کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

البحر المحيط فى التفسير

الجزء الأول

خطبة الكتاب

سورة البقرة 2

[سورة البقرة(2): الآيات 1 الى 5] [سورة البقرة(2): الآيات 6 الى 7] [سورة البقرة(2): الآيات 8 الى 10] [سورة البقرة(2): الآيات 11 الى 16] [سورة البقرة(2): الآيات 17 الى 18] [سورة البقرة(2): آية 19] [سورة البقرة(2): آية 20] [سورة البقرة(2): الآيات 21 الى 22] [سورة البقرة(2): الآيات 23 الى 24] [سورة البقرة(2): آية 25] [سورة البقرة(2): الآيات 26 الى 29] [سورة البقرة(2): الآيات 30 الى 33] [سورة البقرة(2): آية 34] [سورة البقرة(2): آية 35] [سورة البقرة(2): الآيات 36 الى 39] [سورة البقرة(2): الآيات 40 الى 43] [سورة البقرة(2): الآيات 44 الى 46] [سورة البقرة(2): الآيات 47 الى 49] [سورة البقرة(2): الآيات 50 الى 53] [سورة البقرة(2): الآيات 54 الى 57] [سورة البقرة(2): الآيات 58 الى 61] [سورة البقرة(2): الآيات 62 الى 66] [سورة البقرة(2): الآيات 67 الى 74] [سورة البقرة(2): الآيات 75 الى 82] [سورة البقرة(2): الآيات 83 الى 86] [سورة البقرة(2): الآيات 87 الى 96] [سورة البقرة(2): الآيات 97 الى 103] [سورة البقرة(2): الآيات 104 الى 113] [سورة البقرة(2): الآيات 114 الى 123] [سورة البقرة(2): الآيات 124 الى 131] [سورة البقرة(2): الآيات 132 الى 141]
فهرست الجزء الأول من تفسير البحر المحيط

الجزء الثالث

سورة ال عمران

[سورة آل‏عمران(3): الآيات 1 الى 11] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 12 الى 14] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 15 الى 18] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 19 الى 22] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 23 الى 32] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 33 الى 41] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 42 الى 51] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 52 الى 61] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 62 الى 68] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 69 الى 71] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 72 الى 74] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 75 الى 79] [سورة آل‏عمران(3): آية 80] [سورة آل‏عمران(3): آية 81] [سورة آل‏عمران(3): آية 82] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 83 الى 91] [سورة آل‏عمران(3): آية 92] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 93 الى 101] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 102 الى 112] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 113 الى 120] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 121 الى 127] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 128 الى 132] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 133 الى 141] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 142 الى 152] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 153 الى 163] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 164 الى 170] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 171 الى 180] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 181 الى 185] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 186 الى 200]
فهرس الجزء الثالث

الجزء الرابع

فهرست الجزء الرابع

الجزء الخامس

فهرس الجزء الخامس

الجزء السادس

فهرس الجزء السادس

الجزء السابع

فهرس الجزء السابع

الجزء الثامن

فهرس الجزء الثامن

الجزء التاسع

فهرس الجزء التاسع

الجزء العاشر

فهرس الجزء العاشر

الجزء الحادي عشر

1 - فهرس الآيات القرآنية الكريمة

سورة البقرة سورة آل عمران سورة النساء سورة المائدة سورة الأنعام سورة الأعراف سورة الأنفال سورة التوبة سورة يونس سورة هود سورة يوسف سورة الرعد سورة إبراهيم سورة الحجر سورة النحل سورة الإسراء سورة الكهف سورة مريم سورة طه سورة الأنبياء سورة الحج سورة المؤمنون سورة النور سورة الفرقان سورة الشعراء سورة النمل سورة القصص سورة العنكبوت سورة الروم سورة لقمان سورة السجدة سورة الأحزاب سورة سبأ سورة فاطر سورة يس سورة الصافات سورة ص سورة الزمر سورة غافر سورة فصلت سورة الشورى سورة الزخرف سورة الدخان سورة الجاثية سورة الأحقاف سورة محمد سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق سورة الذاريات سورة الطور سورة النجم سورة القمر سورة الرحمن سورة الواقعة سورة الحديد سورة المجادلة سورة الحشر سورة الممتحنة سورة الصف سورة الجمعة سورة المنافقون سورة التغابن سورة الطلاق سورة التحريم سورة الملك سورة القلم سورة الحاقة سورة المعارج سورة نوح سورة الجن سورة المزمل سورة المدثر سورة القيامة سورة الإنسان سورة المرسلات سورة النبأ سورة النازعات سورة عبس سورة التكوير سورة الانفطار سورة المطففين سورة الإنشقاق سورة البروج سورة الطارق سورة الأعلى سورة الغاشية سورة الفجر سورة البلد سورة الشمس سورة الليل سورة الضحى سورة الشرح سورة التين سورة العلق سورة البينة سورة الزلزلة سورة العاديات سورة القارعة سورة التكاثر سورة العصر سورة الهمزة سورة الفيل سورة قريش سورة الماعون سورة الكوثر سورة الكافرون سورة النصر سورة المسد سورة الإخلاص سورة الفلق سورة الناس
2 - فهرس الأحاديث و الآثار 3 - فهرس الشعوب و القبائل و الأديان 4 - فهرس الأماكن و البلاد

