کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

البحر المحيط فى التفسير

الجزء الأول

خطبة الكتاب

سورة البقرة 2

[سورة البقرة(2): الآيات 1 الى 5] [سورة البقرة(2): الآيات 6 الى 7] [سورة البقرة(2): الآيات 8 الى 10] [سورة البقرة(2): الآيات 11 الى 16] [سورة البقرة(2): الآيات 17 الى 18] [سورة البقرة(2): آية 19] [سورة البقرة(2): آية 20] [سورة البقرة(2): الآيات 21 الى 22] [سورة البقرة(2): الآيات 23 الى 24] [سورة البقرة(2): آية 25] [سورة البقرة(2): الآيات 26 الى 29] [سورة البقرة(2): الآيات 30 الى 33] [سورة البقرة(2): آية 34] [سورة البقرة(2): آية 35] [سورة البقرة(2): الآيات 36 الى 39] [سورة البقرة(2): الآيات 40 الى 43] [سورة البقرة(2): الآيات 44 الى 46] [سورة البقرة(2): الآيات 47 الى 49] [سورة البقرة(2): الآيات 50 الى 53] [سورة البقرة(2): الآيات 54 الى 57] [سورة البقرة(2): الآيات 58 الى 61] [سورة البقرة(2): الآيات 62 الى 66] [سورة البقرة(2): الآيات 67 الى 74] [سورة البقرة(2): الآيات 75 الى 82] [سورة البقرة(2): الآيات 83 الى 86] [سورة البقرة(2): الآيات 87 الى 96] [سورة البقرة(2): الآيات 97 الى 103] [سورة البقرة(2): الآيات 104 الى 113] [سورة البقرة(2): الآيات 114 الى 123] [سورة البقرة(2): الآيات 124 الى 131] [سورة البقرة(2): الآيات 132 الى 141]
فهرست الجزء الأول من تفسير البحر المحيط

الجزء الثالث

سورة ال عمران

[سورة آل‏عمران(3): الآيات 1 الى 11] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 12 الى 14] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 15 الى 18] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 19 الى 22] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 23 الى 32] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 33 الى 41] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 42 الى 51] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 52 الى 61] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 62 الى 68] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 69 الى 71] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 72 الى 74] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 75 الى 79] [سورة آل‏عمران(3): آية 80] [سورة آل‏عمران(3): آية 81] [سورة آل‏عمران(3): آية 82] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 83 الى 91] [سورة آل‏عمران(3): آية 92] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 93 الى 101] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 102 الى 112] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 113 الى 120] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 121 الى 127] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 128 الى 132] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 133 الى 141] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 142 الى 152] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 153 الى 163] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 164 الى 170] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 171 الى 180] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 181 الى 185] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 186 الى 200]
فهرس الجزء الثالث

الجزء الرابع

فهرست الجزء الرابع

الجزء الخامس

فهرس الجزء الخامس

الجزء السادس

فهرس الجزء السادس

الجزء السابع

فهرس الجزء السابع

الجزء الثامن

فهرس الجزء الثامن

الجزء التاسع

فهرس الجزء التاسع

الجزء العاشر

فهرس الجزء العاشر

الجزء الحادي عشر

1 - فهرس الآيات القرآنية الكريمة

سورة البقرة سورة آل عمران سورة النساء سورة المائدة سورة الأنعام سورة الأعراف سورة الأنفال سورة التوبة سورة يونس سورة هود سورة يوسف سورة الرعد سورة إبراهيم سورة الحجر سورة النحل سورة الإسراء سورة الكهف سورة مريم سورة طه سورة الأنبياء سورة الحج سورة المؤمنون سورة النور سورة الفرقان سورة الشعراء سورة النمل سورة القصص سورة العنكبوت سورة الروم سورة لقمان سورة السجدة سورة الأحزاب سورة سبأ سورة فاطر سورة يس سورة الصافات سورة ص سورة الزمر سورة غافر سورة فصلت سورة الشورى سورة الزخرف سورة الدخان سورة الجاثية سورة الأحقاف سورة محمد سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق سورة الذاريات سورة الطور سورة النجم سورة القمر سورة الرحمن سورة الواقعة سورة الحديد سورة المجادلة سورة الحشر سورة الممتحنة سورة الصف سورة الجمعة سورة المنافقون سورة التغابن سورة الطلاق سورة التحريم سورة الملك سورة القلم سورة الحاقة سورة المعارج سورة نوح سورة الجن سورة المزمل سورة المدثر سورة القيامة سورة الإنسان سورة المرسلات سورة النبأ سورة النازعات سورة عبس سورة التكوير سورة الانفطار سورة المطففين سورة الإنشقاق سورة البروج سورة الطارق سورة الأعلى سورة الغاشية سورة الفجر سورة البلد سورة الشمس سورة الليل سورة الضحى سورة الشرح سورة التين سورة العلق سورة البينة سورة الزلزلة سورة العاديات سورة القارعة سورة التكاثر سورة العصر سورة الهمزة سورة الفيل سورة قريش سورة الماعون سورة الكوثر سورة الكافرون سورة النصر سورة المسد سورة الإخلاص سورة الفلق سورة الناس
2 - فهرس الأحاديث و الآثار 3 - فهرس الشعوب و القبائل و الأديان 4 - فهرس الأماكن و البلاد

