کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

البحر المحيط فى التفسير

الجزء الأول

خطبة الكتاب

سورة البقرة 2

[سورة البقرة(2): الآيات 1 الى 5] [سورة البقرة(2): الآيات 6 الى 7] [سورة البقرة(2): الآيات 8 الى 10] [سورة البقرة(2): الآيات 11 الى 16] [سورة البقرة(2): الآيات 17 الى 18] [سورة البقرة(2): آية 19] [سورة البقرة(2): آية 20] [سورة البقرة(2): الآيات 21 الى 22] [سورة البقرة(2): الآيات 23 الى 24] [سورة البقرة(2): آية 25] [سورة البقرة(2): الآيات 26 الى 29] [سورة البقرة(2): الآيات 30 الى 33] [سورة البقرة(2): آية 34] [سورة البقرة(2): آية 35] [سورة البقرة(2): الآيات 36 الى 39] [سورة البقرة(2): الآيات 40 الى 43] [سورة البقرة(2): الآيات 44 الى 46] [سورة البقرة(2): الآيات 47 الى 49] [سورة البقرة(2): الآيات 50 الى 53] [سورة البقرة(2): الآيات 54 الى 57] [سورة البقرة(2): الآيات 58 الى 61] [سورة البقرة(2): الآيات 62 الى 66] [سورة البقرة(2): الآيات 67 الى 74] [سورة البقرة(2): الآيات 75 الى 82] [سورة البقرة(2): الآيات 83 الى 86] [سورة البقرة(2): الآيات 87 الى 96] [سورة البقرة(2): الآيات 97 الى 103] [سورة البقرة(2): الآيات 104 الى 113] [سورة البقرة(2): الآيات 114 الى 123] [سورة البقرة(2): الآيات 124 الى 131] [سورة البقرة(2): الآيات 132 الى 141]
فهرست الجزء الأول من تفسير البحر المحيط

الجزء الثالث

سورة ال عمران

[سورة آل‏عمران(3): الآيات 1 الى 11] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 12 الى 14] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 15 الى 18] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 19 الى 22] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 23 الى 32] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 33 الى 41] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 42 الى 51] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 52 الى 61] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 62 الى 68] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 69 الى 71] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 72 الى 74] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 75 الى 79] [سورة آل‏عمران(3): آية 80] [سورة آل‏عمران(3): آية 81] [سورة آل‏عمران(3): آية 82] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 83 الى 91] [سورة آل‏عمران(3): آية 92] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 93 الى 101] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 102 الى 112] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 113 الى 120] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 121 الى 127] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 128 الى 132] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 133 الى 141] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 142 الى 152] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 153 الى 163] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 164 الى 170] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 171 الى 180] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 181 الى 185] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 186 الى 200]
فهرس الجزء الثالث

