کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

البحر المحيط فى التفسير

الجزء الأول

خطبة الكتاب

سورة البقرة 2

[سورة البقرة(2): الآيات 1 الى 5] [سورة البقرة(2): الآيات 6 الى 7] [سورة البقرة(2): الآيات 8 الى 10] [سورة البقرة(2): الآيات 11 الى 16] [سورة البقرة(2): الآيات 17 الى 18] [سورة البقرة(2): آية 19] [سورة البقرة(2): آية 20] [سورة البقرة(2): الآيات 21 الى 22] [سورة البقرة(2): الآيات 23 الى 24] [سورة البقرة(2): آية 25] [سورة البقرة(2): الآيات 26 الى 29] [سورة البقرة(2): الآيات 30 الى 33] [سورة البقرة(2): آية 34] [سورة البقرة(2): آية 35] [سورة البقرة(2): الآيات 36 الى 39] [سورة البقرة(2): الآيات 40 الى 43] [سورة البقرة(2): الآيات 44 الى 46] [سورة البقرة(2): الآيات 47 الى 49] [سورة البقرة(2): الآيات 50 الى 53] [سورة البقرة(2): الآيات 54 الى 57] [سورة البقرة(2): الآيات 58 الى 61] [سورة البقرة(2): الآيات 62 الى 66] [سورة البقرة(2): الآيات 67 الى 74] [سورة البقرة(2): الآيات 75 الى 82] [سورة البقرة(2): الآيات 83 الى 86] [سورة البقرة(2): الآيات 87 الى 96] [سورة البقرة(2): الآيات 97 الى 103] [سورة البقرة(2): الآيات 104 الى 113] [سورة البقرة(2): الآيات 114 الى 123] [سورة البقرة(2): الآيات 124 الى 131] [سورة البقرة(2): الآيات 132 الى 141]
فهرست الجزء الأول من تفسير البحر المحيط

الجزء الثالث

سورة ال عمران

[سورة آل‏عمران(3): الآيات 1 الى 11] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 12 الى 14] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 15 الى 18] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 19 الى 22] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 23 الى 32] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 33 الى 41] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 42 الى 51] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 52 الى 61] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 62 الى 68] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 69 الى 71] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 72 الى 74] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 75 الى 79] [سورة آل‏عمران(3): آية 80] [سورة آل‏عمران(3): آية 81] [سورة آل‏عمران(3): آية 82] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 83 الى 91] [سورة آل‏عمران(3): آية 92] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 93 الى 101] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 102 الى 112] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 113 الى 120] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 121 الى 127] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 128 الى 132] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 133 الى 141] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 142 الى 152] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 153 الى 163] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 164 الى 170] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 171 الى 180] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 181 الى 185] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 186 الى 200]
فهرس الجزء الثالث

