کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

البحر المحيط فى التفسير

الجزء الأول

خطبة الكتاب

سورة البقرة 2

[سورة البقرة(2): الآيات 1 الى 5] [سورة البقرة(2): الآيات 6 الى 7] [سورة البقرة(2): الآيات 8 الى 10] [سورة البقرة(2): الآيات 11 الى 16] [سورة البقرة(2): الآيات 17 الى 18] [سورة البقرة(2): آية 19] [سورة البقرة(2): آية 20] [سورة البقرة(2): الآيات 21 الى 22] [سورة البقرة(2): الآيات 23 الى 24] [سورة البقرة(2): آية 25] [سورة البقرة(2): الآيات 26 الى 29] [سورة البقرة(2): الآيات 30 الى 33] [سورة البقرة(2): آية 34] [سورة البقرة(2): آية 35] [سورة البقرة(2): الآيات 36 الى 39] [سورة البقرة(2): الآيات 40 الى 43] [سورة البقرة(2): الآيات 44 الى 46] [سورة البقرة(2): الآيات 47 الى 49] [سورة البقرة(2): الآيات 50 الى 53] [سورة البقرة(2): الآيات 54 الى 57] [سورة البقرة(2): الآيات 58 الى 61] [سورة البقرة(2): الآيات 62 الى 66] [سورة البقرة(2): الآيات 67 الى 74] [سورة البقرة(2): الآيات 75 الى 82] [سورة البقرة(2): الآيات 83 الى 86] [سورة البقرة(2): الآيات 87 الى 96] [سورة البقرة(2): الآيات 97 الى 103] [سورة البقرة(2): الآيات 104 الى 113] [سورة البقرة(2): الآيات 114 الى 123] [سورة البقرة(2): الآيات 124 الى 131] [سورة البقرة(2): الآيات 132 الى 141]
فهرست الجزء الأول من تفسير البحر المحيط

الجزء الثالث

سورة ال عمران

[سورة آل‏عمران(3): الآيات 1 الى 11] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 12 الى 14] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 15 الى 18] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 19 الى 22] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 23 الى 32] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 33 الى 41] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 42 الى 51] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 52 الى 61] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 62 الى 68] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 69 الى 71] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 72 الى 74] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 75 الى 79] [سورة آل‏عمران(3): آية 80] [سورة آل‏عمران(3): آية 81] [سورة آل‏عمران(3): آية 82] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 83 الى 91] [سورة آل‏عمران(3): آية 92] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 93 الى 101] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 102 الى 112] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 113 الى 120] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 121 الى 127] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 128 الى 132] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 133 الى 141] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 142 الى 152] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 153 الى 163] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 164 الى 170] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 171 الى 180] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 181 الى 185] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 186 الى 200]
فهرس الجزء الثالث

