کتابخانه تفاسیر

پایگاه داده های قرآنی اسلامی
کتابخانه بالقرآن

البحر المحيط فى التفسير

الجزء الأول

خطبة الكتاب

سورة البقرة 2

[سورة البقرة(2): الآيات 1 الى 5] [سورة البقرة(2): الآيات 6 الى 7] [سورة البقرة(2): الآيات 8 الى 10] [سورة البقرة(2): الآيات 11 الى 16] [سورة البقرة(2): الآيات 17 الى 18] [سورة البقرة(2): آية 19] [سورة البقرة(2): آية 20] [سورة البقرة(2): الآيات 21 الى 22] [سورة البقرة(2): الآيات 23 الى 24] [سورة البقرة(2): آية 25] [سورة البقرة(2): الآيات 26 الى 29] [سورة البقرة(2): الآيات 30 الى 33] [سورة البقرة(2): آية 34] [سورة البقرة(2): آية 35] [سورة البقرة(2): الآيات 36 الى 39] [سورة البقرة(2): الآيات 40 الى 43] [سورة البقرة(2): الآيات 44 الى 46] [سورة البقرة(2): الآيات 47 الى 49] [سورة البقرة(2): الآيات 50 الى 53] [سورة البقرة(2): الآيات 54 الى 57] [سورة البقرة(2): الآيات 58 الى 61] [سورة البقرة(2): الآيات 62 الى 66] [سورة البقرة(2): الآيات 67 الى 74] [سورة البقرة(2): الآيات 75 الى 82] [سورة البقرة(2): الآيات 83 الى 86] [سورة البقرة(2): الآيات 87 الى 96] [سورة البقرة(2): الآيات 97 الى 103] [سورة البقرة(2): الآيات 104 الى 113] [سورة البقرة(2): الآيات 114 الى 123] [سورة البقرة(2): الآيات 124 الى 131] [سورة البقرة(2): الآيات 132 الى 141]
فهرست الجزء الأول من تفسير البحر المحيط

الجزء الثالث

سورة ال عمران

[سورة آل‏عمران(3): الآيات 1 الى 11] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 12 الى 14] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 15 الى 18] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 19 الى 22] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 23 الى 32] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 33 الى 41] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 42 الى 51] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 52 الى 61] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 62 الى 68] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 69 الى 71] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 72 الى 74] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 75 الى 79] [سورة آل‏عمران(3): آية 80] [سورة آل‏عمران(3): آية 81] [سورة آل‏عمران(3): آية 82] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 83 الى 91] [سورة آل‏عمران(3): آية 92] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 93 الى 101] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 102 الى 112] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 113 الى 120] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 121 الى 127] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 128 الى 132] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 133 الى 141] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 142 الى 152] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 153 الى 163] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 164 الى 170] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 171 الى 180] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 181 الى 185] [سورة آل‏عمران(3): الآيات 186 الى 200]
فهرس الجزء الثالث