5 - فهرس الأبيات الشعرية

حروف الهمزة الهمزة المفتوحة الهمزة المضمومة الهمزة المكسورة حرف الباء الباء المفتوحة الباء المضمومة الباء المكسورة حرف التاء التاء المفتوحة التاء المضمومة التاء المكسورة حرف الثاء الثاء المفتوحة الثاء المكسورة حرف الجيم الجيم المفتوحة الجيم المضمومة الجيم المكسورة حرف الحاء الحاء المفتوحة الحاء المضمومة الحاء المكسورة الخاء المكسورة حرف الدال الدال المفتوحة الدال المضمومة الدال المكسورة حرف الراء الراء المفتوحة الراء المضمومة الراء المكسورة حرف الزاي الزاي المفتوحة حرف السين السين المفتوحة السين المضمومة السين المكسورة حرف الشين الشين المفتوحة الشين المكسورة حرف الصاد الصاد المفتوحة الصاد المضمومة الصاد المكسورة حرف الضاد الضاد المفتوحة الضاد المكسورة حرف الطاء الطاء المفتوحة حرف الظاء حرف العين العين المفتوحة العين المضمومة العين المكسورة الغين المكسورة حرف الفاء الفاء المفتوحة الفاء المضمومة الفاء المكسورة حرف القاف القاف المفتوحة القاف المضمومة القاف المكسورة حرف الكاف الكاف المفتوحة الكاف المضمومة الكاف المكسورة حرف اللام اللام المفتوحة اللام المضمومة اللام المكسورة حرف الميم الميم المفتوحة الميم المضمومة الميم المكسورة حرف النون النون المفتوحة النون المضمومة النون المكسورة حرف الهاء الهاء المفتوحة الهاء المكسورة الواو المفتوحة الواو المكسورة الياء المفتوحة الياء المكسورة حرف الألف
6 - فهرس أنصاف الأبيات 7 - فهرس الأمثال

البحر المحيط فى التفسير


صفحه قبل

البحر المحيط فى التفسير، ج‏10، ص: 543

سورة الفيل‏

[سورة الفيل (105): الآيات 1 الى 5]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

أَ لَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ (1) أَ لَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ (2) وَ أَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبابِيلَ (3) تَرْمِيهِمْ بِحِجارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ (4)

فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ (5)

الفيل أكبر ما رأيناه من وحوش البر يجلب إلى ملك مصر، و لم تره بالأندلس بلادنا، و يجمع في القلة على أفيال، و في الكثرة على فيول و فيلة. الأبابيل: الجماعات تجي‏ء شيئا بعد شي‏ء. قال الشاعر:

كادت تهد من الأصوات راحلتي‏

إذ سالت الأرض بالجرد الأبابيل‏

و قال الأعشى:

طريق و خبار رواء أصوله‏

عليه أبابيل من الطير تنعب‏

قال أبو عبيدة و الفراء: لا واحد له من لفظه، فيكون مثل عبابيد و بيادير. و قيل:

واحده أبول مثل عجول، و قيل: إبيل مثل سكين، و قيل: أبال، و ذكر الرقاشي، و كان ثقة، أنه سمع في واحده إبالة؛ و حكى الفراء: أبالة مخففا.

