کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

البحر المحيط فى التفسير

الجزء الأول

خطبة الكتاب

سورة البقرة 2

[سورة البقرة(2): الآيات 1 الى 5] [سورة البقرة(2): الآيات 6 الى 7] [سورة البقرة(2): الآيات 8 الى 10] [سورة البقرة(2): الآيات 11 الى 16] [سورة البقرة(2): الآيات 17 الى 18] [سورة البقرة(2): آية 19] [سورة البقرة(2): آية 20] [سورة البقرة(2): الآيات 21 الى 22] [سورة البقرة(2): الآيات 23 الى 24] [سورة البقرة(2): آية 25] [سورة البقرة(2): الآيات 26 الى 29] [سورة البقرة(2): الآيات 30 الى 33] [سورة البقرة(2): آية 34] [سورة البقرة(2): آية 35] [سورة البقرة(2): الآيات 36 الى 39] [سورة البقرة(2): الآيات 40 الى 43] [سورة البقرة(2): الآيات 44 الى 46] [سورة البقرة(2): الآيات 47 الى 49] [سورة البقرة(2): الآيات 50 الى 53] [سورة البقرة(2): الآيات 54 الى 57] [سورة البقرة(2): الآيات 58 الى 61] [سورة البقرة(2): الآيات 62 الى 66] [سورة البقرة(2): الآيات 67 الى 74] [سورة البقرة(2): الآيات 75 الى 82] [سورة البقرة(2): الآيات 83 الى 86] [سورة البقرة(2): الآيات 87 الى 96] [سورة البقرة(2): الآيات 97 الى 103] [سورة البقرة(2): الآيات 104 الى 113] [سورة البقرة(2): الآيات 114 الى 123] [سورة البقرة(2): الآيات 124 الى 131] [سورة البقرة(2): الآيات 132 الى 141]
فهرست الجزء الأول من تفسير البحر المحيط

الجزء الثالث

سورة ال عمران

[سورة آل‏عمران(3): الآيات 1 الى 11] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 12 الى 14] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 15 الى 18] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 19 الى 22] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 23 الى 32] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 33 الى 41] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 42 الى 51] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 52 الى 61] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 62 الى 68] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 69 الى 71] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 72 الى 74] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 75 الى 79] [سورة آل‏عمران(3): آية 80] [سورة آل‏عمران(3): آية 81] [سورة آل‏عمران(3): آية 82] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 83 الى 91] [سورة آل‏عمران(3): آية 92] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 93 الى 101] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 102 الى 112] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 113 الى 120] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 121 الى 127] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 128 الى 132] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 133 الى 141] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 142 الى 152] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 153 الى 163] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 164 الى 170] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 171 الى 180] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 181 الى 185] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 186 الى 200]
فهرس الجزء الثالث

