کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

البحر المحيط فى التفسير

الجزء الأول

خطبة الكتاب

سورة البقرة 2

[سورة البقرة(2): الآيات 1 الى 5] [سورة البقرة(2): الآيات 6 الى 7] [سورة البقرة(2): الآيات 8 الى 10] [سورة البقرة(2): الآيات 11 الى 16] [سورة البقرة(2): الآيات 17 الى 18] [سورة البقرة(2): آية 19] [سورة البقرة(2): آية 20] [سورة البقرة(2): الآيات 21 الى 22] [سورة البقرة(2): الآيات 23 الى 24] [سورة البقرة(2): آية 25] [سورة البقرة(2): الآيات 26 الى 29] [سورة البقرة(2): الآيات 30 الى 33] [سورة البقرة(2): آية 34] [سورة البقرة(2): آية 35] [سورة البقرة(2): الآيات 36 الى 39] [سورة البقرة(2): الآيات 40 الى 43] [سورة البقرة(2): الآيات 44 الى 46] [سورة البقرة(2): الآيات 47 الى 49] [سورة البقرة(2): الآيات 50 الى 53] [سورة البقرة(2): الآيات 54 الى 57] [سورة البقرة(2): الآيات 58 الى 61] [سورة البقرة(2): الآيات 62 الى 66] [سورة البقرة(2): الآيات 67 الى 74] [سورة البقرة(2): الآيات 75 الى 82] [سورة البقرة(2): الآيات 83 الى 86] [سورة البقرة(2): الآيات 87 الى 96] [سورة البقرة(2): الآيات 97 الى 103] [سورة البقرة(2): الآيات 104 الى 113] [سورة البقرة(2): الآيات 114 الى 123] [سورة البقرة(2): الآيات 124 الى 131] [سورة البقرة(2): الآيات 132 الى 141]
فهرست الجزء الأول من تفسير البحر المحيط

الجزء الثالث

سورة ال عمران

[سورة آل‏عمران(3): الآيات 1 الى 11] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 12 الى 14] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 15 الى 18] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 19 الى 22] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 23 الى 32] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 33 الى 41] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 42 الى 51] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 52 الى 61] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 62 الى 68] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 69 الى 71] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 72 الى 74] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 75 الى 79] [سورة آل‏عمران(3): آية 80] [سورة آل‏عمران(3): آية 81] [سورة آل‏عمران(3): آية 82] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 83 الى 91] [سورة آل‏عمران(3): آية 92] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 93 الى 101] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 102 الى 112] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 113 الى 120] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 121 الى 127] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 128 الى 132] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 133 الى 141] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 142 الى 152] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 153 الى 163] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 164 الى 170] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 171 الى 180] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 181 الى 185] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 186 الى 200]
فهرس الجزء الثالث

الجزء الرابع

فهرست الجزء الرابع

الجزء الخامس

فهرس الجزء الخامس

الجزء السادس

فهرس الجزء السادس

الجزء السابع

فهرس الجزء السابع

الجزء الثامن

فهرس الجزء الثامن

الجزء التاسع

فهرس الجزء التاسع

الجزء العاشر

فهرس الجزء العاشر

الجزء الحادي عشر

1 - فهرس الآيات القرآنية الكريمة

سورة البقرة سورة آل عمران سورة النساء سورة المائدة سورة الأنعام سورة الأعراف سورة الأنفال سورة التوبة سورة يونس سورة هود سورة يوسف سورة الرعد سورة إبراهيم سورة الحجر سورة النحل سورة الإسراء سورة الكهف سورة مريم سورة طه سورة الأنبياء سورة الحج سورة المؤمنون سورة النور سورة الفرقان سورة الشعراء سورة النمل سورة القصص سورة العنكبوت سورة الروم سورة لقمان سورة السجدة سورة الأحزاب سورة سبأ سورة فاطر سورة يس سورة الصافات سورة ص سورة الزمر سورة غافر سورة فصلت سورة الشورى سورة الزخرف سورة الدخان سورة الجاثية سورة الأحقاف سورة محمد سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق سورة الذاريات سورة الطور سورة النجم سورة القمر سورة الرحمن سورة الواقعة سورة الحديد سورة المجادلة سورة الحشر سورة الممتحنة سورة الصف سورة الجمعة سورة المنافقون سورة التغابن سورة الطلاق سورة التحريم سورة الملك سورة القلم سورة الحاقة سورة المعارج سورة نوح سورة الجن سورة المزمل سورة المدثر سورة القيامة سورة الإنسان سورة المرسلات سورة النبأ سورة النازعات سورة عبس سورة التكوير سورة الانفطار سورة المطففين سورة الإنشقاق سورة البروج سورة الطارق سورة الأعلى سورة الغاشية سورة الفجر سورة البلد سورة الشمس سورة الليل سورة الضحى سورة الشرح سورة التين سورة العلق سورة البينة سورة الزلزلة سورة العاديات سورة القارعة سورة التكاثر سورة العصر سورة الهمزة سورة الفيل سورة قريش سورة الماعون سورة الكوثر سورة الكافرون سورة النصر سورة المسد سورة الإخلاص سورة الفلق سورة الناس
2 - فهرس الأحاديث و الآثار 3 - فهرس الشعوب و القبائل و الأديان 4 - فهرس الأماكن و البلاد