أَ لَمْ تَرَ كَيْفَ فَعَلَ رَبُّكَ بِأَصْحابِ الْفِيلِ، أَ لَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ، وَ أَرْسَلَ عَلَيْهِمْ طَيْراً أَبابِيلَ، تَرْمِيهِمْ بِحِجارَةٍ مِنْ سِجِّيلٍ، فَجَعَلَهُمْ كَعَصْفٍ مَأْكُولٍ‏ .

هذه السورة مكية. و لما ذكر فيما قبلها عذاب الكفار في الآخرة، أخبر هنا بعذاب ناس منهم في الدنيا. و الظاهر أن الخطاب للرسول صلّى اللّه عليه و سلم، يذكر نعمته عليه، إذ كان صرف‏

البحر المحيط فى التفسير، ج‏10، ص: 544

ذلك العدوّ العظيم عام مولده السعيد عليه السلام، و إرهاصا بنبوّته، إذ مجي‏ء تلك الطيور على الوصف المنقول، من خوارق العادات و المعجزات المتقدمة بين أيدي الأنبياء عليهم الصلاة و السلام. و معنى‏ أَ لَمْ تَرَ : ألم تعلم قدره على وجود علمه بذلك؟ إذ هو أمر منقول نقل التواتر، فكأنه قيل: قد علمت فعل اللّه ربك بهؤلاء الذين قصدوا حرمه، ضلل كيدهم و أهلكهم بأضعف جنوده، و هي الطير التي ليست من عادتها أنها تقتل.

و قصة الفيل ذكرها أهل السير و التفسير مطولة و مختصرة، و تطالع في كتبهم.

و أصحاب الفيل: أبرهة بن الصباح الحبشي و من كان معه من جنوده. و الظاهر أنه فيل واحد، و هو قول الأكثرين. و قال الضحاك: ثمانية فيلة، و قيل: اثنا عشر فيلا، و قيل: ألف فيل، و هذه أقوال متكاذبة. و كان العسكر ستين ألفا، لم يرجع أحد منهم إلا أميرهم في شرذمة قليلة، فلما أخبروا بما رأوا هلكوا. و كان الفيل يوجهونه نحو مكة لما كان قريبا منها فيبرك، و يوجهونه نحو اليمن و الشام فيسرع. و قال الواقدي: أبرهة جد النجاشي الذي كان في زمن الرسول صلّى اللّه عليه و سلم. و قرأ السلمي: ألم تر بسكون، و هو جزم بعد جزم. و نقل عن صاحب اللوامح ترأ بهمزة مفتوحة مع سكون الراء على الأصل، و هي لغة لتيم، وتر معلقة، و الجملة التي فيها الاستفهام في موضع نصب به؛ و كيف معمول لفعل. و في خطابه تعالى لنبيه صلّى اللّه عليه و سلم بقوله: فَعَلَ رَبُّكَ‏ تشريف له صلّى اللّه عليه و سلم و إشادة من ذكره، كأنه قال: ربك معبودك هو الذي فعل ذلك لا أصنام قريش أساف و نائلة و غيرهما.

أَ لَمْ يَجْعَلْ كَيْدَهُمْ فِي تَضْلِيلٍ‏ و إبطال، يقال: ضلل كيدهم، إذا جعله ضالا ضائعا. و قيل لامرى‏ء القيس الضليل، لأنه ضلل ملك أبيه، أي ضيعه. و تضييع كيدهم هو بأن أحرق اللّه تعالى البيت الذي بنوه قاصدين أن يرجع حج العرب إليه، و بأن أهلكهم لما قصدوا هدم بيت اللّه الكعبة بأن أرسل عليهم طيرا جاءت من جهة البحر، ليست نجدية و لا تهامية و لا حجازية سوداء. و قيل: خضراء على قدر الخطاف. و قرأ الجمهور: تَرْمِيهِمْ‏ بالتاء، و الطير اسم جمع بهذه القراءة، و قوله:

كالطير ينجو من الشؤبوب ذي البرد و تذكر كقراءة أبي حنيفة و ابن يعمر و عيسى و طلحة في رواية عنه: يرميهم. و قيل:

الضمير عائد على‏ رَبُّكَ‏ . بِحِجارَةٍ ؛ كان كل طائر في منقاره حجر، و في رجليه حجران، كل حجر فوق حبة العدس و دون حبة الحمص، مكتوب في كل حجر اسم مرميه، ينزل على رأسه و يخرج من دبره. و مرض أبرهة، فتقطع أنملة أنملة، و ما مات حتى‏

