کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

البحر المحيط فى التفسير

الجزء الأول

خطبة الكتاب

سورة البقرة 2

[سورة البقرة(2): الآيات 1 الى 5] [سورة البقرة(2): الآيات 6 الى 7] [سورة البقرة(2): الآيات 8 الى 10] [سورة البقرة(2): الآيات 11 الى 16] [سورة البقرة(2): الآيات 17 الى 18] [سورة البقرة(2): آية 19] [سورة البقرة(2): آية 20] [سورة البقرة(2): الآيات 21 الى 22] [سورة البقرة(2): الآيات 23 الى 24] [سورة البقرة(2): آية 25] [سورة البقرة(2): الآيات 26 الى 29] [سورة البقرة(2): الآيات 30 الى 33] [سورة البقرة(2): آية 34] [سورة البقرة(2): آية 35] [سورة البقرة(2): الآيات 36 الى 39] [سورة البقرة(2): الآيات 40 الى 43] [سورة البقرة(2): الآيات 44 الى 46] [سورة البقرة(2): الآيات 47 الى 49] [سورة البقرة(2): الآيات 50 الى 53] [سورة البقرة(2): الآيات 54 الى 57] [سورة البقرة(2): الآيات 58 الى 61] [سورة البقرة(2): الآيات 62 الى 66] [سورة البقرة(2): الآيات 67 الى 74] [سورة البقرة(2): الآيات 75 الى 82] [سورة البقرة(2): الآيات 83 الى 86] [سورة البقرة(2): الآيات 87 الى 96] [سورة البقرة(2): الآيات 97 الى 103] [سورة البقرة(2): الآيات 104 الى 113] [سورة البقرة(2): الآيات 114 الى 123] [سورة البقرة(2): الآيات 124 الى 131] [سورة البقرة(2): الآيات 132 الى 141]
فهرست الجزء الأول من تفسير البحر المحيط

الجزء الثالث

سورة ال عمران

[سورة آل‏عمران(3): الآيات 1 الى 11] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 12 الى 14] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 15 الى 18] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 19 الى 22] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 23 الى 32] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 33 الى 41] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 42 الى 51] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 52 الى 61] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 62 الى 68] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 69 الى 71] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 72 الى 74] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 75 الى 79] [سورة آل‏عمران(3): آية 80] [سورة آل‏عمران(3): آية 81] [سورة آل‏عمران(3): آية 82] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 83 الى 91] [سورة آل‏عمران(3): آية 92] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 93 الى 101] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 102 الى 112] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 113 الى 120] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 121 الى 127] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 128 الى 132] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 133 الى 141] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 142 الى 152] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 153 الى 163] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 164 الى 170] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 171 الى 180] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 181 الى 185] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 186 الى 200]
فهرس الجزء الثالث