5 - فهرس الأبيات الشعرية

حروف الهمزة الهمزة المفتوحة الهمزة المضمومة الهمزة المكسورة حرف الباء الباء المفتوحة الباء المضمومة الباء المكسورة حرف التاء التاء المفتوحة التاء المضمومة التاء المكسورة حرف الثاء الثاء المفتوحة الثاء المكسورة حرف الجيم الجيم المفتوحة الجيم المضمومة الجيم المكسورة حرف الحاء الحاء المفتوحة الحاء المضمومة الحاء المكسورة الخاء المكسورة حرف الدال الدال المفتوحة الدال المضمومة الدال المكسورة حرف الراء الراء المفتوحة الراء المضمومة الراء المكسورة حرف الزاي الزاي المفتوحة حرف السين السين المفتوحة السين المضمومة السين المكسورة حرف الشين الشين المفتوحة الشين المكسورة حرف الصاد الصاد المفتوحة الصاد المضمومة الصاد المكسورة حرف الضاد الضاد المفتوحة الضاد المكسورة حرف الطاء الطاء المفتوحة حرف الظاء حرف العين العين المفتوحة العين المضمومة العين المكسورة الغين المكسورة حرف الفاء الفاء المفتوحة الفاء المضمومة الفاء المكسورة حرف القاف القاف المفتوحة القاف المضمومة القاف المكسورة حرف الكاف الكاف المفتوحة الكاف المضمومة الكاف المكسورة حرف اللام اللام المفتوحة اللام المضمومة اللام المكسورة حرف الميم الميم المفتوحة الميم المضمومة الميم المكسورة حرف النون النون المفتوحة النون المضمومة النون المكسورة حرف الهاء الهاء المفتوحة الهاء المكسورة الواو المفتوحة الواو المكسورة الياء المفتوحة الياء المكسورة حرف الألف
6 - فهرس أنصاف الأبيات 7 - فهرس الأمثال

البحر المحيط فى التفسير


صفحه قبل

البحر المحيط فى التفسير، ج‏10، ص: 287

لمن صرف ذلك للمناسبة. و قال الزمخشري: و هذه قراءة مشكلة، لأنهما إن كانا عربيين أو أعجميين ففيهما منع الصرف، و لعله قصد الازدواج فصرفهما لمصادفته أخواتهما منصرفات‏ وَدًّا و سُواعاً و نَسْراً ، كما قرى‏ء: وَ ضُحاها «1» بالإمالة لوقوعه مع الممالات للازدواج. انتهى. و كان الزمخشري لم يدر أن ثم لغة لبعض العرب تصرف كل ما لا ينصرف عند عامتهم، فلذلك استشكلها.

