113 الى 120] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 121 الى 127] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 128 الى 132] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 133 الى 141] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 142 الى 152] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 153 الى 163] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 164 الى 170] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 171 الى 180] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 181 الى 185] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 186 الى 200]
فهرس الجزء الثالث

الجزء الرابع

فهرست الجزء الرابع

الجزء الخامس

فهرس الجزء الخامس

الجزء السادس

فهرس الجزء السادس

الجزء السابع

فهرس الجزء السابع

الجزء الثامن

فهرس الجزء الثامن

الجزء التاسع

فهرس الجزء التاسع

الجزء العاشر

فهرس الجزء العاشر

الجزء الحادي عشر

1 - فهرس الآيات القرآنية الكريمة

سورة البقرة سورة آل عمران سورة النساء سورة المائدة سورة الأنعام سورة الأعراف سورة الأنفال سورة التوبة سورة يونس سورة هود سورة يوسف سورة الرعد سورة إبراهيم سورة الحجر سورة النحل سورة الإسراء سورة الكهف سورة مريم سورة طه سورة الأنبياء سورة الحج سورة المؤمنون سورة النور سورة الفرقان سورة الشعراء سورة النمل سورة القصص سورة العنكبوت سورة الروم سورة لقمان سورة السجدة سورة الأحزاب سورة سبأ سورة فاطر سورة يس سورة الصافات سورة ص سورة الزمر سورة غافر سورة فصلت سورة الشورى سورة الزخرف سورة الدخان سورة الجاثية سورة الأحقاف سورة محمد سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق سورة الذاريات سورة الطور سورة النجم سورة القمر سورة الرحمن سورة الواقعة سورة الحديد سورة المجادلة سورة الحشر سورة الممتحنة سورة الصف سورة الجمعة سورة المنافقون سورة التغابن سورة الطلاق سورة التحريم سورة الملك سورة القلم سورة الحاقة سورة المعارج سورة نوح سورة الجن سورة المزمل سورة المدثر سورة القيامة سورة الإنسان سورة المرسلات سورة النبأ سورة النازعات سورة عبس سورة التكوير سورة الانفطار سورة المطففين سورة الإنشقاق سورة البروج سورة الطارق سورة الأعلى سورة الغاشية سورة الفجر سورة البلد سورة الشمس سورة الليل سورة الضحى سورة الشرح سورة التين سورة العلق سورة البينة سورة الزلزلة سورة العاديات سورة القارعة سورة التكاثر سورة العصر سورة الهمزة سورة الفيل سورة قريش سورة الماعون سورة الكوثر سورة الكافرون سورة النصر سورة المسد سورة الإخلاص سورة الفلق سورة الناس
2 - فهرس الأحاديث و الآثار 3 - فهرس الشعوب و القبائل و الأديان 4 - فهرس الأماكن و البلاد

5 - فهرس الأبيات الشعرية

حروف الهمزة الهمزة المفتوحة الهمزة المضمومة الهمزة المكسورة حرف الباء الباء المفتوحة الباء المضمومة الباء المكسورة حرف التاء التاء المفتوحة التاء المضمومة التاء المكسورة حرف الثاء الثاء المفتوحة الثاء المكسورة حرف الجيم الجيم المفتوحة الجيم المضمومة الجيم المكسورة حرف الحاء الحاء المفتوحة الحاء المضمومة الحاء المكسورة الخاء المكسورة حرف الدال الدال المفتوحة الدال المضمومة الدال المكسورة حرف الراء الراء المفتوحة الراء المضمومة الراء المكسورة حرف الزاي الزاي المفتوحة حرف السين السين المفتوحة السين المضمومة السين المكسورة حرف الشين الشين المفتوحة الشين المكسورة حرف الصاد الصاد المفتوحة الصاد المضمومة الصاد المكسورة حرف الضاد الضاد المفتوحة الضاد المكسورة حرف الطاء الطاء المفتوحة حرف الظاء حرف العين العين المفتوحة العين المضمومة العين المكسورة الغين المكسورة حرف الفاء الفاء المفتوحة الفاء المضمومة الفاء المكسورة حرف القاف القاف المفتوحة القاف المضمومة القاف المكسورة حرف الكاف الكاف المفتوحة الكاف المضمومة الكاف المكسورة حرف اللام اللام المفتوحة اللام المضمومة اللام المكسورة حرف الميم الميم المفتوحة الميم المضمومة الميم المكسورة حرف النون النون المفتوحة النون المضمومة النون المكسورة حرف الهاء الهاء المفتوحة الهاء المكسورة الواو المفتوحة الواو المكسورة الياء المفتوحة الياء المكسورة حرف الألف
6 - فهرس أنصاف الأبيات 7 - فهرس الأمثال

