کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

البحر المحيط فى التفسير

الجزء الأول

خطبة الكتاب

سورة البقرة 2

[سورة البقرة(2): الآيات 1 الى 5] [سورة البقرة(2): الآيات 6 الى 7] [سورة البقرة(2): الآيات 8 الى 10] [سورة البقرة(2): الآيات 11 الى 16] [سورة البقرة(2): الآيات 17 الى 18] [سورة البقرة(2): آية 19] [سورة البقرة(2): آية 20] [سورة البقرة(2): الآيات 21 الى 22] [سورة البقرة(2): الآيات 23 الى 24] [سورة البقرة(2): آية 25] [سورة البقرة(2): الآيات 26 الى 29] [سورة البقرة(2): الآيات 30 الى 33] [سورة البقرة(2): آية 34] [سورة البقرة(2): آية 35] [سورة البقرة(2): الآيات 36 الى 39] [سورة البقرة(2): الآيات 40 الى 43] [سورة البقرة(2): الآيات 44 الى 46] [سورة البقرة(2): الآيات 47 الى 49] [سورة البقرة(2): الآيات 50 الى 53] [سورة البقرة(2): الآيات 54 الى 57] [سورة البقرة(2): الآيات 58 الى 61] [سورة البقرة(2): الآيات 62 الى 66] [سورة البقرة(2): الآيات 67 الى 74] [سورة البقرة(2): الآيات 75 الى 82] [سورة البقرة(2): الآيات 83 الى 86] [سورة البقرة(2): الآيات 87 الى 96] [سورة البقرة(2): الآيات 97 الى 103] [سورة البقرة(2): الآيات 104 الى 113] [سورة البقرة(2): الآيات 114 الى 123] [سورة البقرة(2): الآيات 124 الى 131] [سورة البقرة(2): الآيات 132 الى 141]
فهرست الجزء الأول من تفسير البحر المحيط

الجزء الثالث

سورة ال عمران

[سورة آل‏عمران(3): الآيات 1 الى 11] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 12 الى 14] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 15 الى 18] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 19 الى 22] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 23 الى 32] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 33 الى 41] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 42 الى 51] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 52 الى 61] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 62 الى 68] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 69 الى 71] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 72 الى 74] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 75 الى 79] [سورة آل‏عمران(3): آية 80] [سورة آل‏عمران(3): آية 81] [سورة آل‏عمران(3): آية 82] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 83 الى 91] [سورة آل‏عمران(3): آية 92] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 93 الى 101] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 102 الى 112] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 113 الى 120] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 121 الى 127] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 128 الى 132] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 133 الى 141] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 142 الى 152] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 153 الى 163] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 164 الى 170] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 171 الى 180] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 181 الى 185] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 186 الى 200]
فهرس الجزء الثالث

الجزء الرابع

فهرست الجزء الرابع

الجزء الخامس

فهرس الجزء الخامس

الجزء السادس

فهرس الجزء السادس

الجزء السابع

فهرس الجزء السابع

الجزء الثامن

فهرس الجزء الثامن

الجزء التاسع

فهرس الجزء التاسع

الجزء العاشر

فهرس الجزء العاشر

الجزء الحادي عشر

1 - فهرس الآيات القرآنية الكريمة

سورة البقرة سورة آل عمران سورة النساء سورة المائدة سورة الأنعام سورة الأعراف سورة الأنفال سورة التوبة سورة يونس سورة هود سورة يوسف سورة الرعد سورة إبراهيم سورة الحجر سورة النحل سورة الإسراء سورة الكهف سورة مريم سورة طه سورة الأنبياء سورة الحج سورة المؤمنون سورة النور سورة الفرقان سورة الشعراء سورة النمل سورة القصص سورة العنكبوت سورة الروم سورة لقمان سورة السجدة سورة الأحزاب سورة سبأ سورة فاطر سورة يس سورة الصافات سورة ص سورة الزمر سورة غافر سورة فصلت سورة الشورى سورة الزخرف سورة الدخان سورة الجاثية سورة الأحقاف سورة محمد سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق سورة الذاريات سورة الطور سورة النجم سورة القمر سورة الرحمن سورة الواقعة سورة الحديد سورة المجادلة سورة الحشر سورة الممتحنة سورة الصف سورة الجمعة سورة المنافقون سورة التغابن سورة الطلاق سورة التحريم سورة الملك سورة القلم سورة الحاقة سورة المعارج سورة نوح سورة الجن سورة المزمل سورة المدثر سورة القيامة سورة الإنسان سورة المرسلات سورة النبأ سورة النازعات سورة عبس سورة التكوير سورة الانفطار سورة المطففين سورة الإنشقاق سورة البروج سورة الطارق سورة الأعلى سورة الغاشية سورة الفجر سورة البلد سورة الشمس سورة الليل سورة الضحى سورة الشرح سورة التين سورة العلق سورة البينة سورة الزلزلة سورة العاديات سورة القارعة سورة التكاثر سورة العصر سورة الهمزة سورة الفيل سورة قريش سورة الماعون سورة الكوثر سورة الكافرون سورة النصر سورة المسد سورة الإخلاص سورة الفلق سورة الناس
2 - فهرس الأحاديث و الآثار 3 - فهرس الشعوب و القبائل و الأديان 4 - فهرس الأماكن و البلاد