وَ قَدْ أَضَلُّوا : أي الرؤساء المتبوعون، كَثِيراً : من أتباعهم و عامتهم، و هذا إخبار من نوح عليه السلام عنهم بما جرى على أيديهم من الضلال. و قال الحسن: وَ قَدْ أَضَلُّوا : أي الأصنام، عاد الضمير عليها كما يعود على العقلاء، كقوله تعالى: رَبِّ إِنَّهُنَّ أَضْلَلْنَ كَثِيراً مِنَ النَّاسِ‏ «2» و يحسنه عوده على أقرب مذكور، و لكن عوده على الرؤساء أظهر، إذ هم المحدث عنهم و المعنى فيهم أمكن. و لما أخبر أنهم قد ضلوا كثيرا، دعا عليهم بالضلال، فقال: وَ لا تَزِدِ : و هي معطوفة على‏ وَ قَدْ أَضَلُّوا ، إذ تقديره:

و قال و قد أضلوا كثيرا، فهي معمولة لقال المضمرة المحكي بها قوله: وَ قَدْ أَضَلُّوا ، و لا يشترط التناسب في عطف الجمل، بل قد يعطف، جملة الإنشاء على جملة الخبر و العكس، خلافا لمن يدعي التناسب. و قال الزمخشري ما ملخصه: عطف‏ وَ لا تَزِدِ على‏ رَبِّ إِنَّهُمْ عَصَوْنِي‏ ، أي قال هذين القولين. إِلَّا ضَلالًا ، قال الزمخشري: فإن قلت: كيف جاز أن يريد لهم الضلال و يدعو اللّه بزيادته؟ قلت: المراد بالضلال أن يخذلوا و يمنعوا الألطاف لتصميمهم على الكفر و وقوع اليأس من إيمانهم، و ذلك حسن جميل يجوز الدعاء به، بل لا يحسن الدعاء بخلافه. انتهى، و ذلك على مذهب الاعتزال. قال:

و يجوز أن يراد بالضلال الضياع و الهلاك، كما قال: وَ لا تَزِدِ الظَّالِمِينَ إِلَّا تَباراً . و قال ابن بحر: إِلَّا ضَلالًا : إلا عذابا، قال كقوله: إِنَّ الْمُجْرِمِينَ فِي ضَلالٍ وَ سُعُرٍ .

و قيل: إلا خسرانا. و قيل: إلا ضلالا في أمر دنياهم و ترويج مكرهم و حيلهم.

و قرأ الجمهور: مِمَّا خَطِيئاتِهِمْ‏ جمعا بالألف و التاء مهموزا؛ و أبو رجاء كذلك، إلا أنه أبدل الهمزة ياء و أدغم فيها ياء المد؛ و الجحدري و عبيد، عن أبي عمرو: على الإفراد مهموزا؛ و الحسن و عيسى و الأعرج: بخلاف عنهم؛ و أبو عمرو: خطاياهم جمع تكسير، و هذا إخبار من اللّه تعالى للرسول عليه الصلاة و السلام بأن دعوة نوح عليه السلام‏

(1) سورة الشمس: 91/ 1.

(2) سورة إبراهيم: 14/ 36.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏10، ص: 288

قد أجيبت. و ما زائدة للتوكيد؛ و من، قال ابن عطية: لابتداء الغاية، و لا يظهر إلا أنها للسبب. و قرأ عبد اللّه: من خطيئاتهم ما أغرقوا، بزيادة ما بين أغرقوا و خطيئاتهم. و قرأ الجمهور: أُغْرِقُوا بالهمزة؛ و زيد بن عليّ: غرقوا بالتشديد و كلاهما للنقل و خطيئاتهم الشرك و ما انجر معه من الكبائر، فَأُدْخِلُوا ناراً : أي جهنم، و عبر عن المستقبل بالماضي لتحققه، و عطف بالفاء على إرادة الحكم، أو عبر بالدخول عن عرضهم على النار غدوّا و عشيا، كما قال: النَّارُ يُعْرَضُونَ عَلَيْها «1» . قال الزمخشري: أو أريد عذاب القبر. انتهى. و قال الضحاك: كانوا يغرقون من جانب و يحرقون بالنار من جانب.

فَلَمْ يَجِدُوا لَهُمْ مِنْ دُونِ اللَّهِ أَنْصاراً : تعريض بانتفاء قدرة آلهتهم عن نصرهم، و دعاء نوح عليه السلام بعد أن أوحى إليه أنه‏ لَنْ يُؤْمِنَ مِنْ قَوْمِكَ إِلَّا مَنْ قَدْ آمَنَ‏ «2» ، قاله قتادة. و عنه أيضا: ما دعا عليهم إلا بعد أن أخرج اللّه كل مؤمن من الأصلاب، و أعقم أرحام نسائهم، و هذا لا يظهر لأنه قال: إِنَّكَ إِنْ تَذَرْهُمْ يُضِلُّوا عِبادَكَ‏ الآية، فقوله:

وَ لا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً يدل على أنه لم يعقم أرحام نسائهم، و قاله أيضا محمد بن كعب و الربيع و ابن زيد، و لا يظهر كما قلنا، و قد كان قبل ذلك طامعا في إيمانهم عاطفا عليهم. و

في الحديث: «أنه ربما ضربه ناس منهم أحيانا حتى يغشى عليه، فإذا أفاق قال:

اللهم اغفر لقومي فإنهم لا يعلمون».

