کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

البحر المحيط فى التفسير

الجزء الأول

خطبة الكتاب

سورة البقرة 2

[سورة البقرة(2): الآيات 1 الى 5] [سورة البقرة(2): الآيات 6 الى 7] [سورة البقرة(2): الآيات 8 الى 10] [سورة البقرة(2): الآيات 11 الى 16] [سورة البقرة(2): الآيات 17 الى 18] [سورة البقرة(2): آية 19] [سورة البقرة(2): آية 20] [سورة البقرة(2): الآيات 21 الى 22] [سورة البقرة(2): الآيات 23 الى 24] [سورة البقرة(2): آية 25] [سورة البقرة(2): الآيات 26 الى 29] [سورة البقرة(2): الآيات 30 الى 33] [سورة البقرة(2): آية 34] [سورة البقرة(2): آية 35] [سورة البقرة(2): الآيات 36 الى 39] [سورة البقرة(2): الآيات 40 الى 43] [سورة البقرة(2): الآيات 44 الى 46] [سورة البقرة(2): الآيات 47 الى 49] [سورة البقرة(2): الآيات 50 الى 53] [سورة البقرة(2): الآيات 54 الى 57] [سورة البقرة(2): الآيات 58 الى 61] [سورة البقرة(2): الآيات 62 الى 66] [سورة البقرة(2): الآيات 67 الى 74] [سورة البقرة(2): الآيات 75 الى 82] [سورة البقرة(2): الآيات 83 الى 86] [سورة البقرة(2): الآيات 87 الى 96] [سورة البقرة(2): الآيات 97 الى 103] [سورة البقرة(2): الآيات 104 الى 113] [سورة البقرة(2): الآيات 114 الى 123] [سورة البقرة(2): الآيات 124 الى 131] [سورة البقرة(2): الآيات 132 الى 141]
فهرست الجزء الأول من تفسير البحر المحيط

الجزء الثالث

سورة ال عمران

[سورة آل‏عمران(3): الآيات 1 الى 11] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 12 الى 14] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 15 الى 18] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 19 الى 22] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 23 الى 32] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 33 الى 41] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 42 الى 51] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 52 الى 61] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 62 الى 68] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 69 الى 71] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 72 الى 74] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 75 الى 79] [سورة آل‏عمران(3): آية 80] [سورة آل‏عمران(3): آية 81] [سورة آل‏عمران(3): آية 82] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 83 الى 91] [سورة آل‏عمران(3): آية 92] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 93 الى 101] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 102 الى 112] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 113 الى 120] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 121 الى 127] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 128 الى 132] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 133 الى 141] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 142 الى 152] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 153 الى 163] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 164 الى 170] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 171 الى 180] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 181 الى 185] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 186 الى 200]
فهرس الجزء الثالث