5 - فهرس الأبيات الشعرية

حروف الهمزة الهمزة المفتوحة الهمزة المضمومة الهمزة المكسورة حرف الباء الباء المفتوحة الباء المضمومة الباء المكسورة حرف التاء التاء المفتوحة التاء المضمومة التاء المكسورة حرف الثاء الثاء المفتوحة الثاء المكسورة حرف الجيم الجيم المفتوحة الجيم المضمومة الجيم المكسورة حرف الحاء الحاء المفتوحة الحاء المضمومة الحاء المكسورة الخاء المكسورة حرف الدال الدال المفتوحة الدال المضمومة الدال المكسورة حرف الراء الراء المفتوحة الراء المضمومة الراء المكسورة حرف الزاي الزاي المفتوحة حرف السين السين المفتوحة السين المضمومة السين المكسورة حرف الشين الشين المفتوحة الشين المكسورة حرف الصاد الصاد المفتوحة الصاد المضمومة الصاد المكسورة حرف الضاد الضاد المفتوحة الضاد المكسورة حرف الطاء الطاء المفتوحة حرف الظاء حرف العين العين المفتوحة العين المضمومة العين المكسورة الغين المكسورة حرف الفاء الفاء المفتوحة الفاء المضمومة الفاء المكسورة حرف القاف القاف المفتوحة القاف المضمومة القاف المكسورة حرف الكاف الكاف المفتوحة الكاف المضمومة الكاف المكسورة حرف اللام اللام المفتوحة اللام المضمومة اللام المكسورة حرف الميم الميم المفتوحة الميم المضمومة الميم المكسورة حرف النون النون المفتوحة النون المضمومة النون المكسورة حرف الهاء الهاء المفتوحة الهاء المكسورة الواو المفتوحة الواو المكسورة الياء المفتوحة الياء المكسورة حرف الألف
6 - فهرس أنصاف الأبيات 7 - فهرس الأمثال

البحر المحيط فى التفسير


صفحه قبل

البحر المحيط فى التفسير، ج‏1، ص: 47

مثل ذلك‏ كُلُّ مَنْ عَلَيْها فانٍ‏ «1» فَضَّلْنا بَعْضَهُمْ عَلى‏ بَعْضٍ* «2» ، بعد على كذا حقيق علي أن لا أقول على ملك سليمان‏ وَ آتَى الْمالَ عَلى‏ حُبِّهِ‏ «3» ، وَ لِتُكَبِّرُوا اللَّهَ عَلى‏ ما هَداكُمْ‏ «4» ، حافِظُونَ إِلَّا عَلى‏ أَزْواجِهِمْ* «5» .