الجزء الرابع

فهرست الجزء الرابع

الجزء الخامس

فهرس الجزء الخامس

الجزء السادس

فهرس الجزء السادس

الجزء السابع

فهرس الجزء السابع

الجزء الثامن

فهرس الجزء الثامن

الجزء التاسع

فهرس الجزء التاسع

الجزء العاشر

فهرس الجزء العاشر

الجزء الحادي عشر

1 - فهرس الآيات القرآنية الكريمة

سورة البقرة سورة آل عمران سورة النساء سورة المائدة سورة الأنعام سورة الأعراف سورة الأنفال سورة التوبة سورة يونس سورة هود سورة يوسف سورة الرعد سورة إبراهيم سورة الحجر سورة النحل سورة الإسراء سورة الكهف سورة مريم سورة طه سورة الأنبياء سورة الحج سورة المؤمنون سورة النور سورة الفرقان سورة الشعراء سورة النمل سورة القصص سورة العنكبوت سورة الروم سورة لقمان سورة السجدة سورة الأحزاب سورة سبأ سورة فاطر سورة يس سورة الصافات سورة ص سورة الزمر سورة غافر سورة فصلت سورة الشورى سورة الزخرف سورة الدخان سورة الجاثية سورة الأحقاف سورة محمد سورة الفتح سورة الحجرات سورة ق سورة الذاريات سورة الطور سورة النجم سورة القمر سورة الرحمن سورة الواقعة سورة الحديد سورة المجادلة سورة الحشر سورة الممتحنة سورة الصف سورة الجمعة سورة المنافقون سورة التغابن سورة الطلاق سورة التحريم سورة الملك سورة القلم سورة الحاقة سورة المعارج سورة نوح سورة الجن سورة المزمل سورة المدثر سورة القيامة سورة الإنسان سورة المرسلات سورة النبأ سورة النازعات سورة عبس سورة التكوير سورة الانفطار سورة المطففين سورة الإنشقاق سورة البروج سورة الطارق سورة الأعلى سورة الغاشية سورة الفجر سورة البلد سورة الشمس سورة الليل سورة الضحى سورة الشرح سورة التين سورة العلق سورة البينة سورة الزلزلة سورة العاديات سورة القارعة سورة التكاثر سورة العصر سورة الهمزة سورة الفيل سورة قريش سورة الماعون سورة الكوثر سورة الكافرون سورة النصر سورة المسد سورة الإخلاص سورة الفلق سورة الناس
2 - فهرس الأحاديث و الآثار 3 - فهرس الشعوب و القبائل و الأديان 4 - فهرس الأماكن و البلاد

5 - فهرس الأبيات الشعرية

حروف الهمزة الهمزة المفتوحة الهمزة المضمومة الهمزة المكسورة حرف الباء الباء المفتوحة الباء المضمومة الباء المكسورة حرف التاء التاء المفتوحة التاء المضمومة التاء المكسورة حرف الثاء الثاء المفتوحة الثاء المكسورة حرف الجيم الجيم المفتوحة الجيم المضمومة الجيم المكسورة حرف الحاء الحاء المفتوحة الحاء المضمومة الحاء المكسورة الخاء المكسورة حرف الدال الدال المفتوحة الدال المضمومة الدال المكسورة حرف الراء الراء المفتوحة الراء المضمومة الراء المكسورة حرف الزاي الزاي المفتوحة حرف السين السين المفتوحة السين المضمومة السين المكسورة حرف الشين الشين المفتوحة الشين المكسورة حرف الصاد الصاد المفتوحة الصاد المضمومة الصاد المكسورة حرف الضاد الضاد المفتوحة الضاد المكسورة حرف الطاء الطاء المفتوحة حرف الظاء حرف العين العين المفتوحة العين المضمومة العين المكسورة الغين المكسورة حرف الفاء الفاء المفتوحة الفاء المضمومة الفاء المكسورة حرف القاف القاف المفتوحة القاف المضمومة القاف المكسورة حرف الكاف الكاف المفتوحة الكاف المضمومة الكاف المكسورة حرف اللام اللام المفتوحة اللام المضمومة اللام المكسورة حرف الميم الميم المفتوحة الميم المضمومة الميم المكسورة حرف النون النون المفتوحة النون المضمومة النون المكسورة حرف الهاء الهاء المفتوحة الهاء المكسورة الواو المفتوحة الواو المكسورة الياء المفتوحة الياء المكسورة حرف الألف
6 - فهرس أنصاف الأبيات 7 - فهرس الأمثال

