کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

البحر المحيط فى التفسير

الجزء الأول

خطبة الكتاب

سورة البقرة 2

[سورة البقرة(2): الآيات 1 الى 5] [سورة البقرة(2): الآيات 6 الى 7] [سورة البقرة(2): الآيات 8 الى 10] [سورة البقرة(2): الآيات 11 الى 16] [سورة البقرة(2): الآيات 17 الى 18] [سورة البقرة(2): آية 19] [سورة البقرة(2): آية 20] [سورة البقرة(2): الآيات 21 الى 22] [سورة البقرة(2): الآيات 23 الى 24] [سورة البقرة(2): آية 25] [سورة البقرة(2): الآيات 26 الى 29] [سورة البقرة(2): الآيات 30 الى 33] [سورة البقرة(2): آية 34] [سورة البقرة(2): آية 35] [سورة البقرة(2): الآيات 36 الى 39] [سورة البقرة(2): الآيات 40 الى 43] [سورة البقرة(2): الآيات 44 الى 46] [سورة البقرة(2): الآيات 47 الى 49] [سورة البقرة(2): الآيات 50 الى 53] [سورة البقرة(2): الآيات 54 الى 57] [سورة البقرة(2): الآيات 58 الى 61] [سورة البقرة(2): الآيات 62 الى 66] [سورة البقرة(2): الآيات 67 الى 74] [سورة البقرة(2): الآيات 75 الى 82] [سورة البقرة(2): الآيات 83 الى 86] [سورة البقرة(2): الآيات 87 الى 96] [سورة البقرة(2): الآيات 97 الى 103] [سورة البقرة(2): الآيات 104 الى 113] [سورة البقرة(2): الآيات 114 الى 123] [سورة البقرة(2): الآيات 124 الى 131] [سورة البقرة(2): الآيات 132 الى 141]
فهرست الجزء الأول من تفسير البحر المحيط

الجزء الثالث

سورة ال عمران

[سورة آل‏عمران(3): الآيات 1 الى 11] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 12 الى 14] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 15 الى 18] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 19 الى 22] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 23 الى 32] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 33 الى 41] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 42 الى 51] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 52 الى 61] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 62 الى 68] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 69 الى 71] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 72 الى 74] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 75 الى 79] [سورة آل‏عمران(3): آية 80] [سورة آل‏عمران(3): آية 81] [سورة آل‏عمران(3): آية 82] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 83 الى 91] [سورة آل‏عمران(3): آية 92] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 93 الى 101] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 102 الى 112] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 113 الى 120] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 121 الى 127] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 128 الى 132] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 133 الى 141] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 142 الى 152] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 153 الى 163] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 164 الى 170] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 171 الى 180] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 181 الى 185] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 186 الى 200]
فهرس الجزء الثالث

الجزء الرابع

فهرست الجزء الرابع

الجزء الخامس

فهرس الجزء الخامس

الجزء السادس

فهرس الجزء السادس

الجزء السابع

فهرس الجزء السابع

الجزء الثامن

فهرس الجزء الثامن

الجزء التاسع

فهرس الجزء التاسع

الجزء العاشر

فهرس الجزء العاشر

الجزء الحادي عشر

1 - فهرس الآيات القرآنية الكريمة

سورة البقرة سورة آل عمران سورة النساء سورة المائدة سورة الأنعام سورة الأعراف سورة الأنفال سورة التوبة سورة يونس سورة هود سورة يوسف سورة الرعد سورة إبراهيم سورة الحجر سورة النحل سورة الإسراء سورة الكهف سورة مريم سورة طه سورة الأنبياء سورة الحج سورة المؤمنون سورة النور سورة الفرقان سورة الشعراء سورة النمل سورة القصص سورة العنكبوت سورة الروم سورة لقمان سورة السجدة سورة الأحزاب سورة سبأ سورة فاطر سورة يس سورة الصافات سورة ص سورة الزمر سورة غافر سورة فصلت سورة الشورى سورة الزخرف سورة الدخان سورة الجاثية سورة الأحقاف سورة محمد سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق سورة الذاريات سورة الطور سورة النجم سورة القمر سورة الرحمن سورة الواقعة سورة الحديد سورة المجادلة سورة الحشر سورة الممتحنة سورة الصف سورة الجمعة سورة المنافقون سورة التغابن سورة الطلاق سورة التحريم سورة الملك سورة القلم سورة الحاقة سورة المعارج سورة نوح سورة الجن سورة المزمل سورة المدثر سورة القيامة سورة الإنسان سورة المرسلات سورة النبأ سورة النازعات سورة عبس سورة التكوير سورة الانفطار سورة المطففين سورة الإنشقاق سورة البروج سورة الطارق سورة الأعلى سورة الغاشية سورة الفجر سورة البلد سورة الشمس سورة الليل سورة الضحى سورة الشرح سورة التين سورة العلق سورة البينة سورة الزلزلة سورة العاديات سورة القارعة سورة التكاثر سورة العصر سورة الهمزة سورة الفيل سورة قريش سورة الماعون سورة الكوثر سورة الكافرون سورة النصر سورة المسد سورة الإخلاص سورة الفلق سورة الناس
2 - فهرس الأحاديث و الآثار 3 - فهرس الشعوب و القبائل و الأديان 4 - فهرس الأماكن و البلاد