الجزء الرابع

فهرست الجزء الرابع

الجزء الخامس

فهرس الجزء الخامس

الجزء السادس

فهرس الجزء السادس

الجزء السابع

فهرس الجزء السابع

الجزء الثامن

فهرس الجزء الثامن

الجزء التاسع

فهرس الجزء التاسع

الجزء العاشر

فهرس الجزء العاشر

الجزء الحادي عشر

1 - فهرس الآيات القرآنية الكريمة

سورة البقرة سورة آل عمران سورة النساء سورة المائدة سورة الأنعام سورة الأعراف سورة الأنفال سورة التوبة سورة يونس سورة هود سورة يوسف سورة الرعد سورة إبراهيم سورة الحجر سورة النحل سورة الإسراء سورة الكهف سورة مريم سورة طه سورة الأنبياء سورة الحج سورة المؤمنون سورة النور سورة الفرقان سورة الشعراء سورة النمل سورة القصص سورة العنكبوت سورة الروم سورة لقمان سورة السجدة سورة الأحزاب سورة سبأ سورة فاطر سورة يس سورة الصافات سورة ص سورة الزمر سورة غافر سورة فصلت سورة الشورى سورة الزخرف سورة الدخان سورة الجاثية سورة الأحقاف سورة محمد سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق سورة الذاريات سورة الطور سورة النجم سورة القمر سورة الرحمن سورة الواقعة سورة الحديد سورة المجادلة سورة الحشر سورة الممتحنة سورة الصف سورة الجمعة سورة المنافقون سورة التغابن سورة الطلاق سورة التحريم سورة الملك سورة القلم سورة الحاقة سورة المعارج سورة نوح سورة الجن سورة المزمل سورة المدثر سورة القيامة سورة الإنسان سورة المرسلات سورة النبأ سورة النازعات سورة عبس سورة التكوير سورة الانفطار سورة المطففين سورة الإنشقاق سورة البروج سورة الطارق سورة الأعلى سورة الغاشية سورة الفجر سورة البلد سورة الشمس سورة الليل سورة الضحى سورة الشرح سورة التين سورة العلق سورة البينة سورة الزلزلة سورة العاديات سورة القارعة سورة التكاثر سورة العصر سورة الهمزة سورة الفيل سورة قريش سورة الماعون سورة الكوثر سورة الكافرون سورة النصر سورة المسد سورة الإخلاص سورة الفلق سورة الناس
2 - فهرس الأحاديث و الآثار 3 - فهرس الشعوب و القبائل و الأديان 4 - فهرس الأماكن و البلاد

5 - فهرس الأبيات الشعرية

حروف الهمزة الهمزة المفتوحة الهمزة المضمومة الهمزة المكسورة حرف الباء الباء المفتوحة الباء المضمومة الباء المكسورة حرف التاء التاء المفتوحة التاء المضمومة التاء المكسورة حرف الثاء الثاء المفتوحة الثاء المكسورة حرف الجيم الجيم المفتوحة الجيم المضمومة الجيم المكسورة حرف الحاء الحاء المفتوحة الحاء المضمومة الحاء المكسورة الخاء المكسورة حرف الدال الدال المفتوحة الدال المضمومة الدال المكسورة حرف الراء الراء المفتوحة الراء المضمومة الراء المكسورة حرف الزاي الزاي المفتوحة حرف السين السين المفتوحة السين المضمومة السين المكسورة حرف الشين الشين المفتوحة الشين المكسورة حرف الصاد الصاد المفتوحة الصاد المضمومة الصاد المكسورة حرف الضاد الضاد المفتوحة الضاد المكسورة حرف الطاء الطاء المفتوحة حرف الظاء حرف العين العين المفتوحة العين المضمومة العين المكسورة الغين المكسورة حرف الفاء الفاء المفتوحة الفاء المضمومة الفاء المكسورة حرف القاف القاف المفتوحة القاف المضمومة القاف المكسورة حرف الكاف الكاف المفتوحة الكاف المضمومة الكاف المكسورة حرف اللام اللام المفتوحة اللام المضمومة اللام المكسورة حرف الميم الميم المفتوحة الميم المضمومة الميم المكسورة حرف النون النون المفتوحة النون المضمومة النون المكسورة حرف الهاء الهاء المفتوحة الهاء المكسورة الواو المفتوحة الواو المكسورة الياء المفتوحة الياء المكسورة حرف الألف
6 - فهرس أنصاف الأبيات 7 - فهرس الأمثال

البحر المحيط فى التفسير


صفحه قبل

البحر المحيط فى التفسير، ج‏10، ص: 27

سام بن نوح؛ و عاد الثانية: من ولد عاد الأولى. و قرأ الجمهور: عاداً الْأُولى‏ ، بتنوين عادا و كسره لالتقائه ساكنا مع سكون لام الأولى و تحقيق الهمزة بعد اللام. و قرأ قوم كذلك، غير أنهم نقلوا حركة الهمزة إلى اللام و حذفوا الهمزة. و قرأ نافع و أبو عمرو: بإدغام التنوين في اللام المنقول إليها حركة الهمزة المحذوفة، و عاد هذه القراءة للمازني و المبرد. و قالت العرب في الابتداء بعد النقل: الحمر و لحمر، فهذه القراءة جاءت على الحمر، فلا عيب فيها، و همز قالون عين الأولى بدل الواو الساكنة. و لما لم يكن بين الضمة و الواو حائل، تخيل أن الضمة على الواو فهمزها، كما قال:

أحب المؤقدين إليّ مؤسى و كما قرأ بعضهم: على سؤقه، و هو توجيه شذوذ، و في حرف أبي عاد غير مصروف جعله اسم قبيلة، فمنعه الصرف للتأنيث و العملية، و الدليل على التأنيث وصفه بالأولى.

و قرأ الجمهور: و ثمودا مصروفا، و قرأه غير مصروف: الحسن و عاصم و عصمة. فَما أَبْقى‏ : الظاهر أن متعلق أبقى يرجع إلى عاد و ثمود معا، أي فما أبقى عليهم، أي أخذهم بذنوبهم. و قيل: فَما أَبْقى‏ : أي فما أبقى منهم عينا تطرف. و قال ذلك الحجاج بن يوسف حين قيل له إن ثقيفا من نسل ثمود، فقال: قال اللّه تعالى: وَ ثَمُودَ فَما أَبْقى‏ ، و هؤلاء يقولون: بقيت منهم بقية، و الظاهر القول الأول، لأن ثمود كان قد آمن منهم جماعة بصالح عليه السلام، فما أهلكهم اللّه مع الذين كفروا به.

وَ قَوْمَ نُوحٍ مِنْ قَبْلُ‏ : أي من قبل عاد و ثمود، و كانوا أول أمة كذبت من أهل الأرض، و نوح عليه السلام أول الرسل. و الظاهر أن الضمير في‏ إِنَّهُمْ‏ عائد على قوم نوح، و جعلهم‏ أَظْلَمَ وَ أَطْغى‏ لأنهم كانوا في غاية العتو و الإيذاء لنوح عليه السلام، يضربونه حتى لا يكاد يتحرك، و لا يتأثرون لشي‏ء مما يدعوهم إليه. و

قال قتادة: دعاهم ألف سنة إلا خمسين عاما، كلما هلك قرن نشأ قرن، حتى كان الرجل يأخذ بيد ابنه يتمشى به إليه، يحذره منه و يقول: يا بني إن أبي مشى بي إلى هذا و لنا مثلك يومئذ، فإياك أن تصدقه، فيموت الكبير على الكفر، و ينشأ الصغير على وصية أبيه.

و قيل: الضمير في إنهم عائد على من تقدم عاد و ثمود و قوم نوح، أي كانوا أكفر من قريش و أطغى، ففي ذلك تسلية لرسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم. و هم يجوز أن يكون تأكيدا للضمير المنصوب، و يجوز أن يكون فصلا، لأنه واقع بين معرفة و أفعل التفضيل، و حذف المفضول بعد الواقع خبرا لكان، لأنه جار مجرى خبر المبتدأ، و حذفه فصيح فيه، فكذلك في خبر كان.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏10، ص: 28

وَ الْمُؤْتَفِكَةَ : هي مدائن قوم لوط بإجماع من المفسرين، و سميت بذلك لأنها انقلبت، و منه الإفك، لأنه قلب الحق كذبا، أفكه فأئتفك. قيل: و يحتمل أن يراد بالمؤتفكة: كل ما انقلبت مساكنه و دبرت أماكنه. أَهْوى‏ : أي خسف بهم بعد رفعهم إلى السماء، رفعها جبريل عليه السلام، ثم أهوى بها إلى الأرض. و قال المبرد: جعلها تهوي. و قرأ الحسن: و المؤتفكات جمعا، و الظاهر أن أهوى ناصب للمؤتفكة، و أخر العامل لكونه فاصلة. و يجوز أن يكون‏ وَ الْمُؤْتَفِكَةَ معطوفا على ما قبله، و أَهْوى‏ جملة في موضع الحال يوضح كيفية إهلاكهم، أي و إهلاك المؤتفكة مهويا لها. فَغَشَّاها ما غَشَّى‏ : فيه تهويل للعذاب الذي حل بهم، لما قلبها جبريل عليه السلام اتبعت حجارة غشيتهم. و احتمل أن يكون فعل المشدد بمعنى المجرد، فيتعدى إلى واحد، فيكون الفاعل ما، كقوله تعالى: فَغَشِيَهُمْ مِنَ الْيَمِّ ما غَشِيَهُمْ‏ «1» .