الجزء الرابع

فهرست الجزء الرابع

الجزء الخامس

فهرس الجزء الخامس

الجزء السادس

فهرس الجزء السادس

الجزء السابع

فهرس الجزء السابع

الجزء الثامن

فهرس الجزء الثامن

الجزء التاسع

فهرس الجزء التاسع

الجزء العاشر

فهرس الجزء العاشر

الجزء الحادي عشر

1 - فهرس الآيات القرآنية الكريمة

سورة البقرة سورة آل عمران سورة النساء سورة المائدة سورة الأنعام سورة الأعراف سورة الأنفال سورة التوبة سورة يونس سورة هود سورة يوسف سورة الرعد سورة إبراهيم سورة الحجر سورة النحل سورة الإسراء سورة الكهف سورة مريم سورة طه سورة الأنبياء سورة الحج سورة المؤمنون سورة النور سورة الفرقان سورة الشعراء سورة النمل سورة القصص سورة العنكبوت سورة الروم سورة لقمان سورة السجدة سورة الأحزاب سورة سبأ سورة فاطر سورة يس سورة الصافات سورة ص سورة الزمر سورة غافر سورة فصلت سورة الشورى سورة الزخرف سورة الدخان سورة الجاثية سورة الأحقاف سورة محمد سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق سورة الذاريات سورة الطور سورة النجم سورة القمر سورة الرحمن سورة الواقعة سورة الحديد سورة المجادلة سورة الحشر سورة الممتحنة سورة الصف سورة الجمعة سورة المنافقون سورة التغابن سورة الطلاق سورة التحريم سورة الملك سورة القلم سورة الحاقة سورة المعارج سورة نوح سورة الجن سورة المزمل سورة المدثر سورة القيامة سورة الإنسان سورة المرسلات سورة النبأ سورة النازعات سورة عبس سورة التكوير سورة الانفطار سورة المطففين سورة الإنشقاق سورة البروج سورة الطارق سورة الأعلى سورة الغاشية سورة الفجر سورة البلد سورة الشمس سورة الليل سورة الضحى سورة الشرح سورة التين سورة العلق سورة البينة سورة الزلزلة سورة العاديات سورة القارعة سورة التكاثر سورة العصر سورة الهمزة سورة الفيل سورة قريش سورة الماعون سورة الكوثر سورة الكافرون سورة النصر سورة المسد سورة الإخلاص سورة الفلق سورة الناس
2 - فهرس الأحاديث و الآثار 3 - فهرس الشعوب و القبائل و الأديان 4 - فهرس الأماكن و البلاد

5 - فهرس الأبيات الشعرية

حروف الهمزة الهمزة المفتوحة الهمزة المضمومة الهمزة المكسورة حرف الباء الباء المفتوحة الباء المضمومة الباء المكسورة حرف التاء التاء المفتوحة التاء المضمومة التاء المكسورة حرف الثاء الثاء المفتوحة الثاء المكسورة حرف الجيم الجيم المفتوحة الجيم المضمومة الجيم المكسورة حرف الحاء الحاء المفتوحة الحاء المضمومة الحاء المكسورة الخاء المكسورة حرف الدال الدال المفتوحة الدال المضمومة الدال المكسورة حرف الراء الراء المفتوحة الراء المضمومة الراء المكسورة حرف الزاي الزاي المفتوحة حرف السين السين المفتوحة السين المضمومة السين المكسورة حرف الشين الشين المفتوحة الشين المكسورة حرف الصاد الصاد المفتوحة الصاد المضمومة الصاد المكسورة حرف الضاد الضاد المفتوحة الضاد المكسورة حرف الطاء الطاء المفتوحة حرف الظاء حرف العين العين المفتوحة العين المضمومة العين المكسورة الغين المكسورة حرف الفاء الفاء المفتوحة الفاء المضمومة الفاء المكسورة حرف القاف القاف المفتوحة القاف المضمومة القاف المكسورة حرف الكاف الكاف المفتوحة الكاف المضمومة الكاف المكسورة حرف اللام اللام المفتوحة اللام المضمومة اللام المكسورة حرف الميم الميم المفتوحة الميم المضمومة الميم المكسورة حرف النون النون المفتوحة النون المضمومة النون المكسورة حرف الهاء الهاء المفتوحة الهاء المكسورة الواو المفتوحة الواو المكسورة الياء المفتوحة الياء المكسورة حرف الألف
6 - فهرس أنصاف الأبيات 7 - فهرس الأمثال

البحر المحيط فى التفسير


صفحه قبل

البحر المحيط فى التفسير، ج‏10، ص: 338

خبرا عن المذكر أتى بغير تاء، و حيث كان خبرا عن المؤنث أتى بالتاء، كما في هذه الآية.

فأما الذي في البيت فأنث على معنى النفس. إِلَّا أَصْحابَ الْيَمِينِ‏ ، قال ابن عباس: هم الملائكة. و

قال عليّ: هم أطفال المسلمين.

فعلى هذين القولين يكون استثناء منقطعا، أي لكن أصحاب اليمين في جنات. و قال الحسن و ابن كيسان: هم المسلمون المخلصون، ليسوا بمرتهنين لأنهم أدوا ما كان عليهم، و هذا كقول الضحاك الذي تقدم.