5 - فهرس الأبيات الشعرية

حروف الهمزة الهمزة المفتوحة الهمزة المضمومة الهمزة المكسورة حرف الباء الباء المفتوحة الباء المضمومة الباء المكسورة حرف التاء التاء المفتوحة التاء المضمومة التاء المكسورة حرف الثاء الثاء المفتوحة الثاء المكسورة حرف الجيم الجيم المفتوحة الجيم المضمومة الجيم المكسورة حرف الحاء الحاء المفتوحة الحاء المضمومة الحاء المكسورة الخاء المكسورة حرف الدال الدال المفتوحة الدال المضمومة الدال المكسورة حرف الراء الراء المفتوحة الراء المضمومة الراء المكسورة حرف الزاي الزاي المفتوحة حرف السين السين المفتوحة السين المضمومة السين المكسورة حرف الشين الشين المفتوحة الشين المكسورة حرف الصاد الصاد المفتوحة الصاد المضمومة الصاد المكسورة حرف الضاد الضاد المفتوحة الضاد المكسورة حرف الطاء الطاء المفتوحة حرف الظاء حرف العين العين المفتوحة العين المضمومة العين المكسورة الغين المكسورة حرف الفاء الفاء المفتوحة الفاء المضمومة الفاء المكسورة حرف القاف القاف المفتوحة القاف المضمومة القاف المكسورة حرف الكاف الكاف المفتوحة الكاف المضمومة الكاف المكسورة حرف اللام اللام المفتوحة اللام المضمومة اللام المكسورة حرف الميم الميم المفتوحة الميم المضمومة الميم المكسورة حرف النون النون المفتوحة النون المضمومة النون المكسورة حرف الهاء الهاء المفتوحة الهاء المكسورة الواو المفتوحة الواو المكسورة الياء المفتوحة الياء المكسورة حرف الألف
6 - فهرس أنصاف الأبيات 7 - فهرس الأمثال

البحر المحيط فى التفسير


صفحه قبل

البحر المحيط فى التفسير، ج‏10، ص: 417

للفاعل. بِأَيِّ ذَنْبٍ قُتِلَتْ‏ : مبنيا للمفعول بتاء التأنيث فيهما إخبارا عنهما، و لو حكي كلامها لكان قتلت بضم التاء.

و كان العرب إذا ولد لأحدهم بنت و استحياها، ألبسها جبة من صوف أو شعر و تركها ترعى الإبل و الغنم، و إذا أراد قتلها تركها حتى إذا صارت سداسية قال لأمها: طيبيها و لينيها حتى أذهب بها إلى أحمائها، و قد حفر حفرة أو بئرا في الصحراء، فيذهب بها إليها و يقول لها انظري فيها؛ ثم يدفعها من خلفها و يهيل عليها التراب حتى يستوي بالأرض. و قيل:

كانت الحامل إذا قرب وضعها حفرت حفرة فتمخضت على رأسها، فإذا ولدت بنتا رمت بها في الحفرة، و إن ولدت ابنا حبسته. و قد افتخر الفرزدق، و هو أبو فراس همام بن غالب بن صعصعة بن ناجية، بجده صعصعة، إذ كان منع و أد البنات فقال:

و منا الذي منع الوائدات‏

فأحيا الوئيد و لم يوئد

وَ إِذَا الصُّحُفُ نُشِرَتْ‏ : صحف الأعمال كانت مطوية على الأعمال، فنشرت يوم القيامة ليقرأ كل إنسان كتابه. و قيل: الصحف التي تتطاير بالإيمان و الشمائل بالجزاء، و هي صحف غير صحف الأعمال. و قرأ أبو رجاء و قتادة و الحسن و الأعرج و شيبة و أبو جعفر و نافع و ابن عامر و عاصم: نشرت بخف الشين؛ و باقي السبعة: بشدّها. و كشط السماء: طيها كطي السجل. و قيل: أزيلت كما يكشط الجلد عن الذبيحة. و قرأ عبد اللّه: قشطت بالقاف، و هما كثيرا ما يتعاقبان، كقولهم: عربي قح و كح، و تقدّمت قراءته قافورا، أي كافورا. و قرأ نافع و ابن عامر و حفص: سُعِّرَتْ‏ بشد العين؛ و باقي السبعة: بخفها، و هي قراءة عليّ. قال قتادة: سعرها غضب اللّه تعالى و ذنوب بني آدم، و جواب إذا و ما عطفت عليه‏ عَلِمَتْ نَفْسٌ ما أَحْضَرَتْ‏ : و نفس تعم في الإثبات من حيث المعنى، ما أحضرت من خير تدخل به الجنة، أو من شر تدخل به النار. و قال ابن عطية: و وقع الإفراد لينبه الذهن على حقارة المرء الواحد و قلة دفاعه عن نفسه. انتهى.

و قرئت هذه السورة عند عبد اللّه، فلما بلغ القارئ‏ عَلِمَتْ نَفْسٌ ما أَحْضَرَتْ‏ ، قال عبد اللّه: «وا انقطاع ظهراه». بِالْخُنَّسِ‏ ، قال الجمهور: الدراري السبعة: الشمس و القمر، و زحل، و عطارد، و المريخ، و الزهرة، و المشتري. و قال: على الخمسة دون الشمس و القمر، تجري الخمسة مع الشمس و القمر، و ترجع حتى تخفى مع ضوء الشمس، قاله الزمخشري. و قال ابن عطية: تخنس في جريها التي يتعهد فيها ترى العين،

البحر المحيط فى التفسير، ج‏10، ص: 418

و هي جوار في السماء، و هي تكنس في أبراجها، أي تستتر. و

قال علي أيضا و الحسن و قتادة: هي النجوم كلها لأنها تخنس و تكنس بالنهار حين تختفي.

و قال الزمخشري: أي تخنس بالنهار و تكنس بالليل، أي تطلع في أماكنها كالوحش في كنسها. انتهى. و قال عبد اللّه و النخعي و جابر بن زيد و جماعة: المراد بِالْخُنَّسِ الْجَوارِ الْكُنَّسِ‏ : بقر الوحش، لأنها تفعل هذه الأفعال في كنائسها. و قال ابن عباس و ابن جبير و الضحاك: هي الظباء، و الخنس من صفة الأنوق لأنها يلزمها الخنس، و كذا بقر الوحش.

عَسْعَسَ‏ بلغة قريش، و قال الحسن: أقبل ظلامه، و يرجحه مقابلته بقوله:

وَ الصُّبْحِ إِذا تَنَفَّسَ‏ ، فهما حالتان. و قال المبرد: أقسم بإقباله و إدباره و تنفسه كونه يجي‏ء معه روح و نسيم، فكأنه نفس له على المجاز. إِنَّهُ‏ : أي إن هذا المقسم عليه، أي إن القرآن‏ لَقَوْلُ رَسُولٍ كَرِيمٍ‏ ؛ الجمهور: على أنه جبريل عليه السلام. و قيل:

محمد صلّى اللّه عليه و سلّم، و كريم صفة تقتضي نفي المذام كلها و إثبات صفات المدح اللائقة به. ذِي قُوَّةٍ : كقوله: شَدِيدُ الْقُوى‏ «1» . عِنْدَ ذِي‏ : الكينونة اللائقة من شرف المنزلة و عظم المكانة. و قيل: العرش متعلق بمكين مطاع. ثم إشارة إلى‏ عِنْدَ ذِي الْعَرْشِ‏ : أي إنه مطاع في ملائكة اللّه المقربين يصدرون عن أمره. و قرأ أبو جعفر و أبو حيوة و أبو البرهسم و ابن مقسم: ثم، بضم الثاء: حرف عطف، و الجمهور: ثَمَ‏ بفتحها، ظرف مكان للبعيد. و قال الزمخشري: و قرى‏ء ثم تعظيما للأمانة و بيانا لأنها أفضل صفاته المعدودة.