الجزء الرابع

فهرست الجزء الرابع

الجزء الخامس

فهرس الجزء الخامس

الجزء السادس

فهرس الجزء السادس

الجزء السابع

فهرس الجزء السابع

الجزء الثامن

فهرس الجزء الثامن

الجزء التاسع

فهرس الجزء التاسع

الجزء العاشر

فهرس الجزء العاشر

الجزء الحادي عشر

1 - فهرس الآيات القرآنية الكريمة

سورة البقرة سورة آل عمران سورة النساء سورة المائدة سورة الأنعام سورة الأعراف سورة الأنفال سورة التوبة سورة يونس سورة هود سورة يوسف سورة الرعد سورة إبراهيم سورة الحجر سورة النحل سورة الإسراء سورة الكهف سورة مريم سورة طه سورة الأنبياء سورة الحج سورة المؤمنون سورة النور سورة الفرقان سورة الشعراء سورة النمل سورة القصص سورة العنكبوت سورة الروم سورة لقمان سورة السجدة سورة الأحزاب سورة سبأ سورة فاطر سورة يس سورة الصافات سورة ص سورة الزمر سورة غافر سورة فصلت سورة الشورى سورة الزخرف سورة الدخان سورة الجاثية سورة الأحقاف سورة محمد سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق سورة الذاريات سورة الطور سورة النجم سورة القمر سورة الرحمن سورة الواقعة سورة الحديد سورة المجادلة سورة الحشر سورة الممتحنة سورة الصف سورة الجمعة سورة المنافقون سورة التغابن سورة الطلاق سورة التحريم سورة الملك سورة القلم سورة الحاقة سورة المعارج سورة نوح سورة الجن سورة المزمل سورة المدثر سورة القيامة سورة الإنسان سورة المرسلات سورة النبأ سورة النازعات سورة عبس سورة التكوير سورة الانفطار سورة المطففين سورة الإنشقاق سورة البروج سورة الطارق سورة الأعلى سورة الغاشية سورة الفجر سورة البلد سورة الشمس سورة الليل سورة الضحى سورة الشرح سورة التين سورة العلق سورة البينة سورة الزلزلة سورة العاديات سورة القارعة سورة التكاثر سورة العصر سورة الهمزة سورة الفيل سورة قريش سورة الماعون سورة الكوثر سورة الكافرون سورة النصر سورة المسد سورة الإخلاص سورة الفلق سورة الناس
2 - فهرس الأحاديث و الآثار 3 - فهرس الشعوب و القبائل و الأديان 4 - فهرس الأماكن و البلاد

5 - فهرس الأبيات الشعرية

حروف الهمزة الهمزة المفتوحة الهمزة المضمومة الهمزة المكسورة حرف الباء الباء المفتوحة الباء المضمومة الباء المكسورة حرف التاء التاء المفتوحة التاء المضمومة التاء المكسورة حرف الثاء الثاء المفتوحة الثاء المكسورة حرف الجيم الجيم المفتوحة الجيم المضمومة الجيم المكسورة حرف الحاء الحاء المفتوحة الحاء المضمومة الحاء المكسورة الخاء المكسورة حرف الدال الدال المفتوحة الدال المضمومة الدال المكسورة حرف الراء الراء المفتوحة الراء المضمومة الراء المكسورة حرف الزاي الزاي المفتوحة حرف السين السين المفتوحة السين المضمومة السين المكسورة حرف الشين الشين المفتوحة الشين المكسورة حرف الصاد الصاد المفتوحة الصاد المضمومة الصاد المكسورة حرف الضاد الضاد المفتوحة الضاد المكسورة حرف الطاء الطاء المفتوحة حرف الظاء حرف العين العين المفتوحة العين المضمومة العين المكسورة الغين المكسورة حرف الفاء الفاء المفتوحة الفاء المضمومة الفاء المكسورة حرف القاف القاف المفتوحة القاف المضمومة القاف المكسورة حرف الكاف الكاف المفتوحة الكاف المضمومة الكاف المكسورة حرف اللام اللام المفتوحة اللام المضمومة اللام المكسورة حرف الميم الميم المفتوحة الميم المضمومة الميم المكسورة حرف النون النون المفتوحة النون المضمومة النون المكسورة حرف الهاء الهاء المفتوحة الهاء المكسورة الواو المفتوحة الواو المكسورة الياء المفتوحة الياء المكسورة حرف الألف
6 - فهرس أنصاف الأبيات 7 - فهرس الأمثال

البحر المحيط فى التفسير


صفحه قبل

البحر المحيط فى التفسير، ج‏9، ص: 501

لا بد من صنعا و إن طال السفر و في قوله: تَراهُمْ رُكَّعاً سُجَّداً دليل على كثرة ذلك منهم. و قرأ عمرو بن عبيد:

و رضوانا، بضم الراء. و قرى‏ء: سيمياهم، بزيادة ياء و المد، و هي لغة فصيحة كثيرة في الشعر، قال الشاعر:

غلام رماه اللّه بالحسن يافعا

له سيمياء لا تشق على البصر

و هذه السيما، قال مالك بن أنس: كانت جباههم منيرة من كثرة السجود في التراب.