الجزء الرابع

فهرست الجزء الرابع

الجزء الخامس

فهرس الجزء الخامس

الجزء السادس

فهرس الجزء السادس

الجزء السابع

فهرس الجزء السابع

الجزء الثامن

فهرس الجزء الثامن

الجزء التاسع

فهرس الجزء التاسع

الجزء العاشر

فهرس الجزء العاشر

الجزء الحادي عشر

1 - فهرس الآيات القرآنية الكريمة

سورة البقرة سورة آل عمران سورة النساء سورة المائدة سورة الأنعام سورة الأعراف سورة الأنفال سورة التوبة سورة يونس سورة هود سورة يوسف سورة الرعد سورة إبراهيم سورة الحجر سورة النحل سورة الإسراء سورة الكهف سورة مريم سورة طه سورة الأنبياء سورة الحج سورة المؤمنون سورة النور سورة الفرقان سورة الشعراء سورة النمل سورة القصص سورة العنكبوت سورة الروم سورة لقمان سورة السجدة سورة الأحزاب سورة سبأ سورة فاطر سورة يس سورة الصافات سورة ص سورة الزمر سورة غافر سورة فصلت سورة الشورى سورة الزخرف سورة الدخان سورة الجاثية سورة الأحقاف سورة محمد سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق سورة الذاريات سورة الطور سورة النجم سورة القمر سورة الرحمن سورة الواقعة سورة الحديد سورة المجادلة سورة الحشر سورة الممتحنة سورة الصف سورة الجمعة سورة المنافقون سورة التغابن سورة الطلاق سورة التحريم سورة الملك سورة القلم سورة الحاقة سورة المعارج سورة نوح سورة الجن سورة المزمل سورة المدثر سورة القيامة سورة الإنسان سورة المرسلات سورة النبأ سورة النازعات سورة عبس سورة التكوير سورة الانفطار سورة المطففين سورة الإنشقاق سورة البروج سورة الطارق سورة الأعلى سورة الغاشية سورة الفجر سورة البلد سورة الشمس سورة الليل سورة الضحى سورة الشرح سورة التين سورة العلق سورة البينة سورة الزلزلة سورة العاديات سورة القارعة سورة التكاثر سورة العصر سورة الهمزة سورة الفيل سورة قريش سورة الماعون سورة الكوثر سورة الكافرون سورة النصر سورة المسد سورة الإخلاص سورة الفلق سورة الناس
2 - فهرس الأحاديث و الآثار 3 - فهرس الشعوب و القبائل و الأديان 4 - فهرس الأماكن و البلاد

5 - فهرس الأبيات الشعرية

حروف الهمزة الهمزة المفتوحة الهمزة المضمومة الهمزة المكسورة حرف الباء الباء المفتوحة الباء المضمومة الباء المكسورة حرف التاء التاء المفتوحة التاء المضمومة التاء المكسورة حرف الثاء الثاء المفتوحة الثاء المكسورة حرف الجيم الجيم المفتوحة الجيم المضمومة الجيم المكسورة حرف الحاء الحاء المفتوحة الحاء المضمومة الحاء المكسورة الخاء المكسورة حرف الدال الدال المفتوحة الدال المضمومة الدال المكسورة حرف الراء الراء المفتوحة الراء المضمومة الراء المكسورة حرف الزاي الزاي المفتوحة حرف السين السين المفتوحة السين المضمومة السين المكسورة حرف الشين الشين المفتوحة الشين المكسورة حرف الصاد الصاد المفتوحة الصاد المضمومة الصاد المكسورة حرف الضاد الضاد المفتوحة الضاد المكسورة حرف الطاء الطاء المفتوحة حرف الظاء حرف العين العين المفتوحة العين المضمومة العين المكسورة الغين المكسورة حرف الفاء الفاء المفتوحة الفاء المضمومة الفاء المكسورة حرف القاف القاف المفتوحة القاف المضمومة القاف المكسورة حرف الكاف الكاف المفتوحة الكاف المضمومة الكاف المكسورة حرف اللام اللام المفتوحة اللام المضمومة اللام المكسورة حرف الميم الميم المفتوحة الميم المضمومة الميم المكسورة حرف النون النون المفتوحة النون المضمومة النون المكسورة حرف الهاء الهاء المفتوحة الهاء المكسورة الواو المفتوحة الواو المكسورة الياء المفتوحة الياء المكسورة حرف الألف
6 - فهرس أنصاف الأبيات 7 - فهرس الأمثال

البحر المحيط فى التفسير


صفحه قبل

البحر المحيط فى التفسير، ج‏1، ص: 32

الخلاف خلاف آخر، و هو أن صفات اللّه تعالى الذاتية و الفعلية أ هي قديمة أم صفات الذات قديمة و صفات الفعل محدثة قولان؟ و أما الرحمة التي من العباد فقيل هي رقة تحدث في القلب، و قيل هي قصد الخير أو دفع الشر، لأن الإنسان قد يدفع الشر عمن لا يرق عليه، و يوصل الخير إلى من لا يرق عليه.

