کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

البحر المحيط فى التفسير

الجزء الأول

خطبة الكتاب

سورة البقرة 2

[سورة البقرة(2): الآيات 1 الى 5] [سورة البقرة(2): الآيات 6 الى 7] [سورة البقرة(2): الآيات 8 الى 10] [سورة البقرة(2): الآيات 11 الى 16] [سورة البقرة(2): الآيات 17 الى 18] [سورة البقرة(2): آية 19] [سورة البقرة(2): آية 20] [سورة البقرة(2): الآيات 21 الى 22] [سورة البقرة(2): الآيات 23 الى 24] [سورة البقرة(2): آية 25] [سورة البقرة(2): الآيات 26 الى 29] [سورة البقرة(2): الآيات 30 الى 33] [سورة البقرة(2): آية 34] [سورة البقرة(2): آية 35] [سورة البقرة(2): الآيات 36 الى 39] [سورة البقرة(2): الآيات 40 الى 43] [سورة البقرة(2): الآيات 44 الى 46] [سورة البقرة(2): الآيات 47 الى 49] [سورة البقرة(2): الآيات 50 الى 53] [سورة البقرة(2): الآيات 54 الى 57] [سورة البقرة(2): الآيات 58 الى 61] [سورة البقرة(2): الآيات 62 الى 66] [سورة البقرة(2): الآيات 67 الى 74] [سورة البقرة(2): الآيات 75 الى 82] [سورة البقرة(2): الآيات 83 الى 86] [سورة البقرة(2): الآيات 87 الى 96] [سورة البقرة(2): الآيات 97 الى 103] [سورة البقرة(2): الآيات 104 الى 113] [سورة البقرة(2): الآيات 114 الى 123] [سورة البقرة(2): الآيات 124 الى 131] [سورة البقرة(2): الآيات 132 الى 141]
فهرست الجزء الأول من تفسير البحر المحيط

الجزء الثالث

سورة ال عمران

[سورة آل‏عمران(3): الآيات 1 الى 11] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 12 الى 14] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 15 الى 18] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 19 الى 22] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 23 الى 32] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 33 الى 41] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 42 الى 51] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 52 الى 61] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 62 الى 68] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 69 الى 71] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 72 الى 74] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 75 الى 79] [سورة آل‏عمران(3): آية 80] [سورة آل‏عمران(3): آية 81] [سورة آل‏عمران(3): آية 82] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 83 الى 91] [سورة آل‏عمران(3): آية 92] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 93 الى 101] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 102 الى 112] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 113 الى 120] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 121 الى 127] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 128 الى 132] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 133 الى 141] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 142 الى 152] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 153 الى 163] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 164 الى 170] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 171 الى 180] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 181 الى 185] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 186 الى 200]
فهرس الجزء الثالث