انتهى. و قال صاحب اللوامح: بمعنى مطاع و أمين، و إنما صارت ثم بمعنى الواو بعد أن مواضعتها للمهلة و التراخي عطفا، و ذلك لأن جبريل عليه السلام كان بالصفتين معا في حال واحدة، فلو ذهب ذاهب إلى الترتيب و المهلة في هذا العطف بمعنى مطاع في الملأ الأعلى، ثَمَّ أَمِينٍ‏ عند انفصاله عنهم، حال وحيه على الأنبياء عليهم الصلاة و السلام، لجاز أن لو ورد به أثر انتهى. أَمِينٍ‏ : مقبول القول يصدق فيما يقوله، مؤتمن على ما يرسل به من وحي و امتثال أمر. وَ ما صاحِبُكُمْ بِمَجْنُونٍ‏ : نفى عنه ما كانوا ينسبونه إليه و يبهتونه به من الجنون.

وَ لَقَدْ رَآهُ‏ : أي رأى الرسول صلّى اللّه عليه و سلّم جبريل عليه السلام، و هذه الرؤية بعد أمر غار حراء حين رآه على كرسي بين السماء و الأرض في صورته له ستمائة جناح. و قيل: هي الرؤية التي رآه فيها عند سدرة المنتهى، و سمى ذلك الموضع أفقا مجازا. و قد كانت له‏

(1) سورة النجم: 53/ 5.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏10، ص: 419

عليه السلام، رؤية ثانية بالمدينة، و ليست هذه. و وصف الأفق بالمبين لأنه روي أنه كان في المشرق من حيث تطلع الشمس، قاله قتادة و سفيان. و أيضا فكل أفق في غاية البيان.

و قيل: في أفق السماء الغربي، حكاه ابن شجرة. و قال مجاهد: رآه نحو جياد، و هو مشرق مكة. و قرأ عبد اللّه و ابن عباس و زيد بن ثابت و ابن عمر و ابن الزبير و عائشة و عمر بن عبد العزيز و ابن جبير و عروة و هشام بن جندب و مجاهد و غيرهم، و من السبعة النحويان و ابن كثير: بظنين بالظاء، أي بمتهم، و هذا نظير الوصف السابق بأمين. و قيل: معناه بضعيف القوة على التبليغ من قولهم: بئر ظنون إذا كانت قليلة الماء، و كذا هو بالظاء في مصحف عبد اللّه. و قرأ عثمان و ابن عباس أيضا و الحسن و أبو رجاء و الأعرج و أبو جعفر و شيبة و جماعة غيرهم و باقي السبعة: بالضاد، أي ببخيل يشح به لا يبلغ ما قيل له و يبخل، كما يفعل الكاهن حتى يعطى حلوانه. قال الطبري: و بالضاد خطوط المصاحف كلها.

وَ ما هُوَ بِقَوْلِ شَيْطانٍ رَجِيمٍ‏ : أي الذي يتراءى له إنما هو ملك لا مثل الذي يتراءى للكهان. فَأَيْنَ تَذْهَبُونَ‏ : استضلال لهم، حيث نسبوه مرة إلى الجنون، و مرة إلى الكهانة، و مرة إلى غير ذلك مما هو بري‏ء منه. و قال الزمخشري: كما يقال لتارك الجادة اعتسافا أو ذهابا في بنيات الطريق: أي تذهب؟ مثلت حالهم بحاله في تركهم الحق و عدولهم عنه إلى الباطل. انتهى. ذِكْرٌ : تذكرة و عظة، لِمَنْ شاءَ : بدل من‏ لِلْعالَمِينَ‏ ، ثم عذق مشيئة العبيد بمشيئة اللّه تعالى. قال ابن عطية: ثم خصص تعالى من شاء الاستقامة بالذكر تشريفا و تنبيها و ذكرا لتلبسهم بأفعال الاستقامة. ثم بين تعالى أن تكسب العبد على العموم في استقامة و غيرها إنما يكون مع خلق اللّه تعالى و اختراعه الإيمان في صدر المرء. انتهى. و قال الزمخشري: و إنما أبدلوا منهم لأن الذين شاءوا الاستقامة بالدخول في الإسلام هم المنتفعون بالذكر، فكأنه لم يوعظ به غيرهم، و إن كانوا موعوظين جميعا. وَ ما تَشاؤُنَ‏ الاستقامة يا من يشاؤها إلا بتوفيق اللّه تعالى و لطفه، أو ما تشاءونها أنتم يا من لا يشاؤها إلا بقسر اللّه و إلجائه. انتهى. ففسر كل من ابن عطية و الزمخشري المشيئة على مذهبه. و قال الحسن: ما شاءت العرب الإسلام حتى شاء اللّه لها.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏10، ص: 420