البحر المحيط فى التفسير


صفحه قبل

البحر المحيط فى التفسير، ج‏1، ص: 96

من المعاني السببية التي تحصل في القلب سبعة و عشرون مرضا، و هي: الرين، و الزيغ، و الطبع، و الصرف، و الضيق، و الحرج، و الختم، و الإقفال، و الإشراب، و الرعب، و القساوة، و الإصرار، و عدم التطهير، و النفور، و الاشمئزاز، و الإنكار، و الشكوك، و العمى، و الإبعاد بصيغة اللعن، و التأبى، و الحمية، و البغضاء، و الغفلة، و الغمزة، و اللهو، و الارتياب، و النفاق. و ظاهر آيات القرآن تدل على أن هذه الأمراض معان تحصل في القلب فتغلب عليه، و للقلب أمراض غير هذه من الغل و الحقد و الحسد، ذكرها اللّه تعالى مضافة إلى جملة الكفار. و الزيادة تجاوز المقدار المعلوم، و علم اللّه محيط بما أضمروه من سوء الاعتقاد و البغض و المخادعة، فهو معلوم عنده، كما قال تعالى: وَ كُلُّ شَيْ‏ءٍ عِنْدَهُ بِمِقْدارٍ «1» ، و في كل وقت يقذف في قلوبهم من ذلك القدر المعلوم شيئا معلوم المقدار عنده، ثم يقذف بعد ذلك شيئا آخر، فيصير الثاني زيادة على الأول، إذا لو لم يكن الأول معلوم المقدار لما تحققت الزيادة، و على هذا المعنى يحمل: فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ‏ «2» . و زيادة المرض إما من حيث أن ظلمات كفرهم تحل في قلوبهم شيئا فشيئا، و إلى هذا أشار بقوله تعالى: ظُلُماتٌ بَعْضُها فَوْقَ بَعْضٍ‏ «3» ، أو من حيث أن المرض حصل في قلوبهم بطريق الحسد أو الهم، بما يجدد اللّه سبحانه لدينه من علو الكلمة و لرسوله و للمؤمنين من النصر و نفاذ الأمر، أو لما يحصل في قلوبهم من الرعب، و إسناد الزيادة إلى اللّه تعالى إسناد حقيقي بخلاف الإسناد في قوله تعالى: فَزادَتْهُمْ رِجْساً إِلَى رِجْسِهِمْ‏ ، أَيُّكُمْ زادَتْهُ هذِهِ إِيماناً «4» .

و قالت المعتزلة: لا يجوز أن تكون زيادة المرض من جنس المزيد عليه، إذ المزيد عليه هو الكفر، فتأولوا ذلك على أن يحمل المرض على الغم لأنهم كانوا يغتمون بعلو أمر رسول اللّه صلّى اللّه عليه و سلّم، أو على منع زيادة الألطاف، أو على ألم القلب، أو على فتور النية في المحاربة لأنهم كانت أولا قلوبهم قوية على ذلك، أو على أن كفرهم كان يزداد بسبب ازدياد التكليف من اللّه تعالى. و هذه التأويلات كلها إنما تكون إذا كان قوله: فَزادَهُمُ اللَّهُ مَرَضاً خبرا، و إما إذا كان دعاء فلا، بل يحتمل أن يكون الدعاء حقيقة فيكون دعاء بوقوع زيادة المرض، أو مجازا فلا تقصد به الإجابة لكون المدعو به واقعا، بل المراد به السب‏

(1) سورة الرعد: 13/ 8.

(2) سورة التوبة: 9/ 125.

(3) سورة النور: 24/ 40.

(4) سورة التوبة: 9/ 124.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏1، ص: 97

و اللعن و النقص، كقوله تعالى: قاتَلَهُمُ اللَّهُ أَنَّى يُؤْفَكُونَ* «1» ، ثُمَّ انْصَرَفُوا صَرَفَ اللَّهُ قُلُوبَهُمْ بِأَنَّهُمْ قَوْمٌ لا يَفْقَهُونَ‏ «2» ، و كقوله: لعن اللّه إبليس و أخزاه، و معلوم أن ذلك قد وقع، و أنه قد باء بخزي و لعن لا مزيد عليه لأنه لا انتهاء له، و تنكير مرض من قوله: فِي قُلُوبِهِمْ مَرَضٌ‏ لا يدل على أن جميع أجناس المرض في قلوبهم، كما زعم بعض المفسرين، لأن دلالة النكرة على ما وضعت له إنما هي دلالة على طريقة البدل، لأنها دلالة تنتظم كل فرد فرد على جهة العموم، و لم يحتج إلى جمع مرض لأن تعداد المحال يدل على تعداد الحال عقلا، فاكتفى بالمفرد عن الجمع، و تعدية الزيادة إليهم لا إلى القلوب، إذ قال تعالى: فَزادَهُمُ‏ ، و لم يقل: فزادها، يحتمل وجهين: أحدهما: أن يكون على حذف مضاف، أي فزاد اللّه قلوبهم مرضا، و الثاني: أنه زاد ذواتهم مرضا لأن مرض القلب مرض لسائر الجسد، فصح نسبة الزيادة إلى الذوات، و يكون ذلك تنبيها على أن في ذواتهم مرضا، و إنما أضاف ذلك إلى قلوبهم لأنها محل الإدراك و العقل. و أمال حمزة فزادهم في عشرة أفعال ألفها منقلبة عن ياء إلا فعلا واحدا ألفه منقلبة عن واو و وزنه فعل بفتح العين، إلا ذلك الفعل فإن وزنه فعل بكسر العين، و قد جمعتها في بيتين في قصيدتي المسماة، بعقد اللآلي في القراءات السبع العوالي، و هما:

و عشرة أفعال تمال لحمزة

فجاء و شاء ضاق ران و كملا

بزاد و خاب طاب خاف معا

و حاق زاغ سوى الأحزاب مع صادها فلا

يعني أنّه قد استثنى حمزة، وَ إِذْ زاغَتِ الْأَبْصارُ «3» ، في سورة الأحزاب، وَ إِذْ زاغَتِ الْأَبْصارُ «4» ، في سورة ص، فلم يملها. و وافق ابن ذكوان حمزة على إمالة جاء و شاء في جميع القرآن، و على زاد في أول البقرة، و عنه خلاف في زاد هذه في سائر القرآن، و بالوجهين قرأته له، و الإمالة لتميم، و التفخيم للحجاز. و أليم: تقدم تفسيره. فإذا قلنا إنه للمبالغة فيكون محوّلا من فعل لها و نسبته إلى العذاب مجاز، لأن العذاب لا يألم، إنما يألم صاحبه، فصار نظير قولهم: شعر شاعر، و الشعر لا يشعر إنما الشاعر ناظمه. و إذا قلنا إنه بمعنى: مؤلم، كما قال عمرو بن معدي كرب:

(1) سورة المنافقون: 63/ 4.

(2) سورة التوبة: 9/ 127.

(3) سورة الأحزاب: 33/ 10.

(4) سورة ص: 38/ 63.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏1، ص: 98

أمن ريحانة الداعي السميع أي المسمع، و فعيل: بمعنى مفعل مجاز، لأن قياس أفعل مفعل، فالأول مجاز في التركيب، و هذا مجاز في الإفراد. و قد حصل للمنافقين مجموع العذابين: العذاب العظيم المذكور في الآية، قيل لانخراطهم معهم و لانتظامهم فيهم. ألا ترى أن اللّه تعالى في تلك الآية قد أخبر أنهم لا يؤمنون في قوله: لا يؤمنون، و أخبر بذلك في هذه الآية بقوله: و ما هم بمؤمنين؟ و العذاب الأليم، فصار المنافقون أشد عذابا من غيرهم من الكفار، بالنص على حصول العذابين المذكورين لهم، و لذلك قال تعالى: إِنَّ الْمُنافِقِينَ فِي الدَّرْكِ الْأَسْفَلِ مِنَ النَّارِ «1» ، ثم ذكر تعالى أن كينونة العذاب الأليم لهؤلاء سببها كذبهم و تكذيبهم و ما منسوية أي بكونهم يكذبون، و لا ضمير يعود عليها لأنها حرف، خلافا لأبي الحسن. و من زعم أن كان الناقصة لا مصدر لها، فمذهبه مردود، و هو مذهب أبي علي الفارسي. و قد كثر في كتاب سيبويه المجي‏ء بمصدر كان الناقصة، و الأصح أنه لا يلفظ به معها، فلا يقال: كان زيد قائما كونا، و من أجاز أن تكون ما موصولة بمعنى الذي، فالعائد عنده محذوف تقديره يكذبونه أو يكذبونه. و زعم أبو البقاء أن كون ما موصولة أظهر، قال: لأن الهاء المقدرة عائدة إلى الذي دون المصدر، و لا يلزم أن يكون، ثم هاء مقدرة، بل من قرأ: يكذبون، بالتخفيف، و هم الكوفيون، فالفعل غير متعد، و من قرأ بالتشديد، و هم الحرميان، و العربيان، فالمفعول محذوف لفهم المعنى تقديره فكونهم يكذبون اللّه في أخباره و الرسول فيما جاء به، و يحتمل أن يكون المشدد في معنى المخفف على جهة المبالغة، كما قالوا في: صدق صدق، و في: بان الشي‏ء بين، و في: قلص الثوب قلص.