الجزء الرابع

فهرست الجزء الرابع

الجزء الخامس

فهرس الجزء الخامس

الجزء السادس

فهرس الجزء السادس

الجزء السابع

فهرس الجزء السابع

الجزء الثامن

فهرس الجزء الثامن

الجزء التاسع

فهرس الجزء التاسع

الجزء العاشر

فهرس الجزء العاشر

الجزء الحادي عشر

1 - فهرس الآيات القرآنية الكريمة

سورة البقرة سورة آل عمران سورة النساء سورة المائدة سورة الأنعام سورة الأعراف سورة الأنفال سورة التوبة سورة يونس سورة هود سورة يوسف سورة الرعد سورة إبراهيم سورة الحجر سورة النحل سورة الإسراء سورة الكهف سورة مريم سورة طه سورة الأنبياء سورة الحج سورة المؤمنون سورة النور سورة الفرقان سورة الشعراء سورة النمل سورة القصص سورة العنكبوت سورة الروم سورة لقمان سورة السجدة سورة الأحزاب سورة سبأ سورة فاطر سورة يس سورة الصافات سورة ص سورة الزمر سورة غافر سورة فصلت سورة الشورى سورة الزخرف سورة الدخان سورة الجاثية سورة الأحقاف سورة محمد سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق سورة الذاريات سورة الطور سورة النجم سورة القمر سورة الرحمن سورة الواقعة سورة الحديد سورة المجادلة سورة الحشر سورة الممتحنة سورة الصف سورة الجمعة سورة المنافقون سورة التغابن سورة الطلاق سورة التحريم سورة الملك سورة القلم سورة الحاقة سورة المعارج سورة نوح سورة الجن سورة المزمل سورة المدثر سورة القيامة سورة الإنسان سورة المرسلات سورة النبأ سورة النازعات سورة عبس سورة التكوير سورة الانفطار سورة المطففين سورة الإنشقاق سورة البروج سورة الطارق سورة الأعلى سورة الغاشية سورة الفجر سورة البلد سورة الشمس سورة الليل سورة الضحى سورة الشرح سورة التين سورة العلق سورة البينة سورة الزلزلة سورة العاديات سورة القارعة سورة التكاثر سورة العصر سورة الهمزة سورة الفيل سورة قريش سورة الماعون سورة الكوثر سورة الكافرون سورة النصر سورة المسد سورة الإخلاص سورة الفلق سورة الناس
2 - فهرس الأحاديث و الآثار 3 - فهرس الشعوب و القبائل و الأديان 4 - فهرس الأماكن و البلاد

5 - فهرس الأبيات الشعرية

حروف الهمزة الهمزة المفتوحة الهمزة المضمومة الهمزة المكسورة حرف الباء الباء المفتوحة الباء المضمومة الباء المكسورة حرف التاء التاء المفتوحة التاء المضمومة التاء المكسورة حرف الثاء الثاء المفتوحة الثاء المكسورة حرف الجيم الجيم المفتوحة الجيم المضمومة الجيم المكسورة حرف الحاء الحاء المفتوحة الحاء المضمومة الحاء المكسورة الخاء المكسورة حرف الدال الدال المفتوحة الدال المضمومة الدال المكسورة حرف الراء الراء المفتوحة الراء المضمومة الراء المكسورة حرف الزاي الزاي المفتوحة حرف السين السين المفتوحة السين المضمومة السين المكسورة حرف الشين الشين المفتوحة الشين المكسورة حرف الصاد الصاد المفتوحة الصاد المضمومة الصاد المكسورة حرف الضاد الضاد المفتوحة الضاد المكسورة حرف الطاء الطاء المفتوحة حرف الظاء حرف العين العين المفتوحة العين المضمومة العين المكسورة الغين المكسورة حرف الفاء الفاء المفتوحة الفاء المضمومة الفاء المكسورة حرف القاف القاف المفتوحة القاف المضمومة القاف المكسورة حرف الكاف الكاف المفتوحة الكاف المضمومة الكاف المكسورة حرف اللام اللام المفتوحة اللام المضمومة اللام المكسورة حرف الميم الميم المفتوحة الميم المضمومة الميم المكسورة حرف النون النون المفتوحة النون المضمومة النون المكسورة حرف الهاء الهاء المفتوحة الهاء المكسورة الواو المفتوحة الواو المكسورة الياء المفتوحة الياء المكسورة حرف الألف
6 - فهرس أنصاف الأبيات 7 - فهرس الأمثال

البحر المحيط فى التفسير


صفحه قبل

البحر المحيط فى التفسير، ج‏10، ص: 481

و هو أب لهم، فأقسم تعالى به و بأمته بعد أن أقسم ببلده، مبالغة في شرفه عليه الصلاة و السلام. و قال الزمخشري: فإن قلت: ما المراد بوالد و ما ولد؟ قلت: رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم و من ولده. أقسم ببلده الذي هو مسقط رأسه، و حرم أبيه إبراهيم، و منشأ أبيه إسماعيل عليهما الصلاة و السلام، و بمن ولده و به. فإن قلت: لم نكر؟ قلت: للإبهام المستقل بالمدح و التعجب. فإن قلت: هلا قيل: و من ولد؟ قلت: فيه ما في قوله: وَ اللَّهُ أَعْلَمُ بِما وَضَعَتْ‏ «1» : أي بأي شي‏ء وضعت، يعني موضوعا عجيب الشأن. انتهى. و قال الفراء:

و صلح ما للناس، كقوله: ما طابَ لَكُمْ‏ «2» ، وَ ما خَلَقَ الذَّكَرَ وَ الْأُنْثى‏ «3» ، و هو الخالق للذكر و الأنثى. انتهى. و قال ابن عباس و عكرمة و ابن جبير: المراد بالوالد الذي يولد له، و بما ولد العاقر الذي لا يولد له. جعلوا ما نافية، فتحتاج إلى تقدير موصول يصح به هذا المعنى، كأنه قال: و والد و الذي ما ولد، و إضمار الموصول لا يجوز عند البصريين.