سورة الانفطار

[سورة الانفطار (82): الآيات 1 الى 19]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ (1) وَ إِذَا الْكَواكِبُ انْتَثَرَتْ (2) وَ إِذَا الْبِحارُ فُجِّرَتْ (3) وَ إِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ (4)

عَلِمَتْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ وَ أَخَّرَتْ (5) يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ (6) الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ (7) فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ (8) كَلاَّ بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ (9)

وَ إِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ (10) كِراماً كاتِبِينَ (11) يَعْلَمُونَ ما تَفْعَلُونَ (12) إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ (13) وَ إِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ (14)

يَصْلَوْنَها يَوْمَ الدِّينِ (15) وَ ما هُمْ عَنْها بِغائِبِينَ (16) وَ ما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ (17) ثُمَّ ما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ (18) يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَ الْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ (19)

بعثرت المتاع: قلبته ظهرا لبطن، و بعثرت الحوض و بحثرته: هدمته و جعلت أعلاه أسفله.

إِذَا السَّماءُ انْفَطَرَتْ، وَ إِذَا الْكَواكِبُ انْتَثَرَتْ، وَ إِذَا الْبِحارُ فُجِّرَتْ، وَ إِذَا الْقُبُورُ بُعْثِرَتْ، عَلِمَتْ نَفْسٌ ما قَدَّمَتْ وَ أَخَّرَتْ، يا أَيُّهَا الْإِنْسانُ ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ، الَّذِي خَلَقَكَ فَسَوَّاكَ فَعَدَلَكَ، فِي أَيِّ صُورَةٍ ما شاءَ رَكَّبَكَ، كَلَّا بَلْ تُكَذِّبُونَ بِالدِّينِ، وَ إِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ، كِراماً كاتِبِينَ، يَعْلَمُونَ ما تَفْعَلُونَ، إِنَّ الْأَبْرارَ لَفِي نَعِيمٍ، وَ إِنَّ الْفُجَّارَ لَفِي جَحِيمٍ، يَصْلَوْنَها يَوْمَ الدِّينِ، وَ ما هُمْ عَنْها بِغائِبِينَ، وَ ما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ، ثُمَّ ما أَدْراكَ ما يَوْمُ الدِّينِ، يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً وَ الْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ‏ .

البحر المحيط فى التفسير، ج‏10، ص: 421

هذه السورة مكية. و انفطارها تقدم الكلام فيه، و انتثار الكواكب: سقوطها من مواضعها كالنظام. و قرأ الجمهور: فُجِّرَتْ‏ بتشديد الجيم؛ و مجاهد و الربيع بن خيثم و الزعفراني و الثوري: بخفها، و تفجيرها من امتلائها، فتفجر من أعلاها و تفيض على ما يليها، أو من أسفلها فيذهب اللّه ماءها حيث أراد. و عن مجاهد: فجرت مبنيا للفاعل مخففا بمعنى: بغت لزوال البرزخ نظرا إلى قوله تعالى: لا يَبْغِيانِ‏ «1» ، لأن البغي و الفجور متقابلان. بُعْثِرَتْ‏ ، قال ابن عباس: بحثت. و قال السدي: أثيرت لبعث الأموات. و قال الفراء: أخرج ما في بطنها من الذهب و الفضة. و قال الزمخشري: بعثر و بحثر بمعنى واحد، و هما مركبان من البعث و البحث مع راء مضمومة إليهما، و المعنى: بحثت و أخرج موتاها. و قيل: لبراءة المبعثرة، لأنها بعثرت أسرار المنافقين. انتهى. فظاهر قوله أنهما مركبان أن مادتهما ما ذكر، و أن الراء ضمت إلى هذه المادة، و الأمر ليس كما يقتضيه كلامه، لأن الراء ليست من حروف الزيادة، بل هما مادتان مختلفتان و إن اتفقا من حيث المعنى. و أما أن إحداهما مركبة من كذا فلا، و نظيره قولهم: دمث و دمثر و سبط و سبطر.