الجزء الرابع

فهرست الجزء الرابع

الجزء الخامس

فهرس الجزء الخامس

الجزء السادس

فهرس الجزء السادس

الجزء السابع

فهرس الجزء السابع

الجزء الثامن

فهرس الجزء الثامن

الجزء التاسع

فهرس الجزء التاسع

الجزء العاشر

فهرس الجزء العاشر

الجزء الحادي عشر

1 - فهرس الآيات القرآنية الكريمة

سورة البقرة سورة آل عمران سورة النساء سورة المائدة سورة الأنعام سورة الأعراف سورة الأنفال سورة التوبة سورة يونس سورة هود سورة يوسف سورة الرعد سورة إبراهيم سورة الحجر سورة النحل سورة الإسراء سورة الكهف سورة مريم سورة طه سورة الأنبياء سورة الحج سورة المؤمنون سورة النور سورة الفرقان سورة الشعراء سورة النمل سورة القصص سورة العنكبوت سورة الروم سورة لقمان سورة السجدة سورة الأحزاب سورة سبأ سورة فاطر سورة يس سورة الصافات سورة ص سورة الزمر سورة غافر سورة فصلت سورة الشورى سورة الزخرف سورة الدخان سورة الجاثية سورة الأحقاف سورة محمد سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق سورة الذاريات سورة الطور سورة النجم سورة القمر سورة الرحمن سورة الواقعة سورة الحديد سورة المجادلة سورة الحشر سورة الممتحنة سورة الصف سورة الجمعة سورة المنافقون سورة التغابن سورة الطلاق سورة التحريم سورة الملك سورة القلم سورة الحاقة سورة المعارج سورة نوح سورة الجن سورة المزمل سورة المدثر سورة القيامة سورة الإنسان سورة المرسلات سورة النبأ سورة النازعات سورة عبس سورة التكوير سورة الانفطار سورة المطففين سورة الإنشقاق سورة البروج سورة الطارق سورة الأعلى سورة الغاشية سورة الفجر سورة البلد سورة الشمس سورة الليل سورة الضحى سورة الشرح سورة التين سورة العلق سورة البينة سورة الزلزلة سورة العاديات سورة القارعة سورة التكاثر سورة العصر سورة الهمزة سورة الفيل سورة قريش سورة الماعون سورة الكوثر سورة الكافرون سورة النصر سورة المسد سورة الإخلاص سورة الفلق سورة الناس
2 - فهرس الأحاديث و الآثار 3 - فهرس الشعوب و القبائل و الأديان 4 - فهرس الأماكن و البلاد

5 - فهرس الأبيات الشعرية

حروف الهمزة الهمزة المفتوحة الهمزة المضمومة الهمزة المكسورة حرف الباء الباء المفتوحة الباء المضمومة الباء المكسورة حرف التاء التاء المفتوحة التاء المضمومة التاء المكسورة حرف الثاء الثاء المفتوحة الثاء المكسورة حرف الجيم الجيم المفتوحة الجيم المضمومة الجيم المكسورة حرف الحاء الحاء المفتوحة الحاء المضمومة الحاء المكسورة الخاء المكسورة حرف الدال الدال المفتوحة الدال المضمومة الدال المكسورة حرف الراء الراء المفتوحة الراء المضمومة الراء المكسورة حرف الزاي الزاي المفتوحة حرف السين السين المفتوحة السين المضمومة السين المكسورة حرف الشين الشين المفتوحة الشين المكسورة حرف الصاد الصاد المفتوحة الصاد المضمومة الصاد المكسورة حرف الضاد الضاد المفتوحة الضاد المكسورة حرف الطاء الطاء المفتوحة حرف الظاء حرف العين العين المفتوحة العين المضمومة العين المكسورة الغين المكسورة حرف الفاء الفاء المفتوحة الفاء المضمومة الفاء المكسورة حرف القاف القاف المفتوحة القاف المضمومة القاف المكسورة حرف الكاف الكاف المفتوحة الكاف المضمومة الكاف المكسورة حرف اللام اللام المفتوحة اللام المضمومة اللام المكسورة حرف الميم الميم المفتوحة الميم المضمومة الميم المكسورة حرف النون النون المفتوحة النون المضمومة النون المكسورة حرف الهاء الهاء المفتوحة الهاء المكسورة الواو المفتوحة الواو المكسورة الياء المفتوحة الياء المكسورة حرف الألف
6 - فهرس أنصاف الأبيات 7 - فهرس الأمثال

البحر المحيط فى التفسير


صفحه قبل

البحر المحيط فى التفسير، ج‏10، ص: 319

مفرده تاء التأنيث و أن مفرده سماء، و اسم الجنس يجوز فيه التذكير و التأنيث، فجاء منفطر على التذكير. و قال أبو عمرو بن العلاء، و أبو عبيدة و الكسائي، و تبعهم القاضي منذر بن سعيد: مجازها السقف، فجاء عليه منفطر، و لم يقل منفطرة. و قال أبو علي أيضا: التقدير ذات انفطار كقولهم: امرأة مرضع، أي ذات رضاع، فجرى على طريق التسبب. و قال الزمخشري: أو السماء شي‏ء منفطر، فجعل منفطر صفة لخبر محذوف مقدر بمذكر و هو شي‏ء، و الانفطار: التصدع و الانشقاق؛ و الضمير في به الظاهر أنه يعود على اليوم، و الباء للسبب، أي بسبب شدة ذلك اليوم، أو ظرفية، أي فيه. و قال مجاهد: يعود على اللّه، أي بأمره و سلطانه. و الظاهر أن الضمير في‏ وَعْدُهُ‏ عائد على اليوم، فهو من إضافة المصدر إلى المفعول، أي أنه تعالى وعد عباده هذا اليوم، و هو يوم القيامة، فلا بد من إنجازه.