و قال ابن عباس، و خالد الحنفي، و عطية: وعد لهم بأن يجعل لهم نورا يوم القيامة من أثر السجود. و قال ابن عباس أيضا: السمت: الحسن و خشوع يبدو على الوجه. و قال الحسن، و معمر بن عطية: بياض و صفرة و بهيج يعتري الوجه من السهر. و قال عطاء، و الربيع بن أنس: حسن يعترى وجوه المصلين. و قال منصور: سألت مجاهدا: هذه السيما هي الأثر يكون بين عيني الرجل؟ قال: لا، و قد تكون مثل ركبة البعير، و هي أقسى قلبا من الحجارة. و قال ابن جبير: ذلك مما يتعلق بجباههم من الأرض عند السجود. و قال الزمخشري: المراد بها السمة التي تحدث في جبهة السجاد من كثرة السجود. و قوله:

مِنْ أَثَرِ السُّجُودِ يفسرها: أي من التأثير الذي يؤثره السجود. و كان كل من العليين، علي بن الحسين زين العابدين، و علي بن عبد اللّه بن العباس أبي الملوك، يقال له ذو الثفنات، لأن كثرة سجودهما أحدثت في مواقعه منهما أشباه ثفنات البعير. انتهى. و قرأ ابن هرمز: إثر، بكسر الهمزة و سكون الثاء، و الجمهور بفتحهما. و قرأ قتادة: من آثار السجود، بالجمع.

ذلِكَ‏ : أي ذلك الوصف من كونهم أشداء رحماء مبتغين سيماهم في وجوههم صفتهم في التوراة. قال مجاهد و الفراء: هو مثل واحد، أي ذلك صفتهم في التوراة و الإنجيل، فيوقف على الإنجيل. و قال ابن عباس: هما مثلان، فيوقف على ذلك في التوراة؛ و كزرع: خبر مبتدأ محذوف، أي مثلهم كزرع، أو هم كزرع. و قال الضحاك:

المعنى ذلك الوصف هو مثلهم في التوراة و تم الكلام، ثم ابتدأ و مثلهم في الإنجيل كزرع، فعلى هذا يكون كزرع خبر و مثلهم. و قال قتادة: مثل أصحاب النبي صلى اللّه عليه و سلم في الإنجيل مكتوب أنه سيخرج من أمة محمد صلى اللّه عليه و سلم قوم ينبتون نباتا كالزرع، يأمرون بالمعروف و ينهون عن المنكر. و قال الزمخشري: و يجوز أن يكون ذلك إشارة مبهمة أوضحت بقوله:

البحر المحيط فى التفسير، ج‏9، ص: 502

كَزَرْعٍ أَخْرَجَ شَطْأَهُ‏ ، كقوله: وَ قَضَيْنا إِلَيْهِ ذلِكَ الْأَمْرَ أَنَّ دابِرَ هؤُلاءِ «1» . و قال ابن عطية:

و قوله: كزرع، هو على كلا الأقوال، و في أي كتاب أنزل، فرض مثل للنبي صلى اللّه عليه و سلم و أصحابه في أن النبي صلى اللّه عليه و سلم بعث وحده، فكان كالزرع حبة واحدة، ثم كثر المسلمون فهم كالشطء، و هو فراخ السنبلة التي تنبت حول الأصل. انتهى. و قال ابن زيد: شطأه: فراخه و أولاده.

و قال الزجاج: نباته. و قال قطرب: شتول السنبل يخرج من الحبة عشر سنبلات و تسع و ثمان، قاله الفراء. و قال الكسائي و الأخفش: طرفه، قال الشاعر:

أخرج الشطء على وجه الثرى‏

و من الأشجار أفنان الثمر

و قرأ الجمهور: شطأه، بإسكان الطاء و الهمزة؛ و ابن كثير، و ابن ذكوان: بفتحهما؛ و كذلك: و بالمدّ، أبو حيوة و ابن أبي عبلة و عيسى الكوفي؛ و بألف بدل الهمزة، زيد بن علي؛ فاحتمل أن يكون مقصورا، و أن يكون أصله الهمز، فنقل الحركة و أبدل الهمزة ألفا.