ما قَدَّمَتْ وَ أَخَّرَتْ‏ : تقدم الكلام على شبهه في سورة القيامة و قرأ الجمهور: ما غَرَّكَ‏ ، فما استفهامية. و قرأ ابن جبير و الأعمش: ما أغرك بهمزة، فاحتمل أن يكون تعجبا، و احتمل أن تكون ما استفهامية، و أغرك بمعنى أدخلك في الغرة. و قال الزمخشري: من قولك غر الرجل فهو غار. إذا غفل من قولك بينهم العدو و هم غارون، و أغره غيره: جعله غارا. انتهى. و

روي‏ أنه عليه الصلاة و السلام قرأ: ما غَرَّكَ بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ‏ ، فقال: جهله‏

و قاله عمر رضي اللّه تعالى عنه و قرأ أنه كان ظلوما جهولا، و هذا يترتب في الكافر و العاصي. و قال قتادة: عدوه المسلط عليه، و قيل: ستر اللّه عليه.

و قيل: كرم اللّه و لطفه يلقن هذا الجواب، فهذا لطف بالعاصي المؤمن. و قيل: عفوه عنه إن لم يعاقبه أول مرة. و قال الفضيل رضي اللّه عنه: ستره المرخى. و قال ابن السماك:

يا كاتم الذنب أما تستحي‏

و اللّه في الخلوة رائيكا

غرك من ربك إمهاله‏

و ستره طول مساويكا

و قال الزمخشري: في جواب الفضيل، و هذا على سبيل الاعتراف بالخطأ.

بالاغترار: بالستر، و ليس باعتذار كما يظنه الطماع، و يظن به قصاص الحشوية، و يروون‏

(1) سورة الرحمن: 55/ 20.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏10، ص: 422

عن أئمتهم إنما قال: بِرَبِّكَ الْكَرِيمِ‏ دون سائر صفاته، ليلقن عبده الجواب حتى يقول:

غرني كونه الكريم. انتهى. و هو عادته في الطعن على أهل السنة. فَسَوَّاكَ‏ : جعلك سويا في أعضائك، فَعَدَلَكَ‏ : صيرك معتدلا متناسب الخلق من غير تفاوت. و قرأ الحسن و عمرو بن عبيد و طلحة و الأعمش و عيسى و أبو جعفر و الكوفيون: بخف الدال؛ و باقي السبعة: بشدها. و قراءة التخفيف إما أن تكون كقراءة التشديد، أي عدل بعض أعضائك ببعض حتى اعتدلت، و إما أن يكون معناه فصرفك. يقال: عدله عن الطريق: أي عدلك عن خلقة غيرك إلى خلقة حسنة مفارقة لسائر الخلق، أو فعدلك إلى بعض الأشكال و الهيئات. و الظاهر أن قوله:

فِي أَيِّ صُورَةٍ يتعلق بربك، أي وضعك في صورة اقتضتها مشيئة من حسن و طول و ذكورة، و شبه ببعض الأقارب أو مقابل ذلك. و ما زائدة، و شاء في موضع الصفة لصورة، و لم يعطف‏ رَكَّبَكَ‏ بالفاء كالذي قبله، لأنه بيان لعدلك، و كون في أي صورة متعلقا بربك هو قول الجمهور. و قيل: يتعلق بمحذوف، أي ركبك حاصلا في بعض الصور. و قال بعض المتأولين: إنه يتعلق بقوله: فَعَدَلَكَ‏ ، أي: فعدلك في صورة، أي صورة؛ و أي تقتضي التعجيب و التعظيم، فلم يجعلك في صورة خنزير أو حمار؛ و على هذا تكون ما منصوبة بشاء، كأنه قال: أي تركيب حسن شاء ركبك، و التركيب: التأليف و جمع شي‏ء إلى شي‏ء. و أدغم حارجة عن نافع ركبك كلا، كأبي عمرو في إدغامه الكبير. و كلا:

ردع و زجر لما دل عليه ما قبله من اغترارهم باللّه تعالى، أو لما دل عليه ما بعد كلا من تكذيبهم بيوم الجزاء و الدين أو شريعة الإسلام. و قرأ الجمهور: بَلْ تُكَذِّبُونَ‏ بالتاء، خطابا للكفار؛ و الحسن و أبو جعفر و شيبة و أبو بشر: بياء الغيبة.

وَ إِنَّ عَلَيْكُمْ لَحافِظِينَ‏ : استئناف إخبار، أي عليهم من يحفظ أعمالهم و يضبطها.

و يظهر أنها جملة حالية، و الواو واو الحال، أي تكذبون بيوم الجزاء. و الكاتبون: الحفظة يضبطون أعمالكم لأن تجازوا عليها، و في تعظيم الكتبة بالثناء عليهم تعظيم لأمر الجزاء.

و قرأ الجمهور: يَصْلَوْنَها ، مضارع صلى مخففا؛ و ابن مقسم: مشدّدا مبنيا للمفعول.

يَعْلَمُونَ ما تَفْعَلُونَ‏ ، فيكتبون ما تعلق به الجزاء. قال الحسن: يعلمون ما ظهر دون حديث النفس. و قال سفيان: إذا هم العبد بالحسنة أو السيئة، وجد الكاتبان ريحها. و قال الحسين بن الفضل: حيث قال يعلمون و لم يقل يكتبون دل على أنه لا يكتب الجميع فيخرج عنه السهو و الخطأ و ما لا تبعة فيه. وَ ما هُمْ عَنْها بِغائِبِينَ‏ : أي عن الجحيم، أي‏

البحر المحيط فى التفسير، ج‏10، ص: 423

لا يمكنهم الغيبة، كقوله: وَ ما هُمْ بِخارِجِينَ مِنَ النَّارِ «1» . و قيل: إنهم مشاهدوها في البرزخ. لما أخبر عن صليهم يوم القيامة، أخبر بانتفاء غيبتهم عنها قبل الصلي، أي يرون مقاعدهم من النار.

وَ ما أَدْراكَ‏ : تعظيم لهول ذلك اليوم. و قرأ ابن أبي إسحاق و عيسى و ابن جندب و ابن كثير و أبو عمرو: يَوْمَ لا تَمْلِكُ‏ برفع الميم، أي هو يوم، و أجاز الزمخشري فيه أن يكون بدلا مما قبله. و قرأ محبوب عن أبي عمرو: يوم لا تملك على التنكير منونا مرفوعا فكه عن الإضافة و ارتفاعه على هو يوم، و لا تملك جملة في موضع الصفة، و العائد محذوف، أي لا تملك فيه. و قرأ زيد بن علي و الحسن و أبو جعفر و شيبة و الأعرج و باقي السبعة: يوم بالفتح على الظرف، فعند البصريين هي حركة إعراب، و عند الكوفيين يجوز أن تكون حركة بناء، و هو على التقديرين في موضع رفع خبر المحذوف تقديره: الجزاء يوم لا تملك، أو في موضع نصب على الظرف، أي يدانون يوم لا تملك، أو على أنه مفعول به، أي اذكر يوم لا تملك. و يجوز على رأي من يجيز بناءه أن يكون في موضع رفع خبر المبتدأ محذوف تقديره: هو. يَوْمَ لا تَمْلِكُ نَفْسٌ لِنَفْسٍ شَيْئاً : عام كقوله: فَالْيَوْمَ لا يَمْلِكُ بَعْضُكُمْ لِبَعْضٍ نَفْعاً وَ لا ضَرًّا «2» . و قال مقاتل: لنفس كافرة شيئا من المنفعة.

وَ الْأَمْرُ يَوْمَئِذٍ لِلَّهِ‏ ، قال قتادة: و كذلك هو اليوم، لكنه هناك لا يدعي أحد منازعة، و لا يمكن هو أحدا مما كان ملكه في الدنيا.

(1) سورة البقرة: 2/ 167.

صفحه بعد