و في البسملة من ضروب البلاغة نوعان:

أحدهما: الحذف، و هو ما يتعلق به الباء في بسم، و قد مر ذكره، و الحذف قيل لتخفيف اللفظ، كقولهم بالرفاء و البنين، باليمن و البركة، فقلت إلى الطعام، و قوله تعالى في تسع آيات أي أعرست و هلموا و اذهب، قال أبو القاسم السهيلي: و ليس كما زعموا، إذ لو كان كذلك كان إظهاره و إضماره في كل ما يحذف تخفيفا، و لكن في حذفه فائدة، و ذلك أنه موطن ينبغي أن لا يقدم فيه سوى ذكر اللّه تعالى، فلو ذكر الفعل، و هو لا يستغني عن فاعله، لم يكن ذكر اللّه مقدما، و كان في حذفه مشاكلة اللفظ للمعنى، كما تقول في الصلاة اللّه أكبر، و معناه من كل شي‏ء، و لكن يحذف ليكون اللفظ في اللسان مطابقا لمقصود القلب، و هو أن لا يكون في القلب ذكر إلا اللّه عز و جل. و من الحذف أيضا حذف الألف في بسم اللّه و في الرحمن في الخط، و ذلك لكثرة الاستعمال.

النوع الثاني: التكرار في الوصف، و يكون إما لتعظيم الموصوف، أو للتأكيد، ليتقرر في النفس. و قد تعرض المفسرون في كتبهم لحكم التسمية في الصلاة، و ذكروا اختلاف العلماء في ذلك، و أطالوا التفاريع في ذلك، و كذلك فعلوا في غير ما آية و موضوع، هذا كتب الفقه، و كذلك تكلم بعضهم على التعوذ، و على حكمه، و ليس من القرآن بإجماع.

و نحن في كتابنا هذا لا نتعرض لحكم شرعي، إلا إذا كان لفظ القرآن يدل على ذلك الحكم، أو يمكن استنباطه منه بوجه من وجوه الاستنباطات. و اختلف في وصل الرحيم بالحمد، فقرأ قوم من الكوفيين بسكون الميم، و يقفون عليها و يبتدئون بهمزة مقطوعة، و الجمهور على جر الميم و وصل الألف من الحمد. و حكى الكسائي عن بعض العرب أنه يقرأ الرحيم الحمد بفتح الميم و صلة الألف، كأنك سكنت الميم و قطعت الألف، ثم ألقيت حركتها على الميم و حذفت و لم تر، و هذه قراءة عن أحد.

الْحَمْدُ الثناء على الجميل من نعمة أو غيرها باللسان وحده، و نقيضه الذم، و ليس مقلوب مدح، خلافا لابن الأنباري، إذ هما في التصريفات متساويان، و إذ قد يتعلق‏

البحر المحيط فى التفسير، ج‏1، ص: 33

المدح بالجماد، فتمدح جوهرة و لا يقال تحمد، و الحمد و الشكر بمعنى واحد، أو الحمد أعم، و الشكر ثناء على اللّه تعالى بأفعاله، و الحمد ثناء بأوصافه ثلاثة أقوال، أصحها أنه أعم، فالحامد قسمان: شاكر و مثن بالصفات.

لِلَّهِ‏ اللام: للملك و شبهه، و للتمليك و شبهه، و للاستحقاق، و للنسب، و للتعليل، و للتبليغ، و للتعجب، و للتبيين، و للصيرورة، و للظرفية بمعنى في أو عند أو بعد، و للإنتهاء، و للإستعلاء مثل: ذلك المال لزيد، أدوم لك ما تدوم لي، و وهبت لك دينارا، جَعَلَ لَكُمْ مِنْ أَنْفُسِكُمْ أَزْواجاً* «1» ، الجلباب للجارية، لزيد عم، لِتَحْكُمَ بَيْنَ النَّاسِ‏ «2» ، قلت لك، و للّه عينا، من رأى، من تفوق، هَيْتَ‏ ، لَكَ‏ «3» ، لِيَكُونَ لَهُمْ عَدُوًّا وَ حَزَناً «4» ، الْقِسْطَ لِيَوْمِ الْقِيامَةِ «5» ، كتب لخمس خلون، لدلوك الشمس، سُقْناهُ لِبَلَدٍ مَيِّتٍ‏ «6» ، يَخِرُّونَ لِلْأَذْقانِ* «7» .