الجزء الرابع

فهرست الجزء الرابع

الجزء الخامس

فهرس الجزء الخامس

الجزء السادس

فهرس الجزء السادس

الجزء السابع

فهرس الجزء السابع

الجزء الثامن

فهرس الجزء الثامن

الجزء التاسع

فهرس الجزء التاسع

الجزء العاشر

فهرس الجزء العاشر

الجزء الحادي عشر

1 - فهرس الآيات القرآنية الكريمة

سورة البقرة سورة آل عمران سورة النساء سورة المائدة سورة الأنعام سورة الأعراف سورة الأنفال سورة التوبة سورة يونس سورة هود سورة يوسف سورة الرعد سورة إبراهيم سورة الحجر سورة النحل سورة الإسراء سورة الكهف سورة مريم سورة طه سورة الأنبياء سورة الحج سورة المؤمنون سورة النور سورة الفرقان سورة الشعراء سورة النمل سورة القصص سورة العنكبوت سورة الروم سورة لقمان سورة السجدة سورة الأحزاب سورة سبأ سورة فاطر سورة يس سورة الصافات سورة ص سورة الزمر سورة غافر سورة فصلت سورة الشورى سورة الزخرف سورة الدخان سورة الجاثية سورة الأحقاف سورة محمد سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق سورة الذاريات سورة الطور سورة النجم سورة القمر سورة الرحمن سورة الواقعة سورة الحديد سورة المجادلة سورة الحشر سورة الممتحنة سورة الصف سورة الجمعة سورة المنافقون سورة التغابن سورة الطلاق سورة التحريم سورة الملك سورة القلم سورة الحاقة سورة المعارج سورة نوح سورة الجن سورة المزمل سورة المدثر سورة القيامة سورة الإنسان سورة المرسلات سورة النبأ سورة النازعات سورة عبس سورة التكوير سورة الانفطار سورة المطففين سورة الإنشقاق سورة البروج سورة الطارق سورة الأعلى سورة الغاشية سورة الفجر سورة البلد سورة الشمس سورة الليل سورة الضحى سورة الشرح سورة التين سورة العلق سورة البينة سورة الزلزلة سورة العاديات سورة القارعة سورة التكاثر سورة العصر سورة الهمزة سورة الفيل سورة قريش سورة الماعون سورة الكوثر سورة الكافرون سورة النصر سورة المسد سورة الإخلاص سورة الفلق سورة الناس
2 - فهرس الأحاديث و الآثار 3 - فهرس الشعوب و القبائل و الأديان 4 - فهرس الأماكن و البلاد

5 - فهرس الأبيات الشعرية

حروف الهمزة الهمزة المفتوحة الهمزة المضمومة الهمزة المكسورة حرف الباء الباء المفتوحة الباء المضمومة الباء المكسورة حرف التاء التاء المفتوحة التاء المضمومة التاء المكسورة حرف الثاء الثاء المفتوحة الثاء المكسورة حرف الجيم الجيم المفتوحة الجيم المضمومة الجيم المكسورة حرف الحاء الحاء المفتوحة الحاء المضمومة الحاء المكسورة الخاء المكسورة حرف الدال الدال المفتوحة الدال المضمومة الدال المكسورة حرف الراء الراء المفتوحة الراء المضمومة الراء المكسورة حرف الزاي الزاي المفتوحة حرف السين السين المفتوحة السين المضمومة السين المكسورة حرف الشين الشين المفتوحة الشين المكسورة حرف الصاد الصاد المفتوحة الصاد المضمومة الصاد المكسورة حرف الضاد الضاد المفتوحة الضاد المكسورة حرف الطاء الطاء المفتوحة حرف الظاء حرف العين العين المفتوحة العين المضمومة العين المكسورة الغين المكسورة حرف الفاء الفاء المفتوحة الفاء المضمومة الفاء المكسورة حرف القاف القاف المفتوحة القاف المضمومة القاف المكسورة حرف الكاف الكاف المفتوحة الكاف المضمومة الكاف المكسورة حرف اللام اللام المفتوحة اللام المضمومة اللام المكسورة حرف الميم الميم المفتوحة الميم المضمومة الميم المكسورة حرف النون النون المفتوحة النون المضمومة النون المكسورة حرف الهاء الهاء المفتوحة الهاء المكسورة الواو المفتوحة الواو المكسورة الياء المفتوحة الياء المكسورة حرف الألف
6 - فهرس أنصاف الأبيات 7 - فهرس الأمثال

البحر المحيط فى التفسير


صفحه قبل

البحر المحيط فى التفسير، ج‏9، ص: 196

ثم إذا ذكروا للّه و رحمته لانت جلودهم، أي زال عنها ذلك التقبض الناشئ عن خشية القلوب بزوال الخشية عنها، و ضمن تلين معنى تطمئن جلودهم لينة غير منقبضة، و قلوبهم راجية غير خاشية، و لذلك عداه بإلى. و كان في ذكر القلوب في هذه الجملة دليل على تأثرها عند السماع، فاكتفى بقشعريرة الجلود عن ذكر خشية القلوب لقيام المسبب مقام السبب. فلما ذكر اللين ذكرهما، و في ذكر اللين دليل على المحذوف الذي هو رحمة اللّه، كما كان في قوله: إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَجِلَتْ قُلُوبُهُمْ* «1» ، دليل بقوله: وَجِلَتْ* عن ذكر المحذوف، أي إذا ذكر وعيد اللّه و بطشه. و

قال العباس بن عبد المطلب: قال النبي عليه السلام: «من اقشعر جلده من خشية اللّه تحاتت عنه ذنوبه كما يتحات عن الشجرة اليابسة ورقها».