كما قالوا في المرأة و الكمأة: المراة و الكماة، و هو تخفيف مقيس عند الكوفيين، و هو عند البصريين شاذ لا يقاس عليه. و قرأ أبو جعفر: شطه، بحذف الهمزة و إلقاء حركتها على الطاء. و رويت عن شيبة، و نافع، و الجحدري، و عن الجحدري أيضا: شطوه بإسكان الطاء و واو بعدها. و قال أبو الفتح: هي لغة أو بدل من الهمزة، و لا يكون الشط إلا في البر و الشعير، و هذه كلها لغات. و قال صاحب اللوامح: شطأ الزرع و أشطأ، إذا أخرج فراخه، و هو في الحنطة و الشعير و غيرهما. و قرأ ابن ذكوان: فأزره ثلاثيا؛ و باقي السبعة: فآزره، على وزن أفعله. و قرى‏ء: فازّره، بتشديد الزاي. و قول مجاهد و غيره: آزره فاعله خطأ، لأنه لم يسمع في مضارعه إلا يؤزر، على وزن يكرم؛ و الضمير المنصوب في آزره عائد على الزرع، لأن الزرع أول ما يطلع رقيق الأصل، فإذا خرجت فراخه غلظ أصله و تقوى، و كذلك أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم كانوا أقلة ضعفاء، فلما كثروا و تقووا قاتلوا المشركين. و قال الحسن: آزره: قواه و شدّ أزره. و قال السدي: صار مثل الأصل في الطول. فَاسْتَغْلَظَ :

صار من الرقة إلى الغلظ. فَاسْتَوى‏ : أي تم نباته. عَلى‏ سُوقِهِ‏ : جمع ساق، كناية عن أصوله. و قرأ ابن كثير: على سؤقه بالهمز. قيل: و هي لغة ضعيفة يهمزون الواو الذي قبلها ضمة، و منه قول الشاعر:

أحب المؤقدين إليّ مؤسي‏

(1) سورة الحجر: 15/ 66.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏9، ص: 503

يُعْجِبُ الزُّرَّاعَ‏ : جملة في موضع الحال؛ و إذا أعجب الزراع، فهو أحرى أن يعجب غيرهم لأنه لا عيب فيه، إذ قد أعجب العارفين بعيوب الزرع، و لو كان معيبا لم يعجبهم، و هنا تم المثل. و لِيَغِيظَ : متعلق بمحذوف يدل عليه الكلام قبله تقديره:

جعلهم اللّه بهذه الصفة لِيَغِيظَ بِهِمُ الْكُفَّارَ . و قال الزمخشري: فإن قلت: ليغيظ بهم الكفار تعليل لما ذا؟ قلت: لما دل عليه تشبيههم بالزرع من نمائهم و ترقيهم في الزيادة و القوّة، و يجوز أن يعلل به. وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا : لأن الكفار إذا سمعوا بما أعدّ لهم في الآخرة مع ما يعزهم به في الدنيا غاظهم ذلك. و معنى: مِنْهُمْ‏ : للبيان، كقوله تعالى: فَاجْتَنِبُوا الرِّجْسَ مِنَ الْأَوْثانِ‏ «1» . و قال ابن عطية: و قوله منهم، لبيان الجنس و ليست للتبعيض، لأنه وعد مدح الجميع. و قال ابن جرير: منهم يعني: من الشطء الذي أخرجه الزرع، و هم الداخلون في الإسلام بعد الزرع إلى يوم القيامة، فأعاد الضمير على معنى الشطء لا على لفظه. و الأجر العظيم: الجنة. و ذكر عند مالك بن أنس رجل ينتقص الصحابة، فقرأ مالك هذه الآية و قال: من أصبح بين الناس في قلبه غيظ من أصحاب رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، فقد أصابته هذه الآية، و اللّه الموفق.

(1) سورة الحج: 22/ 30.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏9، ص: 504

سورة الحجرات‏

[سورة الحجرات (49): الآيات 1 الى 18]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ (1) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَ لا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمالُكُمْ وَ أَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ (2) إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْواتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى‏ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَ أَجْرٌ عَظِيمٌ (3) إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ (4)

وَ لَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ (5) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى‏ ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ (6) وَ اعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَ لكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَ زَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَ كَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَ الْفُسُوقَ وَ الْعِصْيانَ أُولئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ (7) فَضْلاً مِنَ اللَّهِ وَ نِعْمَةً وَ اللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ (8) وَ إِنْ طائِفَتانِ مِنَ الْمُؤْمِنِينَ اقْتَتَلُوا فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما فَإِنْ بَغَتْ إِحْداهُما عَلَى الْأُخْرى‏ فَقاتِلُوا الَّتِي تَبْغِي حَتَّى تَفِي‏ءَ إِلى‏ أَمْرِ اللَّهِ فَإِنْ فاءَتْ فَأَصْلِحُوا بَيْنَهُما بِالْعَدْلِ وَ أَقْسِطُوا إِنَّ اللَّهَ يُحِبُّ الْمُقْسِطِينَ (9)

إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ إِخْوَةٌ فَأَصْلِحُوا بَيْنَ أَخَوَيْكُمْ وَ اتَّقُوا اللَّهَ لَعَلَّكُمْ تُرْحَمُونَ (10) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا يَسْخَرْ قَوْمٌ مِنْ قَوْمٍ عَسى‏ أَنْ يَكُونُوا خَيْراً مِنْهُمْ وَ لا نِساءٌ مِنْ نِساءٍ عَسى‏ أَنْ يَكُنَّ خَيْراً مِنْهُنَّ وَ لا تَلْمِزُوا أَنْفُسَكُمْ وَ لا تَنابَزُوا بِالْأَلْقابِ بِئْسَ الاسْمُ الْفُسُوقُ بَعْدَ الْإِيمانِ وَ مَنْ لَمْ يَتُبْ فَأُولئِكَ هُمُ الظَّالِمُونَ (11) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا اجْتَنِبُوا كَثِيراً مِنَ الظَّنِّ إِنَّ بَعْضَ الظَّنِّ إِثْمٌ وَ لا تَجَسَّسُوا وَ لا يَغْتَبْ بَعْضُكُمْ بَعْضاً أَ يُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَنْ يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتاً فَكَرِهْتُمُوهُ وَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ تَوَّابٌ رَحِيمٌ (12) يا أَيُّهَا النَّاسُ إِنَّا خَلَقْناكُمْ مِنْ ذَكَرٍ وَ أُنْثى‏ وَ جَعَلْناكُمْ شُعُوباً وَ قَبائِلَ لِتَعارَفُوا إِنَّ أَكْرَمَكُمْ عِنْدَ اللَّهِ أَتْقاكُمْ إِنَّ اللَّهَ عَلِيمٌ خَبِيرٌ (13) قالَتِ الْأَعْرابُ آمَنَّا قُلْ لَمْ تُؤْمِنُوا وَ لكِنْ قُولُوا أَسْلَمْنا وَ لَمَّا يَدْخُلِ الْإِيمانُ فِي قُلُوبِكُمْ وَ إِنْ تُطِيعُوا اللَّهَ وَ رَسُولَهُ لا يَلِتْكُمْ مِنْ أَعْمالِكُمْ شَيْئاً إِنَّ اللَّهَ غَفُورٌ رَحِيمٌ (14)

إِنَّمَا الْمُؤْمِنُونَ الَّذِينَ آمَنُوا بِاللَّهِ وَ رَسُولِهِ ثُمَّ لَمْ يَرْتابُوا وَ جاهَدُوا بِأَمْوالِهِمْ وَ أَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ أُولئِكَ هُمُ الصَّادِقُونَ (15) قُلْ أَ تُعَلِّمُونَ اللَّهَ بِدِينِكُمْ وَ اللَّهُ يَعْلَمُ ما فِي السَّماواتِ وَ ما فِي الْأَرْضِ وَ اللَّهُ بِكُلِّ شَيْ‏ءٍ عَلِيمٌ (16) يَمُنُّونَ عَلَيْكَ أَنْ أَسْلَمُوا قُلْ لا تَمُنُّوا عَلَيَّ إِسْلامَكُمْ بَلِ اللَّهُ يَمُنُّ عَلَيْكُمْ أَنْ هَداكُمْ لِلْإِيمانِ إِنْ كُنْتُمْ صادِقِينَ (17) إِنَّ اللَّهَ يَعْلَمُ غَيْبَ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ اللَّهُ بَصِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (18)