رَبِّ الْعالَمِينَ‏ الرب: السيد، و المالك، و الثابت، و المعبود، و المصلح، و زاد بعضهم بمعنى الصاحب، مستدلا بقوله:

فدنا له رب الكلاب بكفه‏

بيض رهاف ريشهن مقزع‏

و بعضهم بمعنى الخالق العالم لا مفرد له، كالأنام، و اشتقاقه من العلم أو العلامة، و مدلوله كل ذي روح، قاله ابن عباس، أو الناس، قاله البجلي، أو الإنس و الجن و الملائكة، قاله أيضا ابن عباس، أو الإنس و الجن و الملائكة و الشياطين، قاله أبو عبيدة و الفراء، أو الثقلان، قاله ابن عطية، أو بنو آدم، قاله أبو معاذ، أو أهل الجنة و النار، قاله الصادق، أو المرتزقون، قاله عبد الرحمن بن زيد، أو كل مصنوع، قاله الحسن و قتادة، أو الروحانيون، قاله بعضهم، و نقل عن المتقدمين أعداد مختلفة في العالمين و في مقارها، اللّه أعلم بالصحيح. و الجمهور قرأوا بضم دال الحمد، و أتبع ابراهيم بن أبي عبلة ميمه لام الجر لضمة الدال، كما أتبع الحسن و زيد بن علي كسرة الدال لكسرة اللام، و هي أغرب، لأن فيه إتباع حركة معرب لحركة غير إعراب، و الأول بالعكس. و في قراءة الحسن احتمال أن يكون الإتباع في مرفوع أو منصوب، و يكون الإعراب إذ ذاك على التقديرين مقدرا منع من‏

(1) سورة النمل: 16/ 72.

(2) سورة النساء: 4/ 105.

(3) سورة يوسف: 12/ 23.

(4) سورة القصص: 28/ 8.

(5) سورة الأنبياء: 21/ 47.

(6) سورة الأعراف: 7/ 57.

(7) سورة الإسراء: 17/ 107.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏1، ص: 34

ظهوره شغل الكلمة بحركة الإتباع، كما في المحكي و المدغم. و قرأ هارون العتكي، و رؤبة، و سفيان بن عيينة الحمد بالنصب. و الحمد مصدر معرف بأل، إما للعهد، أي الحمد المعروف بينكم للّه، أو لتعريف الماهية، كالدينار خير من الدرهم، أي: أي دينار كان فهو خير من أي درهم كان، فيستلزم إذ ذاك الأحمدة كلها، أو لتعريف الجنس، فيدل على استغراق الأحمدة كلها بالمطابقة. و الأصل في الحمد لا يجمع، لأنه مصدر. و حكى ابن الأعرابي: جمعه على أحمد كأنه راعى فيه جامعه اختلاف الأنواع، قال:

و أبلج محمود الثناء خصصته‏

بأفضل أقوالي و أفضل أحمدي‏

و قراءة الرفع أمكن في المعنى، و لهذا أجمع عليها السبعة، لأنها تدل على ثبوت الحمد و استقراره للّه تعالى، فيكون قد أخبر بأن الحمد مستقر للّه تعالى، أي حمده و حمد غيره. و معنى اللام في للّه الاستحقاق، و من نصب، فلا بد من عامل تقديره أحمد اللّه أو حمدت اللّه، فيتخصص الحمد بتخصيص فاعله، و أشعر بالتجدد و الحدوث، و يكون في حالة النصب من المصادر التي حذفت أفعالها، و أقيمت مقامها، و ذلك في الأخبار، نحو شكرا لا كفرا. و قدر بعضهم العامل للنصب فعلا غير مشتق من الحمد، أي أقول الحمد للّه، أو الزموا الحمد للّه، كما حذفوه من نحو اللهم ضبعا و ذئبا، و الأول هو الصحيح لدلالة اللفظ عليه. و في قراءة النصب، اللام للتبيين، كما قال أعني للّه، و لا تكون مقوية للتعدية، فيكون للّه في موضع نصب بالمصدر لامتناع عمله فيه. قالوا سقيا لزيد، و لم يقولوا سقيا زيدا، فيعملونه فيه، فدل على أنه ليس من معمول المصدر، بل صار على عامل آخر.

و قرأ زيد بن علي و طائفة رَبِّ الْعالَمِينَ‏ بالنصب على المدح، و هي فصيحة لو لا خفض الصفات بعدها، و ضعفت إذ ذاك. على أن الأهوازي حكى في قراءة زيد بن علي أنه قرأ رَبِّ الْعالَمِينَ، الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏ بنصب الثلاثة، فلا ضعف إذ ذاك، و إنما تضعف قراءة نصب رب، و خفض الصفات بعدها لأنهم نصوا أنه لا اتباع بعد القطع في النعوت، لكن تخريجها على أن يكون الرحمن بدلا، و لا سيما على مذهب الأعلم، إذ لا يجيز في الرحمن أن يكون صفة، و حسن ذلك على مذهب غيره، كونه وصفا خاصا، و كون البدل على نية تكرار العامل، فكأنه مستأنف من جملة أخرى، فحسن النصب. و قول من زعم أنه نصب رب بفعل دل عليه الكلام قبله، كأنه قيل نحمد اللّه رب العالمين، ضعيف، لأنه مراعاة التوهم، و هو من خصائص العطف، و لا ينقاس فيه. و من زعم أنه‏

البحر المحيط فى التفسير، ج‏1، ص: 35

نصبه على البدل فضعيف للفصل بقوله الرحمن الرحيم، و رب مصدر وصف به على أحد وجوه الوصف بالمصدر، أو اسم فاعل حذفت ألفه، فأصله راب، كما قالوا رجل بار و بر، و أطلقوا الرب على اللّه وحده، و في غيره قيد بالإضافة نحو رب الدار. و أل في العالمين للاستغراق، و جمع العالم شاذ لأنه اسم جمع، و جمعه بالواو و النون أشذ للإخلال ببعض الشروط التي لهذا الجمع، و الذي أختاره أنه ينطلق على المكلفين لقوله تعالى: إِنَّ فِي ذلِكَ لَآياتٍ لِلْعالِمِينَ‏ «1» ، و قراءة حفص بكسر اللام توضح ذلك.