5 - فهرس الأبيات الشعرية

حروف الهمزة الهمزة المفتوحة الهمزة المضمومة الهمزة المكسورة حرف الباء الباء المفتوحة الباء المضمومة الباء المكسورة حرف التاء التاء المفتوحة التاء المضمومة التاء المكسورة حرف الثاء الثاء المفتوحة الثاء المكسورة حرف الجيم الجيم المفتوحة الجيم المضمومة الجيم المكسورة حرف الحاء الحاء المفتوحة الحاء المضمومة الحاء المكسورة الخاء المكسورة حرف الدال الدال المفتوحة الدال المضمومة الدال المكسورة حرف الراء الراء المفتوحة الراء المضمومة الراء المكسورة حرف الزاي الزاي المفتوحة حرف السين السين المفتوحة السين المضمومة السين المكسورة حرف الشين الشين المفتوحة الشين المكسورة حرف الصاد الصاد المفتوحة الصاد المضمومة الصاد المكسورة حرف الضاد الضاد المفتوحة الضاد المكسورة حرف الطاء الطاء المفتوحة حرف الظاء حرف العين العين المفتوحة العين المضمومة العين المكسورة الغين المكسورة حرف الفاء الفاء المفتوحة الفاء المضمومة الفاء المكسورة حرف القاف القاف المفتوحة القاف المضمومة القاف المكسورة حرف الكاف الكاف المفتوحة الكاف المضمومة الكاف المكسورة حرف اللام اللام المفتوحة اللام المضمومة اللام المكسورة حرف الميم الميم المفتوحة الميم المضمومة الميم المكسورة حرف النون النون المفتوحة النون المضمومة النون المكسورة حرف الهاء الهاء المفتوحة الهاء المكسورة الواو المفتوحة الواو المكسورة الياء المفتوحة الياء المكسورة حرف الألف
6 - فهرس أنصاف الأبيات 7 - فهرس الأمثال

البحر المحيط فى التفسير


صفحه قبل

البحر المحيط فى التفسير، ج‏10، ص: 514

القدر ظرفا للنزول، بل على نحو قول عمر رضي اللّه تعالى عنه: لقد خشيت أن ينزل فيّ قرآن. و قول عائشة: لأنا أحقر في نفسي من أن ينزل فيّ قرآن. و قال الزمخشري: عظم من القرآن من إسناد إنزاله إلى مختصا به، و من مجيئه بضميره دون اسمه الظاهر شهادة له بالنباهة و الاستغناء عن التنبيه عليه، و بالرفع من مقدار الوقت الذي أنزل فيه. انتهى، و فيه بعض تلخيص. و سميت ليلة القدر، لأنه تقدر فيها الآجال و الأرزاق و حوادث العالم كلها و تدفع إلى الملائكة لتمتثله، قاله ابن عباس و قتادة و غيرهما. و قال الزهري: معناه ليلة القدر العظيم و الشرف، و عظم الشأن من قولك: رجل له قدر. و قال أبوبكر الوراق:

يت بذلك لأنها تكسب من أحياها قدرا عظيما لم يكن له قبل، و ترده عظيما عند اللّه تعالى. و قيل: سميت بذلك لأن كل العمل فيها له قدر و خطر. و قيل: لأنه أنزل فيها كتابا ذا قدر، على رسول ذي قدر، لأمة ذات قدر. و قيل: لأنه ينزل فيها ملائكة ذات قدر و خطر.