البحر المحيط فى التفسير، ج‏9، ص: 505

التنابز بالألقاب: التداعي بها، تفاعل من نبزه، و بنو فلان يتنابزون و يتنازبون، و يقال: النبز و النزب لقب السوء. اللقب: هو ما يدعى به الشخص من لفظ غير اسمه و غير كنيته، و هو قسمان: قبيح، و هو ما يكرهه الشخص لكونه تقصيرا به و ذما؛ و حسن، و هو بخلاف ذلك، كالصديق لأبي بكر، و الفاروق لعمر، و أسد اللّه لحمزة، رضي اللّه تعالى عنهم. تجسس الأمر: تطلبه و بحث عن خفيه، تفعل من الجس، و منه الجاسوس: و هو الباحث عن العورات ليعلم بها؛ و يقال لمشاعر الإنسان: الحواس، بالحاء و الجيم.

الشعب: الطبقة الأولى من الطبقات الست التي عليها العرب و هي: الشعب، و القبيلة، و العمارة، و البطن، و الفخذ، و الفصيلة. فالشعب يجمع القبائل؛ و القبيلة تجمع العمائر؛ و العمارة تجمع البطون؛ و البطن يجمع الأفخاذ؛ و الفخذ يجمع الفصائل. خزيمة شعب؛

البحر المحيط فى التفسير، ج‏9، ص: 506

و كنانة قبيلة؛ و قريش عمارة؛ و قصي بطن؛ و هاشم فخذ؛ و العباس فصيلة. و سميت الشعوب، لأن القبائل تشعبت منها. و روي عن ابن عباس: الشعوب: البطون، هذا غير ما تمالأ عليه أهل اللغة، و يأتي خلاف في ذلك عند قوله: وَ جَعَلْناكُمْ شُعُوباً . القبيلة دون الشعب، شبهت بقبائل الرأس لأنها قطع تقابلت. ألت يألت: بضم اللام و كسرها ألتا، و لات يليت و ألات يليت، رباعيا، ثلاث لغات حكاها أبو عبيدة، و المعنى نقص. و قال رؤبة:

و ليلة ذات ندى سريت‏

و لم يلتني عن سراها ليت‏

أي: لم يمنعني و لم يحبسني. و قال الحطيئة:

أبلغ سراة بني سعد مغلظة

جهد الرسالة لا ألتا و لا كذبا

يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ وَ اتَّقُوا اللَّهَ إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ عَلِيمٌ، يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ فَوْقَ صَوْتِ النَّبِيِّ وَ لا تَجْهَرُوا لَهُ بِالْقَوْلِ كَجَهْرِ بَعْضِكُمْ لِبَعْضٍ أَنْ تَحْبَطَ أَعْمالُكُمْ وَ أَنْتُمْ لا تَشْعُرُونَ، إِنَّ الَّذِينَ يَغُضُّونَ أَصْواتَهُمْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ أُولئِكَ الَّذِينَ امْتَحَنَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ لِلتَّقْوى‏ لَهُمْ مَغْفِرَةٌ وَ أَجْرٌ عَظِيمٌ، إِنَّ الَّذِينَ يُنادُونَكَ مِنْ وَراءِ الْحُجُراتِ أَكْثَرُهُمْ لا يَعْقِلُونَ، وَ لَوْ أَنَّهُمْ صَبَرُوا حَتَّى تَخْرُجَ إِلَيْهِمْ لَكانَ خَيْراً لَهُمْ وَ اللَّهُ غَفُورٌ رَحِيمٌ، يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا إِنْ جاءَكُمْ فاسِقٌ بِنَبَإٍ فَتَبَيَّنُوا أَنْ تُصِيبُوا قَوْماً بِجَهالَةٍ فَتُصْبِحُوا عَلى‏ ما فَعَلْتُمْ نادِمِينَ، وَ اعْلَمُوا أَنَّ فِيكُمْ رَسُولَ اللَّهِ لَوْ يُطِيعُكُمْ فِي كَثِيرٍ مِنَ الْأَمْرِ لَعَنِتُّمْ وَ لكِنَّ اللَّهَ حَبَّبَ إِلَيْكُمُ الْإِيمانَ وَ زَيَّنَهُ فِي قُلُوبِكُمْ وَ كَرَّهَ إِلَيْكُمُ الْكُفْرَ وَ الْفُسُوقَ وَ الْعِصْيانَ أُولئِكَ هُمُ الرَّاشِدُونَ، فَضْلًا مِنَ اللَّهِ وَ نِعْمَةً وَ اللَّهُ عَلِيمٌ حَكِيمٌ‏ .