فَبِأَيِّ آلاءِ رَبِّكَ تَتَمارى‏ : الباء ظرفية، و الخطاب للسامع، و تتمارى: تتشكك، و هو استفهام في معنى الإنكار، أي آلاؤه، و هي النعم لا يتشكك فيها سامع، و قد سبق ذكر نعم و نقم، و أطلق عليها كلها آلاء لما في النقم من الزجر و الوعظ لمن اعتبر. و قرأ يعقوب و ابن محيصن: ربك تمارى، بتاء واحدة مشددة. و قال أبو مالك الغفاري: إن قوله: أَلَّا تَزِرُ إلى قوله: تَتَمارى‏ هو في صحف إبراهيم و موسى عليهما الصلاة و السلام.

هذا نَذِيرٌ ،

قال قتادة و محمد بن كعب و أبو جعفر: الإشارة إلى رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، افتتح أول السورة به، و اختتم آخرها به.

و قيل: الإشارة إلى القرآن. و قال أبو مالك: إلى ما سلف من الأخبار عن الأمم، أي هذا إنذار من الإنذارات السابقة، و النذير يكون مصدرا أو اسم فاعل، و كلاهما من أنذر، و لا يتقاسان، بل القياس في المصدر إنذار، و في اسم الفاعل منذر؛ و النذر إما جمع للمصدر، أو جمع لاسم الفاعل. فإن كان اسم فاعل، فوصف النذر بالأولى على معنى الجماعة.

و لما ذكر إهلاك من تقدّم ذكره، و ذكر قوله: هذا نَذِيرٌ ، ذكر أن الذي أنذر به قريب الوقوع فقال: أَزِفَتِ الْآزِفَةُ : أي قربت الموصوفة بالقرب في قوله: اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ «2» ، و هي القيامة. لَيْسَ لَها مِنْ دُونِ اللَّهِ كاشِفَةٌ : أي نفس كاشفة تكشف وقتها و تعلمه، قاله الطبري و الزجاج. و قال القاضي منذر بن سعيد: هو من كشف الضر و دفعه، أي ليس لها من يكشف خطبها و هو لها. انتهى. و يجوز أن تكون الهاء في كاشفة للمبالغة.

(1) سورة طه: 20/ 78.

(2) سورة القمر: 54/ 1.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏10، ص: 29

و قال الرماني و جماعة: و يحتمل أن يكون مصدرا، كالعاقبة، و خائِنَةَ الْأَعْيُنِ‏ ، أي ليس لها كشف من دون اللّه. و قيل: يحتمل أن يكون التقدير حال كاشفة. أَ فَمِنْ هذَا الْحَدِيثِ‏ . و هو القرآن، تَعْجَبُونَ‏ فتنكرون، وَ تَضْحَكُونَ‏ مستهزئين، وَ لا تَبْكُونَ‏ جزعا من وعيده. وَ أَنْتُمْ سامِدُونَ‏ ، قال مجاهد: معرضون. و قال عكرمة:

لاهون. و قال قتادة: غافلون. و قال السدّي: مستكبرون. و قال ابن عباس: ساهون. و قال المبرد: جامدون، و كانوا إذا سمعوا القرآن غنوا تشاغلا عنه. و

روي‏ أنه عليه الصلاة و السلام لم ير ضاحكا بعد نزولها.