و قال ابن عمر: و قدر أي ساقطا من سماع القرآن فقال: إنا لنخشى اللّه، و ما نسقط هؤلاء يدخل الشيطان في جوف أحدهم. و قالت أسماء بنت أبي بكر: كان أصحاب رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم تدمع أعينهم و تقشعر جلودهم عند سماع القرآن، قيل لها: إن قوما اليوم إذا سمعوا القرآن خر أحدهم مغشيا عليه، فقالت: أعوذ باللّه من الشيطان الرجيم. و قال ابن سيرين: بيننا و بين هؤلاء الذين بصرعون عند قراءة القرآن أن يجعل أحدهم على حائط باسطا رجليه، ثم يقرأ عليه القرآن كله، فإن رمى بنفسه فهو صادق. و الإشارة بذلك إلى الكتاب، أو إلى ذينك الوصفين من الاقشعرار و اللين، أي أثر هدى اللّه. أَ فَمَنْ يَتَّقِي‏ :

أي يستقبل، كما قال الشاعر:

سقط النصيف و لم ترد إسقاطه‏

فتناولته و اتقتنا باليد

أي: استقبلتنا بيدها لتقي بيدها وجهها أن يرى. و الظاهر حمل بوجهه على حقيقته. لما كان يلقى في النار مغلولة يداه إلى رجليه مع عنقه، لم يكن له ما يتقي به النار إلا وجهه. قال مجاهد: يجر على وجهه في النار، و يجوز أن يعبر بالوجه عن الجملة. و قيل: المعنى وصف كثرة ما ينالهم من العذاب، يتقيه أولا بجوارحه، فيتزيد حتى يتقيه بوجهه الذي هو أشرف جوارحه، و فيه جواب، و هو غاية العذاب. قال ابن عطية: و هذا المعنى عندي أبين بلاغة. في هذا المضمار يجري قول الشاعر:

يلقي السيوف بوجهه و بنحره‏

و يقيم هامته مقام المغفر

لأنه إنما أراد عظم جرأته عليها، فهو يلقاها بكل مجن، و بكل شي‏ء عنه، حتى بوجهه‏

(1) سورة الحج: 22/ 35.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏9، ص: 197

و بنحره. انتهى. و سُوءَ الْعَذابِ‏ : أشده، و خبر من محذوف قدره الزمخشري: كمن أمن العذاب، و ابن عطية: كالمنعمين في الجنة. وَ قِيلَ لِلظَّالِمِينَ‏ : أي قال ذلك خزنة النار، ذُوقُوا ما كُنْتُمْ‏ : أي و بال ما كنتم‏ تَكْسِبُونَ‏ من الأعمال السيئة. كَذَّبَ الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ‏ : تمثيل لقريش بالأمم الماضية، و ما آل إليه أمرهم من الهلاك. فَأَتاهُمُ الْعَذابُ مِنْ حَيْثُ لا يَشْعُرُونَ‏ : من الجهة التي لا يشعرون أن العذاب يأتيهم من قبلها، و لا يخطر ببالهم أن الشر يأتيهم منها. كانوا في أمن و غبطة و سرور، فإذا هم معذبون مخزيون ذليلون في الدنيا من ممسوخ و مقتول و مأسور و منفي. ثم أخبر أن ما أعد لهم في الآخرة أعظم.

و انتصب‏ قُرْآناً عَرَبِيًّا على الحال، و هي حال مؤكدة، و الحال في الحقيقة هو عربيا، و قرآنا توطئة له. و قيل: انتصب على المدح، و نفى عنه العوج، لأنه مستقيم يرى من الاختلاف و التناقض. و قال عثمان بن عفان: غير مضطرب. و قال ابن عباس: غير مختلف. و قال مجاهد: غير ذي لبس. و قال السدي: غير مخلوق. و قيل: غير ذي لحن.