و ديارا: من ألفاظ العموم التي تستعمل في النفي و ما أشبهه، و وزنه فيعال، أصله ديوار، اجتمعت الياء و الواو و سبقت إحداهما بالسكون فأدغمت؛ و يقال: منه دوّار و وزنه فعال، و كلاهما من الدوران، كما قالوا: قيام و قوام، و المعنى معنى أحد. و عن السدّي: من سكن دارا. و قال الزمخشري: و هو فيعال من الدور أو من الدار. انتهى. و الدار أيضا من الدور، و ألفها منقلبة عن واو. وَ لا يَلِدُوا إِلَّا فاجِراً كَفَّاراً : وصفهم و هم حالة الولادة بما يصيرون إليه من الفجور و الكفر.

و لما دعا على الكفار، استغفر للمؤمنين، فبدأ بنفسه ثم بمن وجب برّه عليه، ثم للمؤمنين، فكأن هو و والده اندرجوا في المؤمنين و المؤمنات. و قرأ الجمهور:

وَ لِوالِدَيَ‏ ، و الظاهر أنهما أبوه لمك بن متوشلخ و أمه شمخاء بنت أنوش. و قيل: هما آدم و حوّاء. و قرأ ابن جبير و الجحدري: و لوالدي بكسر الدال، فأما أن يكون خص أباه‏

(1) سورة غافر: 40/ 46.

(2) سورة هود: 11/ 36.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏10، ص: 289

الأقرب، أو أراد جميع من ولدوه إلى آدم عليه السلام. و قال ابن عباس: لم يكن لنوح عليه السلام أب ما بينه و بين آدم عليه السلام. و

قرأ الحسن بن عليّ و يحيى بن يعمر و النخعي و الزهري و زيد بن عليّ: و لولداي تثنية ولد

، يعني ساما و حاما. وَ لِمَنْ دَخَلَ بَيْتِيَ‏ ، قال ابن عباس و الجمهور: مسجدي؛ و عن ابن عباس أيضا: شريعتي، استعار لها بيتا، كما قالوا: قبة الإسلام و فسطاطه. و قيل: سفينته. و قيل: داره. وَ لِلْمُؤْمِنِينَ وَ الْمُؤْمِناتِ‏ : دعا لكل مؤمن و مؤمنة في كل أمّة. و التبار: الهلاك.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏10، ص: 290

سورة الجن‏

[سورة الجن (72): الآيات 1 الى 28]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقالُوا إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً (1) يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَ لَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنا أَحَداً (2) وَ أَنَّهُ تَعالى‏ جَدُّ رَبِّنا مَا اتَّخَذَ صاحِبَةً وَ لا وَلَداً (3) وَ أَنَّهُ كانَ يَقُولُ سَفِيهُنا عَلَى اللَّهِ شَطَطاً (4)

وَ أَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَ الْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِباً (5) وَ أَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزادُوهُمْ رَهَقاً (6) وَ أَنَّهُمْ ظَنُّوا كَما ظَنَنْتُمْ أَنْ لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَداً (7) وَ أَنَّا لَمَسْنَا السَّماءَ فَوَجَدْناها مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَ شُهُباً (8) وَ أَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً (9)

وَ أَنَّا لا نَدْرِي أَ شَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً (10) وَ أَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَ مِنَّا دُونَ ذلِكَ كُنَّا طَرائِقَ قِدَداً (11) وَ أَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ وَ لَنْ نُعْجِزَهُ هَرَباً (12) وَ أَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدى‏ آمَنَّا بِهِ فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخافُ بَخْساً وَ لا رَهَقاً (13) وَ أَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَ مِنَّا الْقاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً (14)