و يجوز أن يكون عائدا على اللّه تعالى، فيكون من إضافة المصدر إلى الفاعل، و إن لم يجر له ذكر قريب، لأنه معلوم أن الذي هذه مواعيده هو اللّه تعالى.

إِنَّ هذِهِ‏ : أي السورة، أو الأنكال و ما عطف عليه، و الأخذ الوبيل، أو آيات القرآن المتضمنة شدة القيامة، تَذْكِرَةٌ : أي موعظة، فَمَنْ شاءَ اتَّخَذَ إِلى‏ رَبِّهِ سَبِيلًا بالتقرب إليه بالطاعة، و مفعول شاء محذوف يدل عليه الشرط، لأن من شرطية، أي فمن شاء أن يتخذ سبيلا اتخذه إلى ربه، و ليست المشيئة هنا على معنى الإباحة، بل تتضمن معنى الوعد و الوعيد. إِنَّ رَبَّكَ يَعْلَمُ أَنَّكَ تَقُومُ أَدْنى‏ : تصلي، كقوله: قُمِ اللَّيْلَ‏ . لما كان أكثر أحوال الصلاة القيام عبر به عنها، و هذه الآية نزلت تخفيفا لما كان استمرار استعماله من أمر قيام الليل، إما على الوجوب، و إما على الندب، على الخلاف الذي سبق؛ أَدْنى‏ مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ‏ : أي زمانا هو أقل من ثلثي الليل، و استعير الأدنى، و هو الأقرب للأول، لأن المسافة بين الشيئين إذا دنت قل ما بينهما من الأحياز، و إذا بعدت كثر ذلك. و قرأ الجمهور: مِنْ ثُلُثَيِ‏ بضم اللام؛ و الحسن و شيبة و أبو حيوة و ابن السميفع و هشام و ابن مجاهد، عن قنبل فيما ذكر صاحب الكامل: بإسكانها، و جاء ذلك عن نافع و ابن عامر فيما ذكر صاحب اللوامح. و قرأ العربيان و نافع: و نصفه و ثلثه، بجرهما عطفا على‏ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ‏ ؛ و باقي السبعة و زيد بن علي: بالنصب عطفا على‏ أَدْنى‏ ، لأنه منصوب على الظرف، أي وقتا أدنى من ثلثي الليل. فقراءة النصب مناسبة للتقسيم الذي في أول السورة، لأنه إذا قام الليل إلا قليلا صدق عليه‏ أَدْنى‏ مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ‏ ، لأن الزمان الذي لم يقم فيه يكون الثلث و شيئا من الثلثين، فيصدق عليه قوله: إِلَّا قَلِيلًا . و أما

البحر المحيط فى التفسير، ج‏10، ص: 320

قوله: وَ نِصْفَهُ‏ فهو مطابق لقوله أولا: نِصْفَهُ‏ . و أما ثلثه فإن قوله: أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا قد ينتهي النقص في القليل إلى أن يكون الوقت ثلث الليل. و أما قوله: أَوْ زِدْ عَلَيْهِ‏ ، فإنه إذا زاد على النصف قليلا، كان الوقت أقل من الثلثين، فيكون قد طابق قوله:

أَدْنى‏ مِنْ ثُلُثَيِ اللَّيْلِ‏ ، و يكون قوله تعالى: نِصْفَهُ أَوِ انْقُصْ مِنْهُ قَلِيلًا شرحا لمبهم ما دل عليه قوله: قُمِ اللَّيْلَ إِلَّا قَلِيلًا ، و على قراءة النصب.