و قيل: لأنه قدر فيها الرحمة على المؤمنين. و قال الخليل: لأن الأرض تضيق فيها بالملائكة، كقوله: وَ مَنْ قُدِرَ عَلَيْهِ رِزْقُهُ‏ «1» ، أي ضيق. و قد اختلف السلف و الخلف في تعيين وقتها اختلافا متعارضا جدا، و بعضهم قال: رفعت، و الذي يدل عليه الحديث أنها لم ترفع، و أن العشر الأخير تكون فيه، و أنها في أوتاره، كما

قال عليه الصلاة و السلام: «التمسوها في الثالثة و الخامسة و السابعة و التاسعة».

و

في الصحيح: «من قام ليلة القدر إيمانا و احتسابا غفر له ما تقدم من ذنبه».

وَ ما أَدْراكَ ما لَيْلَةُ الْقَدْرِ : تفخيم لشأنها، أي لم تبلغ درايتك غاية فضلها، ثم بين له ذلك. قال سفيان بن عيينة: ما كان في القرآن‏ وَ ما أَدْراكَ‏ ، فقد أعلمه، و ما قال: و ما يدريك، فإنه لم يعلمه. قيل: و أخفاها اللّه تعالى عن عباده ليجدوا في العمل و لا يتكلوا على فضلها و يقصروا في غيرها. و الظاهر أن‏ أَلْفِ شَهْرٍ يراد به حقيقة العدد، و هي ثمانون سنة و ثلاثة أعوام. و الحسن: في ليلة القدر أفضل من العمل في هذه الشهور، و المراد: خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ عار من ليلة القدر، و على هذا أكثر المفسرين. و قال أبو العالية: خَيْرٌ مِنْ أَلْفِ شَهْرٍ : رمضان لا يكون فيها ليلة القدر. و قيل: المعنى خير من الدهر كله، لأن العرب تذكر الألف في غاية الأشياء كلها، قال تعالى: يَوَدُّ أَحَدُهُمْ لَوْ يُعَمَّرُ أَلْفَ سَنَةٍ «2» ، يعني جميع الدهر. و

عوتب الحسن بن عليّ على تسليمه الأمر لمعاوية فقال: إن اللّه تعالى أرى في المنام نبيه صلّى اللّه عليه و سلم بني أمية ينزون على مقبرة نزو القردة،

(1) سورة الطلاق: 65/ 7.

(2) سورة البقرة: 2/ 96.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏10، ص: 515

فاهتم لذلك، فأعطاه اللّه تعالى ليلة القدر، و هي خير من مدة ملوك بني أمية، و أعلمه أنهم يملكون هذا القدر من الزمان.

قال القاسم بن الفضل الجذامي: فعددنا ذلك فإذا هي ألف شهر لا تزيد يوما و لا تنقص يوما. و خرج قريبا من معناه الترمذي و قال: حديث غريب، انتهى.

و قيل: آخر ملوكهم مروان الجعدي في آخر هذا القدر من الزمان، و لا يعارض هذا تملك بني أمية في جزيرة الأندلس مدة غير هذه، لأنهم كانوا في بعض أطراف الأرض و آخر عمارة العرب، بحيث كان في إقليم العرب إذ ذاك ملوك كثيرون غيرهم. و

ذكر أيضا في تخصيص هذه المدة أن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلم ذكر رجلا من بني إسرائيل لبس السلاح في سبيل اللّه ألف شهر، فعجب المؤمنون من ذلك و تقاصرت أعمالهم، فأعطوا ليلة هي خير من مدة ذلك الغازي.

و قيل: إن الرجل فيما مضى ما كان يقال له عابد حتى يعبد اللّه تعالى ألف شهر، فأعطوا ليلة، إن أحيوها، كانوا أحق بأن يسموا عابدين من أولئك العباد. و قال أبو بكر الوراق: ملك كل من سليمان و ذي القرنين خمسمائة سنة، فصار ألف شهر، فجعل اللّه العمل في هذه الليلة لمن أدركها خيرا من ملكهما.