البحر المحيط فى التفسير


صفحه قبل

البحر المحيط فى التفسير، ج‏9، ص: 110

أنفسهم. و الثاني: أن يكون مفعولا من أجله، أي تريدون آلهة من دون اللّه إفكا، و آلهة مفعول به، و قدمه عناية به، و قدم المفعول له على المفعول به، لأنه كان الأهم عنده أن يكافحهم بأنهم على إفك و باطل في شركهم، و بدأ بهذا الوجه الزمخشري. و الثالث: أن يكون حالا، أي أ تريدون آلهة من دون اللّه آفكين؟ قاله الزمخشري، و جعل المصدر حالا لا يطرد إلا مع أما في نحو: أما علما فعالم.

فَما ظَنُّكُمْ بِرَبِّ الْعالَمِينَ‏ : استفهام توبيخ و تحذير و توعد، أي: أي شي‏ء ظنكم بمن هو يستحق لأن تعبدوه، إذ هو رب العالمين حتى تركتم عبادته و عدلتم به الأصنام؟ أي: أيّ شي‏ء ظنكم بفعله معكم من عقابكم، إذ قد عبدتم غيره؟ كما تقول: أسأت آل فلان، فما ظنك به أن يوقع بك خيرا ما أسأت إليه؟ و لما وبخهم على عبادة غير اللّه، أراد أن يريهم أن أصنامهم لا تنفع و لا تضر، فعهد إلى ما يجعله منفردا بها حتى يكسرها و يبين لهم حالها و عجزها. فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ‏ ، و الظاهر أنه أراد علم الكواكب، و ما يعزى إليها من التأثيرات التي جعلها اللّه لها. و الظاهر أن نظره كان فيها، أي في علمها، أو في كتابها الذي اشتمل على أحوالها و أحكامها. قيل: و كانوا يعانون ذلك، فأتاهم من الجهة التي يعانونها، و أوهمهم بأنه استدل بأمارة في علم النجوم أنه سقيم، أي يشارف السقم. قيل:

و هو الطاعون، و كان أغلب الأسقام عليهم إذ ذاك، و خافوا العدوى و هربوا منه إلى عيدهم، و لذلك قال: فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ‏ ، قال معناه ابن عباس، و تركوه في بيت الأصنام ففعل ما فعل. و قيل: كانوا أهل رعاية و فلاحة، و كانوا يحتاجون إلى علم النجوم. و قيل: أرسل إليهم ملكهم أن غدا عيدنا، فاحضر معنا، فنظر إلى نجم طالع فقال: إن هذا يطلع مع سقمي.

و قيل: معنى‏ فَنَظَرَ نَظْرَةً فِي النُّجُومِ‏ ، أي فيما نجم إليه من أمور قومه و حاله معهم، و معنى: فَتَوَلَّوْا عَنْهُ مُدْبِرِينَ‏ ، أي لكفرهم به و احتقارهم له، و قوله: إِنِّي سَقِيمٌ‏ ، من المعاريض، عرض أنه يسقم في المآل، أي يشارف السقم. قيل: و هو الطاعون، و كان أغلب، و فهموا منه أنه ملتبس بالسقم، و ابن آدم لا بد أن يسقم، و المثل: كفى بالسلامة داء. قال الشاعر:

فدعوت ربي بالسلامة جاهدا

ليصحني فإذا السلامة داء

و مات رجل فجأة، فاكتنف عليه الناس فقالوا: مات و هو صحيح، فقال أعرابي:

أ صحيح من الموت في عنقه؟ فَراغَ إِلى‏ آلِهَتِهِمْ‏ : أي أصنامهم التي هي في زعمهم‏

البحر المحيط فى التفسير، ج‏9، ص: 111

آلهة، كقوله: أَيْنَ شُرَكائِيَ* «1» ، و عرض الأكل عليها. و استفهامها عن النطق هو على سبيل الهزء، لكونها منحطة عن رتبة عابديها، إذ هم يأكلون و ينطقون. و روي أنهم كانوا يضعون عندها طعاما، و يعتقدون أنها تصيب منه شيئا، و إنما يأكله خدمتها. فَراغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِالْيَمِينِ‏ : أي أقبل عليهم مستخفيا ضاربا، فهو مصدر فى موضع الحال، أو يضربهم ضربا، فهو مصدر فعل محذوف، أو ضمن فراغ عليهم معنى ضربهم، و باليمين:

أي يمين يديه. قال ابن عباس: لأنها أقوى يديه أو بقوته، لأنه قيل: كان يجمع يديه في الآلة التي يضربها بها و هي الفأس. و قيل: سبب الحلف الذي هو: وَ تَاللَّهِ لَأَكِيدَنَّ أَصْنامَكُمْ‏ «2» .

و قرأ الجمهور: يَزِفُّونَ‏ ، بفتح الياء، من زف: أسرع، أو من زفاف العروس، و هو التمهل في المشية، إذ كانوا في طمأنينة أن ينال أصنامهم شي‏ء لعزتهم. و قرأ حمزة، و مجاهد، و ابن وثاب، و الأعمش: بضم الياء، من أزف: دخل في الزفيف، فهي للتعدي، قاله الأصمعي. و قرأ مجاهد أيضا، و عبد اللّه بن يزيد، و الضحاك، و يحيى بن عبد الرحمن المقري، و ابن أبي عبلة: يزفون مضارع زف بمعنى أسرع. و قال الكسائي، و الفراء: لا نعرفها بمعنى زف. و قال مجاهد: الوزيف: السيلان. و قرى‏ء: يزفون مبنيا للمفعول. و قرى‏ء: يزفون بسكون الزاي، من زفاه إذا حداه، فكان بعضهم يزفو بعضا لتسارعهم إليه. و بين قوله: فَراغَ عَلَيْهِمْ ضَرْباً بِالْيَمِينِ‏ و بين قوله: فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ‏ جمل محذوفة هي مذكورة في سورة اقترب، و لا تعارض بين قوله: فَأَقْبَلُوا إِلَيْهِ يَزِفُّونَ‏ و بين سؤالهم‏ مَنْ فَعَلَ هذا بِآلِهَتِنا «3» ، و أخبار من عرض بأنه إبراهيم كان يذكر أصنامهم، لأن هذا الإقبال كان يقتضي تلك الجمل المحذوفة، أي فأقبلوا إليه، أي إلى الإنكار عليه في كسر أصنامهم و تأنيبه على ذلك. و ليس هذا الإقبال من عندهم، بل بعد مجيئهم من عندهم جرت تلك المفاوضات المذكورة في سورة اقترب.

و استسلف الزمخشري في كلامه أشياء لم تتضمنها الآيات، صارت الآيات عنده بها كالمتناقضة. قال، حيث ذكر هاهنا: إنهم أدبروا عنه خيفة العدوى، فلما أبصروه يكسر أصنامهم، أقبلوا إليه متبادرين ليكفوه و يوقعوا به. و ذكرتم أنهم سألوا عن الكاسر حتى قيل:

(1) سورة النحل: 16/ 27، و سورة القصص: 28/ 62، و 74، و سورة فصلت: 41/ 47.

(2) سورة الأنبياء: 21/ 57.

(3) سورة الأنبياء: 21/ 59.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏9، ص: 112

سمعنا إبراهيم يذمهم، فلعله هو الكاسر. ففي إحداهما أنهم شاهدوه يكسرها، و في الأخرى أنهم استدلوا بذمه على أنه الكاسر. انتهى. ما أبدى من التناقض، و ليس في الآيات ما يدل على أنهم أبصروه يكسرهم، فيكون فيه كالتناقض. و لما قرر أنه كالتناقض قال: قلت فيه وجهان: أحدهما: أن يكون الذين أبصروه و زفوا إليه نفرا منهم دون جمهورهم و كبرائهم، فلما رجع الجمهور و العلية من عندهم إلى بيت الأصنام ليأكلوا الطعام الذي وضعوه عندها لتبرك عليه و رأوها مكسورة، اشمأزوا من ذلك و سألوا من فعل هذا بها؟ لم ينم عليه أولئك النفر نميمة صريحة، و لكن على سبيل التورية و التعريض بقولهم: سمعنا فتى يذكرهم لبعض الصوارف. و الثاني: أن يكسرها و يذهب و لا يشعر بذلك أحد، و يكون إقبالهم إليه يزفون بعد رجوعهم من عيدهم، و سؤالهم عن الكاسر، و قولهم: قالُوا فَأْتُوا بِهِ عَلى‏ أَعْيُنِ النَّاسِ‏ «1» . انتهى. و هذا الوجه الثاني الذي ذكر هو الصحيح.