قال الحسن و ابن جبير: معنى تحصوه: تطيقوه، أي قدر تعالى أنهم يقدرون الزمان على ما مر في أول السورة، فلم يطيقوا قيامه لكثرته و شدته، فخفف تعالى عنهم فضلا منه، لا لعلة جهلهم بالتقدير و إحصاء الأوقات. و أما قراءة الجر، فالمعنى أنه قيام مختلف؛ مرة أدنى من الثلثين، و مرة أدنى من النصف، و مرة أدنى من الثلث، و ذلك لتعذر معرفة البشر مقادير الزمان مع عذر النوم. و تقدير الزمان حقيقة إنما هو للّه تعالى، و البشر لا يحصون ذلك، أي لا يطيقون مقادير ذلك، فتاب عليهم، أي رجع بهم من الثقل إلى الخفة و أمرهم بقيام ما تيسر. و على القراءتين يكون علمه تعالى بذلك على حسب الوقوع منهم، لأنهم قاموا تلك المقادير في أوقات مختلفة قاموا أدنى من الثلثين و نصفا و ثلثا، و قاموا أدنى من النصف و أدنى من الثلث، فلا تنافي بين القراءتين. و قرأ الجمهور: وَ ثُلُثَهُ‏ بضم اللام؛ و ابن كثير في رواية شبل: بإسكانها؛ و طائفة: معطوف على الضمير المستكن في‏ تَقُومُ‏ ، و حسنه الفصل بينهما. و قوله: وَ طائِفَةٌ مِنَ الَّذِينَ مَعَكَ‏ دليل على أنه لم يكن فرضا على الجميع، إذ لو كان فرضا، لكان التركيب: و الذين معك، إلا إن اعتقد أنهم كان منهم من يقوم في بيته، و منهم من يقوم معه، فيمكن إذ ذاك الفرضية في حق الجميع.

وَ اللَّهُ يُقَدِّرُ اللَّيْلَ وَ النَّهارَ : أي هو وحده تعالى العالم بمقادير الساعات. قال الزمخشري: و تقديم اسمه عز و جل مبتدأ مبنيا عليه يقدر هو الدال على معنى الاختصاص بالتقدير. انتهى. و هذا مذهبه، و إنما استفيد الاختصاص من سياق الكلام لا من تقديم المبتدأ. لو قلت: زيد يحفظ القرآن أو يتفقه في كتاب سيبويه، لم يدل تقديم المبتدأ على الاختصاص. و أن مخففة من الثقيلة، و الضمير في نحصوه، الظاهر أنه عائد على المصدر المفهوم من يقدر، أي أن لن تحصوا تقدير ساعات الليل و النهار، لا تحيطوا بها على الحقيقة. و قيل: الضمير يعود على القيام المفهوم من قوله: فَتابَ عَلَيْكُمْ‏ . قيل:

فيه دليل على أنه كان فيهم من ترك بعض ما أمر به. و قيل: رجع بكم من ثقل إلى خف، و من عسر إلى عسر، و رخص لكم في ترك القيام المقدر. فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنَ الْقُرْآنِ‏ :

البحر المحيط فى التفسير، ج‏10، ص: 321

عبر بالقراءة عن الصلاة لأنها بعض أركانها، كما عبر عنها بالقيام و الركوع و السجود، أي فصلوا ما تيسر عليكم من صلاة الليل. قيل: و هذا ناسخ للأول، ثم نسخا جميعا بالصلوات الخمس. و هذا الأمر بقوله: فَاقْرَؤُا ، قال الجمهور: أمر إباحة، و قال ابن جبير و جماعة: هو فرض لا بد منه، و لو خمسين آية. و قال الحسن و ابن سيرين: قيام الليل فرض، و لو قدر حلب شاة. و قيل: هو أمر بقراءة القرآن بعينها، لا كناية عن الصلاة. و إذا كان المراد: فاقرؤا في الصلاة ما تيسر، فالظاهر أنه لا يتعين ما يقرأ، بل إذا قرأ ما تيسر له و سهل عليه أجزأه و قدره، و أبو حنيفة بآية، حكاه عنه الماوردي؛ و بثلاث. حكاه ابن العربي؛ و عين مالك و الشافعي ما تيسر، قالا: هو فاتحة الكتاب، لا يعدل عنها و لا يقتصر على بعضها.