قال الزمخشري: فإن قلت: فهلا قيل مستقيما أو غير معوج؟ قلت: فيه فائدتان: إحداهما:

نفي أن يكون فيه عوج قط، كما قال: وَ لَمْ يَجْعَلْ لَهُ عِوَجاً «1» و الثانية: أن لفظ العوج مختص بالمعاني دون الأعيان. و قيل: المراد بالعوج: الشك و اللبس، و أنشد:

و قد أتاك يقينا غير ذي عوج‏

من الإله و قول غير مكذوب‏

انتهى.

و لما ذكر تعالى أنه ضرب في القرآن‏ مِنْ كُلِّ مَثَلٍ‏ : أي محتاج إليه، ضرب هنا مثلا لعابد آلهة كثيرة، و من يعبد اللّه وحده، و مثل برجل مملوك اشترك فيه ملاك سيئو الأخلاق، فهو لا يقدر أن يوفي كل واحد منهم مقصوده، إذ لا يتغاضى بعضهم لبعض لمشاحتهم، و طلب كل منهم أن يقضي حاجته على التمام، فلا يزال في عناء و تعب و لوم من كل منهم. و رجل آخر مملوك جميعه لرجل واحد، فهو معني بشغله لا يشغله عنه شي‏ء، و مالكه راض عنه إن قد خلص لخدمته و بذل جهده في قضاء حوائجه، فلا يلقى من سيده إلا إحسانا، و تقدم الكلام في نصب المثل و ما بعده. و قال الكسائي: انتصب رجلا على إسقاط الخافض، أي مثلا لرجل، أو في رجل فيه، أي في رقه مشتركا، و فيه صلة لشركاء. و قرأ عبد اللّه، و ابن عباس، و عكرمة، و مجاهد، و قتادة، و الزهري، و الحسن:

(1) سورة الكهف: 18/ 1.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏9، ص: 198

بخلاف عنه؛ و الجحدري، و ابن كثير و أبو عمرو: سالما اسم فاعل من سلم، أي خالصا من الشركة. و قرأ الأعرج، و أبو جعفر، و شيبة، و أبو رجاء، و طلحة، و الحسن: بخلاف عنه؛ و باقي السبعة: سلما بفتح السين و اللام. و قرأ ابن جبير: سلما بكسر السين و سكون اللام، و هما مصدران وصف بهما مبالغة في الخلوص من الشركة. و قرى‏ء: و رجل سالم، برفعهما. و قال الزمخشري: أي و هناك رجل سالم لرجل. انتهى، فجعل الخبر هناك.

و يجوز أن يكون و رجل مبتدأ، لأنه موضع تفصيل، إذ قد تقدم ما يدل عليه، فيكون كقول امرئ القيس:

إذا ما بكى من خلفها انحرفت له‏

بشقّ و شق عندنا لم يحوّل‏

و قال الزمخشري: و إنما جعله رجلا ليكون أ فظن لما شقي به أو سعد، فإن المرأة و الصبي قد يغفلان عن ذلك. و انتصب مثلا على التمييز المنقول من الفاعل، إذ التقدير:

هل يستوي مثلهما؟ و اقتصر في التمييز على الواحد، لأنه المقتصر عليه أولا في قوله:

ضَرَبَ اللَّهُ مَثَلًا ، و لبيان الجنس. و قرى‏ء: مثلين، فطابق حال الرجلين. و قال الزمخشري: و يجوز فيمن قرأ مثلين أن يكون الضمير في يستويان للمثلين، لأن التقدير مثل رجل، و المعنى: هل يستويان فيما يرجع إلى الوصفية؟ كما يقول: كفى بهما رجلين.

انتهى. و الظاهر أنه يعود الضمير في يستويان إلى الرجلين، فأما إذا جعلته عائدا إلى المثلين اللذين ذكر أن التقدير مثل رجل و رجل، فإن التمييز إذ ذاك يكون قد فهم من المميز الذي هو الضمير، إذ يصير التقدير: هل يستوي المثلان مثلين؟ قل: الْحَمْدُ لِلَّهِ‏ : أي الثناء و المدح للّه لا لغيره، و هو الذي ثبتت وحدانيته، فهو الذي يجب أن يحمد، بَلْ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْلَمُونَ‏ ، فيشركون به غيره. و لفظة الحمد للّه تشعر بوقوع الهلاك بهم بقوله:

فَقُطِعَ دابِرُ الْقَوْمِ الَّذِينَ ظَلَمُوا وَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ‏ «1» .