هذه السورة مدنية. و مناسبتها لآخر ما قبلها ظاهرة، لأنه ذكر رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم و أصحابه، ثم قال: وَعَدَ اللَّهُ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ‏ «1» ، فربما صدر من المؤمن عامل الصالحات بعض شي‏ء مما ينبغي أن ينهى عنه، فقال تعالى: يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُقَدِّمُوا بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ وَ رَسُولِهِ‏ .

و كانت عادة العرب، و هي إلى الآن الاشتراك في الآراء، و أن يتكلم كل بما شاء و يفعل ما أحب، فجرى من بعض من لم يتمرن على آداب الشريعة بعض ذلك. قال قتادة:

فربما قال قوم: ينبغي أن يكون كذا لو أنزل في كذا. و قال الحسن: ذبح قوم ضحايا قبل‏

(1) سورة الفتح: 48/ 29.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏9، ص: 507

النبي صلى اللّه عليه و سلم، و فعل قوم في بعض غزواته شيئا بآرائهم، فنزلت هذه الآية ناهية عن جميع ذلك. فقال ابن عباس: نهوا أن يتكلموا بين يدي كلامه. و تقول العرب: تقدمت في كذا و كذا، و قدمت إذ قلت فيه.

و قرأ الجمهور: لا تقدموا، فاحتمل أن يكون متعديا، و حذف مفعوله ليتناول كل ما يقع في النفس مما تقدم، فلم يقصد لشي‏ء معين، بل النهي متعلق بنفس الفعل دون تعرض لمفعول معين، كقولهم: فلان يعطي و يمنع. و احتمل أن يكون لازما بمعنى تقدم، كما تقول: وجه بمعنى توجه، و يكون المحذوف مما يوصل إليه بحرف، أي لا تتقدّموا في شي‏ء ما من الأشياء، أو بما يحبون. و يعضد هذا الوجه قراءة ابن عباس و أبي حيوة و الضحاك و يعقوب و ابن مقسم. لا تقدموا، بفتح التاء و القاف و الدال على اللزوم، و حذفت التاء تخفيفا، إذ أصله لا تتقدموا. و قرأ بعض المكيين: تقدموا بشد التاء، أدغم تاء المضارعة في التاء بعدها، كقراءة البزي. و قرى‏ء: لا تقدموا، مضارع قدم، بكسر الدال، من القدوم، أي لا تقدموا إلى أمر من أمور الدين قبل قدومها، و لا تعجلوا عليها، و المكان المسامت وجه الرجل قريبا منه. قيل: فيه بين يدي المجلوس إليه توسعا، لما جاور الجهتين من اليمين و اليسار، و هي في قوله: بَيْنَ يَدَيِ اللَّهِ‏ ، مجاز من مجاز التمثيل.

و فائدة تصوير الهجنة و الشناعة فيها؛ نهوا عنه من الإقدام على أمر دون الاهتداء على أمثلة الكتاب و السنة؛ و المعنى: لا تقطعوا أمرا إلا بعد ما يحكمان به و يأذنان فيه، فتكونوا عاملين بالوحي المنزل، أو مقتدين برسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، و هذا، و على هذا مدار تفسير ابن عباس. و قال مجاهد: لا تفتاتوا على اللّه شيئا حتى يقصه اللّه على لسان رسوله صلى اللّه عليه و سلم، و في هذا النهي توطئة لما يأتي بعد من نهيهم عن رفع أصواتهم. و لما نهى أمر بالتقوى، لأن من التقوى اجتناب المنهي عنه. إِنَّ اللَّهَ سَمِيعٌ‏ لأقوالكم، عَلِيمٌ‏ بنياتكم و أفعالكم.

ثم ناداهم ثانيا، تحريكا لما يلقيه إليهم، و استبعادا لما يتجدد من الأحكام، و تطرية للإنصات. و نزلت بسبب عادة الأعراب من الجفاء و علو الصوت. لا تَرْفَعُوا أَصْواتَكُمْ‏ :

صفحه بعد