عَلِمَ أَنْ سَيَكُونُ مِنْكُمْ مَرْضى‏ : بيان لحكمة النسخ، و هي تعذر القيام على المرضى، و الضاربين في الأرض للتجارة، و المجاهدين في سبيل اللّه، فَاقْرَؤُا ما تَيَسَّرَ مِنْهُ‏ ، كرر ذلك على سبيل التوكيد. ثم أمر بعمودي الإسلام البدني و المالي، ثم قال:

وَ أَقْرِضُوا اللَّهَ قَرْضاً حَسَناً : العطف يشعر بالتغاير، فقوله: وَ آتُوا الزَّكاةَ أمر بأداء الواجب، وَ أَقْرِضُوا اللَّهَ‏ : أمر بأداء الصدقات التي يتطوع بها. و قرأ الجمهور: هُوَ خَيْراً وَ أَعْظَمَ أَجْراً بنصبهما، و احتمل هو أن يكون فصلا، و أن يكون تأكيدا لضمير النصب في‏ تَجِدُوهُ‏ . و لم يذكر الزمخشري و الحوفي و ابن عطية في إعراب هو إلا الفصل. و قال أبو البقاء: هو فصل، أو بدل، أو تأكيد. فقوله: أو بدل، و هم لو كان بدلا لطابق في النصب فكان يكون إياه. و قرأ أبو السمال و ابن السميفع: هو خير و أعظم، برفعهما على الابتداء أو الخبر. قال أبو زيد: هو لغة بني تميم، يرفعون ما بعد الفاصلة، يقولون: كان زيد هو العاقل بالرفع، و هذا البيت لقيس بن ذريح و هو:

نحن إلى ليلى و أنت تركتها

و كنت عليها بالملا أنت أقدر

قال أبو عمرو الجرمي: أنشد سيبويه هذا البيت شاهدا للرفع و القوافي مرفوعة.

و يروى: أقدر. و قال الزمخشري: و هو فصل و جاز و إن لم يقع بين معرفتين، لأن أفعل من أشبه في امتناعه من حرف التعريف المعرفة. انتهى. و ليس ما ذكر متفقا عليه. و منهم من أجازه، و ليس أفعل من أحكام الفصل و مسائله، و الخلاف الوارد فيها كثير جدا، و قد جمعنا فيه كتابا سميناه بالقول الفصل في أحكام الفصل، و أودعنا معظمه شرح التسهيل من تأليفنا.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏10، ص: 322

سورة المدّثر

[سورة المدثر (74): الآيات 1 الى 56]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ (1) قُمْ فَأَنْذِرْ (2) وَ رَبَّكَ فَكَبِّرْ (3) وَ ثِيابَكَ فَطَهِّرْ (4)

وَ الرُّجْزَ فَاهْجُرْ (5) وَ لا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ (6) وَ لِرَبِّكَ فَاصْبِرْ (7) فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ (8) فَذلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ (9)

عَلَى الْكافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ (10) ذَرْنِي وَ مَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً (11) وَ جَعَلْتُ لَهُ مالاً مَمْدُوداً (12) وَ بَنِينَ شُهُوداً (13) وَ مَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيداً (14)

ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ (15) كَلاَّ إِنَّهُ كانَ لِآياتِنا عَنِيداً (16) سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً (17) إِنَّهُ فَكَّرَ وَ قَدَّرَ (18) فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (19)

ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ (20) ثُمَّ نَظَرَ (21) ثُمَّ عَبَسَ وَ بَسَرَ (22) ثُمَّ أَدْبَرَ وَ اسْتَكْبَرَ (23) فَقالَ إِنْ هذا إِلاَّ سِحْرٌ يُؤْثَرُ (24)