و لما لم يلتفتوا إلى هذه الدلائل الباهرة، أخبر الجميع بأنهم ميتون و صائرون إليه، و أن اختصامكم يكون بين يديه يوم القيامة، و هو الحكم العدل، فيتميز المحق من المبطل، و هو عليه السلام و أتباعه المحقون الفائزون بالظفر و الغلبة، و الكافرون هم المبطلون.

فالضمير في و إنك خطاب للرسول، و تدخل معه أمته في ذلك. و الظاهر عود الضمير في‏ وَ إِنَّهُمْ‏ على الكفار، و غلب ضمير الخطاب في‏ إِنَّكَ‏ على ضمير الغيبة في إنهم،

(1) سورة الأنعام: 6/ 45.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏9، ص: 199

و لذلك جاء تَخْتَصِمُونَ‏ بالخطاب، فتحتج أنت عليهم بأنك قد بلغت، و كذبوا و اجتهدت في الدعوة، و لجوا في العناد. و قال أبو العالية: هم أهل القبلة، يختصمون بينهم يوم القيامة في مظالمهم. و أبعد من ذهب إلى أن هذا الخصام سببه ما كان في قتل عثمان، و ما جرى بين علي و معاوية بسبب ذلك، رضي اللّه عنهم. و قيل: يختصم الجميع، فالكفار يخاصم بعضهم بعضا حتى يقال لهم: لا تختصموا لدي. و المؤمنون يتلقون الكافرين بالحجج، و أهل القبلة يكون بينهم الخصام. و قرأ ابن الزبير، و ابن أبي إسحاق، و ابن محيصن، و عيسى، و اليماني، و ابن أبي غوث، و ابن أبي عبلة: إنك مائت و إنهم مائتون، و هي تشعر بحدوث الصفة؛ و الجمهور: ميت و ميتون، و هي تشعر بالثبوت و اللزوم كالحي.

[سورة الزمر (39): الآيات 32 الى 75]

فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَ كَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جاءَهُ أَ لَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْكافِرِينَ (32) وَ الَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَ صَدَّقَ بِهِ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ (33) لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذلِكَ جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ (34) لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَ يَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ (35) أَ لَيْسَ اللَّهُ بِكافٍ عَبْدَهُ وَ يُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَ مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ (36)

وَ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ مُضِلٍّ أَ لَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقامٍ (37) وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَ فَرَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كاشِفاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ (38) قُلْ يا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى‏ مَكانَتِكُمْ إِنِّي عامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ (39) مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ وَ يَحِلُّ عَلَيْهِ عَذابٌ مُقِيمٌ (40) إِنَّا أَنْزَلْنا عَلَيْكَ الْكِتابَ لِلنَّاسِ بِالْحَقِّ فَمَنِ اهْتَدى‏ فَلِنَفْسِهِ وَ مَنْ ضَلَّ فَإِنَّما يَضِلُّ عَلَيْها وَ ما أَنْتَ عَلَيْهِمْ بِوَكِيلٍ (41)