قالَ أَ تَعْبُدُونَ ما تَنْحِتُونَ‏ : استفهام توبيخ و إنكار عليهم، كيف هم يعبدون صورا صوّروها بأيديهم و شكلوها على ما يريدون من الأشكال؟ وَ اللَّهُ خَلَقَكُمْ وَ ما تَعْمَلُونَ‏ :

الظاهر أن ما موصولة بمعنى الذي معطوفة على الضمير في خلقكم، أي أنشأ ذواتكم و ذوات ما تعملون من الأصنام، و العمل هنا هو التصوير و التشكيل، كما يقول: عمل الصائغ الخلخال، و عمل الحداد القفل، و النجار الخزانة؛ و يحمل ذلك على أن ما بمعنى الذي يتم الاحتجاج عليهم، بأن كلا من الصنم و عابده هو مخلوق للّه تعالى، و العابد هو المصور ذلك المعبود، فكيف يعبد مخلوق مخلوقا؟ و كلاهما خلق اللّه، و هو المنفرد بإنشاء ذواتهما. و العابد مصور الصنم معبوده. و «ما» في: و ما تَنْحِتُونَ‏ بمعنى تاذي، فكذلك في‏ وَ ما تَعْمَلُونَ‏ ، لأن نحتهم هو عملهم. و قيل: ما مصدرية، أي خلقكم و عملكم، و جعلوا ذلك قاعدة على خلق اللّه أفعال العباد. و قد بدد الزمخشري تقابل هذه المقالة بما يوقف عليه في كتابه. و قيل: ما استفهام إنكاري، أي: و أي شي‏ء تعملون في عبادتكم أصناما تنحتونها؟ أي لا عمل لكم يعتبر. و قيل: ما نافية، أي و ما أنتم تعملون شيئا في وقت خلقكم و لا تقدرون على شي‏ء. و كون ما مصدرية و استفهامية و نعتا، أقوال متعلقة خارجة عن طريق البلاغة. و لما غلبهم إبراهيم، عليه السلام، بالحجة، مالوا إلى الغلبة بقوة الشوكة و الجمع فقالوا: ابْنُوا لَهُ بُنْياناً ، أي في موضع إيقاد النار. و قيل: هو

(1) سورة الأنبياء: 21/ 61.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏9، ص: 113

المنجنيق الذي رمي عنه. و أرادوا به كيدا، فأبطل اللّه مكرهم، و جعلهم الأخسرين الأسفلين، و كذا عادة من غلب بالحجة رجع إلى الكيد.

[سورة الصافات (37): الآيات 99 الى 182]

وَ قالَ إِنِّي ذاهِبٌ إِلى‏ رَبِّي سَيَهْدِينِ (99) رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ (100) فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ (101) فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قالَ يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى‏ فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ما ذا تَرى‏ قالَ يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ (102) فَلَمَّا أَسْلَما وَ تَلَّهُ لِلْجَبِينِ (103)

وَ نادَيْناهُ أَنْ يا إِبْراهِيمُ (104) قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (105) إِنَّ هذا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ (106) وَ فَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ (107) وَ تَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (108)

سَلامٌ عَلى‏ إِبْراهِيمَ (109) كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (110) إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (111) وَ بَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ (112) وَ بارَكْنا عَلَيْهِ وَ عَلى‏ إِسْحاقَ وَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِما مُحْسِنٌ وَ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ (113)

وَ لَقَدْ مَنَنَّا عَلى‏ مُوسى‏ وَ هارُونَ (114) وَ نَجَّيْناهُما وَ قَوْمَهُما مِنَ الْكَرْبِ الْعَظِيمِ (115) وَ نَصَرْناهُمْ فَكانُوا هُمُ الْغالِبِينَ (116) وَ آتَيْناهُمَا الْكِتابَ الْمُسْتَبِينَ (117) وَ هَدَيْناهُمَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ (118)

وَ تَرَكْنا عَلَيْهِما فِي الْآخِرِينَ (119) سَلامٌ عَلى‏ مُوسى‏ وَ هارُونَ (120) إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (121) إِنَّهُما مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (122) وَ إِنَّ إِلْياسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (123)

