کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

البحر المحيط فى التفسير

الجزء الأول

خطبة الكتاب

سورة البقرة 2

[سورة البقرة(2): الآيات 1 الى 5] [سورة البقرة(2): الآيات 6 الى 7] [سورة البقرة(2): الآيات 8 الى 10] [سورة البقرة(2): الآيات 11 الى 16] [سورة البقرة(2): الآيات 17 الى 18] [سورة البقرة(2): آية 19] [سورة البقرة(2): آية 20] [سورة البقرة(2): الآيات 21 الى 22] [سورة البقرة(2): الآيات 23 الى 24] [سورة البقرة(2): آية 25] [سورة البقرة(2): الآيات 26 الى 29] [سورة البقرة(2): الآيات 30 الى 33] [سورة البقرة(2): آية 34] [سورة البقرة(2): آية 35] [سورة البقرة(2): الآيات 36 الى 39] [سورة البقرة(2): الآيات 40 الى 43] [سورة البقرة(2): الآيات 44 الى 46] [سورة البقرة(2): الآيات 47 الى 49] [سورة البقرة(2): الآيات 50 الى 53] [سورة البقرة(2): الآيات 54 الى 57] [سورة البقرة(2): الآيات 58 الى 61] [سورة البقرة(2): الآيات 62 الى 66] [سورة البقرة(2): الآيات 67 الى 74] [سورة البقرة(2): الآيات 75 الى 82] [سورة البقرة(2): الآيات 83 الى 86] [سورة البقرة(2): الآيات 87 الى 96] [سورة البقرة(2): الآيات 97 الى 103] [سورة البقرة(2): الآيات 104 الى 113] [سورة البقرة(2): الآيات 114 الى 123] [سورة البقرة(2): الآيات 124 الى 131] [سورة البقرة(2): الآيات 132 الى 141]
فهرست الجزء الأول من تفسير البحر المحيط

الجزء الثالث

سورة ال عمران

[سورة آل‏عمران(3): الآيات 1 الى 11] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 12 الى 14] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 15 الى 18] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 19 الى 22] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 23 الى 32] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 33 الى 41] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 42 الى 51] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 52 الى 61] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 62 الى 68] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 69 الى 71] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 72 الى 74] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 75 الى 79] [سورة آل‏عمران(3): آية 80] [سورة آل‏عمران(3): آية 81] [سورة آل‏عمران(3): آية 82] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 83 الى 91] [سورة آل‏عمران(3): آية 92] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 93 الى 101] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 102 الى 112] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 113 الى 120] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 121 الى 127] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 128 الى 132] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 133 الى 141] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 142 الى 152] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 153 الى 163] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 164 الى 170] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 171 الى 180] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 181 الى 185] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 186 الى 200]
فهرس الجزء الثالث