و قال الزمخشري: إِلَّا أَصْحابَ الْيَمِينِ‏ ، فإنهم فكوا عنه رقابهم بما أطابوه من كسبهم، كما يخلص الراهن رهنه بأداء الحق. انتهى. و ظاهر هذا أنه استثناء متصل في جنات، أي هم‏ فِي جَنَّاتٍ يَتَساءَلُونَ‏ : أي يسأل بعضهم بعضا، أو يكون يتساءل بمعنى يسأل، أي يسألون عنهم غيرهم، كما يقال: دعوته و تداعوته بمعناه. و على هذين التقديرين كيف جاء ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ بالخطاب للمجرمين، و في الكلام حذف، المعنى: أن أصحاب اليمين يسأل بعضهم بعضا، أو يسألون غيرهم عن من غاب من معارفهم، فإذا عرفوا أنهم مجرمون في النار قالوا لهم، أو قالت لهم الملائكة: هكذا قدره بعضهم، و الأقرب أن يكون التقدير: يتساءلون عن المجرمين قائلين لهم بعد التساؤل: ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ .

و قال الزمخشري: فإن قلت: كيف طابق قوله: ما سَلَكَكُمْ‏ ؟ و هو سؤال للمجرمين، قوله: يَتَساءَلُونَ عَنِ الْمُجْرِمِينَ‏ ؟ و هو سؤال عنهم، و إنما كان يطابق ذلك لو قيل يتساءلون عن المجرمين ما سلككم؟ قلت: ما سَلَكَكُمْ‏ ليس ببيان للتساؤل عنهم، و إنما هو حكاية قول المسئولين عنهم، لأن المسئولين يلقون إلى السائلين ما جرى بينهم و بين المجرمين فيقولون: قلنا لهم‏ ما سَلَكَكُمْ فِي سَقَرَ ، قالُوا لَمْ نَكُ مِنَ الْمُصَلِّينَ‏ ، إلا أن الكلام جي‏ء به على الحذف و الاختصار، كما هو نهج التنزيل في غرابة نظمه.

انتهى، و فيه تعسف. و الأظهر أن السائلين هم المتسائلون، و ما سلككم على إضمار القول كما ذكرنا، و سؤالهم سؤال توبيخ لهم و تحقير، و إلا فهم عالمون ما الذي أدخلهم النار.

و الجواب أنهم لم يكونوا متصفين بخصائل الإسلام من إقامة الصلاة و إيتاء الزكاة، ثم ارتقوا من ذلك إلى الأعظم و هو الكفر و التكذيب بيوم الجزاء، كقولهم: فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ «1» ، ثم قال: ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا «2» . و اليقين: أي يقينا على إنكار يوم الجزاء، أي وقت الموت. و قال ابن عطية: و اليقين عندي صحة ما كانوا يكذبون من الرجوع إلى اللّه تعالى و الدار الآخرة. و قال المفسرون: اليقين: الموت، و ذلك عندي هنا متعقب، لأن نفس‏

(1) سورة البلد: 90/ 11.

(2) سورة البلد: 90/ 17.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏10، ص: 339

الموت يقين عند الكافر و هو حي. و إنما اليقين الذي عنوا في هذه الآية الشي‏ء الذي كانوا يكذبون به و هم أحياء في الدنيا فتيقنوه بعد الموت، و إنما يتفسر اليقين بالموت في قوله تعالى: وَ اعْبُدْ رَبَّكَ حَتَّى يَأْتِيَكَ الْيَقِينُ‏ «1» . فَما تَنْفَعُهُمْ شَفاعَةُ الشَّافِعِينَ‏ : ليس المعنى أنهم يشفع لهم فلا تنفع شفاعة من يشفع لهم، و إنما المعنى نفي الشفاعة فانتفى النفع، أي لا شفاعة شافعين لهم فتنفعهم من باب:

على لاحب لا يهتدى بمناره أي: لا منار له فيهتدي به. و تخصيصهم بانتفاء شفاعة الشافعين يدل على أنه قد تكون شفاعات و ينتفع بها، و وردت أحاديث في صحة ذلك. فَما لَهُمْ عَنِ التَّذْكِرَةِ :

و هي مواعظ القرآن التي تذكر الآخرة، مُعْرِضِينَ‏ : أي و الحال المنتظرة هذه الموصوفة.