وَ أَمَّا الْقاسِطُونَ فَكانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً (15) وَ أَنْ لَوِ اسْتَقامُوا عَلَى الطَّرِيقَةِ لَأَسْقَيْناهُمْ ماءً غَدَقاً (16) لِنَفْتِنَهُمْ فِيهِ وَ مَنْ يُعْرِضْ عَنْ ذِكْرِ رَبِّهِ يَسْلُكْهُ عَذاباً صَعَداً (17) وَ أَنَّ الْمَساجِدَ لِلَّهِ فَلا تَدْعُوا مَعَ اللَّهِ أَحَداً (18) وَ أَنَّهُ لَمَّا قامَ عَبْدُ اللَّهِ يَدْعُوهُ كادُوا يَكُونُونَ عَلَيْهِ لِبَداً (19)

قُلْ إِنَّما أَدْعُوا رَبِّي وَ لا أُشْرِكُ بِهِ أَحَداً (20) قُلْ إِنِّي لا أَمْلِكُ لَكُمْ ضَرًّا وَ لا رَشَداً (21) قُلْ إِنِّي لَنْ يُجِيرَنِي مِنَ اللَّهِ أَحَدٌ وَ لَنْ أَجِدَ مِنْ دُونِهِ مُلْتَحَداً (22) إِلاَّ بَلاغاً مِنَ اللَّهِ وَ رِسالاتِهِ وَ مَنْ يَعْصِ اللَّهَ وَ رَسُولَهُ فَإِنَّ لَهُ نارَ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أَبَداً (23) حَتَّى إِذا رَأَوْا ما يُوعَدُونَ فَسَيَعْلَمُونَ مَنْ أَضْعَفُ ناصِراً وَ أَقَلُّ عَدَداً (24)

قُلْ إِنْ أَدْرِي أَ قَرِيبٌ ما تُوعَدُونَ أَمْ يَجْعَلُ لَهُ رَبِّي أَمَداً (25) عالِمُ الْغَيْبِ فَلا يُظْهِرُ عَلى‏ غَيْبِهِ أَحَداً (26) إِلاَّ مَنِ ارْتَضى‏ مِنْ رَسُولٍ فَإِنَّهُ يَسْلُكُ مِنْ بَيْنِ يَدَيْهِ وَ مِنْ خَلْفِهِ رَصَداً (27) لِيَعْلَمَ أَنْ قَدْ أَبْلَغُوا رِسالاتِ رَبِّهِمْ وَ أَحاطَ بِما لَدَيْهِمْ وَ أَحْصى‏ كُلَّ شَيْ‏ءٍ عَدَداً (28)

البحر المحيط فى التفسير، ج‏10، ص: 291

الجد: لغة العظمة و الجلال، وجد في عيني: عظم وجل. و قال أبو عبيدة و الأخفش: الملك و السلطان، و الجد: الحظ، و الجد: أبو الأب. الحرس: اسم جمع، الواحد حارس، كغيب واحده غائب، و قد جمع على أحراس. قال الشاعر:

تجاوزت أحراسا و أهوال معشر كشاهد و أشهاد، و الحارس: الحافظ للشي‏ء يرقبه. القدد: السير المختلفة، الواحدة قدة. قال الشاعر:

القابض الباسط الهادي بطاعته‏

في قنية الناس إذ أهواؤهم قدد

و قال الكميت:

جمعت بالرأي منهم كل رافضة

إذ هم طرائق في أهوائهم قدد

تحرى الشي‏ء: طلبه باجتهاد و توخاه و قصده. الغدق: الكثير. اللبد، جمع لبدة:

و هو تراكم بعضه فوق بعض، و منه لبدة الأسد. و يقال للجراد الكثير المتراكم: لبد، و منه اللبد الذي يفرش، يلبد صوفه: دخل بعضه في بعض.