إِذْ قالَ لِقَوْمِهِ أَ لا تَتَّقُونَ (124) أَ تَدْعُونَ بَعْلاً وَ تَذَرُونَ أَحْسَنَ الْخالِقِينَ (125) اللَّهَ رَبَّكُمْ وَ رَبَّ آبائِكُمُ الْأَوَّلِينَ (126) فَكَذَّبُوهُ فَإِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ (127) إِلاَّ عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (128)

وَ تَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ (129) سَلامٌ عَلى‏ إِلْ‏ياسِينَ (130) إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ (131) إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ (132) وَ إِنَّ لُوطاً لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (133)

إِذْ نَجَّيْناهُ وَ أَهْلَهُ أَجْمَعِينَ (134) إِلاَّ عَجُوزاً فِي الْغابِرِينَ (135) ثُمَّ دَمَّرْنَا الْآخَرِينَ (136) وَ إِنَّكُمْ لَتَمُرُّونَ عَلَيْهِمْ مُصْبِحِينَ (137) وَ بِاللَّيْلِ أَ فَلا تَعْقِلُونَ (138)

وَ إِنَّ يُونُسَ لَمِنَ الْمُرْسَلِينَ (139) إِذْ أَبَقَ إِلَى الْفُلْكِ الْمَشْحُونِ (140) فَساهَمَ فَكانَ مِنَ الْمُدْحَضِينَ (141) فَالْتَقَمَهُ الْحُوتُ وَ هُوَ مُلِيمٌ (142) فَلَوْ لا أَنَّهُ كانَ مِنَ الْمُسَبِّحِينَ (143)

لَلَبِثَ فِي بَطْنِهِ إِلى‏ يَوْمِ يُبْعَثُونَ (144) فَنَبَذْناهُ بِالْعَراءِ وَ هُوَ سَقِيمٌ (145) وَ أَنْبَتْنا عَلَيْهِ شَجَرَةً مِنْ يَقْطِينٍ (146) وَ أَرْسَلْناهُ إِلى‏ مِائَةِ أَلْفٍ أَوْ يَزِيدُونَ (147) فَآمَنُوا فَمَتَّعْناهُمْ إِلى‏ حِينٍ (148)

فَاسْتَفْتِهِمْ أَ لِرَبِّكَ الْبَناتُ وَ لَهُمُ الْبَنُونَ (149) أَمْ خَلَقْنَا الْمَلائِكَةَ إِناثاً وَ هُمْ شاهِدُونَ (150) أَلا إِنَّهُمْ مِنْ إِفْكِهِمْ لَيَقُولُونَ (151) وَلَدَ اللَّهُ وَ إِنَّهُمْ لَكاذِبُونَ (152) أَصْطَفَى الْبَناتِ عَلَى الْبَنِينَ (153)

ما لَكُمْ كَيْفَ تَحْكُمُونَ (154) أَ فَلا تَذَكَّرُونَ (155) أَمْ لَكُمْ سُلْطانٌ مُبِينٌ (156) فَأْتُوا بِكِتابِكُمْ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (157) وَ جَعَلُوا بَيْنَهُ وَ بَيْنَ الْجِنَّةِ نَسَباً وَ لَقَدْ عَلِمَتِ الْجِنَّةُ إِنَّهُمْ لَمُحْضَرُونَ (158)

سُبْحانَ اللَّهِ عَمَّا يَصِفُونَ (159) إِلاَّ عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (160) فَإِنَّكُمْ وَ ما تَعْبُدُونَ (161) ما أَنْتُمْ عَلَيْهِ بِفاتِنِينَ (162) إِلاَّ مَنْ هُوَ صالِ الْجَحِيمِ (163)

وَ ما مِنَّا إِلاَّ لَهُ مَقامٌ مَعْلُومٌ (164) وَ إِنَّا لَنَحْنُ الصَّافُّونَ (165) وَ إِنَّا لَنَحْنُ الْمُسَبِّحُونَ (166) وَ إِنْ كانُوا لَيَقُولُونَ (167) لَوْ أَنَّ عِنْدَنا ذِكْراً مِنَ الْأَوَّلِينَ (168)