ثم شبههم بالحمر المستنفرة في شدة إعراضهم و نفارهم عن الإيمان و آيات اللّه تعالى. و قرأ الجمهور: حُمُرٌ بضم الميم؛ و الأعمش: بإسكانها. قال ابن عباس: المراد الحمر الوحشية، شبههم تعالى بالحمر مذمة و تهجينا لهم. و قرأ نافع و ابن عامر و المفضل عن عاصم: مُسْتَنْفِرَةٌ بفتح الفاء، و المعنى: استنفرها: فزعها من القسورة؛ و باقي السبعة:

بكسرها، أي نافرة نفر، و استنفر بمعنى عجب و استعجب و سر و استسخر، و منه قول الشاعر:

أمسك حمارك إنه مستنفر

في إثر أحمرة عهدن لعرّب‏

و يناسب الكسر قوله: فَرَّتْ‏ . و قال محمد بن سلام: سألت أبا سرار العتوي، و كان أعرابيا فصيحا، فقلت: كأنهم حمر ماذا مستنفرة طردها قسورة؟ فقلت: إنما هو فَرَّتْ مِنْ قَسْوَرَةٍ ، قال: أ فرّت؟ قلت: نعم، قال: فمستنفرة إذن. قال ابن عباس و أبو موسى الأشعري و قتادة و عكرمة: القسورة: الرماة. و قال ابن عباس أيضا و أبو هريرة و جمهور من اللغويين: الأسد. و قال ابن جبير: رجال القنص، و هو قريب من القول الأول، و قاله ابن عباس أيضا. و قال ابن الأعرابي: القسورة أول الليل، و المعنى: فرّت من ظلمة الليل، و لا شي‏ء أشدّ نفارا من حمر الوحش، و لذلك شبهت بها العرب الإبل في سرعة سيرها و خفتها.

بَلْ يُرِيدُ كُلُّ امْرِئٍ مِنْهُمْ‏ : أي من المعرضين عن عظات اللّه و آياته،

(1) سورة الحجر: 15/ 99.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏10، ص: 340

أَنْ يُؤْتى‏ صُحُفاً مُنَشَّرَةً : أي منشورة غير مطوية تقرأ كالكتب التي يتكاتب بها، أو كتبت في السماء نزلت بها الملائكة ساعة كتبت رطبة لم تطو بعد، و ذلك‏

أنهم قالوا لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم: لن نتبعك حتى يؤتى كل واحد منا بكتاب من السماء عنوانه: من رب العالمين إلى فلان بن فلان، يؤمر فيها باتباعك، و نحوه‏ لَنْ نُؤْمِنَ لِرُقِيِّكَ حَتَّى تُنَزِّلَ عَلَيْنا كِتاباً نَقْرَؤُهُ‏ «1» . و روي‏ أن بعضهم قال: إن كان يكتب في صحف ما يعمل كل إنسان، فلتعرض تلك الصحف علينا، فنزلت هذه الآية.

و قرأ الجمهور: صُحُفاً بضم الصاد و الحاء، مُنَشَّرَةً مشدّدا؛ و ابن جبير: بإسكانها منشرة مخففا، و نشر و أنشر مثل نزل و أنزل. شبه نشر الصحيفة بإنشار اللّه الموتى، فعبر عنه بمنشرة من أنشرت، و المحفوظ في الصحيفة و الثوب نشر مخففا ثلاثيا، و يقال في الميت: أنشره اللّه فنشر هو، أي أحياه فحيي.