الجزء الرابع

فهرست الجزء الرابع

الجزء الخامس

فهرس الجزء الخامس

الجزء السادس

فهرس الجزء السادس

الجزء السابع

فهرس الجزء السابع

الجزء الثامن

فهرس الجزء الثامن

الجزء التاسع

فهرس الجزء التاسع

الجزء العاشر

فهرس الجزء العاشر

الجزء الحادي عشر

1 - فهرس الآيات القرآنية الكريمة

سورة البقرة سورة آل عمران سورة النساء سورة المائدة سورة الأنعام سورة الأعراف سورة الأنفال سورة التوبة سورة يونس سورة هود سورة يوسف سورة الرعد سورة إبراهيم سورة الحجر سورة النحل سورة الإسراء سورة الكهف سورة مريم سورة طه سورة الأنبياء سورة الحج سورة المؤمنون سورة النور سورة الفرقان سورة الشعراء سورة النمل سورة القصص سورة العنكبوت سورة الروم سورة لقمان سورة السجدة سورة الأحزاب سورة سبأ سورة فاطر سورة يس سورة الصافات سورة ص سورة الزمر سورة غافر سورة فصلت سورة الشورى سورة الزخرف سورة الدخان سورة الجاثية سورة الأحقاف سورة محمد سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق سورة الذاريات سورة الطور سورة النجم سورة القمر سورة الرحمن سورة الواقعة سورة الحديد سورة المجادلة سورة الحشر سورة الممتحنة سورة الصف سورة الجمعة سورة المنافقون سورة التغابن سورة الطلاق سورة التحريم سورة الملك سورة القلم سورة الحاقة سورة المعارج سورة نوح سورة الجن سورة المزمل سورة المدثر سورة القيامة سورة الإنسان سورة المرسلات سورة النبأ سورة النازعات سورة عبس سورة التكوير سورة الانفطار سورة المطففين سورة الإنشقاق سورة البروج سورة الطارق سورة الأعلى سورة الغاشية سورة الفجر سورة البلد سورة الشمس سورة الليل سورة الضحى سورة الشرح سورة التين سورة العلق سورة البينة سورة الزلزلة سورة العاديات سورة القارعة سورة التكاثر سورة العصر سورة الهمزة سورة الفيل سورة قريش سورة الماعون سورة الكوثر سورة الكافرون سورة النصر سورة المسد سورة الإخلاص سورة الفلق سورة الناس
2 - فهرس الأحاديث و الآثار 3 - فهرس الشعوب و القبائل و الأديان 4 - فهرس الأماكن و البلاد

5 - فهرس الأبيات الشعرية

حروف الهمزة الهمزة المفتوحة الهمزة المضمومة الهمزة المكسورة حرف الباء الباء المفتوحة الباء المضمومة الباء المكسورة حرف التاء التاء المفتوحة التاء المضمومة التاء المكسورة حرف الثاء الثاء المفتوحة الثاء المكسورة حرف الجيم الجيم المفتوحة الجيم المضمومة الجيم المكسورة حرف الحاء الحاء المفتوحة الحاء المضمومة الحاء المكسورة الخاء المكسورة حرف الدال الدال المفتوحة الدال المضمومة الدال المكسورة حرف الراء الراء المفتوحة الراء المضمومة الراء المكسورة حرف الزاي الزاي المفتوحة حرف السين السين المفتوحة السين المضمومة السين المكسورة حرف الشين الشين المفتوحة الشين المكسورة حرف الصاد الصاد المفتوحة الصاد المضمومة الصاد المكسورة حرف الضاد الضاد المفتوحة الضاد المكسورة حرف الطاء الطاء المفتوحة حرف الظاء حرف العين العين المفتوحة العين المضمومة العين المكسورة الغين المكسورة حرف الفاء الفاء المفتوحة الفاء المضمومة الفاء المكسورة حرف القاف القاف المفتوحة القاف المضمومة القاف المكسورة حرف الكاف الكاف المفتوحة الكاف المضمومة الكاف المكسورة حرف اللام اللام المفتوحة اللام المضمومة اللام المكسورة حرف الميم الميم المفتوحة الميم المضمومة الميم المكسورة حرف النون النون المفتوحة النون المضمومة النون المكسورة حرف الهاء الهاء المفتوحة الهاء المكسورة الواو المفتوحة الواو المكسورة الياء المفتوحة الياء المكسورة حرف الألف
6 - فهرس أنصاف الأبيات 7 - فهرس الأمثال

البحر المحيط فى التفسير


صفحه قبل

البحر المحيط فى التفسير، ج‏10، ص: 174

توكيدا، لأن الموت و ملاقيكم خبر إن. لما طال الكلام، أكد الحرف مصحوبا بضمير الاسم الذي لإن.

إِذا نُودِيَ‏ : أي إذا أذن، و كان الأذان عند قعود الإمام على المنبر. و كذا كان في زمن الرسول صلّى اللّه عليه و سلّم، كان إذا صعد على المنبر أذن على باب المسجد، فإذا نزل بعد الخطبة أقيمت الصلاة. و كذا كان في عهد أبي بكر و عمر إلى زمان عثمان، كثر الناس و تباعدت المنازل، فزاد مؤذنا آخر على داره التي تسمى الزوراء، فإذا جلس على المنبر أذن الثاني، فإذا نزل من المنبر أقيمت الصلاة، و لم يعب ذلك أحد على عثمان رضى اللّه عنه. فإن قلت: من في قوله: مِنْ يَوْمِ الْجُمُعَةِ ما هي؟ قلت: هي بيان لإذا و تفسير له. انتهى.