تَنَزَّلُ الْمَلائِكَةُ وَ الرُّوحُ‏ : تقدم الخلاف في الروح، أهو جبريل، أم رحمة ينزل بها، أم ملك غيره، أم أشراف الملائكة، أم جند من غيرهم، أم حفظة على غيرهم من الملائكة؟ و التنزل إما إلى الأرض، و إما إلى سماء الدنيا. بِإِذْنِ رَبِّهِمْ‏ : متعلق بتنزل‏ مِنْ كُلِّ أَمْرٍ : متعلق بتنزل و من للسبب، أي تتنزل من أجل كل أمر قضاه اللّه لتلك السنة إلى قابل. و سَلامٌ‏ : مستأنف خبر للمبتدأ الذي هو هي، أي هي سلام إلى أول يومها، قاله أبو العالية و نافع المقري و الفراء، و هذا على قول من قال: إن تنزلهم التقدير: الأمور لهم. و قال أبو حاتم: من بمعنى الباء، أي بكل أمر؛ و ابن عباس و عكرمة و الكلبي: من كل امرئ، أي من أجل كل إنسان. و قيل: يراد بكل امرئ الملائكة، أي من كل ملك تحية على المؤمنين العاملين بالعبادة. و أنكر هذا القول أبو حاتم. سَلامٌ هِيَ‏ : أي هي سلام، جعلها سلاما لكثرة السلام فيها. قيل: لا يلقون مؤمنا و لا مؤمنة إلا سلموا عليه في تلك الليلة. و قال منصور و الشعبي: سلام بمعنى التحية، أي تسلم الملائكة على المؤمنين.

و من قال: تنزلهم ليس لتقدير الأمور في تلك السنة، جعل الكلام تاما عند قوله: بِإِذْنِ رَبِّهِمْ‏ . و قال: مِنْ كُلِّ أَمْرٍ متعلق بقوله: سَلامٌ هِيَ‏ ، أي من كل أمر مخوف ينبغي أن يسلم منه هي سلام. و قال مجاهد: لا يصيب أحدا فيها داء. و قال صاحب اللوامح:

و قيل معناه هي سلام من كل أمر، و أمري سالمة أو مسلمة منه، و لا يجوز أن يكون سلام‏

البحر المحيط فى التفسير، ج‏10، ص: 516

بهذه اللفظة الظاهرة التي هي المصدر عاملا فيما قبله لامتناع تقدم معمول المصدر على المصدر. كما أن الصلة كذلك لا يجوز تقديمها على الموصول، انتهى.

و عن ابن عباس: تم الكلام عند قوله: سَلامٌ‏ ، و لفظة هِيَ‏ إشارة إلى أنها ليلة سبع و عشرين من الشهر، إذ هذه الكلمة هي السابعة و العشرون من كلمات هذه السورة، انتهى. و لا يصح مثل هذا عن ابن عباس، و إنما هذا من باب اللغز المنزه عنه كلام اللّه تعالى. و قرأ الجمهور: مَطْلَعِ‏ بفتح اللام؛ و أبو رجاء و الأعمش و ابن وثاب و طلحة و ابن محيصن و الكسائي و أبو عمرو: بخلاف عنه بكسرها، فقيل: هما مصدران في لغة بني تميم. و قيل: المصدر بالفتح، و موضع الطلوع بالكسر عند أهل الحجاز.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏10، ص: 517

سورة البيّنة

[سورة البينة (98): الآيات 1 الى 8]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَ الْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ (1) رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُوا صُحُفاً مُطَهَّرَةً (2) فِيها كُتُبٌ قَيِّمَةٌ (3) وَ ما تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ إِلاَّ مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ (4)

وَ ما أُمِرُوا إِلاَّ لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفاءَ وَ يُقِيمُوا الصَّلاةَ وَ يُؤْتُوا الزَّكاةَ وَ ذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ (5) إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَ الْمُشْرِكِينَ فِي نارِ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أُولئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ (6) إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ (7) جَزاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَ رَضُوا عَنْهُ ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ (8)