إِنْ هذا إِلاَّ قَوْلُ الْبَشَرِ (25) سَأُصْلِيهِ سَقَرَ (26) وَ ما أَدْراكَ ما سَقَرُ (27) لا تُبْقِي وَ لا تَذَرُ (28) لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ (29)

عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ (30) وَ ما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ إِلاَّ مَلائِكَةً وَ ما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ إِلاَّ فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَ يَزْدادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيماناً وَ لا يَرْتابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَ الْمُؤْمِنُونَ وَ لِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَ الْكافِرُونَ ما ذا أَرادَ اللَّهُ بِهذا مَثَلاً كَذلِكَ يُضِلُّ اللَّهُ مَنْ يَشاءُ وَ يَهْدِي مَنْ يَشاءُ وَ ما يَعْلَمُ جُنُودَ رَبِّكَ إِلاَّ هُوَ وَ ما هِيَ إِلاَّ ذِكْرى‏ لِلْبَشَرِ (31) كَلاَّ وَ الْقَمَرِ (32) وَ اللَّيْلِ إِذْ أَدْبَرَ (33) وَ الصُّبْحِ إِذا أَسْفَرَ (34)

إِنَّها لَإِحْدَى الْكُبَرِ (35) نَذِيراً لِلْبَشَرِ (36) لِمَنْ شاءَ مِنْكُمْ أَنْ يَتَقَدَّمَ أَوْ يَتَأَخَّرَ (37) كُلُّ نَفْسٍ بِما كَسَبَتْ رَهِينَةٌ (38) إِلاَّ أَصْحابَ الْيَمِينِ (39)

فِي جَنَّاتٍ يَتَساءَلُونَ (40) عَنِ الْمُجْرِمِينَ (41) ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ (42) قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ (43) وَ لَمْ نَكُ نُطْعِمُ الْمِسْكِينَ (44)

وَ كُنَّا نَخُوضُ مَعَ الْخائِضِينَ (45) وَ كُنَّا نُكَذِّبُ بِيَوْمِ الدِّينِ (46) حَتَّى أَتانَا الْيَقِينُ (47) فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ (48) فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ مُعْرِضِينَ (49)

كَأَنَّهُمْ حُمُرٌ مُسْتَنْفِرَةٌ (50) فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ (51) بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ أَنْ يُؤْتى‏ صُحُفاً مُنَشَّرَةً (52) كَلاَّ بَلْ لا يَخافُونَ الْآخِرَةَ (53) كَلاَّ إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ (54)

فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ (55) وَ ما يَذْكُرُونَ إِلاَّ أَنْ يَشاءَ اللَّهُ هُوَ أَهْلُ التَّقْوى‏ وَ أَهْلُ الْمَغْفِرَةِ (56)

البحر المحيط فى التفسير، ج‏10، ص: 323

تدثر: لبس الدثار، و هو الثوب الذي فوق الشعار، و الشعار: الثوب الذي يلي الجسد، و منه‏

قوله صلّى اللّه عليه و سلم: «الأنصار شعار و الناس دثار».

النقر: الصوت، قال الشاعر:

أخفضه بالنقر لما علوته‏

و يرفع طرفا غير خاف غضيض‏

و قال الراجز:

أنا ابن ماوية إذ جد النقر يريد النقر، فنقل الحركة، فالناقور فاعول منه، كالجاسوس مأخوذ من التجسس.

عبس يعبس عبسا و عبوسا: قطب، و العبس: ما تعلق بأذناب الإبل من أبعارها و أبوالها.

قال أبو النجم:

كأن في أذنابهن الشوّل‏

من عبس الضيف قرون الإبل‏

بسر: قبض ما بين عينيه و أربد وجهه، قال:

صحبنا تميما غداة الجفار

بشهبا ملومة باسره‏

و أهل اليمن يقولون: بسر المركب و أبسر إذا وقف، و قد أبسرنا، و تقول العرب: وجه باسر بين البسور، إذا تغير و اسود، لاحه البسر: غير خلقته، قال:

تقول ما لاحك يا مسافر

يا ابنة عمي لاحنى الهواجر

و قال آخر:

و تعجب هند إن رأتني شاحبا

تقول لشي‏ء لوحته السمائم‏

و قال الأخفش: اللوح: شدة العطش، لاحه العطش و لوحه غيره.