كَلَّا : ردع عن إرادتهم تلك و زجر لهم عن اقتراح الآيات، بَلْ لا يَخافُونَ الْآخِرَةَ ، و لذلك أعرضوا عن التذكرة لا لامتناع إيتاء الصحف. و قرأ الجمهور:

يَخافُونَ‏ بياء الغيبة؛ و أبو حيوة: بتاء الخطاب التفاتا. كَلَّا : ردع عن إعراضهم عن التذكرة، إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ فَمَنْ شاءَ ذَكَرَهُ‏ : ذكر في إنه و في ذكره، لأن التذكرة ذكر. و قرأ نافع و سلام و يعقوب: تذكرة بتاء الخطاب ساكنة الذال؛ و باقي السبعة و أبو جعفر و الأعمش و طلحة و عيسى و الأعرج: بالياء. و روي عن أبي حيوة: يذكرون بياء الغيبة و شد الذال.

و روي عن أبي جعفر: تذكرون بالتاء و إدغام التاء في الذال. هُوَ أَهْلُ التَّقْوى‏ : أي أهل أن يتقى و يخاف، و أهل أن يغفر. و

روى أنس بن مالك رضي اللّه تعالى عنه‏ أن النبي صلّى اللّه عليه و سلم فسر هذه الآية فقال: «يقول لكم ربكم جلت قدرته و عظمته: أنا أهل أن أتقى، فلا يجعل يتقى إله غيري، و من اتقى أن يجعل معي إلها غيري فأنا أغفر له».

و قال الزمخشري: في قوله تعالى‏ وَ ما يَذْكُرُونَ إِلَّا أَنْ يَشاءَ اللَّهُ‏ ، يعني: إلا أن يقسرهم على الذكر و يلجئهم إليه، لأنهم مطبوع على قلوبهم معلوم أنهم لا يؤمنون اختيارا.

(1) سورة الإسراء: 17/ 93.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏10، ص: 341

سورة القيمة

[سورة القيامة (75): الآيات 1 الى 40]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ (1) وَ لا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ (2) أَ يَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ (3) بَلى‏ قادِرِينَ عَلى‏ أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ (4)

بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسانُ لِيَفْجُرَ أَمامَهُ (5) يَسْئَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيامَةِ (6) فَإِذا بَرِقَ الْبَصَرُ (7) وَ خَسَفَ الْقَمَرُ (8) وَ جُمِعَ الشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ (9)

يَقُولُ الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ الْمَفَرُّ (10) كَلاَّ لا وَزَرَ (11) إِلى‏ رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ (12) يُنَبَّؤُا الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ بِما قَدَّمَ وَ أَخَّرَ (13) بَلِ الْإِنْسانُ عَلى‏ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ (14)

وَ لَوْ أَلْقى‏ مَعاذِيرَهُ (15) لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ (16) إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَ قُرْآنَهُ (17) فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ (18) ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ (19)

كَلاَّ بَلْ تُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ (20) وَ تَذَرُونَ الْآخِرَةَ (21) وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ (22) إِلى‏ رَبِّها ناظِرَةٌ (23) وَ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ (24)

تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِها فاقِرَةٌ (25) كَلاَّ إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ (26) وَ قِيلَ مَنْ راقٍ (27) وَ ظَنَّ أَنَّهُ الْفِراقُ (28) وَ الْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ (29)

إِلى‏ رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ (30) فَلا صَدَّقَ وَ لا صَلَّى (31) وَ لكِنْ كَذَّبَ وَ تَوَلَّى (32) ثُمَّ ذَهَبَ إِلى‏ أَهْلِهِ يَتَمَطَّى (33) أَوْلى‏ لَكَ فَأَوْلى‏ (34)

ثُمَّ أَوْلى‏ لَكَ فَأَوْلى‏ (35) أَ يَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً (36) أَ لَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى‏ (37) ثُمَّ كانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى (38) فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَ الْأُنْثى‏ (39)