لَقَدْ خَلَقْنَا الْإِنْسانَ فِي كَبَدٍ : هذه الجملة المقسم عليها. و الجمهور: على أن الإنسان اسم جنس، و في كبد: يكابد مشاق الدنيا و الآخرة، و مشاقه لا تكاد تنحصر من أول قطع سرته إلى أن يستقر قراره، إما في جنة فتزول عنه المشقات؛ و إما في نار فتتضاعف مشقاته و شدائده. و قال ابن عباس و عبد اللّه بن شداد و أبو صالح و الضحاك و مجاهد: فِي كَبَدٍ معناه: منتصب القامة واقفا، و لم يخلق منكبا على وجهه، و هذا امتنان عليه. و قال ابن كيسان: منتصبا رأسه في بطن أمه، فإذا أذن له بالخروج، قلب رأسه إلى قدمي أمه.

و عن ابن عمر: يكابد الشكر على السرّاء، و يكابد الصبر على الضراء. و قال ابن زيد:

الْإِنْسانَ‏ : آدم، فِي كَبَدٍ : في السماء، سماها كبدا، و هذه الأقوال ضعيفة، و الأول هو الظاهر. و الظاهر أن الضمير في‏ أَ يَحْسَبُ‏ عائد على‏ الْإِنْسانَ‏ ، أي هو لشدة شكيمته و عزته و قوته يحسب أن لا يقاومه أحد، و لا يقدر عليه أحد لاستعصامه بعدده و عدده. يقول على سبيل الفخر: أَهْلَكْتُ مالًا لُبَداً : أي في المكارم و ما يحصل به الثناء، أ يحسب أن أعماله تخفى، و أنه لا يراه أحد، و لا يطلع عليه في إنفاقه و مقصد ما يبتغيه مما ليس لوجه اللّه منه شي‏ء؟ بل عليه حفظة يكتبون ما يصدر منه من عمل في حياته و يحصونه إلى يوم الجزاء. و قيل: الضمير في‏ أَ يَحْسَبُ‏ لبعض صناديد قريش. و قيل:

هو أبو الأسد أسيد بن كلدة، كان يبسط له الأديم العكاظي، فيقوم عليه و يقول: من أزالني‏

(1) سورة آل عمران: 3/ 36.

(2) سورة النساء: 4/ 3.

(3) سورة الليل: 92/ 3.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏10، ص: 482

عنه فله كذا، فلا ينزع إلا قطعا، و يبقى موضع قدميه. و قيل: الوليد بن المغيرة. و

قيل: الحرث بن عامر بن نوفل، و كان إذا أذنب استفتى النبي صلّى اللّه عليه و سلم، فيأمره بالكفارة، فقال: لقد أهلكت مالا لبدا في الكفارات و التبعات منذ تبعت محمدا صلّى اللّه عليه و سلم.

و قرأ الجمهور: لبدا، بضم اللام و فتح الباء؛ و أبو جعفر: بشدّ الباء؛ و عنه و عن زيد بن علي: لبدا بسكون الباء، و مجاهد و ابن أبي الزناد: بضمهما.

ثم عدّد تعالى على الإنسان نعمه فقال: أَ لَمْ نَجْعَلْ لَهُ عَيْنَيْنِ‏ يبصر بهما، وَ لِساناً يفصح عما في باطنه، وَ شَفَتَيْنِ‏ يطبقهما على فيه و يستعين بهما على الأكل و الشرب و النفخ و غير ذلك. وَ هَدَيْناهُ النَّجْدَيْنِ‏ ، قال ابن مسعود و ابن عباس و الجمهور:

طريق الخير و الشر. و قال ابن عباس أيضا،

و عليّ و ابن المسيب و الضحاك: الثديين‏

، لأنهما كالطريقين لحياة الولد و رزقه. فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ : أي لم يشكر تلك النعم السابقة، و العقبة استعارة لهذا العمل الشاق على النفس من حيث هو بذل مال، تشبيه بعقبة الجبل، و هو ما صعب منه، و كان صعودا، فإنه يلحقه مشقة في سلوكها. و اقتحمها: دخلها بسرعة و ضغط و شدّة، و القحمة: الشدّة و السنة الشديدة. و يقال: قحم في الأمر قحوما:

رمى نفسه فيه من غير روية. و الظاهر أن لا للنفي، و هو قول أبي عبيدة و الفرّاء و الزجاج، كأنه قال: وهبنا له الجوارح و دللناه على السبيل، فما فعل خيرا، أي فلم يقتحم. قال الفرّاء و الزجاج: ذكر لا مرة واحدة، و العرب لا تكاد تفرد لا مع الفعل الماضي حتى تعيد، كقوله تعالى: فَلا صَدَّقَ وَ لا صَلَّى‏ «1» ، و إنما أفردها لدلالة آخر الكلام على معناه، فيجوز أن يكون قوله: ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا ، قائما مقام التكرير، كأنه قال: فلا اقتحم العقبة و لا آمن. و قيل: هو جار مجرى الدعاء، كقوله: لا نجا و لا سلم، دعاء عليه أن لا يفعل خيرا. و قيل: هو تحضيض بألا، و لا نعرف أن لا وحدها تكون للتحضيض، و ليس معها الهمزة. و قيل: العقبة: جهنم، لا ينجي منها إلا هذه الأعمال، قاله الحسن.

و قال ابن عباس و مجاهد و كعب: جبل في جهنم. و قال الزمخشري، بعد أن تنحل مقالة الفرّاء و الزجاج: هي بمعنى لا متكررة في المعنى، لأن معنى‏ فَلَا اقْتَحَمَ الْعَقَبَةَ : فلا فك رقبة و لا أطعم مسكينا. ألا ترى أنه فسر اقتحام العقبة بذلك؟ انتهى، و لا يتم له هذا إلا على قراءة من قرأ فك فعلا ماضيا.

(1) سورة القيامة: 75/ 31.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏10، ص: 483

و قرأ ابن كثير و النحويان: فك فعلا ماضيا، رقبة نصب، أو أطعم فعلا ماضيا؛ و باقي السبعة: فك مرفوعا، رقبة مجرورا، و إطعام مصدر منون معطوف على فك. و

قرأ عليّ و أبو رجاء كقراءة ابن كثير، إلا أنهما قرأ: ذا مسغبة بالألف.

و قرأ الحسن و أبو رجاء أيضا: أو إطعام في يوم ذا بالألف، و نصب ذا على المفعول، أي إنسانا ذا مسغبة، و يتيما بدل منه أو صفة. و قرأ بعض التابعين: فك رقبة بالإضافة، أو أطعم فعلا ماضيا. و من قرأ فك بالرفع، فهو تفسير لاقتحام العقبة، و التقدير: و ما أدراك ما اقتحام العقبة. و من قرأ فعلا ماضيا، فلا يحتاج إلى تقدير مضاف، بل يكون التعظيم للعقبة نفسها، و يجي‏ء فك بدلا من اقتحم، قاله ابن عطية. و فك الرقبة: تخليصها من الأسر و الرق. ذا مَقْرَبَةٍ : ليجتمع صدقة و صلة، و أو هنا للتنويع، و وصف يوم بذي مسغبة على الاتساع. ذا مَتْرَبَةٍ ، قال: هم المطروحون على ظهر الطريق قعودا على التراب، لا بيوت لهم. و قال ابن عباس: هو الذي يخرج من بيته، ثم يقلب وجهه إليه مستيقنا أنه ليس فيه إلا التراب.