أبى اللّه إلا أن سرحة مالك‏

على كل أفنان العضاه تروق‏

أي تروق كل أفنان العضاه. هم ضمير جمع غائب مذكر عاقل، و يكون في موضع رفع و نصب و جر. و حكى اللغويون في عليهم عشر لغات ضم الهاء، و إسكان الميم، و هي قراءة حمزة. و كسرها و إسكان الميم، و هي قراءة الجمهور. و كسر الهاء و الميم و ياء بعدها، و هي قراءة الحسن. و زاد ابن مجاهد أنها قراءة عمر بن فائد. و كذلك بغير ياء، و هي قراءة عمرو بن فائد. و كسر الهاء و ضم الميم و واو بعدها، و هي قراءة ابن كثير، و قالون بخلاف عنه. و كسر الهاء و ضم الميم بغير واو و ضم الهاء و الميم و واو بعدها، و هي قراءة الأعرج و الخفاف عن أبي عمرو. و كذلك بدون واو و ضم الهاء و كسر الميم بياء بعدها. كذلك بغير ياء. و قرى‏ء بهما، و توضيح هذه القراءات بالخط و الشكل: عليهم، عليهم، عليهموا، عليهم، عليهمي، عليهم، عليهم، عليهمي، عليهم، عليهموا. و ملخصها ضم الهاء مع سكون الميم، أو ضمها بإشباع، أو دونه، أو كسرها بإشباع، أو دونه و كسر الهاء مع سكون الميم، أو كسرها بإشباع، أو دونه، أو ضمها بإشباع، أو دونه، و توجيه هذه القراءات ذكر في النحو. اهدنا صورته صورة الأمر، و معناه الطلب و الرغبة، و قد ذكر الأصوليون لنحو هذه الصيغة خمسة عشر محملا، و أصل هذه الصيغة أن تدل على الطلب، لا على فور، و لا تكرار، و لا تحتم، و هل معنى اهدنا أرشدنا، أو وفقنا، أو قدمنا، أو ألهمنا، أو بين لنا أو ثبتنا؟ أقوال أكثرها عن ابن عباس، و آخرها عن علي و أبي. و قرأ ثابت البناني بصرنا الصراط، و

معنى الصراط القرآن، قاله علي‏

و ابن عباس: و ذكر المهدوي أنه روي عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم أنه فسره بكتاب اللّه أو الإيمان و توابعه، أو الإسلام و شرائعه، أو السبيل المعتدل، أو طريق النبي صلّى اللّه عليه و سلّم، و أبي بكر و عمر، قاله أبو العالية و الحسن، أو طريق الحج، قاله فضيل بن عياض، أو السنن، قاله عثمان، أو طريق الجنة، قاله سعيد بن جبير، أو

(1) سورة الرحمن: 55/ 26.

(2) سورة البقرة: 2/ 253.

(3) سورة البقرة: 2/ 177.

(4) سورة البقرة: 2/ 185.

(5) سورة المؤمنون: 23/ 5- 6.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏1، ص: 48

طريق السنة و الجماعة، قاله القشيري، أو طريق الخوف و الرجاء، قاله الترمذي، أو جسر جهنم، قاله عمرو بن عبيد.

و روي عن المتصوفة في قوله تعالى: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ‏ أقوال، منها: قول بعضهم: اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ‏ بالغيبوبة عن الصراط لئلا يكون مربوطا بالصراط، و قول الجنيد أن سؤال الهداية عند الحيرة من أشهار الصفات الأزلية، فسألوا الهداية إلى أوصاف العبودية لئلا يستغرقوا في الصفات الأزلية. و هذه الأقوال ينبو عنها اللفظ، و لهم فيما يذكرون ذوق و إدراك لم نصل نحن إليه بعد. و قد شحنت التفاسير بأقوالهم، و نحن نلم بشي‏ء منها لئلا يظن أنا إنما تركنا ذكرها لكوننا لم نطلع عليها. و قد رد الفخر الرازي على من قال إن الصراط المستقيم هو القرآن أو الإسلام و شرائعه، قال: لأن المراد صراط الذين أنعمت عليهم من المتقدمين و لم يكن لهم القرآن و لا الإسلام، يعني بالإسلام هذه الملة الإسلامية المختصة بتكاليف لم تكن تقدمتها. و هذه الرد لا يتأتى له إلا إذا صح أن الذين أنعم اللّه عليهم هم متقدمون، و ستأتي الأقاويل في تفسير الذين أنعم اللّه عليهم، و اتصال نا باهد مناسب لنعبد و نستعين لأنه لما أخبر المتكلم أنه هو و من معه يعبدون اللّه و يستعينونه سأل له و لهم الهداية إلى الطريق الواضح، لأنهم بالهداية إليه تصح منهم العبادة. ألا ترى أن من لم يهتد إلى السبيل الموصلة لمقصوده لا يصح له بلوغ مقصوده؟ و قرأ الحسن، و الضحاك: صراطا مستقيما دون تعريف. و