و قرأ الجمهور: الجمعة بضم الميم؛ و ابن الزبير و أبو حيوة و ابن أبي عبلة، و رواية عن أبي عمرو و زيد بن علي و الأعمش: بسكونها، و هي لغة تميم، و لغة بفتحها لم يقرأ بها، و كان هذا اليوم يسمى عروبة، و يقال: العروبة. قيل: أول من سماه الجمعة كعب بن لؤي، و أول جمعة صليت جمعة سعد بن أبي زرارة، صلى بهم ركعتين و ذكرهم، فسموهم يوم الجمعة لاجتماعهم فيه، فأنزل اللّه آية الجمعة، فهي أول جمعة جمعت في الإسلام.

و أما

أول جمعة جمعها رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم، فإنه لما قدم المدينة، نزل بقباء على بني عمرو بن عوف، و أقام بها يوم الاثنين و الثلاثاء و الأربعاء و الخميس، و أسس مسجدهم، ثم خرج يوم الجمعة عامدا المدينة، فأدرك صلاة الجمعة في بني سالم بن عوف، في بطن واد لهم، فخطب و صلى الجمعة.

و الظاهر وجوب السعي لقوله تعالى: فَاسْعَوْا إِلى‏ ذِكْرِ اللَّهِ‏ ، و أنه يكون في المشي خفة و بدار. و قال الحسن و قتادة و مالك و غيرهم: إنما تؤتى الصلاة بالسكينة، و السعي هو بالنية و الإرادة و العمل، و ليس الإسراع في المشي، كالسعي بين الصفا و المروة؛ و إنما هو بمعنى قوله تعالى: وَ أَنْ لَيْسَ لِلْإِنْسانِ إِلَّا ما سَعى‏ «1» ، فالقيام و الوضوء و لبس الثوب و المشي كله سعي. و الظاهر أن الخطاب بالأمر بالسعي للمؤمنين عموما، و أنهما فرض على الأعيان. و عن بعض الشافعية، أنها فرض كفاية، و عن مالك رواية شاذة: أنها سنة. و

قال القاضي أبو بكر بن العربي: ثبت عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم أنه قال: «الرواح إلى الجمعة واجب على كل مسلم».

و قالوا: المأمور بالسعي المؤمن الصحيح الحر الذكر المقيم. فلو حضر غيره أجزأتهم. انتهى.

و المسافة التي يسعى منها إلى صلاة الجمعة لم تتعرض الآية لها، و اختلف الفقهاء

(1) سورة النجم: 53/ 39.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏10، ص: 175

في ذلك. فقال ابن عمرو و أبو هريرة و أنس و الزهري: ستة أميال. و قيل: خمسة. و قال ربيعة: أربعة أميال. و روي ذلك عن الزهري و ابن المنكدر. و قال مالك و الليث: ثلاثة.

و قال أبو حنيفة و أصحابه: على من في المصر، سمع النداء أو لم يسمع، لا على من هو خارج المصر، و إن سمع النداء. و عن ابن عمر و ابن المسيب و الزهري و أحمد و إسحاق:

على من سمع النداء. و عن ربيعة: على من إذا سمع النداء و خرج من بيته ماشيا أدرك الصلاة. و قرأ كبراء من الصحابة و التابعين: فامضوا بدل‏ فَاسْعَوْا ، و ينبغي أن يحمل على التفسير من حيث أنه لا يراد بالسعي هنا الإسراع في المشي، ففسروه بالمضي، و لا يكون قرآنا لمخالفته سواد ما أجمع عليه المسلمون.