ثُمَّ كانَ مِنَ الَّذِينَ آمَنُوا : هذا معطوف على قوله: فَلَا اقْتَحَمَ‏ ؛ و دخلت ثم لتراخي الإيمان و الفضيلة، لا للتراخي في الزمان، لأنه لا بد أن يسبق تلك الأعمال الحسنة الإيمان، إذ هو شرط في صحة وقوعها من الطائع، أو يكون المعنى: ثم كان في عاقبة أمره من الذين وافوا الموت على الإيمان، إذ الموافاة عليه شرط في الانتفاع بالطاعات، أو يكون التراخي في الذكر كأنه قيل: ثم اذكر أنه كان من الذين آمنوا. وَ تَواصَوْا بِالصَّبْرِ : أي أوصى بعضهم بعضا بالصبر على الإيمان و الطاعات و عن المعاصي، وَ تَواصَوْا بِالْمَرْحَمَةِ : أي بالتعاطف و التراحم، أو بما يؤدي إلى رحمة اللّه. و الميمنة و المشأمة تقدّم القول فيهما في الواقعة. و قرأ أبو عمرو و حمزة و حفص: مُؤْصَدَةٌ بالهمز هنا و في الهمزة، فيظهر أنه من آصدت قيل: و يجوز أن يكون من أوصدت، و همز على حد من قرأ بالسؤق مهموزا. و قرأ باقي السبعة بغير همز، فيظهر أنه من أوصدت. و قيل: يجوز أن يكون من آصدت، و سهل الهمزة، و قال الشاعر:

قوما تعالج قملا أبناءهم‏

و سلاسلا حلقا و بابا مؤصدا

البحر المحيط فى التفسير، ج‏10، ص: 484

سورة الشمس‏

[سورة الشمس (91): الآيات 1 الى 15]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

وَ الشَّمْسِ وَ ضُحاها (1) وَ الْقَمَرِ إِذا تَلاها (2) وَ النَّهارِ إِذا جَلاَّها (3) وَ اللَّيْلِ إِذا يَغْشاها (4)

وَ السَّماءِ وَ ما بَناها (5) وَ الْأَرْضِ وَ ما طَحاها (6) وَ نَفْسٍ وَ ما سَوَّاها (7) فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَ تَقْواها (8) قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها (9)

وَ قَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها (10) كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْواها (11) إِذِ انْبَعَثَ أَشْقاها (12) فَقالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ناقَةَ اللَّهِ وَ سُقْياها (13) فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوها فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاها (14)

وَ لا يَخافُ عُقْباها (15)

طحا و دحا بمعنى واحد، أي بسط و وطأ، و يأتي طحا بمعنى ذهب. قال علقمة:

طحا بك قلب في الحسان طروب و يقال: ما أدري أين طحا: أي ذهب، قاله أبو عمرو، و في أيمان العرب لا، و القمر الطاحي: أي المشرق المرتفع، و يقال: طحا يطحو طحوا، و يطحى طحوا. التدسية:

الإخفاء، و أصله دسس فأبدل من ثالث المضاعفات حرف علة، كما قالوا في نقصص نقص، قال الشاعر:

و أنت الذي دسست عمرا فأصبحت‏

حلائله منه أرامل صيعا

و ينشد أيضا:

و دسست عمرا في التراب‏

البحر المحيط فى التفسير، ج‏10، ص: 485

دمدم عليه القبر: أطبقه. و قال مؤرج: الدمدمة: إهلاك باستئصال. و قال في الصحاح: دمدمت الشي‏ء: ألزقته بالأرض و طحطحته.

وَ الشَّمْسِ وَ ضُحاها، وَ الْقَمَرِ إِذا تَلاها، وَ النَّهارِ إِذا جَلَّاها، وَ اللَّيْلِ إِذا يَغْشاها، وَ السَّماءِ وَ ما بَناها، وَ الْأَرْضِ وَ ما طَحاها، وَ نَفْسٍ وَ ما سَوَّاها، فَأَلْهَمَها فُجُورَها وَ تَقْواها، قَدْ أَفْلَحَ مَنْ زَكَّاها، وَ قَدْ خابَ مَنْ دَسَّاها، كَذَّبَتْ ثَمُودُ بِطَغْواها، إِذِ انْبَعَثَ أَشْقاها، فَقالَ لَهُمْ رَسُولُ اللَّهِ ناقَةَ اللَّهِ وَ سُقْياها، فَكَذَّبُوهُ فَعَقَرُوها فَدَمْدَمَ عَلَيْهِمْ رَبُّهُمْ بِذَنْبِهِمْ فَسَوَّاها، وَ لا يَخافُ عُقْباها .