قرأ جعفر الصادق: صراط مستقيم بالإضافة،

أي الدين المستقيم. فعلى قراءة الحسن و الضحاك يكون صراط الذين بدل معرفة من نكرة، كقوله تعالى: وَ إِنَّكَ لَتَهْدِي إِلى‏ صِراطٍ مُسْتَقِيمٍ، صِراطِ اللَّهِ‏ ، و على قراءة الصادق و قراءات الجمهور تكون بدل معرفة من معرفة صراط الذين بدل شي‏ء من شي‏ء، و هما بعين واحدة، و جي‏ء بها للبيان لأنه لما ذكر قبل‏ اهْدِنَا الصِّراطَ الْمُسْتَقِيمَ‏ كان فيه بعض إبهام، فعينه بقوله: صِراطَ الَّذِينَ‏ ليكون المسئول الهداية إليه، قد جرى ذكره مرتين، و صار بذلك البدل فيه حوالة على طريق من أنعم اللّه عليهم، فيكون ذلك أثبت و أوكد، و هذه هي فائدة نحو هذا البدل، و لأنه على تكرار العامل، فيصير في التقدير جملتين، و لا يخفى ما في الجملتين من التأكيد، فكأنهم كرروا طلب الهداية.

و من غريب القول أن الصراط الثاني ليس الأول، بل هو غيره، و كأنه قرى‏ء فيه حرف العطف، و في تعيين ذلك اختلاف.

قيل‏ هو العلم باللّه و الفهم عنه، قاله جعفر بن محمد

، و قيل التزام الفرائض و اتباع السنن، و قيل هو موافقة الباطن للظاهر في إسباغ النعمة. قال‏

البحر المحيط فى التفسير، ج‏1، ص: 49

تعالى: وَ أَسْبَغَ عَلَيْكُمْ نِعَمَهُ ظاهِرَةً وَ باطِنَةً و قرأ: صراط من أنعمت عليهم، ابن مسعود، و عمر، و ابن الزبير، و زيد بن علي. و المنعم عليهم هنا الأنبياء أو الملائكة أو أمة موسى و عيسى الذين لم يغيروا، أو النبي صلّى اللّه عليه و سلّم أو النبيون و الصديقون و الشهداء و الصالحون، أو المؤمنون، قاله ابن عباس. أو الأنبياء و المؤمنون، أو المسلمون، قاله وكيع، أقوال، و عزا كثيرا منها إلى قائلها ابن عطية، فقال: قال ابن عباس: و الجمهور أراد صراط النبيين و الصديقين و الشهداء و الصالحين، انتزعوا ذلك من آية النساء. و قال ابن عباس أيضا: هم المؤمنون. و قال الحسن: أصحاب محمد صلّى اللّه عليه و سلّم. و قالت فرقة: مؤمنو بني إسرائيل. و قال ابن عباس: أصحاب موسى قبل أن يبدلوا. و قال قتادة: الأنبياء خاصة. و قال أبو العالية:

محمد صلّى اللّه عليه و سلّم و أبو بكر و عمر، انتهى. ملخصا و لم يقيد الأنعام ليعم جميع الأنعام، أعني عموم البدل. و قيل أنعم عليهم بخلقهم للسعادة، و قيل بأن نجاهم من الهلكة، و قيل بالهداية و اتباع الرسول، و روي عن المتصوفة تقييدات كثيرة غير هذه، و ليس في اللفظ ما يدل على تعيين قيد. و اختلف هل للّه نعمة على الكافر؟ فأثبتها المعتزلة و نفاها غيرهم.

و موضع عليهم نصب، و كذا كل حرف جر تعلق بفعل، أو ما جرى مجراه، غير مبني للمفعول. و بناء أنعمت للفاعل استعطاف لقبول التوسل بالدعاء في الهداية و تحصيلها، أي طلبنا منك الهداية، إذ سبق إنعامك، فمن إنعامك إجابة سؤالنا و رغبتنا، كمثل أن تسأل من شخص قضاء حاجة و نذكره بأن من عادته الإحسان بقضاء الحوائج، فيكون ذلك آكد في اقتضائها و أدعى إلى قضائها. و انقلاب الفاعل مع المضمر هي اللغة الشهري، و يجوز إقرارها معه على لغة، و مضمون هذه الجملة طلب استمرار الهداية إلى طريق من أنعم اللّه عليهم، لأن من صدر منه حمد اللّه و أخبر بأنه يعبده و يستعينه فقد حصلت له الهداية، لكن يسأل دوامها و استمرارها.