اللَّهُ يَتَوَفَّى الْأَنْفُسَ حِينَ مَوْتِها وَ الَّتِي لَمْ تَمُتْ فِي مَنامِها فَيُمْسِكُ الَّتِي قَضى‏ عَلَيْهَا الْمَوْتَ وَ يُرْسِلُ الْأُخْرى‏ إِلى‏ أَجَلٍ مُسَمًّى إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يَتَفَكَّرُونَ (42) أَمِ اتَّخَذُوا مِنْ دُونِ اللَّهِ شُفَعاءَ قُلْ أَ وَ لَوْ كانُوا لا يَمْلِكُونَ شَيْئاً وَ لا يَعْقِلُونَ (43) قُلْ لِلَّهِ الشَّفاعَةُ جَمِيعاً لَهُ مُلْكُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ (44) وَ إِذا ذُكِرَ اللَّهُ وَحْدَهُ اشْمَأَزَّتْ قُلُوبُ الَّذِينَ لا يُؤْمِنُونَ بِالْآخِرَةِ وَ إِذا ذُكِرَ الَّذِينَ مِنْ دُونِهِ إِذا هُمْ يَسْتَبْشِرُونَ (45) قُلِ اللَّهُمَّ فاطِرَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ عالِمَ الْغَيْبِ وَ الشَّهادَةِ أَنْتَ تَحْكُمُ بَيْنَ عِبادِكَ فِي ما كانُوا فِيهِ يَخْتَلِفُونَ (46)

وَ لَوْ أَنَّ لِلَّذِينَ ظَلَمُوا ما فِي الْأَرْضِ جَمِيعاً وَ مِثْلَهُ مَعَهُ لافْتَدَوْا بِهِ مِنْ سُوءِ الْعَذابِ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ بَدا لَهُمْ مِنَ اللَّهِ ما لَمْ يَكُونُوا يَحْتَسِبُونَ (47) وَ بَدا لَهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا وَ حاقَ بِهِمْ ما كانُوا بِهِ يَسْتَهْزِؤُنَ (48) فَإِذا مَسَّ الْإِنْسانَ ضُرٌّ دَعانا ثُمَّ إِذا خَوَّلْناهُ نِعْمَةً مِنَّا قالَ إِنَّما أُوتِيتُهُ عَلى‏ عِلْمٍ بَلْ هِيَ فِتْنَةٌ وَ لكِنَّ أَكْثَرَهُمْ لا يَعْلَمُونَ (49) قَدْ قالَهَا الَّذِينَ مِنْ قَبْلِهِمْ فَما أَغْنى‏ عَنْهُمْ ما كانُوا يَكْسِبُونَ (50) فَأَصابَهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا وَ الَّذِينَ ظَلَمُوا مِنْ هؤُلاءِ سَيُصِيبُهُمْ سَيِّئاتُ ما كَسَبُوا وَ ما هُمْ بِمُعْجِزِينَ (51)

أَ وَ لَمْ يَعْلَمُوا أَنَّ اللَّهَ يَبْسُطُ الرِّزْقَ لِمَنْ يَشاءُ وَ يَقْدِرُ إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِقَوْمٍ يُؤْمِنُونَ (52) قُلْ يا عِبادِيَ الَّذِينَ أَسْرَفُوا عَلى‏ أَنْفُسِهِمْ لا تَقْنَطُوا مِنْ رَحْمَةِ اللَّهِ إِنَّ اللَّهَ يَغْفِرُ الذُّنُوبَ جَمِيعاً إِنَّهُ هُوَ الْغَفُورُ الرَّحِيمُ (53) وَ أَنِيبُوا إِلى‏ رَبِّكُمْ وَ أَسْلِمُوا لَهُ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ ثُمَّ لا تُنْصَرُونَ (54) وَ اتَّبِعُوا أَحْسَنَ ما أُنْزِلَ إِلَيْكُمْ مِنْ رَبِّكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَكُمُ الْعَذابُ بَغْتَةً وَ أَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ (55) أَنْ تَقُولَ نَفْسٌ يا حَسْرَتى‏ عَلى‏ ما فَرَّطْتُ فِي جَنْبِ اللَّهِ وَ إِنْ كُنْتُ لَمِنَ السَّاخِرِينَ (56)

أَوْ تَقُولَ لَوْ أَنَّ اللَّهَ هَدانِي لَكُنْتُ مِنَ الْمُتَّقِينَ (57) أَوْ تَقُولَ حِينَ تَرَى الْعَذابَ لَوْ أَنَّ لِي كَرَّةً فَأَكُونَ مِنَ الْمُحْسِنِينَ (58) بَلى‏ قَدْ جاءَتْكَ آياتِي فَكَذَّبْتَ بِها وَ اسْتَكْبَرْتَ وَ كُنْتَ مِنَ الْكافِرِينَ (59) وَ يَوْمَ الْقِيامَةِ تَرَى الَّذِينَ كَذَبُوا عَلَى اللَّهِ وُجُوهُهُمْ مُسْوَدَّةٌ أَ لَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْمُتَكَبِّرِينَ (60) وَ يُنَجِّي اللَّهُ الَّذِينَ اتَّقَوْا بِمَفازَتِهِمْ لا يَمَسُّهُمُ السُّوءُ وَ لا هُمْ يَحْزَنُونَ (61)