فاسجدوا: أي صلوا له، وَ اعْبُدُوا : أي أفردوه بالعبادة، و لا تعبدوا اللات و العزى و مناة و الشعرى و غيرها من الأصنام. و

خرّج البغوي بإسناد متصل إلى عبد اللّه، قال: أول سورة نزلت فيها السجدة النجم، فسجد رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، و سجد من خلفه إلا رجلا رأيته أخذ كفا من تراب فسجد عليه، فرأيته بعد ذلك قتل كافرا، و الرجل أمية بن خلف.

و

روي‏ أن المشركين سجدوا مع رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم.

و في حرف أبي و عبد اللّه: تضحكون بغير واو.

و قرأ الحسن: تعجبون تضحكون، بغير واو و بضم التاء و كسر الجيم و الحاء. و في قوله:

وَ لا تَبْكُونَ‏ ، حض على البكاء عند سماع القرآن. و السجود هنا عند كثير من أهل العلم، منهم عمر بن الخطاب رضي اللّه تعالى عنه، و وردت به أحاديث صحاح، و ليس يراها مالك هنا. و

عن زيد بن ثابت: أنه قرأ بها عند رسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم، فلم يسجد

، و اللّه تعالى أعلم.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏10، ص: 30

سورة القمر

[سورة القمر (54): الآيات 1 الى 55]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَ انْشَقَّ الْقَمَرُ (1) وَ إِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَ يَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ (2) وَ كَذَّبُوا وَ اتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ وَ كُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ (3) وَ لَقَدْ جاءَهُمْ مِنَ الْأَنْباءِ ما فِيهِ مُزْدَجَرٌ (4)

حِكْمَةٌ بالِغَةٌ فَما تُغْنِ النُّذُرُ (5) فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلى‏ شَيْ‏ءٍ نُكُرٍ (6) خُشَّعاً أَبْصارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ كَأَنَّهُمْ جَرادٌ مُنْتَشِرٌ (7) مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكافِرُونَ هذا يَوْمٌ عَسِرٌ (8) كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنا وَ قالُوا مَجْنُونٌ وَ ازْدُجِرَ (9)

فَدَعا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ (10) فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ (11) وَ فَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْماءُ عَلى‏ أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ (12) وَ حَمَلْناهُ عَلى‏ ذاتِ أَلْواحٍ وَ دُسُرٍ (13) تَجْرِي بِأَعْيُنِنا جَزاءً لِمَنْ كانَ كُفِرَ (14)

وَ لَقَدْ تَرَكْناها آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (15) فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَ نُذُرِ (16) وَ لَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (17) كَذَّبَتْ عادٌ فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَ نُذُرِ (18) إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ رِيحاً صَرْصَراً فِي يَوْمِ نَحْسٍ مُسْتَمِرٍّ (19)

تَنْزِعُ النَّاسَ كَأَنَّهُمْ أَعْجازُ نَخْلٍ مُنْقَعِرٍ (20) فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَ نُذُرِ (21) وَ لَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (22) كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِالنُّذُرِ (23) فَقالُوا أَ بَشَراً مِنَّا واحِداً نَتَّبِعُهُ إِنَّا إِذاً لَفِي ضَلالٍ وَ سُعُرٍ (24)

أَ أُلْقِيَ الذِّكْرُ عَلَيْهِ مِنْ بَيْنِنا بَلْ هُوَ كَذَّابٌ أَشِرٌ (25) سَيَعْلَمُونَ غَداً مَنِ الْكَذَّابُ الْأَشِرُ (26) إِنَّا مُرْسِلُوا النَّاقَةِ فِتْنَةً لَهُمْ فَارْتَقِبْهُمْ وَ اصْطَبِرْ (27) وَ نَبِّئْهُمْ أَنَّ الْماءَ قِسْمَةٌ بَيْنَهُمْ كُلُّ شِرْبٍ مُحْتَضَرٌ (28) فَنادَوْا صاحِبَهُمْ فَتَعاطى‏ فَعَقَرَ (29)

فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَ نُذُرِ (30) إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ صَيْحَةً واحِدَةً فَكانُوا كَهَشِيمِ الْمُحْتَظِرِ (31) وَ لَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (32) كَذَّبَتْ قَوْمُ لُوطٍ بِالنُّذُرِ (33) إِنَّا أَرْسَلْنا عَلَيْهِمْ حاصِباً إِلاَّ آلَ لُوطٍ نَجَّيْناهُمْ بِسَحَرٍ (34)

نِعْمَةً مِنْ عِنْدِنا كَذلِكَ نَجْزِي مَنْ شَكَرَ (35) وَ لَقَدْ أَنْذَرَهُمْ بَطْشَتَنا فَتَمارَوْا بِالنُّذُرِ (36) وَ لَقَدْ راوَدُوهُ عَنْ ضَيْفِهِ فَطَمَسْنا أَعْيُنَهُمْ فَذُوقُوا عَذابِي وَ نُذُرِ (37) وَ لَقَدْ صَبَّحَهُمْ بُكْرَةً عَذابٌ مُسْتَقِرٌّ (38) فَذُوقُوا عَذابِي وَ نُذُرِ (39)

وَ لَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (40) وَ لَقَدْ جاءَ آلَ فِرْعَوْنَ النُّذُرُ (41) كَذَّبُوا بِآياتِنا كُلِّها فَأَخَذْناهُمْ أَخْذَ عَزِيزٍ مُقْتَدِرٍ (42) أَ كُفَّارُكُمْ خَيْرٌ مِنْ أُولئِكُمْ أَمْ لَكُمْ بَراءَةٌ فِي الزُّبُرِ (43) أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ جَمِيعٌ مُنْتَصِرٌ (44)

سَيُهْزَمُ الْجَمْعُ وَ يُوَلُّونَ الدُّبُرَ (45) بَلِ السَّاعَةُ مَوْعِدُهُمْ وَ السَّاعَةُ أَدْهى‏ وَ أَمَرُّ (46) إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَ سُعُرٍ (47) يَوْمَ يُسْحَبُونَ فِي النَّارِ عَلى‏ وُجُوهِهِمْ ذُوقُوا مَسَّ سَقَرَ (48) إِنَّا كُلَّ شَيْ‏ءٍ خَلَقْناهُ بِقَدَرٍ (49)

وَ ما أَمْرُنا إِلاَّ واحِدَةٌ كَلَمْحٍ بِالْبَصَرِ (50) وَ لَقَدْ أَهْلَكْنا أَشْياعَكُمْ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ (51) وَ كُلُّ شَيْ‏ءٍ فَعَلُوهُ فِي الزُّبُرِ (52) وَ كُلُّ صَغِيرٍ وَ كَبِيرٍ مُسْتَطَرٌ (53) إِنَّ الْمُتَّقِينَ فِي جَنَّاتٍ وَ نَهَرٍ (54)

فِي مَقْعَدِ صِدْقٍ عِنْدَ مَلِيكٍ مُقْتَدِرٍ (55)

البحر المحيط فى التفسير، ج‏10، ص: 31

الجدث: القبر، و تبدل ثاؤه فاء فيقال: جدف، كما أبدلوا في ثم فقالوا: فم. انهمر الماء: نزل بقوة غزيرا، قال الشاعر:

راح تمريه الصبا ثم تنحى‏

فيه شؤبوب جنوب منهمر

الدسر: المسامير التي تشدّ بها السفينة، واحدها دسار، نحو كتاب و كتب. و يقال:

دسرت السفينة، إذا شددتها بالمسامير. و قال الليث و صاحب الصحاح: الدسر: خيوط تشدّ

البحر المحيط فى التفسير، ج‏10، ص: 32

بها ألواح السفينة. الصرصر: الشديدة الصوت، أو البرد، إما من صرير الباب، و هو تصويته، أو من الصر الذي هو البرد، و هو بناء متأصل على وزن فعلل عند الجمهور.