و ذكر اللّه هنا الخطبة، قاله ابن المسيب، و هي شرط في انعقاد الجمعة عند الجمهور. و قال الحسن: هي مستحبة، و الظاهر أنه يجزى‏ء من ذكر اللّه تعالى ما يسمى ذكرا. قال أبو حنيفة: لو قال الحمد للّه أو سبحان اللّه و اقتصر عليه جاز، و قال غيره: لا بد من كلام يسمى خطبة، و هو قول الشافعي و أبي سفيان و محمد بن الحسن، و الظاهر تحريم البيع، و أنه لا يصح. و قال ابن العربي: يفسخ، و هو الصحيح. و قال الشافعي: ينعقد و لا يفسخ، و كلما يشغل من العقود كلها فهو حرام شرعا، مفسوخ ورعا. انتهى. و إنما ذكر البيع من بين سائر المحرمات، لأنه أكثر ما يشتغل به أصحاب الأسواق، إذ يكثر الوافدون الأمصار من القرى و يجتمعون للتجارة إذا تعالى النهار، فأمروا بالبدار إلى تجارة الآخرة، و نهوا عن تجارة الدنيا، و وقت التحريم من الزوال إلى الفراغ من الصلاة، قاله الضحاك و الحسن و عطاء. و قال ناس غيرهم: من وقت أذان الخطبة إلى الفراغ، و الإشارة بذلكم إلى السعي و ترك البيع، و الأمر بالانتشار و الابتغاء أمر إباحة، و فضل اللّه هو ما يلبسه في حالة حسنة، كعيادة المريض، و صلة صديق، و اتباع جنازة، و أخذ في بيع و شراء، و تصرفات دينية و دنيوية؛ فأمر مع ذلك بإكثار ذكر اللّه. و قال مكحول و الحسن و ابن المسيب: الفضل:

المأمور بابتغائه هو العلم. و

قال جعفر الصادق: ينبغي أن يكون فجر صبح يوم السبت، و يعني أن يكون بقية يوم الجمعة في عبادة.

و

روي‏ أنه كان أصاب أهل المدينة جوع و غلاء سعر، فقدم دحية بعير تحمل ميرة.

قال مجاهد: و كان من عرفهم أن يدخل بالطبل و المعازف من درابها، فدخلت بها، فانفضوا إلى رؤية ذلك و سماعه، و تركوه صلّى اللّه عليه و سلّم قائما على المنبر في اثني عشر رجلا.

قال جابر: أنا أحدهم. قال أبو بكر غالب بن عطية: هم العشرة المشهود لهم بالجنة، و الحادي عشر

البحر المحيط فى التفسير، ج‏10، ص: 176

قيل: عمار. و قيل: ابن مسعود. و قيل: ثمانية، قالوا: فنزلت: وَ إِذا رَأَوْا تِجارَةً . و قرأ الجمهور: إِلَيْها بضمير التجارة؛ و ابن أبي عبلة: إليه بضمير اللهو، و كلاهما جائز، نص عليه الأخفش عن العرب. و قال ابن عطية: و قال إليها و لم يقل إليهما تهمما بالأهم، إذ كانت سبب اللهو، و لم يكن اللهو سببها. و تأمّل أن قدّمت التجارة على اللهو في الرؤية لأنها أهم، و أخرت مع التفضيل لتقع النفس أولا على الأبين. انتهى. و في قوله: قائِماً دلالة على مشروعية القيام في الخطبة. و أول من استراح في الخطبة عثمان، و أول من خطب جالسا معاوية. و قرى‏ء: إليهما بالتثنية للضمير، كقوله تعالى: إِنْ يَكُنْ غَنِيًّا أَوْ فَقِيراً فَاللَّهُ أَوْلى‏ بِهِما «1» ، و تخريجه على أن يتجوّز بأو، فتكون بمعنى الواو، و قد تقدّم غير هذا التخريج في قوله: فَاللَّهُ أَوْلى‏ بِهِما في موضعه في سورة النساء. و ناسب ختمها بقوله:

وَ اللَّهُ خَيْرُ الرَّازِقِينَ‏ ، لأنهم كانوا قد مسهم شي‏ء من غلاء الأسعار، كما تقدم في سبب النزول، و قد ملأ المفسرون كثيرا من أوراقهم بأحكام و خلاف في مسائل الجمعة مما لا تعلق لها بلفظ القرآن.