هذه السورة مكية. و لما تقدّم القسم ببعض المواضع الشريفة و ما بعدها، أقسم هنا بشي‏ء من العالم العلوي و العالم و السفلي، و بما هو آلة التفكر في ذلك، و هو النفس. و كان آخر ما قبلها مختتما بشي‏ء من أحوال الكفار في الآخرة، فاختتم هذه بشي‏ء من أحوالهم في الدنيا، و في ذلك بمآلهم في الآخرة إلى النار، و في الدنيا إلى الهلاك المستأصل. و تقدم الكلام على ضحى في سورة طه عند قوله: وَ أَنْ يُحْشَرَ النَّاسُ ضُحًى‏ «1» . و قال مجاهد:

هو ارتفاع الضوء و كماله. و قال مقاتل: حرها لقوله‏ وَ لا تَضْحى‏ «2» . و قال قتادة: هو النهار كله، و هذا ليس بجيد، لأنه قد أقسم بالنهار. و المعروف في اللغة أن الضحى هو بعيد طلوع الشمس قليلا، فإذا زاد فهو الضحاء، بالمد و فتح الضاد إلى الزوال، و قول مقاتل تفسير باللازم. و ما نقل عن المبرد من أن الضحى مشتق من الضح، و هو نور الشمس، و الألف مقلوبة من الحاء الثانية؛ و كذلك الواو في ضحوة مقلوبة عن الحاء الثانية لعله مختلق عليه، لأن المبرد أجل من أن يذهب إلى هذا، و هذان مادتان مختلفتان لا تشتق إحداهما من الأخرى.

وَ الْقَمَرِ إِذا تَلاها ، قال الحسن و الفراء: تلاها معناه تبعها دأبا في كل وقت، لأنه يستضي‏ء منها، فهو يتلوها لذلك. و قال ابن زيد: يتلوها في الشهر كله، يتلوها في النصف الأول من الشهر بالطلوع، و في الآخر بالغروب. و قال ابن سلام: في النصف الأول من الشهر، و ذلك لأنه يأخذ موضعها و يسير خلفها، إذا غابت يتبعها القمر طالعا. و قال قتادة:

إنما ذلك البدر، تغيب هي فيطلع هو. و قال الزجاج و غيره: تلاها معناه: امتلأ و استدار، و كان لها تابعا للمنزل من الضياء و القدر، لأنه ليس في الكواكب شي‏ء يتلو الشمس في هذا

(1) سورة طه: 20/ 59.

(2) سورة طه: 20/ 116.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏10، ص: 486

المعنى غير القمر. و قيل: من أول الشهر إلى نصفه، في الغروب تغرب هي ثم يغرب هو؛ و في النصف الآخر يتحاوران، و هو أن تغرب هي فيطلع هو. و قال الزمخشري: تلاها طالعا عند غروبها أخذا من نورها و ذلك في النصف الأول من الشهر.

وَ النَّهارِ إِذا جَلَّاها : الظاهر أن مفعول جلاها هو الضمير عائد على الشمس، لأنه عند انبساط النهار تنجلي الشمس في ذلك الوقت تمام الانجلاء. و قيل: يعود على الظلمة. و قيل: على الأرض. و قيل: على الدنيا، و الذي يجلي الظلمة هو الشمس أو النهار، فإنه و إن لم تطلع الشمس لا تبقى الظلمة، و الفاعل بجلاها ضمير النهار. قيل:

و يحتمل أن يكون عائدا على اللّه تعالى، كأنه قال: و النهار إذا جلى اللّه الشمس، فأقسم بالنهار في أكمل حالاته.

وَ اللَّيْلِ إِذا يَغْشاها : أي يغشى الشمس، فبدخوله تغيب و تظلم الآفاق، و نسبة ذلك إلى الليل مجاز. و قيل: الضمير عائد على الأرض، و الذي تقتضيه الفصاحة أن الضمائر كلها إلى قوله: يَغْشاها عائدة على الشمس. و كما أن النهار جلاها، كان النهار هو الذي يغشاها. و لما كانت الفواصل ترتبت على ألف و هاء المؤنث، أتى‏ وَ اللَّيْلِ إِذا يَغْشاها بالمضارع، لأنه الذي ترتب فيه. و لو أتى بالماضي، كالذي قبله و بعده، كان يكون التركيب إذا غشيها، فتفوت الفاصلة، و هي مقصودة. و قال القفال ما ملخصه: هذه الأقسام بالشمس في الحقيقة بحسب أوصاف أربعة: ضوءها عند ارتفاع النهار وقت انتشار الحيوان، و طلب المعاش، و تلو القمر لها بأخذه الضوء، و تكامل طلوعها و بروزها و غيبوبتها بمجي‏ء الليل. و ما في قوله: وَ ما بَناها ، و ما طَحاها ، و ما سَوَّاها ، بمعنى الذي، قاله الحسن و مجاهد و أبو عبيدة، و اختاره الطبري، قالوا: لأن ما تقع على أولي العلم و غيرهم.