العجز: مؤخر الشي‏ء. المنقعر: المنقلع: من أصله، قعرت الشجرة قعرا: قلعتها من أصلها فانقعرت، و البئر: نزلت حتى انتهيت إلى قعرها، و الإناء: شربت ما فيه حتى انتهيت إلى قعره، و أقعرته البئر: جعلت لها قعرا. الأشر: البطر. و قرأ: أشر بالكسر يأشر أشرا، فهو أشر و آشر و أشران، و قوم أشارى، مثل: سكران و سكارى. سقر: علم لجهنم مشتق من سقرته النار بالسين، و صقرته بالصاد إذا لوّحته. قال ذو الرمّة:

إذا دابت الشمس اتقى صقراتها

بأفنان مربوع الصريمة معيل‏

و امتنعت سقر من الصرف للعلمية، و التأنيث تنزلت حركة وسطه تنزل الحرف الرابع في زينب.

اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ وَ انْشَقَّ الْقَمَرُ، وَ إِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَ يَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ، وَ كَذَّبُوا وَ اتَّبَعُوا أَهْواءَهُمْ وَ كُلُّ أَمْرٍ مُسْتَقِرٌّ، وَ لَقَدْ جاءَهُمْ مِنَ الْأَنْباءِ ما فِيهِ مُزْدَجَرٌ، حِكْمَةٌ بالِغَةٌ فَما تُغْنِ النُّذُرُ، فَتَوَلَّ عَنْهُمْ يَوْمَ يَدْعُ الدَّاعِ إِلى‏ شَيْ‏ءٍ نُكُرٍ، خُشَّعاً أَبْصارُهُمْ يَخْرُجُونَ مِنَ الْأَجْداثِ كَأَنَّهُمْ جَرادٌ مُنْتَشِرٌ، مُهْطِعِينَ إِلَى الدَّاعِ يَقُولُ الْكافِرُونَ هذا يَوْمٌ عَسِرٌ، كَذَّبَتْ قَبْلَهُمْ قَوْمُ نُوحٍ فَكَذَّبُوا عَبْدَنا وَ قالُوا مَجْنُونٌ وَ ازْدُجِرَ، فَدَعا رَبَّهُ أَنِّي مَغْلُوبٌ فَانْتَصِرْ، فَفَتَحْنا أَبْوابَ السَّماءِ بِماءٍ مُنْهَمِرٍ، وَ فَجَّرْنَا الْأَرْضَ عُيُوناً فَالْتَقَى الْماءُ عَلى‏ أَمْرٍ قَدْ قُدِرَ، وَ حَمَلْناهُ عَلى‏ ذاتِ أَلْواحٍ وَ دُسُرٍ، تَجْرِي بِأَعْيُنِنا جَزاءً لِمَنْ كانَ كُفِرَ، وَ لَقَدْ تَرَكْناها آيَةً فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ، فَكَيْفَ كانَ عَذابِي وَ نُذُرِ، وَ لَقَدْ يَسَّرْنَا الْقُرْآنَ لِلذِّكْرِ فَهَلْ مِنْ مُدَّكِرٍ .

هذه السورة مكية في قول الجمهور. و قيل: هي مما نزل يوم بدر. و قال مقاتل: مكية إلا ثلاث آيات، أولها: أَمْ يَقُولُونَ نَحْنُ‏ ، و آخرها: أَدْهى‏ وَ أَمَرُّ .

و سبب نزولها أن مشركي قريش قالوا للرسول صلى اللّه عليه و سلم: إن كنت صادقا فشق لنا القمر فرقتين، و وعدوه بالإيمان إن فعل. و كانت ليلة بدر، فسأل ربه، فانشق القمر نصف على الصفا و نصف على قيقعان.