(1) سورة النساء: 4/ 135.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏10، ص: 177

سورة المنافقون‏

[سورة المنافقون (63): الآيات 1 الى 11]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَ اللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَ اللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ (1) اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ (2) ذلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلى‏ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ (3) وَ إِذا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسامُهُمْ وَ إِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ (4)

وَ إِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُؤُسَهُمْ وَ رَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَ هُمْ مُسْتَكْبِرُونَ (5) سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ (6) هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا عَلى‏ مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا وَ لِلَّهِ خَزائِنُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ لكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَفْقَهُونَ (7) يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَ لِلَّهِ الْعِزَّةُ وَ لِرَسُولِهِ وَ لِلْمُؤْمِنِينَ وَ لكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ (8) يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوالُكُمْ وَ لا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَ مَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ (9)

وَ أَنْفِقُوا مِنْ ما رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْ لا أَخَّرْتَنِي إِلى‏ أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَ أَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ (10) وَ لَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذا جاءَ أَجَلُها وَ اللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ (11)

البحر المحيط فى التفسير، ج‏10، ص: 178

الجسم و الخشب معروفان. أسندت ظهري إلى الحائط: أملته و أضفته إليه، و تساند القوم:

اصطفوا و تقابلوا للقتال.

إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ قالُوا نَشْهَدُ إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ وَ اللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ وَ اللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ، اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ جُنَّةً فَصَدُّوا عَنْ سَبِيلِ اللَّهِ إِنَّهُمْ ساءَ ما كانُوا يَعْمَلُونَ، ذلِكَ بِأَنَّهُمْ آمَنُوا ثُمَّ كَفَرُوا فَطُبِعَ عَلى‏ قُلُوبِهِمْ فَهُمْ لا يَفْقَهُونَ، وَ إِذا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسامُهُمْ وَ إِنْ يَقُولُوا تَسْمَعْ لِقَوْلِهِمْ كَأَنَّهُمْ خُشُبٌ مُسَنَّدَةٌ يَحْسَبُونَ كُلَّ صَيْحَةٍ عَلَيْهِمْ هُمُ الْعَدُوُّ فَاحْذَرْهُمْ قاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ، وَ إِذا قِيلَ لَهُمْ تَعالَوْا يَسْتَغْفِرْ لَكُمْ رَسُولُ اللَّهِ لَوَّوْا رُؤُسَهُمْ وَ رَأَيْتَهُمْ يَصُدُّونَ وَ هُمْ مُسْتَكْبِرُونَ، سَواءٌ عَلَيْهِمْ أَسْتَغْفَرْتَ لَهُمْ أَمْ لَمْ تَسْتَغْفِرْ لَهُمْ لَنْ يَغْفِرَ اللَّهُ لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ لا يَهْدِي الْقَوْمَ الْفاسِقِينَ، هُمُ الَّذِينَ يَقُولُونَ لا تُنْفِقُوا عَلى‏ مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا وَ لِلَّهِ خَزائِنُ السَّماواتِ وَ الْأَرْضِ وَ لكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَفْقَهُونَ، يَقُولُونَ لَئِنْ رَجَعْنا إِلَى الْمَدِينَةِ لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَّ وَ لِلَّهِ الْعِزَّةُ وَ لِرَسُولِهِ وَ لِلْمُؤْمِنِينَ وَ لكِنَّ الْمُنافِقِينَ لا يَعْلَمُونَ، يا أَيُّهَا الَّذِينَ آمَنُوا لا تُلْهِكُمْ أَمْوالُكُمْ وَ لا أَوْلادُكُمْ عَنْ ذِكْرِ اللَّهِ وَ مَنْ يَفْعَلْ ذلِكَ فَأُولئِكَ هُمُ الْخاسِرُونَ، وَ أَنْفِقُوا مِنْ ما رَزَقْناكُمْ مِنْ قَبْلِ أَنْ يَأْتِيَ أَحَدَكُمُ الْمَوْتُ فَيَقُولَ رَبِّ لَوْ لا أَخَّرْتَنِي إِلى‏ أَجَلٍ قَرِيبٍ فَأَصَّدَّقَ وَ أَكُنْ مِنَ الصَّالِحِينَ، وَ لَنْ يُؤَخِّرَ اللَّهُ نَفْساً إِذا جاءَ أَجَلُها وَ اللَّهُ خَبِيرٌ بِما تَعْمَلُونَ‏ .