اللَّهُ خالِقُ كُلِّ شَيْ‏ءٍ وَ هُوَ عَلى‏ كُلِّ شَيْ‏ءٍ وَكِيلٌ (62) لَهُ مَقالِيدُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ الَّذِينَ كَفَرُوا بِآياتِ اللَّهِ أُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (63) قُلْ أَ فَغَيْرَ اللَّهِ تَأْمُرُونِّي أَعْبُدُ أَيُّهَا الْجاهِلُونَ (64) وَ لَقَدْ أُوحِيَ إِلَيْكَ وَ إِلَى الَّذِينَ مِنْ قَبْلِكَ لَئِنْ أَشْرَكْتَ لَيَحْبَطَنَّ عَمَلُكَ وَ لَتَكُونَنَّ مِنَ الْخاسِرِينَ (65) بَلِ اللَّهَ فَاعْبُدْ وَ كُنْ مِنَ الشَّاكِرِينَ (66)

وَ ما قَدَرُوا اللَّهَ حَقَّ قَدْرِهِ وَ الْأَرْضُ جَمِيعاً قَبْضَتُهُ يَوْمَ الْقِيامَةِ وَ السَّماواتُ مَطْوِيَّاتٌ بِيَمِينِهِ سُبْحانَهُ وَ تَعالى‏ عَمَّا يُشْرِكُونَ (67) وَ نُفِخَ فِي الصُّورِ فَصَعِقَ مَنْ فِي السَّماواتِ وَ مَنْ فِي الْأَرْضِ إِلاَّ مَنْ شاءَ اللَّهُ ثُمَّ نُفِخَ فِيهِ أُخْرى‏ فَإِذا هُمْ قِيامٌ يَنْظُرُونَ (68) وَ أَشْرَقَتِ الْأَرْضُ بِنُورِ رَبِّها وَ وُضِعَ الْكِتابُ وَ جِي‏ءَ بِالنَّبِيِّينَ وَ الشُّهَداءِ وَ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَ هُمْ لا يُظْلَمُونَ (69) وَ وُفِّيَتْ كُلُّ نَفْسٍ ما عَمِلَتْ وَ هُوَ أَعْلَمُ بِما يَفْعَلُونَ (70) وَ سِيقَ الَّذِينَ كَفَرُوا إِلى‏ جَهَنَّمَ زُمَراً حَتَّى إِذا جاؤُها فُتِحَتْ أَبْوابُها وَ قالَ لَهُمْ خَزَنَتُها أَ لَمْ يَأْتِكُمْ رُسُلٌ مِنْكُمْ يَتْلُونَ عَلَيْكُمْ آياتِ رَبِّكُمْ وَ يُنْذِرُونَكُمْ لِقاءَ يَوْمِكُمْ هذا قالُوا بَلى‏ وَ لكِنْ حَقَّتْ كَلِمَةُ الْعَذابِ عَلَى الْكافِرِينَ (71)

قِيلَ ادْخُلُوا أَبْوابَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها فَبِئْسَ مَثْوَى الْمُتَكَبِّرِينَ (72) وَ سِيقَ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ إِلَى الْجَنَّةِ زُمَراً حَتَّى إِذا جاؤُها وَ فُتِحَتْ أَبْوابُها وَ قالَ لَهُمْ خَزَنَتُها سَلامٌ عَلَيْكُمْ طِبْتُمْ فَادْخُلُوها خالِدِينَ (73) وَ قالُوا الْحَمْدُ لِلَّهِ الَّذِي صَدَقَنا وَعْدَهُ وَ أَوْرَثَنَا الْأَرْضَ نَتَبَوَّأُ مِنَ الْجَنَّةِ حَيْثُ نَشاءُ فَنِعْمَ أَجْرُ الْعامِلِينَ (74) وَ تَرَى الْمَلائِكَةَ حَافِّينَ مِنْ حَوْلِ الْعَرْشِ يُسَبِّحُونَ بِحَمْدِ رَبِّهِمْ وَ قُضِيَ بَيْنَهُمْ بِالْحَقِّ وَ قِيلَ الْحَمْدُ لِلَّهِ رَبِّ الْعالَمِينَ (75)