و قيل: مصدرية، قاله قتادة و المبرد و الزجاج، و هذا قول من ذهب إلى أن ما لا تقع على آحاد أولي العلم.

و قال الزمخشري: جعلت مصدرية، و ليس بالوجه لقوله: فَأَلْهَمَها ، و ما يؤدي إليه من فساد النظم و الوجه أن تكون موصولة، و إنما أوثرت على من لإرادة معنى الوصفية، كأنه قيل: و السماء و القادر العظيم الذي بناها، و نفس و الحكيم الباهر الحكمة الذي سواها، و في كلامهم سبحان من سخركن لنا، انتهى.

أما قوله: و ليس بالوجه لقوله: فَأَلْهَمَها ، يعني من عود الضمير في‏ فَأَلْهَمَها على اللّه تعالى، فيكون قد عاد على مذكور، و هو ما المراد به الذي، و لا يلزم ذلك لأنا إذا

البحر المحيط فى التفسير، ج‏10، ص: 487

جعلناها مصدرية عاد الضمير على ما يفهم من سياق الكلام؛ ففي بناها ضمير عائد على اللّه تعالى، أي و بناها هو، أي اللّه تعالى، كما إذا رأيت زيدا قد ضرب عمرا فقلت:

عجبت مما ضرب عمرا تقديره: من ضرب عمر؟ و هو كان حسنا فصيحا جائزا، و عود الضمير على ما يفهم من سياق الكلام كثير، و قوله: و ما يؤدي إليه من فساد النظم ليس كذلك، و لا يؤدي جعلها مصدرية إلى ما ذكر، و قوله إنما أوثرت إلخ لا يراد بما و لا بمن الموصولتين معنى الوصفية، لأنهما لا يوصف بهما، بخلاف الذي، فاشتراكهما في أنهما لا يؤديان معنى الوصفية موجود فيهما، فلا ينفرد به ما دون من، و قوله: و في كلامهم إلخ.

تأوله أصحابنا على أن سبحان علم و ما مصدرية ظرفية.

و قال الزمخشري: فإن قلت: الأمر في نصب إذا معضل، لأنك إما أن تجعل الواوات عاطفة فتنصب بها و تجر، فتقع في العطف على عاملين، و في نحو قولك: مررت أمس بزيد و اليوم عمرو؛ و أما أن تجعلهن للقسم، فتقع فيما اتفق الخليل و سيبويه على استكراهه. قلت: الجواب فيه أن واو القسم مطرح معه إبراز الفعل إطراحا كليا، فكان لها شأن خلاف شأن الباء، حيث أبرز معها الفعل و أضمر، فكانت الواو قائمة مقام الفعل، و الباء سادة مسدهما معا، و الواوات العواطف نوائب عن هذه، فحقهن أن يكن عوامل على الفعل و الجار جميعا، كما تقول؛ ضرب زيد عمرا و بكر خالدا، فترفع بالواو و تنصب لقيامها مقام ضرب الذي هو عاملهما، انتهى. أما قوله في واوات العطف فتنصب بها و تجر فليس هذا بالمختار، أعني أن يكون حرف العطف عاملا لقيامه مقام العامل، بل المختار أن العمل إنما هو للعامل في المعطوف عليه، تم إنا لإنشاء حجة في ذلك. و قوله: فتقع في العطف على عاملين، ليس ما في الآية من العطف على عاملين، و إنما هو من باب عطف اسمين مجرور و منصوب على اسمين مجرور و منصوب، فحرف العطف لم ينب مناب عاملين، و ذلك نحو قولك: امرر بزيد قائما و عمرو جالسا؟ و قد أنشد سيبويه في كتابه:

فليس بمعروف لنا أن نردها

صحاحا و لا مستنكران تعقرا

صفحه بعد