و الكذب له محامل في لسان العرب: أحدها: الإخبار بالشي‏ء على خلاف ما هو عليه، و عمرو بن بحر يزيد في ذلك أن يكون المخبر عالما بالمخالفة، و هي مسألة تكلموا عليها في أصول الفقه. الثاني: الإخبار بالذي يشبه الكذب و لا يقصد به إلا الحق، قالوا:

و منه ما ورد في الحديث عن إبراهيم صلوات اللّه عليه و على نبينا. الثالث: الخطأ، كقول عبادة فيمن زعم: أن الوتر واجب، كذب أبو محمد أي أخطأ. الرابع: البطول، كقولهم:

كذب الرجل، أي بطل عليه أمله و ما رجا و قدر. الخامس: الإغراء بلزوم المخاطب الشي‏ء المذكور، كقولهم: كذب عليك العسل، أي أكل العسل، و المغرى به مرفوع بكذب،

(1) سورة النساء: 4/ 145.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏1، ص: 99

و قالوا: لا يجوز نصبه إلا في حرف شاذ، و رواه القاسم بن سلام عن معمر بن المثنى، و المؤثم هو الأول.

و قد اختلف الناس في الكذب فقال قوم: الكذب كله قبيح لا خير فيه، و قالوا: سئل مالك عن الرجل يكذب لزوجته و لابنه تطييبا للقلب فقال: لا خير فيه. و قال قوم: الكذب محرم و مباح، فالمحرم الإخبار بالشي‏ء على خلاف ما هو عليه إذا لم يكن في مراعاته مصلحة شرعية، و المباح ما كان فيه ذلك، كالكذب لإصلاح ذات البين.

و ذكر المفسرون في سبب نزول هذه الآيات خلافا، قال قوم: نزلت في منافقي أهل الكتاب، كعبد اللّه بن أبي بن سلول، و معتب بن قشير، و الجد بن قيس، حين قالوا: تعالوا إلى خلة نسلم بها من محمد و أصحابه و نتمسك مع ذلك بديننا، فأظهروا الإيمان باللسان و اعتقدوا خلافه. و رواه أبو صالح، عن ابن عباس، و قال قوم: نزلت في منافقي أهل الكتاب و غيرهم، رواه السدي عن ابن مسعود، و ابن عباس، و به قال أبو العالية، و قتادة، و ابن زيد.

[سورة البقرة (2): الآيات 11 الى 16]

وَ إِذا قِيلَ لَهُمْ لا تُفْسِدُوا فِي الْأَرْضِ قالُوا إِنَّما نَحْنُ مُصْلِحُونَ (11) أَلا إِنَّهُمْ هُمُ الْمُفْسِدُونَ وَ لكِنْ لا يَشْعُرُونَ (12) وَ إِذا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَما آمَنَ النَّاسُ قالُوا أَ نُؤْمِنُ كَما آمَنَ السُّفَهاءُ أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهاءُ وَ لكِنْ لا يَعْلَمُونَ (13) وَ إِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا وَ إِذا خَلَوْا إِلى‏ شَياطِينِهِمْ قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ (14) اللَّهُ يَسْتَهْزِئُ بِهِمْ وَ يَمُدُّهُمْ فِي طُغْيانِهِمْ يَعْمَهُونَ (15)

أُولئِكَ الَّذِينَ اشْتَرَوُا الضَّلالَةَ بِالْهُدى‏ فَما رَبِحَتْ تِجارَتُهُمْ وَ ما كانُوا مُهْتَدِينَ (16)

إذا: ظرف زمان، و يغلب كونها شرطا، و تقع للمفاجأة ظرف زمان وفاقا للرياشي، و الزجاج، لا ظرف مكان خلافا للمبرد، و لظاهر مذهب سيبويه، و لا حرفا خلافا للكوفيين.

و إذا كانت حرفا، فهي لما تيقن أو رجح وجوده، و يجزم بها في الشعر، و أحكامها مستوفاة في علم النحو. الفعل الثلاثي الذي انقلب عين فعله ألفا في الماضي، إذا بني للمفعول، أخلص كسر أوله و سكنت عينه ياء في لغة قريش و مجاوريهم من بني كنانة، و ضم أولها عند

البحر المحيط فى التفسير، ج‏1، ص: 100

كثير من قيس و عقيل و من جاورهم، و عامة بني أسد. و بهذه اللغة قرأ الكسائي و هشام في:

قيل، و غيض، و حيل، و سيى‏ء، و سيئت، و جي‏ء، و سيق. وافقه نافع و ابن ذكوان في:

سيى‏ء، و سيئت. زاد ابن ذكوان: حيل، و ساق. و باللغة الأولى قرأ باقي القراءة، و في ذلك لغة ثالثة، و هي إخلاص ضم فاء الكلمة و سكون عينه واوا، و لم يقرأ بها، و هي لغة لهذيل، و بني دبير. و الكلام على توجيه هذه اللغات و تكميل أحكامها مذكور في النحو. الفساد:

التغير عن حالة الاعتدال و الاستقامة. قال سهيل في الفصيح: فسد، و نقيضه: الصلاح، و هو اعتدال الحال و استواؤه على الحالة الحسنة.