لَمْ يَكُنِ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَ الْمُشْرِكِينَ مُنْفَكِّينَ حَتَّى تَأْتِيَهُمُ الْبَيِّنَةُ، رَسُولٌ مِنَ اللَّهِ يَتْلُوا صُحُفاً مُطَهَّرَةً، فِيها كُتُبٌ قَيِّمَةٌ، وَ ما تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ، وَ ما أُمِرُوا إِلَّا لِيَعْبُدُوا اللَّهَ مُخْلِصِينَ لَهُ الدِّينَ حُنَفاءَ وَ يُقِيمُوا الصَّلاةَ وَ يُؤْتُوا الزَّكاةَ وَ ذلِكَ دِينُ الْقَيِّمَةِ، إِنَّ الَّذِينَ كَفَرُوا مِنْ أَهْلِ الْكِتابِ وَ الْمُشْرِكِينَ فِي نارِ جَهَنَّمَ خالِدِينَ فِيها أُولئِكَ هُمْ شَرُّ الْبَرِيَّةِ، إِنَّ الَّذِينَ آمَنُوا وَ عَمِلُوا الصَّالِحاتِ أُولئِكَ هُمْ خَيْرُ الْبَرِيَّةِ، جَزاؤُهُمْ عِنْدَ رَبِّهِمْ جَنَّاتُ عَدْنٍ تَجْرِي مِنْ تَحْتِهَا الْأَنْهارُ خالِدِينَ فِيها أَبَداً، رَضِيَ اللَّهُ عَنْهُمْ وَ رَضُوا عَنْهُ ذلِكَ لِمَنْ خَشِيَ رَبَّهُ‏ .

هذه السورة مكية في قول الجمهور. و قال ابن الزبير و عطاء بن يسار: مدنية، قاله‏

البحر المحيط فى التفسير، ج‏10، ص: 518

ابن عطية. و في كتاب التحرير: مدنية، و هو قول الجمهور. و روى أبو صالح عن ابن عباس أنها مكية، و اختاره يحيى بن سلام. و لما ذكر إنزال القرآن، و في السورة التي قبلها اقْرَأْ بِاسْمِ رَبِّكَ‏ «1» ،

ذكر هنا أن الكفار لم يكونوا منفكين عن ما هم عليه حتى جاءهم الرسول يتلو عليهم ما أنزل عليه من الصحف المطهرة التي أمر بقراءتها

، و قسم الكافرين هنا إلى أهل كتاب و أهل إشراك. و قرأ بعض القراء: و المشركون رفعا عطفا على‏ الَّذِينَ كَفَرُوا .

و الجمهور: بالجر عطفا على‏ أَهْلِ الْكِتابِ‏ ، و أهل الكتاب اليهود و النصارى، و المشركون عبدة الأوثان من العرب. و قال ابن عباس: أهل الكتاب اليهود الذين كانوا بيثرب هم قريظة و النضير و بنو قينقاع، و المشركون الذين كانوا بمكة و حولها و المدينة و حولها.

قال مجاهد و غيره: لم يكونوا منفكين عن الكفر و الضلال حتى جاءتهم البينة. و قال الفراء و غيره: لم يكونوا منفكين عن معرفة صحة نبوّة محمد صلّى اللّه عليه و سلم و التوكف لأمره حتى جاءتهم البينة، فتفرقوا عند ذلك. و قال الزمخشري: كان الكفار من الفريقين يقولون قبل المبعث: لا ننفك مما نحن فيه من ديننا حتى يبعث النبي الموعود الذي هو مكتوب في التوراة و الإنجيل، و هو محمد صلّى اللّه عليه و سلم، فحكى اللّه ما كانوا يقولونه. و قال ابن عطية: و يتجه في معنى الآية قول ثالث بارع المعنى، و ذلك أنه يكون المراد: لم يكن هؤلاء القوم منفكين من أمر اللّه تعالى و قدرته و نظره لهم حتى يبعث اللّه تعالى إليهم رسولا منذرا تقوم عليهم به الحجة و يتم على من آمن النعمة، فكأنه قال: ما كانوا ليتركوا سدى، و لهذا نظائر في كتاب اللّه تعالى، انتهى. و قيل: لم يكونوا منفكين عن حياتهم فيموتوا حتى تأتيهم البينة. و الظاهر أن المعنى: لم يكونوا منفكين، أي منفصلا بعضهم من بعض، بل كان كل منهم مقرّا الآخر على ما هو عليه مما اختاره لنفسه، هذا من اعتقاده في شريعته، و هذا من اعتقاده في أصنامه، و المعنى أنه اتصلت مودّتهم و اجتمعت كلمتهم إلى أن أتتهم البينة.