أَ لَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلى‏ أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى‏ (40)

برق بكسر الراء: فزع و دهش، و أصله من برق الرجل، إذا نظر إلى البرق فدهش بصره، و منه قول ذي الرمّة:

البحر المحيط فى التفسير، ج‏10، ص: 342

و لو أنّ لقمان الحكيم تعرّضت‏

لعينيه ميّ سافرا كاد يبرق‏

قال الأعشى:

و كنت أرى في وجه مية لمحة

فأبرق مغشيا عليّ مكانيا

و برق بفتح الراء: شق بصره، و هو من البريق، أي لمع بصره من شدّة شخوصه.

الوزر: ما يلجأ إليه من حصن أو جبل أو غيرهما، قال الشاعر:

لعمرك ما للفتى من وزر

من الموت يدركه و الكبر

النضرة: النعمة و جمال البشرة و طراوتها، قال الشاعر:

أبى لي قبر لا يزال مقابلي‏

و ضربة فاس فوق رأسي فاقره‏

أي: مؤثرة. التراقي جمع ترقوة: و هي عظام الصدر، و لكل إنسان ترقوتان، و هو موضع الحشرجة، قال دريد بن الصمة:

و رب عظيمة دافعت عنهم‏

و قد بلغت نفوسهم التراقي‏

رقي يرقى من الرقية، و هي ما يستشفى به للمريض من الكلام المعد لذلك. تمطى:

تبختر في مشيته، و أصله من المطا و هو الظهر، أي يلوي مطاه تبخترا. و قيل: أصله تمطط: أي تمدّد في مشيته، و مد منكبيه، قلبت الطاء فيه حرف علة كراهة اجتماع الأمثال، كما قالوا: تظنى من الظن، و أصله تظنن، و المطيطا: التبختر و مد اليدين في المشي، و المطيط: الماء الحاثر في أسفل الحوض، لأنه يتمطط فيه، أي يمتد؛ و على هذا الاشتقاق لا يكون أصله من المط لاختلاف المادتين، إذ مادة المطام ط و، و مادة تمطط م ط ط.

سدى: مهمل، يقال إبل سدى: أي مهملة ترعى حيث شاءت بلا راع، و أسديت الشي‏ء:

أي أهملته، و أسديت حاجتي: ضيعتها. قال الشاعر:

فأقسم باللّه جهد اليمين‏

ما خلق اللّه شيئا سدى‏

و قال أبو بكر بن دريد في المقصورة:

لم أر كالمزن سواما بهلا

تحسبها مرعية. و هي سدى‏

لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ، وَ لا أُقْسِمُ بِالنَّفْسِ اللَّوَّامَةِ، أَ يَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ، بَلى‏ قادِرِينَ عَلى‏ أَنْ نُسَوِّيَ بَنانَهُ، بَلْ يُرِيدُ الْإِنْسانُ لِيَفْجُرَ أَمامَهُ، يَسْئَلُ أَيَّانَ يَوْمُ الْقِيامَةِ، فَإِذا بَرِقَ الْبَصَرُ، وَ خَسَفَ الْقَمَرُ، وَ جُمِعَ الشَّمْسُ وَ الْقَمَرُ، يَقُولُ الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ أَيْنَ‏