البحر المحيط فى التفسير، ج‏10، ص: 545

انصدع صدره عن قلبه، و انفلت أبو مكسوم وزيره، و طائره يتبعه حتى وصل إلى النجاشي و أخبره بما جرى للقوم، فرماه الطائر بحجره فمات بين يدي الملك. و تقدم شرح سجيل في سورة هود، و العصف في سورة الرحمن. شبهوا بالعصف ورق الزرع الذي أكل، أي وقع فيه الأكال، و هو أن يأكله الدود و التبن الذي أكلته الدواب وراثته. و جاء على آداب القرآن نحو قوله: كانا يَأْكُلانِ الطَّعامَ‏ «1» ، أو الذي أكل حبه فبقي فارغا، فنسبه أنه أكل مجاز، إذ المأكول حبه لا هو. و قرأ الجمهور: مَأْكُولٍ‏ : بسكون الهمزة و هو الأصل، لأن صيغة مفعول من فعل. و قرأ أبو الدرداء، فيما نقل ابن خالويه: بفتح الهمزة اتباعا لحركة الميم و هو شاذ، و هذا كما اتبعوه في قولهم: محموم بفتح الحاء لحركة الميم. قال ابن إسحاق:

لما رد اللّه الحبشة عن مكة، عظمت العرب قريشا و قالوا: أهل اللّه قاتل عنهم و كفاهم مؤونة عدوّهم، فكان ذلك نعمة من اللّه تعالى عليهم. و قيل: هو إجابة لدعاء الخليل عليه الصلاة و السلام.

(1) سورة المائدة: 5/ 75.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏10، ص: 546

سورة قريش‏

[سورة قريش (106): الآيات 1 الى 4]

بِسْمِ اللَّهِ الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏

لِإِيلافِ قُرَيْشٍ (1) إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتاءِ وَ الصَّيْفِ (2) فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ (3) الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَ آمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ (4)

قريش: علم اسم قبيلة، و هم بنو النضر بن كنانة، فمن كان من بني النضر فهو من قريش دون بني كنانة. و قيل: هم بنو فهر بن مالك بن النضر، فمن لم يلده فهر فليس بقرشي. قال القرطبي: و القول الأول أصح و أثبت، و سموا بذلك لتجمعهم بعد التفرق، و التقريش: التجمع و الالئتام، و منه قول الشاعر:

إخوة قرشوا الذنوب علينا

في حديث من دهرهم و قديم‏

كانوا متفرقين في غير الحرم، فجمعهم قصي بن كلاب في الحرم حتى اتخذوه مسكنا، و منه قوله:

أبونا قصي كان يدعى مجمعا

به جمع اللّه القبائل من فهر

و قال الفراء: التقرش: التكسب، و قد قرش يقرش قرشا، إذا كسب و جمع، و منه سميت قريش. و قيل: كانوا يفتشون على ذي الخلة من الحاج ليسدوها، و القرش:

التفتيش، و منه قول الشاعر:

أيها الناطق المقرش عنا

عند عمرو و هل لذاك بقاء

و سأل معاوية ابن عباس: بم سميت قريش قريشا؟ فقال: بدابة في البحر أقوى دوابه يقال لها القرش، تأكل و لا تؤكل، و تعلو و لا تعلى، و منه قول تبع:

البحر المحيط فى التفسير، ج‏10، ص: 547

و قريش هي التي تسكن البحر بها سميت قريش قريشا تأكل الغث و السمين و لا تترك فيها لذي جناحين ريشا

هكذا في البلاد حيّ قريش‏

يأكلون البلاد أكلا كميشا

و لهم آخر الزمان نبي‏

يكثر القتل فيهم و الخموشا

و في الكشاف: دابة تعبث بالسفن و لا تطاق إلا بالنار. فإن كان قريش من مزيد فيه فهو تصغير ترخيم، و إن كان من ثلاثي مجرد فهو تصغير على أصل التصغير. الشتاء و الصيف فصلان معروفان من فصول السنة الأربعة، و همزة الشتاء مبدلة من واو، قالوا: شتا يشتو، و قالوا: شتوة، و الشتاء مفرد و ليس بجمع شتوة.