لَكُنَّا عِبادَ اللَّهِ الْمُخْلَصِينَ (169) فَكَفَرُوا بِهِ فَسَوْفَ يَعْلَمُونَ (170) وَ لَقَدْ سَبَقَتْ كَلِمَتُنا لِعِبادِنَا الْمُرْسَلِينَ (171) إِنَّهُمْ لَهُمُ الْمَنْصُورُونَ (172) وَ إِنَّ جُنْدَنا لَهُمُ الْغالِبُونَ (173)

فَتَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ (174) وَ أَبْصِرْهُمْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ (175) أَ فَبِعَذابِنا يَسْتَعْجِلُونَ (176) فَإِذا نَزَلَ بِساحَتِهِمْ فَساءَ صَباحُ الْمُنْذَرِينَ (177) وَ تَوَلَّ عَنْهُمْ حَتَّى حِينٍ (178)

وَ أَبْصِرْ فَسَوْفَ يُبْصِرُونَ (179) سُبْحانَ رَبِّكَ رَبِّ الْعِزَّةِ عَمَّا يَصِفُونَ (180) وَ سَلامٌ عَلَى الْمُرْسَلِينَ (181) وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (182)

البحر المحيط فى التفسير، ج‏9، ص: 114

تل الرجل الرجل: صرعه على شقه، و قيل: وضعه بقوة. و قال ساعدة بن حوبة:

و تل.

تليلا للجبين و للفم و الجبينان: ما اكتنف من هنا و من هنا، و شذ جمع الجبين على أجبن، و قياسه في‏

البحر المحيط فى التفسير، ج‏9، ص: 115

القلة أجبنة، ككثيب و أكثبة، و في الكثرة: جبنات و جبن، ككثبات و كثب. الذبح: اسم ما يذبح، كالرعي اسم ما يرعى. أبق: هرب. ساهم: قارع. المدحض: المقلوب.

الحوت: معروف. ألام: أتى بما يلام عليه، قال الشاعر:

و كم من مليم لم يصب بملامة

و متبع بالذنب ليس له ذنب‏

العراء: الأرض الفيحاء لا شجر فيها و لا يعلم، قال الشاعر:

رفعت رجلا لا أخاف عثارها

و نبذت بالمين العراء ثيابي‏

اليقطين: يفعيل كاليفصيد، من قطن: أقام بالمكان، و هو بالمكان، و هو ما كان من الشجر لا يقوم على ساق من عود، كشجر البطيخ و الحنظل و القثاء. الساحة: الفناء، و جمعها سوح، قال الشاعر:

فكان سيان أن لا يسرحوا نعما

أو يسرحوه بها و اغبرت السوح‏

وَ قالَ إِنِّي ذاهِبٌ إِلى‏ رَبِّي سَيَهْدِينِ، رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ، فَبَشَّرْناهُ بِغُلامٍ حَلِيمٍ، فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ قالَ يا بُنَيَّ إِنِّي أَرى‏ فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ فَانْظُرْ ما ذا تَرى‏ قالَ يا أَبَتِ افْعَلْ ما تُؤْمَرُ سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ، فَلَمَّا أَسْلَما وَ تَلَّهُ لِلْجَبِينِ، وَ نادَيْناهُ أَنْ يا إِبْراهِيمُ، قَدْ صَدَّقْتَ الرُّؤْيا إِنَّا كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ، إِنَّ هذا لَهُوَ الْبَلاءُ الْمُبِينُ، وَ فَدَيْناهُ بِذِبْحٍ عَظِيمٍ، وَ تَرَكْنا عَلَيْهِ فِي الْآخِرِينَ، سَلامٌ عَلى‏ إِبْراهِيمَ، كَذلِكَ نَجْزِي الْمُحْسِنِينَ، إِنَّهُ مِنْ عِبادِنَا الْمُؤْمِنِينَ، وَ بَشَّرْناهُ بِإِسْحاقَ نَبِيًّا مِنَ الصَّالِحِينَ، وَ بارَكْنا عَلَيْهِ وَ عَلى‏ إِسْحاقَ وَ مِنْ ذُرِّيَّتِهِما مُحْسِنٌ وَ ظالِمٌ لِنَفْسِهِ مُبِينٌ‏ .