هذه السورة مدنية، نزلت في غزوة بني المصطلق، كانت من عبد اللّه بن أبيّ بن سلول و أتباعه فيها أقوال، فنزلت. و سبب نزولها مذكور في قصة طويلة، من مضمونها: أن اثنين من الصحابة ازدحما على ماء، و ذلك في غزوة بني المصطلق، فشج أحدهما الآخر، فدعا المشجوج: يا للأنصار، و الشاج: يا للمهاجرين، فقال عبد اللّه بن أبيّ بن سلول:

ما حكى اللّه تعالى عنه من قوله: لا تُنْفِقُوا عَلى‏ مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا ، و قوله: لَيُخْرِجَنَّ الْأَعَزُّ مِنْهَا الْأَذَلَ‏ ، و عنى الأعز نفسه، و كلاما قبيحا.

فسمعه زيد بن أرقم، و نقل ذلك إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم. فلام رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم عبد اللّه، فحلف ما قال شيئا من ذلك، فاتهم زيد، فأنزل اللّه تعالى‏ إِذا جاءَكَ الْمُنافِقُونَ‏ إلى قوله: لا يَعْلَمُونَ‏ ،

تصديقا لزيد و تكذيبا لعبد اللّه بن أبيّ.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏10، ص: 179

و مناسبة هذه السورة لما قبلها: أنه لما كان سبب الانفضاض عن سماع الخطبة ربما كان حاصلا عن المنافقين، و اتبعهم ناس كثير من المؤمنين في ذلك، و ذلك لسرورهم بالعير التي قدمت بالميرة، إذ كان وقت مجاعة، جاء ذكر المنافقين و ما هم عليه من كراهة أهل الإيمان، و أتبعه بقبائح أفعالهم و قولهم: لا تُنْفِقُوا عَلى‏ مَنْ عِنْدَ رَسُولِ اللَّهِ حَتَّى يَنْفَضُّوا ، إذ كانوا هم أصحاب أموال، و المهاجرون فقراء قد تركوا أموالهم و متاجرهم و هاجروا للّه تعالى. قالُوا نَشْهَدُ : يجري مجرى اليمين، و لذلك تلقى بما يتلقى به القسم، و كذا فعل اليقين. و العلم يجري مجرى القسم بقوله: إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ‏ ، و أصل الشهادة أن يواطى‏ء اللسان القلب هذا بالنطق، و ذلك بالاعتقاد؛ فأكذبهم اللّه و فضحهم بقوله: وَ اللَّهُ يَشْهَدُ إِنَّ الْمُنافِقِينَ لَكاذِبُونَ‏ : أي لم تواطئ قلوبهم ألسنتهم على تصديقك، و اعتقادهم أنك غير رسول، فهم كاذبون عند اللّه و عند من خبر حالهم، أو كاذبون عند أنفسهم، إذ كانوا يعتقدون أن قولهم: إِنَّكَ لَرَسُولُ اللَّهِ‏ كذب. و جاء بين شهادتهم و تكذيبهم قوله تعالى: وَ اللَّهُ يَعْلَمُ إِنَّكَ لَرَسُولُهُ‏ ، إيذانا أن الأمر كما لفظوا به من كونه رسول اللّه حقا. و لم تأت هذه الجملة لتوهم أن قولهم هذا كذب، فوسطت الأمر بينهما ليزول ذلك التوهم. اتَّخَذُوا أَيْمانَهُمْ‏ : سمى شهادتهم تلك أيمانا. و قرأ الجمهور: أيمانهم، بفتح الهمزة جمع يمين؛ و الحسن: بكسرها، مصدر آمن. و لما ذكر أنهم كاذبون، أتبعهم بموجب كفرهم، و هو اتخاذ أيمانهم جنة يستترون بها، و يذبون بها عن أنفسهم و أموالهم، كما قال بعض الشعراء:

و ما انتسبوا إلى الإسلام إلا

لصون دمائهم أن لا تسالا

و من أيمانهم أيمان عبد اللّه، و من حلف معه من قومه أنه ما قال ما نقله زيد بن أرقم إلى رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم، جعلوا تلك الأيمان جنة تقي من القتل، و قال أعشى همدان:

إذا أنت لم تجعل لعرضك جنة

من المال سار القوم كل مسير

و قال الضحاك: اتخذوا حلفهم باللّه أنهم لمنكم. و قال قتادة: كلما ظهر شي‏ء منهم يوجب مؤاخذتهم، حلفوا كاذبين عصمة لأموالهم و دمائهم. و قال السدي: جُنَّةً من ترك الصلاة عليهم إذا ماتوا، فَصَدُّوا : أي أعرضوا و صدوا اليهود و المشركين عن الدخول في الإسلام، ذلِكَ‏ أي ذلك الحلف الكاذب و الصد المقتضيان لهم سوء العمل بسبب أيمانهم ثم كفرهم. و قال ابن عطية: ذلك إشارة إلى فعل اللّه بهم في فضيحتهم و توبيخهم، و يحتمل أن تكون الإشارة إلى سوء ما عملوا، فالمعنى: ساء عملهم بأن‏

البحر المحيط فى التفسير، ج‏10، ص: 180

كفروا. و قال الزمخشري: ذلك القول الشاهد عليهم بأنهم أسوأ الناس أعمالا بسبب أنهم آمنوا ثم كفروا، أو إلى ما وصف من حالهم في النفاق و الكذب و الاستخفاف بالإيمان، أي ذلك كله بسبب أنهم آمنوا ثم كفروا. و قرأ الجمهور: فَطُبِعَ‏ مبنيا للمفعول؛ و زيد بن علي: مبنيا للفاعل: أي فطبع اللّه؛ و كذا قراءة الأعمش و زيد في رواية مصرحا باللّه.

و يحتمل على قراءة زيد الأولى أن يكون الفاعل ضميرا يعود على المصدر المفهوم من ما قبله، أي فطبع هو، أي بلعبهم بالدين. و معنى‏ آمَنُوا : نطقوا بكلمة الشهادة و فعلوا كما يفعل المسلمون، ثُمَّ كَفَرُوا : أي ظهر كفرهم بما نطقوا به من قولهم: لئن كان محمد ما يقوله حقا فنحن شر من الحمير، و قولهم: أ يطمع هذا الرجل أن تفتح له قصور كسرى و قيصر؟ هيهات، أو نطقوا بالإيمان عند المؤمنين و بالكفر عند شياطينهم، أو ذلك فيمن آمن ثم ارتد.

وَ إِذا رَأَيْتَهُمْ تُعْجِبُكَ أَجْسامُهُمْ‏ : الخطاب للرسول صلّى اللّه عليه و سلّم، أو للسامع: أي لحسنها و نضارتها و جهارة أصواتهم، فكان منظرهم يروق، و منطقهم يحلو. و قرأ الجمهور:

تَسْمَعْ‏ بتاء الخطاب؛ و عكرمة و عطية العوفي: يسمع بالياء مبنيا للمفعول، و لِقَوْلِهِمْ‏ : الجار و المجرور هو المفعول الذي لم يسم فاعله، و ليست اللام زائدة، بل ضمن يسمع معنى يصغ و يمل، تعدى باللام و ليست زائدة، فيكون قولهم هو المسموع.

و شبهوا بالخشب لعزوب أفهامهم و فراغ قلوبهم من الإيمان، و لم يكن حتى جعلها مسندة إلى الحائط، لا انتفاع بها لأنها إذا كانت في سقف أو مكان ينتفع بها، و أما إذا كانت غير منتفع بها فإنها تكون مهملة مسندة إلى الحيطان أو ملقاة على الأرض قد صففت، أو شبهوا بالخشب التي هي الأصنام و قد أسندت إلى الحيطان، و الجملة التشبيهية مستأنفة، أو على إضمارهم. و قرأ الجمهور: خُشُبٌ‏ بضم الخاء و الشين؛ و البراء بن عازب و النحويان و ابن كثير: بإسكان الشين، تخفيف خشب المضموم. و قيل: جمع خشباء، كحمر جمع حمراء، و هي الخشبة التي نخر جوفها، شبهوا بها في فساد بواطنهم. و قرأ ابن المسيب و ابن جبير: خشب بفتحتين، اسم جنس، الواحد خشبة، و أنث وصفه كقوله: أَعْجازُ نَخْلٍ خاوِيَةٍ «1» ، أشباح بلا أرواح، و أجسام بلا أحلام. و ذكر ممن كان ذا بهاء و فصاحة عبد اللّه بن أبيّ، و الجد بن قيس، و معتب بن قشير. قال الشاعر في مثل هؤلاء:

لا تخدعنك اللحى و لا الصور

تسعة أعشار من ترى بقر

صفحه بعد