البحر المحيط فى التفسير، ج‏10، ص: 343

الْمَفَرُّ، كَلَّا لا وَزَرَ، إِلى‏ رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمُسْتَقَرُّ، يُنَبَّؤُا الْإِنْسانُ يَوْمَئِذٍ بِما قَدَّمَ وَ أَخَّرَ، بَلِ الْإِنْسانُ عَلى‏ نَفْسِهِ بَصِيرَةٌ، وَ لَوْ أَلْقى‏ مَعاذِيرَهُ، لا تُحَرِّكْ بِهِ لِسانَكَ لِتَعْجَلَ بِهِ، إِنَّ عَلَيْنا جَمْعَهُ وَ قُرْآنَهُ، فَإِذا قَرَأْناهُ فَاتَّبِعْ قُرْآنَهُ، ثُمَّ إِنَّ عَلَيْنا بَيانَهُ، كَلَّا بَلْ تُحِبُّونَ الْعاجِلَةَ، وَ تَذَرُونَ الْآخِرَةَ، وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ ناضِرَةٌ، إِلى‏ رَبِّها ناظِرَةٌ، وَ وُجُوهٌ يَوْمَئِذٍ باسِرَةٌ، تَظُنُّ أَنْ يُفْعَلَ بِها فاقِرَةٌ، كَلَّا إِذا بَلَغَتِ التَّراقِيَ، وَ قِيلَ مَنْ راقٍ، وَ ظَنَّ أَنَّهُ الْفِراقُ، وَ الْتَفَّتِ السَّاقُ بِالسَّاقِ، إِلى‏ رَبِّكَ يَوْمَئِذٍ الْمَساقُ، فَلا صَدَّقَ وَ لا صَلَّى، وَ لكِنْ كَذَّبَ وَ تَوَلَّى، ثُمَّ ذَهَبَ إِلى‏ أَهْلِهِ يَتَمَطَّى، أَوْلى‏ لَكَ فَأَوْلى‏، ثُمَّ أَوْلى‏ لَكَ فَأَوْلى‏، أَ يَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَنْ يُتْرَكَ سُدىً، أَ لَمْ يَكُ نُطْفَةً مِنْ مَنِيٍّ يُمْنى‏، ثُمَّ كانَ عَلَقَةً فَخَلَقَ فَسَوَّى، فَجَعَلَ مِنْهُ الزَّوْجَيْنِ الذَّكَرَ وَ الْأُنْثى‏، أَ لَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ عَلى‏ أَنْ يُحْيِيَ الْمَوْتى‏ .

هذه السورة مكية. و مناسبتها لما قبلها: أن في آخر ما قبلها قوله: كَلَّا بَلْ لا يَخافُونَ الْآخِرَةَ، كَلَّا إِنَّهُ تَذْكِرَةٌ «1» ، و فيها كثير من أحوال القيامة، فذكر هنا يوم القيامة و جملا من أحوالها. و تقدّم الكلام في‏ لا أُقْسِمُ‏ . و الخلاف في لا، و الخلاف في قراءاتها في أواخر الواقعة. أقسم تعالى بيوم القيامة لعظمه و هوله. و لا أُقْسِمُ‏ ، قيل: لا نافية، نفى أن يقسم بالنفس اللوّامة و أقسم بيوم القيامة، نص على هذا الحسن؛ و الجمهور: على أن اللّه أقسم بالأمرين. و اللوّامة، قال الحسن: هي التي تلوم صاحبها في ترك الطاعة و نحوها، فهي على هذا ممدوحة، و لذلك أقسم اللّه بها. و روي نحوه عن ابن عباس و عن مجاهد، تلوم على ما فات و تندم على الشر لم فعلته، و على الخير لم لم تستكثر منه.

و قيل: النفس المتقية التي تلوم النفوس في يوم القيامة على تقصيرهنّ في التقوى. و قال ابن عباس و قتادة: هي الفاجرة الخشعة اللوّامة لصاحبها على ما فاته من سعي الدنيا و أعراضها، فهي على هذا ذميمة، و يحسن نفي القسم بها. و النفس اللوّامة: اسم جنس بهذا الوصف.