قُلْ أُوحِيَ إِلَيَّ أَنَّهُ اسْتَمَعَ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِّ فَقالُوا إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً، يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ فَآمَنَّا بِهِ وَ لَنْ نُشْرِكَ بِرَبِّنا أَحَداً، وَ أَنَّهُ تَعالى‏ جَدُّ رَبِّنا مَا اتَّخَذَ صاحِبَةً وَ لا وَلَداً، وَ أَنَّهُ كانَ يَقُولُ سَفِيهُنا عَلَى اللَّهِ شَطَطاً، وَ أَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ تَقُولَ الْإِنْسُ وَ الْجِنُّ عَلَى اللَّهِ كَذِباً، وَ أَنَّهُ كانَ رِجالٌ مِنَ الْإِنْسِ يَعُوذُونَ بِرِجالٍ مِنَ الْجِنِّ فَزادُوهُمْ رَهَقاً، وَ أَنَّهُمْ ظَنُّوا كَما ظَنَنْتُمْ أَنْ‏

البحر المحيط فى التفسير، ج‏10، ص: 292

لَنْ يَبْعَثَ اللَّهُ أَحَداً، وَ أَنَّا لَمَسْنَا السَّماءَ فَوَجَدْناها مُلِئَتْ حَرَساً شَدِيداً وَ شُهُباً، وَ أَنَّا كُنَّا نَقْعُدُ مِنْها مَقاعِدَ لِلسَّمْعِ فَمَنْ يَسْتَمِعِ الْآنَ يَجِدْ لَهُ شِهاباً رَصَداً، وَ أَنَّا لا نَدْرِي أَ شَرٌّ أُرِيدَ بِمَنْ فِي الْأَرْضِ أَمْ أَرادَ بِهِمْ رَبُّهُمْ رَشَداً، وَ أَنَّا مِنَّا الصَّالِحُونَ وَ مِنَّا دُونَ ذلِكَ كُنَّا طَرائِقَ قِدَداً، وَ أَنَّا ظَنَنَّا أَنْ لَنْ نُعْجِزَ اللَّهَ فِي الْأَرْضِ وَ لَنْ نُعْجِزَهُ هَرَباً، وَ أَنَّا لَمَّا سَمِعْنَا الْهُدى‏ آمَنَّا بِهِ فَمَنْ يُؤْمِنْ بِرَبِّهِ فَلا يَخافُ بَخْساً وَ لا رَهَقاً، وَ أَنَّا مِنَّا الْمُسْلِمُونَ وَ مِنَّا الْقاسِطُونَ فَمَنْ أَسْلَمَ فَأُولئِكَ تَحَرَّوْا رَشَداً، وَ أَمَّا الْقاسِطُونَ فَكانُوا لِجَهَنَّمَ حَطَباً .

هذه السورة مكية. و وجه مناسبتها لما قبلها: أنه لما حكي تمادي قوم نوح في الكفر و عكوفهم على عبادة الأصنام، و كان عليه الصلاة و السلام أول رسول إلى الأرض؛ كما أن محمدا صلّى اللّه عليه و سلم آخر رسول إلى الأرض، و العرب الذي هو منهم عليه الصلاة و السلام كانوا عباد أصنام كقوم نوح، حتى أنهم عبدوا أصناما مثل أصنام أولئك في الأسماء، و كان ما جاء به محمد صلّى اللّه عليه و سلم من القرآن هاديا إلى الرشد، و قد سمعته العرب، و توقف عن الإيمان به أكثرهم، أنزل اللّه تعالى سورة الجن إثر سورة نوح، تبكيتا لقريش و العرب في كونهم تباطؤا عن الإيمان، إذ كانت الجن خيرا لهم و أقبل للإيمان، هذا و هم من غير جنس الرسول صلّى اللّه عليه و سلّم؛ و مع ذلك فبنفس ما سمعوا القرآن استعظموه و آمنوا به للوقت، و عرفوا أنه ليس من نمط كلام الناس، بخلاف العرب فإنه نزل بلسانهم و عرفوا كونه معجزا، و هم مع ذلك مكذبون له و لمن جاء به حسدا و بغيا أن ينزل اللّه من فضله على من يشاء من عباده.

و قرأ الجمهور: قُلْ أُوحِيَ‏ رباعيا؛ و ابن أبي عبلة و العتكي، عن أبي عمرو، و أبو أناس جوية بن عائذ الأسدي: وحي ثلاثيا، يقال: وحي و أوحى بمعنى واحد. قال العجاج: وحي إليها القرار فاستقرت. و قرأ زيد بن عليّ و جوية، فيما روي عن الكسائي و ابن أبي عبلة أيضا: أحى بإبدال الواو همزة، كما قالوا في وعد أعد. و قال الزمخشري:

و هو من القلب المطلق جوازه في كل واو مضمومة. انتهى. و ليس كما ذكر، بل في ذلك تفصيل، و ذلك أن الواو المضمومة قد تكون أولا وحشوا و آخرا، و لكل منها أحكام، و في بعضها خلاف و تفصيل مذكور في النحو. قال الزمخشري: و قد أطلقه المازني في المكسور أيضا، كإشاح و إسادة و إعاء أخيه. انتهى، و هذا تكثير و تبجح. و كان يذكر هذا في‏ وِعاءِ أَخِيهِ* «1» في سورة يوسف. و عن المازني في ذلك قولان: أحدهما: القياس كما قال، و الآخر: قصر ذلك على السماع.