الأرض: مؤنثة، و تجمع على أرض و أراض، و بالواو و النون رفعا و بالياء و النون نصبا و جرا شذوذا، فتفتح العين، و بالألف و التاء، قالوا: أرضات، و الأراضي جمع جمع كأواظب. إنما: ما: صلة لأن و تكفها عن العمل، فإن وليتها جملة فعلية كانت مهيئة، و في ألفاظ المتأخرين من النحويين و بعض أهل الأصول إنها للحصر، و كونها مركبة من ما النافية، دخل عليها إن التي للإثبات فأفادت الحصر، قول ركيك فاسد صادر عن غير عارف بالنحو، و الذي نذهب إليه أنها لا تدل على الحصر بالوضع، كما أن الحصر لا يفهم من أخواتها التي كفت بما، فلا فرق بين: لعل زيدا قائم، و لعل ما زيد قائم، فكذلك: إن زيدا قائم، و إنما زيد قائم، و إذا فهم حصر، فإما يفهم من سياق الكلام لا أن إنما دلت عليه، و بهذا الذي قررناه يزول الإشكال الذي أوردوه في نحو قوله تعالى: إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرٌ* «1» ، قُلْ إِنَّما أَنَا بَشَرٌ* «2» ، إِنَّما أَنْتَ مُنْذِرُ مَنْ يَخْشاها . و أعمال إنما قد زعم بعضهم أنه مسموع من لسان العرب، و الذي عليه أصحابنا أنه غير مسموع.

نحن: ضمير رفع منفصل لمتكلم معه غيره أو لمعظم نفسه، و في اعتلال بنائه على الضم أقوال تذكر في النحو. ألا: حرف تنبيه زعموا أنه مركب من همزة الاستفهام و لا النافية للدلالة على تحقق ما بعدها، و الاستفهام إذا دخل على النفي أفاد تحقيقا، كقوله تعالى: أَ لَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ «3» ، و لكونها من المنصب في هذه لا تكاد تقع الجملة بعدها إلا مصدرة بنحو ما يتلقى به القسم، و قال ذلك الزمخشري. و الذي نختاره أن ألا التنبيهية

(1) سورة الرعد: 13/ 7، و سورة النازعات: 79/ 45.

(2) سورة الكهف: 18/ 110.

(3) سورة القيامة: 75/ 40.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏1، ص: 101

حرف بسيط، لأن دعوى التركيب على خلاف الأصل، و لأن ما زعموا من أن همزة الاستفهام دخلت على لا النافية دلالة على تحقق ما بعدها، إلى آخره خطا، لأن مواقع ألا تدلّ على أن لا ليست للنفي، فيتم ما ادعوه، ألا ترى أنك تقول: ألا إن زيدا منطلق، ليس أصله لا أن زيدا منطلق، إذ ليس من تراكيب العرب بخلاف ما نظر به من قوله تعالى:

أَ لَيْسَ ذلِكَ بِقادِرٍ «1» ، لصحة تركيب، ليس زيد بقادر، و لوجودها قبل رب و قبل ليت و قبل النداء و غيرها مما لا يعقل فيه أن لا نافية، فتكون الهمزة للاستفهام دخلت على لا النافية فأفادت التحقيق، قال امرؤ القيس:

ألا رب يوم لك منهن صالح‏

و لا سيما يوم بدارة جلجل‏

و قال الآخر:

ألا ليت شعري كيف حادث وصلها

و كيف تراعي وصلة المتغيب‏

و قال الآخر:

ألا يا لقومي للخيال المشوق‏

و للدار تنأى بالحبيب و نلتقي‏

و قال الآخر:

ألا يا قيس و الضحاك سيرا

فقد جاوزتما خمر الطريق‏

إلى غير هذا مما لا يصلح دخول لا فيه. و أما قوله: لا تكاد تقع الجملة بعدها إلا مصدرة بنحو ما يلتقي به القسم فغير صحيح، ألا ترى أن الجملة بعدها تستفتح، برب، و بليت، و بفعل الأمر، و بالنداء، و بحبذا، في قوله:

ألا حبذا هند و أرض بها هند و لا يلتقي بشي‏ء من هذا القسم و علامة ألا هذه التي هي تنبيه و استفتاح صحة الكلام دونها، و تكون أيضا حرف عرض فيليها الفعل، و إن وليها الاسم فعلى إضمار الفعل، و حرف جواب بقول القائل: ألم تقم فتقول: ألا بمعنى بلى؟ نقل ذلك صاحب كتاب (وصف المباني في حروف المعاني) قال: و هو قليل شاذ، و أما ألا التي للتمني في قولهم:

إلا ماء، فذكرها النحاة في فصل لا الداخل عليها الهمزة. لكن: حرف استدراك، فلا يجوز أن يكون ما قبلها موافقا لما بعدها، فإن كان نقيضا أو ضدا جاز، أو خلافا ففي الجواز

(1) سورة القيامة: 75/ 40.

البحر المحيط فى التفسير، ج‏1، ص: 102

خلاف، و في التصحيح خلاف. و حكى أبو القاسم بن الرمال جواز أعمالها مخففة عن يونس، و حكى ذلك غيره عن الأخفش، و حكى عن يونس أنها ليست من حروف العطف، و لم تقع في القرآن غالبا إلا و واو العطف قبلها، و مما جاءت فيه من غير واو قوله تعالى:

لكِنِ الَّذِينَ اتَّقَوْا رَبَّهُمْ* «1» لكِنِ اللَّهُ يَشْهَدُ «2» ، و في كلام العرب:

إن ابن ورقاء لا تخشى غوائله‏

لكن وقائعه في الحرب تنتظر

و بقية أحكام لكن مذكورة في النحو. الكاف: حرف تشبيه تعمل الجر و أسميتها مختصة عندنا بالشعر، و تكون زائدة و موافقة لعلى، و من ذلك قولهم: كخير في جواب من قال كيف أصبحت، و يحدث فيها معنى التعليل، و أحكامها مذكورة في النحو. وَ إِذا قِيلَ لَهُمْ آمِنُوا كَما آمَنَ النَّاسُ قالُوا أَ نُؤْمِنُ كَما آمَنَ السُّفَهاءُ، أَلا إِنَّهُمْ هُمُ السُّفَهاءُ وَ لكِنْ لا يَعْلَمُونَ‏ ، السفه: الخفة. و منه قيل للثوب الخفيف النسج سفيه، و في الناس خفة الحلم، قاله ابن كيسان، أو البهت و الكذب و التعمد خلاف ما يعلم، قاله مؤرج، أو الظلم و الجهل، قاله قطرب. و السفهاء جمع سفيه، و هو جمع مطرد في فعيل الصحيح الوصف المذكر العاقل الذي بينه و بين مؤنثه التاء، و الفعل منه سفه بكسر العين و ضمها، و هو القياس لأجل اسم الفاعل. قالوا: و نقيض السفه: الرشد، و قيل: الحكمة، يقال رجل حكيم، و في ضده سفيه، و نظير السفه النزق و الطيش.

وَ إِذا لَقُوا الَّذِينَ آمَنُوا قالُوا آمَنَّا وَ إِذا خَلَوْا إِلى‏ شَياطِينِهِمْ قالُوا إِنَّا مَعَكُمْ إِنَّما نَحْنُ مُسْتَهْزِؤُنَ‏ ، اللقاء: استقبال الشخص قريبا منه، و الفعل منه لقي يلقى، و قد يقال لاقى، و هو فاعل بمعنى الفعل المجرّد، و سمع للقى أربعة عشر مصدرا، قالوا: لقى، لقيا، و لقية، و لقاة، و لقاء، و لقاء، و لقى، و لقي، و لقياء، و لقياء، و لقيا، و لقيانا، و لقيانة، و تلقاء.

الخلو: الانفراد، خلا به أي انفرد، أو المضي، قَدْ خَلَتْ مِنْ قَبْلِكُمْ سُنَنٌ‏ «3» .

الشيطان، فيعال عند البصريين، فنونه أصلية من شطن، أي بعد، و اسم الفاعل شاطن، قال أمية:

أيما شاطن عصاه عكاه‏

ثم يلقى في السجن و الأكبال‏

(1) سورة الزمر: 39/ 20.

(2) سورة النساء: 4/ 166.

صفحه بعد