لما سلمه اللّه منهم و من النار التي ألقوه فيها، عزم على مفارقتهم، و عبر بالذهاب إلى ربه عن هجرته إلى أرض الشام. كما قال: إِنِّي مُهاجِرٌ إِلى‏ رَبِّي‏ «1» ، ليتمكن من عبادة ربه و يتضرع له من غير أن يلقى من يشوش عليه، فهاجر من أرض بابل، من مملكة نمرود، إلى الشام. و قيل: إلى أرض مصر. و يبعد قول من قال: ليس المراد بذهابه الهجرة، و إنما مراده لقاء اللّه بعد الإحراق، ظانا منه أنه سيموت في النار، فقالها قبل أن يطرح في النار. و سَيَهْدِينِ‏ : أي إلى الجنة، نحا إلى هذا قتادة، لأن قوله: رَبِّ هَبْ لِي مِنَ الصَّالِحِينَ‏ يدفع هذا القول، و المعتقد أنه يموت في النار لا يدعو بأن يهب اللّه له ولدا صالحا.

سَيَهْدِينِ‏ : يوفقني إلى ما فيه صلاحي. مِنَ الصَّالِحِينَ‏ : أي ولدا يكون في عداد

(1) سورة العنكبوت: 29/ 26.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏9، ص: 116

الصالحين. و لفظ الهبة غلب في الولد، و إن كان قد جاء في الأخ، كقوله: وَ وَهَبْنا لَهُ مِنْ رَحْمَتِنا أَخاهُ هارُونَ نَبِيًّا «1» . و اشتملت البشارة على ذكورية المولود و بلوغه سن الحلم و وصفه بالحلم، و أي حلم أعظم من قوله، و قد عرض عليه أبوه الذبح: سَتَجِدُنِي إِنْ شاءَ اللَّهُ مِنَ الصَّابِرِينَ‏ ؟

فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ‏ ، بين هذه الجملة و التي قبلها محذوف تقديره: فولد له و شب. فَلَمَّا بَلَغَ‏ : أي بلغ أن يسعى مع أبيه في أشغاله و حوائجه. و قال ابن عباس، و مجاهد، و ابن زيد: و السعي هنا: العمل و العبادة و المعونة. و قال قتادة: السعي على القدم، يريد سعيا متمكنا، و فيه قال الزمخشري: لا يصح تعلقه ببلغ به بلوغهما معا حد السعي و لا بالسعي، لأن أصله المصدر لا يتقدم عليه، فنفى أن يكون بيانا، كأنه لما قال:

فَلَمَّا بَلَغَ مَعَهُ السَّعْيَ‏ ، أي الحد الذي يقدر فيه على السعي، قيل: مع من؟ فقال: مع أبيه، و المعنى في اختصاص الأب أنه أرفق الناس و أعطفهم عليه و على غيره و بما عنف عليه في الاستسعاء، فلا يحتمله، لأنه لم يستحكم قوله، و لم يطلب عوده، و كان إذ ذاك ابن ثلاث عشرة سنة. انتهى.

قالَ يا بُنَيَ‏ : نداء شفقة و ترحم. إِنِّي أَرى‏ فِي الْمَنامِ أَنِّي أَذْبَحُكَ‏ : أي بأمر من اللّه، و يدل عليه: افْعَلْ ما تُؤْمَرُ . و رؤيا الأنبياء وحي كاليقظة، و ذكره له الرؤيا تجسير على احتمال تلك البلية العظيمة. و شاوره بقوله: فَانْظُرْ ما ذا تَرى‏ ، و إن كان حتما من اللّه ليعلم ما عنده من تلقي هذا الامتحان العظيم، و يصبره إن جزع، و يوطن نفسه على ملاقاة هذا البلاء، و تسكن نفسه لما لا بد منه، إذ مفاجأة البلاء قبل الشعور به أصعب على النفس، و كان ما رآه في المنام و لم يكن في اليقظة، كرؤيا يوسف عليه السلام، و رؤيا رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم دخول المسجد الحرام، ليدل على أن حالتي الأنبياء يقظة و مناما سواء في الصدق متظافرتان عليه.

قيل: إنه حين بشرت الملائكة بغلام حليم قال: هو إذن ذبيح اللّه.

فلما بلغ حد السعي معه قيل له: أوف بنذرك. قيل: رأى ليلة التروية قائلا يقول له: إن اللّه يأمرك بذبح ابنك هذا. فلما أصبح، روّى في ذلك من الصباح إلى الرواح. أمن اللّه هذا الحلم، فمن ثم سمي يوم التروية. فلما أمسى، رأى مثل ذلك، فعرف أنه من اللّه، فمن ثم سمي يوم عرفة. ثم رأى مثله في الليلة الثالثة، فهمّ بنحره، فسمي يوم النحر.

صفحه بعد