غَيْرِ مفرد مذكر دائما و إذا أريد به المؤنث جاز تذكير الفعل حملا على اللفظ، و تأنيثه حملا على المعنى، و مدلوله المخالفة بوجه ما، و أصله الوصف، و يستثنى به و يلزم الإضافة لفظا أو معنى، و إدخال أل عليه خطأ و لا يتعرف، و إن أضيف إلى معرفة. و مذهب ابن السراج أنه إذا كان المغاير واحدا تعرف بإضافته إليه، و تقدم عن سيبويه أن كل ما إضافته غير محضة، قد يقصد بها التعريف، فتصير محضة، فتتعرف إذ ذاك غير بما تضاف إليه إذا كان معرفة، و تقرير هذا كله في كتب النحو. و زعم البيانيون أن غير أو مثلا في باب‏

البحر المحيط فى التفسير، ج‏1، ص: 50

الإسناد إليهما مما يكاد يلزم تقديمه، قالوا نحو قولك غيرك يخشى ظلمه، و مثلك يكون للمكرمات و نحو ذلك، مما لا يقصد فيه بمثل إلى إنسان سوى الذي أضيف إليه، و لكنهم يعنون أن كل من كان مثله في الصفة كان من مقتضى القياس، و موجب العرف أن يفعل ما ذكر، و قوله:

غيري بأكثر هذا الناس ينخدع غرضه أنه ليس ممن ينخدع و يغتر، و هذا المعنى لا يستقيم فيهما إذا لم يقدما نحو:

يكون للمكرمات مثلك، و ينخدع بأكثر هذا الناس غيري، فأنت ترى الكلام مقلوبا على جهته.

الْمَغْضُوبِ عَلَيْهِمْ‏ ، الغضب: تغير الطبع لمكروه، و قد يطلق على الإعراض لأنه من ثمرته. لا حرف يكون للنفي و للطلب و زائدا، و لا يكون اسما خلافا للكوفيين. وَ لَا الضَّالِّينَ‏ ، و الضلال: الهلاك، و الخفاء ضل اللبن في الماء، و قيل أصله الغيبوبة في كتاب لا يضل ربي، و ضللت الشي‏ء جهلت المكان الذي وضعته فيه، و أضللت الشي‏ء ضيعته، و أضل أعمالهم، و ضل غفل و نسي، و أنا من الضالين، أَنْ تَضِلَّ إِحْداهُما ، و الضلال سلوك سبيل غير القصد، ضل عن الطريق سلك غير جادتها، و الضلال الحيرة، و التردد، و منه قيل لحجر أملس يردده الماء في الوادي ضلضلة، و قد فسر الضلال في القرآن بعدم العلم بتفصيل الأمور و بالمحبة، و سيأتي ذلك في مواضعه، و الجر في غير قراءة الجمهور. و روى الخليل عن ابن كثير النصب، و هي قراءة عمر، و ابن مسعود، و علي، و عبد اللّه بن الزبير. فالجر على البدل من الذين، عن أبي علي، أو من الضمير في عليهم، و كلاهما ضعيف، لأن غيرا أصل وضعه الوصف، و البدل بالوصف ضعيف، أو على النعت عن سيبويه، و يكون إذ ذاك غير تعرفت بما أضيفت إليه، إذ هو معرفة على ما نقله سيبويه، في أن كل ما أضافته غير محضة قد تتمحض فيتعرف إلا في الصفة المشبهة، أو على ما ذهب إليه ابن السراج، إذ وقعت غير على مخصوص لا شائع، أو على أن الذين أريد بهم الجنس لا قوم بأعيانهم. قالوا كما وصفوا المعرف بال الجنسية بالجملة، و هذا هدم لما اعتزموا عليه من أن المعرفة لا تنعت إلا بالمعرفة، و لا أختار هذا المذهب و تقرير فساده في النحو و النصب على الحال من الضمير في عليهم، و هو الوجه أو من الذين قاله المهدوي و غيره، و هو خطأ، لأن الحال من المضاف إليه الذي لا موضع له لا يجوز، أو