و قيل: معنى منفكين: هالكين، من قولهم: انفك صلا المرأة عند الولادة، و أن ينفصل فلا يلتئم، و المعنى: لم يكونوا معذبين و لا هالكين إلا بعد قيام الحجة عليهم بإرسال الرسل و إنزال الكتب، انتهى. و منفكين اسم فاعل من انفك، و هي التامة و ليست الداخلة على المبتدأ و الخبر. و قال بعض النحاة: هي الناقصة، و يقدر منفكين: عارفين أمر محمد صلّى اللّه عليه و سلم، أو نحو هذا، و خبر كان و أخواتها لا يجوز حذفه لا اقتصارا و لا اختصارا، نص‏

(1) سورة العلق: 96/ 1.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏10، ص: 519

على ذلك أصحابنا، و لهم علة في منع ذلك ذكروها في علم النحو، و قالوا في قوله: حين ليس مجير، أي في الدنيا، فحذف الخبر أنه ضرورة، و البينة: الحجة الجليلة.

و قرأ الجمهور: رَسُولٌ‏ بالرفع بدلا من‏ الْبَيِّنَةُ ، و أبيّ و عبد اللّه: بالنصب حالا من البينة. يَتْلُوا صُحُفاً : أي قراطيس، مُطَهَّرَةً من الباطل. فِيها كُتُبٌ‏ :

مكتوبات، قَيِّمَةٌ : مستقيمة ناطقة بالحق. وَ ما تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ‏ : أي من المشركين، و انفصل بعضهم من بعض فقال: كل ما يدل عنده على صحة قوله. إِلَّا مِنْ بَعْدِ ما جاءَتْهُمُ الْبَيِّنَةُ : و كان يقتضي مجي‏ء البينة أن يجتمعوا على اتباعها. و قال الزمخشري: كانوا يعدون اجتماع الكلمة و الاتفاق على الحق إذا جاءهم الرسول، ثم ما فرقهم عن الحق و لا أقرهم على الكفر إلا مجي‏ء الرسول صلّى اللّه عليه و سلم. و قال أيضا: أفرد أهل الكتاب، يعني في قوله: وَ ما تَفَرَّقَ الَّذِينَ أُوتُوا الْكِتابَ‏ بعد جمعهم و المشركين، قيل:

لأنهم كانوا على علم به لوجوده في كتبهم، فإذا وصفوا بالتفرق عنه، كان من لا كتاب له أدخل في هذا الوصف. و المراد بتفرقهم: تفرقهم عن الحق، أو تفرقهم فرقا، فمنهم من آمن، و منهم من أنكر. و قال: ليس به و منهم من عرف و عاند. و قال ابن عطية: ذكر تعالى مذمة من لم يؤمن من أهل الكتاب من أنهم لم يتفرقوا في أمر محمد صلّى اللّه عليه و سلم إلا من بعد ما رأوا الآيات الواضحة، و كانوا من قبل متفقين على نبوته و صفته، فلما جاء من العرب حسدوه، انتهى.

و قرأ الجمهور: مُخْلِصِينَ‏ بكسر اللام، و الدين منصوب به؛ و الحسن: بفتحها، أي يخلصون هم أنفسهم في نياتهم. و انتصب‏ الدِّينَ‏ ، إما على المصدر من‏ لِيَعْبُدُوا ، أي ليدينوا اللّه بالعبادة الدين، و إما على إسقاط في، أي في الدين، و المعنى: و ما أمروا، أي في كتابيهما، بما أمروا به إلا ليعبدوا. حُنَفاءَ : أي مستقيمي الطريقة. و قال محمد بن الأشعب الطالقاني: القيمة هنا: الكتب التي جرى ذكرها، كأنه لما تقدم لفظ قيمة نكرة، كانت الألف و اللام في القيمة للعهد، كقوله تعالى: كَما أَرْسَلْنا إِلى‏ فِرْعَوْنَ رَسُولًا، فَعَصى‏ فِرْعَوْنُ الرَّسُولَ‏ «1» . و قرأ عبد اللّه: و ذلك الدين القيمة، فالهاء في هذه القراءة للمبالغة، أو أنث، على أن عنى بالدين الملة، كقوله: ما هذه الصوت؟

يريد: ما هذه الصيحة: و ذكر تعالى مقر الأشقياء و جزاء السعداء، و البرية: جميع الخلق.

(1) سورة المزمل: 73/ 15- 16.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏10، ص: 520

صفحه بعد