لِإِيلافِ قُرَيْشٍ، إِيلافِهِمْ رِحْلَةَ الشِّتاءِ وَ الصَّيْفِ، فَلْيَعْبُدُوا رَبَّ هذَا الْبَيْتِ، الَّذِي أَطْعَمَهُمْ مِنْ جُوعٍ وَ آمَنَهُمْ مِنْ خَوْفٍ‏ .

هذه السورة مكية في قول الجمهور، مدنية في قول الضحاك و ابن السائب.

و مناسبتها لما قبلها ظاهرة، و لا سيما أن جعلت اللام متعلقة بنفس فجعلهم، و هو قول الأخفش، أو بإضمار فعلنا ذلك لإيلاف قريش، و هو مروي عن الأخفش حتى تطمئن في بلدها. فذكر ذلك للامتنان عليهم، إذ لو سلط عليهم أصحاب الفيل لتشتتوا في البلاد و الأقاليم، و لم تجتمع لهم كلمة. قال الزمخشري: و هذا بمنزلة التضمين في الشعر، و هو أن يتعلق معنى البيت بالذي قبله تعلقا لا يصح إلا به، و هما في مصحف أبي سورة واحدة بلا فصل. و عن عمر: أنه قرأهما في الثانية من صلاة المغرب، و قرأ في الأوليين: و التين، و المعنى أنه أهلك أهل الحبشة الذين قصدوهم ليتسامع الناس بذلك، فيتهيبوهم زيادة تهيب، و يحترموهم فضل احترام حتى ينتظم لهم الأمن في رحلتهم، انتهى.

قال الحوفي: ورد هذا القول جماعة، و قالوا: لو كان كذا لكان لإيلاف بعض سورة ألم تر؛ و في إجماع الجميع على الفصل بينهما ما يدل على غير ما قال، يعني الأخفش و الكسائي و الفراء، تتعلق بأعجبوا مضمرة، أي اعجبوا لإيلاف قريش رحلة الشتاء و الصيف، و تركهم عبادة رب هذا البيت، ثم أمرهم بالعبادة بعد و أعلمهم أن اللّه هو الذي أطعمهم و آمنهم لا آسفهم، أي فليعبدوا الذي أطعمهم بدعوة أبيهم حيث قال: وَ ارْزُقْهُمْ مِنَ الثَّمَراتِ‏ «1» ، و آمنهم بدعوته حيث قال: رَبِّ اجْعَلْ هَذَا الْبَلَدَ آمِناً «2» ، و لا تشتغلوا

(1) سورة إبراهيم: 14/ 37.

(2) سورة إبراهيم: 14/ 35.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏10، ص: 548

بالأسفار التي إنما هي طلب كسب و عرض دنيا. و قال الخليل بن أحمد: تتعلق بقوله:

فَلْيَعْبُدُوا ، و المعنى لأن فعل اللّه بقريش هذا و مكنهم من إلفهم هذه النعمة.

فَلْيَعْبُدُوا : أمرهم أن يعبدوه لأجل إيلافهم الرحلة. قال الزمخشري: فإن قلت: فلم دخلت الفاء؟ قلت: لما في الكلام من معنى الشرط، لأن المعنى: إما لا فليعبدوا لإيلافهم على معنى أن نعم اللّه عليهم لا تحصى، فإن لم يعبدوه لسائر نعمه، فليعبدوه لهذه النعمة الواحدة التي هي نعمة ظاهرة، انتهى. و قرأ الجمهور: لِإِيلافِ قُرَيْشٍ‏ ، مصدر آلف رباعيا؛ و ابن عامر: لالاف على وزن فعال، مصدر ألف ثلاثيا. يقال: ألف الرجل الأمر إلفا و إلافا، و آلفه غيره إياه إيلافا، و قد يأتي ألف متعديا لواحد كإلف، قال الشاعر:

من المؤلفات الرمل أدماء حرة

شعاع الضحى في متنها يتوضح‏

و لم يختلف القراء السبعة في قراءة إيلافهم مصدرا للرباعي. و روي عن أبي بكر، عن عاصم أنه قرأ بهمزتين، فيهما الثانية ساكنة، و هذا شاذ، و إن كان الأصل أبدلوا الهمزة التي هي فاء الكلمة لثقل اجتماع همزتين، و لم يبدلوا في نحو يؤلف على جهة اللزوم لزوال الاستثقال بحذف الهمزة فيه، و هذا المروي عن عاصم هو من طريق الشمني عن الأعشى عن أبي بكر. و روى محمد بن داود النقار عن عاصم: إإيلافهم بهمزتين مكسورتين بعدهما ياء ساكنة ناشئة عن حركة الهمزة الثانية لما أشبع كسرتها، و الصحيح رجوع عاصم عن الهمزة الثانية، و أنه قرأ كالجماعة. و قرأ أبو جعفر فيما حكى الزمخشري: لإلف قريش؛ و قرأ فيما حكى ابن عطية الفهم. قال الشاعر:

زعمتم أن إخوتكم قريشا

لهم إلف و ليس لكم إلاف‏

جمع بين مصدري ألف الثلاثي. و عن أبي جعفر و ابن عامر: الافهم على وزن فعال. و عن أبي جعفر و ابن كثير: إلفهم على وزن فعل، و بذلك قرأ عكرمة. و عن أبي جعفر أيضا: ليلاف بياء ساكنة بعد اللام اتبع، لما أبدل الثانية ياء حذف الأولى حذفا على غير قياس. و عن عكرمة: ليألف قريش؛ و عنه أيضا: لتألف قريش على الأمر، و عنه و عن هلال بن فتيان: بفتح لام الأمر، و أجمعوا هنا على صرف قريش، راعوا فيه معنى الحي، و يجوز منع صرفه ملحوظا فيه معنى القبيلة للتأنيث و العلمية. قال الشاعر:

و كفى قريش المعضلات وسادها جعله اسما للقبيلة سيبويه في نحو معد و قريش و ثقيف، و كينونة هذه للإحياء أكثر،

البحر المحيط فى التفسير، ج‏10، ص: 549

و إن جعلتها اسما للقبائل فجائز حسن. و قرأ الجمهور: رِحْلَةَ بكسر الراء؛ و أبو السمال: بضمها، فبالكسر مصدر، و بالضم الجهة التي يرحل إليها، و الجمهور على أنهما رحلتان. فقيل: إلى الشام في التجارة و نيل الأرباح، و منه قول الشاعر:

سفرين بينهما له و لغيره‏

سفر الشتاء و رحلة الأصياف‏

و قال ابن عباس: رحلة إلى اليمن، و رحلة إلى بصرى. و قال: يرحلون في الصيف إلى الطائف حيث الماء و الظل، و يرحلون في الشتاء إلى مكة للتجارة و سائر أغراضهم.

و قال الزمخشري: و أراد رحلتي الشتاء و الصيف، فأفرد لأمن الإلباس، كقوله:

كلوا في بعض بطنكم تعفوا

فإن زمانكم زمن خميص‏

انتهى، و هذا عند سيبويه لا يجوز إلا في الضرورة، و مثله:

حمامة بطن الواديين ترنمي يريد: بطني الواديين، أنشده أصحابنا على الضرورة. و قال النقاش: كانت لهم أربع رحل. قال ابن عطية: و هذا قول مردود. انتهى، و لا ينبغي أن يرد، فإن أصحاب الإيلاف كانوا أربعة إخوة و هم: بنو عبد مناف هاشم، كان يؤلف ملك الشام، أخذ منه خيلا، فأمن به في تجارته إلى الشام، و عبد شمس يؤلف إلى الحبشة؛ و المطلب إلى اليمن؛ و نوفل إلى فارس. فكان هؤلاء يسمون المجيرين، فتختلف تجر قريش إلى الأمصار بحبل هؤلاء الإخوة، فلا يتعرض لهم. قال الأزهري: الإيلاف شبه الإجارة بالخفارة، فإذا كان كذلك جاز أن يكون لهم رحل أربع، باعتبار هذه الأماكن التي كانت التجار في خفارة هؤلاء الأربعة فيها، و فيهم يقول الشاعر يمدحهم:

يا أيها الرجل المحول رحله‏

هلا نزلت بآل عبد مناف‏

الآخذون العهد من آفاقها

و الراحلون لرحلة الإيلاف‏

و الرائشون و ليس يوجد رائش‏

و القائلون هلمّ للأضياف‏

و الخالطون غنيهم لفقيرهم‏

حتى يصير فقيرهم كالكاف‏

صفحه بعد