الرَّحْمنِ الرَّحِيمِ‏ تقدم الكلام عليهما في البسملة، و هما مع قوله‏ رَبِّ الْعالَمِينَ‏ صفات مدح، لأن ما قبلهما علم لم يعرض في التسمية به اشتراك فيخصص، و بدأ أولا بالوصف بالربوبية، فإن كان الرب بمعنى السيد، أو بمعنى المالك، أو بمعنى المعبود، كان صفة فعل للموصوف بها التصريف في المسود و المملوك و العابد بما أراد من الخير و الشر، فناسب ذلك الوصف بالرحمانية و الرحيمية، لينبسط أمل العبد في العفو إن زل، و يقوى رجاؤه إن هفا، و لا يصح أن يكون الرب بمعنى الثابت، و لا بمعنى الصاحب، لامتناع إضافته إلى العالمين، و إن كان بمعنى المصلح، كان الوصف بالرحمة مشعرا بقلة الإصلاح، لأن الحامل للشخص على إصلاح حال الشخص رحمته له. و مضمون الجملة و الوصف أن من كان موصوفا بالربوبية و الرحمة للمربوبين كان مستحقا للحمد. و خفض الرحمن الرحيم الجمهور، و نصبهما أبو العالية و ابن السميفع و عيسى بن عمرو، و رفعهما أبو رزين العقيلي و الربيع بن خيثم و أبو عمران الجوني، فالخفض على النعت، و قيل في الخفض إنه بدل أو عطف بيان، و تقدم شي‏ء من هذا. و النصب و الرفع للقطع. و في تكرار الرحمن الرحيم أن كانت التسمية آية من الفاتحة تنبيه على عظم قدر هاتين الصفتين و تأكيد أمرهما، و جعل مكي تكرارها دليلا على أن التسمية ليست بآية من الفاتحة، قال: إذ لو كانت آية لكنا قد أتينا بآيتين متجاورتين بمعنى واحد، و هذا لا يوجد إلا بفواصل تفصل بين الأولى و الثانية. قال: و الفصل بينهما بالحمد للّه رب العالمين كلا فصل، قال: لأنه مؤخر يراد به التقديم تقديره الحمد للّه، الرحمن الرحيم، رب العالمين، و إنما قلنا بالتقديم لأن مجاورة الرحمة بالحمد أولى، و مجاورة الملك بالملك أولى. قال: و التقديم و التأخير كثير في القرآن، و كلام مكي مدخول من غير وجه، و لو لا جلالة قائله نزهت كتابي هذا عن ذكره. و الترتيب القرآني جاء في غاية الفصاحة لأنه تعالى وصف نفسه بصفة الربوبية و صفة

(1) سورة الروم: 30/ 22.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏1، ص: 36

الرحمة، ثم ذكر شيئين، أحدهما ملكه يوم الجزاء، و الثاني العبادة. فناسب الربوبية للملك، و الرحمة العبادة. فكان الأول للأول، و الثاني للثاني. و قد ذكر المفسرون في علم التفسير الوقف، و قد اختلف في أقسامه، فقيل تام و كاف و قبيح و غير ذلك. و قد صنف الناس في ذلك كتبا مرتبة على السور، ككتاب أبي عمر، و الداني، و كتاب الكرماني و غيرهما، و من كان عنده حظ في علم العربية استغنى عن ذلك.

مالِكِ‏ قرأ مالك على وزن فاعل بالخفض، عاصم، و الكسائي، و خلف في اختياره، و يعقوب، و هي قراءة العشرة إلا طلحة، و الزبير، و قراءة كثير من الصحابة منهم:

أبي، و ابن مسعود، و معاذ، و ابن عباس، و التابعين منهم: قتادة و الأعمش. و قرأ ملك على وزن فعل بالخفض باقي السبعة، و زيد، و أبو الدرداء، و ابن عمر، و المسور، و كثير من الصحابة و التابعين. و قرأ ملك على وزن سهل أبو هريرة، و عاصم الجحدري، و رواها الجعفي، و عبد الوارث، عن أبي عمرو، و هي لغة بكر بن وائل. و قرأ ملكي بإشباع كسرة الكاف أحمد بن صالح، عن ورش، عن نافع. و قرأ ملك على وزن عجل أبو عثمان النهدي، و الشعبي، و عطية، و نسبها ابن عطية إلى أبي حياة. و قال صاحب اللوامح: قرأ أنس بن مالك، و أبو نوفل عمر بن مسلم بن أبي عدي ملك يوم الدين، بنصب الكاف من غير ألف، و جاء كذلك عن أبي حياة، انتهى. و قرأ كذلك، إلا أنه رفع الكاف سعد بن أبي وقاص، و عائشة، و مورق العجلي. و قرأ ملك فعلا ماضيا أبو حياة، و أبو حنيفة، و جبير بن مطعم، و أبو عاصم عبيد بن عمير الليثي، و أبو المحشر عاصم بن ميمون الجحدري، فينصبون اليوم. و ذكر ابن عطية أن هذه قراءة يحيى بن يعمر، و الحسن و علي بن أبي طالب. و قرأ مالك بنصب الكاف الأعمش، و ابن السميفع، و عثمان بن أبي سليمان، و عبد الملك قاضي الهند. و ذكر ابن عطية أنها قراءة عمر بن عبد العزيز، و أبي صالح السمان، و أبي عبد الملك الشامي. و روى ابن أبي عاصم عن اليمان ملكا بالنصب و التنوين. و قرأ مالك برفع الكاف و التنوين عون العقيلي، و رويت عن خلف بن هشام و أبي عبيد و أبي حاتم، و بنصب اليوم. و قرأ مالك يوم بالرفع و الإضافة أبو هريرة، و أبو حياة، و عمر بن عبد العزيز بخلاف عنه، و نسبها صاحب اللوامح إلى أبي روح عون بن أبي شداد العقيلي، ساكن البصرة. و قرأ مليك على وزن فعيل أبي، و أبو هريرة، و أبو رجاء العطاردي. و قرأ مالك بالإمالة البليغة يحيى بن يعمر، و أيوب السختياني، و بين بين قتيبة بن مهران، عن الكسائي. و جهل النقل، أعني في قراءة الإمالة، أبو علي الفارسي‏