(1) سورة يوسف: 12/ 76.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏10، ص: 293

و أَنَّهُ اسْتَمَعَ‏ في موضع المفعول الذي لم يسم فاعله؛ أي استماع‏ نَفَرٌ مِنَ الْجِنِ‏ ، و المشهور أن هذا الاستماع هو المذكور في الأحقاف في قوله تعالى: وَ إِذْ صَرَفْنا إِلَيْكَ نَفَراً مِنَ الْجِنِّ يَسْتَمِعُونَ الْقُرْآنَ‏ «1» ، و هي قصة واحدة. و قيل: قصتان، و الجن الذين أتوه بمكة جن نصيبين، و الذين أتوه بنخلة جن نينوى، و السورة التي استمعوها، قال عكرمة: اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ‏ «2» . و قيل: سورة الرحمن. و لم تتعرض الآية، لا هنا و لا في سورة الأحقاف، إلى أنه رآهم و كلمهم عليه الصلاة و السلام. و يظهر من‏

الحديث‏ «أن ذلك كان مرتين: إحداهما: في مبدأ مبعث رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم، و هو في الوقت الذي أخبر فيه عبد اللّه بن مسعود أنه لم يكن معه ليلة الجن، و قد كانوا فقدوه عليه الصلاة و السلام، فالتمسوه في الأودية و الشعاب فلم يجدوه. فلما أصبح، إذا هو جاء من قبل حراء، و فيه أتاني داعي الجن، فذهبت معه و قرأت عليهم القرآن، فانطلق بنا و أرانا آثارهم و آثار نارهم. و المرة الأخرى: كان معه ابن مسعود، و قد استندب صلّى اللّه عليه و سلم من يقوم معه إلى أن يتلو القرآن على الجن، فلم يقم أحد غير عبد اللّه بن مسعود، فذهب معه إلى الحجون عند الشعب، فخط عليه خطا و قال: لا تجاوزه. فانحدر عليه صلّى اللّه عليه و سلم أمثال الحجر يجرون الحجارة بأقدامهم يمشون يقرعون في دفوفهم كما تقرع النسوة في دفوفهن حتى غشوه فلا أراه فقمت فأومأ إليّ بيده أن اجلس فتلا القرآن فلم يزل صوته يرتفع و اختفوا في الأرض حتى ما أراهم».

الحديث. و يدل على أنهما قصتان، اختلافهم في العدد، فقيل: سبعة، و قيل:

تسعة، و عن زر: كانوا ثلاثة من أهل حران، و أربعة من أهل نصيبين، قرية باليمن غير القرية التي بالعراق. و عن عكرمة: كانوا اثني عشر ألفا من جزيرة الموصل، و أين سبعة من اثني عشر ألفا؟

فَقالُوا إِنَّا سَمِعْنا قُرْآناً عَجَباً : أي قالوا لقومهم لما رجعوا إليهم، و وصفوا قرآنا بقولهم‏ عَجَباً وصفا بالمصدر على سبيل المبالغة، أي هو عجب في نفسه لفصاحة كلامه، و حسن مبانيه، و دقة معانيه، و غرابة أسلوبه، و بلاغة مواعظه، و كونه مباينا لسائر الكتب. و العجب ما خرج عن أحد أشكاله و نظائره. يَهْدِي إِلَى الرُّشْدِ : أي يدعو إلى الصواب. و قيل: إلى التوحيد و الإيمان. و قرأ الجمهور: الرُّشْدِ بضم الراء و سكون الشين؛ و عيسى: بضمهما؛ و عنه أيضا: فتحهما. فَآمَنَّا بِهِ‏ : أي بالقرآن. و لما كان‏

(1) سورة الأحقاف: 46/ 29.

صفحه بعد