و قال الشاعر:

سقتني على لوح من الماء شربة

سقاها به اللّه الرهام الغواديا

البحر المحيط فى التفسير، ج‏10، ص: 324

و يقال: التاح، أي عطش. القسورة: الرماة و الصيادون، قاله ابن كيسان؛ أو الأسد، قاله جماعة من اللغويين، قال:

مضمر تحدره الأبطال‏

كأنه القسورة الريبال‏

أو الرجال الشداد، قال لبيد:

إذا ما هتفنا هتفة في ندينا

أتانا الرجال الصائدون القساور

أو ظلمة أول الليل لا ظلمة آخره، قاله ابن الأعرابي و ثعلب.

يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ، قُمْ فَأَنْذِرْ، وَ رَبَّكَ فَكَبِّرْ، وَ ثِيابَكَ فَطَهِّرْ، وَ الرُّجْزَ فَاهْجُرْ، وَ لا تَمْنُنْ تَسْتَكْثِرُ، وَ لِرَبِّكَ فَاصْبِرْ، فَإِذا نُقِرَ فِي النَّاقُورِ، فَذلِكَ يَوْمَئِذٍ يَوْمٌ عَسِيرٌ، عَلَى الْكافِرِينَ غَيْرُ يَسِيرٍ، ذَرْنِي وَ مَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً، وَ جَعَلْتُ لَهُ مالًا مَمْدُوداً، وَ بَنِينَ شُهُوداً، وَ مَهَّدْتُ لَهُ تَمْهِيداً، ثُمَّ يَطْمَعُ أَنْ أَزِيدَ، كَلَّا إِنَّهُ كانَ لِآياتِنا عَنِيداً، سَأُرْهِقُهُ صَعُوداً، إِنَّهُ فَكَّرَ وَ قَدَّرَ، فَقُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ، ثُمَّ قُتِلَ كَيْفَ قَدَّرَ، ثُمَّ نَظَرَ، ثُمَّ عَبَسَ وَ بَسَرَ، ثُمَّ أَدْبَرَ وَ اسْتَكْبَرَ، فَقالَ إِنْ هذا إِلَّا سِحْرٌ يُؤْثَرُ، إِنْ هذا إِلَّا قَوْلُ الْبَشَرِ، سَأُصْلِيهِ سَقَرَ، وَ ما أَدْراكَ ما سَقَرُ، لا تُبْقِي وَ لا تَذَرُ، لَوَّاحَةٌ لِلْبَشَرِ، عَلَيْها تِسْعَةَ عَشَرَ، وَ ما جَعَلْنا أَصْحابَ النَّارِ إِلَّا مَلائِكَةً وَ ما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً لِلَّذِينَ كَفَرُوا لِيَسْتَيْقِنَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَ يَزْدادَ الَّذِينَ آمَنُوا إِيماناً وَ لا يَرْتابَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ وَ الْمُؤْمِنُونَ وَ لِيَقُولَ الَّذِينَ فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ وَ الْكافِرُونَ ما ذا أَرادَ اللَّهُ بِهذا مَثَلًا .

هذه السورة مكية، قال ابن عطية بإجماع. و في التحرير، قال مقاتل: إلا آية و هي:

وَ ما جَعَلْنا عِدَّتَهُمْ إِلَّا فِتْنَةً . و مناسبتها لما قبلها أن في ما قبلها ذَرْنِي وَ الْمُكَذِّبِينَ‏ «1» ، و فيه‏ إِنَّ هذِهِ تَذْكِرَةٌ* «2» ، فناسب‏ يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ قُمْ فَأَنْذِرْ ، و ناسب ذكر يوم القيامة بعد، و ذكر بعض المكذبين في قوله: ذَرْنِي وَ مَنْ خَلَقْتُ وَحِيداً .