البحر المحيط فى التفسير، ج‏1، ص: 37

فقال: لم يمل أحد من القراء ألف مالك، و ذلك جائز، إلا أنه لا يقرأ بما يجوز إلا أن يأتي بذلك أثر مستفيض. و ذكر أيضا أنه قرى‏ء في الشاذ ملاك بالألف و التشديد للام و كسر الكاف. فهذه ثلاث عشرة قراءة، بعضها راجع إلى الملك، و بعضها إلى الملك، قال اللغويون: و هما راجعان إلى الملك، و هو الربط، و منه ملك العجين. و قال قيس بن الخطيم:

ملكت بها كفي فانهرت فتقها

يرى قائما من دونها ما وراءها

و الأملاك ربط عقد النكاح، و من ملح هذه المادة أن جميع تقاليبها الستة مستعملة في اللسان، و كلها راجع إلى معنى القوة و الشدة، فبينها كلها قدر مشترك، و هذا يسمى بالاشتقاق الأكبر، و لم يذهب إليه غير أبي الفتح. و كان أبو علي الفارسي يأنس به في بعض المواضع و تلك التقاليب: ملك، مكل، كمكل، لكم، كمل، كلم. و زعم الفخر الرازي أن تقليب كمكل مهمل و ليس بصحيح، بل هو مستعمل بدليل ما أنشد الفراء من قول الشاعر:

فلما رآني قد حممت ارتحاله‏

تملك لو يجدي عليه التملك‏

و الملك هو القهر و التسليط على من تتأتى منه الطاعة، و يكون ذلك باستحقاق و بغير استحقاق. و الملك هو القهر على من تتأتى منه الطاعة، و من لا تتأتى منه، و يكون ذلك منه باستحقاق، فبينهما عموم و خصوص من وجه. و قال الأخفش: يقال ملك من الملك، بضم الميم، و مالك من الملك، بكسر الميم و فتحها، و زعموا أن ضم الميم لغة في هذا المعنى. و روي عن بعض البغداديين لي في هذا الوادي ملك و ملك بمعنى واحد.

يَوْمِ‏ ، اليوم هو المدة من طلوع الفجر إلى غروب الشمس، و يطلق على مطلق الوقت، و تركيبه غريب، أعني وجود مادة تكون فاء الكلمة فيها ياء و عينها واوا لم يأت من ذلك سوى يوم و تصاريفه و يوح اسم للشمس، و بعضهم زعم أنه بوج بالباء، و المعجمة بواحدة من أسفل. الدِّينِ‏ الجزاء دناهم كما دانوا، قاله قتادة، و الحساب‏ ذلِكَ الدِّينُ الْقَيِّمُ* «1» ، قاله ابن عباس و القضاء وَ لا تَأْخُذْكُمْ بِهِما رَأْفَةٌ فِي دِينِ اللَّهِ‏ «2» ، و الطاعة في دين عمرو، و حالت بيننا و بينك فدك، قاله أبو الفضل و العادة، كدينك من أم الحويرث‏

(1) سورة التوبة: 9/ 36، و سورة الروم: 30/ 30.