فقال أهل مكة: آية سماوية لا يعمل فيها السحر. فقال أبو جهل: اصبروا حتى تأتينا أهل البوادي، فإن أخبروا بانشقاقه فهو صحيح، و إلا فقد سحر محمد أعيننا. فجاءوا فأخبروا بانشقاق القمر، فأعرض أبو جهل و قال: سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ .

و

عن ابن عباس: شق القمر باشين، شطرة على السويداء و شطرة على الحديبية. و عنه: انشق القمر بمكة مرتين.

و عنه: انفلق فلقتين، فلقة ذهبت و فلقة بقيت.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏10، ص: 33

و مناسبة أول السورة لآخر ما قبلها ظاهرة، قال: أَزِفَتِ الْآزِفَةُ «1» ، و قال:

اقْتَرَبَتِ السَّاعَةُ . و ممن عاين انشقاق القمر ابن مسعود و جبير بن مطعم، و أخبر به ابن عمر و أنس و حذيفة و ابن عباس.

و حين أرى اللّه الناس انشقاق القمر، قال الرسول صلى اللّه عليه و سلم:

«اشهدوا»، و قال المشركون إذ ذاك: سحرنا محمد. و قال بعضهم: سحر القمر.

و الأمة مجمعة على خلاف من زعم أن قوله: وَ انْشَقَّ الْقَمَرُ معناه: أنه ينشق يوم القيامة، و يرده من الآية قوله: وَ إِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا وَ يَقُولُوا سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ . فلا يناسب هذا الكلام أن يأتي إلا بعد ظهور ما سألوه معينا من انشقاق القمر. و قيل: سألوا آية في الجملة، فأراهم هذه الآية السماوية، و هي من أعظم الآيات، و ذلك التأثير في العالم العلوي. و قرأ حذيفة:

و قد انشق القمر، أي اقتربت، و تقدم من آيات اقترابها انشقاق القمر، كما تقول: أقبل الأمير و قد جاء المبشر بقدومه. و خطب حذيفة بالمدائن، ثم قال: ألا إن الساعة قد اقتربت، و إن القمر قد انشق على عهد نبيكم، و لا التفات إلى قول الحسن أن المعنى: إذ جاءت الساعة انشق القمر بعد النفخة الثانية، و لا إلى قول من قال: إن انشقاقه عبارة عن انشقاق الظلمة عند طلوعه في أثنائها، فالمعنى: ظهر الأمر، فإن العرب تضرب بالقمر مثلا فيما وضح، كما يسمى الصبح فلقا عند انفلاق الظلمة عنه، و قد يعبر عن الانفلاق بالانشقاق. قال النابغة:

فلما أدبروا و لهم دويّ‏

دعانا عند شق الصبح داعي‏

و هذه أقوال فاسدة، و لو لا أن المفسرين ذكروها، لأضربت عن ذكرها صفحا. وَ إِنْ يَرَوْا آيَةً يُعْرِضُوا ، و قرى‏ء: و إن يروا مبنيا للمفعول: أي من شأنهم و حالتهم أنهم متى رأوا ما يدل على صدق الرسول اللّه صلى اللّه عليه و سلم من الآيات الباهرة أعرضوا عن الإيمان به و بتلك الآية. و جاءت الجملة شرطية ليدل على أنهم في الاستقبال على مثل حالهم في الماضي، و يقولوا: سِحْرٌ مُسْتَمِرٌّ : أي دائم، و منه قول الشاعر:

ألا إنما الدنيا ليال و أعصر

و ليس على شي‏ء قويم بمستمر

لما رأوا الآيات متوالية لا تنقطع، قالوا ذلك. و قال أبو العالية و الضحاك و الأخفش:

مستمر: مشدود موثق من مرائر الحبل، أي سحر قد أحكم، و منه قول الشاعر:

حتى استمرت على سر مريرته‏

صدق العزيمة لا ريا و لا ضرعا

صفحه بعد