البحر المحيط فى التفسير، ج‏1، ص: 51

على الاستثناء، قاله الأخفش، و الزجاج و غيرهما، و هو استثناء منقطع، إذ لم يتناوله اللفظ السابق، و منعه القراء من أجل لا في قوله‏ وَ لَا الضَّالِّينَ‏ ، و لم يسوغ في النصب غير الحال، قال لأن لا، لا تزاد إلا إذا تقدم النفي، نحو قول الشاعر:

ما كان يرضى رسول اللّه فعلهم‏

و الطيبان أبو بكر و لا عمر

و من ذهب إلى الاستثناء جعل لا صلة، أي زائدة مثلها في قوله تعالى: ما مَنَعَكَ أَلَّا تَسْجُدَ «1» و قول الراجز:

فما ألوم البيض أن لا تسخرا و قول الأحوص:

و يلجئني في اللهو أن لا أحبه‏

و اللهو داع دائب غير غافل‏

قال الطبري أي أن تسخر و أن أحبه، و قال غيره معناه إرادة أن لا أحبه، فلا فيه متمكنة، يعني في كونها نافية لا زائدة، و استدلوا أيضا على زيادتها ببيت أنشده المفسرون، و هو:

أبى جوده لا البخل و استعجلت به‏

نعم من فتى لا يمنع الجود قائله‏

و زعموا أن لا زائدة، و البخل مفعول بأبى، أي أبى جوده البخل، و لا دليل في ذلك، بل الأظهر أن لا مفعول بأبى، و أن لفظة لا لا تتعلق بها، و صار إسنادا لفظيا، و لذلك قال:

و استعجلت به نعم، فجعل نعم فاعلة بقوله استعجلت، و هو إسناد لفظي، و البخل بدل من لا أو مفعول من أجله، و قيل انتصب غير بإضمار أعني و عزى إلى الخليل، و هذا تقدير سهل، و عليهم في موضع رفع بالمغضوب على أنه مفعول لم يسم فاعله، و في إقامة الجار و المجرور مقام الفاعل، إذا حذف خلاف ذكر في النحو. و من دقائق مسائلة مسألة يغني فيها عن خبر المبتدأ ذكرت في النحو، و لا في قوله: وَ لَا الضَّالِّينَ‏ لتأكيد معنى النفي، لأن غير فيه النفي، كأنه قيل لا المغضوب عليهم و لا الضالين، و عين دخولها العطف على قوله المغضوب عليهم لمناسبة غير، و لئلا يتوهم بتركها عطف الضالين على الذين. و قرأ عمر و أبي و غير الضالين، و روي عنهما في الراء في الحرفين النصب و الخفض، و يدل على أن المغضوب عليهم هم غير الضالين، و التأكيد فيها أبعد، و التأكيد في لا أقرب، و لتقارب معنى غير من معنى لا، أتى الزمخشري بمسألة ليبين بها تقاربهما فقال: و تقول أنا زيدا غير

(1) سورة الأعراف: 7/ 12.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏1، ص: 52

ضارب، مع امتناع قولك أنا زيدا مثل ضارب، لأنه بمنزلة قولك أنا زيدا لا ضارب، يريد أن العامل إذا كان مجرورا بالإضافة فمعموله لا يجوز أن يتقدم عليه و لا على المضاف، لكنهم تسمحوا في العامل المضاف إليه غير، فأجازوا تقديم معموله على غير إجراء لغير مجرى لا، فكما أن لا يجوز تقديم معمول ما بعدها عليها، فكذلك غير. و أوردها الزمخشري على أنها مسألة مقررة مفروغ منها، ليقوى بها التناسب بين غير و لا، إذ لم يذكر فيها خلافا. و هذا الذي ذهب إليه الزمخشري مذهب ضعيف جدا، بناه على جواز أنا زيدا لا ضارب، و في تقديم معمول ما بعد لا عليها ثلاثة مذاهب ذكرت في النحو، و كون اللفظ يقارب اللفظ في المعنى لا يقضى له بأن يجري أحكامه عليه، و لا يثبت تركيب إلا بسماع من العرب، و لم يسمع أنا زيدا غير ضارب. و قد ذكر أصحابنا قول من ذهب إلى جواز ذلك و ردوه، و قدر بعضهم في غير المغضوب محذوفا، قال التقدير غير صراط المغضوب عليهم، و أطلق هذا التقدير فلم يقيده بجر غير و لا نصبه، و هذا لا يتأتى إلا بنصب غير، فيكون صفة لقوله الصراط، و هو ضعيف لتقدم البدل على الوصف، و الأصل العكس، أو صفة للبدل، و هو صراط الذين، أو بدلا من الصراط، أو من صراط الذين، و فيه تكرار الإبدال، و هي مسألة لم أقف على كلام أحد فيها، إلا أنهم ذكروا ذلك في بدل النداء، أو حالا من الصراط الأول أو الثاني.