قال الجمهور: لما فزع من رؤية جبريل على كرسي بين السماء و الأرض و رعب منه، رجع إلى خديجة فقال: زملوني دثروني، نزلت‏

يا أَيُّهَا الْمُدَّثِّرُ .

قال النخعي و قتادة و عائشة: نودي و هو في حال تدثره، فدعى بحال من أحواله. و روي‏ أنه كان تدثر في قطيفة. قيل: و كان يسمع من قريش ما كرهه، فاغتم و تغطى بثوبه مفكرا، فأمر أن لا يدع إنذارهم و إن أسمعوه و آذوه.

و قال عكرمة معناه: يا أيها المدثر للنبوة و أثقالها، كما قال في‏

(1) سورة المزمل: 73/ 11.

(2) سورة المزمل: 73/ 19.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏10، ص: 325

المزمل. و قرأ الجمهور: الْمُدَّثِّرُ بشد الدال. و أصله المتدثر فأدغم، و كذا هو في حرف أبيّ على الأصل. و قرأ عكرمة: بتخفيف الدال، كما قرى‏ء بتخفيف الزاي في المزمل، أي دثر نفسه. و عن عكرمة أيضا: فتح التاء اسم مفعول، و قال: دثرت هذا الأمر و عصب بك.

قُمْ فَأَنْذِرْ : أي قم من مضجعك، أو قم بمعنى الأخذ في الشي‏ء، كما تقول: قام زيد يضرب عمرا، أي أخذ، و كما قال:

علام قام يشتمني لئيم أي أخذ، و المعنى قم قيام تصميم وجد، فَأَنْذِرْ : أي حذر عذاب اللّه و وقائعه، و الإنذار عام بجميع الناس و بعثه إلى الخلق. وَ رَبَّكَ فَكَبِّرْ : أي فعظم كبرياءه. و قال الزمخشري: و اختص ربك بالتكبير، و هو الوصف بالكبرياء، و أن يقال: اللّه أكبر. انتهى.

و هذا على مذهبه من أن تقديم المفعول على الفعل يدل على الاختصاص، قال: و دخلت الفاء لمعنى الشرط، كأنه قيل: و ما كان فلا تدع تكبيره. انتهى. و هو قريب مما قدره النحاة في قولك: زيدا فاضرب، قالوا تقديره: تنبه فاضرب زيدا، فالفاء هي جواب الأمر، و هذا الأمر إما مضمن معنى الشرط، و إما الشرط بعده محذوف على الخلاف الذي فيه عند النحاة. وَ ثِيابَكَ فَطَهِّرْ : الظاهر أنه أمر بتطهير الثياب من النجاسات، لأن طهارة الثياب شرط في صحة الصلاة، و يقبح أن تكون ثياب المؤمن نجسة، و القول بأنها الثياب حقيقة هو قول ابن سيرين و ابن زيد و الشافعي، و من هذه الآية ذهب الشافعي إلى وجوب غسل النجاسة من ثياب المصلي. و قيل: تطهيرها: تقصيرها، و مخالفة العرب في تطويل الثياب و جرهم الذيول على سبيل الفخر و التكبر، قال الشاعر:

ثم راحوا عبق المسك بهم‏

يلحفون الأرض هداب الأزر

و لا يؤمن من أصابتها النجاسة و

في الحديث: «أزرة المؤمن إلى أنصاف ساقيه، لا جناح عليه فيما بينه و بين الكعبين، ما كان أسفل من ذلك ففي النار».

و ذهب الجمهور إلى أن الثياب هنا مجاز. فقال ابن عباس و الضحاك: تطهيرها أن لا تكون تتلبس بالقذر.

و قال ابن عباس و ابن جبير أيضا: كنى بالثياب عن القلب، كما قال امرؤ القيس:

فسلي ثيابي من ثيابك تنسلي أي قلبي من قلبك و على الطهارة من القذر، و أنشد قول غيلان بن سلمة الثقفي:

إني بحمد اللّه لا ثوب غادر

صفحه بعد