(2) سورة النور: 24/ 2.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏1، ص: 38

قبلها، و كنى بها هنا عن العمل، قاله الفراء و الملة، وَ رَضِيتُ لَكُمُ الْإِسْلامَ دِيناً «1» إِنَّ الدِّينَ عِنْدَ اللَّهِ الْإِسْلامُ‏ «2» ، و القهر، و منه المدين للعبد، و المدينة للأمة، قاله يمان بن رئاب. و قال أبو عمرو الزاهد: و إن أطاع و عصى و ذل و عز و قهر و جار و ملك. و حكى أهل اللغة: دنته بفعله دينا و دينا بفتح الدال و كسرها جازيته. و قيل: الدين المصدر، و الدين بالكسر الاسم، و الدين السياسة، و الديان السايس. قال ذو الإصبع عنه: و لا أنت دياني فتخزوني، و الدين الحال. قال النضر بن شميل: سألت أعرابيا عن شي‏ء، فقال: لو لقيتني على دين غير هذا لأخبرتك، و الدين الداء عن اللحياني و أنشد:

يا دين قلبك من سلمى و قد دينا و من قرأ بجر الكاف فعلى معنى الصفة، فإن كان بلفظ ملك على فعل بكسر العين أو إسكانها، أو مليك بمعناه فظاهر لأنه وصف معرفة بمعرفة، و إن كان بلفظ مالك أو ملاك أو مليك محولين من مالك للمبالغة بالمعرفة، و يدل عليه قراءة من قرأ ملك يوم الدين فعلا ماضيا، و إن كان بمعنى الاستقبال، و هو الظاهر لأن اليوم لم يوجد فهو مشكل، لأن اسم الفاعل إذا كان بمعنى الحال أو الاستقبال، فإنه تكون إضافته غير محضة فلا يتعرف بالإضافة، و إن أضيف إلى معرفة فلا يكون إذ ذاك صفة، لأن المعرفة لا توصف بالنكرة و لا بدل نكرة من معرفة، لأن البدل بالصفات ضعيف. و حل هذا الإشكال هو أن اسم الفاعل، إن كان بمعنى الحال أو الاستقبال، جاز فيه وجهان: أحدهما ما قدمناه من أنه لا يتعرف بما أضيف إليه، إذ يكون منويا فيه الانفصال من الإضافة، و لأنه عمل النصب لفظا. الثاني: أن يتعرف به إذا كان معرفة، فيلحظ فيه أن الموصوف صار معروفا بهذا الوصف، و كان تقييده بالزمان غير معتبر، و هذا الوجه غريب النقل، لا يعرفه إلا من له اطلاع على كتاب سيبويه و تنقيب عن لطائفه. قال سيبويه، رحمه اللّه تعالى، و زعم يونس و الخليل أن الصفات المضافة التي صارت صفة للنكرة قد يجوز فيهن كلهن أن يكن معرفة، و ذلك معروف في كلام العرب، انتهى. و استثنى من ذلك باب الصفة المشبهة فقط، فإنه لا يتعرف بالإضافة نحو حسن الوجه. و من رفع الكاف و نون أو لم ينون فعلى القطع إلى الرفع. و من نصب فعلى القطع إلى النصب، أو على النداء و القطع أغرب لتناسق الصفات، إذ لم يخرج بالقطع عنها. و من قرأ ملك فعلا ماضيا فجملة خبرية لا موضع لها من الإعراب، و من أشبع كسرة الكاف فقد قرأ بنادر أو بما ذكر أنه لا يجوز إلا في الشعر، و إضافة الملك أو الملك‏

(1) سورة المائدة: 5/ 3.

صفحه بعد