و قيل: هي نفس معينة، و هي نفس آدم عليه السلام، لم تزل لائمة له على فعله الذي أخرجه من الجنة. قال ابن عطية: و كل نفس متوسطة ليست بمطمئنة و لا أمّارة بالسوء فإنها لوّامة في الطرفين، مرّة تلوم على ترك الطاعة، و مرّة تلوم على فوت ما تشتهي، فإذا اطمأنت خلصت وصفت. انتهى. و المناسبة بين القسمين من حيث أحوال النفس من سعادتها و شقاوتها و ظهور ذلك في يوم القيامة، و جواب القسم محذوف يدل عليه يوم القيامة المقسم به و ما بعده من قوله: أَ يَحْسَبُ‏ الآية، و تقديره لتبعثن. و قال الزمخشري: فإن قلت:

(1) سورة المدثر: 74/ 53- 54.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏10، ص: 344

قوله تعالى: فَلا وَ رَبِّكَ لا يُؤْمِنُونَ‏ «1» ، و الأبيات التي أنشدتها المقسم عليه فيها منفي، و كان قد أنشد قول امرئ القيس:

لا و أبيك ابنة العامري‏

لا يدعي القوم إني أفرّ

و قول غوية بن سلمى:

ألا نادت أمامة باحتمالي‏

لتحزنني فلا بك ما أبالي‏

قال: فهلا زعمت أن لا التي للقسم زيدت موطئة للنفي بعده و مؤكدة له، و قدرت المقسم عليه المحذوف هاهنا منفيا، نحو قولك: لا أُقْسِمُ بِيَوْمِ الْقِيامَةِ ، لا تتركون سدى؟ قلت: لو قصروا الأمر على النفي دون الإثبات لكان لهذا القول مساغ، و لكنه لم يقسم. ألا ترى كيف لقي‏ لا أُقْسِمُ بِهذَا الْبَلَدِ «2» بقوله: لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ «3» ، و كذلك‏ فَلا أُقْسِمُ بِمَواقِعِ النُّجُومِ‏ «4» ، إِنَّهُ لَقُرْآنٌ كَرِيمٌ‏ «5» ؟ ثم قال الزمخشري: و جواب القسم ما دل عليه قوله: أَ يَحْسَبُ الْإِنْسانُ أَلَّنْ نَجْمَعَ عِظامَهُ‏ ، و هو لتبعثن. انتهى، و هو تقدير النحاس. و قول من قال جواب القسم هو: أَ يَحْسَبُ الْإِنْسانُ‏ . و ما روي عن الحسن أن الجواب: بَلى‏ قادِرِينَ‏ ، و ما قيل أن لا في القسمين لنفيهما، أي لا أقسم على شي‏ء، و أن التقدير: أسألك أ يحسب الإنسان؟ أقوال لا تصلح أن يرد بها، بل تطرح و لا يسود بها الورق، و لو لا أنهم سردوها في الكتب لم أنبه عليها.

و الإنسان هنا الكافر المكذب بالبعث.

روي‏ أن عدي بن ربيعة قال لرسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم:

يا محمد، حدّثني عن يوم القيامة متى يكون أمره؟ فأخبره رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم، فقال: لو عاينت ذلك اليوم لم أصدقك و لم أؤمن به، أو يجمع اللّه هذه العظام بعد بلاها، فنزلت.

و قيل:

نزلت في أبي جهل، كان يقول: أ يزعم محمد صلّى اللّه عليه و سلم أن يجمع اللّه هذه العظام بعد بلاها و تفرّقها فيعيدها خلقا جديدا؟

و قرأ الجمهور: نَجْمَعَ‏ بنون، عِظامَهُ‏ نصبا؛ و قتادة: بالتاء مبنيا للمفعول، عظامه رفعا، و المعنى: بعد تفرّقها و اختلاطها بالتراب و تطيير الرياح إياها في أقاصي الأرض. و قوله: أَ يَحْسَبُ‏ استفهام تقرير و توبيخ، حيث ينكر قدرة اللّه تعالى على إعادة المعدوم. بَلى‏ : جواب للاستفهام المنسخب على النفي، أي بلى نجمعها. و ذكر

(1) سورة النساء: 4/ 65.

(2) سورة البلد: 90/ 1.

(3) سورة البلد: 90/ 4.

(4) سورة الواقعة: 56/ 75.

صفحه بعد