و قرأ أيوب السختياني: و لا الضألين، بإبدال الألف همزة فرارا من التقاء الساكنين.

و حكى أبو زيد دأبة و شأبة في كتاب الهمز، و جاءت منه أليفاظ، و مع ذلك فلا ينقاس هذا الإبدال لأنه لم يكثر كثرة توجب القياس، نص على أنه لا ينقاس النحويون، قال أبو زيد:

سمعت عمرو بن عبيد يقرأ فيومئذ لا يسأل عن ذنبه إنس و لا جأن، فظننته قد لحن حتى سمعت من العرب دأبة و شأبة. قال أبو الفتح: و على هذه اللغة قول كثير:

إذا ما العوالي بالعبيط احمأرت و قول الآخر:

و للأرض إما سودها فتجلت‏

بياضا و إما بيضها فادهأمت‏

و على ما قال أبو الفتح إنها لغة، ينبغي أن ينقاس ذلك، و جعل الإنعام في صلة الذين، و الغضب في صلة أل، لأن صلة الذين تكون فعلا فيتعين زمانه، و صلة أل تكون اسما فينبهم زمانه، و المقصود طلب الهداية إلى صراط من ثبت إنعام اللّه عليه و تحقق‏

البحر المحيط فى التفسير، ج‏1، ص: 53

ذلك، و كذلك أتى بالفعل ماضيا و أتى بالاسم في صلة أن ليشمل سائر الأزمان، و بناه للمفعول، لأن من طلب منه الهداية و نسب الإنعام إليه لا يناسب نسبة الغضب إليه، لأنه مقام تلطف و ترفق و تذلل لطلب الإحسان، فلا يناسب مواجهته بوصف الانتقام، و ليكون المغضوب توطئة لختم السورة بالضالين لعطف موصول على موصول مثله لتوافق آخر الآي. و المراد بالإنعام، الإنعام الديني، و المغضوب عليهم و الضالين عام في كل من غضب عليه و ضل. و

قيل‏ المغضوب عليهم اليهود، و الضالّون النصارى، قاله ابن مسعود، و ابن عباس، و مجاهد، و السدي، و ابن زيد. و روي هذا عن عدي بن حاتم، عن رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم‏

، و إذا صح هذا وجب المصير إليه، و قيل اليهود و المشركون، و قيل غير ذلك. و قد روي في كتب التفسير في الغضب و الضلال قيود من المتصوفة لا يدل اللفظ عليها، كقول بعضهم غير المغضوب عليهم، بترك حسن الأدب في أوقات القيام بخدمته، و لا الضالين، برؤية ذلك، و قيل غير هذا. و الغضب من اللّه تعالى إرادة الانتقام من العاصي لأنه عالم بالعبد قبل خلقه و قبل صدور المعصية منه، فيكون من صفات الذات أو إحلال العقوبة به، فيكون من صفات الأفعال، و قدم الغضب على الضلال، و إن كان الغضب من نتيجة الضلال ضل عن الحق فغضب عليه لمجاورة الإنعام، و مناسبة ذكره قرينة، لأن الإنعام يقابل بالانتقام، و لا يقابل الضلال الإنعام؛ فالإنعام إيصال الخير إلى المنعم عليه، و الانتقام إيصال الشر إلى المغضوب عليه، فبينهما تطابق معنوي، و فيه أيضا تناسب التسجيع، لأن قوله و لا الضالين، تمام السورة، فناسب أواخر الآي، و لو تأخر الغضب، و متعلقه لما ناسب أواخر الآي. و كان العطف بالواو الجامعة التي لا دلالة فيها على التقديم و التأخير لحصول هذا المعنى من مغايرة جمع الوصفين، الغضب عليه، و الضلال لمن أنعم اللّه عليه، و إن فسر اليهود و النصارى. فالتقديم إما للزمان أو لشدة العداوة، لأن اليهود أقدم و أشد عداوة من النصارى.

صفحه بعد