البحر المحيط فى التفسير، ج‏9، ص: 202

اشمأز، قال أبو زيد: زعر. قال غيره: تقبض كراهة و نفورا. قال الشاعر:

إذا عض الثقاف بها اشمأزت‏

و ولته عشوزية زبونا

المقاليد: المفاتيح، قيل: لا واحد لها من لفظها، قاله التبريزي. و قيل: واحدها مقليد، و قيل: مقلاد، و يقال: إقليد و أقاليد، و الكلمة أصلها فارسية. الزمر: جمع زمرة، قال أبو عبيد و الأخفش: جماعات متفرقة، بعضها إثر بعض. قال:

حتى احزألت زمر بعد زمر و يقال: تزمر. و الحفوف: الإحداق بالشي‏ء، قال الشاعر:

تحفه جانب ضيق و يتبعه‏

مثل الزجاجة لم يكحل من الرمد

و هذه اللفظة مأخوذة من الحفاف، و هو الجانب، و منه قول الشاعر:

له لحظات عن حفافي سريره‏

إذا كرها فيها عقاب و نائل‏

فَمَنْ أَظْلَمُ مِمَّنْ كَذَبَ عَلَى اللَّهِ وَ كَذَّبَ بِالصِّدْقِ إِذْ جاءَهُ أَ لَيْسَ فِي جَهَنَّمَ مَثْوىً لِلْكافِرِينَ، وَ الَّذِي جاءَ بِالصِّدْقِ وَ صَدَّقَ بِهِ أُولئِكَ هُمُ الْمُتَّقُونَ، لَهُمْ ما يَشاؤُنَ عِنْدَ رَبِّهِمْ ذلِكَ جَزاءُ الْمُحْسِنِينَ، لِيُكَفِّرَ اللَّهُ عَنْهُمْ أَسْوَأَ الَّذِي عَمِلُوا وَ يَجْزِيَهُمْ أَجْرَهُمْ بِأَحْسَنِ الَّذِي كانُوا يَعْمَلُونَ، أَ لَيْسَ اللَّهُ بِكافٍ عَبْدَهُ وَ يُخَوِّفُونَكَ بِالَّذِينَ مِنْ دُونِهِ وَ مَنْ يُضْلِلِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ هادٍ، وَ مَنْ يَهْدِ اللَّهُ فَما لَهُ مِنْ مُضِلٍّ أَ لَيْسَ اللَّهُ بِعَزِيزٍ ذِي انْتِقامٍ، وَ لَئِنْ سَأَلْتَهُمْ مَنْ خَلَقَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضَ لَيَقُولُنَّ اللَّهُ قُلْ أَ فَرَأَيْتُمْ ما تَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ إِنْ أَرادَنِيَ اللَّهُ بِضُرٍّ هَلْ هُنَّ كاشِفاتُ ضُرِّهِ أَوْ أَرادَنِي بِرَحْمَةٍ هَلْ هُنَّ مُمْسِكاتُ رَحْمَتِهِ قُلْ حَسْبِيَ اللَّهُ عَلَيْهِ يَتَوَكَّلُ الْمُتَوَكِّلُونَ، قُلْ يا قَوْمِ اعْمَلُوا عَلى‏ مَكانَتِكُمْ إِنِّي عامِلٌ فَسَوْفَ تَعْلَمُونَ، مَنْ يَأْتِيهِ عَذابٌ يُخْزِيهِ وَ يَحِلُّ عَلَيْهِ عَذابٌ مُقِيمٌ‏ .

صفحه بعد